تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خاطبني صمتي



هائل سعيد الصرمي
27-04-2012, 10:25 PM
خلعتُ ملابسي وتخففتُ من حملٍ كان يثقلني رغم خفتهَ ؛ فقد شعرتُ بشيء يجذبني نحو السرير كما تجذب الأرض الشهب عند تفلُّتِها من زمام مدارها المتزن.
ألقيتُ بنفسي دون مبالاةٍ فيه, وما إن استرحتُ قليلا, حتى استنهضني نور ساطع مر بإحدى نوافذ الغرفة المطلة على البحر وقد تلألأ كنور البرق عند كثافة الغيم وقبل نزول المطر, ولا غيم ولا مطر , فنحن في بداية الصيف ,أصابني الذهول والدهشة من هذا النور العجيب تسألت ماذا يا ترى هذا الذي رأيت؟!! خاطبني الصمت ربما نورُ مَلكٍ من ملائكة السماء ذاهبٌ في مهمة عاجلة , وما أكثر مهماتهم في الليل والنهار , فهم كثيرون والسماء تئطُّ بهم كما تئط المدن المزدحمة بالبشر الغاديين في أسواقها والعائدين منها.
ولكن الملائكة لا يتمثلون إلا لحاجة ولا يشاهدهم البشر إلا لحكمة أرادها الله , فقدرته سبحانه وتعالى مطلقه, يفعل ما يشاء.
لكني لم أنسىَ تلك الصورة العجيبة التي شاهدتها منشورةً على صفحات النت , عبارة عن شكل من نور لم أشاهد مثله على الأرض قط , مَلك باسط ذراعيه فوق ظهر الكعبة وقد كُتب تحت الصورة أنها التقطت في ليلة القدر احدى ليالي العشر الأواخر من رمضان, يومها تسألت: هل تقنية الكاميرات مزودة بالأشعة الحمراء أو فوق البنفسجية , فتكشف لنا الصورة مالا نراه بالعين المجردة؟ !!.لا أدري!!.
أظنه لن يخرج عن ثلاثة أشياء برقٌ لامع أو نور ملك ساطع أو شُهُبٍ وما أكثرها.
إذا لعلها ومضةُ شهاب من الشهب مرَّ من أمام النافذة , يلاحق طريدته التي تحاول الفرار منه بالاحتماء بالأرض , والشهب غالبا تتحاش الأرض كي لا تصطدم بها إلا ما ندر , فكأن الطريدة من الشياطين أرادتْ أن تحتمي بالأرض كما تفعل دائما لكن الشهب لم يعبئ بها هذه المرة , فتجاوز حدودهُ واستمر في تتبع فريسته دون اكتراثٍ بتبعات هذا التجاوز, وما يترتب عليه من أضرار.
ثم قلت: مالي ولهذا فما الذي سأجني من معرفة تلك الومضة وقد تعلمنا بأن الخوض فيما لا ينفعنا ولا ينبني عليه عمل .. نوع من التكلف الذي نُهينا عنه شرعا , ومن ذلك الأمور الغيبية كقيام الساعة والدجال وغيره كثير, وهذه الومضة تعد من ذلك , فما الذي دفعني اليوم للدخول في هذه السفسطة التي لا فائدة منها غير مضيعة الوقت؟! عندها أدركت أن هذا ربما بسبب السهر.. علي أن أتوجه إلى النوم.
ألقيتُ نظرة من النافذة قبل أن أغادرها , ورحلتُ في عالم آخر من السبح في ملكوت الله والذهول في بدائع صنعه...بعيدا عما كنت أفكر فيه ولا طائل منه, رأيتُ عظمة الله الواحد الأحد في آياته المبثوثة التي تبدو لي من رهبة الليل وهو مُسدلاً رداءه الأسود على البحر المتمدد بلا طرفٍ يُرى, والفضاء المترامي بلا حدود ولانهاية, يا لعظمة البحر, وسعة الفضاء.. ما مقدار هذه العظمة أمام عظمة الله الخالق.. الذي فطر كل شيء بحكمة موزونة, وكأني أرى الرحابة في الأفق لأول مرة وأرى من خلالها سعة قدرة الله التي لانهاية لها.
تملكني الذهول واحتوتني الدهشة. ما هذا الليل الموحش الذي يلف بثوب سواده الرهيب كل شيء , ها هو قابض بسواده الداكن على البر والبحر والفضاء, فلا ينفلت منه ولا يندُّ عنه شيء.. لقد بدا لي وأنا أنظر إلى غورهِ الرهيب منظرا مدهشا بديعا بالغ الروعة إنه منظر الجلال والهيبة والعظمة لله الذي أجدني أنجذبُ إلى سبحاته, !!.
كنت مستمتعا شاردا بكل هذه الخواطر الجميلة.. انتبهت من شرودي على هدير الأمواج وهي تتصاعد!!. وكان العناء قد بلغا بي مبلغه فلم يتحْ لي فرصة كي أطيل , فخلدت للنوم وأنا أفكر في المنظر البديع ثم بدأت أفكر في .....

آمال المصري
30-04-2012, 01:06 AM
نص جميل به تداعيات روحانية وغوص في ملكوت الله من خلال لوحة بديعة ونهاية مفتوحة تدعونا للفكر معه في ....
تساءلت - لم أنسَ - تتحاشى - يعبأ - كقيام الساعةِ
دام اليراع ودمت متألقا شاعرنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

محمد محمود محمد شعبان
30-04-2012, 01:29 AM
أخي / هائل سعيد
صافحت نصك الرائع
وأشكرك على ما أمتعتني به هنا
تحية تليق بهذا الجمال

ربيحة الرفاعي
30-04-2012, 03:39 PM
نص قصي جميل يحمل دلالات طيبة وحسا إيمانيا في طرحه رائق

وبعض عثرة وددت لو انك راجعت النص قبل اعتمادة لضبطها

تحيتي

هائل سعيد الصرمي
04-05-2012, 11:57 PM
شكرا لكم جميعا مروركم وتعليثكم
كرام بررة أحباء وأصدقاء
لكم تقدير واحترامي

بشرى العلوي الاسماعيلي
07-05-2012, 12:46 PM
الأستاذ:هائل سعيد الصرمي
استمتعت جدا بالقراءة لك
نص تندى بطيب الكلم فتألق نضارة و جمالاً
تقديري الكبير لهذا الأسلوب الرائع

وليد عارف الرشيد
07-05-2012, 01:08 PM
أحب كتاباتك أخي ..أستمتع بأسلوبٍ جميل وبغرضٍ نبيل ... بوركت
وددت فقط أن تكون العناية بالأخطاء اللغوية والكتابية سابقة لعرض النص
مودتي أيها المبدع وكثير تقديري

هائل سعيد الصرمي
30-08-2013, 02:32 AM
وليد أيها الحبيب شكر الله لك وزادك من فضله

كاملة بدارنه
06-09-2013, 07:06 PM
قصّة غلب عليها الوصف أكثر من الحدث بلغة شائقة داعية للتّفكر
بوركت
تقديري وتحييّتي

هائل سعيد الصرمي
07-09-2013, 12:07 AM
شكرا لك كاملة بدران
لك التقدير

نداء غريب صبري
27-09-2013, 09:44 PM
القصة جميلة والفكرة هادفة والإيمان الذي يحركها رائع

شكرا لك أخي

بوركت

هائل سعيد الصرمي
27-09-2013, 10:11 PM
شكرا لقلمك المعبر

يقطر بجمال العبارة التي ينشرح لها الصدر

بوركت ندى وبورك قلمك

مودتي

ناديه محمد الجابي
01-10-2013, 12:22 PM
من الجميل ان نقلب النظرأحيانا في كتاب الله المفتوح ( الكون )
فإننا في تأملاتنا هذه وكأننا نستمد من أنفاس الحياة المنعشة زادا
وغذاء للروح والقلب والنفس ـ تكاد تسمع تسبيح كل شيء حولك
ويمتلأ قلبك بإيقاع سماوي يغذي القلب ويشحن الروح ويفتح أمامك
أوانا من البهجة وآفاقا من المعرفة.
شكرا لك أخي على نص ماتع أمتعني
ولك تحياتي وتقديري.

هائل سعيد الصرمي
02-10-2013, 01:17 AM
مرورك وتعليقك الجميل نادية أسعدني

د. سمير العمري
05-02-2014, 11:24 PM
نص بلغة جميلة وإن لم تخل من بعض عثرات ، ولكني وجدت النص هنا قد خلا من القص وكان أقرب ما يكون لنص نثري ببوح وجداني.

ويظل حرفك في كل أحواله جميلا وقابلا للتألق أكثر!

تقديري

هائل سعيد الصرمي
12-02-2014, 03:33 AM
شرف أن يمر الدكتور هنا ويضع بصمته الرائعة

لنتقد بها ونزدان

لا حرمني الله منك أخي الكريم

دمت بود

خلود محمد جمعة
16-02-2014, 12:25 AM
خاطبك الصمت فحاطبت الليل
وسبحت في ملكوت الله
طيب حرفك
مودتي وتقديري

هائل سعيد الصرمي
18-02-2014, 11:08 PM
جزاك الله خيرا أختي الكريمة

على مرورك وتعليقك الجميل

مودني لك دوام