المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات سائق عربة أجرة ( 1 )



عبدالغني خلف الله
20-02-2012, 10:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يوميات سائق عربة أجرة (1 )
عبدالغني خلف الله
أصبحنا وأصبح الملك لله ..شربت الشاي والقهوة وتوجهت في طريقي نحو السوق العربي باكراً علي غير العادة حتي أعوض خسارة فقداني للجوال الذي سرقه مني زبون علي طريقة السينما ..جاء حاملاً حقيبة ثقيلة وطلب مني أن أنقله مشوار ..وبعد الإتفاق علي الأجرة ..فتحت الباب الخلفي لأدخل حقيبته تلك وعندما عدت له وجدته قد اختفي ومعه الجوال خاصتنا والذي كنت أضعه علي ( الطبلون ) ..وما أحزنني أنه ضحك عليّ وحرمني من وسيلة التواصل مع زبائني ..وكلفني مشوار لتسليم الحقيبة للشرطة وعندما فتحوها وجدناها وهي تنوء بالحجارة ..الشاويش قال لي ربنا يعوضك .. بعد أن علم بالقصة ..عدت أدراجي للموقف وما أن توقفت حتي تقدم نحوي اثنان من الشباب ..مرحبا .. ممكن تودينا مشوار جنوب الخرطوم ..ممكن طبعاً ..بكم المشوار ؟ ..مائة ألف جنيه ..كم ؟!! ..مائة ألف جنيه ..؟!!!..يا شباب بين سيد البضاعه والمشتري ..يفتح الله ويستر الله .. ما قلنا شيء لكن هذا المبلغ كثير جداً علي هكذا مشوار ..والله يا شباب أنا كلمتي واحده ..(سيبك منو ده واحد جبان )هكذا وصفني أحدهم لرفيقه ..ومن ثمّ انصرفا ..تقدم نحوي بعد حوالي نصف ساعة انتظار شخص وزوجته فيما يبدو ..يا أسطي ممكن تأخذنا مشوار جنوب الخرطوم ..ممكن طبعاً.. بكم المشوار ؟ ..مائة ألف جنيه ..أنت تمزح ولا ريب ؟ ..بالطبع لا أمزح ..التفت نحو زوجته وهمس في وجهها ..(سيبك منو ..ده واحد جبان )..فكرت في تناول شيء من الكافتيريا القريبة من الموقف في هذا البرد القارص ..فتقدم نحوي رجل في العقد السادس من العمر ..يحمل كمية كبيرة من الكتب ..يا إبني ..يا إبني ..مشوار إلي معرض الكتاب بالخرطوم شرق..؟ ..ممكن طبعاً فقط أمنحني خمس دقائق أتناول خلالها شيئاً من الطعام ..والمشوار بكم ؟ ..سنتفق عليه لا حقاً ..لا تحمل هماً ..وأنا أيضاً أشعر بالجوع ..إذن هيا بنا ..فيم الانتظار . ..لكن هل ندع الكتب هكذا خارج العربة ..يا أستاذ لا تخف عليها ..هل سمعت بلص يسرق كتاباً أو يسطو علي مكتبه ؟ ..تعال ..تعال ..أؤكد لك أنها لو مكثت بمكانها عاماً كاملاً لن يلمسها أحد ..وفي الكافتيريا دردشنا أثناء تناول الساندوتشات ..سألته عن سبب ذهابه لمعرض الكتاب ..والله يا إبني قمت بطباعة الكتاب هذا قبل خمسة أعوام لم أوزع منه غير خمسة نسخ فقط ..وما موضوع كتابك يا عماه ؟ ..الكتاب حول ( هموم العصر الحديث ) ..ويتحدث عن الصراع بين الإنسان والحضارة في إطار المنظومة الجديدة للقيم المجتمعية السائدة بعد ظهور العولمة والحداثة ..طبعاً لم أفهم أي شيء .. قلت له والله هذا كلام جميل ..ربنا يوفقك ..وعندما عدنا للعربة وجدنا ربطة الكتب سليمة لم يلمسها أحد ..قلت له ..(جالك كلامي) ..الكتب كما هي .. .. لو كانت ربطة أحذية لما عثرنا لها علي أثر ..غضب من كلامي هذا وقال لي في انفعال ظاهر ..كيف تتجرأ وتقارن الكتب بالأحذية ..هذه أهانه للمعرفة ..طيبت خاطره وحملته حتي المعرض ..منحني خمسة ألف جنيه وهو يعتذر ..شكرته ..وعدت أدراجي نحو السوق مرة أخري ..خمسة ألف جنيه ؟! ياما أنت كريم يا رب .وحتي جديد اللقاء مع يوميات جديدة أترككم في رعاية الله وحفظه .

احمد خلف
21-02-2012, 07:18 AM
يومية ماتعة ...لاتخلو من العبرة
لمن أراد أن يعتبر أو يتذكر
تنقل للمنبر المناسب

عبدالغني خلف الله
29-02-2012, 07:56 AM
عزيزي أحمد ..سعدت بوجودك هنا ويسرني إهداؤك الحلقةالتالية :
يوميات سائق عربة أجرة ( 2 )
عبدالغني خلف الله
أصبحنا وأصبح الملك لله ..نهار الأمس اكتشفت أن عربتي خالية تماماً من المساحيق و(الاكسسوارات ) وكأنها في حالة حداد ..فكرت في الذهاب للمحلات المتخصصة بتجميل العربات ..يعني ..قماش جديد للمقاعد ..وضع هوائي بالجانب الأيمن ..كتابة شيء من الأقوال المأثورة أو وضع معطر حول المرآة الأمامية أو أي شيء من هذا القبيل ..لأن بعض الزبائن يعشقون العربات الأنيقة ونسبة لأن الناس ومع الضائقة المعيشية تفضل المركبات العامة وهي تندس في ثنايا الأجساد المحشوة بداخلها تتنفس الغبار ودخان التبغ ورائحة العرق ..وهجرت عربات التاكسي ..أحد الزملاء نصحني بالذهاب إلي فنان وخطاط وصاحب محل متخصص في مثل هذه الكماليات التي لا أجدني مقتنعاً بها لكن أحياناً تضطرك قوانين العرض والطلب لفعل ذلك .. وصف لي دكان وقال لي أسأل من واحد إسمو ( شخبته ) .. خطاط وفنان وعندو كل مستلزمات (الكشكشه) ..إنتهيت من تناول وجبة الإفطار التي أحرص علي تناولها في الوقت المحدد ..تجد ناس يفطروا الساعه الواحدة ظهراً ..حيستفيدو شنو ؟ والأكل علمياً يتم هضمه في أربعة ساعات ويتحول إلي طاقة بعد ساعة كاملة من عملية الهضم ..الكلام ده سمعتوا مرة من طبيب أخذته في مشوار حتي عيادته الخاصة ....وصلت صاحبنا ( شخبته ) قال لي أي خدمه ؟ ..قلت ليهو والله يا أستاذ وصفك لي صديق عزيز وقال العربيه تطلع منك صوره وصوت كأنها في مهرجان ..نزل من كرسي طويل كان يجلس عليه ..قال لي أول حاجه خليني ألقي نظره علي العربيه .. اللون الأخضر التركوازي هذا يحتاج لأكسسوارات بنفسجيه وبيجيه .. عرض عليّ لي كذا حاجه وطلب مني أن أختار منها ما يعجبني .. قلت ليهو إنت اتصرف وأنا استلم العربيه علي ذوقك ..اشرب لي شاي وأجيك راجع .. قال لي يعني اتحرك في حدود كم كدا ؟ ..قلت ليهو لغاية مية ألف جنيه ..قال لي المبلغ ده ما بظبط ليك العربيه لكن ما في مشكله ما زاد يبقي لينا عندك ..رجعت بعد شرب الشاي وبالكاد تعرفت علي عربتي من كثرة الأشياء التي ألصقها بها .. .. قال لي في شيئين ضروري أخذ رايك فيهم ..صور الفنانات ..والكلام المفروض يتكتب .. يلا ورينا .. دي صورة نانسي عجرم ..وعكرم دي تطلع شنو ؟ ..نانسي عجرم يا خال ..في زول ما بعرف نانسي عجرم ..قلت ليهو والله مش بطاله .. كدي نشوف حاجه تاني ..قال لي دي صورة هيفاء ودي شيرين ودي السا .. زولك لخمني لخمه ..قلت ليهو .. أنا زول كبرت علي الحاجات دي شوف لي صورة الكعبه .. او منظر طبيعي .. حاجه من النوع ده ..شنو البوديني لعكرم ولسه ..إسمها إلسا يا خال ..قلت ليهو ولو ..طيب نكتب ليك شنو ..زي شنو يعني ؟ ..دي عباره بتقول ( التش تش حلاوه لبن ) ..وتاني .. دي بتقول ( شذي وبس ) ..وشذي دي تطلع منو ؟ .. شذي إسم بنت .. وتاني دي عباره بتقول ( علي كف القدر نمشي ولا ندري ما المكتوب ) ..المهم عرض عليّ عدة صور وجمل مطبوعة بطريقة أنيقه .. عربي وافرنجي .. قلت ليهو يا استاذ خلصنا واكتب لي ( تحذير ..وقوف متكرر ) ..اصلي معجب بهذه الجمله .. قال لي لكن دي للحافلات وبس .. طيب ..صلي علي النبي يا معلم ..ألف صلاه علي الحبيب .. اكتب لي ( هذا من فضل ربي ) ..انتهيت من (الكشكشه ) وطلعت من المحل وأنا ما مصدق الشكل الجديد لعربتي .. ومع أول منعطف أوقفوني ثلاثة أشخاص هيبه كدا ..قالو لي نريدك في مشوار ..قلت لنفسي (خلي بالك الكشكشه أثبتت جدواها )..ما عندكم مشكله يا شباب اتفضلو ..واحد ركب بالمقعد الأمامي والإثنان بالمقاعد الخلفية ..علي وين كان الله هون ؟ ..علي واد مدني ..نعم ؟! ..واد مدني وادمدني ؟ نعم وادمدني عاصمة ولاية الجزيرة ..عندنا شركه لاستيراد العربات وعاوزين نعمل ( بروباقندا ) ..وحنعطيك ثلثمائة ألف جنيه ..أها قلت شنو ؟ ..قلت موافق طبعا ..أخذوني بطريق جانبي وبعد مضي نصف ساعة تقريباً وضع أحد الراكبين بالمقاعد الخلفية مسدسه في رقبتي وأمرني بالتوجه نحو شاطي النهر أنزلوني وأوثقوني بالحبال ورموني في حفرة عميقة بعد أن أخذوا الجوال وانطلقوا بعربتي وهم لا يلوون علي شي .. وقبيل الغروب حضر شاب ليستحم في النهر ..سمع أنيني بعد أن بح صوتي من كثرة الصراخ طلباً للنجدة ..توجهت مباشرة نحو مركز الشرطة لأجد عربتي قابعة في باحة المركز ..الشرطة أخبرتني بأن من أخذوا عربتي عصابة شرعت في نهب أحد المتاجر بالسوق لكن الناس تجمهروا حولهم ومنعوهم من الهرب لحين حضور الشرطة ..استلمت عربتي والجوال وطيران علي منزلي .. حمدت الله كثيراً علي نجاتي من هذا المأزق الخطير ..وحتي جديد اللقاء مع يوميات جديدة أترككم في رعاية الله وحفظه .

آمال المصري
29-02-2012, 04:19 PM
سرد رائع ليوميات من محطات الحياة
ماتع الأسلوب الذي يتخلله الحكمة والموعظة
أديبنا الفاضل ..
متابعة لكم هنا
تحاياي

عايد راشد احمد
01-03-2012, 01:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذنا الفاضل

يوميات تشرح وضع مجتمع بطريقة فيها شئ من الطرفة

منتظرين لباقي المحطات

تقبل مروري وتحيتي

عبدالغني خلف الله
01-03-2012, 07:59 AM
أحبتي آمال وعايد .. شكراً لانضمامكم لمشاويري وإليكم الحلقة التالية :
يوميات سائق عربة أجرة ( 3 )
عبدالغني خلف الله
أصبحنا وأصبح الملك لله ..حان موعد سداد قسط الجامعه لأحد أبنائي لذلك لا بد من العمل ليل نهار لمقابلة التزامات العائلة التي تتساقط عليّ كالأمطار ..في الأيام العادية عندما أكسب مبلغ مائة ألف جنيه أكون في غاية السعادة أكثر من ذلك المبلغ يجعلني أقرب للجنون ...طلعت الشارع أشروا لي ثلاثة شبان ..صباح الخير يا معلم ..أهلاً وسهلاً ..ممكن تودينا مشوار ..طبعاً يا شباب أتفضلوا ..إلي أين كان الله أراد الخير ..؟ والله لا نعلم بالتحديد .. أتصل بنا شقيقنا وأخبرنا بوفاة جدنا وأنهم تحركوا بالجثمان لدفنه ..لكن فات علينا سؤاله عن المقابر التي سيدفن بها المرحوم ..قلت لهم ظاهرة المعلومة الناقصة هذه وصلتكم أيضا ؟! أنتم شباب صغار السن فماذا يشغل بالكم لهذه الدرجة ؟ .. رد عليّ أحدهم بأسيً شديد ..قل لنا أنت ما هو الشيء الذي لا يشغل بالنا ؟ .... ..لكن الموضوع بسيط نبدأ بمقابر حمد النيل ومن ثمّ مقابر شرفي ومن مقابر لمقابر حتي نجدهم .. ..لكن هذه الجولة تتطلب الاتفاق علي المشوار يا شباب ..ودعوني أقول بأنني سأكون تحت تصرفكم حتي الساعة الثانية عشرة ظهراً ..إتفقنا..؟ إتفقنا ..وسنعطيك مائة ألف جنيه ..موافق ؟ ..نعمه من كريم ..بسم الله وحسبنا الله ونعم الوكيل ..تحركنا ومن مقابر لمقابر إلي أن عثرنا علي المشيعين وهم علي وشك الانتهاء من مراسم الدفن ..استلمت المبلغ من أكبرهم سناً فما كان من أصغرهم إلا وقد انخرط في البكاء بصوت عال كما كان يحدث في الماضي ..أيام الرقة والحنان والحب الحقيقي للجد والجدة ..الآن لو قيل لأحد الشباب جدك توفي لرحمة مولاه يقول لك ..والله ؟!! الله يرحمه ..لا بكاء ولا مجرد دمعة حزن واحدة .. ولغاية هنا المشوار انتهي .. قبضت المائة ألف ..وقلت اللهم لقد أنعمت فزد ..اتجهت ناحية السوق وكانت الحركة مزدحمة نوعاً ما ..سائق عربة ملاكي أصابني بالتوتر ..أزعجني باستعمال آلة التنبيه وبتشغيل الأنوار الأمامية وكأنه علي عجلة من أمره ..أفسحت له المجال ليمر ..وعند نهاية الشارع وجدت نفس الشخص وقد اشتبك مع سائق آخر في مشادة عنيفة وملاسنات وتدافع بالأيدي ..أوقفت عربتي لأستوضح الأمر ..الشخص الآخر وقور ومهذب بعكس الشاب المتعجل ..قال لي هذا الأخ صدم عربتي من الخلف ويصر علي أنني أنا المخطئ ..قلت للشاب المتعجل .. كل من يصدم عربه من الخلف هو المخطئ ..المفروض أن يكون نظرك علي الفوانيس الخلفية وتنتبه بمجرد أن تضئ .. لا أن تنظر يمنة ويساراً.. هذه جميلة وتلك قبيحة ..الشاب لم يتحمل كلامي ..شتمني بأقذع الألفاظ وتوجه نحو عربته وأخرج منها قضيباً من الحديد ضربني به علي رأسي فانبثقت الدماء بغزاره ..سقطت مغشياً عليّ ولم استيقظ إلا وأنا في غرفة بمستوصف خاص وكان يجلس إلي جانبي الشاب المهذب ..قال لي أنا آسف جداً يا خال ..الحمد لله الجرح سطحي وحالتك مستقره ..أنت شخص شهم ونبيل ..وأنا مصاب بمرض السكري ..تصور لوكان الجرح هذا براسي لربما أكون في حالة حرجة للغاية ..المهم سلمني أوراق توضح بأنه تكفل بسداد متطلبات المستوصف الخاص ورسوم إجراء العملية ..وبعد لحظات دخل عليّ رجل وامرأة عرفت منهما بأنهما والدة ووالد الشاب المتهور .. اعتذرا لي بشدة وقلت لهما أنا متنازل عن أية إجراءات لدي الشرطة وما حدث كان لابد أن يحدث ..شكراني علي هذا الموقف ووضعا مظروفاً تحت وسادتي وهما يغادران الغرفة ..وجدت داخل المظروف ثلاثة ملايين جنيه تكفي أقساط الجامعة حتي نهاية العام ..يا ما أنت كريم يا رب ..ياما أنت كريم يا رب ...

محمد ذيب سليمان
01-03-2012, 09:02 AM
الحمد لله .. لقد جاءت هذه الحادثة بخير عليه
سوف احضر لأعمل سائقا كي احظى بهذا المال
ههههههههههه

نعم والله يا اخي لقد عملت سائق تكسي لفترة محدودة جدا
ورأيت العجب من الركاب فهم ليسوا سواء لا في سلوكياتهم ولا فيس ردوةد افعالهم
صدقني انها مدرسة الحياة في هذه المهنة اللعينة
تحياتي

عبدالغني خلف الله
02-03-2012, 10:43 AM
أخي محمد ..جمعه مباركة ونرحب بك في السودان ضيفاً عزيزاً وحفظك الله من هكذا مواقف ..تقبل مودتي وتقديري .

ربيع بن المدني السملالي
02-03-2012, 12:00 PM
رائعة وشيّقة هذه اليوميات ، سأتابعك أديبنا الكريم وفقك الله
دمت بخير وعافية
تحياتي

ربيحة الرفاعي
03-03-2012, 04:05 AM
ومعا ثانية أديبنا الرائع
في رواية جديدة قالبها يبدو مختلفا قليلا
لكن روعتها كروعة سابقاتها

معك في يوميات نستعجل هطولها

تحيتي

عبدالغني خلف الله
03-03-2012, 08:11 AM
أحبتي ربيع وربيحة ..يسعدني أن تكونا شهوداً علي المشوار التالي :
يوميات سائق عربة أجره (4)
أصبحنا وأصبح الملك لله ..منذ نصف ساعة وأنا أغدو وأروح جيئة وذهاباً بدون أن أحصل علي أي راكب من أي نوع ..فقلت لنفسي لماذا لا تقتحم يا شاب مملكة (الركشات ) حيث الطرق الترابية الجانبية مع احتمال العثور علي راكب ..وفعلاً لم يخب ظني فقد قدم نحوي شخص مهرولاً وهو يصيح في انزعاج واضح ..يا أوسطي .. يا أوسطي ..من فضلك عندنا حالة طارئة ..خير إن شاء الله ..المدام جاءها نزيف حاد ولازم ننقلها للحوادث فوراً ..ترددت برهة في القبول وتخيلت منظر الدماء علي المقاعد الخلفية والرجل يردد ..أرجوك يا أوسطي ما في زمن قدامنا ..هنا زجرت نفسي الأمارة بالسوء وتخيلت أن زوجتي في نفس الموقف ..هل أرضي أن يكترث أحدهم لمنظر الدماء داخل العربة بينما زوجتي تموت ..لا ..لا .. يلاك بسرعه .. طبعاً حأنقلكم للحوادث ..فقط صف لي الطريق المؤدي إلي هناك..شمال يمين ..شمال يمين ..أهو وصلنا ..نزل الرجل بسرعة لإحضار تلك المسكينة وسرحت ببصري بعيداً أتصور شكل الحياة لو أن كل شخص يضع نفسه في موقف من يلجأ إليه ..أكيد سوف تُحل جميع مشاكلنا ..الحكومة مثلاً لو كل وزير أو والي يضع نفسه في مكان عامل بسيط لديه تسعة أطفال ..أكيد سيكون كريماً معه فلا يحيله للتقاعد أو يطرده من المنزل الحكومي ..إذن مبدأ تبادل الأدوار والمواقع حتي في الخيال .. سيكون مفيداً لنا جميعاً ..عاد الرجل والزوجة تئن وتتأوه وهي تستند علي كتف والدتها فيما يبدو وشقيقة لها ..براحتك ..واحده واحده ..أيواا ..كده تمام ومن ثمً انطلقنا لا نلوي علي شيء .. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان إذ عندما كنا بصدد عبور الكوبري وجدنا صفوفاً رهيبة من العربات بسبب تعطل شاحنة عملاقة في منتصف الكوبري ..استعملت آلة التنبيه و( الكونتاك ) دونما أي جدوى .. فقد الرجل صبره فنزل من العربة وهو يطلب من أصحاب العربات فتح ثغرة تمكننا من المرور وهو يركض ويردد ..يا جماعه عندنا حاله مريض مستعجلة جداً..زوجتي تعاني من نزيف حاد ..لم يقصر الأخوان باستثناء بعض المركبات التي كانت تقطع علينا الطريق الذي يوسعه الآخرون كما في طرقات الحياة ..أخيراً مر بقربنا عسكري مرور يمتطي دراجة نارية ..فلم يتردد في تشغيل (السايرين )..وتشغيل الأنوار ففتح لنا الناس الطريق وانطلق أمامنا يسابق الريح وأنا خلفه حتي لا يدخل بيننا سائق مستعجل وما أكثرهم ..شعرنا بشيء من الراحة ونحن نمضي في طريقنا قدماً وشعرت أنا بالتحديد بشيء من العظمة والغرور وتخيلت نفسي رئيساً أو والياً و(الموتركيت )ينهب الأرض نهبا ..المهم وصلنا المستشفي وكانوا علي وشك إدخال شخص مصاب بحروق رهيبة في جميع أنحاء جسمه لغرفة العملية ونسبة لتحرج موقف تلك المرأة أدخلوها هي في الأول وقاموا بعمل جراحه سريعة داخل العنبر للشخص المصاب بالحريق ..شيء أحسن من لا شيء بالنظر لازدحام المكان بالمرضي..رفضت بشدة أن آخذ حتي ولو فلساً واحداً ..لكنني وبمجرد مغادرتي للمستشفي حُظيت بمشوار للمطار اشتريت منه حاجيات البيت وبطيخه للمدام ..سيد البطيخ قال لي أقطعها ليك ..قلت له لا ..أصلي متعود أقطع البطيخه بحظوظ بناتي ..واحدة خريجة إعلام والثانية خريجة قانون وشريعه والثالثة عندها دبلوم حاسوب ولا واحده منهن حصلت علي وظيفة ولا واحده طلب يدها عريس ..قسمتهن هكذا ..حظهن الوحيد في البطيخ ..وحتي جديد اللقاء مع حلقة جديدة من يومياتي ..أترككم في رعاية الله وحفظه .

عبدالغني خلف الله
17-03-2012, 11:26 AM
يوميات سائق عربة أجرة ( 5 )
أصبحنا وأصبح الملك لله ..الليله يوم تاريخي في حياة الأسرة .. فقد قررنا إنهاء مقاطعة اللحوم ..ثلاثة أشهر ونحن علي هذه الحال نأكل فقط شيء من الفراخ وبعض أنواع الجبن والألبان ..وقد تعودنا علي تناول وجبة اللحوم يومياً وحبذا لو كانت من الضأن (السواكني) ذائع الصيت ..إنتظرنا عيد الأضحي لنري ماذا سيحدث لكن والحمد لله كل الذين تناولوا لحوم أضاحيهم لم يصابوا باذيًًً أما نحن فقد ندمنا علي خوفنا من حمي الوادي المتصدع ..وهذا الوادي كيف ومم تصدع ..؟ ومرت أيام العيد ولا حالة حمي نزفية واحدة استقبلتها المستشفيات ..لذلك أوقفت عربتي حبيبة قلبي بلونها ( التركوازي) الأخاذ وعرجت علي أقرب كافتيريا ..وطلبت ثلاثة( سندوتشات شاورما) لحمه ..ثلاثة مره واحده أيها المفتري ؟ ..نعم سآكلها ولن أبقي منها علي شيء ..وما أن إنتهيت من إفطاري وهممت بالمغادرة حتي اصطدم بي شاب يافع بقوة كادت أن تطرحني أرضاً ..وصرخ في وجهي بقسوة شديدة هل أنت أعمي يا رجل ؟ .. قلت له يا إبني أنت من صدمني والمفروض أن تعتذر لي لأنني في عمر أبيك ..أعتذر أنا ..ولماذا أعتذر لرجل مغفل مثلك ؟ ولم يكتف بشتمي بل أمسكني من تلاليبي وصار يهزني بعنف شديد ..وما أغضبني أن بالكافتيريا العشرات من الشباب كل واحد جلس قبالة حبيبته وهما يتبادلان الوشوشات والسندوتشات ..لم يحرك فيهم هذا التصرف الأخرق شيئاً .. لماذا هذه السلبية المفرطة هذه الأيام من قبل الشباب ؟ .. قبل يومين قرأت في الصحف أن أحد الركاب بحافلة مكتظة بالركاب غادر مقعده وتوجه نحو السائق وبدأ في طعنه بظهره بالسكين طعنات متتالية .. أوقف المسكين العربة فهرع الركاب وهم يغادرون الحافلة بسرعة شديدة الواحد تلو الآخر .. بيد أن أحد الركاب تصدي للرجل بنبل وشجاعة ودخل معه في عراك شديد نال خلاله هو الآخر بعض الطعنات السطحية وفي نهاية الأمر تمكن من السيطرة عليه ..نقل الراكب الشجاع والسائق للمستشفي علي عجل وتم إسعافهما وألقت الشرطة القبض علي الجاني ..لكن أحد الشباب الذين دخلوا للمطعم للتو تدخل بيننا ووجه كلاما حاداً لرفيقه ومن ثمّ غادرا المطعم معاً وكأنهما علي معرفة ببعضهما البعض ..غادرت المطعم وأنا لست مصدق لما حدث لي ..شاب غر صغير في سن إبناتي يتهجم عليّ وشرذمة من رواد المطعم يتجاهلون ما يحدث أمامهم ولا يحركون ساكناً ؟ توجهت نحو أقرب مقهي لشرب كوب من الشاي أرتاح به قليلاً ولكنني اكتشفت أن الجوال الخاص بي ومبلغ مائة ألف جنيه كنت أنوي أن اشتري بها شيء من اللحوم لأسرتي بمنسبة إنهاء المقاطعة قد سرقت مني ..توجهت لأقرب قسم من أقسام الشرطة لتدوين بلاغ بالمسروقات وبينما أنا أعطي التفاصيل للشرطي المناوب تناهت إلي أسماعنا ضجة شديدة وقد أمسك بعض الناس بشابين وهم يرددون ( اللص اللص ..نادوا البوليس ) ولشدة دهشتي اكتشفت أن اللصين ليسوا سوي الشاب الذي تهجم علي والآخر الذي تدخل بيننا ..قلت للشرطي هؤلاء اللصوص هم من سرقوا علي الأرجح جوالي ونقودي .. وبالفعل ما أن تم تفتيشهم حتي تدحرج جوالي وحزمة النقود الخاصة بي ,. الشرطة سلمتني اشيائي بعد أن وقعت بتعهد للحضور لتقديم شهادتي أمام المحكمة ومن هنالك علي أقرب صاحب لحوم .. اشتريت ما يكفي عائلتي من اللحوم أسبوعاً كاملاًً وعدت لمنزلي ..يا ما أنت كريم يا رب .. ياما أنت كريم يا رب .وإلي هنا أترككم في رعاية الله وحفظه حتي جديد اللقاء .

عبدالغني خلف الله
12-11-2012, 07:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

يوميات سائق أمجاد4))

عبدالغني خلف الله


ليس من رساله ولو واحدة فقط من زبون يطلبني في مشوار.. وبها تحل بعض مشاكلي .. ومنذ نصف ساعة وأنا أغدو وأروح جيئة وذهاباً بدون أن أحصل علي أي راكب من أي نوع حتي وإن كانوا تلاميذ بالمدرسة الابتدائية ابتدائي أو رياض أطفال ..فقلت لنفسي لماذا لا تقتحم يا ولد مملكة (الركشات ) حيث الطرق الترابية الجانبية مع احتمال العثور علي راكب ..وفعلاً لم يخب ظني فقد قدم نحوي شخص مهرولاً وهو يصرخ في انزعاج واضح ..يا أوسطي .. يا أوسطي ..من فضلك عندنا حالة طارئه ..خير إن شاء الله ..المدام عنها نزيف حاد ويجب نقلها للحوادث فوراً ..ترددت برهة ف القبول وتخيلت منظر الدماء علي المقاعد الخلفية والرجل يردد ..أرجوك يا أوسطي ليس لدينا وقت ..هنا زجرت نفسي الأمارة بالسوء وتخيلت أن زوجتي في نفس الموقف ..هل أرضي أن يكترث أحدهم لمنظر الدم داخل العربة بينما زوجتي تموت ..لا ..لا ..يلاك بسرعه .. طبعاً حأنقلكم للحوادث ..صف لي الطريق ..شمال يمين ..شمال يمين ..أهو وصلنا ..ترجل الرجل بسرعة لإحضار تلك المسكينة وسرحت ببصري بعيداً أتصور شكل الحياة لو أن كل شخص يضع نفسه في موقف من يلجأ إليه ..أكيد سوف تحل جميع مشاكلنا ..الحكومة مثلاً لو كل وزير أو والي أو محافظ يضع نفسه في مكان عامل بسيط لديه تسعة أطفال ..أكيد سيكون كريماً معه فلا يحيله للمعاش أو يطرده من المنزل الحكومي ..إذن مبدأ تبادل الأدوار والمواقع حتي في الخيال .. سيكون مفيداً لنا جميعاً ..عاد الرجل والزوجة تئن وتتأوه وهي تستند علي كتف والدتها فيما يبدو وشقيقة لها ..براحتك ..واحده واحده ..أيواا ..كدا تمام ومن ثمً انطلقنا لا نلوي علي شيء .. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان إذ عندما كنا بصدد عبور الكوبري وجدنا صفوفاً رهيبة من العربات بسبب تعطل شاحنة عملاقة في منتصف الكوبري ..ضربت المنبه واستعملت الكونتاك دونما أي جدوي .. فقد الرجل صبره فنزل من العربة وهو يطلب من أصحاب العربات فتح ثغرة تمكننا من المرور وهو يركض ويردد ..يا جماعه عندنا حاله مريض مستعجله ..عندنا سيده لديها نزيف حاد ..لم يقصر الأخوان باستثناء بعض المركبات التي كانت تقطع علينا الطريق الذي يوسعه الآخرون كعادتها معنا ..دائماً قاطعاها معانا ..أخيراً مر بقربنا عسكري مرور يمتطي دراجة ناريه ..فلم يتردد في تشغيل (السايرين )..وتشغيل الأنوار ففتح لنا الناس الطريق وانطلق أمامنا يسابق الريح وأنا بالكونتاك خلفه حتي لا يدخل بيننا سائق مستعجل وما أكثرهم ..شعرنا بشيء من الراحة ونحن نمضي في طريقنا قدماً وشعرت أنا بالتحديد بشيء من العظمة والغرور وتخيلت نفسي رئيساً أو والياً و(الموتركيت (أمامي .. لا توقفه إشارة مرور ولا يخاف من ( لغم )1..وبمناسبة الألغام أكاد أكون أذكي سائق عربة أجرة في تفادي مواضع الألغام وعندي أكثر من حيله ..ونادراً ما أقع في ( لغم ) بالرغم من أنني أقود بلوحه بيضاء ..غير حكومية المهم وصلنا المستشفي وكانوا علي وشك إدخال شخص مصاب بحروق رهيبة في جميع أنحاء جسمه لغرفة العملية ونسبة لتحرج موقف تلك المرأة أدخلوها هي في الأول وقاموا بعمل جراحه سريعة داخل العنبر للشخص المصاب بالحريق .. ماذا بوسعهم أن يفعلوا..؟ شيء أحسن من لا شيء ..رفضت ثمن المشوار واكتفيت باحساس الأهمية الذي شعرت به وأنا خلف (الموترجي ) الذي يفسح الطريق فقط للكبار والكبير الله سبحانه وتعالي ..ذهبت لمحطة الوقود لغسل المقاعد الخلفية من بقايا دماء تلك السيدة فأخذوا مني ثمانية عشرة جنيه هي كل ما تبقي لدي من مال ..لكنني وبمجرد مغادرتي المحطة حظيت بمشوار للمطار اشتريت من عائده متطلبات الأسرة وبطيخه للمدام ..بائع البطيخ قال لي أقطعها لكل لتطمئن بأنها لذيذة ..قلت له لا ..أصلي متعود أقطع (البطيخ) بحظوظ بناتي ..واحده خريجة إعلام والثانية خريجة قانون وشريعه والثالثه عندها دبلوم حاسوب ولا واحده عثرت علي وظيفة ولا واحده طلب يدها عريس ..قسمتهم هكذا ..حظهم الوحيد في البطيخ ..وحتي جديد اللقاء مع حلقة جديدة من يومياتي ..أترككم في رعاية الله وحفظه .

نداء غريب صبري
16-11-2012, 10:28 PM
يوميات جميلة فيها نفع وموعظة

شكرا أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
17-12-2013, 09:08 AM
أصبحنا وأصبح الملك لله..
ما أجمل صباح يكون مع إحدي روائعك أستاذي
أسلوب سردي محبب , ونص زاخر بالمعاني والدروس
استمتعت بما أثرت من أفكار بمضمون هادف وأسلوب شيق
سلم مداد قلمك.

عبدالغني خلف الله
20-12-2013, 03:05 PM
الإبنة الغالية ناديه ..جمعه مباركة عليك وعلي من حولك ..شكراً لتوقفك هنا وفي الواقع لدي حوالي عشرين يومية ..لكنني اعتقدت بأن تفاصيلها ربما تكون محلية أكثر مما يجب وحديثك هنا يشجعني علي الاستمرار ..هذا مع تحياتي مع كل الود .