مشاهدة النسخة كاملة : أسئلة وإجابات على هامش قصيدة كَذَبَ الشعر للمبدع مكي النزال
ربيحة الرفاعي
25-04-2012, 01:35 AM
أسئلة وإجابات على هامش قصيدة كذب الشعر للمبدع مكي النزال
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=56894
والتي وجدنا ضرورة لنقل الحوار القائم على هامشها إلى موضوع خاص
ربيحة الرفاعي
25-04-2012, 01:35 AM
وكم تمنيت عليك أن تشير إلى مواطن الضعف التي قرأتَ لتعم الفائدة ومعها مواطن القوة والجمال ولو بإشارات يسمح بها الوقت.
وإني وقفت أمام ردك هذا في حيرة مما ورد فيه من تضارب في قولك أن الأمر راقك ثم رفضك كل ما جاء به ، وبين رفضك حتى الثناء المستحق الذي قدمناه بين يدي حرفك لتكيل منك المزيد لك ، وبين طلبك الشرح والتوضيح لتعميم الفائدة ، وهذا أمر مربك أخي الحبيب ويدفعني لأرجح أن ردي قد ساءك وأزعجك فأبى كريم خلقك أن يصرح بهذا.
وإني والله لو كنت أعلم أن هذا الأمر سيزعجك ويسوؤك لما كنت كلفت نفسي عناء هذا الرد وكان يكفيني حينها أن أجعل من ردي مرآة مسحورة لحرفك الساحر تريك ما تحب وما يرضيك إذ ليس عندي أغلى من الحرص على الأدب واللغة إلا الحرص على من أحب من أدباء ومفكرين.
أنا أنشر في المنتديات منذ سنين ومعتاد على أن أسمع النقد بل وطلبه لغرض الاستفادة منه وإن جاء من أصغر تلاميذي سنًا فكيف به منك؟!
....
وقلتُ (لكي تعم الفائدة) وعنيت لي ولجميع من يقرأون نقدك وكان ردي يحمل تساؤلات وملاحظات محددة.
كأني بالأمر توقف هنا ولم نقرأ بعد استجابة الدكتور سمير العمري لطلب شاعرنا مكي النزال تفصيل ما وقف عليه من أبيات ثقيلات في ميزان الشعر ووجه ثقلها، وتوضيح ما أشار إليه من حالة تنافر عام بين صدور الأبيات وأعجازها
وهذا لعمري يضيع علينا فرصة الاستفادة من قراءة متأنية ونقد إيجابي بناء من شاعرنا العملاق د. سمير العمري في رائعة شعرية للمبدع مكي النزال
وهي فرصة تعلّم وتعليم لن نرضى بتفويتها، وأنا هنا أضم صوتي لصوت شاعرنا النزال في طلبه تفصيل ما جاء في تعليق الأمير من عناوين
وسنكون بانتظار
تحيتي
د. سمير العمري
25-04-2012, 12:43 PM
الكريمة ربيحة الرفاعي:
ما كان لي من أرب فيما فعلت إلا الخير والود وتقدير النص وصاحبه حين ألتفت إليه بعمق وعناية ، وليس لي من أرب أن أغضب أخا أقدره وأحمل له الود ، وحين وجدته منزعجا رافضا لمداخلتي فكأنه تقال المدح واستثقل النصح فرأيت أن أصمت عما تحدثت عنه حرصا على صادق الود وعابق الإخاء خصوصا وقد رأيت في النصح تأكيدا لهذا ورأى أخي الكريم مكي عكس ذلك كما استشعرت ، وخصوصا أن أخي مكي عاد للرد ولم يشر برغبته على ما سألت من مدى رغبته بالعودة بنصحي.
ولأن مثلك بهذا التواضع الجم وأنت الشاعرة التي لا يكاد يشبهها أحد ، ولأن مثلك لا يرد له طلب ، ولأن أخي مكي يظل عندي كريما كبيرا فإني أعود برأيي راجيا أن يكون فيه النفع والفائدة المرجوة.
الأخ الكريم والكبير مكي:
أنا أخي من يستغرب أن تتهمني بأنني أثيرت حفيظتي ففيم ولم؟؟ أنا كما شرحت ما أردت إلا إظهار الود وممارسة ذات المنهج المعتمد في الواحة منذ أكثر من عشر سنين ، والتناول النقدي يكون عادة في مستويات مختلفة فما نصفق له من شاعر عادي لا نقبله من شاعر متميز ، وما نرضاه من شاعر متميز لا نقبله من شاعر كبير ، وحين يكون النقد إنما يكون على قدر الشاعر وقدر حرفه.
وأنت أخي الكريم لست بحاجة لإثبات شاعريتك الكبيرة فإنا نعلمها ونشهد بها ، ولك أن تقول ما شئت عن نفسك وعن شعرك ، ولكن لا أجد الافتخار بالارتجال أمرا مستحبا فكل الشعر ارتجال ثم قد ينقحه البعض من باب العناية ويحمد أمثال هؤلاء ، ثم إن ردي كان مدحا كريما وليس استخفافا أو استقلالا لا سمح الله. ومهما يكن من أمر فإني وكما قلت لك فالود عندي أهم مما سواه ، وأرجو أن يكون فيما سأقوله هنا ما يخدم النص ويحقق النفع والفائدة للجميع كما قلت أنت.
بداية دعني أختار ما رأيتهن أبيات ثقيلات في ميزان الشعر لرقي المبنى والمعنى والتناسق البنائي والجرسي مع المعنى وبين الصدر والعجز:
ذرفتني السماء نجمةَ شعرٍ = لمّتِ الضوءَ من بقايا زوالِ
حين يهمي الظلامُ مُزنَةَ شوْقٍ = أنزوي خلفَ أحرفي وابتهالي
لن تنامي على أسرّةِ وَرْدٍ = إن زرعتِ الأشواكَ في أوصالي
أقصِري عنْ لجاجةِ الشّكّ يا من = فيكِ أُنثى تضمّخَتْ بالجمالِ
دعْكِ منْ حُرقةِ اللظى في جنوبي = واسكني الثلجَ في أقاصي الشمالِ
أشرعَ الدهرُ بابَهُ لرؤانا = لا تجوري عليْهِ بالأقفالِ
هذه أبيات مبهرات وثقيلات في ميزان الشعر برأيي وكل ما فيها يستحق الثناء مبنى ومعنى وتركيبا.
ثم لنبدأ "النقد" بالإشارة عموما إلى قضية قطع همز الوصل في حوالي 5 مواضع وهو مما لا يقبل من شاعر بحجمك على الأقل عندي.
ثم إني رأيت في العديد من المواضع التي رأيت بعض الألفاظ لم توظف جيدا أو أن هناك ألفاظ أنجع توظيفا للصورة وللمعنى في مواضع أخرى ولأن هذا الأمر مدخلا لجدل لا ينتهي وخاضع للذائقة الخاصة غالبا فإني لن أخوض في الأمر وإن كنت سأورد مثالا واحدا فقط بهذا الخصوص كي يشرح الفكرة.
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني = وغزا الليلُ أضلعي بانشغالي
هنا البيت صحيح وجميل ، وانشغالي تخدم المعنى ، ولكني وجدتني أقرأ البيت هكذا:
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني = وغزا الليلُ أضلعي بظلالي
هنا سيكون هناك صور متداخلة متراكبة تخدم مدى الاحتدام الشعوري بين الأمل والألم وبين اليأس والرجاء ، ناهيك المقابلة بين الضور والظلال ، وكذا عمق الصورة حين يكنى بالظلال عن الانشغال وغيره من المكدرات ، وكذا الطرح الفلسفي حين نعلم أن الليل لا يشكل الظلال بل الضوء وغير ذلك كثير.
أناْ روحٌ مُسافرٌ عُمقَ صمتي = حائرًا، مُتعَبَ الخطى في خيالي
الروح مؤنثة وهذا أربك التركيب عندي فالذي أراه صوابا لغة هو أن تقول أنا روح مسافرة أو في اقل حال أن تكون أنا روح مسافرًا. أنا مبتدأ مرفوع تقديرا وروح خبر مرفوع ظاهرا ومسافر هنا لا مكان لها من الإعراب إلا حالين إما نعت مرفوع لروح وحينها يجب تأنيثها أو حال منصوب لأنا ، ولا يمكن رفعها خبرا بعد الخبر "روح".
لحظةَ التّوْقِ كنتُ طفلاً بريئًا = ذائبًا كالحياء في أسمالي
المرء يذوب حياء أو من حياء وليس كالحياء فالحياء لا يذوب. كان يمكن تجاوزا أن تقول "ذائبا بالحياء في أسمالي".
لا أُجيدُ الغناءَ في حفلِ يُتمي = بَيْدَ أنّي كَسَبتُ جاهي ومالي
هذا أحد أمثلة ما قلت من عدم الانسجام بين الصدر والعجز فالصدر جميل رائع ولكن ما علاقة العجز بالأمر؟؟ ما سياق كسب الجاه والمال في بيت يسبق يتحدث عن الحياء وعن براءة الأطفال ثم صدر يتحدث عن اليتم والحزن ثم بيت لاحق يتحدث عن التحدي والحيرة والتفكر في المآل؟؟ شخصيا اجتهدت كثيرا في وضع احتمالات معان تنسجم فلم أجد.
لطمتني صروف دهري كثيرًا = وتقمّصْتُ وِقفةَ الأبطالِ
تقمصت؟؟ التقمص ليس مما يفتخر به أو يعتد بمآله خصوصا هنا في قصيدة فيها اعتداد كبير بالنفس وأجد اللفظة ليست مناسبة مطلقا للجو العام وللسياق وللبيت وللمعنى.
تَنشُدين الكمالَ من مُسْتَثارٍ = لا تثوري، فلستُ عَبْدَ الكمالِ
لماذا عبد الكمال ولست ربه؟؟ رب الكمال هو من يمتلك الكمال أو يسعى إليه ليكون صاحب كمال ، أما النفس البشرية فقد جبلت على حب الكمال والحقيقة أن الكمال يستعبد القلوب مهما قست ، ولذا كان استعمال عبد الكمال هو صورة عكسية ومناقضة للطرح الذي أردت أنت.
أناْ أرضٌ تعُجُّ بالزهرِ نبتًا = نظرةٌ منكِ تستبيحُ احتلالي
لا أُطيقُ الرياحَ تجتاحُ وجهي = والصراعاتِ تستبيحُ اغتيالي
هنا بيتان متتاليان تكررت فيهما لفظة تستبيح وهي مستثقلة من شاعر كبير مثلك.
ثم إن هذين بيتان يمثلان دليلا واضحا على مستوى الربط على مستوى البيت فالأول متنافر بلا رابط يقوي التركيب إلا السياق ، والبيت الثاني رائع في ربطه وفي سياقه.
خذلتْني النجومُ إذ كُنتُ بَدرًا = أبذُلُ النورَ في عيونِ الليالي
أعتقد أنك هنا لم تنصف الصورة المرادة إلآ إن كنت بحق تريد أن تكون ما يعني هذا البيت.
الذي فهمته من نصك بأن السماء ذرفتك نجمة شعر ، فالنجم هو الأعلى والذي ينبثق منه الضورء والبدور هي مجرد انعكاس له ، وهنا سرقتك الصورة عن المعنى فأردت أن تبرز البدر ليوافق عيون الليل فرفعت غيرك على قدر نفسك وجعلت من خذلك نجما وأنت بدرا ، ولا تحسب أنني أغفل عن الصورة التي سرقتك من المعنى ولكن وجدت أن ما أقول ألزم للنص من حيث المعنى بل ومن حيث الصورة ورأيته أن يكون هكذا:
خذلتْني البدور إذ كُنتُ نجما = ينضح النورَ في عيونِ الليالي
هنا يكون المعنى أصح وأوثق لما تريد ويكون نور النجم كمعنى وليس كموقع سببا لكشف الظلمة بفجر أمل أو إبهار.
سرّحي شَعرَ ليْلتي..، هدهديها = داعبيها بالقصّ كالأطفالِ
هنا استوقفني التوظيف مرة أخرى فالقص لا يكون للمداعبة بل للهدهدة ولذا كأن أنسب لو قلت:
سرّحي شَعرَ ليْلتي..، د اعبيها= هدهديها بالقصّ كالأطفالِ
أوجعيني بالكيّ علّيَ أبرا = أنقذيني من حيْرَتي والهزالِ
قرأتها هنا وهزالي فهي أنسب للمعنى وأوقع للجرس.
لمْ تُصِبْ غيمةُ الرجاءِ يباسي = أدبَرَتْ بالرواءِ خلف الجبالِ
ليس المهم أخي أين أدبرت الغيمة إلا إن كان سيضيف للنص أما أن تغيب خلف الجبال فهذا مما سيكون حشوا لإكمال الصدر الجميل ليس إلا.
هكذا كُنتُ سائرًا وسأبقى = بين حُلمٍ وواقعٍ وخيالِ
هنا مثال آخر لحشو اللفظ فالحلم والخيال مترادفان هنا في هذا السياق.
هذا بعض أهم ما رأيته راجيا أن يكون فيه ما يفيد.
تحياتي
مكي النزال
25-04-2012, 01:28 PM
قCOLOR="Blue"][/COLOR]لعمري إنه لأغرب نقد شعري سمعته في حياتي يا دكتور رعاك الله!
وفرضٌ لما تريد لا ما يريد الشاعر والشعر
أخي الكريم
الشاعر يقول ما يشاء هو ويعني ما يريد هو لا مايريد الغير وإن خنقناه هكذا فلن يقول أحد الشعر البتة!
وأنت هنا لا تحلل القصيدة لطلاب كي يفهموها، بل تجادل شاعرًا في مكنونات نفسه ولغته وطريقة تعبيره وتصويره!
ولئن رددتُ تفصيلاً لطال السجال مدى عمرينا - أطال الله في عمرك - وربما أعود لذلك بعد حين.
خذ مثلاً: لحظةَ التّوْقِ كنتُ طفلاً بريئًا = ذائبًا كالحياء في أسمالي .. صورة رائعة وفريدة لم يطرقها أحد قبلي!
تقول: المرء يذوب حياء أو من حياء وليس كالحياء فالحياء لا يذوب. كان يمكن تجاوزا أن تقول "ذائبا بالحياء في أسمالي .. وأقول: ولماذا يا سيدي لااقول أن الحياء هو الذي يذوب وأنا الشاعر؟ لماذا يجب أن أقول ما قال غيري.. هل هناك خطأ مافي اللغة؟ هي صورة جاءت هكذا وهي أن الحياء هو المشبه به ذائبًا لا مذابًا فيه! شعر يا دكتور وليس مقالة.. وكذلك كلما تفضلت به وما هو ليس مطلوبًا بالمرة فأنت ببساطة تريد أن أقول ما في بالك لا ما في بالي.. وثق أن أي شاعر ولو كان للمتنبي يمكن ان يقال عنه لو قال ولو فعل..!
الروح: مذكر إلا إن عنت النفس .. وهنا سندخل في ما أريد وما تريده لي مرة أخرى
البدور تستقي نورها من النجوم؟ لا أدري...!
تقول قل ظلالي؟ أراها أبعد ما يكون عن الصواب.. فما في الليل من ظلال حيث لا ضوء فيه.. وأنا والله أردت انشغالي ولم أحشُ اضطرارا..
أخي الكريم..، أنت تغرق في الكلاسيك وتريد للشاعر أن يكون ظلاً لغيره ورأيي أنه لن يكون شاعرًا إلا إذا ابتكر وجدّد وإن بدا مختلفًا لمن تعوّد أن يقرأ الشعر كقوالب جاهزة.
ولكلٍّ رأيه وتقبل امتناني لاهتمامك ووقتك الذي أنفقت .. رعاك الله.
.
آمال المصري
25-04-2012, 11:33 PM
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني = وغزا الليلُ أضلعي بانشغالي
هنا البيت صحيح وجميل ، وانشغالي تخدم المعنى ، ولكني وجدتني أقرأ البيت هكذا:
حشد الضوءُ جيشهُ في جفوني = وغزا الليلُ أضلعي بظلالي
هنا سيكون هناك صور متداخلة متراكبة تخدم مدى الاحتدام الشعوري بين الأمل والألم وبين اليأس والرجاء ، ناهيك المقابلة بين الضور والظلال ، وكذا عمق الصورة حين يكنى بالظلال عن الانشغال وغيره من المكدرات ، وكذا الطرح الفلسفي حين نعلم أن الليل لا يشكل الظلال بل الضوء وغير ذلك كثير.
راق لي ماتفضل به الدكتور سمير من نقد كان درسا رائعا تابعته من خلال حوارية مثمرة
ولكن فضلا من سموكم كنت أطمع في كرمكم توضيحا لما ذكرت هنا من الصور المتداخلة المتراكبة وكيف تخدم الاحتدام الشعوري بين المتناقضات التي ذكرت ؟
وكذا توضيحا للطرح الفلسفي هنا لتعم الفائدة
دمت أميرنا رائعا
ولي عودة للنص مرة أخرى
تحاياي
آمال المصري
26-04-2012, 12:13 AM
ثم لنبدأ "النقد" بالإشارة عموما إلى قضية قطع همز الوصل في حوالي 5 مواضع وهو مما لا يقبل من شاعر بحجمك على الأقل عندي.
استفسار آخر من سموكم : نعرف ان قطع همزة الوصل من الضرورات الشعرية
فلماذا تعتبرها أميرنا ضعفا في النص ؟
وأعتذر على تكرار التطفل ولكن نريد مزيد من الاستفادة
تحاياي
أماني عواد
27-04-2012, 12:42 AM
لطمتني صروف دهري كثيرًا = وتقمّصْتُ وِقفةَ الأبطالِ
تقمصت؟؟ التقمص ليس مما يفتخر به أو يعتد بمآله خصوصا هنا في قصيدة فيها اعتداد كبير بالنفس وأجد اللفظة ليست مناسبة مطلقا للجو العام وللسياق وللبيت وللمعنى.
تَنشُدين الكمالَ من مُسْتَثارٍ = لا تثوري، فلستُ عَبْدَ الكمالِ
لماذا عبد الكمال ولست ربه؟؟ رب الكمال هو من يمتلك الكمال أو يسعى إليه ليكون صاحب كمال ، أما النفس البشرية فقد جبلت على حب الكمال والحقيقة أن الكمال يستعبد القلوب مهما قست ، ولذا كان استعمال عبد الكمال هو صورة عكسية ومناقضة للطرح الذي أردت أنت.
أنا كقارئة اعجبتني القصيدة جدا وقرأت فيها شعرا ممتعا
وأتابع هذا الحوار العلمي لأستفيد
لي هنا سؤال رجاء
ما هي أهمية توظيف اللفظ وقيمته في الشعر
وهل يشكل استخدام لفظة بدلا من أخرى معضلة أو عيبا في القصيدة؟
تقديري واحترامي
نداء غريب صبري
27-04-2012, 12:45 AM
الشاعر يقول ما يشاء هو ويعني ما يريد هو لا مايريد الغير وإن خنقناه هكذا فلن يقول أحد الشعر البتة!
وأنت هنا لا تحلل القصيدة لطلاب كي يفهموها، بل تجادل شاعرًا في مكنونات نفسه ولغته وطريقة تعبيره وتصويره!
أنت تغرق في الكلاسيك وتريد للشاعر أن يكون ظلاً لغيره ورأيي أنه لن يكون شاعرًا إلا إذا ابتكر وجدّد وإن بدا مختلفًا لمن تعوّد أن يقرأ الشعر كقوالب جاهزة.
ولكلٍّ رأيه
أنا مع أخي الشاعر مكي النزال في أن الشاعر يقول ما يشاء هو ويعني ما يريد هو، ولا شيء يبرر أن نخنقه أو أن نفرض عليه أن يقول ما نريد
لكن هذا لا يمنع أن بعض الألفاظ التي يستخدمها الشاعر تكون أقل ملاءمة للموقع الذي استخدمت فيه من غيرها، ومن حقنا أن نقول رأينا فيها إذا كنا مهتمين بالشاعر وبالشعر
فهل هو تلقين لنا كشعراء لأن نقول ما يريد الناقد أو القاريء حين يبدي رأيا فيما نقول،؟
أقلقني هذا الأمر جدا وحيرني
سؤالي موجه لأميرنا الدكتور سمير العمري الذي أدين له وللواحة بتطور كبير في شعري بعد أن جئت الواحة بالكاد أكتب شبه شعر
هل تريد بتوجيهاتك لنا أن تجعلنا ظلا لك أو لشعراء معينين؟
وهل تقصد في نقدك الذي ننتظره لقصائدنا كي نتعلم ونتطور، أن تجعلنا نقول ما تريد؟
بانتظار ردكم سيدي
أحمد رامي
29-04-2012, 12:40 AM
الإخوة الكرام , تحية وبعد :
ليس دفاعا عن أحد , أقول :
يحق للشاعر أن يقول ما يريد , و لا يحق لأحد أن يملي عليه ما يقول , ولكن من حقنا على الشاعر أن يوصِلَ إلينا ما يريد ,
لا نريد أن يبقى المعنى في قلب الشاعر , و إلا سيفقدنا كقراء له , فالمتلقي هو مرآة الأديب , وهو بالتالي جمهوره , فإن فُقد التواصل بينهما فتلك مصيبة لكلا الطرفين .
عندما يستعمل الشاعر مفردة ما في مكان ما و تكون ضبابية الرؤية , بعيدة الملاءمة لذلك المكان , فإن المعنى سيكون حتما ضبابيا , لكن إن استعمل المفردة بشكل جديد مبتكر يلائم تلك المفردة فإنه يحيي المفردة ويأتي بصورة أو معنى جديد يحسب له , و إلا فسوف يحسب عليه .
وكان قديما ينزع عن الشاعر لقب الفحولة لأمر نراه اليوم بسيطا .
حبذا لو تراجعوا كتاب الموشح للمرزباني وستجدون كيف كان يلام الشاعر الكبير على بيت قاله ليس فيه عيب إلا التقديم والتأخير , طبعا إذا كان هناك مندوحة عن ذلك ؛ أما الضرورات فكان يُؤخذ على الشاعر استخدامها , ونقول يؤخذ على الشاعر وليس الشويعر , أما الاضطرار فيكون في سهوة واحدة ليس أكثر , و إلا قلنا له أما أسعفتك لغتك كي تحيد عنها .
أضرب مثلا من كتاب الموشح :
روي عند الخليفة عبد الملك بن مروان بيت الأعشى :
أتاني يؤامرني في الصبو .... ح ليــــلا فقلت غادِها
قال عبد الملك بن مروان : أساء , لو قال هاتها .
إن الأعشى – و هذا بتقديري - أراد القول أن الصبوح تكون في الغداة والغبوق في العشي على نهج العرب , و ربما أراد أن يكون الشيء في مكانه .
نعود لتفسير قول عبد الملك :
فالصبوح لها عدة معان ( كل ما يؤكل ويشرب صباحا , اللبن المحلوب صباحا , الخمرة ) , أما الأول فيفسد المعنى , و أما الثاني والثالث فيناسبان المعنى ؛ غير أن كلمة يؤامرني جعلتنا نكون أميل إلى أنها الخمرة , و مع كلا المعنيين فإن استمهالها إلى الغداة إفساد لها فلا يجوز استمهالها , رغم أن كلمة غادِها لا تسيء إلى تركيبة البيت و معناه , لكن مارمى إليه الخليفة أن مثل هذه الأمور لا تستمهل إن حضرت .
أرجو أن أكون أوضحت شيئا مفيدا .
محبتي للجميع
نادية بوغرارة
29-04-2012, 01:32 AM
تحية للشاعر مكي النزال على صفحاته المشرقة بجمال الشعر و نور الأدب .
و أحب أن أشكر كل من شارك و أضاف لنا في موضوع النقد ،
أخص بالذكر الدكتور سمير العمري الذي استفدنا كثيرا من ملاحظاته.
فهذه هي المدرسة الحقيقة ، التي تخرّج الشاعر العارف و الواثق ،
و نحتاج إليها لتطوير و تجويد كتاباتنا .
و لي رأي شخصي في المسألة النقدية و هو أنها تتخذ طابع النسبية
و قد يدور حولها الخلاف ، إلا فيما يتعلق بثوابت اللغة ،
لذلك فأي نقد موجه للمعاني أو الصور و يمس روح النص يكون خاضعا للرأي ،
و يبقى من حق الناقد إبداء رأيه ، كما من الحق المبدع الأخذ به أو تركه .
دمتم و الواحة .
ربيحة الرفاعي
29-04-2012, 10:36 PM
ثم أشكر جميع من رد معلقا على مداخلتي في الأمر ، ومع احترامي لوجهة نظرهم واستنكارهم الأمر كما فعل أخي مكي حتى لقد خلتني أمام تظاهرة أدبية ضدي
ورغبة في أن لا نزعجه أكثر بحوار أكد هو مسبقا بأنه جاهز للجدل فيه بقية العمر ، ولأن حفظ الإخوان عندي مقدم على ما سواه فإني أعتذر لكم جميعا عن الرد في هذه الصفحة إذ لا أرى تحويلها لمدرسة أدبية بأجابات عن أسئلة أساسية ومهمة ستنجب أسئلة أخرى وإجابات أخرى.
أخي الكريم د سمير العمري
ها أنت ذا تعود لتتهمني بتسفيه الرأي وتجريح الشخص والقيام بمظاهرات
أم كان لزامًا عليّ ان اؤدي التحية العسكرية وأصمت لكي أكون بنّاءً لا هدّاما؟!
أخشى بقراءتي المتواضعة هنا أن ثمة سوء فهم أطل برأسه بيننا في حوار انتظرنا منه معلومة وإفادة
وقد أعادني ردّ شاعرنا المبدع مكي النزال مكررا إلى التعليق الأخير للدكتور العمري، فلم أجده يتهمه بالقيام بمظاهرات بأي معنى، حتى في إشارته لمداخلات الأعضاء في ذات الشأن والتي اعتَبَرها - ولم أجدها كذلك أيضا- مستنكرة للأمر حتى خال كما يقول أنه أمام تظاهرة أدبية ، فأي اتهام كان لشاعرنا هنا بالقيام بالمظاهرات؟؟
عموما فإننا لن نضيع فرصة ما اعتدناه في الواحة من النصح والتدارس في كل نص يفتح بابا لجديد، بما يرفع من سوية حروفنا
وإني إذ أشكر لأميرنا الدكتور سمير العمري تلبيته طلبي بالعودة للقصيدة موضحا بعض ما كان أشار إليه في تعليقه الأول فيها، وهو ما انتظرته منه بما عودنا من حرص على النصح
وأشكر لشاعرنا الرائع مكي النزال منحنا هذه الفرصة لتعميم الفائدة بما طرح من تساؤل في ردّه على تعليق الدكتور العمري، وما أفسح لنا من مجال في صفحته وعلى هامش قصيدته الرائعة
فإني أثمن لسيد الواحة نبل خلقه ورقيّ اعتذاره عن مواصلة الردّ على التساؤلات المطروحة في صفحة القصيدة تلافيا لتحويلها لمدرسة أدبية بإجابات عن أسئلة أساسية ومهمة ستنجب غيرها، وسأقوم حرصا على عدم تفويت هذه الفرصة للتعلم بفتح موضوع جديد في مدرسة الواحة الأدبية ننقل إليها نسخة التعليقات والاستفسارات المطروحة
وستجدونه على هذا الرابط
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=57159
شكرا بجميع من تفضل بالمداخلة هنا ومن سيتفضل بها هناك
أهلا بكم جميعا
تحاياي
نادية بوغرارة
29-04-2012, 10:52 PM
تمنيت أن نستفيد من الحوار الأدبي العلمي المفيد ،
و حدثتني نفسي أن أطلب إفراد موضوع خاص لتكملة الحوار حتى لا تتأثر
صفحات القصيدة الأصلية ، لكنني أحسست كأن هناك كسرا في الرغبة
في مواصلة النقاش .
و مادام الموضوع نقل إلى هنا ، فأرجو أن يواصل الفضلاء عطاءهم
و يستأنف أدباء الواحة منحنا من بعض ما عندهم من علم و فهم و حلم .
تحية للجميع .
:os:
د. سمير العمري
30-04-2012, 06:58 PM
طالما أن الجميع مصر على أن نوضح ما قصدنا من نقدنا لقصيدة الحبيب مكي ، فإني سأعود هنا شارحا وموضحا وجهة نظري في الأمر بما أرجو به أن يكون حوارا أدبيا نافعا ومثمرا.
سأعود تباعا كلما سنح لي الوقت لأرد على ما جاء في كل الحوار الأدبي شاكرا مقدما للجميع حسن تقبلهم وجميل تفاعلهم.
تحياتي
علياء التميمي
30-04-2012, 08:40 PM
:v1:
بصراحة حوار جميل بين شاعر وبين ناقد وعلى مستوى راق من الأدب والخلق الرفيع
وفيه إثراء لفنية الشاعر ونقد الناقد
لكما مني جزيل الشكر
د. سمير العمري
01-05-2012, 03:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحب بداية أن أوضح أن التناول سيكون منهجيا وعلميا بترتيب المحاور ووضع الأمور في إطارها ترتيبا وتركيبا ، ولذا سيكون الرد أولا على طبيعة الأداء في واحة الخير وأسلوب التناول والحوار فيها ثم يكون بعد ذلك وقفة سريعة حول ماهية الشعر والإبداع ثم النقد ما له وما عليه ثم تناول لقصيدة أخي الحبيب مكي بما لها وما عليها كمثال فرضه واقع الحال.
وأنا أحب هنا أن أوضح بأن هذه المحاور الأساسية هي مباحث كبيرة يحتاج كل مبحث فيها لأسفار مطولة ولكني أقصد أن يكون التناول محدودا ومحددا بالمطلوب لتأطير الصورة هنا بما يعمم الفائدة.
وهنا سأبدأ بالحديث عن طبيعة الأداء في واحة الخير وأسلوب التناول والحوار فيها فأقول:
لقد أسست رابطة الواحة الثقافية لتكون صرحا أدبيا وفكريا جادا ونزيها بعيدا عن كل أساليب المواقع الأخرى في الشابكة ، هدفها الذود عن اللغة والهوية ، والرقي بالفكر وبالأدب ، وترسيخ رسالة أخلاقية شاملة يقوم بهمتها الكرام ، والجميع هنا أخوة وأحباب لهم ما لغيرهم في الواحة وعليهم ما عليهم وما لأحد فضل على أحد إلا بقدر ما يقدم من جهد وبقدر ما يظهر من حرص وبقدر ما يؤكد على منهج الخلق والإيثار والبعد عن الاستخفاف والاستكبار.
ومنهج التعاطي في الواحة قائم على احترام الشخوص وإنزال الرجال منازلهم ، ولكن لا قداسة للنصوص مهما كانت ولا يكون التناول لها مما يجترم طالما كانت بنزاهة وأرب وحرص على تعميم الفائدة وإسداء النصح ، ولم تكن الواحة يوما بوقا لمدح غير مستحق أو مخاتلة في رأي أو مجاملة في حكم أو طعنا في جميل أو أصيل ولن تكون. والواحة ليست كغيرها في التعامل مع الشخوص والنصوص فهي تحترم الجميع وتفاوت بين الأقدار بما هو مستحق ، وفي نفس الوقت لا تستخدم النصوص مدخلا لهوى النفوس والطعن في الشخوص ، ولا يمثل لها الحوار جدلا أو وسيلة ملتوية لمآرب شخصية كما يحدث في ما سواها مما قد يروج به بعض المغرضين.
إن مسيرة تمتد لعقد كامل من الزمان وشهادات كثير وكبيرة من منصفين عدول لنزاهة الأداء في الواحة ولرقي الهمة ولقدرتها على خدمة الأمة لغة وأدبا وفكرا ، ثم هذا العدد الكبير من الأدباء الذين تخرجوا من الواحة كبارا في عالم الشعر والأدب منهم من أقر ومنهم من أنكر لدليل ساطع على تميز منهجها وعلو أربه ، وهو منهج جعل الواحة واحة وميزها عن غيرها وجعلها أكبر وأفضل صرح أدبي على الشابكة منذ حين غير قصير.
ومنهج الواحة في الحوار هو احترام الشخوص وتناول النصوص بنزاهة وتجرد بأدب الحوار ودحض الحجة بالحجة لا بالصخب ولا بالغضب ولا بالاستنكار ولا بالاستنكاف ، ويكون الهدف من الحوار عادة هو التناصح والتعلم وتبادل الخبرات وتعميم الفائدة إذ ليس من العقل أن يكون العمل التفاعلي قائما على كيل المديح وتبادل الكلمات المجاملة فهذا لا يرتقي بمستوى الأديب ولا بمستوى المتابعين.
نعلم أن هذا الأمر قد لا يروق للبعض ، ونعلم أن هذا يورثنا غضب البعض وكيد البعض ، ونعلم أن هذا ثمنه غال ، ولكن يخطئ من يظن أننا عاجزون عن إدراك هذا ، وعن فهم أننا قادرون أن نكون كغيرنا فنجعل من المديح الرخيص وسيلة لاستجلاب الود والمديح المقابل ، وتالله لا نغفل عن هذا ولا يعجزنا تحقيقه ونيل رضا الجميع وشكرهم ولكننا قوم نسعى لرضا الله وشكره بإبراء الذمة والصدق في العمل فالدين المعاملة والدين النصيحة ونحن هنا على ثغر من الثغور فلن نبيع ما عند الله من كثير النعم بالقليل مما عند الناس والله حسبنا.
تحياتي
نادية بوغرارة
01-05-2012, 06:39 PM
إذا فالأمر لا يتعلق فقط بنقد قصيدة بعينها ،
إنما نحن على موعد مع عقد الأدب ننظمه لؤلؤة لؤلؤة على هدي مشاعل من نور،
حتى يكتمل في أفهامنا في أبهى حلة.
الدكتور سمير العمري ،
جزاك الله كل الخير ، واسمح لي بأن أحجز مقعدا متقدما أسبق فيه لمتابعة عطاياك الأديبة
أولا بأول .
دمت ورسل الخير تترى من يديك .
نادية بوغرارة
01-05-2012, 07:07 PM
ومنهج الواحة في الحوار هو احترام الشخوص وتناول النصوص بنزاهة وتجرد بأدب الحوار ودحض الحجة بالحجة لا بالصخب ولا بالغضب ولا بالاستنكار ولا بالاستنكاف ، ويكون الهدف من الحوار عادة هو التناصح والتعلم وتبادل الخبرات وتعميم الفائدة إذ ليس من العقل أن يكون العمل التفاعلي قائما على كيل المديح وتبادل الكلمات المجاملة فهذا لا يرتقي بمستوى الأديب ولا بمستوى المتابعين.
نعلم أن هذا الأمر قد لا يروق للبعض ، ونعلم أن هذا يورثنا غضب البعض وكيد البعض ، ونعلم أن هذا ثمنه غال ، ولكن يخطئ من يظن أننا عاجزون عن إدراك هذا ، وعن فهم أننا قادرون أن نكون كغيرنا فنجعل من المديح الرخيص وسيلة لاستجلاب الود والمديح المقابل ، وتالله لا نغفل عن هذا ولا يعجزنا تحقيقه ونيل رضا الجميع وشكرهم ولكننا قوم نسعى لرضا الله وشكره بإبراء الذمة والصدق في العمل فالدين المعاملة والدين النصيحة ونحن هنا على ثغر من الثغور فلن نبيع ما عند الله من كثير النعم بالقليل مما عند الناس والله حسبنا.
تحياتي
==========
لهذا انتسبنا للواحة وأحببناها ولهذا آمنا برسالتها ،
وكان ما تفضلت به يا دكتور سمير ركنا أساسيا من أركان العهد الذي ارتضينا تقديمه للواحة .
فخورة بوطني الحلم وآخر القلاع .
:os:
وليد عارف الرشيد
01-05-2012, 07:23 PM
تابعت من البداية وقد كفيتموني أيها الكبار القول فما بعد أقوالكم ما يضاف .. كنت أتعلم وما زلت
بانتظار مزيدك أيها الحبيب أستاذنا الكبير
محبتي وتقديري لك وللجميع
نادية بوغرارة
01-05-2012, 07:35 PM
إن لم يبادر أحد المشرفين إلى تثبيت الموضوع ،
سأرفع تظلما عاجلا و أحملكم صائر التظلم بأتمه و أكمله .
هو موضوع يستحق أن يدوم علامة في مدرسة الواحة لا يخطئه باحث .
:0014:
أحمد رامي
01-05-2012, 10:15 PM
إخوتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام .......
ومن قواعد هذا العز :
رحم الله امرءا أهدى إلينا عيوبنا .
ومن قواعد هذا العز :
الدين النصيحة ؛ لله و ... و ..... ولعامة المسلمين .
ومن قواعد هذا العز :
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
و من قواعد هذا العز :
لا تمدح أخاك في وجهه إلى درجة أنك تقتله .
ومن قواعد هذا العز :
إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه .
ومن قواعد هذا العز :
من حقوق أخيك عليك إذا استنصحك أن تنصح له .
إخوتي هذا بعض من قواعد العز , و أجزم أنكم أو أكثركم يعرفها , وكلنا يعلم إذا لم يكن عمله خالصا لله فلن يقبل منه ,
وعلى هذا نتقبل بعضنا بعضا على أساس أن من ينصحني , ينصحني لله . فالواجب علي شكره إن كان مصيبا ,
أو مناقشته في رأيه إن وجدته مخطئا أو لم يفهم قولي , و لربما أكون ما وُفقت في إيصال المعنى إليه .
تواصلوا إخوتي بحب , و والله والله والله ستجدون العجب العجاب .
أشكرك د. سمير
و أشكر كل من يدوّن كلمة يقصد فيها الحق و النصح والمحبة , مخلصا في ذلك لله .
محبتي الوارفة الظلال لكل من يأخذ أخاه على محمل المودة والمحبة , و لكل من يلتمس لأخيه الأعذار .
د. سمير العمري
02-05-2012, 12:11 AM
أحب بداية أن أتناول قضية الخلاف الدائم في تعريف الشعر وفهمه والخلط الكثير بينه وبين معان تصفه أو تحدده ما بين طرفي نقيض يدفعني لهذا الرغبة في الوصول معا إلى فهم واضح يمنع الخلط بين الشعر وبين غيره من فنون الأدب الأخرى. وسأعتمد في طرحي المختصر هذا على موضوعين الأول لي وهو مقالة مقتضبة في الشعر والثاني موضوع للحبيب مكي النزال بتساؤل عن الفرق بين الشعر والنظم ومطالبة بإنصاف الثاني.
ما هو الشعر؟
لعل قضية تعريف الشعر هي من أكثر ما شغل أذهان الأدباء والنقاد وكل مشتغل بالأدب مهتم به حتى لكأن لكل أديب "تعريفه" الخاص ، بل وحتى للعوام اجتهادات في تعريف الشعر تتباين بين من يراه قيمة عليا للبيان وبين من يراه تهريج ولغط وذهول. وللحق فكلهم على حق وكلهم لهم الحق في أن يعرفوه أو "يُعرِّفوه" بالشكل الذي يروق لهم ولكن رأيا وليس رصدا. إن ما يفعله الجميع إنما هو رأي أو رؤية ذاتية للمفهوم الشعري لديهم غير مدركين ربما أن المفهوم لا يرصد أو يحدد المدلول ، وأنه إن عبر عن الكنه فإنه لا يعبر عن الكينونة. وهنا يقع الخطل واللغط في الإدراك الحسي والمعنوي للشعر بالخلط بين الدلالة والمفهوم.
الشعر علم
حين تختلط المفاهيم وتتفاوت الأفهام ويحدث الاختلاف أو الخلاف في الوصول إلى حكم واضح وجلي يصبح من الضرورة الاتفاق على مرجعية حكم لا جدل حولها ويجب الخلوص من اجتهاد العباد إلى حكم رب العباد ، وعليه فالواجب علينا هنا أن نحتكم إلى الله تعالى في التعريف المحكم للشعر من خلال الاستغراق تأملا وتدبرا في قول الله تعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ) والتي ساقها تعالى ردا على من طعن في القرآن بأنه شعر، داحضا قولهم المغلوط وموضحا حقيقة ما أتى به النبي الكريم أنه ذكر وقرآن مبين وأنه تعالى لم يعلمه الشعر ولا ينبغي له أن يكون ممن يقول الشعر تأليفا تنزيها للرسالة وحفظا للقرآن. ولأن تأمل الآية كلها قد يحتاج لصفحات فإني أركز الاهتمام هنا على قوله تعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ) لنعلم أن الشعر في حقيقته علم يعلم له مقوماته وخصائصه ومضامينه وأساليبه كأي علم آخر. ولو لم يكن الشعر علما لما أورد تعالى تلك اللفظة تحديدا بدلالاتها اللفظية والفقهية والتوظيفية فالقرآن حجة الله تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكون الشعر علما يقتضي بالضرورة تحديدا دلاليا وإلماما إدراكيا بمكونات هذا العلم ومكنوناته. ولأنه نسب تعالى العلم لنفسه في هذا السياق فإن ذلك يوضح حقيقة أن علم الشعر هو علم لدني يأتي في أساسه بإلهام فطري ووحي يختص به الله تعالى من يشاء ابتلاء كأي علم آخر فإما نجا صاحبه بأن يجعله في رضا الرحمن وإما هلك وكان ممن قال فيهم تعالى (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ). ولأن درجات النعم تتفاوت بين عبد وعبد فإن الحاجة لصقل هذا العلم الفطري تتباين من شخص لآخر تبعا لمعطيات كلية وجزئية ، وإنما يكون الصقل بالتمكن من الأدوات التي أساسها اللغة والنحو والوزن.
بين الدلالة والمفهوم
كنت أوضحت أن الخطل ومصدر العلل في إشكالية تعريف الشعر أو معرفته هو الخلط بين الدلالة والمفهوم وأجدر بالعاقل أن يدرك أن الدلالة هي كينونة الأمر وأن المفهوم هو كنهه ، ومتى تعمق المرء في هذه الرؤية اتضحت له الأبعاد ولم تفته الألوان ولا الظلال. إن نعت الإنسان بصفات الإعجاب كأن تقول: هي ملك ، أو أن تقول: هو أسد ، لا يعني بالطبع أنها أصبحت ملكا بالكينونة أو أصبح هو أسدا بالكينونة بل إن الصفة الإنسانية الشكلية والوصفية تظل كما هي بذات الثوابت التي ترسم الملمح الإنساني دون أن تنقص بالكنه المفهوم من الرأي أو الرؤية التي جعلت منها ملكا أو منه أسدا. وفي المقابل إن وصف أحدهم آخر بأنه "حيوان" أو "حائط" فإن ذلك لا يعني أنه انتقل من الكينونة الإنسانية إلى الكينونة الحيوانية أو الجمادية شكلا وإن انتقل إليها وصفا لكنه تصرفه. وبذات المنطق لا يمكن اعتبار الرأي أو الرؤية الذاتية لمفهوم وكنه الشعر دلالة قاطعة بالكينونة شكلا وعقلا فإن مثل هذا القول يخرج من إطار العقل والمنطق ليقع في إطار الهذر والخرق.
كينونة الشعر
يمتاز الشعر العربي بكينونته القوية التي مكنته أن يعيش قرونا وأجيالا ثابتا راسخا يعلو مرة ويهبط أخرى ولكنه حافظ على طبيعته ووجوده باعتباره وبشهادة الآخر أفضل الفنون الأدبية على الإطلاق بتفوق كبير على باقي آداب الشعوب المختلفة ، وأؤكد عليه شخصيا باعتبار كتابتي الشعر بثلاث لغات (العربية والإنجليزية والسويدية). وكينونة الشعر العربي المتينة تتميز أساسا بوجود الشكل الشعري الذي يعتمد أساسا على الوزن والجرس ثم اللغة والفكرة ثم العاطفة والبديع. والشكل للعقل إذ إن الأسماء هي للدلالات فلا يمكن أن يقال لك: رأيت جبلا فيرتسم في ذهنك جملا أو حبلا أو ما شابه ولا يعقل أن يقال لك: قتلت فأرا ، فيرتسم في ذهنك أسدا أو حتى جربوعا. بل إن ذكر عبد الرحمن أو سليمان أو فاطمة لا يرسم في مخيلتك الشكل الإنساني فحسب بل وملامح هذا الشخص باسمه الذي ذكر به دليلا على أهمية الاسم في تحديد الشكل ليتم العقل. ولعل الشبه الكبير بين الكلب والذئب في الشكل لم يمنع وجود اسم مختلف باختلاف الشكل ولو كان دقيقا وباختلاف مقومات أخرى كالنباح والعواء وكالغدر والوفاء ، ثم يتدرج التحديد الشكلي الوصفي في ذات الجنس فيكون الذئب القطبي والذئب العربي والذئب الأفريقي وهكذا.
وليس أعجب من قياس يرتكز على حروف اللفظة الدالة محوّرا فيها الوظيفة الدلالية إلى أخرى بزعم الشبه بما يحدث من خلط يبعده عن الصواب بعد المشرقين. ولعل أشهر ما قيل في مثل هذا اعتبار الشعر من الشعور ليكون في مفهوم الزاعمين بذلك أن كل بيان يحمل شعورا هو شعر وإني لعمري لا أجد شططا في مثل هذا الأمر من هذا القول ذلك أن الشعور هو حالة إنسانية عامة ودائمة ومصاحبة للمرء في جميع أحواله أكان كاتبا أو غير ذلك. والحالة الشعورية تصاحب كاتب الشعر وكاتب النثر وكاتب القصة وكاتب الخطبة وكاتب المقالة وكاتب الرسالة وكاتب العقد وكاتب النقد ، بل وتصاحب كل كلام محكي أو مروي ؛ فإن اعتبر زعمهم فإن البشر كلهم سيكونون شعراء عربا كانوا أم عجما أصحاب يراع أم أصحاب ذراع ، فهل يعقل هذا أو يقترب من العقل؟ ثم إن اعتبار تشابه الحروف بين الشعر والشعور حيثية لذلك "التعريف" أو الفهم فإن في ذلك إجحاف بحق ألفاظ ألصق شبها كالشَّعرِ وكالشعرى وكالشعار وكالشعير فلم كان الشعور هو ما اختاروا للنسب؟ أليس الشَّعَر أقرب لفظا وشكلا فيكون أكثر الناس شَعَرا أقدرهم شِعرا ، فإن كان النسب للشعير فإن خير الشعراء حينها الحمير.
إن الشعر هو اسم دال ولفظة محددة لما عرفه العرب على مدار قرون طويلة ، ولما عرَّفه العلماء وسطرته الكتب والمعاجم بأنه (والشِّعْرُ منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم.). وأما زعم الشبه فلا يعدو إلا خطأ فادحا ينحو منحى السفه كمن يقول بتشابه دلالات السَّفَر والسِّفر والقَدَر والقِدر والرَّجل والرِّجل والعَجَل والعِجل.
كنه الشعر
أما كنه الشعر فهو الذي يتناول المفهوم الفردي للشعر وهنا قد تتباين الآراء وتتعدد المفاهيم بتفضيل أسلوب على آخر أو غرض على أخر أو بتفاوت الأهداف والمآرب أو بتباين الحس والشعور. ولعل تفاوت الأمر وتباين المفاهيم في مثل هذا نابع من اختلاف الطبائع واختلاف التوجهات اختلافا مطلوبا لإثراء الفكر البشري والحس الإنساني وتوفير الحالة التكاملية التي تحتاجها عمارة الأرض تأكيدا لقوله تعالى (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ). فاختلاف المفهوم مطلوب ومندوب ونؤكد على أهميته بذات القدر الذي أكدنا على أهمية توحيد المدلول لتوسيع أفق التعاطي الشعري. ولعل من أهم ثمرات هذا التباين وجود الأساليب المختلفة بين تقديم للصرامة اللفظية الموحية أو تقديم للصورة الشعرية المحلقة أو تقديم للجروس بين هادئ متأمل وصاخب مجلجل ، أو المفاضلة بين التناول الفكري المباشر أو التناول الإيحائي الخجول أو بين التناول الفلسفي والتناول المعرفي إلى غير ذلك بما يجعل التشكيل تنويعا مطلوبا ومحبوبا ويسهم في الرقي بالشعر العربي والحفاظ على هيبته وقوته ليظل دوما أقدم وأرقى وسائل التعبير الإنساني.
الشكل الشعري
لعل موجة الحداثة التي طغت على المشهد الأدبي العربي عموما وعلى المشهد الشعري خصوصا خلال العقود الأخيرة والتي لا تهدف إلا لهدم أركان وأسس الشعر العربي الأصيل والخالد حسدا من التفوق وحقدا على اللغة ورغبة سوداء في تشويش الوجدان العربي للخلط بين ألوان التعبير كلها وصولا للخلط بينها وبين القرآن الكريم وتدمير المرتكزات الأخلاقية والحضارية التي يقوم عليها بنيان الوجدان العربي وذائقته الفطرية السليمة يشهد على ذلك المحاولات التي انتشرت تتخذ من ألفاظ بعينها ومعان فاحشة وألفاظ بذيئة وصور خادشة للحياء ، وتحوير ألفاظ القرآن بشكل فيه صفاقة وإساءة وإسفاف قد حاولت التأثير على المشهد الشعري العربي وإسقاطه في إطار التبعية الثقافية والأدبية انسياقا وراء التبعية العلمية التي فرضتها عوامل عدة على العرب في هذا العصر ولكنها لم ولن تفلح أبدا. وإن التناول الحثيث للشكل الشعري والطعن فيه وإعلان التمرد على الخليل بن أحمد وكأن الخليل هو من اخترع الشعر وفرضه يأتي غالبا إما من قاصر عن بلوغ درجات التميز بالمشابهة فيسعى إليها عن طريق المخالفة ، أو مغرض يريد أن يحقق مآرب وأهداف الحملات المغرضة على الأدب العربي طمعا في منصب أو درهم.
ولعل كل عاقل منصف يدرك أن القرآن قد أنزل على النبي الكريم حجة وبرهانا وتحديا بالإعجاز كمعجزات موسى وعيسى وسليمان وباقي الأنبياء الكرام. وما كان سيكون لمعجزة القرآن أي معنى لو لم تنزل في أفضل عصور الفصاحة والبيان بأشكاله وأغراضه بما يؤكد حقيقة أن خير عصور اللغة والأدب والشعر كانت في ذلك الزمن. وبهذا التأصيل يمكن إدراك حقيقة أن أفضل وأقوى وأجمل الأشكال الشعرية هو ما شابه شعر ذلك الزمان شكلا وأسلوبا وتباين مضمونا وأداء وصورا. أما الشكل الشعري الجديد الذي نسميه شعر السطر مقابل شعر البيت الأصيل فهو مما يقبل بشروط أهمها الحفاظ على الأسلوب الشعري والجروس والقافية بشكل يبعده عن النثر بشكل واضح.
وأما ما يسمى بقصيدة النثر فهذا مما لا يقبله منطق ولا يعقله رأي باجتماع النقيضين فما سمي النثر إلا تمييزا للشعر أو ربما كان العكس فلا بأس. أما أن يساق هذا بذاك فهذا مما يكشف سخف الرأي وغلالة الفهم وسوء القصد. وما يمكن أن يكون التقاء بين نقيضين أبدا وهذا أمر مردود على زعمائه لا نقول في المضمون وإنما في النسب وفي الشكل إذ إن من ذلك ما يمثل حالات رائعة للتعبير النثري الأدبي تستحق التقدير كنثر دون نسب للشعر.
ولعله من المهم أن يشار إلى أن جل إن لم يكن كل اللاهثين وراء محاولات التمرد على الشكل الشعري هم من القاصرين على بلوغ درجات الكمال أو التميز كحد أدنى ، وأعجب من هذا دعاوى البعض ممن يخرج كل يوم علينا بإعلانه أنه اكتشف بحرا شعريا جديدا وكأن البحور الجديدة تتماوج حوله من بين كل من عاش ويعيش ولو سألته عن بحور الشعر العربي المعروفة لما عرف منها واحدا إلا لماما وتجده متى كتب نصا حفل بالكسور العروضية ليأتينا ملهما ببحر جديد. أليس المجدد بحاجة لمعرفة شاملة وكاملة بالقديم ، وتميز وإتقان وتفوق في الأداء الأساسي؟؟
يقول الأديب المبدع مكي النزال في موضوع له في الواحة عن الشعر والنظم:
"لستُ ناقدًا لكني وددتُ لو يتفضل علينا الأساتذة النقاد والشعراء برأيهم في موضوع لعلّي اول من يطرقه (تساؤلاً) من وجهة نظر مختلفة. الفرق بين الشعر والنظم معروف، لكني أتساءل: ما مدى تداخلهما لدى الشاعر؟ أسمع النقاد و الشعراء يقولون: (الاشتغال على القصيدة)، فما هو هذا (الاشتغال)؟ أوليس ضربًا من ضروب النظم والصنعة الغرض منه تحسين القصيدة وتزويقها واستبدال لفظ محل لفظ وربما حتى حذف بعض أبياتها أو إضافة ما يرونه مناسبًا؟!
وتساؤل آخر: لماذا ننظر للناظم أو النظّام وكأنه دخيلٌ على الشعر والأدب؟ أو ليس يجيد من فن الشعر الكثير من حيث الوزن والقافية واللغة؟ ومن حيث التاثير المطلوب في المجتمع..، هل يقل الناظم تاثيرًا عن الشاعر؟! هي (صنعةٌ) إذن..، فليكن لها مكانها وإن أتت بعد الشعر..
هي تساؤلات أرجو أن تستحق النقاش."
وكنت أجبت حينها برأيي في هذا فقلت:
إن الشعر في حقيقته نظم ، وما تمايز الشعر عن النثر إلا بنظمه للحروف والكلمات في قوالب جرسية وإيقاعية معينة تسمى البحور وفي مسمى أوسع تسمى الأوزان ، فالنظم هو الفارق الوحيد بين فني الشعر والنثر وليس كما يحاول العديد في هذا العصر أن كل نص يحمل صورا بديعة أو محسنات جميلة أو لغة شاعرية ينسب للشعر ، بل لعل أهم مرتكزات الحداثة التي تسعى لفرض تبعية أدبية وطمس هوية الأدب العربي شعرا ونثرا بالتمييع والتلميع هو محاولة اللعب على هذا الوتر وخلط الحابل الأدبي بالنابل وصولا لهلامية في الشكل وضبابية في الوعي.
ؤ
وبهذا فإن النظم هو شعر بل هو أساس الشعر ومن شاء أن يكون شعره متميزا متفردا فعليه أن يزين نظمه ويزركشه بالصور وبالمحسنات وبالمفردات بعد أن يحسن سبكه ويتقن نسجه ، ولعلني أعلم من الشعراء من يحرص على جمع الزينة ويكومها في نص لا نسيج له فلا يكاد يفهم منه شيء ولا يكاد يذكر بشيء ، وإنما تعيش النصوص التي تنظم لفكرة كبيرة بنسج متين ومخملي فاخر ثم تزين وتزركش بما يناسبها من محسنات وصور وتراكيب دون إقلال يخل ودون مبالغة تفل.
وإني ممن يتهم كثيرا بأنني أنظم وأنني أباشر أحيانا في طرحي ، وإني لأفخر بما يتهمون وأصر عليه لا عن عجز بل عن وعي وقدرة يعجز أمثالهم عنها.
أشد على يديك فانظم أيها الحبيب ما شئت ولكن أحسن النسج والسبك وليكن نسجك فاخر الشكل مخملي الملمس وليمت من يعاديك بغيظه.
هذا وسأعود في ردي القادم بتناول لمعنى الإبداع ومعاييره والفصل بين معنى الشعر ومعنى الإبداع والرد على ما تفضل به الأحبة في وحي الخاطر من أسئلة. حتى ذلك الحين أترككم في رعاية الله وأرحب بأي تعليق أو تساؤل أو رأي فيما تقدم هنا.
تحياتي
وليد عارف الرشيد
02-05-2012, 05:09 PM
تذكرت وأنا أقرأ أستاذي الحبيب ما كنا نفعله في طفولتنا، حيث كنا نحفظ علامات الأنشودة الموسيقية ونؤديها على الألة الموسيقية، ورغم أنه لم يكن يخالطها النشاز إلا أننا نعلم كم هي ضحلة عندما يتناولها وعلى نفس العلامات مبدع موسيقي عازف ماهر وكيف يجعل منها لوحة مطربة ...
كل شعر هو منظوم بالضرورة ... ولكن ليس كل منظوم شعر .هي وجهة نظر أكتبها تحت تأثير مقالتك الرائعة المسهبة المفصلة الواضحة الجلية بدلائلها وحجتها . قديؤيدني البعض وقد يستنكر البعض الآخر حرصًا على جهدٍ منظوم ..
معك مستمرون بالفائدة والمتعة
محبتي وتقديري
د. سمير العمري
02-05-2012, 07:09 PM
ما هو الإبداع؟
الإبداع لغة هو الاختراع على غير مثال والإيتان بما لم يعرف له نظير فالله تعالى بديع السماوات والأرض أي المبدع لكل ما خلق ، وأبدع الشاعر أي أتى بالبديع أكان البديع في اللغة أو البديع في معنى الإتيان بما لا مثيل له ، والإبداع يستخدم حينا كمرادف للابتداع ، ويكون حينها معنى للخير والشر فمن يبدع قد يبدع بدعة حسنة وبدعة سيئة فهو مبدع في الحالين.
والإبداع اصطلاحا في الأدب هو الإتيان بصور مستحدثة وتراكيب غير مسبوقة وجروس غير مستهلكة وألفاظ موظفة بدقة ومنسجمة مع النفس الشعري جرسا وحسا ونصا. بكلمات أخرى هو التميز في الطرح مبنى أو معنى أو كليهما بشكل يلفت النظر بقوة كبيرة ويشغل الفكر بعمق وتأمل.
بعد هذا التعريف سيبدو جليا لكل ذي رأي أن كلمة الإبداع باتت تستهلك وتبتذل في معان أخرى ؛ فبات الإبداع يطلق على الإتقان أو على الاستحسان أو على الإجادة بل حتى على النجاة من الخطأ الساذج في النصوص ، ولا أريد أن أقثول أنه بلغ حدا يطلق به على كل ما يكتب مهما ارتقي أو تهافت. وحين يستوي الوصف بين الأشياء تفقد هذه الأوصاف معناها وتبتذل.
الاتباع والابتداع جناحا الإبداع
كنت كتبت في وحي الخاطر:
الاتِّبَاعُ وَالابْتِدَاعُ جَنَاحَانِ لا يُحَلِّقُ طَائِرُ الإِبْدَاعِ إِلا بِهِمَا
فجاء الحبيب وليد عارف معلقا بما يلي:
رائعة أيها الحبيب الكبير كما جميع ما تنثر من درر بارك الله بك ... ولكنها هنا تنتدب الكثير الكثير من القول والفرضيات ، فما الذي يحدد نسبة كليهما للمبدع ؟ وكم أهمية كل منهما أم هو التوازي والتوازن ؟ وما علاقة التجديد بالتراث وهل يمكن أن يكون التجديد بدون الاستناد إلى الاتباع أصلًا ؟... هي قاعدة غاية في الأهمية والقيمة ويمكن أن تكون منطلقًا للكثير من البحث ؟
والحقيقة أنني أجد أن الحبيب الحصيف قد أجاب عليها في آخر ما قال فهذه الأسئلة تفتح أبوابا مشرعة للكثير من البحث والشرح ، ولكني سأجيب هنا بأقصى ما يدرك من إيجاز وبأكثر ما يلزم من التزام بالسياق وبالمحور الأساسي للحديث هنا فأقول:
الإبداع المطلق هو لله تعالى فهو خالق الشيء من العدم ، أما إبداع البشر فمحدود ومحصور في التطوير والارتقاء. فلو أننا طبقنا المعنى المطلق للإبداع فهذا يعني مثلا أن يتحدث كل امرئ بلغة جديدة وحروف جديدة لم تعرف من قبل ومفاهيم جديدة لم تطرق من قبل وأغراض أدبية جديدة لم تستهلك من قبل ، وهذا لعمري لا يستقيم عقلا ولا منطقا إذ لو حيدنا حقيقة أن هذا أمر مستحيل وافترضنا جدلا قدرة كل "مبدع" على أن يأتي بلغة جديدة ومفردات جديدة وأغراض جديدة فإن المعنى الحقيقي لكل هذا أن لا أحد يمكن بحال أن يطلع على "إبداع" غيره لأنه لن يفهم هذه اللغة "الجديدة" ولا هذه الأبجدية "الجديدة" ولذا فالأمر يستحيل تطبيقا من كل جوانبه ولا يستقيم عقلا ولا منطقا.
أما الإبداع الممكن والمنطقي فهو الإضافة الإبداعية لما هو موجود أصلا فيما يمكن حقا ؛ وعليه فإن كل أديب سيستخدم لغة استخدمها من قبله بحروفها وألفاظها ومعانيها وهامش الإبداع يكون على مستوى التوظيف والتطوير والتركيب ، وهو إبداع مرتكز أساسا على ما كان من اتباع للغة وللجرس وللثوابت مما لا اجتهاد فيها ثم يكون الإبداع جزئيا في مواضع قابلة ومتقبلة وهذا يحقق المقولة التي ذكرنا في عمومها.
ولمن لم يسعفنا حرفنا في توصيل الفكرة إليه نسوق مثالا شارحا أضربه بالإنسان الذي لا يستطيع أن يبدع في ثوابت شكله شيئا يخرجه عن شكله الذي يعرف به ولكنه قادر على أن يبدع في مظهره سواء في ملبسه أو في شكل تسريحة شعره أو في طريقة تهذيب لحيته أو طريقة حديثه أو ما شابه. والتمايز في هذه الحالة يكون جليا دون أن يخرج عن إطار التصنيف العام بأنه من البشر له عينان وأنف ويمشي مستقيما وما شابه ، ولو أنه شط في رغبة الإبداع من أجل الإبداع ومشى على أربع لكان محل التفات ليس إعجابا بل استخفافا وتسفيها.
ما الذي يحدد نسبة كليهما "الاتباع والابتداع" للأديب؟؟ أقول: كما كنا أوضحنا هناك ما لا يكون إبداعا بل تشويها كالذي يمشي على أربع مخالفا من أجل المخالفة وقد أوضحنا أن هناك أمورا تلزم بالاتباع قسرا لعل أبرزها هو هذه اللغة العربية التي يحدث بها التواصل والتأثير فكل ما نقول نحن قد قاله من هم قبلنا وسيقوله من هم بعدنا ، وأما النسبة فيما يمكن أن يكون فيه إبداع فهو أمر شخصي تحدده القدرات والملكات وفق الأطر المطروحة ، والأمر لا توازن فيه ولا توازي بل قدرة واجتهاد في بلوغ آفاق عالية من الطرح والتألق إذ إن الأصل أن الاتباع حاصل والابتداع حاصد ، والاتباع يكون أساسا ينطلق منها المبدع إلى حيث الابتداع وصولا لحالة إبداعية جادة.
إشكالية الشعر والإبداع
كثيرا ما يردد بعض الأدباء أن الإبداع هو الشعر أو أن الشعر هو الإبداع ، وهذا قول رد ولا يستقيم. الشعر هو ما عرفناه في رد سابق ، والإبداع هو ما أوضحناه أعلاه ، وهناك علاقة وطيدة بينهما لكن كلا منهما معنى مستقبل بذاته. والإبداع يكون في النثر ويكون في الفكر ويكون في الاختراعات والعلوم ويكون في المهن والحرف وغير ذلك.
والإبداع في الشعر يكون وصفا للحالة التي شرحناها من الابتداع على مستوى التركيب والجرس والصورة واللفظة وعلى متسوى المضمون والغرض والتوظيف ، واعتبار البعض أن الإبداع يكون باختلاق الصور أو بقلبها أو بتشويهها ليس صحيحا والاكتفءا في مقياس الإبداع في الصور البكر فحسب غير منصف. ولعل بعض الأدباء ومن باب "الإبداع" من أجل "الإبداع" يقلب الصور أو يقلب الحقائق كأن يقول مثلا:
مشت على قدمي الطريق بدل مشت قدمي على الطريق.
هذه صورة قد تكون جميلة في سياق ما يخدم التوظيف المراد بحسابات دقيقة ، ولكنه قد يكون العكس بحسابات أخرى أو في سياقات أخرى.
ولو قال مثلا:
زأر الأسد مثل الفارس بدل زأر الفارس مثل الأسد.
هذه صورة مقلوبة لا يمكن اعتبارها معنى ولا مضمونا ولا إبداعا ذلك أن الزئير هو للأسد وليس للفارس ، وأي محاولة لفلسفة الصورة أو المعنى هي عبث لا يسقيم عند عاقل.
والإبداع في الأدب لا يتوقف عن عنصر واحد فحسب بل يشمل جميع العناصر الإبداعية ويكون مستوى الإبداع وقيمته هي محصلة لمجموع ما حمل النص من ابتداع ومجموع العناصر التي أعتبى بها هذا الابتداع.
من الذي يقيم الإبداع؟
المفروض أن الإبداع حالة إنسانية شاملة منطلقة من حالة شخصية ، وهي حالة تقع في النفوس كمرآة صقيلة تعانق المشاعر وتتأصل في النفس فترتد بصورة حكم صادق لتكون مقياسا للعملية الإبداعية. فالإبداع يقيم ويقوم من خلال هذا الانعكاس في نفوس المتلقين الواعين المتفاعلين ، ولقد علمتنا صروف الحياة أن جعبة التاريخ خير حكم على الإبداع إذ لا تحفظ للأجيال من الشعر أو الأدب أو الفكر إلا ما كان إبداعا وإضافة حقيقية وجادة للحضارة الإنسانية.
هل يعني هذا أن الكثرة دليل ومقياس؟؟ بالقطع لا ، وليس كل من قال حكم أو أفتى ، وليس كل جدار مرآة صقيلة كاشفة ، وليس كل محب للشعر عالم به وليس كل مادح ناصح.
أما شهادة المرء لإبداعه فمثله كمثل الجميلة التي تشعر بجمالها ولكن لا تستمتع به ولا تفتخر به إلا حين تراه منعكسا من مشاعر الآخرين وعيونهم وألسنتهم ، ولكن لو جاءها حشد كبير من السذج والسفهاء والجهلاء فمدحوا جمالها لكرهت ربما جمالها إلا أن تكون على قدر سفاهتهم ، ولو مدح لها ذو رأي وقدر جمالها وقال لها الكون كله غير ذلك لما حفلت برأيهم أجمعين ولسعدت بجمالها الذي قدره من يستحق.
أقول مختصرا أن من جعل هواه سبيله كل ومن جعل الضرير دليله ضل ومن جعل الحق منهجه والحكمة ضالته جل ووصل.
تحياتي
مكي النزال
02-05-2012, 10:35 PM
لا حول ولا قوة إلا بالله
أراكم أدخلتموني أكايديميتكم عنوة وأنكم تطيلون الشرح وتعيدوني إلى ما تعلمته قبل ان تولدوا!!!!
يا جماعة الخير هي قصيدة من آلاف مما كتبت وقد قلتم فيها من الرأي ما لم أستحسنه ولم أجد فيه صوابًا فإن كان لزامًا عليّ أن أتبعكم وإن أخطأتم فهذه والله مصيبة، بل طامة كبرى! مثلاً قال أخي سمير أن الروح مؤنث وأنا تعلمت أن الروح مذكر! وقال أن البدر يأخذ نوره من النجوم! وقال أن صدور القصيدة تتجافى مع أعجازها(برأيه الذي لم أجده صوابا وليس له أن يجبرني بقبول نقده الانطباعي البعيد عن العلمية ).. ثم طلب الإذن ليعود (لتعليمي) ولم آذن له فأذن له غيري (بالنيابة التي لمأخولها لأحد)....... قصة طويلة عريضة لا أدري كيف أُقحمت فيها وأنا والله مشغول بما هو أهم ومن هم أهم عن هذا الجدل البيزنطي الرهيب..
أما عن النظم والإبداع فقد كتبت لأنصف النظّامين ولم أقل أني نظام .. والله العظيم يا جماعة لم أقل ولم أُقرّ..
ثم صرت اخي سمير تحكي عن جميلة وسفهاء وقلتَ (مختصرا) أن من جعل هواه سبيله كل ومن جعل الضرير دليله ضل ومن جعل الحق منهجه والحكمة ضالته جل ووصل.. بربك!!!! ما هذه اللغة؟!!!!! ألهذا الحد ضايقتك القصيدة؟!! احذفها يا أخي واسترح من همها قبل أن تسبب لك ضررًا والله لا اريده لك.
مثل آخر مما قلته أخي سمير هو: ولكن ليس من حق الأحباب أن يخسرونا بنزغ شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا
وصرتم تحاضرونني في الشعر والإبداع والأخلاق وربما سيظهر لي أن اسمي هو ليس اسمي وإنما هو انعكاس لحالة غيبوبة انتابت أحدكم فظنّ أنه أستاذي منذ صغري والآخر هو من رباني وليس ابي وأن سيبويه بعث من جديد ..................... حذف رقابة .......!!! يا جماعة أنا لم أسجل في أكاديميتكم (التعليمية) وأكره أن يعلمني أحدهم عنوة خصوصًا وأن .......... حذفته الرقابة ........
وأما عن تقبل النقد فليجب أخونا الشاعر عمار الزريقي: كم مرة صححت لي؟ وهل غضبتُ من تفضلك علي؟ وأخي مصطفى حمزة: ألم أسال وأستشر حين نبهتني لكي أتعلم وأعمم الفائدة؟ وشاعرتنا ربيحة الرفاعي وشاعرنا محمود فرحان: ألم تصححا لي في الوزن ذات مرة؟! هل غضبت منكما أم شكرتكما؟! والله اعرف أني لست إلهًا ولا نبيًا معصومًا ولا رجلاً يوهم نفسه بارتقاء برج عاجي صنعه من وهم.. ولطالما شكرت من أهدى لي أخطائي وشكرت له.
أخي سمير يقسم انه يحبني وأنا لا اشك في حب كل الناس لي لكني اقول ما قاله أحد الأساتذة عن هذا الموضوع فقد قال (يضرب الكف ويضبط الطربوش).. وأنا لا أدري لماذا هذه الاستهانة بي وهذا التعالي منه في الخطاب والإصرار على تنصيب نفسه أستاذًا لي يقيّم شعري على هواه ويذكر ويؤنث لي على هواه ويغير قوانين الفلك على هواه.. ثم يكلمني عن جميلة وسفهاء وعمّن جعل هواه سبيله! هل يا حبيبي سمير قلت ما قلت دون أن تحس بسكينك تجرح قلب أخيك؟! أم انك اعتدت أن يصفق لك من تجرحهم؟! في كل الأحوال سامحك الله وغفر لي ولك.
ولمن تداخلوا أتقدم بالشكر الجزيل وأقول: اغفروا لي مخالفتكم النهج الذي تنتهجون ولكن اعلموا أني لستُ حانقًا على أحد وإن خالفني وإن بدت الحدّة في لغتي فهي نابعةٌ من بداوتي وليس لي أن أتغير وقد اشتعل الرأس شيبا.
ودمتم جميعًا بخير وعافية.
.
عبدالرحمن الاحمر
02-05-2012, 10:54 PM
اخي الحبيب النقد انما هو للذهب والذهب يتقبل النقد ولا نقد الا بالمطرقة و النار
والدين النصيحة اي من قبل النصيحة عنده دين ومن اسدى النصيحة باسلوب طيب ايضا عنده دين
مكي النزال
02-05-2012, 10:58 PM
اخي الحبيب النقد انما هو للذهب والذهب يتقبل النقد ولا نقد الا بالمطرقة و النار
والدين النصيحة اي من قبل النصيحة عنده دين ومن اسدى النصيحة باسلوب طيب ايضا عنده دين
النقد يا سيدي هو ما طلبته طوال عمري
ولقد قلتَها (النصيحة باسلوب طيب)
بارك الله لك وفيك
.
وليد عارف الرشيد
02-05-2012, 11:55 PM
أستاذي الكبير مكي نزال : كنت حريصًا من البداية على عدم تدخلي في شؤون الكبار ولست بأهل لهذا ولكن الموضوع الآن تعدى مسألة الإبداع والنقد ويكاد يتحول إلى مشاحنة ما كنت أرجوها ... ووالله أستاذي وأخي الحبيب ما رأيت في الموضوع ما يثير كل ردة الفعل هذه منك على الأقل منذ فصل ليكون موضوعًا مستقلا يتم الحديث به في عموميات نافعة لنا ونحن كنا فعلا قد طلبناها وإذا كان العنوان ما أثار هذه الزوبعة فإنه وضع لان موضوع قصيدتك كان شرارة الانطلاق ليس إلا ... لم أكن أتمنى وانا تلميذك ان أرى أستاذي بمثل هذه العصبية وهذه القسوة بالردود وليس الدكتور العمري بشاعرٍ عاديٍ فيما تعلم ونعلم جميعا وليس ناقدًا انطباعيًا ومع ذلك كلنا احترمنا وجهة نظرك وتقبلك من عدمه .. مهما سيكون ردك فأنا فعلًا أدافع عن غيبة أخ وأستاذٍ وصديق ومعلم وصاحب فكر وأمير وهو بالمناسبة لم ولن يكافئني بمرتب على ذلك ولا أنتظر منه ذلك ولكن للإنصاف وقد كنت حريصًا منذ البداية ألا أتدخل فإني لم أجد في ردود الدكتور أو انتقاداته ما يستدعي ما يحصل من ردود قاسية وهجوم أصبح شخصيا وعمرك وشيبك على رأسي تقديرا واحتراما .. ولكنه لا يعفي من الانتقاد وأنت قلتها فلم إذًا منه فقط اعتبرتها نقيصةً ؟؟؟ فإذا قبلت مني ومن غيري فالأولى ان تتقبلها ممن تشهد له شاعريته وثقافته أن يفعل ما دام ضمن حدود الأخوة ودونما إهانة .. أنت سيدي شاعر كبير وأنا من أكثر المعجبين بأدبك وأفخر أني كنت من اوائل من مر بقصيدتك الجميلة وثبتها تقديرا ولو مررت بها كل وقت لاستوجبت التثبيت وقد أوضح الدكتور لك ذلك واراد أن يكتمل الجمال من وجهة نظره ... بصراحة وتقبل من تلميذك أنا لم ولا أرى داعيًا لما أراه من قسوةٍ في ردودك وأرجو مراجعة ردودك وخصوصًا هذا الأخير بما يليق بقامتك العالية رجاء أخٍ وتلميذ
دمت مبدعًا وكن بخير
نادية بوغرارة
03-05-2012, 12:04 AM
ما تعلمناه في هذا الصرح الأدبي الكبير ،
على يد الدكتور العمري و الأساتذة الكرام أن النص حين ينشر على صفحات الواحة
لا يستمر ملكا لصاحبه فقط ، بل يكون للجميع فيه نصيب .
و لا يستثنى من هذا أي نص مهما بلغ من الإتقان و الكمال الأدبي .
من النصوص ما يكون النقد فيها لتوجيه الكاتب للأفضل تعليما و دفعا ،
و منها ما يكون النقد فيها لإبراز النموذج حتى و إن أبدى فيه بعض النواقص .
و كانت الواحة و ماتزال تسعى ليكون النقد فيها موضوعيا ،
علميا ، لا غاية منه إلا الارتقاء بالتعاطي الأدبي في الواحة و لدى المنتسبين إليها .
و كنا نأمل أن نرى على صفحات هذا الموضوع ما يطمح إليه كل أديب و دارس ،
من متعة البحث و متعة التعلم ، في بادرة كريمة ممن لم يدخر جهدا ليمنحنا أفضل ما عنده
من تجارب و مهارات .
لكننا للأسف قرأنا اليوم ما نجده يوجب علينا أن نعتذر للدكتور سمير ،
لأنه استجاب للنداء ، وواصل العطاء ، ليتعرض لهذا النقد اللاذع ،
الذي لا يليق بمكانة من نطق به و لا بقدر من وجّه إليه .
احترامي للجميع
مكي النزال
03-05-2012, 12:10 AM
أحبتي
لست بنزاع مع الأخ سمير على شيء
وتمنيت عليكم بدل (الفزعة) أن تقرأوا مليًا
وأن تفندوا ما قلت
فلربما كان لي بعض الحق ولو في نقطة واحدة!
هو أميركم وأخي ولا ارى ما يستوجب (الاعتذار) من أحد فأنتم أحرار بمواقفكم وهي ليست معركة
بورك الوفاء ودامت المحبة
.
د. سمير العمري
03-05-2012, 07:32 PM
أخي الحبيب مكي:
لا تثريب عليك فيما تقول فأنت أخ أكبر لنا نحتمل منه ما هو أكثر من بداوته وكلنا بدو ، ولك علينا ما للأخ الكبير على الصغير من احترام والتزام وعدم رد الإساءة بالإساءة.
وأنت عندنا كبير أخي الكريم سنا وأدبا وخلقا ، ولست أدري لم تتصور أن الأمر هنا موجه إليه فوالله ليس الأمر سوى أنني أجيب على أسئلة الأحبة ، وإني ما كنت لأعود للأمر كله هناك لولا ترحيبك وطلبك تعميم الفائدة ثم طلب الأحبة وأسئلتهم التي أملت علي أن لا أخيب طلبكم جميعا غفر الله لي ولك ولهم.
لا حرب بيننا أيها الأخ الفاضل بل حب واحترام ، والذي أقوم به هنا هو تناول أدبي عام للجميع وأقسم بالله أنني لم أقصد تناول شخصك لا أولا ولا آخرا وإنما ما أكدنا مرارا من استجابة للطلب بتعميم الفائدة لمن شاءها طوعا لا قسرا ، وما أزعم أني أقول الحق كل الحق فلست معصوما ولا أنت ، وحين يتبدى لنا من خطأ أو خطل فسنعتذر لك عنه على الملأ وبما يرضيك.
وأما طلبك تفنيد ما تقول فأنت أعز وأكرم عندي من أن أفند قولك في ساعة غضب وأسوق العذر تلو العذر راجيا أن يتسع قلبك لأخيك فلا تحمل عليه حتى وإن تجرأ عليك وعلى علمك الذي سبق ميلاده فإننا ما قصدنا إلا الخير ولو كنت علمت أن هذا سيحرجني معك أو يحرج أخي أمام الناس أو يجرحه لهان كل شيء في عيني سوى رضاك. أما الذي أستأذنك في أن نكمله تفنيدا فهو ما تناولنا من النص وبعض تعليقات قليلة منك عليه وهذا سيكون في رد قريب قادم بعد أن نكمل الإجابة عن بعض أهم ما سأل الأحبة.
أرجو أن تحتمل تطفلنا على مائدة قصيدتك التي أكدنا مرارا ونؤكد وسنؤكد قدر ما تحتويه من معالم إبداع وجمال ، وأن لا تأخذ كل قول عليك فهو إنما يأتي في سياق الرد على ما سأل عنه الكرام هنا وفي تعميم لا يصيبك منه شيء مطلقا ، بل أنت الكبير الكريم لا أحمل لك رغم كل ما قلت إلا التقدير والإكبار ، وإنني أكرر عرضي عليك أن تشاركنا الإشراف على هذه الواحة المباركة دليلا عمليا على صدق ما نقول فلا تدع لشياطين الأنس والجن على قلبك فيما بيننا سبيلا وقد سبق علمك بما لك عندنا من تقدير وتكريم وتقديم.
تحياتي
د. سمير العمري
03-05-2012, 07:52 PM
ما هو النقد؟
النقد لغة هو تناول الدراهم تمييزا لها بين جيد ورديء ، وهي كذا إعطاء الدراهم باليد مباشرة ثمنا للشراء فهي ضد النسيئة. والنقد اصطلاحا هو تناول لكل أمر تمييزا بالإشادة بما هو جيد وجميل والإشارة لكل ما هو دون ذلك ، وهذا يعني أن النقد يتناول العمل الأدبي والعمل الفني والعمل الفكري وكل أداء أو إبداع إنساني.
والنقد الأدبي في ظني وظن كل أديب جاد هو روح الأدب وعينه المبصرة لا يرتقي إلا إذا ارتقى ولا يهوي إلا إذا هوى ، فلا أدب راق بدون نقد راشد وهاد ، ولا نقد هام بدون أدب مستحق ، فالمرء لا ينقد الدراهم إلا ما يحب من أشياء ويثمن من أمور ، وكذا النقد دليل تثمين وتقدير ودفع مباشر بالنقد لا بالنسيئة بما يعني أن مجرد تناول أي نص بالنقد هو تقدير له ومدح ، ذلك أن المرء لا ينقد ما لا يستحق.
مستويات النقد ومحاوره
للنقد مستويات ومحاور فمستوى التناول النقدي للنص يرتكز عموما على أمرين أساسيين ؛ الأول هو مستوى النص وقيمته والثاني هو مستوى الناقد وتخصصه. أما مستوى النص فيفرض على الناقد أن يتناوله بمستواه تماما كما يتم تناول بالتقييم مستوى طالب في الدراسة الثانوية فيشاد بما كتب في حين ينتقد ويرد نفس النص لو كان كتب من خريج كلية لغة عربية ، ولو كتب خريج لغة عربية وأدب نصا يشاد به فإنه ينتقد ويرد لو كان من أستاذ باعتبار القدر والقدرة ، وعليه فإن النقد للنصوص يتفاوت مستوى بتفاوت مستويات الأديب والناقد. أما المرتكز الثاني فيتعلق بتخصص الناقد في مجاله فأستاذ العروض يكون نقده معتبرا حين يتعلق الأمر بالعروض ويقدم على من سواه ولا يعتد به كثيرا فيما سواه من لغة ونحو وبلاغة ، وأستاذ اللغة والبلاغة يكون مقدما في مجاله ولا يعتد كثيرا في تناوله لما ليس من تخصصه وهكذا. وأنصف ما يكون النقد وأشمل ما يكون من ناقد أو صاحب حرفة أدبية يتناول الأمر من جميع جوانبه في بوتقة واحدة لأنه يربط حينها بين المتداخلات من المجالات الفنية المختلفة للنص.
والنقد كما قلنا لا يكون إلا للمستحق من النصوص للتناصح والتفاعل الهادف أما الانتقاد المجرد فيكون للنصوص الرديئة وللتعليم ، وحين يكون التناول النقدي للنص من أعلى مكان فهذا يعني إشارات للصواب والأصوب وللحسن والأحسن وليس إشارات للصواب والخطأ أو للجميل والقبيح ، وفي هذا المستوى النقدي يكون الإجلال للنص ولصاحبه وليس العكس ، ولا يكون إلا من باب الحفاوة بالنص لا الانزعاج منه.
ما هو المطلوب من أجل عمل نقدي جاد؟
1- العلم والمعرفة: وهذا أمر أساسي ومهم ، ولا يعني بالضرورة تخصصا بشهادات جامعية بل بعلم ومعرفة ، وخير من يعرف جودة الحرفة ودقة تنفيذها هو زميل الحرفة ممن يمارسها فليس أفضل حكما على مائدة صنعت من خشب إلا نجار خبير.
2- النزاهة والتجرد: لعل هذا هو أحد أهم مرتكزات العمل النقدي في زمن بات النقد فيه للأسف يخوض فيه كل خائض ويستخدمه كسلاح يجمل القبيح لمن شاء ويقبح الجميل لمن شاء ويكون غالبا لغرض ما أو لطلب ما. والعمل النقدي متى تجرد من الغرض الشخصي وكان نزيها لم يخدم العمل الأدبي فحسب بل الأدب ككل.
3- الموضوعية: فالتناول الموضوعي للنص والتركيز على مضمونه مبنى ومعنى بعيدا عن التوجه الشخصي هو أساس صدق ونجاح أي نقد ، وأي خروج عن محور موضوعه يفسده ويفسد به.
4- الرؤية الشمولية: وهذا يكون بتناول النص من جميع الجوانب وإدراك قيمة التداخل الفني بين العناصر والمحاور ، ثم الرؤية الشمولية من خلال منح الشاعر حقه في أن ننطلق من منطلقاته الأساسية ونحترم قدراته ونظهرها ولا يكون في الإشارة للأمور برأي أو برؤية ما يمثل تهوينا للنص أو لصاحبه.
ما هي معيقات المشهد النقدي الحالي؟
1- فقدان الناقد الحقيقي الذي يختص بالنقد الشمولي بدون أن يكون له مطامع أو مطالب أو أغراض. لا يوجد ناقد يحرص على تناول الأعمال الأدبية بجهد لا يكون من ورائه مكسب مادي له في زمن الماديات ، أو أن يضيع وقته وجهده في تناول نص يعود عليه بالأذى من صاحب النص متى أشار لبعض رأي أو رؤية وإن أشاد بالنص في صفحات.
2- الإعجاب بالرأي: حين يتحصن كلّ من الأديب والناقد ببرجه العاجي ويحولان التناول النقدي للنص إلى تناول ذاتي للشخص لا يسمع أحدهما للآخر ولا يقدر أحدهما للآخر ما يبذل من جهد ووقت في تبادل المعرفة والتناصح لما فيه الخير.
3- طبيعة العمل في الشابكة: هذا مما يزيد هذه الأمور سوءا ، وفي هذا ما يطول الحديث عنه من عجائب وغرائب ذلك أن الأمة العربية إلا من رحم ربي ينظرون للعمل من خلال الشابكة كمجرد لهو أو قضاء لوقت فراغ ، وتعامل مع أشباح لا مع أرواح ، وعدم التزام أو جدية في التناول ناهيك ما يتعرض له بعض الأدباء من تمجيد في مواقع الشابكة من أعضاء يعتمدون ردود الشات والنسخ واللصق والتصفيق الأعمى أو الأعشى.
4- العصبية القبلية: فكل أديب يتعصب لمن هم من بلده أو من "شلته" أو "رد الفضل" بمدح مقابل مدح ومساندة مقابل مساندة أو تحزب ضد من لا يحب أو غير ذلك مما يبتعد عن الأساس الذي يجب أن يكون عليه الأمر وهو مستوى النص أدبيا بعيدا عن أية حسابات أخرى.
وردا على سؤال هل يجب أن يأذن الأديب بتناول نصه نقديا أقول: نعم ولا.
نعم متى كان ذلك متاحا وعرفنا أن الأديب ممن يتحسس عند تناول نصه فيحسن استئذانه وليس يلزم ، وإن رفض فله ذلك على أن لا يكال له المديح فيكون في هذا ما يشوش على المتلقين خصوصا من يتعلمون منهم.
ولا لأن الأديب حينما ينشر نصه فهو يعلن أنه متاح لكل من يقرأه وليس فقط لمن سيصفق له ، والنص هو ملك صاحبه ولكنه أيضا يصبح لمن يقرأه حق في أن يرى فيه ما يشاء ، وللأديب الحق في أن يفند كل رأي بما يشاء، كل بما يراه في حوار موضوعي يتناول النص والرأي تفنيدا وتأكيدا بأدلة منطقية جازمة وبتناول علمي موضوعي جاد.
وهذا الأمر يكون أكثر لزوما وانطباقا في حالة العمل التفاعلي الذي تمثله المواقع التفاعليه كالواحة فكما نرحب بالمدح والثناء في مواضع يجب أن لا نستنكف أن نرحب بالنقد النزيه والجاد بنصح صادق في مواضع أخرى.
هل النقد يوجه لصاحب النص؟؟
كلا مطلقا. النقد يجب أن يتناول النص ومتى خرج عن هذا طعن في مصداقيته وفي أربه. فالنقد هو نقد للنص الأدبي لا يكون المقصود فيه صاحب النص بشكل خاص بل هو تناول للعموم يوجه لكل من شاء أن يقرأ أو يتعلم أو يحاور ، وليس حربا بين شخصين بل هو حب لنص والتفات إليه بما يستحق من بذل وقت وجهد ليكون فيه تعميم النفع والفائدة والرقي بالأدب وباللغة فلا يوجد نص معصوم ولا أديب معصوم مهما بلغ شأوه في نظر نفسه أو في نظر الآخرين.
تحياتي
د. سمير العمري
03-05-2012, 08:23 PM
ردا على سؤال الفاضلة نداء حول أن نقد أو انتقاد ألفاظ أو صور أو معاني في نص ما يعني تقييد حرية الأديب في التحليق بلغته الخاصة وأسلوبه الخاص ومواضيعه الخاصة ، ويعني إلزامه بكتابة ما يريد الناقد أو المنتقد؟؟
أقول:
من حيث الأساس جل التناول النقدي - إن لم يكن كله - في مستوى النقد من أعلى مكان هي رؤى ولمسات إبداعية رقيقة ودقيقة تتفاوت فيها الرؤى أحيانا ائتلافا واختلافا ، للأديب أن يأخذ بالرأي أو أن يدع لا غضاضة.
الذي يلزم الأديب التزامه هو ما يمثل خطأ واضحا في اللغة أو في المعنى أو في التوظيف في تلك المواضع المحددة ، وأما غير ذلك فهي تداولات بالرؤية الحرفية التي تحدثت عنها ومقارنة بين الحسن والأحسن والجيد والأجود والجميل والأجمل ، وهذا لا يعني بالضرورة أن الأمر يسير باتجاه واحد بل قد يقوم الناقد بتناول نقطة يكتشف بتواصل الأديب وشرحه لها بشكل علمي وموضوعي ما يضيف إليه ويفيده ويدرك أنه إما قرأ بشكل مغاير أو أنه بالفعل تعلم شيئا جديدا ، أعنى أن الناقد أيضا ليس معصوما من خطأ أو شطط أو جهل أو سهو.
أما ما تكرر كثيرا بأنني أفرض على الأديب أن يقول ما أريد فهذا مما لا يستقيم عقلا ولا منطقا ذلك أن ما كتب الأديب وما سيتكتب قد كتبه هو لا أنا ، وما كتبت أنا وما سأكتب قد كتبته أنا لا هو ، ولا يصح في الأفهام أن يكتب هو ما أريد أو أن أكتب أنا ما يريد فلا هو سيكتب ما كتبت ولا أنا يمكن أن أكتب ما كتب. هكذا ببساطة وبدون تعقيد.
وأزيد بأن لكل إنسان الحق في أن يكتب ما شاء وقتما شاء وكيفما شاء ، ولكن ليس له الحق في أن يصادر حق غيره في رؤية مغايرة أو قراءة مختلفة ، ولا أن يسوّغ لنفسه ما يخالف قواعد اللغة مثلا أو يجافي منطق العقل مثلا فإن من يكتب ليسمع الآخر عليه أن يكون متقبلا لرأي هذا الآخر فيأخذ منه ما يحسن ويدع عنه ما لا يصح أو ينصف دون غضب أو صخب وإنما بالحوار الهادف وأدب الاختلاف. وليس ثمة من بلغ الكمال من البشر خلا الرسل بعصمة الخالق فكل يؤخذ منه ويرد عليه كبيرا كان أو صغير ، والحكمة ضالة المؤمن وهدف كل حصيف أنى وجدها فهو أحق بها.
ردا على سؤال التوظيف للمفردة أقول:
لقد كفاني رد الكريمين الأديب الكبير وليد عارف الرشيد والشاعر المبدع أحمد رامي القول في هذا فهما قد لخصا الأمر بأمثلة واضحة بينة ، فالتمايز بين الأدباء والفنانين وغيرهم لا يكون بعموم الأداء بل بالدقائق والرقائق فهي التي تميز دقة الحرفة عن الحرفة تماما حين يعزف قدير ومتمكن كلاهما سيبدوان للعامة سواء ولكن الخبراء هم من يضعون أيديهم على مواطن الإبداع في لمسات دقيقة ورقيقة تضيف للنص وتؤثر في المتلقي وتميز بين الأداء.
دعوني ألخص هذا أيضا بمثال حي من بيت شعري ما.
عِــــتَــــابِــــي إِذَا جَـــــارَ الــــــكِـــــــرَامُ مَــــثُــــوبَـــــةٌ
وَعَـــــفْـــــوِي إِذَا جَــــــــــارَ الـــلِــــئَــــامُ عِـــــقَــــــابُ
ماذا لو كان البيت:
عِــــتَــــابِــــي إِذَا جَـــــارَ الــكِـــــــرَامُ عُقُــــوبَـــــةٌ
وَعَـــــفْـــــوِي إِذَا جَــــــــــارَ الـــلِــــئَــــامُ ثـَـــــوَابُ
البيت الثاني صحيح لغة وعروضا وتركيبا وأسلوبا وغرضا تماما كما البيت الأول. هل يعني أن البيتين يستويان؟؟
الجواب كلا ، فالبيت الأول أفضل بكثير من البيت الثاني بسبب توظيف المفردة في سياق أدق وقدم معنى جديدا فكان البيت إبداعا على مستوى المعنى يستوقف الذائقة الراقية تأملا على عكس البيت الثاني الذي يمثل نظما لأمر معروف ومعتاد. هنا لعب التوظيف دورا أساسيا في تحقيق اللمسة الإبداعية فحول البيت من نظم مستهلك عادي إلى بيت يستوقف بمعناه ويبرز القيمة الإبداعية للبيت بهذا التعديل البسيط.
وهنا مثال آخر لتوضيح التوظيف بشكل مختلف قليلا:
وَكَـــــــمْ مُـــــــدَّعٍ فِـــــــي اللهِ حُــــبِّــــي فَــــــــإِنْ رَأَى
قُــــــــدُورًا لِــطَـــهْـــوِ الــــغَــــدْرِ سَـــــــالَ لُــــعَـــــابُ
ماذا لو كان البيت:
وَكَـــــــمْ مُـــــــدَّعٍ فِـــــــي اللهِ حُــــبِّــــي فَــــــــإِنْ رَأَى
قُــــــــدُورًا لِــطَـــهْـــوِ الــــغَــــدْرِ سَــــــــالَت دُمُـــــوعُ
هل البيت الثاني كالأول صحيح ومنضبط؟؟
الجواب نعم كلا هما صحيح ومناسب لمعنى ما ، ولكن كما رأينا الأول يعطي معنى معاكسا للثاني فالأول دليل خيانة ومشاركة في الغدر والثاني دليل تألم ورفض له ووفاء للصاحب. طيب ما الذي يجعل التوظيف مناسبا من أحدهما دون الآخر؟؟
هنا يكون للسياق الدور في تحديد مدى صحة التوظيف فإن كان السياق في القصيدة يشتكي غدر الصديق وخيانة الصاحب فإن دموع تصبح مستهجنة في السياق ومربكة للمعنى ويكون اللعاب هو الأنسب ، وإن كان السياق يتحدث عن الوفاء وعن التزام الصاحب صاحبه استهجن اللعاب واستعذبت الدموع.
هذا ناهيك عما يتعلق بفقه اللغة من حيث ما تمنح المفردة بذاتها أو في سياقها من معان تفهم ولا تكتب وسأسوق مثالا واحدا يوضح ما أقصد هنا.
نقول لوصف حدوث تجمع للناس:
احتشد القوم
وتجمهر القوم
وتوافد القوم
وتكاثر القوم
وتكالب القوم
وتهافت القوم
وتجمع القوم
..
..
إلخ
المعنى العام يصف الحدث الذي نريد ولكن كل مفردة تصف طبيعته بين معنى طيب ومعنى غير طيب ومعنى مناسب ومعنى غير مناسب ، والعامل المحدد للمفردة الصحيحة هو المعنى المراد والسياق الذي جاء فيه ، وأرجو أن يكون هذا كافيا لتوضيح أهمية توظيف المفردة في النص الأدبي توظيفا دقيقا وصحيحا ومناسبا للمعنى المراد وللسياق الذي جاء فيه.
الرد التالي سيكون في تناول النص الرائع للأديب المبدع مكي النزال بتناول علمي موضوعي وبرأي لا نلزم به أحدا.
تحياتي
وليد عارف الرشيد
05-05-2012, 07:13 PM
كلام جامع مفصل ... بارك الله بك أستاذنا الحبيب :
الآن خطر ببالي سؤال وهو من محض تجارب شخصية وهو سؤال حساس ومهم على الأقل بالنسبة لي :
هل يعني تحديد ناقد ما أو قارئ أو شاعر آخر لمواقع خلل في توظيف الكلمة في عمل شعري أن الناقد أو القارئ أفضل شاعريةً أو أكثر مراسًا وخبرةً ؟.. أم أن هناك حالات يكون بها المراقب الخارجي أقدر على الرؤيا الأدق أو أنها حالات متنوعة يمكن أن تأتي بتباين الخبرة والشاعرية ويمكن أن تأتي من شخص أقل شأنًا وقد يكون ليس شاعرًا أصلًا ؟؟؟؟
طبعًا أقول ذلك لأن في عديد مرةٍ أشار علي بعض الإخوة الأصغر سنًا وأحيانًا هم ليسوا شعراء أصلًا بتغيير كلمة أو تبديلها ويكون رأيهم هو الأصوب .
أما لماذا أسأل هنا فلإيضاح جوهر النقد وتحديدًا بهذه المواضيع التي لاتلزمها الأكاديمية إذ يعتمد على كثير من المقومات ليس بالضرورة أن يكون تفوق الناقد شعرًا أو شاعريةً أو علمًا شرطًا أساسيًا لتمام وجودها .
نثقل عليك ولكنها فرصة نطمع باستثمارها كما ينبغي
محبتي وتقديري
نادية بوغرارة
05-05-2012, 09:23 PM
راق لي موضوع النقد ، ورأيته جامعا لكثير مما يجب أن يُعلم ،
وكونه موجزا جعل منه محفّزا أو منطلقا لليحث،
لمن يرغب بالتوسع أكثر في هذا الباب .
الدكتور سمير العمري ،
بارك الله فيك ودمت والعطاء .
د. سمير العمري
07-05-2012, 07:36 PM
كلام جامع مفصل ... بارك الله بك أستاذنا الحبيب :
الآن خطر ببالي سؤال وهو من محض تجارب شخصية وهو سؤال حساس ومهم على الأقل بالنسبة لي :
هل يعني تحديد ناقد ما أو قارئ أو شاعر آخر لمواقع خلل في توظيف الكلمة في عمل شعري أن الناقد أو القارئ أفضل شاعريةً أو أكثر مراسًا وخبرةً ؟.. أم أن هناك حالات يكون بها المراقب الخارجي أقدر على الرؤيا الأدق أو أنها حالات متنوعة يمكن أن تأتي بتباين الخبرة والشاعرية ويمكن أن تأتي من شخص أقل شأنًا وقد يكون ليس شاعرًا أصلًا ؟؟؟؟
طبعًا أقول ذلك لأن في عديد مرةٍ أشار علي بعض الإخوة الأصغر سنًا وأحيانًا هم ليسوا شعراء أصلًا بتغيير كلمة أو تبديلها ويكون رأيهم هو الأصوب .
أما لماذا أسأل هنا فلإيضاح جوهر النقد وتحديدًا بهذه المواضيع التي لاتلزمها الأكاديمية إذ يعتمد على كثير من المقومات ليس بالضرورة أن يكون تفوق الناقد شعرًا أو شاعريةً أو علمًا شرطًا أساسيًا لتمام وجودها .
نثقل عليك ولكنها فرصة نطمع باستثمارها كما ينبغي
محبتي وتقديري
أعتذر بداية لك أخي الحبيب وللجميع لظروف تأخري عن الرد والتي كانت خاصة وقسرية ، وأعود لأكمل معكم ما بدأت هنا قبل أن أعود ربما لغياب جديد قد يطول.
أما ما تفضلت به من سؤال فهو مما أشيد به لأنه مما يستوجبه الحوار هنا في هذا السياق ، ولأنه يمنح الفرصة لتناول هذا الجانب المبهم أو المشوش في ذهن الكثير.
أقول مستعينا بالله أنني لا أجد في انتقاد لفظة ما أو معنى ما ما يرفع درجة الناقد على صاحب النص المنتقد فالسهو والنسيان من طبيعة البشر وقد يغيب معنى ما أو لفظة ما عن خاطر أي أنسان في لحظة ما ولا يغيب عن بال آخر فيرد على خاطره أثناء قراءة النص ويعلم أنه المقصود من قول الشاعر وأنه كان في خاطره لكن اللفظة المناسبة غابت عنه لا جهلا ولكن سهوا ونسيانا ، وهذا يفسر أن لا أحد أوتي جوامع الكلم إلا الرسول الكريم لأنه لا ينطق عن الهوى وإنما من وحي يوحى ويراقب ، وليس قوله كقول البشر الذي قد يراوده الخطأ والخطل والسهو والنسيان "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا".
هذا يعني أن الناقد قد يكون بقدرات أقل من الشاعر أو أكثر سيان. المهم هنا هو معيار القياس في قوله أكان صوابا أو خطأ ، ولذا يجدر بالحوار أن يتجاوز دائما الشخوص وأن يتناول فقط النصوص ويكون المعيار بمقدار الصواب والأصوب والمناسب والأنسب ناهيك الصواب والخطأ.
ولا يخفى على كرام مثلكم ما أشرت إليه في رد سابق من أن النقد ليس سلاحا للطعان والضراب يشهره من شاء انتقاما أو أراد إيلاما فيقبح الجمال أو يجمل القبح أو يقلب الحقائق فيقول كلمة حق يراد بها باطل أو يقول كلمة باطل يزعم بها الحق ، وتناول النقد يجب أن يكون بناء على ما أشرنا إليه من التجرد والنزاهة والموضوعية ويقاس على مقدار مقاربته للحق وللعقل والمنطق وفق منهج علمي نزيه وبعيدا عن التناول الشخصي للأمور. وليس كل ما يقال من ناقد بات حقا فالناقد في النهاية بشر يجري عليه ما يجري أساسا على الشاعر من سهو وخطأ ونسيان أو عدم إلمام بالشيء ، ولذا ليس كل نقد يعتد به ويصبح حقفيقة مجردة بل يتم التعامل معها في نطاق الحوار وآدابه بنقاش موضوعي وبأدلة وقياسات واجتهادت معتمدة للوصول إلى أفضل خيار ممكن.
والنقد أخي كما شرحت له مستويات وأساليب ، وجله يكون تقديرا برؤية نقدية وذائقة أدبية خصوصا في المستوى العالي للنص وللنقد وليس من شاكلة خطأ وصواب إلا فيما ندر ، والصواب درجات والحق حالات فليس في الأمر ابيض واسود او صواب وخطأ في هذا المستوى بل كما قلنا مرارا صواب وأصوب ومناسب وأنسب. وهذا الأمر لا يصل بحال لمصادرة حق الشاعر فيما يقول أو في لغته ولكن هذا لا يعني أن نقر لغة قد تكون قصرت في معنى هنا أو تركيب هناك ، ورب ناقد لا يستطيع أن ينظم بيتا واحدا من الشعر ولكنه يمتلك العلم أو الرأي بما يفيد النص ويثري جوانبه بالثناء على ما يستحق والتحفظ على ما يستحق.
باختصار الرؤية النقدية حق لكل متلق للنص تماما كحق صاحب النص في أن يكتب ما شاء وهي ليست ممارسة استاذية أو إظهار تفوق في صراع أو نزاع أو قدر أو قدرة ، وإنما هي حق يمارس لرؤية أو لرأي أو لرغبة في قراءة الأفضل بحوار هادف يرتكز على النص بموضوعية وبمنهج علمي وفوق كل ذي علم عليم.
تحياتي
د. سمير العمري
07-05-2012, 07:52 PM
أحبتي
لست بنزاع مع الأخ سمير على شيء
وتمنيت عليكم بدل (الفزعة) أن تقرأوا مليًا
وأن تفندوا ما قلت
فلربما كان لي بعض الحق ولو في نقطة واحدة!
هو أميركم وأخي ولا ارى ما يستوجب (الاعتذار) من أحد فأنتم أحرار بمواقفكم وهي ليست معركة
بورك الوفاء ودامت المحبة
.
هو ما قلت أخي الحبيب مكي ، فليس لك عندي إلا الخير ولا حرب بيننا بل حب وود واحترام ، وأما ما كان منك تجاهي فإني أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولك وأن يجنبنا نزغات شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.
والأمر أيها الحبيب ليس فزعة فما رأيته منهم أسئلة تصيبني بأكثر مما تصيبك وأنا أتفهم ذلك وأعذره ، وأنا سأستجيب لك فأفند ما يتعلق بالنص تقديرا وسأغض عن تفنيد ما تناولت به شخصي إجلالا وحرصا ، وأعدك أن أعطيك الحق في أية نقطة لك فيها حق وسأعتذر لك عن اي خطأ أصبناك به ولو بغير قصد وأمام الجميع.
ونحن هنا أخي الكريم ليس بيننا ولا فينا ما تقول فنحن عباد الله إخوانا يرحم بعضنا بعضا ويحترم بعضنا بعضا وينصح بعضنا بعضا ، وأنت أخ كريم نحرص عليه ونرجو أن تزول الغمة التي أغمته وأن ينظر للأمر بزاوية الإخاء والود وليس بلغة الطرابيش والفزعات فهذا مما لا نتقنه ولا نعمل به.
سأتناول النص بشيء من التوضيح في ردود قليلة قادمة راجيا أن يكون فيها ما يمسح على قلبك الكريم ويبعد عنك نزغات الشياطين فإني والله ما أردت من كل هذا إلا تأكيد الود وتقريب المسافات وتوثيق العلاقة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تحياتي
د. سمير العمري
07-05-2012, 09:27 PM
أحب بداية أن نبدأ حيث بدأنا هناك في النقد الذي استجبنا به لطلب المكرم الأستاذ مكي النزال من تعميم الفائدة وتحديد مواضع النقد الذي أشرنا له تلميحا فنشير بداية لمواضع الألق الشعري في النص ليتضح فيها أهمية توظيف المفردة ودقة ذلك في منح النص حياة وامتدادا عميقا في المعاني وفي المباني وفي الشعور.
ذرفتني السماء نجمةَ شعرٍ = لمّتِ الضوءَ من بقايا زوالِ
أرى أن هذا البيت هو أجمل ما جاء في القصيدة إن لم يكن بيت القصيد ففيه اعتداد بالنفس وشعور بالتميز والتفوق فجاء التألق على متسوى المبنى والمعنى والصورة والجرس بما يؤكد على شاعرية الأستاذ مكي واستحقاقه لوصفه هذا هنا.
وأجدني سأسهب قليلا في شرح هذا البيت من الجانب البنائي ثم مناسبة التوظيف والصور للمعنى المراد بدقة مبهرة تجعل من هذا البيت في ميزان الشعر قصيدة بل خريدة لوحده.
يقول الشاعر:
ذرفتني السماء نجمة شعر.
الذرف يكون للدموع ولا يكون الذرف يوما إلا من الأعلى للأسفل ويكون غالبا معبرا عن الحزن الذي وجدته في سياق النص كله بما يجعل هذه اللفظة موفقة جدا في التعبير عن الحالة الشعورية معنى وعن الصورة المصاحبة وصفا.
وحين تذرف السماء يكون ذرفها المطر وهو الخير الذي تحيا به الأرض وتنتظره بشغف وترقب كي يبث فيها من كل زوج بهيج ، وهذا توظيف مركب للصورة يزيد من هيبة المعنى والتركيب هنا ويجعل من هذه المعاني المركبة والمتعددة تأثيرا في النفس رهيفا ورهيبا.
والذرف حين يكون من الأعلى إلى الأسفل إنما يمثل ما يريد الشاعر من معنى أنه يرى نفسه في أعلى مكان فلا صعود بعده وأنه يتنزل بشعره كما المطر غيثا يبهج الأرض من كل زوج ويطرب الأذواق بكل عزف حتى وإن كان حزينا.
السماء هنا جاءت أيضا بتوظيف رائع ومبهر من حيث تحديد المكانة التي يريدها الشاعر لنفسه من جانب ثم مواءمة الحقيقة الراسخة بأن الشعر هو موهبة السماء وليس علما يعلم أو حرفة تدرس من جانب ثان ، ولأن السماء هي مكان النجوم من جانب ثالث. فالشاعر هنا يرى نفسه في أعلى مكان يمتد إليه بصر الخلق باعتباره نجما محلقا في الأعالي، وفي نفس الوقت يعيد هذا كله لفضل الله تعالى باعتبار أن الفضل لله يؤتيه من يشاء.
طيب ماذا لو قال الشاعر:
ذرفتني الحروف نجمة شعر
أو:
ذرفتني الصروف نجمة شعر
أو:
ذرفتني الأيام نجمة شعر
أو:
ذرفتني الحياة نجمة شعر
أو أي شيء آخر مما يمكن أن يصلح أو يكون جيدا بدرجات متفاوتة ، ولكن لا شيء أفضل من لفظة السماء في هذا المقام وهذا مما يلخص ما نقول من أهمية التوظيف الدقيق والصور المركبة باعتبار أن هذا هو ما يميز الشاعر عن الشاعر والمبدع عن المبدع.
نجمة شعر ... هي صورة جميلة من حيث ذرف السماء للشعر نجمة شعر ، وفيها أيضا دحض لاستكبار الشاعر فأدرك أنه ليس أكثر من نجمة لها مدارها نعم ، ولكنه في سماء فيها نجوم بمدارات مختلفة تتفاوت في مداراتها وأقدارها وتأثيرها وهذا معنى جميل يكمل المعنى ككل بصور متداخلة تخدم الصورة وتحقق المعنى المطلوب بشكل راقي ومبهر ومبدع.
لمت الضوء عن بقايا زوال
المعنى العام هنا مبهر وإبداعي ودقيق جدا باعتبار أن ما قصده الشاعر هو رصد للواقع الشعري الحالي في زمن هانت فيه اللغة وتلاشى أو ضعف فيه دور الشعر وتأثيره وبات المتشاعرون أكثر من الهم على القلب كما يقال ، ثم هو اعتداد بالأصالة وأن الإبداع إنما يكون بالاتباع والابتداع معا. نجمة الشعر إذًا قد لمت بقايا الضوء الماثل للزوال بعد أمجاد الشعر العربي على مدى العصور ليكون لها وهجها الساطع قبيل الزوال فكأن الشاعر يقول: أنا آخر الشعراء النجوم وقد لمت نجمتي الشعرية كل بقايا الضوء الشعري قبل زواله عن الدنيا.
وهنا نلاحظ بلا شرح طويل أن كل لفظة جاءت في توظيف دقيق ومهم يخدم المعنى ويؤكد الصورة خصوصا لفظة زوال التي حملت الكثير من المعاني العميقة ، لو كانت مثلا خيال أو جمال أو غيرها لما كانت بذات القدر في التأثير الشعري والشعوري.
طبعا لو تأملنا الجرس عموما والتوزيع الموسيقي الداخلي والخارجي فسيبدو أيضا روعة هذا الجانب وأكتفي هنا بالإشارة إلى الزحافات العروضية التي خدمت الاحتدام الشعوري بتسارع النفس من خلال الاستغناء عن الصوامت في أكثر التفعيلات فأثرت في النفس تأثيرا قويا.
حين يهمي الظلامُ مُزنَةَ شوْقٍ = أنزوي خلفَ أحرفي وابتهالي
هنا بيت أيضا مبهر في صوره المميزة التي تخدم المعنى بتصوير الظلام يهمي مزنة شوق فتدفع الشاعر للتقوقع حزنا والانزواء خلف الأحرف والابتهال كحصون يحاول بها أن يدفع عن نفسه سهام الشوق المؤلمة في دجى الليل البهيم وقد أكله السهاد وأضناه الفراق.
لن تنامي على أسرّةِ وَرْدٍ = إن زرعتِ الأشواكَ في أوصالي
هنا يتجلى التوازن البنائي سواء بالربط والسبك بالشرطية بين الصدر والعجز أو بملائمة العلاقة بين الورد والشوك وبين الأثر والتأثير. والمعنى هنا جميل جدا ومنصف جدا فليس من العدل أن يزرع أحد الورد في القلب فراشا للحبيب يتكئ عليه وينام قريرا فيكون الجزاء شوك ونزف ، وأن المرء لا يحصد إلا ما يغرس فإما غرس الشوك فحصد الشوك وإما غرس الورد فجنى الورد وإما غرس الود فتنعم في الود.
أقصِري عنْ لجاجةِ الشّكّ يا من = فيكِ أُنثى تضمّخَتْ بالجمالِ
هنا تركيب عادي ولكن بهرني المعنى وراق لي ليس إلا ، وهو بحق معنى موفق ومناسب للسياق والإبداع هنا هو أنه قاله من خلال حس رقيق وابتهال حزين لمن يلج عليه بالشك ويخزه بالشوك ولكنه لا يزال يراها أنثى تضمخت بالجمال فالوصف هنا ليس وصف حالة بل وصف حال.
دعْكِ منْ حُرقةِ اللظى في جنوبي = واسكني الثلجَ في أقاصي الشمالِ
هنا أيضا راق لي التوازن البنائي بين الصدر والعجز والمقابلات بين اللظى والثلج وبين الجنوب والشمال وبين النهي والأمر ، وهذا السبك الذي يجعل البيت وحدة واحدة قوية ومتماسكة على غير العديد من الأبيات التي جاءت كما وصفنا من عدم الترابط الكافي. ولو كان لي رأي هنا لكنت جعلت "في اقاصي الشمال" "في اقاصي شمالي" لتوثيق العلاقة بين المفردتين ولتأكيد المعنى وتوثيق علاقته بالحس عند الشاعر.
أشرعَ الدهرُ بابَهُ لرؤانا = لا تجوري عليْهِ بالأقفالِ
هنا راق لي المعنى كثيرا فليس من العدل أن يسنح الدهر بساتحة ويفتح الباب للرؤى راضيا فيرفض ويصد ويفرط بهذه السانحة فنقفل الأبواب كبرا أو استنكافا أو نزقا يفضي لندم يوم لا ينفع الندم. أما من حيث التركيب والتوظيف فالبيت جاء عاديا وأرى في السبك والربط بين الصور والعجز بعض رخاوة سببها عدم وجود فاء العطف والتعقيب كأن نقول: أقررت لك بالحق فلا تجوري.
سأتبع في رد قادم بعض ما في النص مما نجد فيه رأيا.
تحياتي
نادية بوغرارة
07-05-2012, 10:08 PM
أحيانا أسأل لماذا يقفز إلى ذهن المرء أول ما يستمع لكلمة " نقد "
أن الأمر يتعلق بتعديد نواقص النص و معايبه ، و أن الناقد سيؤاخذ الكاتب و نصه
على ماكان يجدر به أن يكتبه هنا أو هناك ؟؟
بينما يغيب عنه أن النقد عملية شريفة ، مفترضة فيها الموضوعية ،
تذكر ما للنص و ما عليه .
و أن الناقد الحق ، من يملك أدواته و يعي دوره ،ما هو في الحقيقة إلا مرآة للعمل
يخرج منه لؤلؤه ، مثلما يكشف عما هو دون ذلك ....
قرأت اليوم لتوفيق الحكيم قوله :
" أنفصل عن كتاباتي بمجرد أن تصل إلى المطبعة "
وفهمت من هذا أن العمل الأدبي حين يخرج للوجود ، يكون معرضا للنقد
من الجميع ، المختصون و غيرهم ، و لا يمكن أن تتوحد الرؤى حول النصوص
مهما كانت واضحة ، فكيف و العمل الأدبي كثيرا ما تسكنه الرمزية و التأويل
والتفسيرات المتعددة للكلمة الواحدة ، و القراءات المختلفة باختلاف مستوى
إدراك القارئ وخياله وملكاته .
لهذا كنت و مازلت أعتبر النقد الأدبي مسألة تطبعها النسبية في جوانبها
غير الثابتة ( اللغة) ، و بالتالي فمن الحق الناقد أن يقول ما شاء ،
كما من حق صاحب العمل أن يأخذ أو يترك من النقد ما شاء ،مقتنعا بأي اختيار منهما .
وبعيدا عن طرفيْ العلاقة النقدية ،( الناقد و المنتقَد ) ،
لا بدّ أن تقييم أي عمل أدبي ، يخدم دوره كمحرك و موجه أحيانا
للإبداع ، لدى قاعدة كبيرة من الأقلام ، وربما يكون موجها - كما يحلم البعض -
للعملية الإبداعية بصفة عامة ، يصفيها من كل ما علق بها من صيحات ضارة
تؤذي تربة فنون الكتابة ،و تعكر صفاء سلسبيلها .
كانت هذه خاطرة على هامش موضوع النقد ، أرجوأن تكون في محلها .
بارك الله فيكم .
أحمد رامي
08-05-2012, 02:03 AM
أحيانا أسأل لماذا يقفز إلى ذهن المرء أول ما يستمع لكلمة " نقد "
أن الأمر يتعلق بتعديد نواقص النص و معايبه ، و أن الناقد سيؤاخذ الكاتب و نصه
على ماكان يجدر به أن يكتبه هنا أو هناك ؟؟
بينما يغيب عنه أن النقد عملية شريفة ، مفترضة فيها الموضوعية ،
تذكر ما للنص و ما عليه .
و أن الناقد الحق ، من يملك أدواته و يعي دوره ،ما هو في الحقيقة إلا مرآة للعمل
يخرج منه لؤلؤه ، مثلما يكشف عما هو دون ذلك ....
بارك الله فيكم .
كلنا نشاطرك الرأي هنا ..
لكن ما دُرج عليه في المنتديات و لضيق الوقت ,
أن يُذكر ما لفت النظر من أشياء تأخرت عن أخواتها في النص , أو أشياء قللت من ألق النص , وبالتالي فما سكت عنه فهو مقبول , ولو قمنا بتحليل كل قصيدة لاحتجنا أياما ؛
ولهذا وجدت المشرحة في المنتدى .
أعاننا الله جميعا وألف بين قلوبنا .
:0014:
نادية بوغرارة
08-05-2012, 02:11 PM
كلنا نشاطرك الرأي هنا ..
لكن ما دُرج عليه في المنتديات و لضيق الوقت ,
أن يُذكر ما لفت النظر من أشياء تأخرت عن أخواتها في النص , أو أشياء قللت من ألق النص , وبالتالي فما سكت عنه فهو مقبول , ولو قمنا بتحليل كل قصيدة لاحتجنا أياما ؛
ولهذا وجدت المشرحة في المنتدى .
أعاننا الله جميعا وألف بين قلوبنا .
:0014:
========
اللهم آمين ،
الأخ الأديب أحمد رامي ،
أشكر لك تفاعلك مع ما كتبت ، و في انتظار
المزيد من ردودك و مشاركاتك المميزة والقيمة .
دمت والواحة .
د. سمير العمري
08-05-2012, 06:13 PM
أخصص ردي هذا الذي سيكون الأخير هنا لتوضيح بعض ما أشرنا إليه مما اعترض عليه الأخ الكريم مكي أو امتعض ، وسألبي رغبته بالإشارة أيضا إلى بعض الأخطاء التي أرادها مقياسا وحيدا للنقد الشعري. ولكني قبل هذا أريد أن أستأذن الجميع هنا بفك تثبيت الموضوع الذي لم أجد أنه كان يحتاج تثبيتا بادئ ذي بدء مع تقديري لكل من أسهم في هذا الأمر ولكني أرى أن أفك التثبيت لأنه ورغم كبر قدر أخي مكي عندنا إلا أن الموضوع ليس إلا مجرد تناول نقدي عادي لقصيدة جميلة.
سأبدأ في توضيح المحاور التي تم طرحها والإشارة باقتضاب إلى رأيي فيها:
أولا موضوع السبك والربط بين الأبيات:
وهذا موضوع تقديري عموما إلا ما كان الأمر فيه واضحا ، ونعم صدق أخي مكي في أن الجدل فيه قد يطول ، ولكني ما أردت جدلا بل رأيا غير ملزم والحكم للذائقة التي تتفاوت والآراء التي تتمايز ، ولم نقل يوما بأن ما نقول يلزم أحدا بل هو نصح برأي أو رؤية فليأخذ المرء أو فليدع.
كنت أشرت لما يمثل قوة في السبك والربط بشكل جميل جدا وبعض ما فيه ما قلنا من تدابر أشطر أو رخاوة في السبك في بعض أبيات أخر. وأنا هنا سأورد بيتين كمثال على قوة السبك والربط بين الأبيات وبيتين آخرين على عكس ذلك مع توضيح مقتضب.
ذرفتني السماء نجمةَ شعرٍ = لمّتِ الضوءَ من بقايا زوالِ
حين يهمي الظلامُ مُزنَةَ شوْقٍ = أنزوي خلفَ أحرفي وابتهالي
بيتان يترابط الصدر فيهما مع العجز بقوة وإقناع وإمتاع وقد شرحتا بعضا من هذا في رد سابق.
أناْ أرضٌ تعُجُّ بالزهرِ نبتًا = نظرةٌ منكِ تستبيحُ احتلالي
أشرعَ الدهرُ بابَهُ لرؤانا = لا تجوري عليْهِ بالأقفالِ
هنا بيتان مثال على ضعف الربط والسبك بين الصدر والعجز في كل منهما.
فأما البيت الأول فقد بدا فيه كأن الصدر يسير في واد والعجز يسير في واد فلا المبنى يربط بينهما بأسلوب أو بعطف أو بشرطية ولا المعنى يربط بينهما إلا من بعيد جدا بما يربط الأرض بالاحتلال وهو ربط بعيد جدا كما أزعم.
وأما البيت الثاني فقد شرحنا أن الصحيح هو أن يقال: أشرع الدهر بابه فلا تجوري والأمر واضح طبعا بأن المعنى بدون العطف بالفاء هنا (أشرع الدهر بابه لا تجوري) يضعف السبك بشكل كبير ويشوش المعنى عموما.
ثانيا موضوع التوظيف الأفضل للمفردات:
هو فيه مثل الذي في السبك والربط باختلاف وائتلاف وتفاوت الذائقة وتمايز الآراء إلا قليلا بقدر ما يتأثر المعنى وضوحا وغموضا أو ضعفا وقوة.
وهنا أيضا سأسوق مثالا من بيتين فقط على حسن التوظيف حد الإبهار وآخرين على ضعف التوظيف حد الاستفسار.
أما قوة التوظيف حد الإبهار فكان أجلى ما يكون في البيت الذي شرحنا آنفا:
ذرفتني السماء نجمةَ شعرٍ = لمّتِ الضوءَ من بقايا زوالِ
فهذا بيت محكم محلق بحق وكل حرف فيه في مكانه الأنسب والأجمل.
أيضا في البيت:
لن تنامي على أسرّةِ وَرْدٍ = إن زرعتِ الأشواكَ في أوصالي
رائع توظيف المفردات هنا بالمقابلة حينا وبالكناية حينا ، وكيف أن لفظة كالأوصال مثلا خدمت المعنى بشكل مبهر من خلال تأكيد شمويلة الوجع من الشوك في كل أنحاء الجسد من ناحية ثم المعنى الشفيف الذي يجعل من الأوصال فراش الحبيب ينام عليه هانئا.
ثم لنأخذ مثلا هذا البيت:
أنتِ أُمُّ الجراحِ، كوني رؤومًا = إن تمادَتْ بالنزفِ والإبتلالِ
هنا جميل توظيف الصورة "أم الجراح" ولكن ما مدى قوة توظيف اللفظة "الابتلال"؟؟
أليس النزف يحدث ابتلالا؟؟ ثم هل الذي يزعج في النزف هو الابتلال؟؟ ثم ماذا أضافت هذه اللفظة للصورة أو للمعنى؟؟ هنا لا يمكن لمنصف أن يرى في قولها إلا حشوا اضطرت إليه القافية.
طيب ، هل من مشكلة؟؟ أليس كل الشعراء يفعلون هذا وكثيرا؟؟ نعم يفعلون ولا مشكلة في هذا فالأمر لا يعني أن اللفظة خطأ يجب تغييره بل هي لفظة صحيحة لغة ولا باس أن تأتي حينا حشوا لإكمال البيت ولا شيء في كل هذا ...
ولكن ...
ماذا لو حرص الشاعر على أن يجد بديلا أفضل وأنسب لا تكون حشوا بل تضيف للصورة والمعنى كأن يقول مثلا:
أنتِ أُمُّ الجراحِ، كوني رؤومًا = إن تمادَتْ بالنزفِ والإندمالِ
الاندمال هنا يخدم القافية لا ريب والوزن كذلك "رغم قضية قطع همزة الوصل" ولكن هذه اللفظة تزيد في معنى الوجع وتعمق الصورة وتضيف لها بأن تجعل حالة الجراح دائمة دائبة فما أن يندمل جرح نازف حتى تنكأ جرحا آخر وهكذا تتعمق الصورة ويزيد المعنى.
لنأخذ مثالا آخر:
لمْ تُصِبْ غيمةُ الرجاءِ يباسي = أدبَرَتْ بالرواءِ خلف الجبالِ
من الطبيعي أن تغيب الغيوم خلف الجبال وهكذا أسلوب هو أبعد ما يكون عن الشعر ليجعل البيت مغرقا في النثرية أو ما هو أقل ، والسبب الأساسي في هذا هو عدم توظيف مفردة مناسبة ترتقي بالصورة ودلالاتها ، وهذه اللفظة هي "الجبال".
ماذا لو كانت "خلف المحال" أو "صوب المحال"؟؟
ماذا لو كانت "خلف التعالي" مثلا؟؟
ماذا لو كانت "قبل اعتلالي" أو قبل "انهمالي"؟؟
خيارات كثيرة لكل معناها ومؤداها ولكل صورتها ورمزيتها وبتعديل في كلمة واحدة يمكن نقل البيت من بيت عادي أو أقل من عادي إلى بيت إبداعي أو أكثر من إبداعي.
هنا تكمن أهمية توظيف المفردات وهي التي تحدد قيمة الشعر الحقيقي فالشعر معدن نفيس لا يحتمل خدشا ، وإن كل ذرة غبار أو أي خدش مهما كان بسيطا تفقد الدرة بعضا من قيمتها ورونقها ، ولكنها بالقطع تظل درة لا صفيحا.
يتبع ...
د. سمير العمري
08-05-2012, 07:11 PM
ثانيا ... الرد على ما ورد في ردود أخي الكريم مكي وأقصد الجزء الأدبي فيها مما تعرض له ولو بشكل عابر فأقول:
1- انزعاج الأخ مكي من قولي عن أمر النجوم والبدور واعتبار قولي هذا طامة كبرى.
هذه حقائق علمية أخي الكريم وليست اجتهادات شخصية فالنجوم تختلف عن الأقمار في جوانب عديدة لعل أهمها هو اختلاف الكتلة ومكوناتها ثم الطبيعة الفيزيائية والفلكية ، فالنجم في غالبه جسم غازي متوهج مشع بذاته يدور حول نفسه ومجرته ومثال هذا الشمس ، والقمر هو جسم معتم لا يشع بل يعكس الضوء محدد الكتلة وتابع دوما لنجم ما كالقمر الذي نراه فهو تابع للشمس ويعكس نورها وليس يشع من نفسه. وللتوسع يمكنك سؤال علماء في هذا أو البحث الدقيق في الشابكة عن مصدر معلومة معتمد وصحيح.
ولعل القرآن الكريم كان أوضح هذا الفرق بشكل قاطع وواضح في قوله تعالى:
تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا
فالشمس هي السراج المضيء والقمر هو المنير أي الذي يعكس النور.
وقوله تعالى:
وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا
هنا كي لا يقال بأننا نفسر المعنى بما نشاء.
2- الرد على قول أخي:
خذ مثلاً: لحظةَ التّوْقِ كنتُ طفلاً بريئًا = ذائبًا كالحياء في أسمالي .. صورة رائعة وفريدة لم يطرقها أحد قبلي!
أقول بأن هذا هو رأيك أنت ، أما رأيي فقلته وأعود هنا موضحا باقتضاب أن عكس الصورة لا يمثل دوما إبداعا أو تميزا يعتد به إلا إن كان المرء لا يريد سوى أن يخالف من قبله للمخالفة وحينها يكون هذا الأمر متاحا للجميع بيسر ولا أزيد.
وإنما الحكم الصواب يكون باعتبار الحقائق والمنطق إذ لا يستقيم في الذهن أن يقال مشيت كالطريق أو أن يقال مثلا فزعت كالخوف أو مثلا أن يقال هذا الأسد كالبطل .... إلخ.
ثم إن الحياء إن ذاب غاب وإن غاب عاب وإن عاب أراب أو استراب. فالحياء لا يذوب عند الحيي الكريم ناهيك عن اعتبار التشبيه في وجه لا يكون فيه شبه ، وعليه فالصورة ليست كما تصفها بل تحتاج منك وقفة تأمل وتنقيح بما يناسب وهو حرف الباء بدل الكاف.
3- الرد على قول أخي:
تقول قل ظلالي؟ أراها أبعد ما يكون عن الصواب.. فما في الليل من ظلال حيث لا ضوء فيه
لا أحسبني أنا البعيد عن الصواب أخي الحبيب ، فأنا لم أقل بأن الليل ظلال بل العكس - أي أنني قلت في ردي ما تقول أنت في تعليقك عليه بانزعاج الممتعض من "سفاهة قولي" فكيف وفيم تنتقد قولا أنت جئت تكرره؟؟
الآن ... هل مقترحي بالظلال هو الأنسب؟؟ لا أزال أزعم هذا ، وأنت في طرحك بأن الليل لا ظلال فيه حيث لا ضوء فيه فقد جعلت المعنى مباشر يفتقد للعمق الذي اقترحته. ثم هو دليل على أنك لن تهتم بقراءة رأي قدم لك مهما كان رأيك فيه لأنك أخي لو تأملت ما قلت لوجدت أن ردك هذا لا يناسب ما قلت.
أنا هناك اقترحت بظلالي وليس بظلاله والفرق هنا كبير جدا ويجعل تفنيدك الغاضب هذا غير ذي أرب إذ إن ظلالك هنا كناية عن كل ما يمثل الكدر والأسى والانشغال والانفعال مما نراه كله أشبه بسواد ليل ودجى أسى ، وظلالك لا تأتي من الليل كما تقول بل من المفروض أنها تأتي من الضوء الذي حشد جيشه في جفونك، لكنه من عظيم الأسى بدل أن يمتد نورا في نفسك وقلبك امتد ظلالا تغزو أضلعك مع غزو دجى الليل لها فهي من باب ظلمات بعضها فوق بعض تأكيدا لعمق الصورة في الأسى الذي كان هو سياق النص كله.
أعتقد أن هذا هو المعنى الإبداعي الأنسب في هذا المقام سواء من حيث الصورة أو المعنى المراد والذي يخدم عموم السياق.
4- الرد على اعتراض أخي مكي على إشارتي للحشو إذ قال: وأنا والله أردت انشغالي ولم أحشُ اضطرارا
أقول لست أدري يا أخي ماذا اقول لك أكثر من: ليتك قرأت ردي بهدوء وبحسن ظن بأخيك لعلمت أنني لم أتحدث عن الحشو في هذا المقام بل في مقام غياب الغيم وراء الجبال ، وكذا لم أتهمك بالنظم بل اتهمت نفسي ولم أقل شيئا مما جئت تتحدث به وتسيء لأخ يحبك ويجلك غفر الله لي ولك.
5- كل ما ورد في ردي الأول مما لم أتناوله هنا هو رأيي لا يزال ، وإنما أرد هنا فقط على ما علق عليه الأخ الحبيب مكي لا أكثر.
يتبع ...
د. سمير العمري
08-05-2012, 08:09 PM
هذا هو الجزء الأخير من الرد وهو الإشارة إلى ما هو خطأ وصواب كضوابط وقواعد وليس راي ورؤية واجتهاد ، وهذا ما طلبه أخي مكي رغم أنني أملت منذ البداية أن يكون في تلميحي المبهم ذاك أن يراجع ما أوعم أنه سهو لا أكثر في بعض مواضع ، ولكن طالما أنه طلب هذا فسأشير لهذه النقاط باقتضاب أيضا:
1- بخصوص الروح:
يقول أخي مكي:
الروح: مذكر إلا إن عنت النفس .. وهنا سندخل في ما أريد وما تريده لي مرة أخرى
واقول نعم صدقت في معناها بل قد عدت من باب البحث عن الفائدة إلى المعاجم فوجدت أن الروح تذكر في بعض لغات العرب ولذا أرى أن معك حق في هذا الأمر وأعتذر لك شخصيا عن عدم إشارتي لاحتمال المعنى الآخر رغم أنه القياس الشاذ.
ولكن طرحك هنا أخي الحبيب جدلي فإن المعنى الذي تقوله يفرض أنها بمعنى النفس ، وأما قولك عن أمر ما تريد أنت وما أريد أنا فهذا قول مردود ، ذلك أنني لم أرد ولم أحدد معنى أو قولا تقوله أنت فأنا هنا في موقع المتلقي لقولك ولمعانيك ، وأنت حين تريد أن تقول شيئا فهذا يفترض أنك تريد أن تقول شيئا أفهمه وليس أنك تريد أن تقول لنفسك شيئا تفهمه أنت ، فالكلمة حين تقال لا تظل ملك صاحبها ولا يعقل أنك تطلب مني أن لا أفهم ما تريد أو أن أقبل بما تقول حتى وإن لم أفهمه أو لم أستسغه ، وهنا يجب أن أكون قادرا على فهم ما تقول وإلا فما الفرق بين الفصيح والعي؟؟
على كل حال أنا لا أجد في الروح مذكرا إلا ما تعلمته من كتاب الله تعالى بأن الروح هو جبريل الأمين وقد ورد هذا في آيات كثيرة بهذا المعنى ، ولكن كما قلت فلك إن شئت أن تنحى إلى لغة اعتبار الروح مذكرا بكل أحوالها ولا غضاضة علي ولا عليك.
2- أجّجي ما تشائين في بحرِ قلبي = غيْرَ هذا الخنوع والامتثالِ
هذا كسر عروضي في الصدر يجبره أن تقول مثلا:
أجّجي ما أردت في بحرِ قلبي = غيْرَ هذا الخنوع والامتثالِ
3- لمْ تُصِبْ غيمةُ الرجاءِ يباسي = أدبَرَتْ بالرواءِ خلف الجبالِ
ورد في لسان العرب:
اليُبْس، بالضم: نقيض الرطوبة، وهو مصدر قولك يَبِسَ الشيءُ يَيْبِسُ ويَيْبَس، الأَول بالكسر نادر، يَبْساً ويُبْساً وهو يابِسٌ، والجمع يُبَّس.
وأَيْبَسَت الأَرض: يَبِس بقلها، وأَيْبَسَ القومُ أَيضاً كما يقال أَجْرَزُوا من الأَرض الجُرْزِ. ويقال للحطب: يَبْسٌ، وللأَرض إِذا يَبِسَت: يَبْسٌ.
أما اليباس فهو معنى غير ما أراد الشاعر هنا ، وهي ليست مصدر بل جمع ليبسة وهي التي لا لبن فيها من الشاء
ورد في لسان العرب:
ويقال -أيضاً-: شاةٌ يَبَسٌ: إذا لم يكن بها لَبَنٌ، ويَبَسٌ -أيضاً- بالتَّسْكينِ؛ حَكاها أبو عُبَيْدَة. وقال ابن عبّاد: اليَبَسَة: التي لا لَبَنَ بها من الشّاء، والجَمع: اليَبَسَاتُ واليَبَاسُ والأيْبَاسُ. وثَدْيٌ أيْبَسٌ: أي يابِسٌ.
4- لم أقُلْ أنني نبيّ زماني = ربّما قدْ تعِبْتُ من أحمالي
همزة إن تكسر عند الابتداء وبعد القول ، وهنا كلن يجب أن تقول: "لم أقل: إنني نبي زماني".
5- ما أشرنا له من كثرة قطع همزة الوصل بما يجدر بالشاعر أن يجمل القصيدة أكثر بتخليصه منها ، ولعلني ممن ينادي دوما بالتخلص من الضرائر الشعرية أو الحد منها بحيث تكون ضرورة واستثناء وليس قاعدة.
أخيرا أشكر الجميع على احتمالهم ثقل ظلي وعلى رأسهم أخي الحبيب مكي النزال وأشهد الله أنني ما أردت بهذا إلا الخير ، وأنني أدعو الله تعالى أن يذهب ما أصاب قلبه من غيظ على أخيه وأناديه أن للكرام نفس سخية ولا يرد كريم نداء كريم فعد إلى حيث أنت أخا نحبه وشاعرا نجله ، وأؤكد أن القصيدة التي تناولتها هنا بهذا النقد هي من الخرائد درة أصابها بعض غبار اجتهدت أن أمسحه عنها وتظل رغم كل ما قيل درة شعرية من شاعر متميز.
تحياتي
نادية بوغرارة
08-05-2012, 09:24 PM
أحببت أن أشكر الدكتور سمير العمري على وفائه بما وعد به ،
ولا ريب أن هذه الصفحات تليق بالواحة كمدرسة أدبية لما تضمنته من علم ،
وخير لمن أراد الاستزادة و الاستفادة .
و كلنا أمل أن يتواصل مثل هذا العطاء الذي عرفناه في الواحة و عرفناها به .
كما أحيي الشاعر مكي النزال و أشكره على ما منحته لنا قصيدته من دروس
في الصنعة الشعرية ، و كذلك كل الأدباء الكبار، أساتذتنا الذين ننهل من عبقريتهم
ومهارتهم و نبوغهم ، من خلال صفحات الواحة الأديبة .
دمتم و الواحة بكل خير .
آمال المصري
08-05-2012, 09:58 PM
تابعت هنا بصمت لأتعلم في مدرسة الواحة العمرية
كانت القراءة والتوضيح عطاء بلا حدود
قد أنصفت الشعر سيدي
بوركت جهودكم وجزيل امتناني لوفاءك بالوعد بالعودة هنا
وكثير الشكر لشاعرنا المكرم مكي أن أتاح لنا قراءة رائعته والعودة لها مرات أخر
ولكا من ترك بصمة أدبية تفيد
تحاياي
د. سمير العمري
08-05-2012, 10:39 PM
أعتذر للعودة مجددا وما عدت إلا لكي أستأذن الأستاذة ربيحة في نقل هذا الموضوع إلى قسم النقد مع تقديري لقراءتها للموضوع واجتهادها في التصرف الكريم وإنشائها إياه في قسم المدرسة الأدبية ، إلا أنني إذ لمست انزعاجا من الأخ مكي أرى أن ننقله إلى قسم النقد كما أشرت استجابة كريمة.
هذا للإحاطة وسأقوم بنقل الموضوع الآن لقسم النقد.
تحياتي
وليد عارف الرشيد
08-05-2012, 10:54 PM
بارك الله بك أستاذنا وجزاك الله خيرًا والشكر موصولٌ لأخي الشاعر الحبيب مكي ولعلي سأشكره مرتين : واحدة لإتخافنا بقصائده الجميلة الراقية وهذه بالتأكيد من أجملها والثانية لأنها غدت وجبة معرفية دسمة رائعة ...
بانتظار أن يعود الشاعر الكبير الغريد ليملأ مكانه الشاغر في واحته وفي قلوب محبيه . وإن كان رأى أنا ناصرناك فزعةً فلا والله لم يحصل وله في القلب محبة وتقدير واحترام وأعلم ان له عندك ذات المكانة وعلى العموم فليسامحنا سامحه الله
بوركت أستاذنا الحبيب الدكتور سمير أثابك الله فقد كنا ونحن نستفيد نستمتع بهذا الحضور الرائع والعلم النافع وهذه اللغة الماتعة الراقية الأصيلة وهذاالفكر الرحب المنير ... زادك الله من فضله
محبتي لكليكما ولكل من مر وشارك وكثير تقديري
أحمد رامي
09-05-2012, 12:41 AM
د. سمير
جزيت خيرا , أجدت وأحسنت وأحطت وبـيَّنت .
تقبل شكرنا الوافر الكامل , و بارك الله جهدك و علمك , و نفع بك ..... آمين
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir