تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأدب ومكر السياسة



مصطفى معروفي
08-03-2012, 11:46 AM
في فترة من الفترات التحق بعض الأدباء تعاطفا أو أعضاء ببعض الأحزاب السياسية ،و بخاصة اليسارية منها، معتقدين ان تلك الأحزاب هي التي يمكن أن تساعدهم على طرح أفكارهم و إيصالها إلى القراء و إلى كل من يعنيهم الأمر من خلال منابرها الإعلامية ، لكن بعد مضي فترة من الزمن وجدنا ثمة فريقين من هؤلاء الأدباء ،فريق تسلق سلم المناصب و صارت له قناعات أخرى تولدت عن الوضعية الجديدة التي هو فيها ، و التي وصلها بمساعدة الحزب،و فريق بقي على الهامش يتجرع كؤوس المرارة حين اكتشف بعد فوات الأوان أنه كان منخدعا ،و أن الحزب الذي انضم إليه إنما كان يرفع شعارات مزيفة هدفها هو اكتساب قاعدة شعبية عريضة تتيح له تحقيق طموحاته السياسية فيما بعد.وهذا الفريق انقسم بدوره إلى فريقين ،فريق انسحب من الساحة الأدبية لكنه بقي يعيش على أطلال أحلامه و طموحاته،و فريق غير رأيه و ركب موجة أخرى لدرجة أن البعض منه بدا بوجه نقيض للوجه الذي كان يظهر به سابقا.
و هكذا رأينا أن الأدباء الذين كانوا يحملون الشعارات البراقة من قبيل الالتزام و النضال و الوقوف في صفوف الجماهير و (يتحفون)نا بين الوقت و الآخر بنصوص لا يشك القارئ في نية صاحبها السليمة لم تكن في واقع الأمر إلا تكتيكا يستخدمونه من أجل تحقيق ما يسعون إليه من طموحات بعيدة كل البعد عن طموحات الجماهير التي كانوا يزعمون أنهم يخدمونها و يقفون معها ضد الحيف الاجتماعي الذي تعاني منه في مجتمعها.
و إذا كانت الجهات الرسمية قد جنت على الأدب و جعلته مدجنا لا يهتف إلا باسمها و بما هو في صالحها لإدامة سطوتها و نفوذها ، فالجهات غير الرسمية و بالتحديد أحزاب اليسار جعلت من الأدب بوقا لبرامجها و أيديولوجياتها بما يخدم الأهداف المسطرة التي تروم الوصول إليها،فتحجم – أعني الأدب – و تقزم دوره بحيث صار مختزلا فقط في الإشادة بالحزب و تمجيد مذهبه الأيديولوجي،فلم نعد نقرأ أدبا بقدر ما عدنا نقرأ منشورات سياسية دعائية مصنفة قسرا في خانات الشعر و القصة القصيرة و الرواية و النقد الأدبي.
و حتى لا نبخس الناس أشياءهم ،فثمة مجموعة من الأدباء و الكتاب انخرطوا في أحزاب يسارية ،بحيث دخلوا بأقلامهم حلبة الصراع عن حسن نية ظانين أنهم يقدمون خدمة للمجمتع و للأدب،ثم فجأة اكتشفوا أنهم ذهبوا ضحية النصب عليهم و أنهم كانوا مجرد بيادق في رقعة شطرنج شرذمة من دهاقنة تلك الأحزاب،و ذلك بعد أن تغيرت المعاطف و أصبح اليساري يمينيا أكثر من اليميني التقليدي نفسه .
إنها مأساة الأدب في زمن مكر السياسة و ثعالبها التي تبشم في كل أقرب فرصة متاحة لها بعد أن تنام النواطير عنها.

ربيحة الرفاعي
27-03-2012, 05:04 PM
الأصل في الأديب الذي يحمل رسالة حقيقة مخلصة أن لا يرضى لحرفه أن يُمتطى، وهذا يستدعي منه أن لا يركب الموجة -أية موجة- سواء اتفقت مع مصلحة الحزب أو التيار الذي ينتمي إليه أو يؤمن به ، أو بدت فيما يظهر منها محققة لمصلحة حزبية تعنيه، فإن رهن حرفه لرسالة بعينها بعيدا عن الجهة التي ترفعها شعارا ، فلن يكون أبدا مطية لأحد ولن ينهار ومُثله، ولن ينقلب على نفسه ..

مقالة قوية وهادفة

اهلا بك ايها الكريم

تحيتي

براءة الجودي
14-05-2013, 10:55 AM
و حتى لا نبخس الناس أشياءهم ،فثمة مجموعة من الأدباء و الكتاب انخرطوا في أحزاب يسارية ،بحيث دخلوا بأقلامهم حلبة الصراع عن حسن نية ظانين أنهم يقدمون خدمة للمجمتع و للأدب،ثم فجأة اكتشفوا أنهم ذهبوا ضحية النصب عليهم و أنهم كانوا مجرد بيادق في رقعة شطرنج شرذمة من دهاقنة تلك الأحزاب،و ذلك بعد أن تغيرت المعاطف و أصبح اليساري يمينيا أكثر من اليميني التقليدي نفسه .
على المسلم الكاتب الذي له رسالة سامية أن لاينظر غلى حزب أو فرقة أو جماعة بل يكتب مايؤمن به ومايمليه عليه قلبه وعقله ومايتمسك به من مبادئه سواء صداف أن وافق رأيه راي أحد الفرق أم لايصادف
المهم أن يُعلق كلمة الحق ويخرس أهل الضلال ويصحح الخطأ ويقوِّم المعوج ويدعو في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والأدب الرفيع عن كل سفاسف الأمور وبعيدا عن ضجيج الفتن التي يلزم أن نوضح سقيمها من صحيحها مع إبصارٍ جيد للأوضاع والأمور .
تقديري

ريبر أحمد
23-05-2013, 07:37 PM
كثر من الأدباء أصبحوا معرفيين فيما بعد(مستقلين) و استطاعوا فيما بعد أن يروجوا لفكر خال من المنافع والسمسرة السياسية
فالحزبياتية أثبتت وتثبت فشلها على الدوام وهذا سر ابتعاد النشء الجديد عن الأحزاب، فلم تعد الأحزاب سوى وسيلة تسيير المصالح التي يسعى الوصوليين من خلالها إلى المناصب والثراء المادي الباذخ

بهجت عبدالغني
23-05-2013, 08:41 PM
هنا نقف إزاء وظيفة الأدب والأديب
متسائلين هل هي ركوب الموجة وتقديم ما يطلبه الناس ، والتسلق من خلالها عبر غايات شخصية وفردية
أم هي وظيفة رسالية أخلاقية تحاول رفع المشهد من مستنقعه الآسن إلى عوالم أكثر رقياً وانسجاماً ؟


موضوع يحتاج إلى أكثر من وقفة ..

بارك الله فيك



تحياتي وتقديري ..

جوري الفرجاني
28-05-2013, 10:40 PM
طرح هادف جداً جداً،
لطالما رأيت عجباً في بلدي من أمثال هؤلاء المثقفين !
حتى انهم كوّنو حلقة مغلقة حول توجهات المرشدين لهم، ولم يشاركو المجتمع الأدبي إلا عن طريق بعض المقالات الساخرة ! في محاولة منهم لجلب أنظار الجماهير وتغيير توجهات المجتمع المحافظ!!!



تحياتي لك ولقلمك الرائع

مصطفى معروفي
07-03-2014, 08:11 PM
الأصل في الأديب الذي يحمل رسالة حقيقة مخلصة أن لا يرضى لحرفه أن يُمتطى، وهذا يستدعي منه أن لا يركب الموجة -أية موجة- سواء اتفقت مع مصلحة الحزب أو التيار الذي ينتمي إليه أو يؤمن به ، أو بدت فيما يظهر منها محققة لمصلحة حزبية تعنيه، فإن رهن حرفه لرسالة بعينها بعيدا عن الجهة التي ترفعها شعارا ، فلن يكون أبدا مطية لأحد ولن ينهار ومُثله، ولن ينقلب على نفسه ..

مقالة قوية وهادفة

اهلا بك ايها الكريم

تحيتي

شكرا لك أختي الفاضلة الأستاذة ربيحة على المرور الكريم و على التعليق الرزين:
الأدباء ليسوا كلهم يتمثلون رسالة الأدب و يشتبثون بتلابيب مثاليتها ، فالمادة لها سلطة قوية على النفوس ، و أمام إغرائها يكون الكاتب عرضة لأن يبدل قناعته و يغير مبادئه.فكم رأينا من أديب كان في ضفة ما بات و أصبح في ضفة أخرى نائية و ربما مناوئة لضفته الأولى ، و السبب هو العرض المادي المغري أو حتى لو كان غير مغر الذي لم يصمد امامه.مما أدى بالقارئبالقارئ إلى تعديل أو تغيير تصوره عن الكاتب باعتباره إنسانا يدافع عن القيم المثلى و يبشر بها من أجل مجتمع تسوده العدالة و يغيب عنه الحيف و الظلم.
و إذاً، فنحن كقراء لا يجدر بنا التشبث بالصورة المثالية للكاتب ، لأي كاتب ، حتى يثبت لنا بالدليل القاطع أنه ينطلق من قناعاته في كتاباته ، و أنه لا يذعن لأي إراء مادي مهما كان حجمه و مهما كانت طبيعته.
تسلمين أختي الأستاذة النبيلة ربيحة.
أخوك:مصطفى