المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أطيـــاف الذكريـــات



عايدة عبد الله
21-03-2012, 10:53 PM
أطياف الذكريات

تقتحم علي خلوتي بلا استئذان كعادتها، ترمي بجسدها على الأريكة و هي تغني لحنا راقصا تتمايل على إيقاعه كسنابل قمح ناضجة يداعبها نسيم الصباح، ترمقني بين الفينة و الأخرى بنظرات متسائلة :
" لم لا ترقصين؟ "
و كأن السؤال أحرقني فقفزت من مكاني كمن لدغته أفعى
تسابق قداماها الريح، لتقف أمامي بقامتها الممشوقة و جمالها الأخاذ
" ممن تهربين مني أو منك أو من هذا الوحش الساكن بين ثنايا روحك؟
أنظري إلي منذ متى لم تلمحي طيفكِ في المرآة منذ زمن طويل أليس كذلك؟ وجه يابس و أنامل صدئة و ظهر محدودب و عينان مات فيهما النور و شفتان عات فيهما الحزن."
مزقني الألم بينما كلماتها تنهال علي كقذائف عنقودية تشطرني إلى جزيئات صغيرة تدمرني تمزقني تمتني و تحييني.
أنهت كلامها و هي تخفض يديها باستسلام :
" كوني وردًا يعانق قطر الندى كل صباح
كوني نجمًا يغازل نور القمر كل مساء
كوني نغمًا يتردد صداه في كل الأرجاء
كوني أنتِ
كوني نبض فرح."
و يفيض الصمت الصاخب في عيني براكينا تتقاذف حممها على شفتي:
" أنت أيتها الجميلة المشرقة دعي الموتى في قبورهم و دعي الجثث في أكفانها و دعي الحمقى في عالمهم و دعي الأشقياء في جحيمهم.
كوني أنا ثم علميني كيف أرقص جذلا
كوني أنا ثم علميني كيف أعزف طربا
كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جدائل شعري مراجيح للفرح
كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جلدي طبولا للأمل"
صدمتها قسوة الكلمات فتراجعت لتجلس على الأريكة
مزقت أثوابي الرثة و تابعت
" أتعلمين لم هذا الندب يزين يدي؟
هذا لأني نسجت يوما من خرق بالية دمية صغيرة، أحرقوا الدمية و أحرقوني.
و هذا لأن يدي عانقت كف صديقة بتروا يدي و أهدوني القطيعة.
و هذا لأني يوما غنيت ،
و هذا لأني يوما رقصت ،
و هذا لأني يوما ابتسمت.
و هذا و هذا و هذا ....
أنظري إلي
ألا ترين تضاريس العذاب على جسدي؟
أنتِ من تهربين."
أسندتُ جبهتي إلى زجاج النافذة البارد لعله يخفف سعير الألم داخلي
و تابعت بهمس
" هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد
أرني كيف تقتلين الذكريات و كيف تنسجين من الدمعات بسمات."
التفتت إليها فوجدتها رحلت كعادتها بدون استئذان.



عايدة عبد الله

سامية الحربي
21-03-2012, 11:26 PM
كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جدائل شعري مراجيح للفرح
كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جلدي طبولا للأمل"

تقليد الأموات سمة يصعب أحيانا الفكاك منها . صورت في نصك الأنيق كيف أحيانا نخشى أن نحيا رغم ان هناك من يقدم لنا شيء من التعويضات .نص جميل أحتل مني جزءً لتوارد خواطره وتناغم معانيه كل الود والاحترام .
همسة
قدماها...عاث....تميتني ..

نادية بوغرارة
21-03-2012, 11:28 PM
من الصعب أن نقبل أية دعوة للفرح ، والقلب متخم بالجراح ،

لكن هناك دائما ما يستحق المحاولة .

المبدعة عايدة عبد الله ،

نص حضرتُه بحزن و فارقته بغصّة .

دمت متألقة .

محمد محمود محمد شعبان
21-03-2012, 11:28 PM
الله الله .. ما كل هذا الهطول
أستاذتنا / عايدة عبد الله
كنت هنا ، وتبعت نثريتك حتى آخر حرف
جميلة ورائعة كعادتك
شكرا على هذا الرقي
تحيتي

عبد الرحيم صادقي
21-03-2012, 11:44 PM
وكذلك الذكريات تفعل، لا تستئذن في إياب ولا في ذهاب. فإما تخلف وراءها نفسا منشرحة، وإما روحا أثقلتها الأحزان.
ذكرياتك مسرات إن شاء الله
أهنئك على لغتك
طابت أيامك
تميتني/براكين/التفتُّ

وليد عارف الرشيد
22-03-2012, 07:51 AM
رائعة رغم الألم ومن الألم أحيانًا ما له فتنة ... إذ كيف كنا سنحظى بهذا الألق ؟؟؟
أحييك أختي المبدعة عايدة بوركت وبورك الحرف
مودتي كما يليق وتقديري

ربيع بن المدني السملالي
22-03-2012, 11:21 AM
أسندتُ جبهتي إلى زجاج النافذة البارد لعله يخفف سعير الألم داخلي
و تابعت بهمس
" هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد
أرني كيف تقتلين الذكريات و كيف تنسجين من الدمعات بسمات."
التفتت إليها فوجدتها رحلت كعادتها بدون استئذان.
نعم الذكريات لها وقع مؤلم على الأفئدة ، (الذكريات موطن الألم لا يسكّنه سوى الأطياف والأشجان والدموع)..
الأديبة الموفقة عايدة عبد الله وفقكِ الله / أصبحتُ أحسّ بلمسات الإبداع في نصوصك ، فعليك بالمثابرة ، وعليك بإدمان القراءة لصقل هذه الموهبة التي حباكِ الله بها ... وتقبّلي فائق الود والاحترام لك ولقلمك الواعد الجميل ...
دمتِ ودامت لك الذكريات الجميلة ، وأبعد عنك الذكريات الحزينة ..
تحياتي والمودة

شريفة العلوي
22-03-2012, 12:00 PM
كوني وردًا يعانق قطر الندى كل صباح
كوني نجمًا يغازل نور القمر كل مساء
كوني نغمًا يتردد صداه في كل الأرجاء
كوني أنتِ
كوني نبض فرح."


العزيزة عايدة ..اقتبست الكلمات اعلاها ..لأني أراك هكذا ...!!

أعجبتني طريقتك التي أعتمدت على عمق الفكرة وتأطير الصورة .

دمت بكل خير.

عايدة عبد الله
22-03-2012, 05:07 PM
كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جدائل شعري مراجيح للفرح
كوني أنا ثم علميني كيف أصنع من جلدي طبولا للأمل"

تقليد الأموات سمة يصعب أحيانا الفكاك منها . صورت في نصك الأنيق كيف أحيانا نخشى أن نحيا رغم ان هناك من يقدم لنا شيء من التعويضات .نص جميل أحتل مني جزءً لتوارد خواطره وتناغم معانيه كل الود والاحترام .
همسة
قدماها...عاث....تميتني ..


الأستاذة غصن الحربي
لأول مرة -إن لم تخني ذاكرتي-أقرا ردا لك على أحد نصوصي
و أتمنى أن لاتكون الاخيرة
بارك الله فيك
شكرا جزيلا على الهمسة لم أقرأ النص جيدا قبل كتابته هنا
تحياتي

فاطمه عبد القادر
23-03-2012, 07:32 PM
أتعلمين لم هذا الندب يزين يدي؟
هذا لأني نسجت يوما من خرق بالية دمية صغيرة، أحرقوا الدمية و أحرقوني.
و هذا لأن يدي عانقت كف صديقة بتروا يدي و أهدوني القطيعة.
و هذا لأني يوما غنيت ،
و هذا لأني يوما رقصت ،
و هذا لأني يوما ابتسمت


السلام عليكم صديقتي العزيزة عايدة
نعم يا عايدة العزيزة ,,الله يخلقنا ,,والأحداث اليومية من حياتنا خاصة الطفولة,, وفترة الشباب الأول تصنعنا
كيف من كانت ذكرياته مؤلمة ,فيها التدمير بدل البناء, والقهر بدل الإنصاف ,والظلم بدل العدالة سيكون مخلوقا من أجل الفرح ؟
أي فرح هذا الذي يذبح بالمهد ,,يكبر ويزهر ويثمر ؟؟
نعود لنقول,, أن كل مخلوق يأخذ نصيبه في الحياة ,ويظل الإيمان بالأقدار ومن خلق الأقدار هو الفرحة السرية التي لا يمحوها أي شيء ,ولكنه فرح من نوع آخر
نص رائع ,سبكة عاطفية مشوقة ,لغة جميلة
كوني عايدة بألف خير
ماسة

عايدة عبد الله
23-03-2012, 10:58 PM
من الصعب أن نقبل أية دعوة للفرح ، والقلب متخم بالجراح ،

لكن هناك دائما ما يستحق المحاولة .

المبدعة عايدة عبد الله ،

نص حضرتُه بحزن و فارقته بغصّة .

دمت متألقة .


الأستاذة نادية بوغرارة

لأول مرة يزين ردك أحد نصوصي

و أتمنى أن لا يكون الأخير

يؤسفني أن يحزنك نصي

بارك الله فيك

تحياتي

نداء غريب صبري
24-03-2012, 12:34 AM
كوني وردا يعانق قطر الندى كل صباح

هذه نصيحة رائعة
سيقبلها كل من يستحق الحياة والحب والجمال

شكرا لك اختي

بوركت

أماني عواد
24-03-2012, 04:16 PM
الاستاذة الكبيرة عايدة عبد الله


هذا لأني نسجت يوما من خرق بالية دمية صغيرة، أحرقوا الدمية و أحرقوني.
و هذا لأن يدي عانقت كف صديقة بتروا يدي و أهدوني القطيعة.


كيف للفرح ان يحيا بعدما علقوه على مشنقة العقاب ذات انطلاق ؟


و تابعت بهمس
" هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد
أرني كيف تقتلين الذكريات و كيف تنسجين من الدمعات بسمات."
التفتت إليها فوجدتها رحلت كعادتها بدون استئذان.

من السهل ان نقول كل ما هو مثالي ومن الصعب ان نفعل ما يناقض مشاعرنا

وقفة موجعة بين عتابين
رائعة واكثر

عايدة عبد الله
25-03-2012, 07:16 PM
الله الله .. ما كل هذا الهطول
أستاذتنا / عايدة عبد الله
كنت هنا ، وتبعت نثريتك حتى آخر حرف
جميلة ورائعة كعادتك
شكرا على هذا الرقي
تحيتي


الأستاذ حمادة الشاعر
أسعدني ردك
بارك الله فيك
تحياتي

ربيحة الرفاعي
25-03-2012, 08:18 PM
هطول جميل ونص نثري عذب بمحموله وحسه وروعته

دمت بخير اديبتنا

تحيتي

عايدة عبد الله
02-04-2012, 10:56 PM
وكذلك الذكريات تفعل، لا تستئذن في إياب ولا في ذهاب. فإما تخلف وراءها نفسا منشرحة، وإما روحا أثقلتها الأحزان.
ذكرياتك مسرات إن شاء الله
أهنئك على لغتك
طابت أيامك
تميتني/براكين/التفتُّ


الأستاذ عبد الرحيم صادقي
شرفني ردك و أسعدني
بارك الله فيك
شكرا على الهمسات
تحياتي

أيمن غالب الثلجي
04-05-2012, 10:57 AM
" هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد

الاستاذة المبدعة / عايدة عبدالله

تنقلت كثيرا بين ورود حروفك ورياحين كلماتك فهل أجمل من الورد والريحان

نزف جميل وإحساس أكثر من رائع أشكر لك هذا التسلسل الرائع المتناغم ولكن

هذة هي الذكريات تسكن الحنايا فينا فأحياناً تدنينا وأخرى تقصينا وماإنفكت

تعذبنا وتدمينا .

تقبلي مني هذا التنويه لبعض الأخطاء الطباعية ( قدماها .. عاث ..تميتني .. براكين .. التفتُّ )

لك تحيتي المعطرة ودمتِ بخير وفرح

عايدة عبد الله
27-08-2012, 04:03 PM
[QUOTE=وليد عارف الرشيد;678628]رائعة رغم الألم ومن الألم أحيانًا ما له فتنة ... إذ كيف كنا سنحظى بهذا الألق ؟؟؟
أحييك أختي المبدعة عايدة بوركت وبورك الحرف
مودتي كما يليق وتقديري[/

الأستاذ وليد عارف الرشيد
بارك الله فيك
و جزاك كل خير
تحياتي و احترامي

آمال المصري
11-03-2013, 07:12 AM
نعتبره زائر غريب إن حاول اقتحام الحزن فينا مهما قدموا لنا من مقبلات إذا ماصفت النفس وغاب عنها الكدر
نص استحوذ على النفس بما يحمل ربما لأنه يحتل منها مسكنا
بوركت أديبتنا الفاضلة واليراع المبدعة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

د. سمير العمري
22-02-2014, 02:29 PM
نص وجداني محتدم بعاطفة تتأوه ألما وتتلوى أملا بحثا عن انعتاق من وجع اللحظة.

هو نص لبس ثوب القصة وشابه بعض هنات متفرقة ، وسأقوم بنقله للقسم المناسب.

تقديري

خلود محمد جمعة
25-02-2014, 09:13 AM
من يستطيع ان ينتزع ذكرياتنا
من يستطيع مسح آثار الدمار الشامل
من يستطيع ترميم الزجاج والصاق المرايا
من يربت على كتف احلامنا المخلوعة
نصك زلزل كيان الامل في الغد
دمت بخير
مودتي وتقدير

عايدة عبد الله
18-04-2016, 02:35 PM
أسندتُ جبهتي إلى زجاج النافذة البارد لعله يخفف سعير الألم داخلي
و تابعت بهمس
" هاك طفولتي و استأصلي منها جحيم الذكريات
هاك جلدي و احرقي فيه ندوب الجراحات
هاك روحي و نظفيها بالماء و الثلج و البرد
أرني كيف تقتلين الذكريات و كيف تنسجين من الدمعات بسمات."
التفتت إليها فوجدتها رحلت كعادتها بدون استئذان.
نعم الذكريات لها وقع مؤلم على الأفئدة ، (الذكريات موطن الألم لا يسكّنه سوى الأطياف والأشجان والدموع)..
الأديبة الموفقة عايدة عبد الله وفقكِ الله / أصبحتُ أحسّ بلمسات الإبداع في نصوصك ، فعليك بالمثابرة ، وعليك بإدمان القراءة لصقل هذه الموهبة التي حباكِ الله بها ... وتقبّلي فائق الود والاحترام لك ولقلمك الواعد الجميل ...
دمتِ ودامت لك الذكريات الجميلة ، وأبعد عنك الذكريات الحزينة ..
تحياتي والمودة


الأستاذ ربيع بن المدني السملالي

بارك الله فيك
أحاول القراءة ما استعت إلى ذلك سبيلا
أشكرك على نصائحك

تحياتي و احترامي

علاء سعد حسن
19-04-2016, 08:12 PM
الكريمة الاديبة عايدة

نص مؤلم وموجع

ومقابلة موجعة بين عالمين في حياة واحدة

اطياف الذكريات هي نفسها الجزأ الأول من الحياة الناعمة الراقصة المرحة المقبلة

والرد عليها هي النصف الثاني من نفس الحياة عندما تشيخ النفس ولو في ريعان العمر

رغم جمال التكرار لتأكيد المعاني إلا أنني شعرت به زائدا عن الحد خاصة في العالم الحديث للادب

دام الابداع

ناديه محمد الجابي
19-04-2016, 08:14 PM
وهكذا هى أطياف الذكريات تقتحمنا بلا استئذان وتغادرنا بلا استئذان
وذكريات طفولة بائسة أليمة تركت في النفس ندوب وجراح
قلم حساس جميل وحرف جريح نازف وحرفية أديبة
كاتبة تحمل فكرا عميقا ولغة سامقا وقلما متمكنا
دمت بروعتك. :0014:

عايدة عبد الله
13-03-2017, 12:40 PM
كوني وردًا يعانق قطر الندى كل صباح
كوني نجمًا يغازل نور القمر كل مساء
كوني نغمًا يتردد صداه في كل الأرجاء
كوني أنتِ
كوني نبض فرح."


العزيزة عايدة ..اقتبست الكلمات اعلاها ..لأني أراك هكذا ...!!

أعجبتني طريقتك التي أعتمدت على عمق الفكرة وتأطير الصورة .

دمت بكل خير.

إنا لله و إنا إليه راجعون
رحمك الله و أسكنك فسيح جناته

ناديه محمد الجابي
25-02-2024, 07:11 PM
الذكريات المؤلمة واحدة من أبشع المشاعر والتجارب التي من الممكن ان يمر بها إنسان
لما لها من تأثير سلبي تتركه في حياته
تثير فينا الشجن وتثير فينا الحزن وتعود بنا إلى الماضي الذي نرفض نسيانه ويبقى لها أثر يسكن القلب بالألم
فإذا تملكت هذه الذكريات من الإنسان لن تتركه أبدا ، بل ستجعله ينطفئ.

قطعة أدبية خلابة في حرفها ألق، وفي جمال صورها سحر وفي شاعريتها روعة
فما أجمل ما كتبت ـــــ دمت بروعتك.
:0014::0014: