تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مَجالسُ الغَرَر



عبد الرحيم صادقي
03-04-2012, 01:03 AM
يسألُني مَن استطاب مقامَ الغَرَر: ألا تُجالِسنا؟ ولا يفعلُ مَن يخشى رَدَغَة الخَبال. كيف ومَجالسُهم تَطول بلا طائل، وجليسُهم شقي غير سعيد! كيف وليس في كلامهم غير تَمَنٍّ بلا عمل، وسُخْطٍ وذَمْرٍ وانقطاعِ أمَل، أو شكوى غير مُنَفِّسَة! وإن الشاكي لَيعلَمُ علمَ اليقين أنْ لا حوْل للسامع ولا حِيلة. وأنَّى للغريق أن يُنجِد الغريق؟ وهل شأنُهما إلا شأن عَبْدٍ صَريخُهُ أَمَة؟ يتحادثون وهُم في نَفَسٍ مِن أمْرِهم حديثا مُكرَّرا جرى على ألْسُنِ الأغفالِ وتلقَّفه مَن يحسبون أنفسَهم من ذوي الألباب. وما لي والغِيبة وما كنتُ ممن يشتهي لحمَ الموتى؟ ألاَ وإنَّ مَن يَسمَعْ يَخَلْ. يسألني فأجيبُ: وما لي والهَمْز واللَّمْز؟
وإني لأعجب ممن كان يحدِّثُ أصحابَه فيستزيدونه فيمتنعُ كراهة السآمة عليهم وهم يشتهون، فيَتخوَّلُهم على حُبٍّ منهم ونَهَم، بينما ترى هؤلاء وقد بَزَّ مِكثارُهم مِهذارَهم، وأخرسَ مُهْتَرُهُم ثرثارَهم. هذا وليس في كلامهم ما يستجلبُ القلوب أو يُبرِئ سُقْمَها. كلاّ، ولا له حَلاوة ولا عليه طلاوة.
ويعلم الله أنْ لو كان في كلامهم حديثٌ مستطرَف، أو فنٌّ مستظرَف، أو نُكتةٌ مُستنبَطة، أو قولٌ بليغٌ، أو عِبرةٌ مستفادَة، أو حَلُّ مُعضِل، أو تَيْسيرُ عويصٍ، أو عِظةٌ تَوْجَلُ منها القلوبُ وتَذرِفُ العيون، أو حكمةٌ بالغةٌ لَعضضتُ عليها بالنواجذ وما سبَقني إليها أحد. لكنَّ الشقيَّ الشقيَّ مَن يرى أيامَه تَتداركُ وهو لا يُبالي أمَضتْ بخير أم بِشر، وسُوَيعاته تنقضي وهو في تَهَتُّر، وعُمُراً إذا ولَّى لا يعود، فذاك الشقاء بما لا مزيد عليه. اسمَعْ أيها الصديق والخِلُّ الوَفيّ! ما كنتُ لأشْرِيَ عُمُري بثَمنٍ بخس، ولا كنتُ فيه من الزاهدين. فعَشِّ ولا تَغْتَرّ! وإلا فإني لَأشكُرُ للقائل قوله: "أناشدُ من يُحبُّني أن يُحِبَّ وَحْدتي".
أيها الصاحب! اعلمْ أن الله قذف في رُوعِي مَقْتَ صنفين من الناس: مَن أَبْطَرَتْه النعمةُ وسَعة العيْش، والخامِل المُتعلِّل بالأقدار. وصنفٌ أتَّقِيه كما يُتَّقى الجَرَب: الغافِل السَّاهي الذي لا يتعوَّذ من العَجْز والكسل وقهْرِ الرجال. أدركتَ أيها الصاحب أنَّ ثلاثتَهم لا يُقدِّرُ الزمنَ حقَّ قَدْره؟ فإنهم لَيَروْنه أذلَّ من شِسْع النَّعل وأحقرَ من جناحِ بعوضة؟ فعياذاً بالله من قلوب لا تَفْقه. فكُنِ ابنَ أحْذار، وشَمِّرْ للأمر أذيالَه!

محمد محمود محمد شعبان
03-04-2012, 01:22 AM
أيها الصاحب! اعلمْ أن الله قذف في رُوعِي مَقْتَ صنفين من الناس: مَن أَبْطَرَتْه النعمةُ وسَعة العيْش، والخامِل المُتعلِّل بالأقدار. وصنفٌ أتَّقِيه كما يُتَّقى الجَرَب: الغافِل السَّاهي الذي لا يتعوَّذ من العَجْز والكسل وقهْرِ الرجال. أدركتَ أيها الصاحب أنَّ ثلاثتَهم لا يُقدِّرُ الزمنَ حقَّ قَدْره؟ فإنهم لَيَروْنه أذلَّ من شِسْع النَّعل وأحقرَ من جناحِ بعوضة؟ فعياذاً بالله من قلوب لا تَفْقه. فكُنِ ابنَ أحْذار، وشَمِّرْ للأمر أذيالَه

والله إنها لنصيحة بليغة
جاءت في ثوب ثراثي ـ إن صح التعبير
بتلك الألفاظ المعجمية القوية
حمل النص فيوضات ونورانيات
لا يبلغ مداها إلا الحصيف الأريب
نعم قد يتعلق الغريق بمثله ، وقد يتعلق بقشة
وهو لا يعلم فقد الله سره في أضعف خلقه
وهذا الغر قد يصير يوما ذا شأن إن لم يتعال عليه
أحد أو يبخل بنصحه ، وهل يتمادي إلا ببعد العقلاء عنه


ويعلم الله أنْ لو كان في كلامهم حديثٌ مستطرَف، أو فنٌّ مستظرَف، أو نُكتةٌ مُستنبَطة، أو قولٌ بليغٌ، أو عِبرةٌ مستفادَة، أو حَلُّ مُعضِل، أو تَيْسيرُ عويصٍ، أو عِظةٌ تَوْجَلُ منها القلوبُ وتَذرِفُ العيون، أو حكمةٌ بالغةٌ لَعضضتُ عليها بالنواجذ وما سبَقني إليها أحد. لكنَّ الشقيَّ الشقيَّ مَن يرى أيامَه تَتداركُ وهو لا يُبالي أمَضتْ بخير أم بِشر، وسُوَيعاته تنقضي وهو في تَهَتُّر، وعُمُراً إذا ولَّى لا يعود، فذاك الشقاء بما لا مزيد عليه. اسمَعْ أيها الصديق والخِلُّ الوَفيّ! ما كنتُ لأشْرِيَ عُمُري بثَمنٍ بخس، ولا كنتُ فيه من الزاهدين. فعَشِّ ولا تَغْتَرّ! وإلا فإني لَأشكُرُ للقائل قوله: "أناشدُ من يُحبُّني أن يُحِبَّ وَحْدتي".
الله الله
على هذا الفيض الجميل
إنها ليلة الحكم والمواعظ .. نص ديني من الطبقة الأولى
يكتب بأحرف من نور ليلقى على رؤوس المنابر لتلقفه الأسماع الواعية
ـ يا ليت قومي يعلمون ـ
شكرا لك ، ولي عودة لأكمل السبح بطوق نجاتك أيها الناصح الأمين
مودتي

وليد عارف الرشيد
03-04-2012, 07:03 PM
هذا نصُ باذخٌ أصيلٌ رائع .. رغم المباشرة في النص والخطابية التي سادت في أرجائه .. إلا أنه ينضح بالحكمة والأسلوب القويم واللغة الرائعة .
سعدت كثيرًا أستاذي بهذا الهطول واستفدت من هذه الحرفة في التعاطي مع العبارة المتقنة الانتقاء والتوظيف للمفردات .. والأهم في الحكمة والموعظة فجزاك الله خيرًا
مودتي التي تعرف وكثير تقديري

ماهر يونس
03-04-2012, 07:52 PM
وكأني بك تفسر قوله تعالى: "والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"‏
أراه النثر هنا في حلة البهاء وهو يحمل رسالة عظيمة..‏
محبتي أيها السامق ‏‎

كاملة بدارنه
03-04-2012, 08:27 PM
اعلمْ أن الله قذف في رُوعِي مَقْتَ صنفين من الناس: مَن أَبْطَرَتْه النعمةُ وسَعة العيْش، والخامِل المُتعلِّل بالأقدار. وصنفٌ أتَّقِيه كما يُتَّقى الجَرَب: الغافِل السَّاهي الذي لا يتعوَّذ من العَجْز والكسل وقهْرِ الرجال.
هم ثلاثة أصناف يسببّون آفات اجتماعيّة عديدة...
شكرا لك أستاذ عبد الرّحيم على هذه الكلمات الرّائعة التي نتضح بالحكمة والتّقوى
جعلها الله في ميزان حسناتك
تقديري وتحيّتي

زهراء المقدسية
03-04-2012, 10:32 PM
الشقيَّ مَن يرى أيامَه تَتداركُ وهو لا يُبالي أمَضتْ بخير أم بِشر، وسُوَيعاته تنقضي وهو في تَهَتُّر، وعُمُراً إذا ولَّى لا يعود، فذاك الشقاء بما لا مزيد عليه.

هذا هو الشقاء بعينه نعوذ بالله منه

حرفك النور

بارك الله لك به و زد منه فنحن بحاجته

إكباري...

عبد الله راتب نفاخ
04-04-2012, 12:11 PM
كم أستاق إلى من يكتب بمثل هذه اللغة
أيها العزيز الغالي
و الأديب الكبير
حياك رب العالمين كل التحايا

ربيع بن المدني السملالي
04-04-2012, 01:56 PM
الأخ عبد الرحيم أشكرك جزيلا على هذا النصائح الرائعة ، وبلغة عهدتها منك ، بارك الله فيك وزادك من فضله
دمت متميّزا
تحياتي لك والمودة الخالصة

ربيحة الرفاعي
04-04-2012, 01:58 PM
وإني لأعجب ممن كان يحدِّثُ أصحابَه فيستزيدونه فيمتنعُ كراهة السآمة عليهم وهم يشتهون، فيَتخوَّلُهم على حُبٍّ منهم ونَهَم، بينما ترى هؤلاء وقد بَزَّ مِكثارُهم مِهذارَهم، وأخرسَ مُهْتَرُهُم ثرثارَهم. هذا وليس في كلامهم ما يستجلبُ القلوب أو يُبرِئ سُقْمَها. كلاّ، ولا له حَلاوة ولا عليه طلاوة.
أصبت أديبنا الكريم لا فض الله فاك
"عياذ بالله من قلوب لا تفقه"

نص مدهش بحرفه المترف ولغته الباذخة وحكمة معانيه وجلال رسالته
تروق لي العودة على نصوصك مرارا علّي أجد فيها عوضا عما فاتني من قراءة في أصيل الأدب في أمهات الكتب

شكرا لهطوك الرائع
واهلا بك في واحة الخير

تحيتي

عبد الرحيم صادقي
04-04-2012, 08:08 PM
نعم قد يتعلق الغريق بمثله ، وقد يتعلق بقشة
وهو لا يعلم فقد الله سره في أضعف خلقه
وهذا الغر قد يصير يوما ذا شأن إن لم يتعال عليه
أحد أو يبخل بنصحه ، وهل يتمادي إلا ببعد العقلاء عنه


ما في ذلك من شك أخي حمادة، وليس هذا الصنف من الناس من قصدنا. وإنما المذموم من يدع الأخذ بالأسباب ويستغرق في لهوه وعبثه، ثم تراه يجنح إلى الشكوى والتذمر.
شكر الله لك حسن ثنائك وبارك الله فيك
تحياتي لك

د. سمير العمري
08-04-2012, 07:26 PM
بورك هذا الحرف النضير والمورد النمير والحكمة البالغة!

أحسنت اللغة وأنصفت المنطق!

دمت بخير وبركة!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:05 PM
سعدت كثيرًا أستاذي بهذا الهطول واستفدت من هذه الحرفة في التعاطي مع العبارة المتقنة الانتقاء والتوظيف للمفردات .. والأهم في الحكمة والموعظة فجزاك الله خيرًا
مودتي التي تعرف وكثير تقديري

وجزيت خيرا أيها الأديب الراقي
شكر الله لك حضورك البهي
تحياتي ومودتي

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:07 PM
وكأني بك تفسر قوله تعالى: "والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"‏
أراه النثر هنا في حلة البهاء وهو يحمل رسالة عظيمة..‏
محبتي أيها السامق ‏‎

أبادلك المحبة والتقدير
تحياتي لك أخي

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:12 PM
[SIZE="4"]
شكرا لك أستاذ عبد الرّحيم على هذه الكلمات الرّائعة التي نتضح بالحكمة والتّقوى
جعلها الله في ميزان حسناتك
تقديري وتحيّتي

اللهم آمين
وشكر الله لك حضورك وكلماتك الطيبة
لك التحية الخالصة

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:18 PM
هذا هو الشقاء بعينه نعوذ بالله منه
حرفك النور
بارك الله لك به و زد منه فنحن بحاجته
إكباري...

وفيك بارك الله يا زهراء
وحضورك وتشجيعك نور
تحياتي لك

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:24 PM
كم أشتاق إلى من يكتب بمثل هذه اللغة
أيها العزيز الغالي
و الأديب الكبير
حياك رب العالمين كل التحايا

با رك الله فيك أخي عبد الله
هذا من تواضعك ونبلك
ولك التحية أجملها وأعطرها

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:30 PM
الأخ عبد الرحيم أشكرك جزيلا على هذا النصائح الرائعة ، وبلغة عهدتها منك ، بارك الله فيك وزادك من فضله
دمت متميّزا
تحياتي لك والمودة الخالصة

بارك الله فيك أخي ربيع
وتقبل مودتي وتحيتي العطرة

عبد الرحيم صادقي
17-04-2012, 11:58 PM
أصبت أديبنا الكريم لا فض الله فاك
"عياذ بالله من قلوب لا تفقه"
نص مدهش بحرفه المترف ولغته الباذخة وحكمة معانيه وجلال رسالته
تروق لي العودة على نصوصك مرارا علّي أجد فيها عوضا عما فاتني من قراءة في أصيل الأدب في أمهات الكتب
شكرا لهطوك الرائع
واهلا بك في واحة الخير
تحيتي

وشكر الله لك هذا الحضور البهي أيتها الربيحة
من تواضعك وفضلك تعليقك هذا، وحضورك أروع.
جعلتُها في النص "عياذا بالله" بالنصب، ورأيتها هنا بالضم، فلعله وقع في نفسك شيء. وأيا ما يكن الأمر فعامل المفعول المطلق هنا محذوف وتقديره: أعوذ عياذا. ويستدعي النصبَ كون الكلمة مصدرا غير متصرف يلازمه النصب على المفعولية المطلقة.
أضف إلى ذلك أن عامل المفعول المطلق يحذف مع بعض المفاعيل المطلقة التي كثر جريانها على الألسنة حتى صارت كالأمثال . نحو : شكرا لله وحمدا، سمعا وطاعة، عفوا...
وعفوا على الإطالة، وإنما أردت أن نستفيد جميعا.
تحياتي أيتها الكريمة

عبد الرحيم صادقي
18-04-2012, 12:04 AM
بورك هذا الحرف النضير والمورد النمير والحكمة البالغة!
أحسنت اللغة وأنصفت المنطق!
دمت بخير وبركة!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي

ولك التحية أجملها وأطيبها أيها الأمير
بارك الله فيك ودام دفعك.
تحياتي لك والمودة

ربيحة الرفاعي
18-04-2012, 01:11 AM
وشكر الله لك هذا الحضور البهي أيتها الربيحة
من تواضعك وفضلك تعليقك هذا، وحضورك أروع.
جعلتُها في النص "عياذا بالله" بالنصب، ورأيتها هنا بالضم، فلعله وقع في نفسك شيء. وأيا ما يكن الأمر فعامل المفعول المطلق هنا محذوف وتقديره: أعوذ عياذا. ويستدعي النصبَ كون الكلمة مصدرا غير متصرف يلازمه النصب على المفعولية المطلقة.
أضف إلى ذلك أن عامل المفعول المطلق يحذف مع بعض المفاعيل المطلقة التي كثر جريانها على الألسنة حتى صارت كالأمثال . نحو : شكرا لله وحمدا، سمعا وطاعة، عفوا...
وعفوا على الإطالة، وإنما أردت أن نستفيد جميعا.
تحياتي أيتها الكريمة

بل هي "عياذا بالله" كما جاءت في النص، ولم أضعها هنا بالضم ولا وقع شيء في نفسي، وإنما سقطت الألف بهفوة كيبوردية كتلك التي تغص بها ردودي
والحمد لله الذي وسّع صدور أحبتي في الواحة فتقبلوا مني كل ما يقع من زلات طباعتي

أهلا بك أديبنا الكريم في واحتك

تحيتي

عايدة عبد الله
18-04-2012, 01:22 AM
وجليسُهم شقي غير سعيد! كيف وليس في كلامهم غير تَمَنٍّ بلا عمل، وسُخْطٍ وذَمْرٍ وانقطاعِ أمَل، أو شكوى غير مُنَفِّسَة!
الاستاذ عبد الرحيم صادقي
لأن كثرة الكلام دون داع تسبب لي الصداع
و لأني أعشق صمتي و وحدتي
فقد احبت نصك قرأته مرارا
و لطالما ردتت لمن حولي
قل خيرا او اصمت
بارك الله فيك
تحياتي و احترامي

عبد الرحيم صادقي
19-04-2012, 01:57 AM
لأن كثرة الكلام دون داع تسبب لي الصداع
و لأني أعشق صمتي و وحدتي
فقد احبت نصك قرأته مرارا
و لطالما ردتت لمن حولي
قل خيرا او اصمت
بارك الله فيك
تحياتي و احترامي[/COLOR]


وفيك بارك الله أختي عايدة
ولَنعم النصيحة هي: قل خيرا أو اصمت
دمت بخير وهناء