تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رحماكَ قلبي



د. سمير العمري
02-07-2003, 01:54 AM
رُحْمَاكَ قَلْبِي فَقَدْ أَرْهَقْتَنَا وَجَعَا= كَفَاكَ نَزْفًا وَإِلا قَدْ نَذُوبُ مَعَا
القَهْرُ يَلْفَحُ بالأَنْفَاسِ ذَا أَنَفٍ=وَالنَّهْرُ يُلْهِبُ فِي الإِحْسَاسِ مَا انْدَلَعَا
وَاسَى الأَنِيْنُ جِرَاحِي فَاشْتَكَتْ بِدَمٍ=وَزِدْتَ فِيهَا فَمَا أَبْقَيْتَ مُتَّسَعَا
مَا عُدْتُ أَسْطِيعُ مِنْ كَظْمٍ وَمِنْ جَلَدٍ=مَا عَادَ يُجْدِي حَدِيثُ الصَّمْتِ مَنْ سَمِعَا
بَعْضِي يُفَتِّشُ عَنْ بَعْضِي فَأَفْقِدُنِي=كَطِفْلِ قَلْبٍ بِفَقْدِ الأُمِّ قَدْ فُجِعَا
تَحْمَرُّ عَيْنِي إِذَا اللَيْلُ البَهِيمُ سَجَا= مِنْ تُرَّهَاتٍ تُثِيرُ الغَيْظَ وَالنَّزَعَا
صَبْرًا؟ يَقُولُونَ صَبْرِي شَهْقَةٌ شَرِقَتْ=مِنْ شَأْفَةِ الصَّمْتِ تَحْكِي دَعَّةً وَدُعَا
يَحُضُّنِي البَأْسُ لا يَعْنُو لِقَيْدِ يَدِي=وَيَقْطَعُ اليَأْسُ أَوْصَالَ الْمُنَى قِطَعَا
كَأنَّنِي وَالشُّمُوخَ الْحُرَّ فِي سَفَرٍ=نَحْوَ النُّجُومِ العَوَالِي ثُمَّ قِيلَ قَعَا
رِفْقًا فَفِي ثَائِرِ الوُجْدَانِ عَاصِفَةٌ=تَكَادُ تَهْدِمُ بِالأَحْزَانِ مَا انْصَدَعَا
لَئِنْ تَأَلَّمْتَ مِنْ رَوْعِ المُدَى أَسَفًا=فَقَدْ تَنَعَّمْتَ فِي ضَوْعِ المَدَى مُتَعَا
إِلَى مَتَى وَسِنِيْنُ الذُّلِّ مُتْرِعَةٌ=كَأْسَ التَّخَاذُلِ لِلْحُرِّ الذِي جَرَعَا
أَنَّى نَظَرْتُ فَخُذْلانٌ وَمَنْقَصَةٌ=وَإِنْ أَصَخْتُ فَرَجْعٌ مِنْهُمَا رَجَعَا
الطَيْرُ تَأْكُلُ خُبْزَ الرَّأْسِ مَا فَتِئَتْ=وَالْخَمْرَ يَعْصِرُ مَنْ أَوْعَى لِمَنْ جَمَعَا
وَالعَادِيَاتُ عَلَى الأَوْطَانِ مُسْرَجَةٌ=وَالْمُوْرِيَا ُ إِلَى الأَقْدَاحِ غِرْنَ مَعَا
وَالاتِّبَاعُ لِحَبْلِ الشَّرِّ مُتَّصِلٌ=وَالاعْتِصَامُ بِحَبْلِ الْخَالِقِ انْقَطَعَا
مَا زَالَ مِنِّي لِسَانُ الشِّعْرِ مُنْعَقِدًا=حَتَّى يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ بِمَا وَقَعَا
بَغْدَادُ قَلْعَةُ مَأْمُونٍ وَمُعْتَصِمٍ=كَيْفَ اسْتَبَاحَ حِمَاهَا الرِّجْسُ ثُمَّ نَعَى
فِي لَيْلَةٍ أَظْلَمَتْ قَدْ خَانَهَا نَفَرٌ=فَأَسْفَرَ الصُّبْحُ يَبْكِي غَدْرَهُمْ جَزَعَا
دَارَ السَّلامِ أَبَيْتِ الذُّلَّ كَيْفَ مَضَى=تَارِيخُ بَابِلَ وَالإِسْلامِ وَاقْتُلِعَا
مَنْ هَؤُلاءِ الذِّينَ امْتَدَّ سَاعِدُهُمْ=لِيَنْهَبَ الْمَجْدَ والآثَارَ وَالْمَنَعَا
أَهُمْ رِجَالُكِ مَنْ لِلْفَخْرِ نَخْوَتُهُمْ=أَمِ اللُصُوصُ وَمَنْ لِلسُّحْتِ قَدْ هَزَعَا
بَغْدَادُ إِنَّ جِرَاحَ القَلْبِ نَازِفَةٌ=وَالْحُزْنُ مِنْ لَيْلَةِ الأَحْدَاثِ مَا هَجَعَا
أَرَاعَكِ القَوْمُ أَنَّ الغَدْرَ طَبْعُهُمُ=أَمْ هَالَكِ الأَمْرُ أَنَّ الْجُلَّ قَدْ خَنَعَا
جَاسَتُ عُلُوْجُ الرَّدَى فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ=شَرًّا تَأَبَّطَ في أَحْقَادِهِ الطَّمَعَا
وَالْمُرْجِفُونَ دُعَاةُ الذُّلِّ تَتْبَعُهُمْ=لَبِئْسَ مَنْ وَافَقَ البَاغِي وَمَنْ تَبِعَا
إِلَي فِلِسْطَينَ لَمْ تَرْكَبْ عَزَائِمُهُمْ=إِلا الْجُحُودَ إِذَا دَاعِي الجِهَادِ دَعَا
القُدْسُ دَنَّسَهَا بِالفُجْرِ مُغْتَصِبٌ=وَالتِّينُ قُتِّلَ وَالزَّيْتُونُ قَدْ قُلِعَا
وَلِلْحَرَائِرِ فِي أَوْطَانِنَا ثَكَلٌ=وَلِلطُّفُولَةِ بُؤْسٌ يُورِثُ الْهَلَعَا
وَالغَاصِبُ الغِرُّ لا يَخْشَى بَوَائِقَهُ=وَيمْنَعُ الغِرَّ عَنْ بَغْيٍ إِذَا رُدِعَا
وَاحَسْرَتَاهُ وَقَدْ بَاتَتْ مَرَافِئُنَا=سَيْفًا بِخَاصِرَةِ الأَوْطَانِ قَدْ زُرِعَا
مَا انْفَكَّ يَرْتَعُ فِي أَعْرَاضِهَا رِمَمٌ=وَلا يَثُورُ لَهَا بِالسَّيفِ مَنْ رَتَعَا
يَا أُمَّةً أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ دَاعِيَةً=لِلْحَقِّ ، إِنَّ سَبِيلَ الْحَقِّ قَدْ قُمِعَا
وَيَا لَذِيذَ الأَمَانِي وَالْمُنَى دَعَةٌ=بَابُ الكَرَامَةِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ قَرَعَا
هُوَ العِتَابُ لِمَنْ لِلْعِزِّ نَخْوَتُهُ=لَيْسَ العِتَابُ لِمَنْ فِي طَبْعِهِ نَزَعَا
دَعْ عَنْكَ دُنْيَا التَّلَهِّي صَفْوُهَا كَدَرٌ=وَرَشْفَةٌ مِنْ لَمَاهَا العَذْبِ كَمْ خَدَعَا
لا يَخْدَعَنَّكَ ضَرْعٌ دَرَّ مِنْ جَنَفٍ=فَلَيْسَ يَسْمنُ مَهْزُولٌ بِمَا رَضَعَا
دِنْ بِالوَفَاء لِمَا كُلِّفْتَ مُبْتَدِرًا=وَكُنْ مَعَ الحَقِّ وَالإِحْسَانِ حَيْثُ سَعَى
وَلُمْ قُصُورَكَ إِنِّي لائِمِي أَبَدًا=لَنْ يَقْبَلَ اللهُ حَتَّى تُخْلِصَ الوَرَعَا
أَمَانَةُ اللهِ تَسْطِيعُ الأَدَاءَ لَهَا=إِذَا التَزَمْتَ بِمَا أَوْصَى وَمَا شَرَعَا
لا تَيْأَسَنَّ أَخَ الإِسْلامِ مِنْ حَرَجٍ=لا يَسْلُفُ الضِّيْقُ إِلا يُخْلِفُ الوَسَعَا
هُوَ ابْتِلاءٌ وَتَمْحِيصٌ لِمَنْ صَبَرُوا=غَيْمًا تَرَاكَمَ فِي الآفَاقِ وَانْقَشَعَا
وَالنَّصْرُ وَعْدٌ مِنَ الدَّيَّانِ إِنْ صَدَقَتْ=مِنَّا النُّفُوسُ فَيَا بُشْرَى مَنِ اتَّبَعَا


كتبت يوم سقطت بغداد وسرقها اللصوص وشذاذ الآفاق.