المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : -قابيلُ..يفاوضني عن دمي-



عبدالله بيلا
20-04-2012, 12:06 AM
-قابيلُ..يفاوضني عن دمي-




المَدى شاهدٌ .. والمُدى شاهدةْ
بين هذا الذي ندَّعيه زماناً..
وتلك التي تُبدعُ الآنَ أُنقوشةَ الموتِ
ظلٌ يمدُّ ذراعيه مُحتفلاً بالسماءِ
فتهمي سواداً على ساعِديهِ ...
كأنَّ السماءَ استقالَتْ من اللونِ
إلاَّ سوادَ خضابٍ قديمٍ على يدها.
كلَّما ارتفعتْ هامةٌ للصلاةِ الحزينةِ بادرَها منجلُ اليأسِ
كوني سراباً .. هباءً .. صدى.
غائرٌ هو جُرحُ الصلاةِ..ومُغتربٌ صوتُها.

كلَّما دارتِ الأرضُ دورَتَها فزَّ قابيلُ من حلمهِ الدمويِّ المكرَّرِ..
أصبحتُ قالَ..وأصبحتِ الأرضُ بالدمِ !
هل كنتُ أحلُمُ؟
أم أنني كنتُ أرعى قطيعاً من الحُلمِ صوبَ الحقيقةِ؟
ليست لتشغَلَني الآنَ هذي الإجاباتُ..
قلبي تقوَّسَ كالتلِّ..
عينايَ رُمحانِ من أزَلٍ موحشٍ مُقفِرٍ ..
جسدي مِقبرة.
كلما قيل: قابيلُ .. جسَّتْ يدايَ من الأرضِ أعرَاقَها
لم تزلْ للدماءِ مواسمُ نُضجٍ قريبٍ
فهيّئْ بقلبكَ أعراسَ دَمْ !

هنا آملونَ تفانَوا بآمالهم في السرابِ
هنا يائسونَ..من اللهِ والناسِ ..حدَّ التجمُّدِ
ينتظرونَ طويلاً طويلاً ..
متى تترجَّلُ تلكَ القيامةُ عن صهوةِ الانتظارِ؟!
سريعاً تمرُّ المسافةُ ..
مُبطئةٌ خفَقاتُ الخُطى في المسافةِ
لم ييأسِ الآملونَ، ولم يأمُلِ اليائسونَ
ولم تُزهرِ الروحُ سوسنةً واحدة.

أبحثُ الآنَ عن جسدٍ..لغةٍ ..تتناسلُ منها اللغاتُ
وعن جهةٍ شاردةْ ..!
عن بلادٍ تعرَّتْ من الإنتظارِ
وشقَّتْ إلى الوقتِ نهرَ دمٍ غائرٍ في الفجيعةِ.
عن (حمصَ) ..
(إدلِبَ) ..
(درعا) التي ادَّرَعتْ بالنشيدِ المقدَّسِ
عن (حلَبٍ).. عن (حماهْ ).

عن رُفاتِ الزمانِ المنكَّسِ في الوهمِ
عن أوَّلِ الدمِ ..
آخِرِ نزفِ الجراحِ الثخينةِ..

هذي طريقي إلى الغيبِ
من يفتحِ الآنَ لي كوَّةً كي أُطلَّ على شبحي في السماءِ
وأرشوَ قابيلَ حين يُفاوضني عن براكينَ خامدةٍ بالدما..
عن دمائي؟
عُبَّ قابيلُ ما تشتهي ..
سوف تَشرَقُ يوماً بهذي الدماءِ.
والمدى بيننا شاهدٌ .. والمُدى شاهدةْ
والزمانُ الذي يتمدَّدُ ما بيننا
ليس أطولَ من لحظةٍ واحدةْ .

ماهر يونس
20-04-2012, 12:18 AM
سيشرق كل قابيل بدمه..ويختنق كل قاتل بإيدي ضحاياه..وسيسقط الدموي متضجرا بدماءه وقد بانت سوءته..لا عليك يا شام!
عبدالله،
نص موجع واسمح لي بأن أقول صيغ بجمال وتقنيات عالية (سأبدو سخيفا وأنا أمدح نص ينزف) وسيغفر لي الجمال نزفه لأني لا أملك إلا أن أعترف بوجوده بكثافة مركزة
سلمت وشامنا التي ستعود فرجة رغم أنوف ألف قابيل

أحمد رامي
20-04-2012, 12:33 AM
أخي الشاعر عبد الله
لا شك أنك شاعر وتعرف أين تضع قدميك
فالقصيدة رمزية لم يزعجها إلا تصريحك بأسماء المدن ,
كانت تكون أجمل لو لم تصرح ..

لذ لي مروري على هذه الجميلة .

دمت وعطر القصيدة يخطك

ربيحة الرفاعي
20-04-2012, 09:03 PM
جميل ما نثرت هنا من معان وما رسمت من صورة
وأليم هو الجرح الذي تحرشت به رسالتك في قلب الأمة

أهلا بك أيهاالكريم في واحة الخير

تحيتي

الطنطاوي الحسيني
20-04-2012, 09:14 PM
غائرٌ هو جُرحُ الصلاةِ..ومُغتربٌ صوتُها.

رمزية رائعة وغاية في الابداع
استاذنا الشاعر الجميل المتألق عبدالله بيلا
مرحبا بكم اخي الحبيب
ودمت بهذا العلو الشاهق
مبدعا اريبا

محمد ذيب سليمان
20-04-2012, 09:30 PM
شكرا على هذا الوجع الذي ملأ القلب والروح
نص جميل من شاعر قدير
مودتي

عبدالله بيلا
20-04-2012, 09:49 PM
أ/ ماهر يونس

شكراً لك على افتتاح النص .. بهذا التعليق السخي النبيل

لك التحيات الطيبات

عبدالله بيلا
20-04-2012, 09:51 PM
الشاعر/ أحمد رامي

أشكر مرورك .. وهذه النظرة النقدية الثاقبة التي أعترف بها
فقد عرفتُ قبلاً أنَّ وجود الأسماء قد يخل بجمالية النص
ولكنْ .. لا بد مما ليس منه بد

تقبل تحياتي

عبدالله بيلا
20-04-2012, 09:53 PM
أ/ ربيحة الرفاعي

نعم أيتها القديرة ..
الحزن وحده من يسيطر على واجهة الزمن ..!
وعلَّ غداً يكون أجمل

تقبلي تحياتي

عبدالله بيلا
20-04-2012, 09:54 PM
الشاعر / الطنطاوي الحسيني

يسعدني أن أصافح عبورَك هنا .. أيها الجميل النقي
شكراً على المرور الجميل

وتقبّل تحياتي

عبدالله بيلا
20-04-2012, 09:56 PM
أ/ محمد ذيب سليمان

الشكر الأوفى والثناء الأصفى والأوزكى لك أيها الفاضل
كم يبهجني أن أقرأ هذا الثناء منك ..
ولا على الحزن أن يتبوَّأ من قلوبنا ما يشاء

تحيتي لك

عبدالله بيلا
21-04-2012, 04:32 AM
أتمنى على من يمتلك صلاحية التعديل
تعديل هذا الجزء من النص :
(ليست لتشغَلَني الآنَ هذه الإجاباتُ..)
تعديل (هذه) إلى ( هذي)

مع أصدق التحايا

لمى ناصر
21-04-2012, 05:36 AM
لغة عميقة...طرحتها باقتدار
اشتقنا لحرفك العتيق...تحية لشاعرنا.

د. سمير العمري
26-05-2012, 09:58 PM
سرني أن قرأت كل الردود قبل الرد لأجد تعديلك الذي طلبت وكان استوقفني في النص. قمت بالتعديل كما طلبت أيها الكريم.

النص رائع شعريا وشعوريا ، وربما أختلف مع وجهة نظر أخي الحبيب أحمد رامي فأرى أن التصريح بالأسماء أفاد في تخفيف حدة الرمزية كي لا تغرق في الغموض والتهويم.

وأما من حيث الأسلوب فلغتك راقية وصورك بكر وأسلوبك يعتمد على الرمزية الحداثية الموجهة وأنا مع الموزانة بين بين هذا وذاك.

وأما من حيث البناء العروضي فإني وجدت نصك يحتاج النظر في تدوير الأسطر ليوافق المعنى والمبنى ولا أريد أن أزعجك بمواضع كثيرة ارتبك فيها المبنى والمعنى بسبب التدوير.

وبالمناسبة .... قابيل هو أب جل البشر فعم غاتلبا أبناء القاتل ، وهو إن قتل أخاه حسدا فإنه ما انفك يقتل نفسه منذ ذلك الحين بوجوه مختلفة وأسماء مختلفة وهذا أمر لم تفعله حتى الشياطين.
نسأل الله السلامة ونسأله تعالى فرجا قريبا ونصرا مؤزرا لعباده الصالحين.

دمت بخير وعافية!

وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.


تحياتي

نادية بوغرارة
10-06-2012, 04:56 PM
مموسقة رشيقة هي قصيدتك ، وموجع ما حملته من هموم وآلام .

عجيب كيف يستطيع هذا الشعر أن يحملنا في الرحلة ذاتها على جناح المتعة تارة ،

و على جناح الألم تارة أخرى . !!

المبدع عبد الله بيلا ،

في انتظار المزيد من أشعارك .

نداء غريب صبري
11-06-2012, 12:38 AM
الجرح غائر
والألم عظيم
والحزن يتحكم بنا

قصيدة جميلة جدا أخي

شكرا لك

بوركت