المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وداعا..



أمزيل عبد العزيز باشا
22-03-2012, 11:29 PM
وداعا
نعم، بإمكاني أن أتجاهل غيابك.. سأشغل نفسي بمساعدة الرجال في وضع الحقائب كل في مقطورته، سأنزل الى الرصيف للمرة العاشرة دون اهتمام بزعيق القطار، دون اهتمام بنفث أبخرة الضغط.. دون اكتراث بتسارعه. رجل مكابر في مثل هذه اللحظة لا يستحق الحياة. أعود إلى مقصورتي و أتفادى النظر من النافذة.. حتما من لم يلوح لك ويبكك على الرصيف لا يمكنه أن يتعلق بنظره إلى نافذة ليست سوى نافذة بين عشرات النوافذ رغبة في نظرة أخيرة. لا مشكلة لدي، سأنظر نظرة أخيرة الى حيث العشرات من المشيعات لرجالهن و أخوانهن و عشاقهن، فبل ان ينطلق القطار بسرعة..أنظر إلى حيث تبكي فتاة غضة أباها الذي ناداه نداء قاهر من الوطن، حيث تقف عجوز وهي تكفكف دمعا يعز سيلانه على خدها، هناك على الرصيف حيث تشق الشقراء جنبها إيذانا بالفقدان المؤجل..، تماما على الرصيف الذي لا أستطيع أن ألتفت إليه للمرة الاخيرة.. علِي أراك تهرولين بعد أن كنت على موعد مع الغرور و الغياب.. ما كان لك أن تعديني بشيء أنا الذي لم أنتظر أحدا قبلا سواك، أن تستعبديني بانتظار وانا المشرف على شفا حرب من أجل الانعتاق.. و كوقفة أخيرة لن ألتفت الى الرصيف حيث من المحتمل انك تتعثرين بفستانك .. حيث ترمين بذات الكعب العالي ، فردة الى اليمين و أخرى الى الامام.. حيث تشيرين الى هدير الحتمية بأن يتوقف. لن ألتفت أبدا.
ما أروعك يا قدر، بذات المحطة نقع دوما على ذاكرة أليمة، ماهي الا بداية قدر و أمنية.. كرماُ مني سأخرج يدي من النافذة وألوح بها حينا من الوقت.سأراهن على حدسك مقامرتي بك بأنك ستعرفين أني هنا. كرماُ مني سأرمي اليك بحبي عبقا في منديل ينازعك الصفاء. كرما مني سأتغاضى عن ضجيج القطار.. نواح المودعين، وأنين الكهل الذي يقاسمني المقطورة، سأتغاضى عن ذلك كله و اسمع نداءك . مبحوحةَ الصوت سمعتك، نادمة سمعتك، و عنيدا لن ألتفت إليكِ. فكوني في الموعد في ذاكرتي ، حين يؤُز الرصاص و تنفجر الالغام،سأنتظرك. أحادثك بين الطلقة و الاخر. وتقبضين على يدي حين ينزف بك جرحي، حينها سأعتبرك تجلين الوداع.. في مكان بعيد من هنا، في خندق ما على حدود هذا الوطن.

محمد محمود محمد شعبان
23-03-2012, 10:32 PM
مهما كانت من كانت في وداعك
فالقصة شدتي من أولها إلى آخرها
مقدمتها شيقة ، والسرد أخاذ ، و الخاتمة
تفتح آفاقا لكل الأفكار
شكرا لك أخي / أمزيل
أظنها تحتاج لبعض تدقيق لغوي

وليد عارف الرشيد
24-03-2012, 08:55 AM
رائعة بأسلوب متفرد تداخل بها السرد المبني على واقعٍ وآخر على افتراض وآخر على تصور مستقبلي
رغم أن بعض المفردات لم تأخذ حقها أثناء الكتابة سهوًا إلا أن لغتك آسرة .. حلقت معك أيها المبدع الجميل
مودتي كما يليق وتقديري

ماهر يونس
24-03-2012, 05:29 PM
جميل هذا الوداع رغم الألم..‏
أسلوبك يشد ويدهش
وإن كنت أراها أقرب إلى نثريه منها إلى قصة، ومكانها هنالك.
محبتي والتقدير

ربيحة الرفاعي
26-03-2012, 08:46 AM
نص رائع بسردية جميلة موفقة ومعالجة لتداعيات الحس رائعة مشوقة الحرف والمعاني

أخشى أن أدوات القصة لم تكتمل هنا، ولعل حدثا صغيرا تقفل به المشهدكان يساعد في اكتمالها

أهلا بك ايها الكريم في واحتك

تحاياي

نادية بوغرارة
26-03-2012, 11:36 AM
عرفت كيف تجعلنا نتابع و نعيش معك هذه المشاهد المعبرة .

رأيتُني أمام خاطرة من أجمل ما تكون عليه الخواطر .

الأديب أمزيل عبد العزيز ،

تحية لإبداعك .

خالد بناني
26-03-2012, 08:15 PM
جميل وآسر
واصل الطرق على أبواب الكتابة بإلحاح هكذا يا رجل
أما اللغة، فتأتي لاحقا
كل الود والتقدير
وتحية لقلمك أيها العزيز

آمال المصري
26-03-2012, 08:51 PM
نثرية بديعة كان لقراءتها متعة الجذب حتى النهاية
أجدت البوح هنا واستحضار حالة من الوداع على قارعة الوطن
اسمح لي بنقلها ملتقى النثر حيث لم تكتمل أدوات القصة بها
وهذا لاينقص أبدا من روعة النص .. بل أعتبره من النصوص المائزة بالقسم
مرحبا بك بواحة الخير
تحاياي

دعاء نور الدين
26-03-2012, 09:22 PM
أحسنت التشويق والسرد
أخى الكريم
اتمنى لك الدوام والتألق .

ناديه محمد الجابي
24-11-2019, 04:28 PM
فكرة عميقة البعد ـ وسردية بديعة وترابط بالغ الدقة في نسيجه
سبك قوي مميز، وألق في الأداء، وفن في الصياغة
كان وداعا نازفا أنبت إبداعا يانع الحرف، فاره اللغة والصور
وكلمات تنبض بالروعة تخترق القلب بدهشة.
دمت متألق الحرف.
:002::010::001:

أسيل أحمد
29-11-2019, 09:15 PM
إبهار بروعة اللغة وهذا الحس الإنساني العالي
أمتعنا سردك الرائع وأسلوبك الجميل
أحسنت ـ ولك تحياتي.

وجدان خضور
30-11-2019, 06:41 PM
سرد ماتع يعانق شغاف الروح ويمضي على وجل يجول أرصفة الواقع الممتد على خارطة المشاعر .. دام الألق عنوان حرفك الجميل .. تقديري والود

وجدان خضور
02-12-2019, 02:25 PM
يا لحروفك المشبعة الى سماء الابداع تلج الضوء وتشرق في دياجي الإحساس ليفوح مسك المداد حول معصم الحب السرمدي .. تقديري والود