تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الاستبداد ومصادرة الآراء عند العرب



باسم عبدالله الجرفالي
17-03-2012, 09:42 PM
الاستبداد ومصادرة الآراء عند العرب

بسم الله الرحمن الرحيم

تناقشت مع أخي الكريم : طارق السكري حول موضوع يخصني ، وهمٍّ يلفني ، فأضاء لي أخي الكريم إضاءات أستند إليها في مقالي هذا .

إن العرب هم العرب ، لا يغيّرهم غير الدين ، فمتى ما تمسكوا به بقصد التعبد صلحوا ، وإن هم تمسكوا به بقصد فرض السيطرة على المجتمع ؛ ازدادوا في طغيانهم ، وأنا لا أتكلم عن الحكام وذوو السلطة والنفوذ وحدهم - أيا كان ذاك النفوذ وتلك السلطة - ، بل حتى عامة العرب .

من سمات العربي الاستبداد وفرض الرأي ومصادرة الآراء ، وهي صفة قد نقول أنها موروثة ، أو أنه قد تلقاها من ثدي أمه ، والأُولى أصح عندي من الثانية .
يحبُّ العربي أن يمنع من يخالفه – أيا كانت تلك المخالفة - ، ويستخدم لذلك كل الوسائل المتاحة له بحسب قدرته ، فالمسؤول له قدراته اللامحدودة ، والشيخ له منبره وزبانيته ، والقبيلة لها ضغطها الاجتماعي وأسلوب العزل والإقصاء ، والوالد له الضغط من باب الرضا عنك ومحبتك له والمخافة عليك ، والغوغاء لهم الهمز واللمز ومباشرة الأذى الميداني ، وأسوؤها ما تضافرت فيه القوى السالفة الذكر معا .

وأكثر المصادرات الحالية ليست من قِبل المسؤول في مجتمعنا ، بل هي من المؤسسة الدينية وتوابعها ، إذ تتضافر معها القبيلة في كثير من الأحيان ، وخشية الوالد ، وغوغائية الشارع .

إن أي مخالفة لرأي فقهي ، أو طريقة تعامل اعتادت المؤسسة الدينية اتباعها ؛ قد يوقعك في مهالكها ، ويستدعي استثارتها لبقية توابعها ، مما قد يوقعك في حرب الإقصاء ومصادرة الآراء .

كما بدأت مقالي ؛ فمصادرة الآراء سمة عربية أصيلة ، ليست مهجّنة أو مستعربة ولا دخيلة ، يدل على ذلك تاريخ العرب مع الإسلام ، ومحاربتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته للإسلام ، فقد استخدموا مؤسستهم الدينية وبيّنوا أنهم باقون على ما اعتادوا عليه من عبادات ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) ، والسلطة السياسية فرضت سلطتها على الواقع بالعزل في الشِّعْب ، والضغط القبلي بالمقاطعة اتباعا للرأي الديني والسياسي ، ومن ثَمَّ ضغط الوالد ؛ وكان في طلب عم النبي صلى الله عليه وسلم أبي طالب بترك الدعوة للإسلام خوفا عليه ومحبة له ، وأما الغوغاء فحدث عن فعلهم ولا حرج ؛ كأم جميل التي تضع الشوك في طريق النبي صلى الله عليه وسلم .

ومما سبق نتيقن أن مصادرة الآراء هي سمة عِرقية يتسم بها العرب ، ولا يمكن تغييرها إلا بالدين الحق المراد منه التعبد لا التسلط ، وظهر لنا دوره في الصحابة رضوان الله عليهم ، وفي خلافهم في فهم الدين ومسائله ، وبُعدِهم عن التسلط على الآخر ، ومصادرة رأيه ، بل عُرِف بعضهم بالتشديد والآخر بالتيسير ؛ كابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ، ولم يعِب أحد منهم الآخر ، فضلا عن أن يصادر رأيه ، بل عُدّت سمة لهما عُرفت على مدى القرون .

أن الحركة الفكرية في زمننا هذا تحتاج إلى تحرر من هذه القيود ، وصبر وجَلَد في تحمل أعبائها ، وإن العاقل الفطن ليرى بصيص ضوء في الأفق يبشّر بفتح الطريق أمام مرحلة جديدة ، يكون للعقل فيها كلمته ؛ متّبعا الدين ، غير مجافٍ عنه ، لا كما هو الحال في مرحلتنا ، من إغفال لصوت العقل ؛ حتى ينفرد ذوو السلطة الدينية بالمجتمع يسيرونه كيفما شاؤوا ، دون مخافة من عاقبة هذا الظلم والاستبداد .

إن أيامنا هذه هي أيام ثورات ، قد عمّت حمّاها أرجاء الوطن العربي ، وكلها تنادي بدفع الظلم ، ونبذ الاستبداد – طبعا هذا رأي الجمهور فقط ، أما أصحاب الكرفتات والعباءات فلهم أهدافهم الخاصة - ، وإني أنتظر اليوم الذي تخرج فيه الجموع منادية برفع الاستبداد الديني ، بعد أن نجحوا في إزالة رؤوس أنظمة استبدادية ، وقد ذكر الشيخ سلمان العودة في إحدى رسائله على صفحته الفيس بوكية : أن أشد الاستبداد ما اجتمع فيه استبداد المؤسسة الدينية مع استبداد الدولة .

ومن هنا أرى أنه من الواجب على كل ذي عقل وفكر أن يكون عونا لأخيه المفكر والمثقف ، وأن يقف معه في محنته إن هو تعرض للإقصاء ومصادرة الآراء ، وأن يستمر المثقف المفكر في نفس الطريق الذي يدين الله به .


باسم الجرفالي

20 / 4 / 1433هـ

نعيمة محمد التاجر
21-04-2012, 01:33 AM
إن أيامنا هذه هي أيام ثورات ، قد عمّت حمّاها أرجاء الوطن العربي ، وكلها تنادي بدفع الظلم ، ونبذ الاستبداد – طبعا هذا رأي الجمهور فقط ، أما أصحاب الكرفتات والعباءات فلهم أهدافهم الخاصة - ، وإني أنتظر اليوم الذي تخرج فيه الجموع منادية برفع الاستبداد الديني ، بعد أن نجحوا في إزالة رؤوس أنظمة استبدادية ، وقد ذكر الشيخ سلمان العودة في إحدى رسائله على صفحته الفيس بوكية : أن أشد الاستبداد ما اجتمع فيه استبداد المؤسسة الدينية مع استبداد الدولة .


اولا اسمح لي ان ابدي اعجابي الشديد بفكرك الرشيد واختيارك لهذا الموضوع دلالة على ذلك
ثانيا ان الثورات التي تعيشها الشعوب العربية هي بمثابة اختبار لمدى تشبت هذه الشعوب بمبادئها وقناعاتها وتاريخها وليس هدفها ازالة الظلم او الاستبداد والعيش في كنف الديموقراطية لان الحاضر كشف عن امتداد ايدي التجبر والتقتيل حتى مع اسقاط رموز الاستبداد
باعتقادي انها بداية للانسلاخ من قيمنا الدينية القويمة فمتى كانت الدولة تحت سيطرة قوى خارجية فبالتاكيد ان المؤسسة الدينية ستكون صيدا سهلا لها
وااكد على كلامك الحق فخلاصنا من دوامة الفتن واسترجاع عزتنا كعرب لن يتاتى الا بالاعتصام بدين الاسلام
تقبل مروري المتواضع
تحياتي

نعيمة محمد التاجر
21-04-2012, 01:35 AM
إن أيامنا هذه هي أيام ثورات ، قد عمّت حمّاها أرجاء الوطن العربي ، وكلها تنادي بدفع الظلم ، ونبذ الاستبداد – طبعا هذا رأي الجمهور فقط ، أما أصحاب الكرفتات والعباءات فلهم أهدافهم الخاصة - ، وإني أنتظر اليوم الذي تخرج فيه الجموع منادية برفع الاستبداد الديني ، بعد أن نجحوا في إزالة رؤوس أنظمة استبدادية ، وقد ذكر الشيخ سلمان العودة في إحدى رسائله على صفحته الفيس بوكية : أن أشد الاستبداد ما اجتمع فيه استبداد المؤسسة الدينية مع استبداد الدولة .


اولا اسمح لي ان ابدي اعجابي الشديد بفكرك الرشيد واختيارك لهذا الموضوع دلالة على ذلك
ثانيا ان الثورات التي تعيشها الشعوب العربية هي بمثابة اختبار لمدى تشبت هذه الشعوب بمبادئها وقناعاتها وتاريخها وليس هدفها ازالة الظلم او الاستبداد والعيش في كنف الديموقراطية لان الحاضر كشف عن امتداد ايدي التجبر والتقتيل حتى مع اسقاط رموز الاستبداد
باعتقادي انها بداية للانسلاخ من قيمنا الدينية القويمة فمتى كانت الدولة تحت سيطرة قوى خارجية فبالتاكيد ان المؤسسة الدينية ستكون صيدا سهلا لها
وااكد على كلامك الحق فخلاصنا من دوامة الفتن واسترجاع عزتنا كعرب لن يتاتى الا بالاعتصام بدين الاسلام
تقبل مروري المتواضع
تحياتي

نادية بوغرارة
01-05-2012, 02:56 PM
الاستبداد أخو الاستعباد ،

لا يمكن للفكر أن ينطلق إلا في جو من الحرية ،

ثم بعد ذلك يقيّم و يقوّم بالأساليب التربوية العادلة و الناجعة ،

و لكننا للأسف في عالم يئد الرأي في مهده ، تحت ذرائع عديدة.

موضوع كبير أتيتنا به يا أخي الجرفالي ،

و لا أشك أن له لدى كل منا شجون و أشجان .

جزاك الله خيرا .

خليل حلاوجي
07-05-2012, 07:58 AM
نعم ..
الاستبداد : هو المرض الاجتماعي ...

لكن

ليست الجينات هي المسؤؤلة اطلاقاً ، بل المسؤؤل : القاعدة الفكرية التي نستند عليها ، ألا تلحظ معي أن المجتمع موافق على تشوهات الاستبداد بل ويمارس آثارها طواعية وكأن الأمر أشبه بالقناعة ..

أما الثورات اليوم : فلا تزال بحاجة إلى رؤية ثورية في الفكر الثوري نفسه .

البحث يلامس الجرح أخي الحبيب.

أشكر قلبك

وليد عارف الرشيد
07-05-2012, 12:50 PM
موضوع رائع تستحق عليه التأييد والشكر الجزيل ... نعم هو موضوع الساعة بامتياز ...
سأفترض بالطبع أنك لا تعني بالآراء في الأحكام الشرعية الثابتة وهذا أعتقد لاجدال به ...
ما تبقى أراك لامست الحقيقة بل وأطبقت عليها فلنتذكر موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أمر المسلمين بعدم صلاة العصر إلا في بني قريظة ... ومنهم من رأى في قوله عدم الصلاة فعلُا إلا عند الوصول ومنهم من رأى غير ذلك فافترض أن التوجه بحد ذاته هو تحقيق لغاية رسول الله ... ومع هذا فإن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يأخذ على يد أحد الفريقين مما يدل على جواز تأويلهما معًا ...
تذكرت أحد الإخوة هداه وهداني الله يضرب ولده بعد الصلاة وهو الطفل الصغير لأنه مر من أمامه وهو يصلي .. وكنت قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحمل سبطيه رضي الله عنهما صغارًا يلعبون فوق ظهره الشريف وهو يؤم المسلمين فلا يزجرهما بل وينتظرهما حتى يفرغا ...
ما الذي جرى أأصبحنا ملكيين أكثر من الملك ؟؟؟ موضوع يفتح الباب للكثير من الحديث وأجزم مثلك سيدي أننا ما لم نرجع بهذه النفس إلى هذا التعاطي لظللنا نطمس استبدادًا وقهرا
اعذرني فما أطلت إلا لأنك أصبت لب الحقيقة
بوركت أخي الحبيب وجزاك الله خيرًا ... كنت هنا في غاية المتعة والفائدة في رحاب موضوعك الهادف الراقي
محبتي والياسمين

عبد الرحيم بيوم
07-05-2012, 01:45 PM
قصة بني قريضة تندرج في فقه الخلاف المعتبر
وعليه: ائذا كان في الدين سعة لخلاف يعتبر، افلا يكون فيما عداه مجال لتقبل الخلاف
موضوع رائق حقا
فشكرا لك اخي الكريم