تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الفارغون أكثر ضجيجا



هائل سعيد الصرمي
20-03-2012, 05:46 AM
من كلام عائض القرني



إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة، وإذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته وينادي عليها فاعلم أنها كاسدة، فكل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح

إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها، وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة، وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين، فهم كالطفل الأرعن الذي أتى إلى لوحة رسّام هائمة بالحسن، ناطقة بالجمال فشطب محاسنها وأذهب روعتها.

وهؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام، وحججهم صراخ، وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً ولا وصفاً جميلاً، فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا يُذكر مع الموظفين الرواد، ولا مع العلماء الأفذاذ، ولا مع الصالحين الأبرار، ولا مع الكرماء الأجواد، بل هو صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط، ويسير بلا همة، ليس له أعمال تُنقد، فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط، لا يُمدح بشيء، لأنه خال من الفضائل، ولا يُسب لأنه ليس له حسّاد

وفي كتب الأدب أن شاباً خاملاً فاشلاً قال لأبيه: يا أبي أنا لا يمدحني أحد ولا يسبني أحد مثل فلان فما السبب؟ فقال أبوه: لأنك ثور في مسلاخ إنسان.

إن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس ويحس بمتعة في تمريغ كرامة الرّواد، لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم، ولهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم، فهو منهمك في بناء مجده ونسج ثياب فضله، إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع، ولهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع، مرة الطعم،.

إن السيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو أجوف، إن علينا أن نصلح أنفسنا ونتقن أعمالنا، وليس علينا حساب الناس والرقابة على أفكارهم والحكم على ضمائرهم، الله يحاسبهم والله وحده يعلم سرّهم وعلانيتهم، ولو كنا راشدين بدرجة كافية لما أصبح عندنا فراغ في الوقت نذهبه في كسر عظام الناس ونشر غسيلهم وتمزيق أكفانهم

التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث عن الجرح، أما الخيّرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوّله عسلاً فيه شفاء للناس، إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور، لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها وخسرت فوزها.

اعمل واجتهد وأتقن ولا تصغ لمثبّط أو حاسد أو فارغ؛ هبطت بعوضة على نخلة، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير، فقالت النخلة للبعوضة: والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرتِ؟!

تدخل الشاحنات الكبرى عليها الحديد والجسور وقد كتبوا عليها عبارة: خطر ممنوع الاقتراب، فتبتعد التكاسي والسياكل ولسان حالها ينادي): لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(

الأسد لا يأكل الميتة، والنمر لا يهجم على المرأة لعزة النفس وكمال الهمة، أما الصراصير والجعلان فعملها في القمامة وإبداعها في الزبالة.

نادية بوغرارة
30-03-2012, 01:57 AM
أزعم أن أول ما حفظته من شعر هو الذي تدور حوله التذكرة التي تفضلت بها ،

فضرب المثل بالسنبلة في التواضع و في الخيلاء من أبلغ ما سمعت ،

و قد جمع النقيضين في الشيء نفسه ،

و مثل ذلك البشر ، يشتركون في النوع ، لكنهم ليسوا سواء في الفضل

و العدل و المكرمات .

من شيم العامل العالم أنه يعمل في صمت ، لأن وقته الذي يضيعه في الثرثرة

هو أولى به ، فتراه ينأى عن كل لغو و ثرثرة ، و يزكي نفسه عن كل

ما من شأنه أن يحرمه من خير يأمله و برّ يشغله ،

و لذلك ترى التواضع صفة متوغلة فيه ، حيث يُشعرك دائما أنه مقصّر .

ملأى السنابل تنحني بتواضع = و الفارغاتُ رؤوسُهن شوامخ

أخي الكريم ربيع السملالي ،

لمواضيعك دائما نكهة التذكير و التنوير و النصح ، و هذا ما نحتاجه في زمن التدافع .

بوركت و قطع عقلك .

احمد خلف
30-03-2012, 05:27 AM
وينطبق قوله تعالى على هذا النوع:
«وإن يقولوا تسمع لقولهم» سورة المنافقون، الآية 4.
أي أن السامع يعجب بحديثهم لحسنه.
وفي هذا يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
“إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع،
فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار” متفق عليه.
وألحن تعني أنه يحسن عرض كلامه وبيانه بما يعطيه القدرة على تلبيس الحقيقة على السامعين.
وإن من البيان لسحرا، وما ذلك بخاف على المولى سبحانه
ولعل العرب قصدت ذلك بقولهم
أسمع جعجعة ولا أرى طحنا تقصد العرب بهذا المثل كثرة الكلام وقلة الأفعال.
وبلغة العصر أسمع كلاما جميلا منمقا، وأرى خدمة رديئة.
والمتصف بهذه الأوصاف مولع غالبا بالمظاهر وتنميق الكلام. ........
فالكلام المنمق سهل
لأنه رخيص ويعجب النفس المحبة للمدح المولعة بالبهرجة......
وتلك الطامة الكبرى يا ربيع بن المدني السملالي
فهم الذين قصدهم الشاعر بقوله:

دهرٌ علا قدرُ الوضيع به***وهوى الشريف يحطُّه شرفُهْ
كالبحر يرسب فيه لؤلؤه***سِفلاً وتطفو فوقه جِيَفه

زهراء المقدسية
30-03-2012, 11:18 PM
كلمات للشيخ القرني رائعة ومباركة
ونقل موفق
جزاك الله كل خير

واعذرني لنقل الموضوع لقسم الإستراحة
حيث مكانه الأنسب

تقديري

ربيحة الرفاعي
31-03-2012, 12:01 AM
منقول نبيل عن عالم جليل
وموضوع فائق القيمة بديع المحتوى هادف المضمون وقوي الرسالة

تحيتي[/B]

نادية بوغرارة
31-03-2012, 12:08 AM
من كلام عائض القرني
إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة، وإذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته وينادي عليها فاعلم أنها كاسدة، فكل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار؛ لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح

....


==========


الشاعر هائل الصرمي ،

كل الشكر لك على النقل المفيد .

بارك الله فيك .

نداء غريب صبري
31-03-2012, 03:36 AM
موضوع مهم ومفيد

شكرا لنقله

بوركت

هائل سعيد الصرمي
30-08-2013, 02:39 AM
ولكم جميعا فائق شكري وامتناني

ناديه محمد الجابي
03-09-2013, 10:38 AM
مقال جميل لشيخ جليل
ليتنا نكون كالنخلة الواقفة في شموخ إذا رميتها بحجر رمتك بأطايب الثمر
هكذا يكون المسلم معطاء كريما كما كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
يكرم من آذاه ويحسن لمن سبه أو كرهه.
درر و جواهر من حلو الكلام للشيخ القرني .جزاك الله كل خير سيدي الكريم
على ما انتقاه قلمك للحكم القيمة للدكتور عائض القرني:فالانسان الناجح هو الذي
يهتم باتقان عمله ولا ينشغل باللهو و الحديث..

هائل سعيد الصرمي
07-09-2013, 12:10 AM
شكرا لك ناديه محمد
مرورك أسعد ني

عدنان الشبول
07-09-2013, 10:11 AM
كلام جميل من شيخٍ جليل ، وأمر الدنيا خير دليل ،
وأنت أصيل ، نقلت كلاماً مفيداً وصادقاً


تحياتي

هائل سعيد الصرمي
09-09-2013, 12:39 PM
لك شكري وتقديري أخي عدنان
دمت بألق