تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قفلت فانفرجت!!



محمود سلامة الهايشة
25-02-2012, 09:14 PM
قفلت فانفرجت!!..بقلم محمود سلامة الهايشة


ظلَّ يكتب ويكتب، إلى أن جاءته فترة شعر فيها بعدم القُدْرة على كتابة سطر واحد، أو يكتب ويَشْطب، يبدو أنه غير قادر على كتابة شيء يَرْضى عنه ولا يستحقُّ الشطب، انتابه شعورٌ مزعج بأنه فقد إلهامه، فبدأ يبحث في مكتبته كَيْ يقرأ شيئًا عن تلك الظاهرة، هل مرَّ بها أحدٌ من الكُتّاب قَبْل؟! أم هو وحده الذي أصيب بها؟ فلم يجد لديه أيَّ كتاب يتحدَّث عن ذلك.

ظلَّ هكذا لا يكتب وإذا كتب يشطب، إلى أن جاء يومٌ وقرأ مقالاً في مجلَّته المفضلة بعنوان "قفلة الكاتب!"، فاندهش جدًّا، جلس طوال ليلة كاملة، كلَّما ارتمى بجسده على فراشه للنَّوم، قام وجلس وأمسك بالمجلَّة ليقرأ مرَّة تلو الأخرى، فاستيقظَتْ زوجته، فوجدَتْه يضع رأسه في إحدى صفحات المجلة، فقالت له بصوت مكتوم يبدو عليه أثر النَّوم:
• ما بك، ماذا بالمجلة جعَلَك لا تنام الليل؟!

رفع رأسه ينظر إليها فرحًا، عيناه تلمعان:
• الحمد لله، اطمأنَنْتُ على نفسي، هناك كُتَّاب حدث لهم قفلة.

• قفلة...؟!
• اجلسي أقرأ إليكِ جزءًا من المقال.

فجلستْ على المقعد المقابل له، ارتدَتْ نظارتَها لتراه جيدًا، انتظر حتى أحسَّ أنها منتبهة له، يقول كاتب المقال:
"من الأمثلة الشهيرة لقفلات الكُتَّاب ما حدث لجون شتاينبك أثناء كتابة رواية Of Mice And Men التي استغرقت منه نحو 10 سنوات! ومثل القفلة التي حدثت لستيفن كينج أثناء كتابة The Green Mile، وقد عبَّر ستيفن كينج عن موضوع القفلة الكتابيَّة في قِصَّته Secret Window التي تحكي عن كاتب يُعاني من هذا الموضوع ولا يستطيع الكتابة، هناك حالات دامت فيها القفلة سنوات طويلة على غير المعتاد، فمثلاً، أُصيب الكاتب هنري روث (1906 - 1995) بقفلة كتابية استغرقت نحو 60 سنة! لكن لحسن الحظ يظلُّ هذا الأمر نادر الحدوث".

عندما انتهى من قراءة تلك الفقرة، رفع رأسه:
• ما رأيكِ؟
• جميل جدًّا، ألَمْ يذْكُر المقالُ طريقة لِفَكِّ تلك القفلة؟
• بلى، ذكَر، كتحديد وقت مخصَّص للكتابة، بِغَضِّ النظر عن مستوى جودة الكتابة التي يتم إنتاجها، أو تخصيص وقت للكتابة الحُرَّة أو كتابة الخواطر، ذكر مثلاً لأحد أدباء المذهب الواقعي من أدباء فرنسا أنه كان يتجوَّل في شوارع باريس وفي جيبه دفتر صغير وقلم، كان كلما وجد مشهدًا في الشارع، أو استمع إلى حوار في مجلس، أو في (الأتوبيس)، أو في طابور ما، أو لفت انتباهه شكلُ إحدى الشخصيات: امرأة أو طفل أو رجل، سجَّل وَصْفَ الشخصية، وربما رسم أهمَّ ملامحها إذا استطاع إلى هذا سبيلاً، فإذا عاد إلى بيته مساءً قلب صفحات مفكرته، حاول أن يخترع رابطة وقضايا ومواقف بين هذه الشخصيات، وبذلك تتشكَّل في قصص.

فضحكت الزوجة، فنظر إليها نظرة غيظ؛ فقالت على الفور:
• لا تفهمني خطأ، هل ستفعل مثل هذا الأديب الفرنسي، أتَخْرج من البيت (تلف وتدور) في الشوارع والطُّرقات تبحث عن فِكْرة.
• لا يا (ناصحة ذكية)، بل سأجمع قصصًا من جلوسي اليومي على المقهى، فبدلاً من الدَّردشة بدون فائدة، سوف أسجِّل ما أسمعه من قصص وحكايات في ذهني، أحاول تدوين رؤوس المواضيع فقط؛ لأنِّي لا أستطيع الكتابة الكثيرة أمامهم حتى لا يشكُّوا في الأمر.
• فكرة جميلة جدًّا، هيا اكتب، اقتربنا من الإفلاس.
• الله المستعان.

مرَّت الأيام، أسبوع يجرُّ أسبوعًا، يَنْزل يوميًّا يقضي نصف اليوم في المقهى، فيأتي ويجلس على مكتبه ممسكًا بقلمه يملأ عشرات الأوراق البيضاء، ثم يَصُوغ ما كتبه على الكمبيوتر حتى يغلبه النوم، فيستيقظ ليذهب إلى المقهى مرة أخرى.

مرت عدة أشهر ولا جديد، اضطرَّ إلى أن يستدين مبلغًا من المال، إلى أن جاء يوم رنَّ جرس تليفونه، ظلَّ طوال المكالمة يضحك مع مُحَدِّثه، النار تأكل الزوجة، فتقول لنفسها:
• ما الذي يضحكه هكذا؟ يا رب يكون خيرًا.

انتهت المكالمة، السعادة الغامرة تملأ وجهه:
• فُرِجَت.. فرجت!!
• ما الأمر؟
• أنتِ طوال الأشهر الماضية، تقولين لنفسك: ماذا يفعل هذا الرجل، لم يصل إلى شيء؟! هذا التليفون من صاحب أكبر دار نشر، يريد أن يجمع قصصي التي كتبتُها، ونشَرْتها على مُدَوَّنتي على (الإنترنت) في كتاب، سيدفع لي مبلغًا كبيرًا جدًّا لم أكن أتوقَّعه، فالحمد لله رب العالمين.


بقلم
محمود سلامة الهايشة

ربيع بن المدني السملالي
25-02-2012, 09:56 PM
سردية رائعة ، وبأسلوب تجعل القارئ يلتهم السّطور بنهم ليصلَ للنّهاية ...
أستأذنك في نقلها لقسم القصّة حيثُ مكانُها المناسب
ولي عودة بإذن الله
تحياتي لك أيها الأديب

آمال المصري
26-02-2012, 12:26 AM
مرحبا بك أديبنا الفاضل بقسم القصة وأول الغيث سردية مشوقة بأسلوب جميل
وفكرة جميلة في طرحها وقفلة موقفة
حبذا تعريب الرقم في ( 60 سنة )
دمت بألق
تحاياي

نادية بوغرارة
26-02-2012, 02:14 AM
لكل مجتهد نصيب ، الحمد لله على النهاية السعيدة .

الأخ محمود الهايشة ،

لم أكن أعرف أنك تكتب القصة إلا اليوم ، لك مني التحية

أولا على حضورك في هذا القسم ، و ثانيا على فكرة القصة نفسها ،

حيث انطوت على جديد لم أكن أعرفه بخصوص " قفلات الكتاب "

في انتظار جديدك .

:hat:

نداء غريب صبري
26-02-2012, 02:44 AM
قرأتها مشدودة مع اني افضل النصوص القصيرة
جميلة أخي

شكرا لك

بوركت

محمود سلامة الهايشة
26-02-2012, 04:55 AM
سردية رائعة ، وبأسلوب تجعل القارئ يلتهم السّطور بنهم ليصلَ للنّهاية ...
أستأذنك في نقلها لقسم القصّة حيثُ مكانُها المناسب
ولي عودة بإذن الله
تحياتي لك أيها الأديب


أستاذي الأديب/ ربيع بن المدني السملالي
أشكرك على الثناء، وعلى نقلك للقصة لمكانها المناسب
فالك مني كل التحية والتقدير

محمود سلامة الهايشة
26-02-2012, 04:58 AM
مرحبا بك أديبنا الفاضل بقسم القصة وأول الغيث سردية مشوقة بأسلوب جميل
وفكرة جميلة في طرحها وقفلة موقفة
حبذا تعريب الرقم في ( 60 سنة )
دمت بألق
تحاياي


الأستاذة الأديبة الكريمة/ آمال المصري
أشكرك جدا على كلماتك الرقيقة
بخصوص كتابة الأرقام هذا بسبب برنامج (Word) وليست مقصودة بالإنجليزية
خالص تحياتي

محمود سلامة الهايشة
26-02-2012, 05:02 AM
لكل مجتهد نصيب ، الحمد لله على النهاية السعيدة .

الأخ محمود الهايشة ،

لم أكن أعرف أنك تكتب القصة إلا اليوم ، لك مني التحية

أولا على حضورك في هذا القسم ، و ثانيا على فكرة القصة نفسها ،

حيث انطوت على جديد لم أكن أعرفه بخصوص " قفلات الكتاب "

في انتظار جديدك .

:hat:

أستاذتي الفاضلة/ نادية بو غرارة
1- بلي، أكتب القصة منذ عدة سنوات، حيث حولت المقال العلمي الصلب البحت في محاولات لكتابة القصة أو المشهد القصصي العلمي حتى نورط الذين لا يقرؤون إلا الأدب في قراءة المعلومات العلمية.
2- فكرة القصة أتت من كثرة القراءة في عدة مجالات وفي أكثر من مصدر من كتب ومجلات وصحف.
3- هناك المزيد والمزيد ولكن أريد منكم كأدباء الصحيح والتوجية والنقد البناء وبل التحليل النقدي، لأني منذ ثلاثة سنوات وأنا متردد في وضع أي قصة لي في واحة الأدب والثقافة.

أخوكم
محمود سلامة الهايشة

محمود سلامة الهايشة
26-02-2012, 05:04 AM
قرأتها مشدودة مع اني افضل النصوص القصيرة
جميلة أخي

شكرا لك

بوركت

الأستاذة الشاعرة/ نداء غريب صبري
أشكرك على مروركم الكريم، فالكم يسعدني ويشرفني قراءتكم للقصة

الف شكر

عايد راشد احمد
26-02-2012, 01:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذنا الفاضل

قراءتها عدة مرات

هذه او مرة اقرأ قصة ادبية باسلوب علمي مختلف

له مذاقه الخاص والجاذب

تقبل مروري وتحيتي

محمود سلامة الهايشة
26-02-2012, 02:10 PM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذنا الفاضل

قراءتها عدة مرات

هذه او مرة اقرأ قصة ادبية باسلوب علمي مختلف

له مذاقه الخاص والجاذب

تقبل مروري وتحيتي


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم والأديب الكبير/ عايد راشد
أشكركم أولا على مروركم الكريم وقراءتكم للقصة أكثر من مرة
ثانيا لك منى كل التحية والتقدير والاحترام على وصفك لأسلوب القصة ، بالفعل ففي الاساس أكتب المقال العلمي، واتمنى أن أصل في كتابته الأدبية للكاتب الكبير الدكتور/ محمد المخزنجي

تقبل خالص التحية

نادية بوغرارة
26-02-2012, 02:38 PM
أستاذتي الفاضلة/ نادية بو غرارة
1- بلي، أكتب القصة منذ عدة سنوات، حيث حولت المقال العلمي الصلب البحت في محاولات لكتابة القصة أو المشهد القصصي العلمي حتى نورط الذين لا يقرؤون إلا الأدب في قراءة المعلومات العلمية.
2- فكرة القصة أتت من كثرة القراءة في عدة مجالات وفي أكثر من مصدر من كتب ومجلات وصحف.
3- هناك المزيد والمزيد ولكن أريد منكم كأدباء الصحيح والتوجية والنقد البناء وبل التحليل النقدي، لأني منذ ثلاثة سنوات وأنا متردد في وضع أي قصة لي في واحة الأدب والثقافة.

أخوكم
محمود سلامة الهايشة
=========


حياك الله يا أخي محمود ،

إذن كنت تحرمنا من الاستمتاع و الاستفادة من قراءة قصصك !!

و عن تعمّد أيضا :020:

أرجو أن تتيح لنا الفرصة لنقرأ لك أكثر في هذا اللون مميّز المضمون ، الذي لا نصادفه كثيرا ،

و أراك صدقتَ حين اعتبرت ذلك توريطا للقراء ليستقبلوا المعلومة العلمية ،

في قالب قريب من ميولهم في القراءة ، و هي غاية نبيلة واضح فيها الذكاء في تطبيقها .

في انتظار جديدك .

:hat:

كاملة بدارنه
26-02-2012, 02:39 PM
فبدأ يبحث في مكتبته كَيْ يقرأ شيئًا عن تلك الظاهرة، هل مرَّ بها أحدٌ من الكُتّاب قَبْل؟! أم هو وحده الذي أصيب بها؟ فلم يجد لديه أيَّ كتاب يتحدَّث عن ذلك.
ليس بطلك فقط من أصيب بهذه الظّاهرة، فقد ظللت عشرين عاما أكتب وأمزّق ولا أدري لمَ كنت أكتب ، إلى أن قرّرت الكتابة، والإبقاء على ما أكتبه ... وصدفة عرضت عليّ إحدي الزّميلات أثناء حديث عن الإبداع والأدب النّشر في الواحة أو موقع آخر...
وكان أن أصدرت كتابا قصصيّا كتبته خلال أشهر قليلة ...
وكأنّي بطلة قصّتك أستاذ محمود
شكرا لك على طرق هذا الباب الذي يظلّ صاحبه ،غالبا، مغلقا إيّاه على نفسه، ولا أحد يدري به
سرد شيّق وبلغة جميلة
تقديري وتحيّتي

نادية بوغرارة
26-02-2012, 02:48 PM
الأديب محمود الهايشة ،

ذكرتني قصتك ، بقصة كتبتها منذ سنوات ، قريبة منها في موضوعها و فكرتها ،

لكنها سارت في اتجاه درامي ، محزن ، لا أتمناه لأي أديب .

فربما لو درى بطلها بأسرار القفلة الإبداعية و علاجها لانتهى أمره إلى انفراج مثل بطل قصتك ،

و لما توقف عند ديوانه الوحيد ...

رابط قصة : الديوان الوحيد

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=40716

ربيحة الرفاعي
17-03-2012, 01:01 AM
يتجلى ذكاء الكاتب وجدية فكره في حرصه على توصيل خدمة أو تحقيق هدف ذي بعد عام علمي او فكري او نهضوي فيما يكتب، وأراك في ردودك الكريمة أوضحت ما استرعى الاهتمام في النص من بعد علمي مطروح من خلاله، ومعلومة يحملها بين سطوره فما أجمل هذا ، سيما وقد جاء سلسا منسابا خلال النص بشكل ما

سنكون بانتظار جديدك

أهلا بك أيها الكريم في واحتك

تحيتي

وليد عارف الرشيد
17-03-2012, 03:13 AM
كت أستقرأ من ردود من سبقني هل أدركوا ما أدركت فوجدتني غير ناشزٍ والحمدلله عن المجموع ... فقد شدتني سرديتك بشكلٍ مدهش ... وكما عبر أستاذي الربيع التهمت سطورها لأصل إلى النهاية
بالفعل كان نصًا رائعًا لغةً وسردًا مباشرًا وقد أكون حلمت بنهايةٍ أكثر مفاجأةً
مودتي وتقديري أيها المبدع الجميل كما يليق