د.جمال مرسي
28-09-2004, 08:05 AM
بغداد
قصيدة للشاعر الفلسطيني :سميح القاسم
بايَعتُ عيدَكِ، واستثنيتُ أعيادي=مُستشرِفاً غدَ أبنائي وأحفادي
وكانَ نذري دمي قُربانةً سَنَحَتْ=على مذابحِ آبائي وأجدادي
وقُلتُ لاسمك (كُن رؤيا) فصارَ رؤىً=لطارفِ المجدِ موصولاً بأتلادِ
وأنتِ ما أنتِ عبّاسيّةٌ ملكتْ =شمسَ الشموسِ بتاجِ اللهِ والضّادِ
ووزّعتْ نورَها في كلِّ غاشيةٍ=من الظَّلامِ بمشكاةِ الدمِ الهادي
وشعَّ قرطاسُها روحاً ومعرفةً=على العوالمِ من خافٍ الى بادِ
هُنا المنابرُ من عُربٍ ومن عَجَمٍ=هُنا المنائرُ هَدْيُ الرائحِ الغادي
أصابعُ الناس أقلامٌ وأَحرُفُهم=بَوْحُ اللغاتِ بحُلم الصابيءِ الصّادي
من المشارقِ أسفارٌ مذهَّبةٌ=إلى المغاربِ مرصاداً لمرصادِ
ودجلةٌ عَسَلٌ تغري لذائذُهُ=سمنَ الفراتِ بنحلٍ بين أَورادِ
وللنخيل عيونُ التَّمرِ شاخصةً=لسومرٍ بابلٍ آشورَ أَكّادِ
ليعرب جامحٍ شدَّت نوازعَهُ=بوّابةُ الشرقِ أمداءً لآمادِ
فللخيولِ صهيلٌ عبر أورمية=وللسيوفِ صليلٌ خلفَ أَروادِ
( والأطلسيُّ يُعيدُ الوصفَ للهادي)
مصاحفٌ ورماحٌ للمدى نشرتْ=إيمانها النورَ في أسدافِ إلحاد
وشرَّعتْ علماً واستنهضتْ أُمماً=وأشهرتْ قلماً في وجهِ جلاّدِ
وللقصائد كوفيٌّ يتيهُ بها=وكم تتيهُ إذا قالوا: من الشادي؟
وشهرزادُ صلاةُ الليل حكمتُها=لخدِّها طالما حنَّتْ مخدَّتُها
(وشهريارُ لإبراقٍ وإرعادِ)
وأنتِ كاهنةَ الإلهامِ شاهدةٌ=على بدائع أمثالٍ وأضْدادِ
كنوزُ كفَّيكِ أمجادٌ مخلَّدةٌ=زكاتُها رَدْفُ أمجادٍ بأمجادِ
أعلى الرشيدُ صروحَ العلمِ وانكفأَتْ=على المبعثَرِ من علمٍ وإِرشادِ
وملءَ نهريكِ حبرُ الروحِ سالَ دماً=وسالَ حبراً دمي في بحر أحفادِ
وكنتِ ما كُنتِ من حُرٍّ لطاغيةٍ=عبرَ العصورِ وعُبداناً لأسيادِ
تداولتْك صروفُ الدهر عاصفةً=ورنَّحتْكِ كفوفُ الشرِّ خاطفةً
(وطوَّحتُكِ من الجزّارِ للفادي)
ومن أَساورِ عزٍّ غرَّدتْ ذَهَباً=إلى شُفوفِ حريرٍ زغردتْ طَرَباً
(إلى مذلَّةِ أغلالٍ وأصفادِ)
وللمغولِ زحوفٌ لا لجامَ لها=وللتتارِ سيوفٌ دونَ أغمادِ
وللعلوجِ من الأجلافِ زعنفةٌ=تبدَّلُ الحالَ إفساداً بإفسادِ
وأنت عاريةٌ في السِّجنِ داميةٌ=وأنتِ كابيةٌ في القيد باكيةٌ
(والقهقهاتُ لأوباشٍ وأوغاد)ِ
ما أَنجدتْ يَمَناً قيسٌ ولا ذرفتْ=ثمودُ دمعةَ محزونٍ على عادِ
والأَهلُ أَهلك لم تنبِسْ لهم شفةٌ=بغيرِ صمتٍ لدى أجراس حُسّادِ
لِمَ ازدهرِت وبيدُ الشرقِ قاحلةٌ=وكيفَ صار حريراً ثوبُ لُبّادِ؟
وما نهوضُكِ والأجفانُ مغمِضَةٌ=على الرمال، وماذا صوتُكِ الحادي؟
وما طموحُكِ والآمالُ خائبةٌ=وما صعودُكِ والأعرابُ في الوادي؟
يا حرَّةً لوَّثَ الطاغوتُ زَهْوَتَها=ومُهرةً دنَّسَ الكابوي صَهْوَتَها
(ما العيشُ في موتِ فُرسانٍ ورُدّادِ؟)
لكِ الأجانبُ أسياداً متى رغبوا=وكمْ يجانِبُ من أهلٍ وأَولادِ
تفرَّقوا شِيَعاً وافرنقَعوا زُمَراً=وأسْرَفوا عبثاً في شِحِّ إرفادِ
ولا تُجَمِّعُهُم في الويل جامعة=نادي عليهم إذن يا أُختَهُم نادي!
وصاحبُ الجاه في مستنقَعٍ نَتِنٍ=يتيهُ بالجاهِ فيما يسخَرُ النادي
عليهِ من حُلَلِ الأشباهِ ضافيةٌ=ودأبُهُ الرقصُ مشدوداً بأوتادِ
وحين يخطبُ فالأقوالُ في وادِ=وحين يفعلُ فالأفعالُ في وادِ
حصانُ طُروادةٍ صالونُ منزلِهِ=وكعبُ آخيلَ في جيشٍ وقُّوّادِ
وصاحبُ الجاه رَخْوٌ حين تَصفَعُهُ=كفُّ الغريبِ وفينا كابنِ شدَّادِ!
وأيُّ جاهٍ نجا من جاه عِصْمَتِهِ=وحولَهُ حَشْدُ أزلامٍ وأكْدادِ
جزَّ الرقابَ فلم يُشبعْ هوايتَهُ=جزُّ النواصي وتعليقٌ بأعوادِ
واستصغَرَ الخلقَ معتدّاً بسطوتِهِ:=لم يخلقِ اللهُ أمثالي وأندادي!
***
بغدادُ بغدادُ حُبِّي قاتلي فمتى=يُتيحُ حُبُّكِ تَكْفيني وإلحادي؟
في الكاظميَّةِ لي شمسٌ أُغازلُها=وفي الرَّصافةِ شُبّاكٌ لإنشادي
وشاغِلي رَصْدُ أَنقاضي مُبعثَرَةً=في راحلينَ عن الدنيا وأَوفادِ
غرستُ في تربة الأحزانِ لي أملاً=وما سوى الحزن إصداري وإيرادي
يُقتَّرُ الدَّهرُ في حظِّي وفي هِبَتي=وحظُهُ من هِباتي جودُ أَجوادِ
وللفراتِ أَبٌ قبلي قَضى وَجَعاً=في مَنْفَيينِ بلا صَخْبٍ وَعُوّادِ
بريدُ غُربتِهِ في غُربتيهِ بكى=رسائلَ البينِ من بُعدٍ لأبعادِ
بَدَّلتِهِ جسداً صَلصالَ طاغيةٍ=ومن يُبدِّلُ أرواحاً بأجسادِ؟
وأنت من سَلَف أودى به خَلَفٌ=وكم شقيتِ وكم حاولتِ إسعادي
وأنتِ لي أنتِ لي آتيكِ مُبتهلاً=دربي تُرابٌ فلم أَطمعْ بسجّادِ
وأنتِ زادي على بُخل الحياةِ وفي=عَسْفِ المجاعةِ يا بوركتِ من زاد
وخُبزُ روحِيَ في كفَّيكِ مُختمِرٌ=وماءُ عينيَّ من بستانِك النادي
وأنتِ ملهمتي من قبل مُلهمتي=لتَمْرِ عينيك تَرْتيلي وتَرْدادي
ومن شناشيلكِ اصطادَ الشَّجا كَلِماً=صاحتْ لآلئُهُ: بوركتَ صَيَّادي!
وصِحتُ من وجعٍ في القُدسِ يُشعِلُهُ=أنّي استغثتُ فغضَّ السَّمع نُجَّادي
وجُرحُك الحيُّ من جُرحي ومُعتَصمي=لا يستجيبُ وغضَّ الطَّرفَ أشهادي
وكم عَدَدْتُ ملاييناً لها نَسَبي=فلَم تُقِلْني حساباتي وأعدادي
وَكَمْ أَرِقْتُ على نومٍ يُحاصرني=خلفَ الحصارِ وكَمْ أَرَّقتُ جَلاّدي
ويعلمُ اللهُ لم أُغمضْ على مَضَضٍ=عينَ الكفاحِ ولا أَخلفتُ ميعادي
قَصَدْتُ وجهكِ مسكوناً بمحنتِهِ=وخابَ قصدي وما خيَّبتُ قُصّادي
منّي التقرُّبُ للمحبوبِ محتسباً=شرورَ صدّي وإفرادي وإبعادي
ويذبُلُ الحبُّ مأسوراً ونُضرتُهُ=طَلْقاً تدومُ إلى آبادِ آبادِ
وأينَ قلبُكِ من كفٍّ تُهدهدُهُ=ودونَهُ مِبضعٌ في كفِّ فَصّادِ
تقودُهُ طغمةٌ للباطشين بِهِ=وكان قلبكِ حرّاً غير مُنقادِ
شبعتِ أَسراً وإذلالاً وتضحيةً=ولافتدائكِ قلبي غارثٌ صادِ
ومن نعيم الهدى علماً وعافيةً=إلى جحيم الرَّدى في قبضةِ العادي
بغدادُ بغدادُ ناري ألفُ لاهبةٍ=وبين جنبيَّ قلبٌ أَلفُ وَجَّادِ
أَأَستعيدُ بما أسلفتِ خارطتي=وهل أُجدِّدُ باسم اللهِ ميلادي؟
وأنتِ ما أنتِ عَبَّاسِيَّةٌ سُبِيَتْ=بغدادُ أنتِ ولكن أين بغدادي؟!
( وأنتِ بغدادُ..لكن أينَ بغدادي؟ )
قصيدة للشاعر الفلسطيني :سميح القاسم
بايَعتُ عيدَكِ، واستثنيتُ أعيادي=مُستشرِفاً غدَ أبنائي وأحفادي
وكانَ نذري دمي قُربانةً سَنَحَتْ=على مذابحِ آبائي وأجدادي
وقُلتُ لاسمك (كُن رؤيا) فصارَ رؤىً=لطارفِ المجدِ موصولاً بأتلادِ
وأنتِ ما أنتِ عبّاسيّةٌ ملكتْ =شمسَ الشموسِ بتاجِ اللهِ والضّادِ
ووزّعتْ نورَها في كلِّ غاشيةٍ=من الظَّلامِ بمشكاةِ الدمِ الهادي
وشعَّ قرطاسُها روحاً ومعرفةً=على العوالمِ من خافٍ الى بادِ
هُنا المنابرُ من عُربٍ ومن عَجَمٍ=هُنا المنائرُ هَدْيُ الرائحِ الغادي
أصابعُ الناس أقلامٌ وأَحرُفُهم=بَوْحُ اللغاتِ بحُلم الصابيءِ الصّادي
من المشارقِ أسفارٌ مذهَّبةٌ=إلى المغاربِ مرصاداً لمرصادِ
ودجلةٌ عَسَلٌ تغري لذائذُهُ=سمنَ الفراتِ بنحلٍ بين أَورادِ
وللنخيل عيونُ التَّمرِ شاخصةً=لسومرٍ بابلٍ آشورَ أَكّادِ
ليعرب جامحٍ شدَّت نوازعَهُ=بوّابةُ الشرقِ أمداءً لآمادِ
فللخيولِ صهيلٌ عبر أورمية=وللسيوفِ صليلٌ خلفَ أَروادِ
( والأطلسيُّ يُعيدُ الوصفَ للهادي)
مصاحفٌ ورماحٌ للمدى نشرتْ=إيمانها النورَ في أسدافِ إلحاد
وشرَّعتْ علماً واستنهضتْ أُمماً=وأشهرتْ قلماً في وجهِ جلاّدِ
وللقصائد كوفيٌّ يتيهُ بها=وكم تتيهُ إذا قالوا: من الشادي؟
وشهرزادُ صلاةُ الليل حكمتُها=لخدِّها طالما حنَّتْ مخدَّتُها
(وشهريارُ لإبراقٍ وإرعادِ)
وأنتِ كاهنةَ الإلهامِ شاهدةٌ=على بدائع أمثالٍ وأضْدادِ
كنوزُ كفَّيكِ أمجادٌ مخلَّدةٌ=زكاتُها رَدْفُ أمجادٍ بأمجادِ
أعلى الرشيدُ صروحَ العلمِ وانكفأَتْ=على المبعثَرِ من علمٍ وإِرشادِ
وملءَ نهريكِ حبرُ الروحِ سالَ دماً=وسالَ حبراً دمي في بحر أحفادِ
وكنتِ ما كُنتِ من حُرٍّ لطاغيةٍ=عبرَ العصورِ وعُبداناً لأسيادِ
تداولتْك صروفُ الدهر عاصفةً=ورنَّحتْكِ كفوفُ الشرِّ خاطفةً
(وطوَّحتُكِ من الجزّارِ للفادي)
ومن أَساورِ عزٍّ غرَّدتْ ذَهَباً=إلى شُفوفِ حريرٍ زغردتْ طَرَباً
(إلى مذلَّةِ أغلالٍ وأصفادِ)
وللمغولِ زحوفٌ لا لجامَ لها=وللتتارِ سيوفٌ دونَ أغمادِ
وللعلوجِ من الأجلافِ زعنفةٌ=تبدَّلُ الحالَ إفساداً بإفسادِ
وأنت عاريةٌ في السِّجنِ داميةٌ=وأنتِ كابيةٌ في القيد باكيةٌ
(والقهقهاتُ لأوباشٍ وأوغاد)ِ
ما أَنجدتْ يَمَناً قيسٌ ولا ذرفتْ=ثمودُ دمعةَ محزونٍ على عادِ
والأَهلُ أَهلك لم تنبِسْ لهم شفةٌ=بغيرِ صمتٍ لدى أجراس حُسّادِ
لِمَ ازدهرِت وبيدُ الشرقِ قاحلةٌ=وكيفَ صار حريراً ثوبُ لُبّادِ؟
وما نهوضُكِ والأجفانُ مغمِضَةٌ=على الرمال، وماذا صوتُكِ الحادي؟
وما طموحُكِ والآمالُ خائبةٌ=وما صعودُكِ والأعرابُ في الوادي؟
يا حرَّةً لوَّثَ الطاغوتُ زَهْوَتَها=ومُهرةً دنَّسَ الكابوي صَهْوَتَها
(ما العيشُ في موتِ فُرسانٍ ورُدّادِ؟)
لكِ الأجانبُ أسياداً متى رغبوا=وكمْ يجانِبُ من أهلٍ وأَولادِ
تفرَّقوا شِيَعاً وافرنقَعوا زُمَراً=وأسْرَفوا عبثاً في شِحِّ إرفادِ
ولا تُجَمِّعُهُم في الويل جامعة=نادي عليهم إذن يا أُختَهُم نادي!
وصاحبُ الجاه في مستنقَعٍ نَتِنٍ=يتيهُ بالجاهِ فيما يسخَرُ النادي
عليهِ من حُلَلِ الأشباهِ ضافيةٌ=ودأبُهُ الرقصُ مشدوداً بأوتادِ
وحين يخطبُ فالأقوالُ في وادِ=وحين يفعلُ فالأفعالُ في وادِ
حصانُ طُروادةٍ صالونُ منزلِهِ=وكعبُ آخيلَ في جيشٍ وقُّوّادِ
وصاحبُ الجاه رَخْوٌ حين تَصفَعُهُ=كفُّ الغريبِ وفينا كابنِ شدَّادِ!
وأيُّ جاهٍ نجا من جاه عِصْمَتِهِ=وحولَهُ حَشْدُ أزلامٍ وأكْدادِ
جزَّ الرقابَ فلم يُشبعْ هوايتَهُ=جزُّ النواصي وتعليقٌ بأعوادِ
واستصغَرَ الخلقَ معتدّاً بسطوتِهِ:=لم يخلقِ اللهُ أمثالي وأندادي!
***
بغدادُ بغدادُ حُبِّي قاتلي فمتى=يُتيحُ حُبُّكِ تَكْفيني وإلحادي؟
في الكاظميَّةِ لي شمسٌ أُغازلُها=وفي الرَّصافةِ شُبّاكٌ لإنشادي
وشاغِلي رَصْدُ أَنقاضي مُبعثَرَةً=في راحلينَ عن الدنيا وأَوفادِ
غرستُ في تربة الأحزانِ لي أملاً=وما سوى الحزن إصداري وإيرادي
يُقتَّرُ الدَّهرُ في حظِّي وفي هِبَتي=وحظُهُ من هِباتي جودُ أَجوادِ
وللفراتِ أَبٌ قبلي قَضى وَجَعاً=في مَنْفَيينِ بلا صَخْبٍ وَعُوّادِ
بريدُ غُربتِهِ في غُربتيهِ بكى=رسائلَ البينِ من بُعدٍ لأبعادِ
بَدَّلتِهِ جسداً صَلصالَ طاغيةٍ=ومن يُبدِّلُ أرواحاً بأجسادِ؟
وأنت من سَلَف أودى به خَلَفٌ=وكم شقيتِ وكم حاولتِ إسعادي
وأنتِ لي أنتِ لي آتيكِ مُبتهلاً=دربي تُرابٌ فلم أَطمعْ بسجّادِ
وأنتِ زادي على بُخل الحياةِ وفي=عَسْفِ المجاعةِ يا بوركتِ من زاد
وخُبزُ روحِيَ في كفَّيكِ مُختمِرٌ=وماءُ عينيَّ من بستانِك النادي
وأنتِ ملهمتي من قبل مُلهمتي=لتَمْرِ عينيك تَرْتيلي وتَرْدادي
ومن شناشيلكِ اصطادَ الشَّجا كَلِماً=صاحتْ لآلئُهُ: بوركتَ صَيَّادي!
وصِحتُ من وجعٍ في القُدسِ يُشعِلُهُ=أنّي استغثتُ فغضَّ السَّمع نُجَّادي
وجُرحُك الحيُّ من جُرحي ومُعتَصمي=لا يستجيبُ وغضَّ الطَّرفَ أشهادي
وكم عَدَدْتُ ملاييناً لها نَسَبي=فلَم تُقِلْني حساباتي وأعدادي
وَكَمْ أَرِقْتُ على نومٍ يُحاصرني=خلفَ الحصارِ وكَمْ أَرَّقتُ جَلاّدي
ويعلمُ اللهُ لم أُغمضْ على مَضَضٍ=عينَ الكفاحِ ولا أَخلفتُ ميعادي
قَصَدْتُ وجهكِ مسكوناً بمحنتِهِ=وخابَ قصدي وما خيَّبتُ قُصّادي
منّي التقرُّبُ للمحبوبِ محتسباً=شرورَ صدّي وإفرادي وإبعادي
ويذبُلُ الحبُّ مأسوراً ونُضرتُهُ=طَلْقاً تدومُ إلى آبادِ آبادِ
وأينَ قلبُكِ من كفٍّ تُهدهدُهُ=ودونَهُ مِبضعٌ في كفِّ فَصّادِ
تقودُهُ طغمةٌ للباطشين بِهِ=وكان قلبكِ حرّاً غير مُنقادِ
شبعتِ أَسراً وإذلالاً وتضحيةً=ولافتدائكِ قلبي غارثٌ صادِ
ومن نعيم الهدى علماً وعافيةً=إلى جحيم الرَّدى في قبضةِ العادي
بغدادُ بغدادُ ناري ألفُ لاهبةٍ=وبين جنبيَّ قلبٌ أَلفُ وَجَّادِ
أَأَستعيدُ بما أسلفتِ خارطتي=وهل أُجدِّدُ باسم اللهِ ميلادي؟
وأنتِ ما أنتِ عَبَّاسِيَّةٌ سُبِيَتْ=بغدادُ أنتِ ولكن أين بغدادي؟!
( وأنتِ بغدادُ..لكن أينَ بغدادي؟ )