مشاهدة النسخة كاملة : تاج العروس ..
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:00 AM
قليلة هي الكتب التي جعلتني أسبح في بحار دررها .. وجعلتني أسمو بروحي وقلبي في رياض طاهرة .. وأهيم في ذكر من أحب .. خالقنا ورازقنا وراحمنا .. الله جل وعلا ..
تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس ..
لكاتبه الشيخ الإمام تاج الدين بن عطاء الله السكندري ..
أحببت أن أشارك الاخوة والأخوات في قراءة بعض فقرات هذا الكتيب الرائع .. علّ قلوبنا تترقرق حباً ومعرفة بالله تعالى ..
والى أول ابحار في الكتيّب .. وتقبلوا مني هذا التاج الذي يليق بكم ..
اللهم صل على الحبيب ..
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أبها العبد، اطلب التوبة من الله في كل وقت .. فإن الله تعالى قد ندبك إليها فقال تعالى " وتوبوا الى اللهِ جميعاً أيهَ المؤمنون لعلّكُم تُفلِحون " (النور : 31) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّي لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة "
فإن أردت التوبة فينبغي لك ألا تخلو من التفكر طول عمرك .. فتفكّر فيما صنعت في نهارك، فإن وجدت طاعة فاشكر الله عليها ، وإن وجدتَ معصية فوبِّخ نفسك على ذلك واستغفر الله وتُبْ إليه ..
فإن فعلتَ ذلك أبدلَك الله بالحزن فرحاً ، وبالذلّ عزّاً ، وبالظلمة نوراً ..
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:04 AM
وإذا وقع من العبد ذنبٌ وقع معه ظُلمة، فمثال المعصية كالنار، والظُلمةُ دخانها، كمَنْ أوقد في بيتٍ سبعين سنة، ألا ترى أنه يسوَدّ؟ كذلك القلب يسوَدُّ بالمعصية فلا يَطهُرُ إلا بالتوبة إلى الله ، فصار الذلُّ والظلمة والحجاب مقارِناً للمعصية، فّا تبت إلى الله زالت آثارُ الذنوب ..
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:05 AM
وقد جمع اللهُ الخير في بيت وجعل مفتاحه متابعة النبي عليه الصلاة والسلام، فتابِعهُ بالقناعة بما رزقك الله تعالى، والزّهد والتقلّل من الدنيا، وترك ما لا يعني من قول وفعل، فمَن فُتِح له بابُ المتابعة فذلك دليلٌ على محبة الله له.
قال تعالى: " قُلْ إن كنتم تُحِبّون اللهَ فاتَّبِعوني يُحبِبكمُ اللهُ ويغفر لكم ذنوبَكم .. واللهُ غفورٌ رحيم " (آل عمران : 31) .
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:06 AM
ومَن تاب ظفر، ومن لم يتب خسر .. ولا تقطع يأسك وتقول : كم أتوب وأنقض ! فالمريض يرجو الحياة ما دامت فيه الروح ..
وإذا تاب العبد فرحت به داره من الجنة، وتفرح به السماء والأرض والرسول عليه الصلاة والسلام، فالحق سبحانه لم يرضَ أن تكون مُحِباً بل محبوباً ، وأين المحبوب من المحب ؟!!
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:08 AM
أفٍّ لعبدٍ يعلم إحسانَ المحسن فيجتَرئ على معصيته، ولكن ما عرفَ إحسانه مَنْ آثَرَ عصيانه، وما عرفَ قَدْرَه مَن لم يراقبه، وما ربح من اشتغل بغيره وعلم أن النفسَ تدعوه إلى الهلكةِ فتَبعها، وعلم أن القلب يدعوه إلى الرُّشد فعصاه، وعلم قدْرَ المعصيِّ فواجهه بالمعصية - ولو علم اتِّصافه بعظمته لما قابله بوجود معصيته -، وعلم قُرْبَ مولاه وأنه يراه فسارع لما عنه نهاه، وعلم أَثَر الذنب المرتَّبِ عليه دنيا وأُخرى، وغيباً وشهادة، فما استحيى من ربه، ولو علم أنه في قبضتِه لما قابله بمخالفته.
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:09 AM
واعلم أن المعصية تتضمّن: نَقْض العهد، وتحليلَ عقد الوُدّ، والإيثار على المولى، والطاعة للهوى، وخَلْعَ جِلبابِ الحياء، والمبارزة لله بما لا يرضى، مع ما في ذلك من الآثار الظاهرة من: ظهور الكدورة في الأعضاء، والجمود في العين، والكسل في الخدمة، وظهور كسب الشهواتِ، وذهاب بهجة الطاعات.
وأما الآثار الباطنة: فكالقساوة في القلب، ومعاندة النفس، وضيق الصدر بالشهوات، وفقدان حلاوة الطاعات، وترادف الأغيار المانعة من بروق شوارق الأنوار، واستيلاء دولة الهوى، إلى غير ذلك من ترادف الارتياب، ونسيان المآب وطول الحساب.
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:13 AM
ولو لم يكن في المعصية إلا تبدّل الاسم لكان ذلك كافياً .. فإنك إذا كنت طائعاً تسمّى بالمحسِن المُقبِل .. وإذا كنت عاصياً انتقل اسمك إلى المُسيء المُعرِض ..
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:15 AM
هذا في انتقال الاسم فكيف بانتقال الأثر من تبدّل حلاوة الطاعة بحلاوة المعصية، ولذاذة الخدمة بلذاذة الشهوة ؟!
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:17 AM
هذا في تبدّل الأُثر فكيف بتبدّل الوصف ؟ بعد أن كنت موصوفاً عند الله بمحاسن الصفات .. ينعكسُ الأمر فتتّصفُ بمساوئ الحالات !
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:18 AM
هذا في تبدّل الوصف فكيف بتبدّل المرتبة؟؟ فبعد أن كنتَ عند الله من الصالحين صِرْتَ عنده من المفسدين .. وبعد أن كنتَ عند الله من المتقين صرتَ عنده من الخائنين !
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:21 AM
فإن كانت الذنوبُ منفتحةً في وجهك فاستغِثْ بالله .. والجأ اليه .. واحْثُ التراب على رأسِك وقل: اللهم انقُلني من ذُلِّ المعصية إلى عزِّ الطاعة .. يا أرحم الراحمين !
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:24 AM
أتريد أن تجاهدَ نفسَك وأنت تقوِّيها بالشّهوات حتى تغلِبَك ؟؟! ألا فقد جَهِلْتَ ! فالقلبُ شجرةٌ تُسقى بماء الطاعة، وثمراتُها مَواجيدُها: فالعينُ ثمرتُها الاعتبار .. والأُذنُ ثمرتها الاستماع للقرآن .. واللسانُ ثمرته الذّكر .. واليدان والرِّجلان ثمراتهما السعيُ في الخيرات ..
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:27 AM
فإذا جفَّ القلبُ سقطتْ ثمراتُه .. فإن أجدبَ فأكثِرْ من الأذكار .. ولا تكن كالعليل يقول: لا اتداوى حتى أجدَ الشفاء .. فيُقال له: لا تجدُ الشفاءَ حتى تتداوى، فالجهاد ليس معه حلاوة وما معه إلا رؤوسُ الأسِنّة .. فجاهِدْ نفسك .. هذا هو الجهاد الأكبر .. واعلم أن الثّكلى لا عيدَ لها .. بل العيدُ لمن قهر نفسَه، لا عيدَ الا لمن جمع شمله !
أسيرة الأقصى
09-09-2004, 06:33 AM
والى لقاء أسأل الله تعالى أن يكون قريباً ..
نرجو الدعاء ..
أختكم ..
اللهم صل على الحبيب ..
:0014::os:
دايم الخير
09-09-2004, 07:03 AM
بارك الله فيك أختنا الفاضله سحر ونفع بطرحك اللهم آمين.
أسيرة الأقصى
12-09-2004, 06:51 PM
كفى بك جهلاً أن يعاملك مولاك بالوفاء، وأنت تعامله بالجَفاء ..
ليس الرجل من صاح بين الناس في المجالس، إنّما الرجلُ من صاح على نفسه وردّها إلى الله تعالى ..
من عالَ همَّ الدنيا وترك همّ الآخرة كان كمن جاءه أسدٌ يفترسه ثم قرصه برغوث، فاشتغل به عن الأسد، فإن من غَفَلَ عن الله اشتغل بالحقير، ومن لم يغفل عنه لم يشتغل إلا به .. فأحسنُ أحوالك أن تفوتك الدنيا لتحصيل الأخرة ..
ما أقبح الخوف بالجندي .. وما أقبح اللحْنَ بالنَّحْوي ! وما أقبح طلب الدنيا لمن يُظهِر الزُّهدَ فيها.
ليس الرجل من يربّيك لفظُه، إنما الرجلُ من يربِّيك لحظُه.
طهِّر قلبك من العيب يفتح لك باب الغيب .. وتُب الى الله وارجع إليه بالإنابة والذّكر ومن أدام قرع الباب يُفتَح له ..
وإياك وذهول القلب عن وحدانية الله تعالى، فإن أول درجات الذاكرين استحضار وحدانيته تعالى ..
ما أكثر تودّدك للخَلْق .. وما أقل تودّدك للحق !
لو فُتِح لك باب التودّد مع الله لرأيت العجائب: ركعتان في جوف الليل : تودّد .. عيادتك المرضى : تودد .. صلاتك على الجنائز : تودد .. الصدقة على المساكين : تودد .. إعانتك لأخيك المسلم : تودد .. إماطتك الأذى عن الطريق : تودد ..
ولكن السيف المطروح يحتاج إلى ساعد، ولا عبادة أنفع لك من الذِّكر ؛ لأنه يمكِن الشيخَ الكبير والمريض الذي لا يستطيع القيام والركوع والسجود ..
كثيرٌ من أنفق الدنانير والدراهم، ولكنّ من أنفق الدّمع قليل !
أسيرة الأقصى
14-09-2004, 07:00 PM
عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي أنه قال: كِلْ نفسَك وزِنْها بالصلاة ، فإن انتهتْ عن الحظوظ فاعلمْ أنك سَعِدْتَ .. قال الله تعالى " إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر " (العنكبوت:45) .. وإلاّ فابْكِ على نفسك إذا جَرَرْتَ رِجلِك إلى الصلاة جرّاً، فهل رأيْتَ حبيباً لا يريد لقاءَ حبيبَه؟! ..
فمن أراد أن يعرف حقيقَتَهُ عند الله، وينظُرَ حالَهُ مع الله ، فليَنْظر إلى صلاته .. إمّا بالسكون والخشوع .. أو بالغفلة والعجلة .. فإن لم تكن بالوصفين الأوَّلَين فَاحْثُ الترابَ على رأسك .. فإنّ من جالس صاحب المسك عَب~قَ عليه من ريحه .. فإن الصلاة مجالسةُ الله تعالى .. فإذا جالستَه ولم يُحَصَّلْ لك منه شيءٌ دلّ ذلك على مرض في قلبك وهو إما كِبْرٌ ، أو عُجْبٌ ، أو عدم أدب ..
قال الله تعالى " سأصرِفُ عن آياتِيَ الذينَ يتكبّرون في الأرض بغير الحق " (الأعراف:146)
فلا ينبغي لمن صلّى أن يُسرِع الخروج، بل يذكر الله تعالى ويستغفره من تقصيره فيها .. فرُبَّ صلاةٍ لا تصلُحُ للقبول فإن استغفرتَ اللهَ بعدها قُبِلتْ .
كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا صلى استغفر الله ثلاث مرات ..
كم فيك من الكوامن فإذا أُورِدَتْ عليها الواراداتُ أَظهَرْتَها ! وأعظمها ذنباً الشكُّ في الله .. والشكّ في الرزق شكٌّ في الرازق !
الدنيا أحقرُ من أن يُعالَ همُّها !
صَغُرَت الهِمم فَعالَت صغيراً .. فلو كنتَ كبيراً لعُلْتَ الكبير ..
أسيرة الأقصى
14-09-2004, 07:04 PM
يا عبد الله .. إذا طلبتَ من الله فاطلب منه أن يُصلحك من كلِّ الوجوه، وأن يُصلحك بالرضى عنه في تدبيره لك ..
ثم إنك عبد شرود .. طلب منك أن تَعْبُرَ إليه فَفَرَرْتَ منه، فإن الفِرارَ يكون بالأفعال، والأحوال، والهمم. فإذا ككنت في صلاتك تسهو، وفي صومك تَلْغو، وفي لُطْفِ الله تشكو، أفما أنت شارد ؟!
كما أن للدنيا أبناءً من استند إليهم كَفَوه، فكذلك للآخرة أبناءً من استند اليهم أَغنَوه. ولا تقل: طلبنا فلم نجد، فلو طلبْتَ بصدقٍ لوجدتَ . وسببُ عدمِ وِجْدانك عدم استعدادك !
إذا أحببْتَ حبيباً لن تصل إليه حتى تكون أهلاً للوصول إليه، وذلك حتى تَطْهُرَ مما أنت فيه من الزلل.
أسيرة الأقصى
24-09-2004, 07:29 AM
كفاك من الإدبار أنْ تفتحَ عينيكَ في هذه الدار .. قال الله تعالى " ولا تَمُدَّنَّ عيْنَيْكَ إلى ما متَّعنا به أزواجاً مِنهُم زهرَةَ الحياةِ الدُّنيا لِنَفْتِنَهُم فيه " (طه:131)
من صحبك يوماً أو يومين ، ولم يَرَ منك نفعاً تركك وصَحِبَ غيرك .. وأنت تصحبُ نفسَك أربعين سنة ولم ترَ منها نفعاً فقل لها : ارجعي يا نفسُ إلى رضا ربك ! طالما وافقتُك في شهواتِك .. فتبدّلي بعد البطالةِ بالاشتغال بالله .. وبعد الكلام بالصمت .. وبعد الوقوف بالأبواب : الجلوس بالخَلوة .. وبعد الأنس بالمخلوقين : الأنسَ بالخالق .. وبعد قرناء السوء : معاشرةَ أهلِ الخير والصلاح ..
اجعل أحوالك على ضدِّ ما كنت عليه !
اجعل بدل السهر في معصية الله : السهر في طاعة الله .. وبعد الإقبال على أهل الدنيا : الإعراض عنهم .. والإقبال على الله .. وبعد الإصغاء لكلامهم : اًصغاء والاستماع لكلام الله عز وجل وذكرِه .. وبعد الأكل بالشَّره والشهوة : الأكل القليل الذي يُعينك على الطاعة !
قال الله تعالى " والذينَ جاهدوا فينا لَنَهدِيَنَّهم سبُلَنا " (العنكبوت:69)
إنما عصى الله مَن لم يعرف عقابه .. وإنما ترك طاعة الله مَن لم يعرف ثوابه .. فلَو اطَّلعوا على عذاب الله لما غفلوا ! ولو اطّلَعوا على ما أعدَّ الله لأهل الجنة لما تركوها طَرفةَ عين ..
اللهم اجعلنا من أهل الجنان ومن أهل الآخرة وارض عنا يا كريم ..
اللهم صل على الحبيب ..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir