سامية الحربي
01-01-2012, 07:13 PM
منذ طفولتي ـ لا أعرف كيف ولماذاـ كنت أقرأ قصصاً حاولت أن أقنع نفسي مراراً وتكراراً أنها ليست إلا حبراً على ورق، ومشاهد كبرت معي لأجرام بني صهيون مع الفلسطينيين وقصص تعذيب الأخوان المسلمين في سجون جمال عبد الناصر.
وقصص تعذيب وقتل الصرب في البوسنة والهرسك. كنت أتسائل كثيرا إن كانوا عدموا الإسلام فإنهم مازالوا محسوبين على الإنسانية. فإين قلوبهم وهم يتلذذون بتلك الأفعال التي يندى لها الجبين وتبكيها البشرية؟؟ وكيف يصمت من يستطيع أن يفعل شيئاً لهؤلاء؟؟
نعم قضية فلسطين والشيشان والبوسنة والهرسك كلنا نعرفها وتلتها قضية العراق وهناك المزيد والمزيد نسمع بقصصهم في الأخبار. صورة من هنا وتقرير من هناك وفيديو ينتشر كل ذلك حاضر على مسرح الحياة نتنفس آلامهم من حين لآخر أوعلى الأقل هكذا أشعر.
لكن أليس غريباً أن نبكي أقوام ولا نبكي آخرون ؟؟
لا شيء أسوء من أن تملك الكثير وغيرك يتصرف ويتمتع به ويحرمك منه بل يقتلك بما هومُلك لكَ.
كانت بداية معرفتي بقصص هؤلاء القوم حينما سمعت ذلك الرجل الحر ينشد بيتا لأمير الشعراء أحمد شوقي :
يا نائح الطلح أشباه عوادينا نشـــجى لواديك أم نأسى لوادينا
ماذا تقص علينا غير أن يداً قصت جناحك جالت في حواشينا
كان ذلك الدكتور طه الدليمي يبكي عراقه بكبريائه المعهود ويذكرنا بأن قبل العراق وفلسطين هناك من هم أولى بدموعنا إن كنا سنذرفها. وأن أمتنا لابد أن ترتب أولوياتها حتى تسترد كل حقوقها ولابد أن تعدل في نظرتها لكل جراحها وتبدأ الأول فالأول .
اليد التي جالت هناك هي ذات اليد التي جالت في العراق ولبنان وجزر الإمارات الثلاث وتثير الفتن في كل مكان وتترصد مواسم الحج لتقتل حجاج بيت الله وتتقرب بدمائهم لكي يخرج أبن كسرى ويثأر لجده وملكه الممزق.
هناك من سرقت أرضهم وصيرتهم إيران عبيدا لهم فقط لأنهم عرب. عرب أقحاح لا ذنب لهم إلا عروبتهم الذي تذكر دولة المجوس المتلبسة بالإسلام بعمر الفاروق العربي المسلم ويذكرونها بأبي بكر وعثمان وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص.
لكن هل كتب على هؤلاء الشعب النسيان؟؟
يقول جرير في أحد قصائده مخاطبا إياهم:
سيروا بني العم فالأحواز منزلكم ونهر تيرى ولم تعرفكم العرب
نعم لم تعرفكم العرب !! وكم أتألم كلما سمعت أحوازياً ينادي ولا مجيب رغم وفاء هذا الشعب بكل قضايا الأمة العربية المسلمة.
ولمن لا يعرف الأحواز هي دولة مستقلة لم تكن يوما جزءً من دولة المجوس لا قبل الإحتلال ولا بعده. وتقع الأحواز إلى الجنوب الشرقي من العراق وهي تتصل معه اتصالًا طبيعيًا عبر السهول الرسوبية وشط العرب بينما يفصلها عن إيران حاجز طبيعي هي سلسلة جبال زاغروس ويحد الأحواز من جهة الشمال والشرق إيران ومن جهة الجنوب شط العرب ومن جهة الغرب العراق وفتحها الصحابي الجليل أبوموسى الأشعري وكانت قبل ذلك محط العديد من الحضارات المستقلة بذاتها كالحضارة العيلامية السامية.
أما في العصر الحديث فأن الأحواز دولة مستقلة حتى عام 1925 حينما تآمرت بريطانيا مع إيران لإقصاء أميرها العربي خزعل الكعبي الذي بدأ نفوذه بالتزايد في منطقة الشرق الأوسط . وحيث أن أغلب الدول العربية آنذاك كانت واقعة تحت الإحلال الغربي فإن إحتلال الأحواز كان أمرا سهلا وميسرا وخصوصا بمعاونة بريطانيا التي سلمت بعد ذلك فلسطين لليهود .
ولكن أيعقل أن تغيب قضية بطول وعرض كل شبر في الأحواز لما يقارب قرن من الزمان؟
أيعقل أن تمسح من الخرائط الجغرافية والإنسانية أرضاً عليها أكثر من عشرة ملايين نفس؟؟
أيعقل أن تغفل نشرات الأخبار بغثها وسمينها والصحف اليومية والمراسلون الباحثون عن سبق صحفي وإعلامي ومواد إعلامية جديدة عن مشانق تنصب بشكل شبه يومي لأناس لا ذنب لهم إلا أنهم سموا أبنائهم أوتكنوا بأسماء عربية أوأرتدوا زياً عربيا؟؟
أيعقل أن يصمد شعب لمدة 86 عاماً أمم تفريس لغتهم الأم فمازالوا يتحدثون العربية في بيئة تم تفريسها بالكامل من مدن ومدارس وإعلام ومؤسسات حكومية ومستشفيات؟؟
ليس الشرر الذي يتطاير بين الحين والآخر على بلداننا الإسلامية إلا جبل النار الذي يشتعل في الأحواز ونحن نيام عنهم ونختلق الأعذار لعدم نصرتهم .
كلنا تقريباً سمع بأساليب التعذيب والتنكيل التي يمارسها الصهاينة على الفلسطينيين ولكن لا نعرف أن من علم إسرائيل وسبقهم في كل هذا هم بني صفيون المجوس وأن أرض فلسطين ليست إلا صورة مصغرة من الأحواز .
فبناء المستوطنات وتجفيف الأنهار التي تجري على أرض الأحواز وقتل الأجنة ومنع إستخدام اللغة العربية وبيع المخدرات بأبخس الأثمان وتوفيره للأحوازيين بسهولة لقتل أي روح للمقاومة ونشر الأمية والعطالة والفقر تفوقت فيها دولة المجوس على الصهاينة.
ومن يعرف مقدرات هذا الفردوس المفقود سيعلم لماذا أبقت إيران وأذنابها هذا البلد بعيداً عن الأنظار منذ إحتلاله عام 1925م.
فإيران تتشبث بالأحواز لأنها عصب حياتها وقلبها النابض. فمن نفط الأحواز تصدر إيران ما يقارب من ثمانين بالمئة من منتجاتها النفطية ومن ثروات الأحواز تصدر الثورات والفتن وتدرب الميلشيات والتفجيريين للدول الإسلامية العربية.
قالها الأحوازيون مراراً وتكراراً ."إدعموا قضيتنا نكفيكم شر إيران" لكن لا حياة لمن تنادي فالدول والمؤسسات مشغولة بقطع الأذرع الإيرانية هنا وهناك بينما تترك رأس الأخطبوط هناك في الأحواز يتنفس ويتغذى .
لم يصل صوت الأحوازيون المبحوح من كثرة النداء إلا عن طريق من إستطاعوا الخروج من الأحواز بشق الأنفس فالأحوازي الهارب من سجن الأحواز الكبير قد حكم على نفسه بالموت بعيداً عن وطنه وإن رجع ليس له غير مشنقة ليكون هذا المدلى الذي فاضت روحه أمام شعبه درساً لا يُنسى لكل أحوازي فكر أو تمتم بالحرية.
بقلم :غصن الحربي
وقصص تعذيب وقتل الصرب في البوسنة والهرسك. كنت أتسائل كثيرا إن كانوا عدموا الإسلام فإنهم مازالوا محسوبين على الإنسانية. فإين قلوبهم وهم يتلذذون بتلك الأفعال التي يندى لها الجبين وتبكيها البشرية؟؟ وكيف يصمت من يستطيع أن يفعل شيئاً لهؤلاء؟؟
نعم قضية فلسطين والشيشان والبوسنة والهرسك كلنا نعرفها وتلتها قضية العراق وهناك المزيد والمزيد نسمع بقصصهم في الأخبار. صورة من هنا وتقرير من هناك وفيديو ينتشر كل ذلك حاضر على مسرح الحياة نتنفس آلامهم من حين لآخر أوعلى الأقل هكذا أشعر.
لكن أليس غريباً أن نبكي أقوام ولا نبكي آخرون ؟؟
لا شيء أسوء من أن تملك الكثير وغيرك يتصرف ويتمتع به ويحرمك منه بل يقتلك بما هومُلك لكَ.
كانت بداية معرفتي بقصص هؤلاء القوم حينما سمعت ذلك الرجل الحر ينشد بيتا لأمير الشعراء أحمد شوقي :
يا نائح الطلح أشباه عوادينا نشـــجى لواديك أم نأسى لوادينا
ماذا تقص علينا غير أن يداً قصت جناحك جالت في حواشينا
كان ذلك الدكتور طه الدليمي يبكي عراقه بكبريائه المعهود ويذكرنا بأن قبل العراق وفلسطين هناك من هم أولى بدموعنا إن كنا سنذرفها. وأن أمتنا لابد أن ترتب أولوياتها حتى تسترد كل حقوقها ولابد أن تعدل في نظرتها لكل جراحها وتبدأ الأول فالأول .
اليد التي جالت هناك هي ذات اليد التي جالت في العراق ولبنان وجزر الإمارات الثلاث وتثير الفتن في كل مكان وتترصد مواسم الحج لتقتل حجاج بيت الله وتتقرب بدمائهم لكي يخرج أبن كسرى ويثأر لجده وملكه الممزق.
هناك من سرقت أرضهم وصيرتهم إيران عبيدا لهم فقط لأنهم عرب. عرب أقحاح لا ذنب لهم إلا عروبتهم الذي تذكر دولة المجوس المتلبسة بالإسلام بعمر الفاروق العربي المسلم ويذكرونها بأبي بكر وعثمان وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص.
لكن هل كتب على هؤلاء الشعب النسيان؟؟
يقول جرير في أحد قصائده مخاطبا إياهم:
سيروا بني العم فالأحواز منزلكم ونهر تيرى ولم تعرفكم العرب
نعم لم تعرفكم العرب !! وكم أتألم كلما سمعت أحوازياً ينادي ولا مجيب رغم وفاء هذا الشعب بكل قضايا الأمة العربية المسلمة.
ولمن لا يعرف الأحواز هي دولة مستقلة لم تكن يوما جزءً من دولة المجوس لا قبل الإحتلال ولا بعده. وتقع الأحواز إلى الجنوب الشرقي من العراق وهي تتصل معه اتصالًا طبيعيًا عبر السهول الرسوبية وشط العرب بينما يفصلها عن إيران حاجز طبيعي هي سلسلة جبال زاغروس ويحد الأحواز من جهة الشمال والشرق إيران ومن جهة الجنوب شط العرب ومن جهة الغرب العراق وفتحها الصحابي الجليل أبوموسى الأشعري وكانت قبل ذلك محط العديد من الحضارات المستقلة بذاتها كالحضارة العيلامية السامية.
أما في العصر الحديث فأن الأحواز دولة مستقلة حتى عام 1925 حينما تآمرت بريطانيا مع إيران لإقصاء أميرها العربي خزعل الكعبي الذي بدأ نفوذه بالتزايد في منطقة الشرق الأوسط . وحيث أن أغلب الدول العربية آنذاك كانت واقعة تحت الإحلال الغربي فإن إحتلال الأحواز كان أمرا سهلا وميسرا وخصوصا بمعاونة بريطانيا التي سلمت بعد ذلك فلسطين لليهود .
ولكن أيعقل أن تغيب قضية بطول وعرض كل شبر في الأحواز لما يقارب قرن من الزمان؟
أيعقل أن تمسح من الخرائط الجغرافية والإنسانية أرضاً عليها أكثر من عشرة ملايين نفس؟؟
أيعقل أن تغفل نشرات الأخبار بغثها وسمينها والصحف اليومية والمراسلون الباحثون عن سبق صحفي وإعلامي ومواد إعلامية جديدة عن مشانق تنصب بشكل شبه يومي لأناس لا ذنب لهم إلا أنهم سموا أبنائهم أوتكنوا بأسماء عربية أوأرتدوا زياً عربيا؟؟
أيعقل أن يصمد شعب لمدة 86 عاماً أمم تفريس لغتهم الأم فمازالوا يتحدثون العربية في بيئة تم تفريسها بالكامل من مدن ومدارس وإعلام ومؤسسات حكومية ومستشفيات؟؟
ليس الشرر الذي يتطاير بين الحين والآخر على بلداننا الإسلامية إلا جبل النار الذي يشتعل في الأحواز ونحن نيام عنهم ونختلق الأعذار لعدم نصرتهم .
كلنا تقريباً سمع بأساليب التعذيب والتنكيل التي يمارسها الصهاينة على الفلسطينيين ولكن لا نعرف أن من علم إسرائيل وسبقهم في كل هذا هم بني صفيون المجوس وأن أرض فلسطين ليست إلا صورة مصغرة من الأحواز .
فبناء المستوطنات وتجفيف الأنهار التي تجري على أرض الأحواز وقتل الأجنة ومنع إستخدام اللغة العربية وبيع المخدرات بأبخس الأثمان وتوفيره للأحوازيين بسهولة لقتل أي روح للمقاومة ونشر الأمية والعطالة والفقر تفوقت فيها دولة المجوس على الصهاينة.
ومن يعرف مقدرات هذا الفردوس المفقود سيعلم لماذا أبقت إيران وأذنابها هذا البلد بعيداً عن الأنظار منذ إحتلاله عام 1925م.
فإيران تتشبث بالأحواز لأنها عصب حياتها وقلبها النابض. فمن نفط الأحواز تصدر إيران ما يقارب من ثمانين بالمئة من منتجاتها النفطية ومن ثروات الأحواز تصدر الثورات والفتن وتدرب الميلشيات والتفجيريين للدول الإسلامية العربية.
قالها الأحوازيون مراراً وتكراراً ."إدعموا قضيتنا نكفيكم شر إيران" لكن لا حياة لمن تنادي فالدول والمؤسسات مشغولة بقطع الأذرع الإيرانية هنا وهناك بينما تترك رأس الأخطبوط هناك في الأحواز يتنفس ويتغذى .
لم يصل صوت الأحوازيون المبحوح من كثرة النداء إلا عن طريق من إستطاعوا الخروج من الأحواز بشق الأنفس فالأحوازي الهارب من سجن الأحواز الكبير قد حكم على نفسه بالموت بعيداً عن وطنه وإن رجع ليس له غير مشنقة ليكون هذا المدلى الذي فاضت روحه أمام شعبه درساً لا يُنسى لكل أحوازي فكر أو تمتم بالحرية.
بقلم :غصن الحربي