تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الليل .



حسين الطلاع
19-03-2012, 05:05 PM
الليل :
ـــــــــــ
آذن الليل ،،، بعد أن طُوي النهار بشمسه ولحق بنهايته .
ليل ،،، ساد السماء والأرض ،،، وجعل يُضيّق على القُبح ويُجوّز السحر .
لا يُذم فيه هواء ، ولا تُستقبح فيه نسمه ! .
رائده خلع نعله ثم جعل يسير على النّقَا ، حيث أنبأته قدماه أن النعام أكذب نعومته على خَمْله ! فراح يحثو من البرقاء لتنصبّ كانها شذرات الذهب .
ليل ،،، توشّحته السماء التي ترامت إلى اتّساع في ملكوت دار على مناحي المشرق والمغرب ،،، ثم جعل يتمادّ ما تمادّ البصر ،،، غير أن البصر يرتدّ وهو حسير .
أسود ترقّت به سياده ،،، وأبرقت فيه النجوم ،،، وابيضّت الكواكب كلؤلؤ منثور ، وكفم حسناء انشقّ باسما عن أضراس كحبّات البَرَد .
ثم ،،، أضاء القمر ، فسبقت إلى النفس طُمأنينة .
واتّسع البدر فانحسرت عن النفس حيرة .
ثم ويحي من الهَوْل !!!!!! .
تيقّظتْ النائمة !!!!!!!!!! فبرزتْ ليكتبها الله لي عذابا .
وما خَطَتِ الخطوات كأنها الملاك ، حتى اخلولق التّيه والهُيام ! إن قلتُ أنه يُحسّ ويُجسّ فقد صدقت ! وإن قلتُ قد سرت به نسمة الحياة فما كذبت ! .
هُيام صيّرني صيد رماحها ! وذبيح فتكها .
وما تماسكت قواي إلا بانحرافها عن الفحش كالنفس الكريمة انحرفت عن الرذيلة ،،، وبما حُسن دُكّ فيها ما عُدتُ أعدل فيها قراب الأرض إناثا ! وإن ذببن على الجمال يتلقفنه فلا أبال ،،، وهيهات لهن هيهات ! .
ثم جعلت اللئيمة تنافس الليلَ وينافسها الليلُ ، تُزجيه سحرا ، ويرد بمثله عليها ألقا ،،، وتضحك فيرد الجبل أصدائها ، والليل أنغامها ،،، وما رأيتُ مبسما يبرق أجّا بسواد ليلٍ غير مبسمها ، فحُرت من أي سماء هبطت ! أو من أي أرض نبتت ! .
الليل ،،، يُكسب اللسان فصاحة وبيانا ،،، وهي تكسو الراشد جنونا .
الليل ،،، يخط للواردين مسلكا ،،، وهي ترسم لهم تيها .
ولكنه سلواي .
فما فضح هاربا ،،، ولا كشف عورة ، بل خَلَد إلى التكتّم والإسرار .
لَعَمري ما رأيت الليل إلا عيبة سِرّ الملهوف .
ـــــــــــــــــــ انتهى ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
حسين الطلاع
14/7/2001 م
المملكة العربية السعودية - الجبيل
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ

: النقا : هو تراب الصحراء النقي غالبا تنبت فيه الخُزامى .
: الخميل والخميل هو ريش النعام .
: البرقاء هي رمال الصحراء النظيفة أو هو السافي ومنه سميت الريح التي تحمله بالسافيات .
: ذببن أي ارتمين من الذّب وهو الرمي أو القذف ، ومنه لفظة ذُباب لأنه يذب نفسه على الأكل وما شابه .
: العيبة هي الحقيبة أو الجعبة التي تخفي بداخلها شيئا ما ،،، ومن ظرافة هذه الكلمة كلمة عيب المتداولة بين الناس ،،، وهي ليست تعني بالضرورة الشيء المخجل ، بل هو المستور المخفي ، فعلى وجه التشبيه نجد أن الحقيبة أقرب للمعنى طالما هي مغلقة على محتواها ، وكالصدر عيبة للسر .
ما أروع لغتنا وما أروع أخلاقها لو كانت رجلا .

بشرى العلوي الاسماعيلي
19-03-2012, 05:19 PM
الأديب الشاعر:حسين الطلاع
كلما قرأت لك استمتعت ذائقتي وزاد رصيدي اللغوي ثراءً
شكرًا جزيلاً على الشرح المسهب الذي يتبع نصوصك القيّمة
مع كل التقدير

ربيع بن المدني السملالي
19-03-2012, 06:02 PM
وما تماسكت قواي إلا بانحرافها عن الفحش كالنفس الكريمة انحرفت عن الرذيلة ،،
الأديب الجبيلي حسين الطّلاع صاحب اللغة القوية ، والأسلوب الفخم ، أحيّيك على هذا الثراء الأدبي ، والسّخاء الشّاعري ..لله درّك ما أفصَحك
دمت مُشرقاً كما عهدناك
همسة : فلا أبالي / فيرد الجبل أصداءَها
تحياتي التي تعرف أيها الجميل

حسين الطلاع
19-03-2012, 08:21 PM
الأديب الشاعر:حسين الطلاع
كلما قرأت لك استمتعت ذائقتي وزاد رصيدي اللغوي ثراءً
شكرًا جزيلاً على الشرح المسهب الذي يتبع نصوصك القيّمة
مع كل التقدير


حياكِ الله أديبتنا بشرى
سرني مروركِ الكريم وحسن اطلاعكِ
نأمل أن نكون عند حسن ظنكِ سيدتي
لا تحرمينا التكرار
كوني بخير
حسين الطلاع

عبد الرحيم صادقي
19-03-2012, 09:33 PM
لليل أهلون يعرفون قدره، حتى قال أحدهم: لولا الليل ما رغبت البقاء في الدنيا.
ما أروعك يا أستاذ حسين! وما أروع تلكم القفزة! من جمال الليل إلى يقظة النائمة.
دام لك هذا الجمال، ودامت لك هذه اللغة
تقبل هذا المرور، أدام الله لك السرور

عايدة عبد الله
19-03-2012, 09:44 PM
الأستاذ حسين الطلاح

لأاني أعشق الليل

أعشق صمته و حكمته

فقد راقني هذا النص

رائع و اكثر

تحياتي

وليد عارف الرشيد
19-03-2012, 10:05 PM
الله ما أجمل هذه اللغة وما أبرع صاحبها ... لله درك من قائلٍ ولله درها من مقالة
بوركت ودمت بهذا الألق
مودتي كما يليق وتقديري

ربيحة الرفاعي
19-03-2012, 11:57 PM
الليل ،،، يخط للواردين مسلكا ،،، وهي ترسم لهم تيها .
ولكنه سلواي .
فما فضح هاربا ،،، ولا كشف عورة ، بل خَلَد إلى التكتّم والإسرار .

هنيئا لليلك هذا ما أجمل ما وصفته به ولحسانائك ما أطريت حسن خلقها وخلقها

سايرت إيقاع الصورة ترتفع وتيرته وتعلوا همسات القمر او أنفاس الراوية عبره فتشدني إلى تفاصيل المشهد أكثر فاكثر حتى خلتني جزءا منه .


في لغتك سحر آسر يتملك قارئك، وفي نصوصك روح مختلفة ومذاق مميز

أهلا بك أديبنا الرايع في وواحتك

تحيتي

فاطمه عبد القادر
20-03-2012, 12:14 AM
أسود ترقّت به سياده ،،، وأبرقت فيه النجوم ،،، وابيضّت الكواكب كلؤلؤ منثور ، وكفم حسناء انشقّ باسما عن أضراس كحبّات البَرَد .
ثم ،،، أضاء القمر ، فسبقت إلى النفس طُمأنينة .
واتّسع البدر فانحسرت عن النفس حيرة .


السلام عليكم أخي حسين
الليل ,,,هذا الرائع بسحره ,الرهيب بظلمته ,الفاتن بنجومه المزهرة ,المخيف بهيبته المرعبة
كل يراه حسب مزاجه وهواه
وكان مزاجك أخي وهواك منصفا لليل ,فبدا نقيا مزهرا ساحرا باهرا
أشكرك على جمال لغتك الغنية بالمفردات ,وعلى روعة سبكها بقوالب ذهبية
ماسة

محمد ذيب سليمان
20-03-2012, 07:27 AM
لله ما اجمل ما تابع
فصاحة لسانك وحسن تصويرك وجزالة لفظك
تجعل للدهشة مكانا عليا

شكرا لك

حسين الطلاع
20-03-2012, 12:44 PM
وما تماسكت قواي إلا بانحرافها عن الفحش كالنفس الكريمة انحرفت عن الرذيلة ،،
الأديب الجبيلي حسين الطّلاع صاحب اللغة القوية ، والأسلوب الفخم ، أحيّيك على هذا الثراء الأدبي ، والسّخاء الشّاعري ..لله درّك ما أفصَحك
دمت مُشرقاً كما عهدناك
همسة : فلا أبالي / فيرد الجبل أصداءَها
تحياتي التي تعرف أيها الجميل


حياك الله أخي الحبيب .
واعذرني على ما أخطأت به الأنامل .
أشعر بسعادة عارمة حال مرورك وقراءتك الجميلة الفاحصة .
وربما اعتدتك فلا أهنأ إلا بزيارتك التي لا أملّها .
لا تحرمنا التكرار
كن بخير
حسين الطلاع

حسين الطلاع
28-03-2012, 01:39 PM
لليل أهلون يعرفون قدره، حتى قال أحدهم: لولا الليل ما رغبت البقاء في الدنيا.
ما أروعك يا أستاذ حسين! وما أروع تلكم القفزة! من جمال الليل إلى يقظة النائمة.
دام لك هذا الجمال، ودامت لك هذه اللغة
تقبل هذا المرور، أدام الله لك السرور


وما أروعك أخي الحبيب وما أندى زيارتك هذه .
وإني لأكاد أجزم أنك من عشاق الليل ،،، فيا مرحبا بك بمملكتي .
عبد الرحيم صادقي : تشرفت بك وبقراءتك الفاحصة ، على أمل التكرار
فكن قريبا
حسين الطلاع

حسين الطلاع
08-04-2012, 12:54 PM
الأستاذ حسين الطلاح

لأاني أعشق الليل

أعشق صمته و حكمته

فقد راقني هذا النص

رائع و اكثر

تحياتي


ومتى كان الليل لا يسحر يا عايده ؟
ومن ذا الذي لا يعشق الليل ؟
قد طغى عشقه على الهائم بجماله ، حتى اندحر رعبه ! .
أشكر لكِ هذه القراءة وهذا الإطلاع
على أمل التكرار
كوني بخير
حسين الطلاع