تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأمل في أمل



لطيفة أسير
14-01-2012, 03:16 PM
حازت الحُسنيين خلقا وخلقا ، لكن ما ظفرت بالعيش المرئ الذي تقر به عينها كقريناتها بالمدرسة .. أب سليط عربيد نغَّص طفولتها وحرمها نعمة الاستقرار الأسري ، لكن رغم ذلك رفضت الإذعان لقسوة الحياة ، وظلت متمسكة بتلابيب الأمل ..أوَليس اسمها أمل ..كلما هتف أحد باسمها شعرت بنور يسري في روحها يبشرها بأن الأجمل آت.
ذات ليلة كئيبة اشتد الجنون بالأب المعتوه ، فطرد زوجته وابنته الوحيدة من البيت في جنح الظلام ،غير آبه بقسوة البرد ولا وحشة الليل ولا الذئاب الشرسة التي تبحث عن غنائم سهلة ..
طالت ليلتها وأضحت كليل امرئ القيس.. قاتمة وبائسة ،أرخت سدولها لتبتليها بأنواع الهموم .
أمام مخفر الشرطة جلست كعادتها وبدأت تستعيد شريط ذكرياتها ..تذكرت تلك الحياة المرفهة التي كانت تتقلب فيها قبل زواجها، حيث كانت وحيدة أمها ، كل طلباتها مجابة ، لم تذق طعم الحرمان والقسوة من قبل ، وحين بلغت مبلغ الزواج ، تزوجت ابن خالتها ، حيث كانوا جميعا يقطنون في بيت عائلي كبير ..وعاشت فترة من الود والوئام ، وأنجبت هذه الطفلة .. أمل ، لكن بمجرد وفاة الأم تم تطليقها من ابن خالتها وطردت المسكينة من بيت عائلتها ..وكأن القدر كتب عليها الطرد من البيوت أبدا .. وحين علم أهل الحي بنبإ طردها تطوع أحد رجالاته للزواج منها وإنقاذها مما هي فيه .. فتر ثغرها عن ابتسامة ملؤها الإشمئزاز وهي تردد :شتان بين الشهامة والنذالة .
استنجدت الزوجة البئيسة بالشرفاء في حيها ومدرسة ابنتها، حيث تطوع أحد الأساتذة واتصل بإحدى الجمعيات الحقوقية النسائية، وتمَّ انتداب محام لرفع دعوى التطليق.وتكفل مجموعة من الخيرين في المؤسسة بمساعدتها ماديا.

وفي أثناء ذلك حاولت زهرتها الندية "أمل " الحصول على محفظتها التي احتجزها " والدها " مع باقي الأغراض ، لكن ذاك الجواظ رفض تسليم الصغيرة كتبها وهددها بالقتل إن تجرأت على الإقتراب من المنزل ..بل وسيكتب بدمها الشريف على الجدران إن ألحت عليه .
كانت تحكي لنا مأساتها وقد أخذ مني الاندهاش مأخذه وأنا أستمع لها:
صامدة لم تهتز أو تضعف ..
متفائلة لأنها تعلم أن بعد العسر يسرا ..
محبة لوالدها رغم ظلمه وجبروته .
كانت ترى ..وهي الطفلة الصغيرة .. أن أملها الوحيد رهين بتفوقها في دراستها ، لهذا آلت على نفسها أن لاتبكي ولا تيأس ، فكم ذاقت الويلات داخل ذلك البيت ،والحمد لله أنها خرجت منه.
بعد أيام تم رفع دعوى التطليق للضرر ، لكن ظل مشكل السكن يقض مضجع الأم وبنتها ، صحيح أن إحدى صديقاتها استضافتهما بكل حب وترحاب ، لكن نفسها العفيفة التي تعودت العطاء ونبذت الخنوع والخمول منذ زمن ، أبت أن تظل عالة على غيرها ، فحاولت بشتى الطرق كراء ولو غرفة صغيرة تضمها وصغيرتها ، وكان لها ما تمنت ، ولحسن الحظ أن الغرفة تقع بجوار المدرسة ..
أخيرا ستنام بهدوء دون صراخ أو خوف أو تهديد
أخيرا سترتاح من الجلوس أمام مقرات الشرطة حين كان يطردها وصغيرتها ليلا دون حياء .
أخيرا ستولي ظهرها للسنين التي أنهكتها وحملتها فوق طاقتها
هي لا تعرف مستقبلها ، لكنها تمني النفس وهي المؤمنة بأن الله تعالى حق وعدل ، سيجعل العاقبة لها جزاء صبرها وتحملها .


ملحوظة : القصة حقيقية وقعت لإحدى التلميذات بالمؤسسة

د. مختار محرم
14-01-2012, 04:35 PM
الألم والأمل
رغم التشابه اللفظي بين هاتين الكلمتين إلا أنهما يبدوان متناقضتين
وقد استطاعت أديبتنا بحنكة حرفية أن تجمع في قصتها المعنيين
قصة رائعة أختي الكريمة
أسأل الله أن يقدر لهذه الامل ولوالدتها حياة كريمة
تقبلي تقديري

آمال المصري
14-01-2012, 05:26 PM
في بعض الأسرات يتم تزويج الأبناء بتلك الطريقة بل ويتم خطبتهم منذ الصغر من قبل الكبار
دون النظر لمسألة القبول والتكافؤ الفكري والأدبي وغيرها
وتستمر الحياة ترضية لهؤلاء الكبار .. وبعد رحيل أولهم تنهار كل الجدران المحيطة بتلك الزيجة وتكون الضحية الأولى هي الأبناء ثم الزوجة ..
وهنا كان الأمل عاملا هاما لاستمرار الحياة والتحدي من أجل أن يتبدد الألم
يسر الله لهما سبل الحياة وعوض عليهما بالخير

لفت انتباهي لفظ الجواظ فتذكرت حديث شريف نصه :

قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "لا يدخل الجنة الجواظ، ولا الجعظري" أخرجه الألباني في صحيح الترغيب (3197).

والجواظ هو الجَمُوع المَنُوع الذي جمَع ومنَع.
الجعظري؛ هو الفظ الذي يَنْتَفِخُ بما ليس عنده.
أبدعت سردا أستاذة بلابل
تحيتي الخالصة

كاملة بدارنه
14-01-2012, 07:43 PM
هناك الكثير من قصص الواقع المؤلمة، وأحيانا يعجز القلم عن تدوينها لسياط الحزن التي تجلد المشاعر أثناء الكتابة
شكرا لك على نقل قصّة واقعيّة بأسلوب سرديّ جميل
بوركت
تقديري وتحيّتي

عايد راشد احمد
15-01-2012, 12:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذتنا واديبتنا الفاضلة

للاسف هدا موجود ونابع من ضعف في الدين عند كثير من الناس وايضا لانعدام النخوة وعدم تحمل المسئولية التي للاسف صارت القاعدة

تقبلي مروري وتحيتي

ربيحة الرفاعي
15-01-2012, 11:46 PM
قصة طرحت صورة من الواقع صادقة وإن كانت مساحة تغلغلها في المجتمع مرحلة جزر وانحسار
وبسردية طيبة تمكنت القاصة من حمل القاريء ليعيش مع البطلة تفاصيل أتعبته وحاكت إنسانيته

أهلا بك أديبتنا الكريمة

تحاياي

وليد عارف الرشيد
16-01-2012, 01:39 AM
نصٌ أرخت واقعيته المرة علينا سدولها ... وأصابت القلوب بالمواجع ... وسرعان ما قامت الكاتبة المتمكنة من نقلنا مع البطلة أمل إلى فضاءاتٍ أخرى بلون الأمل ... فكان لها من اسمها حظٌ كبير .. لغة ماتعة وسيطرة على الأدوات وتشويق
مودتي وإعجابي أيتها المبدعة

فايدة حسن
16-01-2012, 11:59 AM
بأن الله تعالى حق وعدل ، سيجعل العاقبة لها جزاء صبرها وتحملها .

ونعم المولى ونعم النصير
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

ربيع بن المدني السملالي
18-01-2012, 11:15 PM
واقعٌ مرّ أليم ، يتكرر باستمرار في واقعنا المظلم ، إنّها تحتاجُ إلى أمير المؤمنين عمر ، فوضى وضياع وتشرّد وظلم ، اللهم لُطْفَكَ ..
جزاكِ اللهُ خيرا أستاذة ( بلابل السّلام ) لا أخرج من نصوصك إلا مُستفيداً ، وهذا النّص خرجت منه متألماً والله المستعان
تحيتي لقلمك المفيد قال ساكن المعرّة وشيخها ( رحمه الله) :
لاَ تَطْلُبنّ بآلةٍ لكَ رُتبةً .... قَلَمُ البليغ بغير جدّ مغزلُ
افتر ثغرها
دمت بألق

لطيفة أسير
19-01-2012, 08:45 PM
الألم والأمل
رغم التشابه اللفظي بين هاتين الكلمتين إلا أنهما يبدوان متناقضتين
وقد استطاعت أديبتنا بحنكة حرفية أن تجمع في قصتها المعنيين
قصة رائعة أختي الكريمة
أسأل الله أن يقدر لهذه الامل ولوالدتها حياة كريمة
تقبلي تقديري

اللهم آمين
أكرمكم الله وبارك فيكم أستاذي الكريم مختار محرم
ممتنة لتشريفكم البهي
تحيتي وتقديري

لطيفة أسير
19-01-2012, 10:17 PM
في بعض الأسرات يتم تزويج الأبناء بتلك الطريقة بل ويتم خطبتهم منذ الصغر من قبل الكبار
دون النظر لمسألة القبول والتكافؤ الفكري والأدبي وغيرها
وتستمر الحياة ترضية لهؤلاء الكبار .. وبعد رحيل أولهم تنهار كل الجدران المحيطة بتلك الزيجة وتكون الضحية الأولى هي الأبناء ثم الزوجة ..
وهنا كان الأمل عاملا هاما لاستمرار الحياة والتحدي من أجل أن يتبدد الألم
يسر الله لهما سبل الحياة وعوض عليهما بالخير

لفت انتباهي لفظ الجواظ فتذكرت حديث شريف نصه :

قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "لا يدخل الجنة الجواظ، ولا الجعظري" أخرجه الألباني في صحيح الترغيب (3197).

والجواظ هو الجَمُوع المَنُوع الذي جمَع ومنَع.
الجعظري؛ هو الفظ الذي يَنْتَفِخُ بما ليس عنده.
أبدعت سردا أستاذة بلابل
تحيتي الخالصة
أكرمك الله أختي الفاضلة آمال المصري
تسرني مصافحتك دوما
مودتي

أحمد الشمال
20-01-2012, 11:50 AM
واقع مؤلم والله المستعان
شكرا لك أختي على هذه القصة الهادفة
تقبلي مروري

لطيفة أسير
20-01-2012, 01:52 PM
واقع مؤلم والله المستعان
شكرا لك أختي على هذه القصة الهادفة
تقبلي مروري

ممتنة للمرور الكريم أخي الكريم احمد
تحيتي وتقديري

نداء غريب صبري
12-05-2013, 07:55 PM
قصة جميلة جمعت تناقضات المعاني
ورحمة الله ستكون معها فوق كل شي

أشكرك أختي للقصة الجميلة

بوركت

لانا عبد الستار
25-08-2014, 06:26 PM
حكلية مؤثرة جدا ومؤلمة كثيرا ولا أعرف كيف يكون أمثال هؤلاء الرجال بشرا وهم أقرب للبهائم بل أسوأا
والأمل والألم متصاحبان وجميل أن اسمها أمل ليظل مشعا في روحها

أشكرك

د. سمير العمري
25-05-2015, 01:54 AM
غالبا ما يكون للمرء من اسمه نصيب ، ولعل أمل وجدت أنها تملك الأمل.
أما القصة فقد وضح أنها حقيقية دون إن تشيري إلى ذلك ، ولعلها كانت أقرب إلى الحكي منها إلى القص الفني.

تقديري

خلود محمد جمعة
26-05-2015, 09:16 AM
صفحة صورت حالة اجتماعية مؤلمة برسالة إيجابية للأمل والتقدم وتخطي العثرات متسلحين بالأيمان والارادة
سرد ماتع ومباشر احتاج بعض تكثيف
بوركت وكل التقدير

ناديه محمد الجابي
17-10-2018, 08:57 PM
قصة مؤلمة من واقع المرأة والظلم الذي ترزح تحته
تكشف عيوب المجتمع وتننفذ بطريقة بارعة كمبضع الجراح
قصة من وجع تغلغل في وجدان القارئ
أحي صدق مشاعرك وسمو يراعك
ودقة تصويرك.
:009::001::009: