بندر الصاعدي
14-09-2004, 12:11 PM
سَئِمْتُ مِنَ البَاغِينَ سَأْمَ التَّشَاؤُمِ=وَمِنْ عُصْبَةٍ مَطْمُوسَةٍ بِالتَّنَاوُمِ
إِذَا كَانَ مِنْكَ الحَقُّ صَدُّوا جَهَالَةً=وَأَجْهَدُ مَا يُعْيِيكَ جَهْلُ المُخَاصِمِ
وَأَشْنَأُ مَا يُبْقِيكَ مَحْسُورَ خَافِقٍ=صَدِيقٌ يَدُسُّ السُّمَّ خَلْفَ البَوَاسِمِ
أَلَا إِنَّ مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ لِلِسَانِهِ=ضُرُوباً يُلَسَّعْ مِنْ خَفِيِّ الأَرَاقِمِ
وَمَنْ لَمْ يُرَفِّعْ بِالخَلَائِقِ هَامَةً=يَجِدْ أَنَفَهُ بَيْنَ الأُنُوفِ الرَّوَاغِمِ
عَهِدْتُ بَنِي عَصْرِي صُنُوفاً تَكَاثَرُوا=عِبَادَ المَلَاهِي أَمْ عِبَادَ الدَّرَاهِمِ
نُفُوسٌ فَجَمْعُ المَالِ أَكْبَرُ هَمِّهَا=إِذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ تَاجِرٍ بَابَ حَاكِمِ
وَأُخْرَى فَهِنْدامٌ وعِطْرٌ وَغُرَّةٌ =وَهْلَ شُمَّ طِيبٌ فِي الْتِحَامِ التَّزَاحُمِ
عِبَادُ الهَوَى إِنْ يَسْتَلِذُّوا تَحَادُثاً=تَنَشَّوا فِخَاراً بِانْتِهَاكِ المَحَارِمِ
فَسَاداً وَمَا الشَّيْطَانُ إِلَّا وَلِيُّهُمْ=يُزَيِّنُ قُبْحَ العَارِيَاتِ الرَّوَائِمِ
يَمُدُّونَ بِالتَّبْذِيرِ فِسْقاً أَكُفَّهُمْ=وَيَرْجُونَ مَدّاً مِنْ أَكُفِّ الغَمَائِمِ
إِذَا لَمْ يَنَالوُا أَبْخَسُوا اللهَ فَضْلَهُ=وَ إِن أُكْرِمُوا وَلَّوا بِفِعْلِ المآثِمِ
أَ تَصْلُحُ أَقَوَامٌ تَعَشْعَشَ فِيهُمُ=مِنْ النُّكْرِ مَا يُودِي بِدَكِّ الجَمَاجِمِ
إِذَا سِرْتَ فِي خِزِيِ الأُمُورِ وَجَدْتَهُمْ=عَلَى فَسْخِ أَخْلَاقٍ وَخَلْعِ مَكَارِمِ
وَإِنْ رُمْتَ إِصْلَاحَ الفَسَادِ فَإِنَّهُمْ=لَدَى العَوْنِ مَوْهُونُو القِوَى وَالعَزَائِمِ
فَمُقْتِرِفٌ لِلذَّنْبِ وَالجُرْمِ سَابِقٌ=تَشَكِّيَ مَظْلُومٍ لِبَابِ المَحَاكِمِ
وَآكِلُ لِحْمٍ لَا يَلَذُّ طَعَامُهُ=إِذَا لَمْ يَرَ الأَنْعَامَ حَوْلَ المَطَاعِمِ
وَرَاعٍ غَرُورٌ لا الرَّعِيَّةُ هَمَّهُ=وَكِبْرُ غَنِيٍّ لِلْفَقِيرِ مُزَاحِمِ
فَلِلَّهِ فِيْ وَضْعِ المَقَادِيرِ حِكْمَةٌ=وَلِلْعَبْدِ مِيزَانٌ لِيَوْمِ التَّحَاكُمِ
أَتَى عَصْرُنَا المَشْئُومُ ذُلاً وَحَسْرَةً=بِجَرْحٍ تَفَشَّى حَوْلَنا مُتَفَاقِمِ
تَلَوُّثِ فِكْرٍ وَانْتِشَارِ سَفَاهَةٍ=وَوَأْدِ عُلُومٍ وَانْتِشَالِ مَعَالِمِ
تَنَغَّصَ عَيْشُ الصَّالِحِينَ بِخُبْثِهِ=وَكَيْفَ يَضُوعُ المِسْكُ بَيْنَ البَهَائِمِ!
وَكَيْفُ يَرُومُ الصَّرْحَ لِلْعِزِّ مَاجِدٌ=بِأَرْضٍ بِهَا تَحْيَا جُمُوعُ الهَوَادِمِ!
أَيَأْمَنُ مِنْ مِخْرِ البِّحَارِ مُسَافِرٌ=مَتَاهَتُهُ فِي مَوْجِهَا المُتَلَاطِمِ
وَيَنْشُدُ سَاعٍ لِلصَّلَاحِ تَكَافُلاً=أُنَاساً بِهَا العُبَّادُ دُوْنَ القُمَاقِمِ
إِذَا نَحْنُ آثَرْنَا الخُنُوعَ مَذَلَّةً=فَمَا ذَنْبُ أَطْفَالِ البِلَادِ البَرَاعِمِ
أَلَا لَيْتَ يُجْدِي فِي سَلَامَةِ أُمَّتِي=دُمُوعٌ فَأَسْقِيهَا بِصِدْقِ السَّوَاجِمِ
وَلَيْتَ لَهَا عِنْدَ المَصَائبِ نَخْوَةً=تَدُكُّ بِهَا صُلْبَ الأُمُورِ العَظَائِمِ
أَلَا أُمَّتِي طُوبَى لِعَبْدٍ بِمَا رَأَى=لَدَى اللهِ مِنْ رِضْوَانِهِ وَالمَغَانِمِ
هَنِيئاً لَهُ أَنْ لَوْ تَرُعْهُ مَنِيَّةٌ=عَلَى الحَقِّ مِنْ جُوْرِ العِدَا لَا يُسَالِمِ
يُقَابِلُ أَهْوَالَ الرَّدَى بِشَهَادَةٍ=سَعِيداً يَرَى حُورَ الجِنَانِ البَوَاسِمِ
كَفَانَا ادِّعَاءً عِزَّةً وَهْيَ رَايَةٌ=هَوَتْ فِي بِلَادٍ مَا بِهَا مِنْ دَعَائِمِ
سَلَامٌ حَيَاتِي أَيْنَ مِنِّي مَحَبَّةٌ=وَفِيكِ مِنَ الأَطْبَاعِ مَا فِي الأَعَاجِمِ
لَقَدْ كُنْتُ لَوَّاماً عَلَى كُلِّ زَلَّةٍ =وَقَدْ آنَ أَنْ أَحْيَا الدُّنَى غَيْرَ لَائِمِ
حَيَاةٌ تَغُرُّ الهَائِمِينَ تَطَاوُلاً =بَِها يَرْتَجِي المَكْلُومُ حُسْنَ الخَوَاتِمِ
إِذَا كَانَ مِنْكَ الحَقُّ صَدُّوا جَهَالَةً=وَأَجْهَدُ مَا يُعْيِيكَ جَهْلُ المُخَاصِمِ
وَأَشْنَأُ مَا يُبْقِيكَ مَحْسُورَ خَافِقٍ=صَدِيقٌ يَدُسُّ السُّمَّ خَلْفَ البَوَاسِمِ
أَلَا إِنَّ مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ لِلِسَانِهِ=ضُرُوباً يُلَسَّعْ مِنْ خَفِيِّ الأَرَاقِمِ
وَمَنْ لَمْ يُرَفِّعْ بِالخَلَائِقِ هَامَةً=يَجِدْ أَنَفَهُ بَيْنَ الأُنُوفِ الرَّوَاغِمِ
عَهِدْتُ بَنِي عَصْرِي صُنُوفاً تَكَاثَرُوا=عِبَادَ المَلَاهِي أَمْ عِبَادَ الدَّرَاهِمِ
نُفُوسٌ فَجَمْعُ المَالِ أَكْبَرُ هَمِّهَا=إِذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ تَاجِرٍ بَابَ حَاكِمِ
وَأُخْرَى فَهِنْدامٌ وعِطْرٌ وَغُرَّةٌ =وَهْلَ شُمَّ طِيبٌ فِي الْتِحَامِ التَّزَاحُمِ
عِبَادُ الهَوَى إِنْ يَسْتَلِذُّوا تَحَادُثاً=تَنَشَّوا فِخَاراً بِانْتِهَاكِ المَحَارِمِ
فَسَاداً وَمَا الشَّيْطَانُ إِلَّا وَلِيُّهُمْ=يُزَيِّنُ قُبْحَ العَارِيَاتِ الرَّوَائِمِ
يَمُدُّونَ بِالتَّبْذِيرِ فِسْقاً أَكُفَّهُمْ=وَيَرْجُونَ مَدّاً مِنْ أَكُفِّ الغَمَائِمِ
إِذَا لَمْ يَنَالوُا أَبْخَسُوا اللهَ فَضْلَهُ=وَ إِن أُكْرِمُوا وَلَّوا بِفِعْلِ المآثِمِ
أَ تَصْلُحُ أَقَوَامٌ تَعَشْعَشَ فِيهُمُ=مِنْ النُّكْرِ مَا يُودِي بِدَكِّ الجَمَاجِمِ
إِذَا سِرْتَ فِي خِزِيِ الأُمُورِ وَجَدْتَهُمْ=عَلَى فَسْخِ أَخْلَاقٍ وَخَلْعِ مَكَارِمِ
وَإِنْ رُمْتَ إِصْلَاحَ الفَسَادِ فَإِنَّهُمْ=لَدَى العَوْنِ مَوْهُونُو القِوَى وَالعَزَائِمِ
فَمُقْتِرِفٌ لِلذَّنْبِ وَالجُرْمِ سَابِقٌ=تَشَكِّيَ مَظْلُومٍ لِبَابِ المَحَاكِمِ
وَآكِلُ لِحْمٍ لَا يَلَذُّ طَعَامُهُ=إِذَا لَمْ يَرَ الأَنْعَامَ حَوْلَ المَطَاعِمِ
وَرَاعٍ غَرُورٌ لا الرَّعِيَّةُ هَمَّهُ=وَكِبْرُ غَنِيٍّ لِلْفَقِيرِ مُزَاحِمِ
فَلِلَّهِ فِيْ وَضْعِ المَقَادِيرِ حِكْمَةٌ=وَلِلْعَبْدِ مِيزَانٌ لِيَوْمِ التَّحَاكُمِ
أَتَى عَصْرُنَا المَشْئُومُ ذُلاً وَحَسْرَةً=بِجَرْحٍ تَفَشَّى حَوْلَنا مُتَفَاقِمِ
تَلَوُّثِ فِكْرٍ وَانْتِشَارِ سَفَاهَةٍ=وَوَأْدِ عُلُومٍ وَانْتِشَالِ مَعَالِمِ
تَنَغَّصَ عَيْشُ الصَّالِحِينَ بِخُبْثِهِ=وَكَيْفَ يَضُوعُ المِسْكُ بَيْنَ البَهَائِمِ!
وَكَيْفُ يَرُومُ الصَّرْحَ لِلْعِزِّ مَاجِدٌ=بِأَرْضٍ بِهَا تَحْيَا جُمُوعُ الهَوَادِمِ!
أَيَأْمَنُ مِنْ مِخْرِ البِّحَارِ مُسَافِرٌ=مَتَاهَتُهُ فِي مَوْجِهَا المُتَلَاطِمِ
وَيَنْشُدُ سَاعٍ لِلصَّلَاحِ تَكَافُلاً=أُنَاساً بِهَا العُبَّادُ دُوْنَ القُمَاقِمِ
إِذَا نَحْنُ آثَرْنَا الخُنُوعَ مَذَلَّةً=فَمَا ذَنْبُ أَطْفَالِ البِلَادِ البَرَاعِمِ
أَلَا لَيْتَ يُجْدِي فِي سَلَامَةِ أُمَّتِي=دُمُوعٌ فَأَسْقِيهَا بِصِدْقِ السَّوَاجِمِ
وَلَيْتَ لَهَا عِنْدَ المَصَائبِ نَخْوَةً=تَدُكُّ بِهَا صُلْبَ الأُمُورِ العَظَائِمِ
أَلَا أُمَّتِي طُوبَى لِعَبْدٍ بِمَا رَأَى=لَدَى اللهِ مِنْ رِضْوَانِهِ وَالمَغَانِمِ
هَنِيئاً لَهُ أَنْ لَوْ تَرُعْهُ مَنِيَّةٌ=عَلَى الحَقِّ مِنْ جُوْرِ العِدَا لَا يُسَالِمِ
يُقَابِلُ أَهْوَالَ الرَّدَى بِشَهَادَةٍ=سَعِيداً يَرَى حُورَ الجِنَانِ البَوَاسِمِ
كَفَانَا ادِّعَاءً عِزَّةً وَهْيَ رَايَةٌ=هَوَتْ فِي بِلَادٍ مَا بِهَا مِنْ دَعَائِمِ
سَلَامٌ حَيَاتِي أَيْنَ مِنِّي مَحَبَّةٌ=وَفِيكِ مِنَ الأَطْبَاعِ مَا فِي الأَعَاجِمِ
لَقَدْ كُنْتُ لَوَّاماً عَلَى كُلِّ زَلَّةٍ =وَقَدْ آنَ أَنْ أَحْيَا الدُّنَى غَيْرَ لَائِمِ
حَيَاةٌ تَغُرُّ الهَائِمِينَ تَطَاوُلاً =بَِها يَرْتَجِي المَكْلُومُ حُسْنَ الخَوَاتِمِ