المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلاة القلب



نبيل عودة
24-02-2012, 09:05 PM
صلاة القلب



نبيل عودة


لم يكن ابراهيم يدخل الكنيسة الا في المناسبات التي لا بد منها. لم يثر ذلك انتباه أحد. حضور ابراهيم او غيابه لا يشغل بال المصلين. ابراهيم ، كما يتندر بعض سليطي اللسان ، هو التجسيم البشري الكامل لقانون الحاضر غائب. حضوره لا يلفت الانتباه وغيابه لا يغير من الحدث شيئا .هو أفقر سكان البلد،ولكن ليست مشكلة الفقر هي السبب ، فبعض الفقراء لهم حضورهم ورأيهم. ابراهيم اذا حضر لا ينبس ببنت شفة. لا راي له، لا مجموعة يقف معها،لا يتبادل الحديث مع أحد،لا شيء يتحدث به اذا شاء الحديث الا سوق الحديد الخردة الراكد، ومن يهتم بهذا الفرع؟ وربما لم يسمع به أكثرية ابناء البلد. حتى الخوري لم يحاسبه على غيابه، بل يظن البعض ان حضوره صلاة الأحد لا يلقى ترحيبا من الخوري أيضا، لأن حضوره نافر للأجواء الكنسية ويشبه نبتة بلان شائكة في بستان زهور.. رغم ان احدا لا يقول ذلك من منطلق ان تعاليم المسيح التي لا بد لكل من يدعي الايمان، ان يلتزم بها لا تميز بين الناس، وتطويباته المشهورة بدأت ب: "طوبى لفقراء الروح فان لهم ملكوت السماوات".
كان ابراهيم تاجر خردة ، يتاجر بكل ما هو قديم وبال، يجمع ما يجد بالشوارع من قطع حديد او صاج بال، ليبيعه لتاجر من المدينة يحضر مرة كل شهر، وبالكاد يربح ما يسد رمق اولاده الثمانية، وزوجته حسب أقوال نساء الحارة : "امرأة في حبل مزمن". رغم ضيق ذات اليد ، الا ان الله باركه بزوجة لا تلد الا الصبيان، وربما هو الأمر الوحيد الذي يحسده علية أهل البلد. ولكثرة الأولاد مستعدة زوجة ابراهيم دوما للقيام بأي عمل يطلب من بيوت البلدة الموسرة، تنظيف، تعشيب الأرض، شراء احتياجات النساء من السوق، مقابل بضعة قروش وبعض الأرغفة والملابس القديمة. وعدا الثمانية ، أطال الله عمرهم ووهبهم الصحة والطعام ، فقد ثكل ابراهيم وزوجته اربعة أطفال ، ويقال ان سبب موتهم قلة التغذية، الأمر الذي حرك عواطف الجيران، ومن يومها لم يتوقف الجيران عن ارسال ما تيسر من طعام زائد ، او بعض الخضار والفواكه التي بدأت بالذبول الى زوجة ابراهيم لتقيت اولادها.
لا يعرف أحد سببا لعدم مشاركة ابراهيم وزوجته صلاة أيام الأحد. وكان هناك شبه اتفاق بالصمت، بأن لا يحثوا ابراهيم على ضرورة الاهتمام بالمشاركة بصلاة الأحد من أجل اكتمال دينه. حتى الخوري الذي لا يمل من القول ان الله يحب كل ابنائه بالتساوي ، لا فرق بين غني وفقير قوي وضعيف ، لم يحاول حث ابراهيم على التواجد في الكنيسة أيام الآحاد.
كان أكثر ما يخيف الخوري ان يؤدي تواجد ابراهيم بينهم بثيابه الرثة، ورائحة عرقه المثيرة للإمتعاض والضيق، الى مشكلة، يتوقعها بتفكيره، من انفضاض المصلين من الجلوس بقربه، وربما عدم عودتهم لصلاة الأحد ، الأمر الذي سيترك أثره الكبير على صينية التبرعات النقدية يوم الأحد، وكان الخوري يجد الجواب لنفسه بقوله:" لعل في ذلك حكمة ربانية". ان مصروفات الكنيسة تتزايد مع ارتفاع الأسعار ، وحتى سعر الكهرباء صار يحتاج الى "لمة" يحث عليها الخوري في موعظته كلما تلقى وصلا جديدا.
ومع ذلك ، والتزاما بتعاليم المسيح، كان الخوري لا يستثني ابراهيم وعائلته من زياراته لبيوت أبناء الطائفة ، لمباركة البيت وأهله والدعاء لهم بالصحة والفلاح. وحمايتهم من كل مكروه ، وان يبارك الله بيتهم بالذرية الطيبة، وبالوفرة والوفاق. لم تكن زيارة الخوري تسبب الفرح للسيد ابراهيم، ولكنه يخفي ضيقه ، ويستقبل الخوري بكل ترحاب، بل ويجمع أولاده ليباركهم الخوري، ثم يبحث في جيبه عن بضعة قروش ليضعها بيد الخوري، الذي يمتنع من أخذها في البداية من منطلقات معرفته لواقع هذا البيت. ولكن ابراهيم يصر ان لا يخرج الخوري مفشلا، وان المسالة ليست بقيمة ما يقدم لأبونا الخوري والكنيسة ، انما هي تعبير رمزي عن التقدير الكبير لجهود الخوري في ايصال الرسالة للمخلص يسوع المسيح ان يشمل ابراهيم وأولاده بعطفه ومحبته وخيراته.
صحيح ان الخوري كان يزور بعض البيوت أكثر من غيرها، ويقيم صلوات أطول مما يقيمها في بيوت أخرى.والأقاويل تتردد ان السبب هو التبرعات السخية التي ترد لصندوق الكنيسة من أصحابها.
وهكذا مضت الأيام .. والأشهر والسنوات .. وكأن الرتابة هي قانون لهذه الحياة. وما عدا موسم الزواج الذي يحل كل عام مع حلول الربيع، وبعض الوفيات، لا شيء يشغل الخوري إلا الحفاظ على رابط مع جميع رعيته في البلدة.
ولكن الرتابة كسرت.
في ظهر أحد الأيام استيقظ الخوري من قيلولة الظهر على صوت بكاء وصراخ غير بعيد عن كنيسته.
سارع الى الخارج ليعرف ما حدث ، فوجد ابراهيم ملقى على الأرض، والدم ينزف من أنفه، ويبكي ويصرخ بحرقة بشكل هستيري يصعب فهم ما جرى له. وحوله تجمع العديد من عابري السبيل وأصحاب المحلات المجاورة، يحاولون ايقافه على قدميه، ومسح الدم عن وجهه ، وهو يجلس مذهولا يبكي بحرقة وألم .
- ما الحكاية؟ سال الخوري.
- بعض الزعران اعتدوا عليه وسرقوا نقوده وهربوا .
قال الخوري بشيء من الغضب مجيلا نظره بمن حوله :
- ولم يساعده أحد ؟
لم تكن ضرورة للجواب. الصمت كان جوابا مجلجلا. مد يده لابراهيم :
- تعال يا ابني .
استجاب ابراهيم ليد الخوري وقام ذليلا باكيا ، وقاده الخوري الى غرفته الملاصقة للكنيسة.
أسعفه ببعض الماء ومسح الدماء عن انفه ووجهه ، وغاب للحظات في غرفة ثانية، وعاد ليدس بيد ابراهيم بضع ليرات. ملمس النقود أجفله فتراجع رافضا المال.ولكن الخوري أصر مذكرا اياه ان وظيفة الكنيسة رعاية الفقراء ، والفقر ليس عارا. وان هذه النقود من أجل اولاده، وليسامح الله اولئك الزعران لأنهم لا يدرون ما يفعلون.
بعد تلك الحادثة دخل ابراهيم في صباح أحد الأيام ، القى التحية بهز رأسه على الخوري والمصلين، وركع لدقائق طويلة امام أيقونة للسيد المسيح معلقا على الصليب ، كان يبكي بمرارة مخفيا صوت بكائه، وخرج بعد ان قام بالتصليب ثلاث مرات، وخرج كما دخل لوحده، ومن بعدها اختفى ابراهيم من الحارة ومن البلد .
حتى نساء الحارة لم يلاحظن اختفاء ابراهيم وزوجته واولادهما الثمانية.
تناقل المصلين اقاويل كثيرة عن اختفاء ابراهيم. وانه قام بالصلاة لمرة واحدة في الكنيسة قبل اختفائه، وتمنى الجميع ان لا تكون مصيبة قد نزلت به هي السبب وراء اختفائه . ومضت الأيام وبدأت تتوارد معلومات عن ابراهيم، من الصعب ربطها بابراهيم ابن بلدهم، البعض يقول انه شاهده في المدينة القريبة يجلس بجانب سائق شاحنة كبيرة محملة بالحديد الخردة. وانه كان يرتدي ملابس جديدة ، ويبدو أصغر من عمره بعقد كامل. شك البعض بأن الحديث لا اساس له وان ما تناقله البعض عن رؤية ابراهيم من المؤكد انه شخص آخر.
ويبدو ان قصة ابراهيم قد طويت. لم يعد يذكره أحد. عادت حياة البلدة الى مسارها الطبيعي، وكأن ابراهيم لم يكن له وجود بينهم في يوم من الأيام.
ذلك النهار الربيعي كان عاديا. الخوري يجلس على شرفة منزله يقرأ كتابا ، وامامه صحن فواكه . وهو يتمطى تحت شمس الربيع الدافئة. حين سمع قرعا خفيفا على باب منزله. لم يتأكد من ان احدا يقرع باب بيته، أنصت ولم يسمع القرع من جديد. وعاد ليقرأ في الكتاب، ولكنه لم يكد يقرأ كلمتين حتى عاد يسمع القرع من جديد، وهذه المرة أقوى. فقام متمهلا ليرى من الطارق.
فتح باب منزله، على شخص ببدلة من الجوخ الإنكليزي الفاخر، تفوح منه رائحة عطر ذكية، نظر اليه من رأسه الى قدميه، ولاحظ حذائه الأسود اللامع، بالتأكيد من نوع فاخر كملابسه. كان الطارق يقف هادئا ، ومبتسما ابتسامة خجولة. لوهلة خيل للخوري ان الوجه مألوف له. بل مألوف جدا. لا ليس من المترددين للصلاة يوم الأحد. هل هو قادم جديد للبلدة؟ الوجه قريب جدا من الوجوه المألوفة للخوري. ولكنه متأكد ان فيه تغيير ما.. وفجأة لمعت الصور جيدا بذاكرته، سأل مترددا:
- ابراهيم..؟
- أجل يا أبونا انا ابراهيم نفسه
- تفضل يا ابني ، أدخل. أهلا بك في بلدك وبيتك.
مليون فكرة التمعت بثوان في ذهن الخوري. ما تناقله بعض أهل البلد عن ابراهيم الذي شاهدوه في المدينة القريبة يبدو انه صحيح . ربما هذا ابراهيم آخر؟
- قل لي يا ابني ، انت ابراهيم نفسه ابن بلدنا ، الذي غادرنا قبل سنة؟
- انا ابراهيم الذي مددت يدك له بالمساعدة حين وقف الجميع متفرجين على زعران يعتدون علي ويسرقون ثمن خبز الأولاد. جئت ارد اليك الدين الذي في رقبتي.
- انها قروش قليلة يا ابني.. والمصلين لا يبخلون على صندوق الكنيسة.
- انه دين كبير يا ابونا، تفضل..
ومد يده بورقة شيك للخوري.
- يا ابني ما ساعدتك به ليس دينا، انه واجبي...
وصمت الخوري وهو يتأمل المبلغ الذي كتب على الشك.. اجال نظره بين ورقة الشك وابراهيم، عاجزا عن ايجاد كلمات يعبر فيها عن الموقف الذي وضعه فيه ابراهيم بورقة الشيك. وبعد صمت قصير وجد جملة مناسبة:
- انه مبلغ كبير .. كبير جدا.. عشرة الاف ليرة مرة واحدة؟
- انه ديني للكنيسة .. ولأهل البلد الذين لولا ما تكرموا علينا به لمات اولادي من الجوع.
- ومن أين كسبت هذه الأموال؟
- منذ ركعت في الكنيسة لوداع البلد ، فتحها الله بوجهي ، أصبح الحديد الخردة تجارة مربحة، اليوم لدي عدة شاحنات وعدد من العمال ، اشتريت بيتا ، والمسيح فتحها في وجهي بعد ان رجوته في صلاتي الوحيدة ان يتطلف بي وبالأولاد .
- وانا كاهن واصلي يوميا باخلاص عدة مرات .. ولكني لم احلم ان اكتب يوما شيكا بقيمة عشرة الاف ليره..؟ بالكاد نسدد اثمان الكهرباء والماء والتنظيف.
- واوصيت للكنيسة على مكيفات هوائية سيحضر الفنيون لتركيبها غدا.
- كيف من صلاة واحدة، ورجاء واحد وصلت الى ما وصلت اليه، وانا الخوري المؤمن والذي يصلي كل نهاره وليله ويطلب ان يفتحها الله بوجه كنيسته لا نحصل على ما يساعدنا في تغيير مقاعد الكنيسة مثلا ؟
- الصلاة ليست بالكم، ولا بالصراخ والصوت المرتفع، ولا بالشكل الذي نظهر به في الشارع وليس بملابس غريبة عجيبة. الصلاة يا أبونا الخوري من القلب، والقلب لا يغير شكله ولا قوة دقاته واذا كان الله كما تصفونه فهو قادر على سماعنا وقراءة تفكيرنا.. وساغير مقاعد الكنيسة على حسابي.
- ولكني اصلي بصمت ومن القلب ، وعدة مرات كل يوم؟
- يبدو انك ملحاح يا ابونا الخوري ، هل تظن ان الله لك وحدك؟!

أحمد عيسى
24-02-2012, 10:58 PM
الأستاذ الفاضل / نبيل عودة


لا أعلم لم تذكرت وأنا أقرأ قصتك ، بعض الفنانات وهن يقلن : الايمان بالقلب
والايمان فعلاً بالقلب / لكن الايمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل
والمؤمن الحق ، هو من يترجم ايمانه الى مظاهر ملموسة ، فيصلي لله ، ويؤدي ما عليه من فروض
ولأن النص يتناول ديانة أخرى فانني سآخذه بمعناه الأشمل
وكما يقول رسول الله
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
وأساس الدين التعامل السليم مع الناس ، فالدين المعاملة
اذ لا معنى لمن يصلي الصلوات الخمس ، والفروض كلها ، ويكون لسانه بذيئاً ، أو يخوض في أعراض الناس ، أو يأكل أموال الناس بالباطل

ورغم تحفظي على بعض كلمات وردت في نصك
الا أن الفكرة العامة جميلة

تحيتي

ياسر ميمو
25-02-2012, 10:26 AM
السلام عليكم

بداية القصة جد قوية وجذابة ومؤثرة

الحديث عن معاني صلاة القلب

أمر يسمو بالروح ويجردها من عالم المادة المظلم

نص يدعو إلى التفكر في تلك العبادة و أثرها في النفس

أستاذ نبيل شكراً جزيلاً لك





همسة : تحفظات الأخ أحمد هي نفسها الكلمات والعبارات الغير مقبولة

والتي أثارت حفيظتي لدرجة الانزعاج والضيق الشديدين

نداء غريب صبري
26-02-2012, 03:02 AM
السلام عليكم

أنا أوجه حديثي هنا للادارة الكريمة
هل يسمح بهذه الألفاظ في الواحة ؟

شكرا لكم
وللأخ كاتب النص

بوركتم جميعا

محمد ذيب سليمان
26-02-2012, 09:14 AM
القصة بمعناها العام بعيدا عن دين معين جيدة
والتقرب الى الله حينما يكون ايمانيا بحتا وعن قناعة
بعيدا عن المادة .. يمكن ان يكون تقربا حقيقيا
اما الكاتب فقد كتب ما يخصه هو وما يفهمه هو
وما يعتقده هو عن دينه وطرق تواصله مع الله
بعيدا عن المعتقدات والأديان الأخرى

وانا افهمه بما يأمرني ديني أنا ومعتقدي انا وطريقة ايماني انا
بعيدا عن يؤمن به هو ويعتقده هو

قصة جيدة بالمجمل

نبيل عودة
01-03-2012, 01:58 PM
مررت على كل التعقيبات واصابتني حيرة كبيرة ...
اعزائي

ان مشكلة الواقع العربي اكثر خطورة من مجرد تعبير او الفاظ .. بل يتعلق بتضييق مساحة حرية الفكر. والرعب من كل تعبير يكسر الأطر اللغوية التي يظن الكثيرين انها خروج عن المسموح. التحديد قاتل للأدب والابداع ويشل عقولنا وراء حواجز لم تعرفها الحضارة العربية في تاريخها . فهل هي عودة للقهر الفكري ؟ بامكاني اسقاط قصتي واسقاط كل كتاباتي في المنتدى. ولكني اطلاقا لا اقبل رقابة على تفكيري وحقي في توظيف لغتي للتعبير عن وجهة نظري على الأقل.
لا توجد تعابير او الفاط تستحق هذه الانتفاضة ... واقول بكل مودة للزملاء أن هذا لا يضر بنبيل عودة..امام نبيل عودة مساحات واسعة لطرح رؤيته. ولكن الويل لثقافتنا اذا قيدنا عقولنا بما هو مسموح وبما هو ممنوع. وهذا يقرر بناء على رؤية شخصية. انا ايضا لي رأي حول ما ينشر ولكني لن اقول اطلاقا ان هذا مناسب او غير مناسب. ما ينفع الناس يبقى في الأرض.
اعرف ان القصة تتناول مسالة ليس من السهل ولوجها في الواقع العربي. ولكن المثقف الي يخاف طرح مواضيع تكسر النمطية يفقد شرعيته الثقافية.
من هنا كان خياري لأبطال قصتي من وسط اكثر ليبرالية .. المسيحيين العرب.. ولدي عدة قصص بعضها نشر هنا وهي ساخرة اكثر وقريبا سانشر قصة اخرى ستكون اكثر حدة.
نبيل

أحمد عيسى
01-03-2012, 02:19 PM
لا توجد اي انتفاضة أخي نبيل
احتراماً لكل من ردوا سيكون من الجيد لك ولهم لو رددت عليهم واحداً واحداً وناقشتهم كما ناقشوك
لم يسلط أحد سيف الرقابة عليك ولم يحذف لك أي مشرف كلمة لم تعجبه ، انما هناك نقاش وكلمات تحفظ عليها البعض ، وهذا تكفله حرية التعبير أليس كذلك أستاذ نبيل ؟
هناك من أعجبتهم القصة وهناك من لم تعجبهم وأعتقد أن من أعجبتهم كانوا هم الأغلبية وهذه نقطة لك لا عليك

تحيتي

آمال المصري
02-03-2012, 07:57 PM
سأتكلم عن النص من منطلق عام
فلكل دينه دون مساس حيث الدين لله
هناك الكثير يقولون أن الدين في القلب وإذا قمت بنصحهم يقولون : بيني وبين الله عمار وهذا يكفى
ولكن قال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه : ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ، ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال .
نص جميل أديبنا الفاضل راقت لي الفكرة والأسلوب وتوظيفك لأدواتك كقاص بارع
دمت مبدعا
تحاياي

د. سمير العمري
03-03-2012, 06:55 PM
مررت على كل التعقيبات واصابتني حيرة كبيرة ...
اعزائي

ان مشكلة الواقع العربي اكثر خطورة من مجرد تعبير او الفاظ .. بل يتعلق بتضييق مساحة حرية الفكر. والرعب من كل تعبير يكسر الأطر اللغوية التي يظن الكثيرين انها خروج عن المسموح. التحديد قاتل للأدب والابداع ويشل عقولنا وراء حواجز لم تعرفها الحضارة العربية في تاريخها . فهل هي عودة للقهر الفكري ؟ بامكاني اسقاط قصتي واسقاط كل كتاباتي في المنتدى. ولكني اطلاقا لا اقبل رقابة على تفكيري وحقي في توظيف لغتي للتعبير عن وجهة نظري على الأقل.
لا توجد تعابير او الفاط تستحق هذه الانتفاضة ... واقول بكل مودة للزملاء أن هذا لا يضر بنبيل عودة..امام نبيل عودة مساحات واسعة لطرح رؤيته. ولكن الويل لثقافتنا اذا قيدنا عقولنا بما هو مسموح وبما هو ممنوع. وهذا يقرر بناء على رؤية شخصية. انا ايضا لي رأي حول ما ينشر ولكني لن اقول اطلاقا ان هذا مناسب او غير مناسب. ما ينفع الناس يبقى في الأرض.
اعرف ان القصة تتناول مسالة ليس من السهل ولوجها في الواقع العربي. ولكن المثقف الي يخاف طرح مواضيع تكسر النمطية يفقد شرعيته الثقافية.
من هنا كان خياري لأبطال قصتي من وسط اكثر ليبرالية .. المسيحيين العرب.. ولدي عدة قصص بعضها نشر هنا وهي ساخرة اكثر وقريبا سانشر قصة اخرى ستكون اكثر حدة.
نبيل

الأخ الكريم نبيل عودة:

استوقفني ردك هذا ، وكان استوقفني بعض ردود سابقة كلها تصب في مجرى التأفف والتصلف في الرأي انتصارا لما تكتب أو ترى ، وقد سمحت لنفسي ثقة بأنك كريم أديب أن أرد عليك هنا بما أرجو منه الخير وبما أرجو به أن يكون فيه تأكيد الود وتوثيق الاحترام والتفاهم.

سأكون صريحا معك أيها الكريم وأقول إنك منذ شاركت في الواحة وأنت تكتب لا أكثر وتنزعج إن واجهك أحد برأي أو بوجهة نظر ، وللحق فقد اشتكى هذا الكثير من الأعضاء والمشرفين ولكني لم أر فيك إلا رجلا صادق وصاحب خلق ، وشخصا له فكر ما يؤمن به ويدعو إليه. ولذا فقد أهملت كل دعوة لحذف مواضيع لك أو لوقف مشاركاتك أو غيره ، وراهنت أن وجودك سيكون مفيدا ويسهم في إثراء الرأي والحوار بفكر راق ورؤية جلية وهذا مما لا أزال أؤمله وأراهن عليه.
باختصار أنت عندي وعند الكثيرين رجل نحترمه ونقدر شخصه ونهتم بنصه ، ولا خلاف بيننا وإنما اختلاف في الرأي وأزعم دائما أن هذا أدعى للود وأرعى للجهد وخير للحوار.

ومن منطلق هذا الاختلاف فإن الحوارات تتم ومن قدم رأيا أو نصا أو أدبا فعليه أن يقبل رأي القراء أو النقاد ولا يحتقر رأي أحد ولا يستخف بعقل أحد ، وإن أتى متحامل على نصك أو على شخصك فسوف ينكشف وينبذ خصوصا في واحة الخير حيث كرام الأدباء ممن يعي ويدرك دور الكلمة ، ولكن لا يمكن اتهام الجمع الكثير الكبير بهذا فتصبح كما وصفت يوما في قصة لك ذاك الذي يسير مخالفا للطريق ويلعن كل من يسير في الطريق السوي يراه مخالفا في حين أنه هو المخالف في حقيقة الأمر.

وإنني أرجو أن تتمعن في هذه النقاط التي رأيتها في مجمل ردودك وتصرفاتك منذ أقبلت واعتبرها عتب محب في أقصى حالاتها.

أولا .. أنت تكتب ولا تتفاعل أو ترد لا على من رد على نصوصك ولا على نصوص الأدباء الآخرين ، ولا ترد إلا حين تأتي متبرما من أي رأي يقال فيما كتبت وهذا في ذاته قد يفسر بصلف أو كبر ولكننا نحسن الظن ونقول لعله الشغل وإن كان عذرا لا يمنع بعض تفاعل وتواصل مع الأدباء في مواضيعك أو في مواضيع غيرك.

ثانيا .. تكثر من الحديث عن الحرية وضرورتها للإبداع وعدم مصادرة الرأي وما شابه ، وهذا قول قيل كثيرا وما قصد منه غالبا إلا لقلب الحقائق وفرض الرأي الآخر والإملاء وهذا ما تفعله أنت هنا في مواضيعك وأكثر من انتهج ذات النهج. أنت تريد أن تملي على الجميع رأيك باعتباره الصواب الذي لا باطل فيه ولا اعوجاج وتنتفض غاضبا إذا خالفك فيه أحد فتعود بانتفاج وانزعاج ترد بما لا يصل حد الشتائم فأنت أرقى من هذا أعلم ، ولكن يحتوي من الإساءة من تهوين وتسفيه واتهام بكثير مما لا يليق.
إن الحرية التي تطالب بها أيها الأديب الكريم لا تكون إلا وفق التزامات وضوابط فالفرق شاسع بين الحرية والفوضى ولعلك تجد هذا واضحا فيما تمر به الأمة اليوم ، والحرية لا تتجزأ ولا تجترأ فكما هي حق لك فهي حق لغيرك.

ثالثا .. أنت رجل صاحب فكر ما تقدمه وكأنه مقدس منزه عن النقد أو المراجعة ، وكأن الجميع في نظرك لا فكر له لا رأي ، وأن أي فكر يخالف ما عندك هو فكر رجعي وسبب تدهور أمة وغير ذلك مما يكرره أصحاب المنهج التبعي المتفلت من عباءة الأصالة للأمة خلقا وأدبا والتزاما بزعم فساد حال الأمة. نحن نتفق معك على فساد حال الأمة ونسعى بحرص أكبر منك على محاولة النهوض بها من كبوتها الحضارية والأخلاقية والإنسانية ولكن بتأكيد الهوية والدعوة إلى أصالة الخلق والفكر واللغة وليس الهروب لفكر يمينني متزمت أو فكر يساري متفلت. نعم الأمة ليست بخير ولكن منهجها واصالتها وشرعها هو الخير ولو كانوا عادوا لتطبيقه لكانوا كما وصفهم الله تعالى خير أمة.

رابعا .. تتهم الجميع هنا بمصادرة الرأي والحجر على الفكر ، وها أنت تنشر النص بعد النص وتقول الرأي بعد الرأي ولم يحذف لك شيء ولم يصادر حرفك إلا إذا كنت تعتبر أن اختلاف الرأي مصادرة لرأيك وأن الحرية هو أن تملي رأيك فينصاع معه القوم. هذا إن كان فإنه يمثل تناقضا في كل ما تقول.

خامسا .. أراك كثير الاتهام لعقول الآخرين وفكرهم ورأيهم وهذا مخالف للمنطق والإنصاف وللخلق القويم الذي نعرفه فيك ، وكما قلت فإن أساس الحوارهو احترام الآخر والعناية بما يقول فلا أحد يمتلك الحقيقة مطلقة ولا أحد يحق له أن يحجر فكرا ، ولكن للجميع الحوار القائم على أدب الخلاف واحترام الآخر.

سادسا .. كل اختلاف وتناول هنا موافق لمنهج الواحة الذي يعتمد "تناول النص دون الشخص" ، وليس ثمة من رأيناه تطاول على شخصك الكريم ، وإنما رأيناك أنت تكثر من الإطلال برأسك في كل مرة يختلف أحد مع رأيك فتثني على نفسك وتصعر للقوم خدك وتصف نبيل عودة بكذا وكذا مما لا نصادره عنك ولكن كما قلت نحن هنا لا نتناول الشخوص بل نحترمها ونحفظ قدرها وإنما نتناول النصوص ونمحصها بحوار هادف وأدب راق.

سابعا ... رأيتك تكثر التسفيه فيمن يهتم باللغة وبالهمزات والحركات مما أراك تهمله في نصوصك ، وهذا لا ريب يراد به النحو والبلاغة وغيرها من مقومات الأدب ، فإن كنت تصف نفسك بالأديب فعليك أن تعتني باللغة عناية فائقة تقدم بها فكرك بأسلوب سوي ومؤثر واللغة أيها الكريم هي عنوان الأمة وواجهتها ، والحريص على الصواب يجب أن يكون حريصا عليه في كل جزئياته بما فيها اللغة.

ثامنا ... نصوصك تدل على قدر كبير من التحرر من ضوابط الدين القويم ، وهذا أمرك فلسنا نكفر أحدا أو نمنح صكوك غفران فحساب العباد على رب العباد ، ولكن من حقنا أن نناقش أي قول تقوله أو أي راي تطرحه فالدين لا يكون بالهوى والرأي فحسب بل بدليل شرعي وأسس قويمة ، ونقر بأن هناك لغط وشطط في تطبيق مناهج الدين والشرع ونسعى بقوة لتصحيحها ولكن كما قلنا مرة أخرى ليس بالتنصل منها أو تسفيه أركانها ، ونحن نتقبل الحوار الهادف فالله تعالى حاور إبليس اللعين حتى إذا استكبر طرده من رحمته.


أرجو أن أكون بما قدمت قد أوضحت منهجنا في واحة الخير والحق والجمال ، وأن تقبل أخا كريما نثق برجاحة عقله وحسن تقديره وسمو خلقه ، وشخصا نراهن على أن الحوار معه أيا كان متى اتصف بالنزاهة والتجرد والبحث عن الحكمة والصواب سيكون مفيدا ليس لمن يتابعه بل وربما لأجيال الأمة القادمة.


دمت بخير وبركة!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

نبيل عودة
12-03-2012, 06:11 AM
خي العزيز ليس تأففا باي راي او انتصارا لما اكتب . انا مكشوف امام النقد .. ولكن تعبير يقول كلمات لا يجوز استعمالها هذا ليس نقدا لعمل ادبي هذا قمع فكري.
انا لم استعمل الساحة المسيحية صدفة ، اولا هي ساحتي البيتية .وخوفا من ان اتجاوز مشاعر أي مسيحي متدين عرضت النص على كاهن مسيحي فضحك حتى الثمالة وقال لي حرفيا انشرها لأنها تعيد العقلانية الى المتدينين.لم يقل لي ان هناك تعابير ممنوعة او لا يسمح بنشرها .
اهلا بالنقد .. ولكن ليس بمواقف تلغي وتمنع.

د. سمير العمري
13-03-2012, 06:24 PM
الأخ العزيز نبيل عودة:

أجدني بحاجة للتعذر منك باعتبار بعض ما ورد في ردي عليك قد بني على ظني بأنك مسلم ، وها أنت توضح لي دينك فدعني أرحب بك أخا كريما سنحترم عقيدته ونتعامل معه على أساسها.

ثم إني وجدتني ملزما بالرد عليك مرة أخرى إذ بدا لي كأنك لم تقرأ ما قلت ، ولو فعلت أخي لوجدتني لا أتناول هذا النص في ردي بنقد ولا بانتقاد ، وإنما جاء ردي عاما يتعلق بكل تفاعلك السابق مع الردود على نصوصك وعلى انفعالك كلما وجدت من يحاورك بخلاف ما تريد ثم فتورك عن التفاعل المطلوب مع نصوصك ومع نصوص الأدباء الآخرين ، ثم كان تعليقا على إصرارك على تهميش اللغة وتسفيه من يلتفت إليها.

باختصار لم يكن لردك على ما قلت أي علاقة بردي ، وأنا شخصيا لم أعترض على اختياراتك أو مقاصدك ولم يصادر عليك أحد قول ما تريد في إطاره ولكننا ضد ما يفهم من قولك من طلب الحرية المطلقة باعتبارها حق شخصي وإنما نحن مع الحرية التي تقف عند حدود حق الآخر ، ولسنا ضد أي تعبير إلا الذي يخدش الحياء أو يسيء بالشتم أو التحقير للآخر ، أما الرأي العام فهو مكفول بحرية مطلقة للكاتب ، وحق الرد عليه مكفول أيضا لمن أراد ولكن كما قلنا بأدب الخلاف وباحترام الشخوص.

أرجو أن تراجع ردي السابق فضلا وأن يكون التعامل من اللحظة قائم على احترام الآخر والحوار الجاد والالتزام بما يؤكد قاعدة "نلتقي لنرتقي".

دمت بخير وعافية!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ماهر يونس
13-03-2012, 08:16 PM

"ﻭَﺃَﻧَّﻚَ ﻣُﻨْﺬُ ﺍﻟﻄُّﻔُﻮﻟِﻴَّﺔِ
ﺗَﻌْﺮِﻑُ ﺍﻟْﻜُﺘُﺐَ ﺍﻟْﻤُﻘَﺪَّﺳَﺔَ، ﺍﻟْﻘَﺎﺩِﺭَﺓَ ﺃَﻥْ
ﺗُﺤَﻜِّﻤَﻚَ ﻟِﻠْﺨَﻼَﺹِ، ﺑِﺎﻹِﻳﻤَﺎﻥِ ﺍﻟَّﺬِﻱ
ﻓِﻲ ﺍﻟْﻤَﺴِﻴﺢِ ﻳَﺴُﻮﻉَ" هذا ما جاء في رسالة بولس لإحدى تلامذته وأظنه تيماثوس..وأراه في قصتك من عنوانها..وصدقت يا نبيل، فالإخلاص في القلب عند الصلاة مهمة جدا..‏
دمت بإيمانك‎