المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لاأريد أن أموت...



ريمة الخاني
02-02-2012, 02:36 PM
لاأريد أن أموت...
**********
مازلت أستيقظ قلقة وسط رعبي الشديد, حيث أن الأخبار جعلتني أنام ولاأنام..أفيق ولاأفيق..أجد الضحايا فيها مضرجين بدمائهم يرفرفون قبل الموت!
أجلس أبكي وحدى كالمجانين...
وكأنه بيدي مفاتيح حل القضية! وماأطال النوم عمرا...
ذلك أنني بت أخشى النزول وجلب بعض الحاجيات التي صرت أخجل من طلبها من زوجي , و الذي بات يأتي كل يوم عائدا من عمله الراكد كالا من نفسه المتعبة أكثر من جهده هناك...
يشكر الله كل يوم أنه حصل على بعض الدريهمات..وأعود للسؤال في سري:
-ماهذا الذي يحصل من حولنا؟ أكتب علينا الجهاد جميعا ليوم الدين؟ ام مازلنا ساذجين نتخبط خبط عشواء بلا وصول لمرمانا؟.
هل مازال سم المؤامرات يسري في جسدنا النحيل ومامتنا؟
لم أكن لأبوح بأن مبلغا بسيطا خبأته لليوم الأسود أنقذني من المماحكة مع زوجي العزيز.....وأخشى ماأخشاه أن يطول هذا اليوم...
ذلك عندما عدت أدراجي من عند البائع أبو اسماعيل, كان صوت الرصاص من بعيد عاليا جدا وينذر بالموت المحتوم كل يوم, لكن شجاعتي دبت في روحي و جعلتني أتغير كثيرا عما قبل...
كان يقول لي البائع أبو اسماعيل :
-لاتأتِ إلي وسوف أرسل لك صبي المحل لما تهتفين لنا, لكن السماء الزرقاء والتي صرت أحلم برؤيتها فعلا جعلتني أخرج من مخبئي ضيقا..
فقصص الأموات والضحايا باتت على كل لسان وكأن النساء وجدن تسلية جديدة لتلوكها الألسن ويالها من قصص حارقة..ورغم هذا كن يقلن:
-لانريد أن نموت هكذا كالبهائم..أو كذباب المطابخ..منذ متى بات الإنسان رخيصا؟ تلك الروح والجسد المحكم الصنعة؟.
غفت عيني قليلا وأنا أنتظر سالم ابني ذو الست سنوات وزوجي..بعد أن نام هذا الصغير و بعد أن أرضعته لبنا نزقا خالي الدسم..
ركنته جانبا وعدت أنظر من شرفتي حائرة , بسؤالي:
ماهو دوري الآن وسط هذه الدوامة البشرية؟.

لقد لوح لي ملك الموت من جديد وبصوته الرعب الاجش... في حلمي أظنه , وكأنه يطلبني..أفقت بعصبية صائحة:
-لاأريد ان أموت الآن قبل أن أضم ولدي إلى صدري.. و قبل أن أطمئن على زوجي...قبل أن أرى بلدي بخير...وأن..
تذكرت دينا ماليا كان لصديقتي نهلة معي, وكيف ماطلت في رده إلى أن تعسرت الأمور,فكان لزاما علي أن أتصل بها بعد غياب...
كان يصدر من هاتفها صوتا خاص يوحي بعطل ما,فأتاني قلق جديد..يا للخيبة..أين أنت يانهلة؟يا صديقتي الصدوقة؟...ماذا جرى في هذه الدنيا؟
-لا لاأريد أن أموت الآن..وكالبهائم...لا ليس هكذا ...على الأقل البهائم تهب لحمها غالبا للبشر ..ونحن فطسنا بلافائدة وبلاذنب..
نعم ..أريد أن تكون ميتتي مشرفة, ولكن كيف؟.
اتصلت بي أمي في الأمس , تؤكد علي وتصر على أهمية عدم خروجي من المنزل وتطمئن على عودة سالم...
كالعادة حاولت التصنع بالهدوء وقلبي يغلي كالمراجل, وأنا أرفض متابعة الأخبار رأفة بابني سالم ...الذي امتص قلقنا وكأنه حمامة السلام مقيدة وعاجزة عن الهجرة ترفرف بنزق للخروج من قفص الاتهام..
لقد بات نومه قلقا مثلي ومثل سامي..
يكفي ماسمعته عن جيراني من خيبات وقصص مؤلمة ,تقطع نياط القلب..بات الموت قاب قوسين وأدنى بل هو سهل جدا ,كأنك تقتل بعوضة!..
-إلى متى ياوطني سأبقى أراك جريحا إلى متى؟لقد قرأت جل التاريخ كثيرا من أيام المناذرة والغساسنة ..لا بل قبل ذلك..ونحن كما نحن!
لم تعد بي طاقة للقراءة من جديد..فيبدو أننا نعيد القصص بكل أريحية وانفتاح حضاري رائع.....لكأننا..حيوانات ناطقة..وربما أدنى من ذلك بكثير..
أفقت من أحلام اليقظة من جديد.. وملك الموت يناديني صائحا
-هلمي إلي...
هل أنا واهمة؟هل هو وسواس؟هل هي ملامح إيمان؟
تصفحت بريدي الألكتروني..فوجدت مافيه من جمل إطراء تجاوزت الإطراء في زمن الضياع والخيبة أمر يندى له الجبين...
ماذا يعني هذا ؟
*********
كان زوجي حينها قد قرر الرحيل إلى مكة بلا سابق إنذار....
بات موتي في صحبة الأخيار أفضل..فقد كتمت عليه أمر أحلامي وكأنها حقيقة , ولاأدري فعلا لم..
عندما وصلنا وبعد فترة وجيزة..كان الهاجس قد اختفى...وعاد منزلي هادئا تماما!!!!!!!
لكن مشاعري لم تهدأ أبدا ...
فقد حل محل مشاعري الأولى مشاعر الشوق للوطن...والذي لن يهدأ أبدا..

ريمه الخاني 31-1-2012

ربيع بن المدني السملالي
02-02-2012, 06:05 PM
هو الموتُ ما منه ملاذ ومهربُ ... متى حُطّ ذا عن نعشه ذاك يركبُ
ولكن أن نموتَ بتلك الطّريقة الرّخيصة ، المذلّة هذه هي الطّامة والقارعة والمصيبة والله المستعان
الأديبة الكريمة ( ريمه الخاني ) كان لي شرف الحضور لقراءة هذا القصّ الهادف ، لله درّك وبارك في سعيك
دمتِ في رعاية الله
تحيتي والمودة

د. مختار محرم
02-02-2012, 06:47 PM
الأديبة القديرة ريمة الخاني
هو حال المحبين لأوطانهم
عذاب داخل الوطن وشوق وحنين خارجه
معان سامية ومشاعر عظيمة حملتها قصتك ..
حب الوطن والأمومة والوفاء للأهل والأصدقاء والكرامة والإيمان وغيرها من أنبل الصفات ..
دمت للحرف النبيل
تقديري أختي

آمال المصري
02-02-2012, 09:33 PM
خوف ... حنين ... أمومة ... عاطفة ... عزة ... تأمل ..
كلها أحاسيس اجتمعت في بوتقة خوف من المجهول جعل البطلة في حالة شعور دائم بالغربة
دام إبداعك شاعرتنا الفاضلة
تحاياي

نادية بوغرارة
03-02-2012, 06:49 PM
لله هي هذه الأم و الزوجة و الابنة و المواطّنة ،

تحمل كل الهموم دفعة واحدة ، و حين يتعلق الأمر بالوطن ،

نراها أختا للرجال ، و حين تغادره جغرافيا ، لا تغادره روحيا أبدا .

العزيزة ريم الخاني ،

في انتظار إبداعاتك دائما .

كاملة بدارنه
03-02-2012, 09:13 PM
لوحة مشاعريّة أجدت التّعبير فيها بمعظم المشاعر وعظيمها أخت ريمة

لكن مشاعري لم تهدأ أبدا ...
فقد حل محل مشاعري الأولى مشاعر الشوق للوطن...والذي لن يهدأ أبدا..
أصعب المشاعر هي هذه!
بوركت
تقديري وتحيّتي

ريمة الخاني
05-02-2012, 06:17 AM
هو الموتُ ما منه ملاذ ومهربُ ... متى حُطّ ذا عن نعشه ذاك يركبُ
ولكن أن نموتَ بتلك الطّريقة الرّخيصة ، المذلّة هذه هي الطّامة والقارعة والمصيبة والله المستعان
الأديبة الكريمة ( ريمه الخاني ) كان لي شرف الحضور لقراءة هذا القصّ الهادف ، لله درّك وبارك في سعيك
دمتِ في رعاية الله
تحيتي والمودة

تشرفت بحضورك البهي وحرصك على المتابعة...
فعلا...حسبنا الله ونعم الوكيل
الف تحية

احمد حمود الغنام
05-02-2012, 03:53 PM
ضريبة المحبة نحملها حيثما سرنا ..
البحث في سراب متعب أخيتي !
الجري وراء الحقيقة متعب أيضا ..
لانملك إلا الدعاء بالفرج القريب عن أهلنا وعن وطننا الذي يسكن داخلنا ..
منذ ثلاثين سنة أحمل هذه المشاعر وأرحل ، ولقد ورثتها عن والدي من قبلي ..
فالحقائب جاهزة دائما للمتاعب !
نقولها بملء أفواهنا : حسبنا الله ونعم الوكيل .
تحيتي ،

ريمة الخاني
06-02-2012, 08:24 AM
الأديبة القديرة ريمة الخاني
هو حال المحبين لأوطانهم
عذاب داخل الوطن وشوق وحنين خارجه
معان سامية ومشاعر عظيمة حملتها قصتك ..
حب الوطن والأمومة والوفاء للأهل والأصدقاء والكرامة والإيمان وغيرها من أنبل الصفات ..
دمت للحرف النبيل
تقديري أختي

نعم اظن ان الامومة ومن ثم الأبوة أقدر على توصيف الحدث في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
تحيتي لك وبانتظارك دوما

ريمة الخاني
07-02-2012, 06:36 AM
خوف ... حنين ... أمومة ... عاطفة ... عزة ... تأمل ..
كلها أحاسيس اجتمعت في بوتقة خوف من المجهول جعل البطلة في حالة شعور دائم بالغربة
دام إبداعك شاعرتنا الفاضلة
تحاياي

نعم تماما
شكرا لحضورك الجميل
وفقك الله ورعاك

محمد ذيب سليمان
07-02-2012, 07:59 AM
واقع يفرض نفسه على كل المشاعر
ويجعلنا نضيع في تفاصيله التي تملك المشاعر
ويبقى الوطن ملاذا لا سبيل للهروب منه الا اليه
شكرا لك اخيتي

عايد راشد احمد
07-02-2012, 09:27 AM
فقد حل محل مشاعري الأولى مشاعر الشوق للوطن...والذي لن يهدأ أبدا..



السلام عليكم ورحمة الله

استاذتنا واديبتنا الفاضلة

صراع بين معاناة في الداخل بكل قسوته ودمويته التي نعيشها وبين الحنين للاوطان عندما نغادرها

حب الوطن يجري في عروق الانسان ومع عدم امانه علي نفسه وعلي كل من حوله والبعد عنه يشعرنا باننا في العراء

قلم اجاد التعبير عن مكنون الحالة دام القلم ودامت الانامل التي حركته

تقبلي مروري وتحيتي

قوادري علي
07-02-2012, 02:04 PM
الاديبة ريمه الخاني
لااريد ان اموت
هي صرخة وسط الاقتتال والدمار وغربة الاوطان..
جميل ما خط بنانك.
تقديري.

ريمة الخاني
08-02-2012, 12:10 PM
لله هي هذه الأم و الزوجة و الابنة و المواطّنة ،

تحمل كل الهموم دفعة واحدة ، و حين يتعلق الأمر بالوطن ،

نراها أختا للرجال ، و حين تغادره جغرافيا ، لا تغادره روحيا أبدا .

العزيزة ريم الخاني ،

في انتظار إبداعاتك دائما .


في تلك الظروف يبرز دور كل مخلص وليس الأم فقط..لكن الفاجعة تصيب الام اولا..لانها تفقد كل من حولها غالبا..
وحسبنا الله ونعم الوكيل...
شكرا لمرورك الكر يم

ريمة الخاني
08-02-2012, 12:13 PM
لوحة مشاعريّة أجدت التّعبير فيها بمعظم المشاعر وعظيمها أخت ريمة

أصعب المشاعر هي هذه!
بوركت
تقديري وتحيّتي

نعم فالهروب ليس حلا..والبقاء بلا حل أكثر حرقة....
لك المحبة كلها..

ربيحة الرفاعي
09-02-2012, 01:37 AM
مهرجان من المعاني والمشاعر وذكاء في رسم اللوحة التي تحكي عمق الارتباط بالوطن وحدة الغربة عنه بما يجعل الفرار من دموية الصورة فيه حلا لا يقدم حلا

نص تمكن مني بمعانيه

تحيتي

رشدي مصطفى الصاري
11-02-2012, 09:29 PM
أختي الغالية
لاتحزني ولاتحتاري...فهذا المارد الذي يحرك فيك كل هذه التساؤلات..؟ والعواطف..!هو الذي صنع الثورات..
وارادة التغيير..
تجولت في أعماق سطورك لأجدك وفية شجاعة ثائرة..
وكلها صفات تقود إلى النصر
ودي أيتها الرائعة

ريمة الخاني
12-02-2012, 02:41 PM
ضريبة المحبة نحملها حيثما سرنا ..
البحث في سراب متعب أخيتي !
الجري وراء الحقيقة متعب أيضا ..
لانملك إلا الدعاء بالفرج القريب عن أهلنا وعن وطننا الذي يسكن داخلنا ..
منذ ثلاثين سنة أحمل هذه المشاعر وأرحل ، ولقد ورثتها عن والدي من قبلي ..
فالحقائب جاهزة دائما للمتاعب !
نقولها بملء أفواهنا : حسبنا الله ونعم الوكيل .
تحيتي ،

والله صدقت حب لوطن وعبء الحفاظ عليه والإخلاص بات كابوسا لكل صادق يعرف بعض خفايا مايجري..
لك التقحية والتقدير والاحترام

وليد عارف الرشيد
13-02-2012, 09:45 AM
رائعة أنت أختي المبدعة الفاضلة ... رغم هذه الأنثوية الصارخة والأمومة المتفجرة إلا أنك في كثير مفاصلٍ ودون أن تقصدي كتبتني وقصصتني ببراعة
أدعو الله العلي القدير أن يكشف الغمة ونعود إلى الوطن بأمان لا يدركه القلق ولا الخوف
شكرًا لهذا الهطول العذب رغم المعاناة
مودتي كما يليق أيتها الرائعة

ريمة الخاني
14-02-2012, 08:51 AM
واقع يفرض نفسه على كل المشاعر
ويجعلنا نضيع في تفاصيله التي تملك المشاعر
ويبقى الوطن ملاذا لا سبيل للهروب منه الا اليه
شكرا لك اخيتي

تماما قدمت ملخصا لما يرمي إليه النص بدقة
لك التحية والتقدير والاحترام

ريمة الخاني
16-02-2012, 10:07 PM
فقد حل محل مشاعري الأولى مشاعر الشوق للوطن...والذي لن يهدأ أبدا..



السلام عليكم ورحمة الله

استاذتنا واديبتنا الفاضلة

صراع بين معاناة في الداخل بكل قسوته ودمويته التي نعيشها وبين الحنين للاوطان عندما نغادرها

حب الوطن يجري في عروق الانسان ومع عدم امانه علي نفسه وعلي كل من حوله والبعد عنه يشعرنا باننا في العراء

قلم اجاد التعبير عن مكنون الحالة دام القلم ودامت الانامل التي حركته

تقبلي مروري وتحيتي

اهلا بك أيها الأديب الأريب
تشرفت بحضورك العذب
كل تقديري