عمار الزريقي
21-02-2012, 08:30 PM
أيلول
قَابَ مَوتَيْنِ كانَ يحيا اضطرارا=شاهِراً حُلمَهُ نبيذاً ونارا
يشعلُ العمرَ بين موتٍ وموتٍ=زهرةً مثلَ أمنياتِ العذارى
يزدري الحادثاتِ حينَ يُباريـ=ـها ويبدي صلابةً لا تُدارى
قائلاً: إننا وُلِدنا كباراً=وسنبقى كما وُلِدنا كبارا
**=**
قابَ مَوْتَيْنِ كانَ أيلولُ يُزجي=حزنَهُ غيمةً تُظِلّ الصّحارى
تَصْعَدُ المُعْصِراتُ من رُكْبَتَيْهِ=ثُمّ تهمي مَوَدّةً واخضرارا
هذه الدّانياتُ قمحاً ونخلاً=وكُرُوماً لولاهُ كانت بوارا
**=**
كان في أهلِهِ ودوداً وفي الإخـ=ـوانِ لم يَألُ نُصْرَةً واعتبارا
يَتَفَانَى لأجلِهِم لا يُرَائِي=فِتْيَةً ثَمّ يعبدون الحجارا
يَتَشَظّى كَأَنْجُمِ الّليلِ حُزناً=ويرى لحظةَ المماتِ انتصارا
كان للشِّعرِ رائداً عبقرياً=لا يُضاهَى و للأغاني هزارا
كان بوابةً إلى كلّ فجرٍ=كان حقاً إلى المعالي قطارا
كان إن طافَ حُزنَ "صنعاءَ" صُبحاً=لم يدَعْ "حضرموتَ" أو "زُنْجُبارا"
وإذا جاءَ من رصيفِ "المُعَلا"=طارَ مُسْتَعْجِلاً ليلقى "ذَمَارا"
وإذا صافحَ "الحُدَيدةَ" غرباً=صبّ شوقَ "المخا" وغَنّى "ظَفارا"
حاملاً للصِّغارِ ورداً وحلوى=عابراً للدّيارِ داراً فدارا
كان يبدو كمثلِ تِشْرِينَ روحاً=وله هِمّةٌ تُحاكِي أذارا
وعلى وَجْهِهِ براءةُ نَيْسانَ=وآماله توازي أيارا
**=**
فتَجَنّى عليهِ تَمّوزُ يوماً=وتَجَنِّي اللئامِ أمضى شِفارا
وعلى غفلةِ الحقيقةِ ألقى=رِجسَهُ كي يَشِيدَ مُلكاً ضِرارا
واستبدّ اللئيمُ شطباً ومحواً=وأَشِقّاؤُهُ اليتامى أُسارى
يصطفي من يشاءُ منهم حليفاً=يوهمُ البعضَ أن للبعضِ ثارا
ظَلّ يَبْتَزّهُمْ فُرادى ومَثْنَى=نافِثاً لِلشّقاقِ فيهم سُعارا
ناصباً نفسَهُ عليهم أميراً=صائبَ الرّأيِ.. تارةً مُستشارا
مرةً قائداً وطوراً نبياً=مرةً مُشْرِفاً يُديرُ الحوارا
يحرثُ العامَ فتنةً وانشقاقاً=هل يكونُ الحصادُ إلا دمارا؟
**=**
قال أيوبُ "رددي.." فربَتْ واهـ=ـتزّت الأرضُ نشوةً وانبهارا
"كم رَفَضْنا..." فقلتُ: ما زال فينا=يملأُ السّهلَ رَفْضُنا والقِفارا
رَفْضُنا يا أيوبُ ما زالَ أعتى=لا نرى في النّكوصِ إلا انتحارا
"ليس مِنّا.." فقلتُ: قِفْ.. وَظّفُوها=واستحلّوا بها دِمانا جهارا
"ليس منا.." مُجَدَداً.. قلتُ: لا ، بل=صار مِنّا .. مُعاوناً ، مُستشارا
صار منا.. وزيرةً ومديراً=ووكيلاً وكلّ ما صار صارا
ثورةً ضد ثورةٍ ، ثورةً في=صالةِ اللهوِ يلعبون القمارا
ثورةً بالنقودِ تهتفُ : بالرّوح=افتديناك يا دليلَ الحيارى
جمعةً في "السّتّين" تغلي وأخرى=مثلها في "السبعين" تقذفُ نارا
صُحُفاً لا تَقِيءُ إلا هُراءً=قنواتٍ تضخّ عِهراً وعارا
كاتباً في النعيمِ يُطري سَجاحاً=شاعراً في الظلام يهجو نزارا
من ظننّاه ثائراً أو غيوراً=صار تيساً مُهَجّناً أو حِمارا
بالفتاوى نَقُودُ حرباً ضروساً=لا تزيدُ اللّهيبَ إلا استعارا
هُمْ يعانون ما نُعانِيهِ لكن=قيل إن المَسَاجَ يُعطي ثمارا
"عادَ أيلولُ.." قلت: لكنّه لم=يَجْنِ إلا مرارةً وانكسارا
المكانُ المكانُ لم يتغير=غير أن الزمانَ للخلفِ دارا
جاء تَمّوزُ كالظلامِ بليداً=يمتطي قُبْحَه ويهمي غبارا
**=**
قابَ مَوْتَينِ كان أيلولُ يعدو=لم تَزِدْهُ السّنونَ إلا تبارا
حاصَرَتْهُ الجهاتُ من كلّ صوبٍ=فانثنى حسرةً وولّى فرارا
يُشْهِدُ الله: بَرّ بِي أوليائي=غيرَ أني ابْتُلِيتُ بالكُفْرِ جارا
إنّ هذا أخي لَهُ.. قلتُ: أدري=قال: لكنّه تَجَنّى مِرارا
عَزّنِي في الرّصاصِ وهو ابنُ أمي=وقضى في الحوارِ أن لا حوارا
استَبَدّ الهوى بِهِ إذ رآني=أنتضي من حقولِ وردي شعارا
كيف أسلو في غربتي؟ إن حزني=ناهَزَ الموبقاتِ إلا نهارا
هَمّ أهلي وإخوتي فوقَ هَمّي=يشعلُ الأرضَ ثورةً وانفجارا
أصبح المِلحُ سِدرةً تحتوينا=مُذْ شَرِبْنا من البحارِ بحارا
هل سيدري تَمّوزُ أنّا هَرِمنا=وزَهَقْنَا على الرّصيفِ انتظارا؟!
**=**صنعاء 19/8/2011م
قَابَ مَوتَيْنِ كانَ يحيا اضطرارا=شاهِراً حُلمَهُ نبيذاً ونارا
يشعلُ العمرَ بين موتٍ وموتٍ=زهرةً مثلَ أمنياتِ العذارى
يزدري الحادثاتِ حينَ يُباريـ=ـها ويبدي صلابةً لا تُدارى
قائلاً: إننا وُلِدنا كباراً=وسنبقى كما وُلِدنا كبارا
**=**
قابَ مَوْتَيْنِ كانَ أيلولُ يُزجي=حزنَهُ غيمةً تُظِلّ الصّحارى
تَصْعَدُ المُعْصِراتُ من رُكْبَتَيْهِ=ثُمّ تهمي مَوَدّةً واخضرارا
هذه الدّانياتُ قمحاً ونخلاً=وكُرُوماً لولاهُ كانت بوارا
**=**
كان في أهلِهِ ودوداً وفي الإخـ=ـوانِ لم يَألُ نُصْرَةً واعتبارا
يَتَفَانَى لأجلِهِم لا يُرَائِي=فِتْيَةً ثَمّ يعبدون الحجارا
يَتَشَظّى كَأَنْجُمِ الّليلِ حُزناً=ويرى لحظةَ المماتِ انتصارا
كان للشِّعرِ رائداً عبقرياً=لا يُضاهَى و للأغاني هزارا
كان بوابةً إلى كلّ فجرٍ=كان حقاً إلى المعالي قطارا
كان إن طافَ حُزنَ "صنعاءَ" صُبحاً=لم يدَعْ "حضرموتَ" أو "زُنْجُبارا"
وإذا جاءَ من رصيفِ "المُعَلا"=طارَ مُسْتَعْجِلاً ليلقى "ذَمَارا"
وإذا صافحَ "الحُدَيدةَ" غرباً=صبّ شوقَ "المخا" وغَنّى "ظَفارا"
حاملاً للصِّغارِ ورداً وحلوى=عابراً للدّيارِ داراً فدارا
كان يبدو كمثلِ تِشْرِينَ روحاً=وله هِمّةٌ تُحاكِي أذارا
وعلى وَجْهِهِ براءةُ نَيْسانَ=وآماله توازي أيارا
**=**
فتَجَنّى عليهِ تَمّوزُ يوماً=وتَجَنِّي اللئامِ أمضى شِفارا
وعلى غفلةِ الحقيقةِ ألقى=رِجسَهُ كي يَشِيدَ مُلكاً ضِرارا
واستبدّ اللئيمُ شطباً ومحواً=وأَشِقّاؤُهُ اليتامى أُسارى
يصطفي من يشاءُ منهم حليفاً=يوهمُ البعضَ أن للبعضِ ثارا
ظَلّ يَبْتَزّهُمْ فُرادى ومَثْنَى=نافِثاً لِلشّقاقِ فيهم سُعارا
ناصباً نفسَهُ عليهم أميراً=صائبَ الرّأيِ.. تارةً مُستشارا
مرةً قائداً وطوراً نبياً=مرةً مُشْرِفاً يُديرُ الحوارا
يحرثُ العامَ فتنةً وانشقاقاً=هل يكونُ الحصادُ إلا دمارا؟
**=**
قال أيوبُ "رددي.." فربَتْ واهـ=ـتزّت الأرضُ نشوةً وانبهارا
"كم رَفَضْنا..." فقلتُ: ما زال فينا=يملأُ السّهلَ رَفْضُنا والقِفارا
رَفْضُنا يا أيوبُ ما زالَ أعتى=لا نرى في النّكوصِ إلا انتحارا
"ليس مِنّا.." فقلتُ: قِفْ.. وَظّفُوها=واستحلّوا بها دِمانا جهارا
"ليس منا.." مُجَدَداً.. قلتُ: لا ، بل=صار مِنّا .. مُعاوناً ، مُستشارا
صار منا.. وزيرةً ومديراً=ووكيلاً وكلّ ما صار صارا
ثورةً ضد ثورةٍ ، ثورةً في=صالةِ اللهوِ يلعبون القمارا
ثورةً بالنقودِ تهتفُ : بالرّوح=افتديناك يا دليلَ الحيارى
جمعةً في "السّتّين" تغلي وأخرى=مثلها في "السبعين" تقذفُ نارا
صُحُفاً لا تَقِيءُ إلا هُراءً=قنواتٍ تضخّ عِهراً وعارا
كاتباً في النعيمِ يُطري سَجاحاً=شاعراً في الظلام يهجو نزارا
من ظننّاه ثائراً أو غيوراً=صار تيساً مُهَجّناً أو حِمارا
بالفتاوى نَقُودُ حرباً ضروساً=لا تزيدُ اللّهيبَ إلا استعارا
هُمْ يعانون ما نُعانِيهِ لكن=قيل إن المَسَاجَ يُعطي ثمارا
"عادَ أيلولُ.." قلت: لكنّه لم=يَجْنِ إلا مرارةً وانكسارا
المكانُ المكانُ لم يتغير=غير أن الزمانَ للخلفِ دارا
جاء تَمّوزُ كالظلامِ بليداً=يمتطي قُبْحَه ويهمي غبارا
**=**
قابَ مَوْتَينِ كان أيلولُ يعدو=لم تَزِدْهُ السّنونَ إلا تبارا
حاصَرَتْهُ الجهاتُ من كلّ صوبٍ=فانثنى حسرةً وولّى فرارا
يُشْهِدُ الله: بَرّ بِي أوليائي=غيرَ أني ابْتُلِيتُ بالكُفْرِ جارا
إنّ هذا أخي لَهُ.. قلتُ: أدري=قال: لكنّه تَجَنّى مِرارا
عَزّنِي في الرّصاصِ وهو ابنُ أمي=وقضى في الحوارِ أن لا حوارا
استَبَدّ الهوى بِهِ إذ رآني=أنتضي من حقولِ وردي شعارا
كيف أسلو في غربتي؟ إن حزني=ناهَزَ الموبقاتِ إلا نهارا
هَمّ أهلي وإخوتي فوقَ هَمّي=يشعلُ الأرضَ ثورةً وانفجارا
أصبح المِلحُ سِدرةً تحتوينا=مُذْ شَرِبْنا من البحارِ بحارا
هل سيدري تَمّوزُ أنّا هَرِمنا=وزَهَقْنَا على الرّصيفِ انتظارا؟!
**=**صنعاء 19/8/2011م