تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ( كوريشيه ) قصة قصيرة



محمد محمود محمد شعبان
12-02-2012, 06:32 PM
[ كوريشيه


دائما يا حبيبتي تبرقين وتلمعين في هذا الوقت .. الذي يشبه لون بشرتك الخمرية .. وشعرك الذهبي يشبه قرص الشمس الآن وهو يسكن في أحضان الغروب .. وتلك الظلال من حولك تحتنضك كأنك ابنة الطبيعة الغضة النضرة .. وخيوط الصوف بين يديك مفتولة .. والإبرة الخطافية التي تشبه سن الصنارة .. اسمحي لي ولأول مرة أن أصورك بـ ( الموبايل ) وأنت تعملين .. ما أصعب ما تصنعين .. تصميم مصفوف كمسدسات خلية نحل حيث ما تصنع العاملات .. ومع تعدد الغرز وكثرتها إلا أنها متوافقة متناسقة ومترابطة بدقة وإحكام .. يدك تتحرك بانسيابية متناهية السرعة والدقة وتعلم ما تفعل .. أكاد أجزم أنك تستطيعين عمل ذلك وأنت مغمضة العينين .. تبدو هذه
( الكوفية ) قد اكتملت .. هذه هي ( الكوفية ) الرابعة ، وهي لي .. أليس كذلك ؟ .. لقد نسجت ثلاثة من قبل ، وهذا اللون فعلا يروق لي فهو اللون الأزرق الفاتح الذي أحبه ، و( عليّ ) يحب اللون ( اللبني ) ، وعلاء ( السّماوي ) ، وأما ( عليّان ) فهو دائما يحب اللون ( الأبيض ) .. دائما يرتدونها في أيام البرد ، ويعتزون جدا بما صنعت لهم .. ولكنني لاحظت اختلاف هذه الغرزة عن باقي الغرز الثلاث . إنها جديدة ومميزة كما أن كل ( كوفيه ) لها غرزتها المميزة .. إنها تروق لي كثيرا .. أعلم أنك اعتدت العمل في صمت ودائما لا يشعر بك أحد ، ولذلك فأنت تهزين رأسك : أي نعم ، والضوء يعبث بنظارتك كلما رفعت رأسك أو خفضتيها ، والضوء المتحرك يوترني إلا أنني أحببت كثيرا النظر لوجهك الطفولي ، وعينيك الزرقاوين كالموج الهادئ في فجر صيف لطيف النسمات .. ألاحظك الآن وأنت تقطعين الخيط بيدك دون استخدام ( المقص ) لضعفه منفردا ، ولكن لا أظنك تستطيعين قطعه وهو في النسيج لقوته بين العقد والغرز والخيوط المفتولة الأخرى .
الباب يطرق .. يدخل ( عليان ) : ـ إيه يا ( علوي ) أما زلت تجلس وحدك هنا يا أخي ... منذ الوفاة وأنت تنعزل بالساعات يوميا وتشاهد الـ ( دي في دي ) .. تعال يا أخي وهوِّن على نفسك .. تعال اجلس معنا بالخارج ، فنحن نجلس في حديقة المنزل .. حيث كانت تحب أن تجلس ، وحيث كانت تحب أن ترانا سويا ملتفين حولها .. لقد كان ذلك أسعد ما يسعدها .
قام ( علوي ) وعانق ( عليان ) ، ومازالا في عناق حتى هدأ ( علوي ) نفسا ، ثم أخذ أحدهما يد الآخر وسارا سويا خارج الغرفة .


بقلم / محمد محمود شعبان ( حمادة )
مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية [/frame][/FONT][/FONT][/SIZE][/COLOR][/SIZE]

أحمد عيسى
12-02-2012, 06:56 PM
جميل أخي محمد
أسلوبك جميل والوصف والسرد كان رائعاً ، ينساب في هدوء ودون أي تكلف
لا أعلم لماذا علوي وعليان تصر على اقناعنا أنهم أخوة :)
أجدت وصف حالة هذا الشاب وهو يستذكر والدته المتوفاة
النهاية كانت عادية لكنها تحمل دفقة أخوة دافئة

تحيتي وبانتظار القادم والأفضل

نادية بوغرارة
12-02-2012, 07:56 PM
إنها ذكريات ، لا تفنى و لا تموت ،

ذكريات الحنان كله و المحبة كلها .

الأديب حمادة الشاعر

كوريشيه أو كروشي - باللفظ الفرنسي - ، كانت نسيجا متينا و محكما لمشاعر الوفاء .

دمتَ متألقا .

:os:

حسن رميح
12-02-2012, 08:21 PM
ما اجمل هذا السرد الطاهر
والحرف النقى الخالد
جميل حرفك كما هى جميله ما بين الحروف

الأخ الفاضل
حماده الشاعر



قصة تنطق له

عيون الجداول

عندصحراء تبللت بنهر فيضها

لتضع أجنتها ازهارا ربيعيه

وثمارا صيفيه

دمت بألق

وعطر

آمال المصري
12-02-2012, 09:55 PM
نعم هي الذكريات تتجسد أمامنا .. تمر لترسم لنا ملامح افتقدناها
ولا تجد فرارا سوى رسم ظلال الزمان والمكان ..
فنسبح في تلك اللوحة خلف الذكرى نرتجي الاحتواء
نص جميل مليء بمشاعر أخوية دافئة في ظل ذكريات لاتفنى
تحاياي

محمد ذيب سليمان
13-02-2012, 07:09 AM
كان الحدث حميميا

جاءبسردية جميلة هادئة موفقة
اختنا معها حتى التفاصيل الصغيرة التي جاءت ذات مغزة
اخيط ينقطع وحيدا " ضعف الفرقة "
، والضوء المتحرك يوترني " ... دلالة على ان المكان مضاء بقنديل مما يزيد في الرهق
وهذا دلالة على التفاني والتضحية في الخدمة في مكان لا يوفر الراحة
وغيرها

شكرا لك

محمد محمود محمد شعبان
13-02-2012, 10:47 PM
كان الحدث حميميا

جاءبسردية جميلة هادئة موفقة
اختنا معها حتى التفاصيل الصغيرة التي جاءت ذات مغزة
اخيط ينقطع وحيدا " ضعف الفرقة "
، والضوء المتحرك يوترني " ... دلالة على ان المكان مضاء بقنديل مما يزيد في الرهق
وهذا دلالة على التفاني والتضحية في الخدمة في مكان لا يوفر الراحة
وغيرها

شكرا لك



شكرا على قراءتك المتعمقة للنص أخي محمد .. كل الشكر والتقدير

ربيحة الرفاعي
07-07-2012, 10:02 PM
نص قصي رائق بسردية هادئة عرجت بذكاء على تفاصيل صغيرة تزيد من دفي المشهد وهنو الحوار الأحادي الذي استحوذ بمهارة على القاريء
حديث الشقيق عند دخولة جاء مباشرا بما ثقل على ما تقدمه من سرد

ويبقى القول أنها كانت لوحة إنسانية من بديع ما ترسم الحروف

أهلا بك أديبنا في واحتك

تحاياي

فايدة حسن
09-07-2012, 05:39 PM
وتبقى الذكرى للأشياء الجميلة تدور بمخيلتنا لتمنحنا دفء من تركونا ورحلوا
قصتك ذكرتني بأعزاء رحلوا
رحم الله أمواتنا وغفر لهم

مصطفى حمزة
11-07-2012, 07:18 AM
[ كوريشيه


دائما يا حبيبتي تبرقين وتلمعين في هذا الوقت .. الذي يشبه لون بشرتك الخمرية .. وشعرك الذهبي يشبه قرص الشمس الآن وهو يسكن في أحضان الغروب .. وتلك الظلال من حولك تحتنضك كأنك ابنة الطبيعة الغضة النضرة .. وخيوط الصوف بين يديك مفتولة .. والإبرة الخطافية التي تشبه سن الصنارة .. اسمحي لي ولأول مرة أن أصورك بـ ( الموبايل ) وأنت تعملين .. ما أصعب ما تصنعين .. تصميم مصفوف كمسدسات خلية نحل حيث ما تصنع العاملات .. ومع تعدد الغرز وكثرتها إلا أنها متوافقة متناسقة ومترابطة بدقة وإحكام .. يدك تتحرك بانسيابية متناهية السرعة والدقة وتعلم ما تفعل .. أكاد أجزم أنك تستطيعين عمل ذلك وأنت مغمضة العينين .. تبدو هذه
( الكوفية ) قد اكتملت .. هذه هي ( الكوفية ) الرابعة ، وهي لي .. أليس كذلك ؟ .. لقد نسجت ثلاثة من قبل ، وهذا اللون فعلا يروق لي فهو اللون الأزرق الفاتح الذي أحبه ، و( عليّ ) يحب اللون ( اللبني ) ، وعلاء ( السّماوي ) ، وأما ( عليّان ) فهو دائما يحب اللون ( الأبيض ) .. دائما يرتدونها في أيام البرد ، ويعتزون جدا بما صنعت لهم .. ولكنني لاحظت اختلاف هذه الغرزة عن باقي الغرز الثلاث . إنها جديدة ومميزة كما أن كل ( كوفيه ) لها غرزتها المميزة .. إنها تروق لي كثيرا .. أعلم أنك اعتدت العمل في صمت ودائما لا يشعر بك أحد ، ولذلك فأنت تهزين رأسك : أي نعم ، والضوء يعبث بنظارتك كلما رفعت رأسك أو خفضتيها ، والضوء المتحرك يوترني إلا أنني أحببت كثيرا النظر لوجهك الطفولي ، وعينيك الزرقاوين كالموج الهادئ في فجر صيف لطيف النسمات .. ألاحظك الآن وأنت تقطعين الخيط بيدك دون استخدام ( المقص ) لضعفه منفردا ، ولكن لا أظنك تستطيعين قطعه وهو في النسيج لقوته بين العقد والغرز والخيوط المفتولة الأخرى .
الباب يطرق .. يدخل ( عليان ) : ـ إيه يا ( علوي ) أما زلت تجلس وحدك هنا يا أخي ... منذ الوفاة وأنت تنعزل بالساعات يوميا وتشاهد الـ ( دي في دي ) .. تعال يا أخي وهوِّن على نفسك .. تعال اجلس معنا بالخارج ، فنحن نجلس في حديقة المنزل .. حيث كانت تحب أن تجلس ، وحيث كانت تحب أن ترانا سويا ملتفين حولها .. لقد كان ذلك أسعد ما يسعدها .
قام ( علوي ) وعانق ( عليان ) ، ومازالا في عناق حتى هدأ ( علوي ) نفسا ، ثم أخذ أحدهما يد الآخر وسارا سويا خارج الغرفة .


بقلم / محمد محمود شعبان ( حمادة )
مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية [/frame][/FONT][/FONT][/SIZE][/COLOR][/SIZE]
------------
أخي العزيز الأستاذ محمد
أسعد الله أوقاتك
ترى الشخصَ فليفتك فيه سمة أو ملمحٌ يجعله يدخل قلبك ويملكه ، وكذلك النصّ الأدبيّ ، يلفتك فيه جانبٌ أو عنصرٌ ، فيجعلك تحبّه وتعانقه ، فإذا ما تركته تركَ فيك أثراً جميلاً رائعاً .
هذا النصّ أحببتُهُ لأنه أنساني ببراءته وعفويّته وطفوليته النفاق الاجتماعيّ من حولي !! وكذلك كل قول قصد الصدق وركب إليه العفويّة وترك العنان لقلم لايخذل صاحبه
يضمن أن يحبه الذائقون ، ويتلمظوا به مستمتعين ..
تحياتي وتقديري
* عاشرتُ - ربما - من كلّ الأقطار العربيّة في رحلة عملي ما بين المحيط والخليج ، والإخوة المصريون حاضرون في كلّ شبر - كثّرهم الله وبارك فيهم - ولعلّي لا أبالغ إن قلت إنني أعرف من خلالهم أهل مصر جيداً
أقدم هذا لأقول : إن أهل الشرقيّة - بمجملهم - من أطيب الناس قلوباً ، وأبسطهم معيشة ، وأكرمهم طباعاً وأرحبهم نفساً ، مع ذكاءٍ فطري لا يعرف إلى الخبث طريقاً ، إنهم ببساطة يُشبهون هذا النص ..

نداء غريب صبري
11-07-2012, 11:56 AM
قصة حزينة تقوم على اجترار الذكرى بحثا عن الحب الحقيقي الذي رحل
مسكين من يفقد أمه، ومجنون من يسمح لنفسه أن يخسرها

كروشيه عنوان جميل لقصة رائعة

شكرا لك أخي

بوركت

محمد محمود محمد شعبان
20-07-2012, 12:39 AM
قصة حزينة تقوم على اجترار الذكرى بحثا عن الحب الحقيقي الذي رحل
مسكين من يفقد أمه، ومجنون من يسمح لنفسه أن يخسرها

كروشيه عنوان جميل لقصة رائعة

شكرا لك أخي

بوركت

وحضور رائع ، ومرور كريم
دمت أديبتنا الفاضلة ، ولا حرمنا حضورك الراقي

تحيتي


حمادة الشاعر
مشرف عامية