تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ----- غياب وحضور متبادل.



د.بشير مهدي
26-02-2012, 05:51 AM
غياب وحضور متبادل

اصطحب بولد الصغير ذي الثلاثة أعوام، إلى حفلة كانت تقام في الجامعة، لتخريج طلاب أنهوا سنوات دراستهم، كان كباقي الأساتذة مدعواً للحضور وتناول المرطبات، غير أنّه في القاعة لم يعد كباقي الأساتذة، يكتفي بالخضور ويستمتع بجمال اللقاء الأسري بين طلاب الجامعة وأساتذتهم فقط، بل تطوّر الموقف ليصبح هو المتحدّث الرئيسي في المناسنة، لأنّ عميد الكليّة غاب فجأة .،

كل هذه التطوات لم تكن تأخذ بال ولده الصغير، الذي كان يلعب ببراءة الطفولة، حتى إذا جاء دوره في الحديث نهض واقفاً إلى المنصّة التي لم تكن تبعد عن المقاعد سوى مسافة عشرة أمتار تقريباً، وعلى أنّه لم يكن على استعداد للحديث خطى خطوات فيها تؤدّة ورباطة جأش، كأنّه يستحضر بعض ما سيقوله للخضور، مرة أخرى لم تكن هذه تهمّ ولده الصغير،.. الذي قفز من على المقعد الذي احتضنه في جوار أبيه، لأنّ أباه لم يخبر له أي شيء، لحق أباه في نصف المسافة : أبي .. أين تذهب ..؟، أبي ..أنا معك.، لكنْ أبوه لم يلتفت إليه، لأنّه مشغول بتجميع أفكاره ولملمة أشتاته، ولربما حاول بعض المراقين له أو منظمي البرنامع منع الطفل من مرافقة أبيه..،

استمر الموقف أعني الغياب والحضور المتبادل بينه وبين الطفل، إلى أن وصل المنصّة التي هي عبارة عن مكان فسيح، يتوسطه منبر بقامة رجل، لم تشفع للطفل صعوبة المدرج ذو السلالم الثّلاثة، الذي يتطلّب الصعود إليه شيئاً من الحذر، يجعله يخرج مؤقتاً من غيابه في التفكير إلى حضور الواقع، وإدراك من حوله ومعه، لكن استمرّ على شاكلته، بل اشتدّ الإهمال، لأنّه سيكون بعد خطوة أو خطوتين مع المنبر والميكروفون وجها لوجه مع الحضور الكريم، غير أنّ الطفل في كامل حضوره متعجّب: ماذا دهى أبي ..؟!، واين الحنان المعتاد منه..؟!، لم يمسك بيدي في صعود المنصّة ..؟!، أين بسمته المعتادة في وجهي ..؟!، لابدّ في الأمر شيء ..!، سأراقبه طالما أنا الآن معه في المنصّة ..،

بدأ الحديث واسترجع بعض حضوره النفسي، فبدأت حالة الغياب تزول شيئاً فشيئاً، بتحية للحاضرين من أساتذة وطلاب وأولياء الأمور، وتبادله معهم بسمات ونكتاً خفيفة ترطيب الجو، في محاولة منه للخروج من حالة الغياب، تمهيداً لبعض توجيهات سيقولها لطلابه وفي مناسبة تخرجهم..،
انبسط الجميع عدا طفله الذي دخل في غياب، وانغمس في حالة أبيه، فلأول مرة رآه لا يبالي، ولا يلتفت نحوه، ولا يشعر به، اكتفي اللعب بأصابعة والنظر إليه، وكل أمنياته أن ينعم منه نظرة، فيها حنان الأبوّة، فجاة وقع بصره تحت المنبر، على عينين صغيرتين تمرقان من وجه فيه ألف تساؤل، بابا.. أه ولدي ..كنتَ معي ..؟!، حينها انتهى كل مابناه في غيابيه النفسي بحضور ولده، لتبقى لحظة جدليّة وفصلاً من فصول الغياب والحضور. .

------------- النهاية ----------

د.بشير مهدي
26-02-2012, 01:18 PM
غياب وحضور متبادل

اصطحب بولد الصغير ذي الثلاثة أعوام، إلى حفلة كانت تقام في الجامعة، لتخريج طلاب أنهوا سنوات دراستهم، كان كباقي الأساتذة مدعواً للحضور وتناول المرطبات، غير أنّه في القاعة لم يعد كباقي الأساتذة، يكتفي بالخضور ويستمتع بجمال اللقاء الأسري بين طلاب الجامعة وأساتذتهم فقط، بل تطوّر الموقف ليصبح هو المتحدّث الرئيسي في المناسنة، لأنّ عميد الكليّة صاحب الكلمة الرئيسيّة في المناسبة غاب فجأة .،

كل هذه التطوات لم تكن تأخذ بال ولده الصغير، الذي كان يلعب ببراءة الطفولة، حتى إذا جاء دوره في الحديث نهض واقفاً إلى المنصّة التي لم تكن تبعد عن المقاعد سوى مسافة عشرة أمتار تقريباً، وعلى أنّه لم يكن على استعداد للحديث خطى خطوات فيها تؤدّة ورباطة جأش، كأنّه يستحضر بعض ما سيقوله للخضور، مرة أخرى لم تكن هذه تهمّ ولده الصغير،.. الذي قفز من على المقعد الذي احتضنه في جوار أبيه، لأنّ أباه لم يخبر له أي شيء، لحق أباه في نصف المسافة : أبي .. أين تذهب ..؟، أبي ..أنا معك.، لكنْ أبوه لم يلتفت إليه، لأنّه مشغول بتجميع أفكاره ولملمة أشتاته، ولربما حاول بعض المراقين له أو منظمي البرنامع منع الطفل من مرافقة أبيه..،

استمر الموقف أعني الغياب والحضور المتبادل بينه وبين الطفل، إلى أن وصل المنصّة التي هي عبارة عن مكان فسيح، يتوسطه منبر بقامة رجل، لم تشفع للطفل صعوبة المدرج ذو السلالم الثّلاثة، الذي يتطلّب الصعود إليه شيئاً من الحذر، يجعله يخرج مؤقتاً من غيابه في التفكير إلى حضور الواقع، وإدراك من حوله ومعه، لكن استمرّ على شاكلته، بل اشتدّ الإهمال، لأنّه سيكون بعد خطوة أو خطوتين مع المنبر والميكروفون وجها لوجه مع الحضور الكريم، غير أنّ الطفل في كامل حضوره متعجّب: ماذا دهى أبي ..؟!، واين الحنان المعتاد منه..؟!، لم يمسك بيدي في صعود المنصّة ..؟!، أين بسمته المعتادة في وجهي ..؟!، لابدّ في الأمر شيء ..!، سأراقبه طالما أنا الآن معه في المنصّة ..،

بدأ الحديث واسترجع بعض حضوره النفسي، فبدأت حالة الغياب تزول شيئاً فشيئاً، بتحيته للحاضرين من أساتذة وطلاب وأولياء الأمور، وتبادله معهم بسمات ونكتاً خفيفة ترطيباً للجو، في محاولة منه للخروج من حالة الغياب، تمهيداً لبعض توجيهات سيقولها لطلابه وفي مناسبة تخرجهم..،
انبسط الجميع، عدا طفله الذي دخل في غياب، وانغمس في حالة أبيه، فلأول مرة رآه لا يبالي، ولا يلتفت نحوه، ولا يشعر به، اكتفي اللعب بأصابعة والنظر إليه، وكل أمنياته أن ينعم منه نظرة، فيها حنان الأبوّة، فجاة وقع بصره تحت المنبر، على عينين صغيرتين تمرقان من وجه فيه ألف تساؤل، بابا.. أه ولدي ..كنتَ معي ..؟!، حينها انتهى كل مابناه في غيابيه النفسي بحضور ولده، لتبقى لحظة جدليّة وفصلاً من فصول الغياب والحضور. .

------------- النهاية ----------

كاملة بدارنه
26-02-2012, 02:51 PM
في لحظات الانفعال والانشغال، تغيب أمور كثيرة أو بالأحرى تعمى العيون عن رؤيتها
الوقوف أمام الجمهور لا يقدر عليه الكثيرون، فكيف إن كان مفاجئا؟
قصّة شيّقة وجاذبة
بوركت أستاذ بشير
تقديري وتحيّتي
( بالحضور - المناسبة - منظّمو - ذي - بنظرة )

عايد راشد احمد
26-02-2012, 07:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذنا الفاضل

كثيرا ما يمر علي الانسان اوقاتا يكون فيها حاضرا غائبا

كما هو الحال في قصتك الرائعة

اجدت استخدام ادواتك كلمة وسرد واسلوب

راقتني كتاباتك

تقبل مروري وتحيتي

د.بشير مهدي
27-02-2012, 06:24 PM
في لحظات الانفعال والانشغال، تغيب أمور كثيرة أو بالأحرى تعمى العيون عن رؤيتها
الوقوف أمام الجمهور لا يقدر عليه الكثيرون، فكيف إن كان مفاجئا؟
قصّة شيّقة وجاذبة
بوركت أستاذ بشير
تقديري وتحيّتي
( بالحضور - المناسبة - منظّمو - ذي - بنظرة )

الأديبة الفاضلة كاملة بدارنه - سرني مرورك العطر -
بوركت وبورك قلمك ، تحياتي بودّ

د.بشير مهدي
27-02-2012, 06:29 PM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذنا الفاضل

كثيرا ما يمر علي الانسان اوقاتا يكون فيها حاضرا غائبا

كما هو الحال في قصتك الرائعة

اجدت استخدام ادواتك كلمة وسرد واسلوب

راقتني كتاباتك

تقبل مروري وتحيتي
الأستاذ القدير الفاضل عايد راشد احمد - تشرفت بوقوفك على ما رقمت، وسرّني أن نال إعجابك - أشكرك، تحاياي وتقديري بود.

د.بشير مهدي
28-02-2012, 06:33 AM
غياب وحضور متبادل

اصطحب بولده الصغير ذي الثلاثة أعوام،
.................................................. ........
.................................................. ..,,,
........................................
ولربما حاول بعض المرافقين له أو منظمي البرنامع منع الطفل من مرافقة أبيه..،


------------- النهاية ----------
------------- قاتل الله العجلة ----------- ما أكثر الأخطاء المطبعيّة.

د.بشير مهدي
16-03-2012, 08:38 AM
غياب وحضور متبادل

اصطحب بولده الصغير ذي الثلاثة أعوام، إلى حفلة كانت تقام في الجامعة، لتخريج طلاب أنهوا سنوات دراستهم، كان كباقي الأساتذة مدعواً للحضور وتناول المرطبات، غير أنّه في القاعة لم يعد كباقي الأساتذة، يكتفي بالخضور ويستمتع بجمال اللقاء الأسري بين طلاب الجامعة وأساتذتهم، بل تطوّر الموقف ليصبح هو المتحدّث الرئيسي في المناسنة، لأنّ عميد الكليّة صاحب الكلمة الرّئيسيّة في المناسبة غاب فجأة .

كل هذه التطوات لم تكن تأخذ بال ولده الصغير، الذي كان يلعب ببراءة الطفولة، حتى إذا جاء دوره في الحديث نهض واقفاً إلى منصّة غير بعيدة عن المقاعد سوى مسافة عشرة أمتار تقريباً، وعلى أنّه لم يكن على استعداد للحديث خطى خطوات فيها تؤدّة ورباطة جأش، كأنّه يستحضر بعض ما سيقوله للخضور، مرة أخرى لم تكن هذه تهمّ بولده الصغير،.. الذي قفز من على المقعد الذي احتضنه في جوار أبيه، لأنّ أباه لم يخبر له أي شيء، لحق أباه في نصف المسافة : أبي .. أين تذهب ..؟، أبي ..أنا معك.، لكنْ أبوه لم يلتفت إليه، لأنّه مشغول بتجميع أفكاره ولملمة أشتاته، ولربما حاول بعض المرافقين له أو منظمي البرنامع منع الطفل من مرافقة أبيه..

استمر الموقف (أعني الغياب والحضور المتبادل) بينه وبين الطفل، إلى أن وصل المنصّة التي هي عبارة عن مكان فسيح، يتوسطه منبر بقامة رجل، لم تشفع للطفل صعوبة المدرج ذي السلالم الثّلاثة، الذي يتطلّب الصعود إليه شيئاً من الحذر، يجعله يخرج مؤقتاً من غيابه في التفكير إلى حضور الواقع، وإدراك من حوله ومن معه، لكن استمرّ على شاكلته، بل اشتدّ الإهمال، لأنّه سيكون بعد خطوة أو خطوتين مع المنبر والميكروفون وجها لوجه مع الحضور الكريم، غير أنّ الطفل في كامل حضوره متعجّب: ماذا دهى أبي ..؟!، واين الحنان المعتاد منه..؟!، لم يمسك بيدي في صعود المنصّة ..؟!، أين بسمته المعتادة في وجهي ..؟!، لابدّ في الأمر شيء ..!، سأراقبه طالما أنا الآن معه في المنصّة ..،

بدأ الحديث واسترجع بعض حضوره النفسي، فبدأت حالة الغياب تزول شيئاً فشيئاً، بتحيته للحاضرين من أساتذة وطلاب وأولياء أمور، وتبادله معهم ببسمات ونكتاً خفيفة ترطيبا الجو، في محاولة منه للخروج من حالة الغياب، تمهيداً لبعض توجيهات سيقولها لطلابه في مناسبة تخرجهم..،
انبسط الجميع عدا طفله الذي دخل في غياب، وانغمس في حالة أبيه، فلأول مرة رآه لا يبالي، ولا يلتفت نحوه، ولا يشعر به، اكتفي اللعب بأصابعة والنظر إليه، وكل أمنياته أن ينعم منه بنظرة، فيها حنان الأبوّة، فجاة وقع بصره تحت المنبر، على عينين صغيرتين ترمقان من وجه فيه ألف تساؤل، بابا.. أه ولدي ..كنتَ معي ..؟!، حينها انتهى كل مابناه في غيابيه النفسي بحضور ولده، لتبقى لحظة جدليّة وفصلاً من فصول الغياب والحضور. .

------------- النهاية ----------

آمال المصري
18-03-2012, 12:15 PM
تصنع المفاجآت الغير متوقعة شيء من غياب الإحساس بالمحيطين
مما يفجر لدى الطرف الآخر ينابيع الأسئلة عله يجد سبباً يقنعه
جميلة بحبكتها القصصية بفكرتها أخي الفاضل
دمت رائع الحضور
تحاياي

د.بشير مهدي
19-03-2012, 04:28 PM
تصنع المفاجآت الغير متوقعة شيء من غياب الإحساس بالمحيطين
مما يفجر لدى الطرف الآخر ينابيع الأسئلة عله يجد سبباً يقنعه
جميلة بحبكتها القصصية بفكرتها أخي الفاضل
دمت رائع الحضور
تحاياي

الأستاذة الأديبة آمال المصري أشكرك على هذه الإطلالة، ولمرورك الكريم أهميّة أضافت القصة قيمة أدبيّة أكثر فأكثر - تحياتي كما ينبغي.

ربيحة الرفاعي
26-03-2012, 10:41 PM
نص قصي قوي الفكري وجليل المحمول حلو المعالجة
بسردية مشوقة

وددت لو انك راجعته قبل اعتماد نشره لتجنب ما شابه من أخطاء في غير موضع

أهلا بك أديبنا الكريم في واحتك

تحيتي

نداء غريب صبري
13-02-2013, 01:47 PM
عندما تقف بمواجهة الجمهور تكون منتبها للجمهور فقط
وتنسى كل شئ عداه

الطفل لن يفهم ذلك أبدا
لهذا لا نحب وجودهم في الماكن التي ننشغل فيها بغيرهم

قصة جميلة ومؤثرة

ناديه محمد الجابي
10-02-2018, 07:32 PM
في الوقت الذي كان لابد ان يركز كل تفكيره ليواجه الجمهور
شتت الطفل تركيزه فلم يستطع أن يكون حاضرا بكل وعيه
مزج بين الوصف الدقيق والسرد القوي الممتع
دمت ببهاء الحرف ودمت مبدعا.
:001::hat::001: