المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا وقع القدر



نزار ب. الزين
08-03-2012, 12:40 AM
إذا وقع القدر
عمي البصر
قصة قصيرة واقعية : نزار ب. الزين*
*****

أنا على وشك الولادة يا أمي و قد أكد لي الطبيب أنني أحمل ذكرا ، لك أن تتصوري وقع الخبر على زوجي ، كاد يرقص فرحا ،
و لكن ...
ثمت مشكلة تواجهنا يا أمي ، إجازة الوضع هنا خمس و أربعون يوما فقط ، فمن سيعتني بالرضيع بعد انتهائها ؟
لا توجد بالقرب منا دار حضانة .
و ناظرة المدرسة رفضت – قطعا و بتا – أن أصحب الرضيع إلى المدرسة لأضعه برعاية إحدى العاملات ،
كنا ثلاث حوامل ظروفنا متشابهة ؛ رفضت رجاءنا و توسلنا بكل جفاء و غطرسة و استكبار!
اقترحت على زوجي أن أستقيل ، و لكنه رفض – قطعا و بتا – قال لي في معرض تبريره :
- " إنها فرصة العمر لن نضيعها مهما كانت النتائج ! "
- حتى لو كانت على حساب ابننا يا حامد ؟ سألته معاتبة ، فأجابني مطمئنا ً:
- " بعد الولادة و إجازة الوضع يحلها الحلال !! "
هكذا هي عادته دوما يرجئ الأمور ، و لكنني لا أخفي عليك أنني في غاية القلق ، فلست أرى حلاَ لمعضلتنا هذه غير أحد أمرين ، إما استقالتي أو حضورك عندنا للعناية بحفيدك أثناء غيابي .
أنا أعلم أنك مريضة يا أمي و أنك بحاجة للرعاية ، و لكن ما العمل يا أمي ؟ لم يعد أمام ي من أمل إلاكِ ....
أرجوك و أقبل يديك الطاهرتين ، أن تسعي بأقرب فرصة للحصول على ( فيزا ) و الحضور لنجدتي ..
*****
كانت الاجابة على رسالة ( سها ) ورقة نعوة ، فالوالدة انتقلت إلى رحمة ربها ...
بكت كثيرا ...
و بين كل موجتي بكاء كانت تضرب كفا بكف متسائلة و قد تملكتها الحيرة : " كيف سندبر الأمر ؟؟! "
واساها زوجها ، و لكنه كان كلما خلا إلى نفسه يضرب كفا بكف متسائلا و قد تملكته الحيرة : " كيف سندبر الأمر ؟؟! "
واستها زميلاتها ، و لكنهن جميعا مرتبطات بالدوام المدرسي مثلها و لا يمكن لأي منهن أن تقدم أية معونة . و كن يضربن كفا بكف متسائلات " كيف ستتدبرين الأمر يا سها ؟"..
اقترحت إحداهن أن تستدعي مربية من إحدى الدول الآسوية.. و لكن ( حامد ) رفض الاقتراح – قطعا و بتا – فراتب المربية سوف يستقطع معظم راتب زوجته (!) .
ثم أخذ يرجئ البحث بالموضوع – كعادته - كلما حاولت سُها إثارته :
" بعد الولادة و إجازة الوضع يحلها الحلال !! "
كانت تلك إجابته على الدوام .
*****
تمت الولادة بيسر ، و هبط الطفل إلى الدنيا صحيحا معافى ،
فرحا به ، و أغدقا عليه كل حبهما و حنانهما ، كان حامد كلما عاد من عمله يهرع إلى سرير الطفل قبل أن يقرئ السلام على زوجته ، فيبدأ بمداعبته و تقبيله ، و قد أشرقت أساريره و التمعت عيناه بسعادة لم يشعر بها من قبل ...
و لكن .....
و لكن عندما اقتربت إجازة الوضع على نهايتها ، أخذا يضربان كفا بكف ، متسائلين بحيرة : " كيف سنتدبر الأمر ؟ "
رفض حامد مجددا فكرة المربية- قطعا و بتا !
و رفض كذلك فكرة إستقالة زوجته – قطعا و بتا !
ثم ...
ثم تفتق ذهنه عن فكرة ألمعية اعتبرها حبل النجاة ألهمه بها قاضي الحاجات...

*****
بدأ يصحب الرضيع معه
يتركه بالسيارة مع تجهيزاته
ثم يطل عليه كل فرصة بين حصتين
فيرضعه بالبزازة بعناية بالغة ،
و يضيف إلى الحليب الصناعي الذي كان يغذيه منه ، قطرات من ( ماء الغريب ) و هو دواء مهدئ يُعطى للرضع في حالات خاصة (!).
ثم يغير له حفاضاته بلا أدنى تذمر أو اشمئزاز ..
ثم يعود مسرعا إلى حصته القادمة ...
كان يقوم بكل ذلك بمهارة أنثى خبيرة .
*****
و في يوم قائظ ،
قدم إلى المدرسة مفتش مادة العلوم التي كان حامد يدرسها ، فحضر حصتين متواليتين من حصصه ، ثم شغله مع زملاء آخرين بمناقشةٍ حول أدائهم ، استغرقت ساعة أخرى ..
و ما أن انتهى الاجتماع حتى تذكر حامد وليده ،
فهرع الى السيارة ليطمئن عليه ..
ليجده جثة هامدة !
-------------------
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب

وليد عارف الرشيد
08-03-2012, 01:34 AM
واقعية مؤلمة وقاسية .. لاحظ أستاذي ماذا فعلت بنا هذه الحياة المعاصرة ... وقصتك الجميلة المعبرة تفتح المجال للكثير من الحديث ولفتح ملفاتٍ مهمة
لي عودةٌ بعون الله أحييك وأشكرك على تقديمك دائمًا القصص الناطقة بواقعٍ أليم
مودتي وتقديري كما يليق

ربيع بن المدني السملالي
08-03-2012, 01:44 AM
وهذا هو الأديب الأخ نزار دائما يجعلنا نعيش في قلب الواقع المرّ الذي أصبحنا نعيشه وبطريقة سردية رائعة وكأننا نرى ذلك رأي العين ...
شكرا لك أيها الكريم وبارك الله في قلمك وفكرك النيرين
دمت بألق
تحيتي لك والمودة

نداء غريب صبري
08-03-2012, 02:39 AM
هذه النتيجة المتوقعة قطعا وبتا

قصة جميلة تصف البخل والاستماته في سبيل الدنيا ونتائجها

شكرا لك اخي

بوركت

نزار ب. الزين
08-03-2012, 02:48 AM
وهذا هو الأديب الأخ نزار دائما يجعلنا نعيش في قلب الواقع المرّ الذي أصبحنا نعيشه وبطريقة سردية رائعة وكأننا نرى ذلك رأي العين ...
شكرا لك أيها الكريم وبارك الله في قلمك وفكرك النيرين
دمت بألق
تحيتي لك والمودة

===========
أخي المكرم الأستاذ ربيع
أنا معك في أن بعضه واقع مر
***
شكرا جزيلا لمشاركتك القيِّمة
و ثنائك الجميل و دعائك الطيِّب
مع خالص المودة و التقدير
نزار

نزار ب. الزين
08-03-2012, 02:55 AM
هذه النتيجة المتوقعة قطعا وبتا
قصة جميلة تصف البخل والاستماته في سبيل الدنيا ونتائجها
شكرا لك اخي
بوركت

=============
صدقت أختي الفاضلة نداء
إنها الاستماتة من أجل المال
***
ممتن لمرورك و اهتمامك بالنص
مع ود بلا حد
نزار

ياسر ميمو
08-03-2012, 07:45 PM
السلام عليكم


تحية لك أستاذ نزار


قدرتك على سبر أغوار الواقع جد مميزة


نص يحاكي واقعاً اجتماعياً مأساوياً



أديبنا الفاضل...... دُمت مبدعاً

ربيحة الرفاعي
08-03-2012, 08:03 PM
فكرت ان أقول الاستكلاب على الدنيا، ولكن الكلاب أحن على أولادها مما قرأنا هنا

نص قصي رائع يستقي من الواقع فكرته ويصوغها في قالب سلسل ميسر

أعجبني الدخول المشوق برسالة موجهة للوالدة تشرح الظرف وترسم للقاريء ملامح الصورة وعقدة الموقف

أهلا بك أديبنا الكريم

تحيتي

أحمد عيسى
08-03-2012, 10:57 PM
واقعية بامتياز
مدهشٌ أنت أستاذ نزار في وصف الواقع
وتناول قضايا المجتمع
أخي بنى بيته وكان يؤخر انتقاله للبيت الجديد
فقط ليظل في المنزل حيث تعتني أمي بطفله
وهذا حال كل من يتزوج موظفة
يكون هم الاعتناء بالولد فوق كل اعتبار
ولكن للأسف
المفاضلة تكون قاسية
يفضل الناس المعاناة
على أن يتخلوا عن وظيفة الزوجة
ولا يمكن أن نلومهم كثيراً
لأن التزامات الحياة أصبحت قاسية جداً
حتى أن راتب واحد لا يكفي
وراتبان بالكاد يكفيان
وكان الله في عون الناس

كم هي مؤلمة نهاية القصة
مؤلمة حد التشنج


أحيي قلمك المدهش

نزار ب. الزين
08-03-2012, 11:53 PM
السلام عليكم
تحية لك أستاذ نزار
قدرتك على سبر أغوار الواقع جد مميزة
نص يحاكي واقعاً اجتماعياً مأساوياً
أديبنا الفاضل...... دُمت مبدعاً

==========
أخي المكرم الأستاذ ياسر
ثناؤك إكليل غار
توج هامتي و نصوصي
فلك الشكر و الود ، بلا حد
نزار

نزار ب. الزين
09-03-2012, 12:00 AM
فكرت ان أقول الاستكلاب على الدنيا، ولكن الكلاب أحن على أولادها مما قرأنا هنا
نص قصي رائع يستقي من الواقع فكرته ويصوغها في قالب سلسل ميسر
أعجبني الدخول المشوق برسالة موجهة للوالدة تشرح الظرف وترسم للقاريء ملامح الصورة وعقدة الموقف
أهلا بك أديبنا الكريم
تحيتي

**********
أختي الفاضلة ربيحة
نعم ، لقد آثر الزوج المال
و فضله على فلذة كبده
فكانت تلك النتيجة الماسوية
***
أختي الكريمة
إعجابك باسلوب قصي
أثلج صدري
فلك من الشكر جزيله
و من الود عميقه
نزار

نزار ب. الزين
09-03-2012, 12:15 AM
واقعية بامتياز
مدهشٌ أنت أستاذ نزار في وصف الواقع
وتناول قضايا المجتمع
أخي بنى بيته وكان يؤخر انتقاله للبيت الجديد
فقط ليظل في المنزل حيث تعتني أمي بطفله
وهذا حال كل من يتزوج موظفة
يكون هم الاعتناء بالولد فوق كل اعتبار
ولكن للأسف
المفاضلة تكون قاسية
يفضل الناس المعاناة
على أن يتخلوا عن وظيفة الزوجة
ولا يمكن أن نلومهم كثيراً
لأن التزامات الحياة أصبحت قاسية جداً
حتى أن راتب واحد لا يكفي
وراتبان بالكاد يكفيان
وكان الله في عون الناس
كم هي مؤلمة نهاية القصة
مؤلمة حد التشنج
أحيي قلمك المدهش

***********
أخي الحبيب الأستاذ أحمد
لا شك أن الحالة الاقتصادية
و ضغوط الحياة المعاصرة
تدفع الشبان للبحث عن شريك موظف
و لكن مهما كانت الظروف قاسية
فإن فلذات الأكباد - كما تفضلت –
أهم من أموال قارون
***
أخي الكريم
إعجابك بالقصة أثلج صدري
أما ثناؤك على أسلوب قصي
فهو وسام أعتز به
فلك الشكر و الود ، بلا حد
نزار

آمال المصري
09-03-2012, 12:21 AM
واقعية من الروائع النزارية قرأتها
وضريبة من يبحثون عن المال ولو على حساب أبنائهم
ومن يغلون أيديهم إلى أعناقهم ليجنوا الحسرة والندامة ... حيث لاينفع الندم
ومعاملة الأم من جانب آخر والتفكير في مدى الاستفادة منها لتجلس بالوليد رغم يقينها بمرض الأم واحتياجها للمساعدة والرعاية
ونهاية مأساوية غير متوقعة
دمت رائعا أديبنا الفاضل
تحاياي

نزار ب. الزين
09-03-2012, 06:31 PM
واقعية من الروائع النزارية التي قرأتها
وضريبة من يبحثون عن المال ولو على حساب أبنائهم
ومن يغلون أيديهم إلى أعناقهم ليجنوا الحسرة والندامة ... حيث لاينفع الندم
ومعاملة الأم من جانب آخر والتفكير في مدى الاستفادة منها لتجلس بالوليد رغم يقينها بمرض الأم واحتياجها للمساعدة والرعاية
ونهاية مأساوية غير متوقعة
دمت رائعا أديبنا الفاضل
تحاياي


=========
أختي الفاضلة آمال
صدقت في كل ما قلت
فقد أحطت بجميع جوانب النص
***
الشكر الجزيل لمشاركتك التفاعلية
و ثنائك الدافئ
مع ود بلا حد
نزار

نزار ب. الزين
11-03-2012, 02:04 AM
واقعية مؤلمة وقاسية .. لاحظ أستاذي ماذا فعلت بنا هذه الحياة المعاصرة ... وقصتك الجميلة المعبرة تفتح المجال للكثير من الحديث ولفتح ملفاتٍ مهمة
لي عودةٌ بعون الله أحييك وأشكرك على تقديمك دائمًا القصص الناطقة بواقعٍ أليم
مودتي وتقديري كما يليق

=============
أخي المكرم الأستاذ وليد
ممتن لمرورك و اهتمامك
و ثنائك الدافئ
و بانتظار عودتك
مع خالص المودة و التقدير
نزار

د. سمير العمري
14-07-2012, 09:26 PM
قصة مؤلمة قاتل الله الفقر والطمع!

لست أدري ما أقول في موقف كهذا والنفس تتقلب بين ألم وغضب.

دمت بخير وعافية!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

نزار ب. الزين
16-07-2012, 09:48 PM
قصة مؤلمة قاتل الله الفقر والطمع!
لست أدري ما أقول في موقف كهذا والنفس تتقلب بين ألم وغضب.
دمت بخير وعافية!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي


==================
أخي الأكرم الدكتور سمير
صدقت ، إنه حادث مؤلم
بقدر ما يثير الغضب
و شخصيا أعتبر والد الطفل مجرما
***
أخي الحبيب
زيارتك تشريف
و مشاركتك إثراء للنص
فلك الشكر و الود ، بلا حد
نزار
أرجو المعذرة لتأخري بالرد بسبب وعكة صحية

فاطمه عبد القادر
17-07-2012, 11:31 AM
و ما أن انتهى الاجتماع حتى تذكر حامد وليده ،
فهرع الى السيارة ليطمئن عليه ..
ليجده جثة هامدة !


السلام عليكم أخي العزيز نزار
ما شاء الله لك عين مثل عدسة الكاميرا ,تلتقط صورا من الواقع بسهولة ويسر
حقا ,,هذة مأساة أخرى من مآسي مجتمعاتنا ,مأساة لا تجد من يعتني بحلحلتها ,والضحية هو الأضعف كالعادة
لقد بحث الوالدان عن حل بدون جدوى
ربما كان الحل بإرجاء الحمل من الأصل
فالحياة لا تؤخذ دفعة واحدة
ولكني ,,لا أعذرهم ,بما أن الطفل قد جاء وصار واقعا ,,فهناك أولويات,وهو الأولى ,,وليذهب كل شيء بعده للجحيم ,,حتى لو عشنا على خبزة جافة وشربة ماء
شكرا جزيلا لك
ماسة

نزار ب. الزين
18-07-2012, 06:28 AM
السلام عليكم أخي العزيز نزار
ما شاء الله لك عين مثل عدسة الكاميرا ,تلتقط صورا من الواقع بسهولة ويسر
حقا ,,هذة مأساة أخرى من مآسي مجتمعاتنا ,مأساة لا تجد من يعتني بحلحلتها ,والضحية هو الأضعف كالعادة
لقد بحث الوالدان عن حل بدون جدوى
ربما كان الحل بإرجاء الحمل من الأصل
فالحياة لا تؤخذ دفعة واحدة
ولكني ,,لا أعذرهم ,بما أن الطفل قد جاء وصار واقعا ,,فهناك أولويات,وهو الأولى ,,وليذهب كل شيء بعده للجحيم ,,حتى لو عشنا على خبزة جافة وشربة ماء
شكرا جزيلا لك
ماسة[/CENTER][/QUOTE]

===================
أختي الفاضلة فاطمة
و أنا أيضا لا أعذرهم
و على الأخص لا أعذر والد الطفل
فماديته أودت بفلذة كبده
***
أختي الكريمة
ممتن لزيارتك و مشاركتك التفاعلية
أما ثناؤك فهو وسام زيَّن نصي و صدري
مع خالص تقديري لك و اعتزازي بك
نزار

ناصر أبو الحارث
30-03-2013, 12:29 AM
قصة جميلة أستاذ نزار
واقعية وصادقة ومفيدة