ديوان الشاعر عيسى سلامي

[عيسى سلامي]

من أنت ما أنت إلا قصـة عبـرت= على خيالي فخلي القلـب وارتحلـي
غيري يدبج ما تهويـن ليـس أنـا= من يعشق الوهم أو يحيا على الدجل
مرت سنيني عجافا ليـس يسمنهـا= وصل لديك فكـم أولعـت بالمطـل
طال الطريق وأعيـا خافقـي سفـر =إلى السراب وعمري في الغرام بلي
وحدي أهيـم بقفـر لا أنيـس بـه = والريح تعوي وخطوي غيرمتصل
أنا الذي في الهوى قيس ولست بـه=كمثل ليلى فلم تصفي المـودة لـي
قد لمت أهل الهوى حتى بليـت بـه=فصرت في صمم عـن لائـم عـذل
بذلت روحي فداء الحب مـن زمـن=علي أعود وقد زالـت بـه عللـي
فكنت من سل سيف الهجر في صلف =على فؤادي فجرحي غيـر مندمـل
عيشي كما شئت وامحي كل خاطـرة =سطرتها فيك دمعا سح مـن مقلـي
ولملمي ما نبقى فـي الضلـوع ولا =تكوي الفؤاد بما أوريت مـن شعـل
مـا كـان وصلـك إلا الآل أتبعـه =فاشرب الظمأ المحموم فـي سبلـي
أوهمت قلبي أنـي راشـف عسـلا =حين الوصال فما ألفيت من عسـل
يا أخت عرقوب هذا الوعد أعرفـه =فكم حسوت بـه مـرا علـى مهـل
وكـم تلظيـت بالأشـواق أحسبهـا=جمرا يمض فـؤادي غيـر محتمـل
واليوم أرحل عـن دنيـاك عاشقـة =نفسي الرحيل فخلي القلب وارتحلي

[عيسى سلامي]

سأحمل الجرح في قلبي واصطبر = قلا تلومي إذا ما جئت أعتذر
مللت عصف رياح الشوق ناثرة = أوراق عمري وقد أضناني السفر
مللت لمع سراب الوعد أرقبه = على رصيف الجوى كم بت أنتظر
تلك السحاب التي أملتها ارتحلت = لغير قلبي فلا رعد ولا مطر
ظمآن ظمآن لا سقيا تبل صدى = قلبي وقد ذبلت في مهدها الشجر
أواه لو يرجع الماضي فأسأله = عن أمسيات تولت واختفى الأثر
فكم غدوت وريح الوجد تحملني = على بساط الهوى والشوق بستعر
سلي الدروب التي عبأتها ولها = كيما أراك ويحلو عندك السمر
سلي الكثيب الذي قد كنت عن كثب = منه ألاقيك والأطياب تنهمر
والليل يبسم للنجوى وأنجمه = تصغي ويهدي إلينا ضوءه القمر
واليوم قلبي يقتات الأسى وله = دمعي الشراب وبالآهات يعتصر
تصرم الأنس عن قلبي وصرت هنا = وحدي أئن وصفوي شابه الكدر
تركتني فأثرت الشعر قافية = ثكلى تنوح وفي اناتها الضجر

[عيسى سلامي]

يا شاعرًا شاخت الأمال في طرقه =لم تصغ دنياه من كبر إلى حرقه
كم ظل ينفث ؟آلامًا ويرسلها =لكنها بقيت حصرًا على ورقه
وبعثرته ليالي الوجد من أسف =حتى انثنى موجعًا يهفو إلى مزقه
إبداعه ماله في الناس من أرج =وكل بوح زكي العطر من عبقه
له من الشعر أحلام موردة =ولم تلح هذه الأحلام في أفقه
يرنو بعيدًا ولكن دون وثبته =وجه جهوم تخفى في دجى نفقه
وكم حقود تلظى قلبه حسدًا =لما أحس بريق الشعر من ألقه
لولا بيان كمثل الشهد يسكبه =ونبض حرف فريدًا كان في نسقه
لما رأيت عذولا بات منتقصًا =لقدره أو جهولا لج في حنقه
إذا رنا نحوه ليل فليس له =إلا قصائد مثل الصبح في فلقه
تراه ينسج إحساسًا ويرسمه = من أنس خافقه حينًا ومن قلقه
يهمي شعورًا فتندى كل مجدبة =وكل عاطفة تبتل من ودقه
تراه يغرق في بحر الأسى وله =رجع من الآه لا ينجيه من غرقه
يحيا بقلب شغوف في الهوى نزق =ما صده الصد والإعراض عن نزقه
وكم تلمظ من نار الجوى كمدًا =وبات يرعى نجوم الليل من أرقه
إذا الدجى لفه تهمي مدامعه =تكاد تودي به الأنات من شرقه
يبث آهاته الثكلى على وجع=مضنى يعيش مدى الأيام في رهقه
يضمد الجرح والآلام تلفحه =وليس يرثى له لو كان في رمقه
قد صان للشعر عهدًا ليس ينقضه =وصار وصل له كالدين في عنقه

[عيسى سلامي]

أنا هنا ودموع الحزن تشتبك =على خدودي ولحني صار يرتبك
أقمت للفرح المزعوم أشرعتي=والليل ينصب والأوهام والشرك
ركبت زورق أحلامي فأغرقه = يأس وداهمه في بغتة حلك
حتى الذين وهبت القلب ملكهم =ياليتهم خافقي في العمر ما ملكوا
فهم على وئده أحيوا أماسيهم = وهم له في ضريح الخزن قد تركوا
لما بكيت سنين الوصل آفلة = قاموا على طللي في غبطة ضحكوا
هم أنشبواا في الحنايا سهم هجرهم = وهم بقلبي بذاك السهم قد فتكوا
أخلصت ودي لهم من غير شائية=فعكروا صفو ودي حينما فركوا
قالوا لي اهلك فبحر الحب هائجة=أمواجه ولكم في الناس من هلكوا
سل الذين غدوا في حبهم مثلا=لو يعلمون عناء الدرب ما سلكوا
أنا كمجنون ليلى في الهوى ولكم = كنا من البين في الأهات نشترك
لولا دموع وشت بالسر أكتمه=ما كان ستر الهوى يبدو وينهتك
واليوم قيثارتي دمعي وقافيتي=حزني وخديني الهم والضنك

[عيسى سلامي]

يا شاعرا تخذ القصيدة موطنـه=وأمامه انصهرت جميع الأزمنة
هذا الحسـام بهمـة متوشحـا=لحسام شعر ضاربا من هجنـه
يتعشق الشعر الأصيل وينتشي=لسماعه لمـا تخيـر أحسنـه
وإذا انبرى للشعر ينظم عقـده=كان الجمال بكـل نظـم ديدنـه
يهديك من عبق القريض نوافحا=لتشم منـه وروده أو سوسنـه
وعلى بحور الشعر أجرى عزفه=فانساب عذبا سلسلا إذ لحنـه
ولكم أثار لدى النفوس لواعجا=إن كان لوعه المصاب وأحزنه
يكسو الطبيعـة من بديـع روائـه=ويزيدها حسنا بشعـر حسنـه
متلمسا لجراح من يشكو الأسى=من غيره يأسو الجراح المثخنة
وله على باب الأصالة حـارس=من نظمه هو بالجزالة حصنـة
لا رمز لا تهويم فـي إبداعـه=لكنـه جلـى المـراد وبيـنـه
ركضت قوافيه الجياد سوابقـا=بالعدو تاركة هزيـل الأحصنـة
والمستحيـل عـدوه فبعزمـه=جعل العصيات العوانـد ممكنـة
وإذا شدا أسر القلوب بشـدوه=وله على كل المسامـع هيمنـة
يمتاح من بحر الفصيح فينتقي=من الحسان وكل قـول ثمنـه
هزم الزمان فليس في قاموسـه=ما سميت سنة وإن عدت سنة
هو عاشق للشعر كم يهفو لـه=وهو الذي من أجله هجر السنة
إني أقـول ولا يخالـط قولتـي=زيف ونفسي بالحقيقة موقنـة
فخر القريض بما يقول حسامه=واعتز في شرف بما قد دونـه

[عيسى سلامي]

ودعت حبًا طالما صغته=من أنة القلب ودمع العيون
وسرت من شكواي في مهمه=قفر أناجي ما مضى من سنين
أواه يا تلك العهود التي=كم هيجت في خافقي من شجون
فأين ما كنا بنيناه من=حب تهاوت في مداه الظنون
وأين تلك الأمسيات التي=أذكرها أشتاق في كل حين
وكم شكونا من لهيب النوى=وحرقة الشوق ولذع الحنين
واليوم ويح اليوم في لوعة=أحيا وقلبي في أساه السجين
أصعد الزفرات علي إذا=صعدتها أطفئ حر الأنين
نار بأضلاعي تلظت وهل=يخمدها البين ومر السنين
وها أنا أبحر في لجة=قد ضاع مجدافي وتاه السفين
أنا الذي أصبحت مستلهما=ذكراك والقلب عليها حزين
وحدي أناغيها وبي وحشة=وليس لي إلا الرزايا خدين
إذا تذكرت زمانا مضى=جاوبني دمع بخدي هتون
مرابع اذكت بقلبي الجوى=وصيرتني في حياتي رهين
فلتذكري في العمر أغرودة=نشوى نغنيها بعذب اللحون
ونرقب اللقيا على لهفة=كي نستقي ماء الوصال المعين
نسارق النظرات في خلسة=الله ما أحلى حديث العيون
وأعين العذال في غفلة=عنا وثوب الليل يهدي السكون
نبيت في نجوى وطرف الدجى=يحرسنا فيا له من أمين
فتارة تهمس أفواهنا=وتارة تهمس منا الجفون
والجدب يخضر بعمري إذا=رأت عيوني منك ذاك الفتون
إذا التقينا أعشبت روضة=وغرد البلبل فوق الغصون
فلا تلومي عاشقًا مغرمًا=أوصله حبك حد الجنون

[عيسى سلامي]

يا سيدي يـا رسـول الله قافيتـي=جاءت تحييك كـم تزهـو وتفتخـر
عطرتهـا بثنـاء فيـك أنسـجـه=من نبض قلبي عن التقصير أعتذر
وليس لي عن دفاع عنك منصـرف=وليس عن واجب في ملتـي عـذر
وليس يوفيـك حقـا نظـم قافيـة=من المحبيـن أو نثـر إذا نثـروا
يا سيدي يا رسول الله بي شغـف=لسيرة كـل مـا فيهـا لنـا عبـر
لولاك ما عـرف التاريـخ منقبـة=عن الصحابة أو ذاعوا أو اشتهروا
حملت للناس دين الحق فابتهجـت=به النفوس وعزت بالهدى البشـر
وأشرق النور للدنيـا بغـار حـرا=لمـا تنزلـت الآيـات والـسـور
يا من إليه يحن الجذع مـن ولـه=ويسعد الدوح من لقيـاه والحجـر
أنت الذي صغت للتاريـخ ملحمـة=من البطولـة حتـى جلـت السيـر
حدا بك الشوق تسري نحو طيبة في=حفظ الإله فطاب الخطـو والسفـر
تربصوا لك في يوم الخـروج فلـم=يروا خروجك لما أن عمي البصـر
وقلت شاهت وجوه فانطلقـت إلـى=درب المدينة لا يخشى لك الخطـر
هـم يمكـرون ومكـر الله فوقهـم=وليـس يغنيهـم مكـر إذا مكـروا
ويوم بدر أتـاك العـون محتشـدا=جيش السماء فحل النصر والظفـر
ويـوم أن حـزب الكفـار أمرهـم=جاءوا ليغزوك من حقد وهم زمـر
فـبـدد الله بالتأيـيـد شملـهـم=وألبـس الله ذلا للألـى كـفـروا
وجئـت بـالآي والقـران معجـزة=فظلت العـرب ممـا فيـه تنبهـر
وقال قائلهـم هـذي البلاغـة فـي=أعلى مقام ومنهـا يجتنـى الثمـر
وقال هذا كـلام ليـس مـن بشـر=وليس يأتي بهـذا المعجز البشـر
إن كان للناس في أعمارهـم سيـر=ففي حياتك مـن أخبـارك الغـرر
لما رأيت ارتكاس الناس فـي ظلـم=من الضلال صفت في قلبك الفطـر
أراك ربـك نـور الحـق مؤتلقـا=كأنه في الضياء الشمـس والقمـر
ورحـت تدعوهـم لله مصطـبـرا=على الأذاة وكم فـي الله تصطبـر
وقلت لو أن شمسا في اليمين لمـا=رجعت في القول لو في أختها القمر
وكنـت تغضـب لله العظيـم ولـم=تكـن لنفسـك والأهـواء تنتصـر
لولا جلالك ما كادوا ومـا حسـدوا=لأنهم في مقام عنـك قـد صغـروا
أسرى بك الله للأقصى على عجـل=فكنت تمضي على شوق وتختصـر
أما العروج إلى الأعلى فـذاك بـه=من الخوارق مـالا يـدرك البصـر
فديت شخصك من هـزء ومنقصـة=ولن ينالوا مقاما منك لـو سخـروا
جل المقام وجل القـدر فـي رجـل=يطيب فيه حديث النـاس والسمـر
يا أيها الغرب ما شوهت من صور=عن النبي ففـي تاريخـه الصـور
بأنـه خيـر خـلـق الله قاطـبـة=وأنـه بجميـل الخلـق مشتـهـر
ولو درى الغرب أنا أمـة جمعـت=صفوفهـا مـا تجـرا منهـم نفـر
وها هـم يعلنـون اليـوم حقدهـم=وبالأساءة نحو المصطفى جهـروا
مـا ظننـا ببـلاد كلهـا عـفـن=رداؤهـا الفسـق والإلحـاد تتـزر
ومـا حضـارة أقــوام بنافـعـة=إذا أهانوا رسـول الله واحتقـروا
يارب زلـل عليـه أرضهـم وأزل=سلطانهم أنـت يـا جبـار مقتـدر
وارسل عليهم إلهي شـد عاصفـة=من العـذاب فـلا تبقـي ولا تـذر
يا رب أمـر مضـر فيـه منفعـة=يكون فيه لنـا مـن بعـده النـذر
به ترى أمتي في الركـب موقعهـا=حتى يكون لها في سعيهـا الظفـر
لعلهـا تستفيـق اليـوم معلـنـة=نبذ التخـاذل لا ضعـف ولا خـور
حقيقة الحب للمختار سيـر خطا=على هداه كمـا قـد أثبـت الخبـر
حقيقـة الحـب أن نحيـا بسنتـه=مستمسكيـن بأمـر منـه نأتـمـر
مهما علا باطل أو صـال صولتـه=فراية الحق يوما سـوف تنتصـر

[عيسى سلامي]

خذوا من العمر تغريـدي وأفراحـي=إني تعشقـت بعـد البيـن أتراحـي
ما عاد لي أرب فـي العيـش بعدكـم=ما عـدت ألمـح إلا طيـف أشبـاح
كـل اللذائـذ ولـت غيـر راجـعـة=وباب أنسي غدا مـن غيـر مفتـاح
دعنـي ألـوذ بشعـري عـل قافيـة=تجلـو الخفـي بتبيـان وإفـصـاح
فكم أكتم وجـدا فـي الحشـا طمعـا=ألا أرى شامتا في النـاس أو لاحـي
إذا أتيـت أداري الحـزن نـم بــه=دمع جرى في خـدودي جـد سحـاح
يا نبتة السعد هل تذوين مـن أسـف=من بعـد عطـر ذكـي منـك فـواح
غنوا اطربوا واهزجوا وانسوا مآسيكم=ولتتركوا خافقـي فـي كـف جـراح
مالي وللأنس مافي الأنس مـن أمـل=وذا الدجى جاثم مـن غيـر مصبـاح
أكلمـا حــط أحبـابـي رحالـهـم=لم ألفهم عن عيونـي غيـر نـزاح
لم يبق لي غير تذكـار أعيـش بـه=وخافـق للقـا المـزعـوم طـمـاح
أنا هنـا كلـف مـن بينهـم دنـف=بي وحشـة مـلأت بالهـم أقداحـي
إذا غفت أعين سامرت مـن حـزن=هموم قلـب رهيـن البـؤس نـواح
وإن تنفـس صبـح جـد بـي ألـم= سيان عنـدي إمسائـي وإصباحـي
حتى الأماني التي قد لحن في خلـدي=أتـى عليهـن يـأس جائـر ماحـي
كم من أناس أتوا من بعدنـا ظفـروا=بمـا يحـب وقـد آبـوا بـأربـاح
أما أنا فخدينـي فـي الحشـا ندمـي=نزعت من حسرة في القلب أوشاحـي

[عيسى سلامي]

لدغ ثعبان أحد أصدقائي وكان شاعرا وأدبيا فبعثت إليه هذه الأبيات





سلمت من الأذى يا ذا اللديـغ=ويا من أنت في القول البليـغ
فيا ثعبـان قـد آلمـت فـذا=حليفـاه النباهـة والنـبـوغ
سكبت السم في جسد شريـف=ورحت بمكرك الواهي تـروغ
أتنهش رجل من يهوى المعالي=كنجم قد بـدا منـه البـزوغ
له همـم توقـد مـن لظاهـا=يؤرقه إلـى المجـد البلـوغ
إذا زاغت قلوب الناس لهـوا=فـإن لـه فـؤادا لايــزوغ
وإن فرغت نفوس من طموح=فما هو عن مطامحـه فـروغ
فريد في القريض بـلا نظيـر=ومن درر الكلام لـه يصـوغ
أيؤذى سامـق الغايـات فـذ=ويسلم خامل هـل ذا يسـوغ

[عيسى سلامي]

في صبيحة يوم الجمعة الموافق للخامس عشر من الشهر الثالث من عام الف واربع مائة واثنين وثلاثين شب حريق في منزلي والحمد لله على قدره.



رب يوم قد كدت فيه أحار=حين شبت في الصبح في البيت نار
يا لطيفًا بالخلق أنت ملاذي=ومعاذي إذا سطت أقدار
فزماني أراه أضحى عبوسًا=وأمانيَّ شأنها الاندثار
نحن من نحن يا إلهي لولا=فيض لطف فامنن أيا ستار
كيف أنسى اللهيب أذكى بقلبي = حسرات وفي الحنايا استعار
تاه عقلي وضل منه رشاد=ومن الهول خطو رجلي عثار
سكنت في الفؤاد لوعة محزون=فأغضيت والفؤاد انكسار
مدت النار كفها فأبادت=كل شيء ودأبها إسعار
وتمطت تجول في كل صوب=بلظاها والموقد التيار
أسقف البيت قد كساها سواد=وخدود الحيطان فيهن قار
هي غرثى وليس تقنع بالنزر=وفي جوفها لظى وأوار
لا تبالي من غلظة ما حوته=أحديد في جوفها أم نضار
قد محت كل نضرة وجمال=وتولت والإرث منها الدمار
أهو بيتي لاء ولا ليس بيتي=إن بيتي له الجمال شعار
إن للبيت في خيالي طيوفًا=كيف أنسى وحالي الإدكار
فهنا فاح أنسنا وانتشينا=في هناء وما بنا أكدار
وهنا يركض الصغار بلهو=ولكم يبهج الحياة الصغار
كل شيء هنا له ذكريات=عطرات قد ضمها الأمس دار
هذه المحنة التي علمتني=معدن الناس والحياة اختبار
يهب الروح في الملمة جار=في سراع منه ويندس جار
وأناس آكلتهم في إناء=فتولوا وبعضهم نكار
أنا لا ابتغي من المال شيئًا=قول لا بأس منهم إعذار
عش كما شئت فالأمور سجال=وزمان الورى بهم دوار
لا تظنن أنه سوف يصفو=لك دومًا وما به أكدار
إن تراءى في أفق عمرك صحو=فارتقب قد تهب فيه الغبار
وأناس لهم مودة قلبي=ولهم من مشاعري إكبار
وهم في الأنام نعم رجال =وهم في خصالهم أخيار
فقهم يا إله كل شرور=وأنلهم خيرًا فهم أبرار
وإذا قدر المهيمن أمرًا=ما لنا في الحياة إلا اصطبار

[عيسى سلامي]

في إحدى الأماسي كنت جالسا في سيارتي أكتب رسالة من جوالي إلى أحد الأصدقاء فانقض لص واختطف الجوال من يدي

فــي ليـلـة كـنـت مـسـرورا بـجـوالـي =جعلتـه فــي يــدي مــن أجــل إرســال
فجـاءنـي ذلــك الـلـص الغـلـيـظ وقـــد=هــوى عـلـيـه بـــلا رفـــق وإمـهــال
قـد كـان فـي مأمـن فـي كـف صاحـبـه=فصـار فــي رهـبـة مــن كــف نـشـال
آه عـلـى سـابـع ولــى وقـــد سـلـمـت=أحـشــاؤه مـــن معـيـبـات وأعــطــال
قـد بـات قلبـي فـي حــزن وفــي ولــه=والـنــار تـشـعــل فــيــه أي إشــعــال
والدمـع مـن لوعـة فـي الـخـد أسكـبـه=كمـثـل غـيـث بـمــاء الـمــزن هـطــال
قـد كـان يسمعنـي صـوت الحليـلـة إن=شـــدت إلـــي عـلــى بــعــد بــمــوال
واسـمـع الـحــب مـنـهـا فـــي تـدفـقـه=ينـسـاب مــن لفظـهـا عـذبـا كـشــلال
وكـم سقـت خافقـي مشـبـوب عاطـفـة=أنـسـى بـهــا كـــل إرهـــاق وإمـــلال
وإن رحلـت عـن الـدار السعـيـدة كــم=ألقـى بـه فـي اشتيـاق صـوت أطفالـي
هــو العنـيـد لـمـن قــد جـــاء يطـلـبـه=محـصـن النـفـس فــي رقــم وأقـفــال
بـه الشريحـة قــد حــازت فـرائـد مــا=لــهـــا شـبــيــه ولامــثـــل كـأمــثــال
بــه كفـيـت عـنـا الأسـفـار واتصـلـت=وشـائــج لـــذوي الـقـربــى بـتـســآل
يـا حسنـه إن شــدا باللـحـن يطربـنـي=ويـطـلـب الـــرد فـــي تـــو وإعـجــال
ماالبـرق مـا الريـح إلا دون سرعـتـه=فـي نقـل صــوت بــلا عــدو وإرقــال
حـتـى ولــو لــم يـكـن يغـلـو بقيـمـتـه=لـكـنـه فـــي فـــؤادي دائـمــا غــالــي
وحـبـه فــي الحـشـا مــا زال يسـكـنـه=ومــا أنــا فــي الـهـوى عـنـه بـمـيـال
ولـو مضـى زمـن مــن حـيـن فرقـتـه=فمـا أنـا العمـر عــن ذكــراه بالسـالـي
قــد بــث آهــات قلـبـي فــي تـشـوقـه=وكــم ســرى عـبـر أجــواء بـأقـوالـي
وكنـت أعلـن فـي وصـل لـديـه هــوى=ولــم أبـــال بـمــا قـــد قـــال عـذالــي
إنــي لأحـســد مـــن حـــازت أنـامـلـه=جــوالــه عــنــد إصــبــاح وآصـــــال
إذا تــرنـــم فـــــي بــشـــر يـقـبــلــه=ويـحـتــويــه عـــلـــى ود وإقـــبــــال
وإن شـكـا قـلــة فـــي الـشـحـن زوده=يـرعـاه دومــا عـلـى حـــل وتـرحــال
يبيـت غيـري فـي أنــس وفــي فــرح=يـنــام مغتـبـطـا فـــي قـــرب جــــوال
أمـــا أنـــا فلـهـيـب الـبـيـن أحـرقـنـي=وصـيــر الـقـلـب فـــي هـــم وبـلـبـال
فــيــا مـحـافــظ جــنــد قــــوة فـلـقــد=بــات الأنــام عـلـى خــوف وأهـــوال
صعب على الناس أن يحيوا على حذر=مــن اللـصـوص ومــن جــان وقـتـال
حـتــام نـتــرك هـــذا الأمـــر يقلـقـنـا=ونـرتـدي ثـــوب تـسـويـف وإغـفــال
يا شرطة الأمـن جدوا السعـي فـي دأب=إلــى القـضـاء عـلـى لـــص ومـغـتـال
فـكــم سمـعـنـا مـــع الأيـــام جعـجـعـة=ولـم نــر الطـحـن فــي عــزم وأفـعـال
فــمـــا يــؤجـــل إحــجـــام لـعـاجــلــة=ولا يــعــجـــل إقــــــــدام بــــآجــــال
إذا تحـقـق أمــن الـنـاس وانـتـشـرت=أفـيــاؤه بـــات كــــل نــاعــم الــبــال
وغرد الطير فـوق الغصـن مـن طـرب=لمـا صفـا العـيـش فــي نعـمـى وإدلال
لا يجعـل النـاس فـي أمـن وفـي دعــة=إلا إذا العـيـش مـــن أكـــداره خـالــي

[عيسى سلامي]

وداعا وداعـا أيـا جدتـي=لفقدك حزنا جـرت دمعتـي
جرعت بموتك كأس الأسى=فكانت كصاب لدى الجرعـة
نعيـت إلـي فحـرق قلبـي=لهيب كوانـي مـن الفجعـة
سرى نبأ أرق الطرف منـي=ففارق جنبي عـن الهجعـة
ورؤية عيني سريرك خلـوا=يئن لقـد زاد فـي لوعتـي
ولولا بشائـر خيـر تجلـت=لقد كدت أهلك من جزعتـي
فيا لهف نفسي عليها تولـت=وأودعت القبر فـي الجمعـة
عصامية كنت في العمر لمـا=دعوت بنيـك إلـى الرفعـة
فصاروا يغذون للرزق كسبـا=بغيـر تـوان ولا ضجـعـة
دفعت بهم كي يخوضوا حياة=فعاشوا كرامـا مـن الدفعـة
وقد كنت في الرأي مثل رجال=يبتون أمـرا بـلا خضعـة
فيا رب فاغسل لحوبات نفس=لتأمن في القبر مـن روعـة
ويارب فامـلأ فـؤدا بأمـن=إذا خاف ناس لدى الفزعـة
أأماه صبـرا فهـذا مصيـر=نسيـر إليـه بـلا رجـعـة
هو الموت قد مد كفـا إلينـا=ولابد للنـاس مـن صفعـة
هو الموت فينا كتاب مبيـن=وليـس بخبـط ولا قرعـة
ومهما نعش أو يطل عمرنـا=فلا بد يوما مـن الصرعـة
وكـل ابـن آدم لاق مماتـا=وليس بنـاج مـن النزعـة
نعيش حيـاة بنـا تتقضـى=ويمضي بنا العمر في سرعة
ونعشق دنيـا لعوبـا كذوبـا=تلوح كمـاالآل فـي اللمعـة
إذا وقع الخطب في ساح قوم=أضـر وآلـم فـي الوقعـة
وإن لسعتهم صروف الليالي=فكم توجع القلـب باللسعـة

[عيسى سلامي]

أقبلـت بالبشـرى وبالرحمـات=وأتيت توقظنـا مـن الغفـلات
وأتيت تسكب في ضمائرنا هدى=وتشيع فينا الخيـر والبركـات
يا أيها الشهر المبارك طر بنـا=نحو السمو على صدى الآيـات
حلق بنا في عالـم تصفـو بـه=كل النفـوس وترتقـي بثبـات
حلق بنا نسمو علـى أهوائنـا=ونصد ثورة جامـح الرغبـات
هذي نفوس المؤمنين تشوقـت=لقدوم شهر الصوم والصلـوات
لتعب من نهر يفيـض هدايـة=ولتستقي من نبعـه الرحمـات
أواه من نفس أضر بها الهوى=وتعلقـت باللهو والشـهـوات
كم أسرفت في الغي تنفق وقتها=في التيه في الأحلام في النزوات
في كل أمر ساقـط يدنـو بهـا=ويحلها فـي أسفـل الدركـات
رمضان يا غيثا همـى متدفقـا=يروي نفوسـا للهدى ظمئـات
رمضان يا نورا يشع على الدنى=قبسا فيطـرد حالـك الظلمـات
رمضان يا دنيا السعادة والرضى=يلقى بها الإنسان صفـو حيـاة
يا روضة بالعطر فـاح أريجهـا=ذكرا مـن القـرآن والدعـوات
يا دوحة طابت جنـى فثمارهـا=تدنو لقطـاف مـن الخيـرات
يـا عاصيـا لله سائـر عامـه=هذا مجال العفو عـن هفـوات
يا مولعـا باللهو طيلـة عمـره=هـذا سبيـل المحـو للـزلات

[عيسى سلامي]

وداعا وقلبي من لظى الحزن يحرق=أكاد بدمع العين يا شهـر أشـرق
أتيـت وكـل المؤمنيـن تلـهـف=وفـي كـل قلـب للقـدوم تشـوق
أتيت بأنهـار مـن البـر والتقـى=وقلت لنا ذا المورد العذب فاستقـوا
فرحنا على شوق من الخير نرتوي=وأعمالنا فـي رحلـة البـر زورق
وتسمو بنـا أرواحنـا فـي تألـق=تطير بنا عـن كـل سـوء تحلـق
تظللنـا دوحـات بــر وطـاعـة=فقد طاب جني الخير والغصن مورق
وودعتنا يا أيها الشهر راحلا=وفي كـل قلـب لوعـة وتحـرق
فآه على شهـر تولـى وصرمـت=ليـال لـه بالخيـر كانـت توثـق
جداولـه بالخيـر فـاض مسيلهـا=وتصفـو لكـل الناهليـن ترقـرق
تنافـس فيـه المؤمنـون ببرهـم=وفي عمل الطاعات ذا السبق أخلق
به ليلـة قـد شـرف الله قدرهـا=وفيهـا مقاديـر العبـاد تـوثـق
وبانـت لياليـه الحـسان سريـعـة=تضـوع بالذكـر المجيـد وتعبـق
بـه أوجـه للصائميـن تـنـورت=تكاد أسارير مـن البشـر تبـرق
هنيئا لنفس تبتغي الهـدي مطلبـا=وتسعى إلى جني الفـلاح وتسبـق
ويا سعد من قـد صـام لله راغبـا=ثوابا ويخشى من عقـاب ويشفـق
ولله أقــوام يبيـتـون سـجـدا=لهم ألسـن بالذكـر والآي تنطـق
فيا صائما في يومه أبشـرن بمـا=سيعطيك مـولاك العظيـم ويغـدق
فذلـك فضـل الله يعطـي عبـاده=ويمنحـهـم جنـاتـه ويـوفــق
وعدنـا بعفـوالله فـي كـل ليلـة=ومن ناره ننجـو بفضـل ونعتـق
ونفرح عند الفطر بالصـوم فرحـة=تبلغـنـا آمـالـنـا وتـحـقـق
فنلقى إلـه يجـزل الفضـل منـة=ويعطي أجور الصائميـن ويـرزق

[عيسى سلامي]

فيفا بلدة تقع في جنوب السعودية تمتاز بطبيعتها الخلابة وجمالها الساحر زرتها ورفقة أعزاء فكانت هذه المشاعر


سأحيا مغرما كلفا بفيفا = وعن عشقي رباها لن أحيفا

إذا ذكرت فلي بين الحنايا = فؤاد ظل للقيا شغوفا

يؤرقني النوى فيفيض دمعي = فأزجر خافقا قلقا أسيفا

أعلل نفسي الولهى بوصل = وأرقبه إذا ما قيل سوفا

ولو لبى الزمان عزيز قصدي = أطلت بحضنها الزاهي وقوفا

بلاد قد كساها الله ثوبا = قشيبا والجمال بدا صنوفا

تردت سندسا فزهت وماست = وأبدت للعيون بها الطريفا

وللشمس احتجاب في حياء = كأن بها وما كسفت كسوفا

فيا لله من شم تسامت = لتتخذ السحاب لها سقوفا

تألفت الغيوم بها وجادت = بودق سح في الأرجا وكوفا

نصيف الغيد أسود في حجاب = وأخضر دوحها جعل النصيفا

إذا ما غيرها لفحت بقيظ = وكان زمانها في الناس صيفا

تعشقها الربيع بكل فصل = وتهجر كل أزمنة خريفا

تفاوح نبتها وزكاأريج = وهب نسيمها الهادي شفوفا

وغنى الطائر الصداح لحنا = يهيج عاشقا ذكر الأليفا

أتيت لها وأربعة عقود = وست أشبهت في اللمح طيفا

فعدت كيافع وصفا زماني = ورف السعد في قلبي رفيفا

[عيسى سلامي]

أتـــوك يــــارب أجـنـاســا وألــوانــا= يرجـون يـارب مـنـك الـيـوم غفـرانـا
أتــوك يــارب والأشـــواق تحمـلـهـم =إلـى المشاعـر أضحـى القلـب ولهانـا
أتـــو إلـيــك وشــــرع الله وحــدهــم=فأصبحـوا فـي رحـاب الـديـن إخـوانـا
ذابـت فـروق وأجنـاس فليـس سـوى=تـقـوى الإلــه بـــدا فـرقــا ومـيـزانـا
شدوا المطايا إلـى الرحمـن وارتحلـوا=كــل يــروح لـجـنـي الـخـيـر جـذلانــا
مهامـه الـدرب خـضـر بـيـن أعينـهـم=ويبـصـرون جـديـب الأرض بسـتـانـا
والبيـت هــش لمـرآهـم وقــد وفــدوا=كـأنـمــا اهــتــز احــجــارا وأركــانــا
وفـي منـى كـم أمـان للنـفـوس بــدت=ترجـو مـن الله صفـح الذنـب غفرانـا
قد ذرفوا الدمع من خوف ومـن طمـع=إلـى رضـاك أذاعــوا الـيـوم أشجـانـا
يـارب فارحـم نفوسـا أجهشـت نـدمـا=قــد اصطـلـت بلـظـى الآثــام أزمـانــا
جاءتـك يـارب ترجـو مـحـو حوبتـهـا=والــدمــع يـغـســل أوزارا وأدرانــــا
لم يلههـم أمـل فـي العيـش حيـن دعـا=داع أتـــــوه زرافـــــات ووحـــدانـــا
ما غرهم من سراب العيش لمع هوى=يـغــري ويـسـلــب لـلألـبــاب فـتـانــا
لكي يعودوا بصحـف مـا حـوت دنسـا=فشابهـوا فـي خلـوا الصحـف ولـدانـا
شــدوا بلبـيـك ذكــرا عابـقـا عـطــرا=فاستعـذب الكـون هـذا الشـدو ألحـانـا
وراح يصـغـي لتـرديـد وقــد هـتـفـت=كــل البـقـاع وأمـسـى الـكـون آذانـــا
كــل البـقـاع زهــت أنـسـا بمقـدمـهـم=وجـه البسيطـة أضحـى اليـوم مزدانـا
هــم يلهـجـون بـذكـر الله دون ونـــى=يستمـطـرون سـحـاب الـعـفـو هـتـانـا
هاهم وقد لبسوا ثوب الخضـوع وذي=نـفـوسـهــم أذعـــنـــت لله إيــمــانــا
لله زوار قــد جـــاش الحـنـيـن بـهــم=حتـى استحـال حنـيـن القـلـب بركـانـا
وفـي السمـوات قـد باهـى الإلـه بـهـم=مـلائــكــا إذ أتــــــوا ذلا وإذعـــانـــا
واستبشروا يا عبادي قد غفـرت لكـم=لمـا قصدتـم عظـيـم الصـفـح رحمـانـا
ســمــت نـفـوسـهــم لله وارتـفــعــت=عن حمأة الطين عـزت بالهـدى شانـا
وما رموا شاخص الأحجار حين رموا=لكنهـم قـد رمـوا فـي النفـس شيطـانـا
تـنــزلــت رحــمـــات الله تـغـمـرهــم=وكــم فــؤاد حــوى بـشـرا وسـلـوانـا
مدوا الأكف إلـى الرحمـن فـي شغـف=وأصبـح السـر فـي الأضـلا ع إعلانـا

[عيسى سلامي]

على فقد سلطان تســـــيل المدامـــع = وتزداد في طــــــــي القلوب المواجع

سنأوي إلى الصبر الجمـــــيل فإنـه = من الجزع المذموم في النفـس مــــانع

أيا خـــــادم البيتين صـــبرا فكلـــنا = مصاب وكل الشعب في الحــزن راتع

وما مات سلطـــان وهذي مـــــــآثر = تلوح لانظـــــــــار وتــــــبدو صنائع

نــــــــعزيك عبدالله فيه وكلـــــــنا = لما قدر الرحمــــــــن راض وخاضع

وليس لنا في رد ذا الموت حـــــيلة = وليـــــس لــــــــنا مما قضى الله دافع

هوالموت حتــــم في البرية مـــاله = مرد وأمـــــــــــر الله في الناس واقــع

ولما أتى خـــطب بفقدك صــغرت = خطــوب وهانت في النــفوس الفواجع

وداعا وهذا الخطب أدمى قلوبـــنا = وفقدك في الأضــــــلاع كالنــار لاذع

أبا خالد والــــــناس بعدك اثـــكلوا = وكلـــهم مــــــر المصــــــــيبة جارع

عطاؤك مدرار وثــــغرك باســـم = وعطـــــــفك فيـــاض وصدرك واسع

حليف الندى والجود كم لك من يد = تســــــح وكـــم في الخير ذكرك ذائع

إذا ما دجى ليل الخطوب أنـــرته = برأي ســـــــديد فـــهو كالفـجر ساطع

تحملت ياذا الفـــــذ ثــــــقل أمانة = وخادنك الإخــــــــلاص مذ أنـت يافع

وزير دفاع ما ونيت بهــــــــمة = تذود وعن هـــــــذي البـــــــلاد تدافع

يهابك أعداء ويدحـــــــر معـــتد = ويمنع ذو غدر ويردع طــــــــــــامـع

وإسمك مقـــرون بخيرو أنت من = إليه أيا سلـــــــــــــطان كنــت تسارع



تفيض الأكف البيض منك نوائلا = فما هـــــــــــــــي إلا للعطاء مـنابع

وماهي إلاالمزن قد فاض غيثها = عميمـــا على الملهوف تلك الأصابع

سيبكيك يا سلطان صــاحب فاقة = أضــــــر به فـــــــــقر وينــدب جائع

ويبكيك ذو يتم منحـــــــت فؤاده = حنانا وضمتــــــــه بعطف أضــــالع

إذا ما رحلت اليوم فالكل راحل = وكل إلى الــــله المـــــهيمن راجــع

[عيسى سلامي]

أقام أحد الأصدقاء وليمة عرس لكنه نسي أن يدعوني إليها فداعبته بهذه الأبيات


تـهـيـبـت مــنــي أم ظـنـنــت بـأنــنــي =سأأكل ما أعددت للضيـف فـي العـرس
ومـــا مـطـمـعـي إلا بـتـيــس مـفـطــح=أقـوم علـى صحـن أخـص بــه نفـسـي
وإن رمــت أن أعطـيـك فـيــه مـقـابـلا=نقدتـك مــا تصـبـو إلـيـه مــن الفـلـس
تـلـفـت مـــا ألـفـيـت غـيــري بـبـيـتـه=وكـل غـدا للأكـل فــي سـاعـة الأنــس
مـدحـت فـمـا أجــدى الـمـديـح وإنـمــا=غـدوت أنـا المتـروك عنـدك والمنسـي
لقـد كنـت فـي عينـي فـي القـدر غاليـا=وكنت أنا فـي العيـن عنـدك فـي بخـس
لـقـد بــت فــي لـيـل الوليـمـة ضـائـقـا=كأنـي مــن أحــزان قلـبـي فــي حـبـس
وقـد بــات ينـعـى لــي لحـومـا شهـيـة=ويندبهـا نابـي الكئـيـب مــع الـضـرس
تــوهــم قـلــبــي أنــنـــي ذو مـكــانــة=لديـك وأنـي فـي المقـام عـلـى الــرأس
ففاجـئـنـي مــنــك الـتـجـاهـل عــامــدا=وقويت ما في النفس من واهن الحدس
تكـلـمـنـي أهــلــي أصــبــت بــفـــادح=فقلـت حرمـت اليـوم مـن لــذة التـيـس
هــو الـحـظ فــي الـدنـيـا فـذلــك آكـــل=لحومـا وذاك العمـر بـاق علـى نـحـس
أمـــر وفـــي قـلـبـي لـهـيــب وإنــنــي=لأشتم ريح اللحـم مـن مغـرب الشمـس
تربـصـت لـمـا لــم أجــد لـــي داعـيــا=رجعـت إلـى همـي وعـدت إلـى بؤسـي
وقــد كـنـت وقـافـا إلــى جـنـب بيتـكـم=لعلـلـك تلقـانـي وتـخـبـر فـــي هـمــس
وسـامــرت جـوالــي لـعـلـي أرى بـــه=لـك الرقـم تدعونـي فأصبـح فـي أنـس
لقـد كنـت أخشـى باقيـا صــار مـهـدرا=وخشية أن يمضي إلـى الكلـب والبـس
عـذرتـك فــي لـحـم الـريــاض لـبـعـده=فما عذرك المقبـول فـي رميـة القـوس
وكــم حـاولـت نفـسـي التـقـرب إنـمــا=رأيتـك تقصيـنـي كـأنـي عـلـى رجــس
أتـحـسـب أنـــي قـــد تـبـلـد خـاطــري=وأنـي بيـن النـاس مــن دونـمـا حــس
لأن كـان مـن دأبــي السـكـوت فأنـنـي=لأعرف ما يرضي الرجال ومـا يؤسـي

[عيسى سلامي]

حين أزمع أحد الأصدقاء السفر إلى بريطاتيا كانت هذه المشاعر


وداعا وداعا ذا الحبيب أبا الحسن = وداعا وقد أزمعت نأيا عن الوطن

لئن كنت قد أزمعت نأيا فإننا = لتؤلمنا فرقاك يا صاحب المنن

نودع فذا قد نوى الغربة التي = إذا فاجأت قلبا فمن وجده يئن

إذا قدر الله المهيمن فرقة = وسالت دموع العين من لوعة الحزن

فليس لنا إلا اصطبار على النوى = وإن ظل قلب المرء في الشوق مرتهن

وكل غريب عائد نحو داره = وإن قاده أمر إلى البين والضعن

سنبقى على نار من البعد ريثما = تعود إلينا سالما يا أبا الحسن

يودعك الخل الوفي وإنه = ليذكر عيش الأنس في سالف الزمن

سيحيا على ذكراك يرقب عودة = يصير قلبا ملؤه الشوق والشجن

لقد عاش لم يحسب فراقا لخله = هما امنزجا روحا وإن فرق البدن

إذا ما دجى ليل الفراق فبعده = صباح يجلي ظلمة البين والدجن

وإن طار عصفور عن الوكر عائد = إلى عشه بهفو إلى الروض والفنن

تجشم منك النفس صعبا وتبتغي = سموا وإن لاقيت في دربك المحن

تصبر على البين المشت ففي غد = ستقفل رجاعا إلى الأهل والسكن

هو العيش في الدنيا وصال وفرقة = وتلكم هي الأحوال في الكون هو السنن

ومن رام مجدا في ارتحال فليس من = صواب إذا ماكان في داره قطن

إذا ظل ماء النهر لم يجري راكدا = يصيره طول الركود إلى الأسن

أرى كل درب فيه سرت ملوعا= سيبقى إلى لقياك في لهفة يحن

وهل يا ترى ينسى مجيئك خيمة = جلبت لنا أنسا ودبجت كل فن

تصبر فما الأعوام إلا كلمعة= لبرق ستمضي كي تعود إلى الزطت

[عيسى سلامي]

امرأة أصيب ولدها الوحيد بشلل أقعده بعد أن بدأت ترى فيه مخائل النفع بعد وفاة أبيه
والأبيات التالية قلتها على لسانها تعاطفا معها





كلـمـا لاح لـــي مـــن الـسـعـد بـــدر=داهـمـتـه مـــن الـشـقـاء ســــوادف
يــا مصـابـا أذكـــى الـغــؤاد لهـيـبـا=حيـن أصمـى وصيـر الجـرح نـازف
وريـــاح الألام تـعـصــف بـالـنـفـس=فـتـرتــاع كـلـمــا هــــب عــاصــف
عـثـر الـحــظ فـــي دروب الأماني=لدهـري كــم صــار للـمـر قــاذف
أتـلـوى مــا طــاب لــي مــن مـهــاد=ومـن السهـد قـد جـفـوت المـطـارف
لا تلـومـوا وقـــد تـوالــت خـطــوب=وغـدا اليـأس فـي الجـوانـح عـاكـف
لا تـلــومــوا إذا بـكــيــت فـدمــعــي=من لظى الحزن في دجى الليل واكف
كــــم بـنـيــت الآمــــال كـيـمــا أراه=فـــي حـيـاتـي مـعـاونـا ومـسـاعـف
كـنـت أرجــو حـنـوه حـيـن ضعـفـي=لأراه بــــنـــــا ودودا ورائـــــــــف
كـنـت أرجــوه بلسـمـا حـيـن دائـــي=وإذا مـــا قـســا زمــانــي عــاطــف
غـيــر أن الـقـضـاء بــــدد آمالي=فقد كــــان لـلـسـعــادة خــاطـــف
يـــا وحـيــدي وعـدتــي وعــتــادي=أنــت بــدر لـكـنـك الـيــوم خـاســف
رب هــذي أنـــا شـكــوت هـمـومـي=وغمـومـي وأنــت بالـحـال عـــارف
لـيـس إلاك يـصـرف الـحـزن عـنـي=ويسـلـي الـفـؤاد يــا خـيـر صــارف
لـيــس إلاك مــــن يـجـلــي عــنــاء=أنـــت يـــارب للمـصـيـبـة كــاشــف
أصبـح الأبــن قـيـد ضـعـف كسيـحـا=بـعـد أن كــان فــي الفـتـوة واقـــف
واستحـال اللذيـذ فـي العيـش صـابـا=حيـن صـار الـفـؤاد للعـيـش عـائـف
يـــا بـريــق الآمـــال مـــا أنـــت إلا=كـســراب يـلــوح وســـط التـنـائـف
يــا بـريـق الآمـــال كـذبــت وعـــدا=مـا علمنـا مـن يقـصـد الآل راشــف

[عيسى سلامي]

إلي قرية الحبيبة أهدي هذه المشاعر




سوف أشدو لقريتي بقصيـدي=فهواها قد صار نبض وريـدي
كم يظل الفؤاد فيهـا سعيـدا=وإذا مـا نـأى فغيـر سعيـد
أنت حسنـاء فلتتيهـي دلالا=وانفحينـي بمائجـات الـورود
أنا أصبحت في هـواك أسيـرا=ومن العشق موثقا فـي القيـود
يا ابنة الحسن كل صب تملـى= فيك حسنا يقول هل من مزيـد
أنت من أرضع الحنـان كـأم=في اشتياق تحنو علـى المولـود
أنت يا قريتـي سـلام وأمـن=وسلو وفيك يخضـر عـودي
أنت للقلب فرحـة وابتسـام=وهناء وفيك يكمـل عيـدي
فيك معنى السلو يطـرد عنـي=كل هم وكل عيـش كـؤود
أنت بين القرى عروس تحلـت=لبست في القشيب أغلى بـرود
لا تظنـي أن الفـؤاد سيسلـو=إن ترحلـت للمكـان البعيـد
رسم الله لوحـة مـن فتـون=في مغانيك كل فجـر جديـد
رحت أصغي للحن يعزفه الوادي=خريرا يفـوق أحلـى نشيـد
وإلى الطيـر ساجعـات تغنـي=فتثيـر الأشـواق بالتغـريـد
وعلى الضفـة البديعـة نبـت=فاح عطرا فهاج وجد العميـد
وإذا الغيث زار أرضك مشتاقـا=لينـهـل لاثـمـا للصعـيـد
عندها تلتقي السمـاء بـأرض=فـي لـقـاء محـبـب وودود
فترى الكل في ابتهـاج وأنـس=لحظـات مليئـة بالسـعـود
وعلى المرتقـى أنـاس أطلـوا=سرحوا الطرف في الجمال الفريد
فاسلمي قريتي ودومـي مـلاذا=لمعنـى وفـي الحيـاة شريـد
لا يرى فـي البعـاد إلا عنـاء=مولـع بالبكـاء والتسهـيـد
هو فـي البيـن ظامـئ للقـاء=يتمنـى أن يشتفـي بالـورود
مطلق الهم موثق السعـد يحيـا=بفـؤاد عـان وفكـر شـرود
وإذا ما ارتمـى بحضنـك ولـى=عنه حزن وصار جـد سعيـد
فيك يا قريتي شبـاب أناخـوا=كل صعب يهوون درب الصعود
ورجال عنـد الملمـات لبـوا=صوت داع لم يرتضوا بالقعـود

[عيسى سلامي]

توفي شاب من بلدتنا وكان معروفا بطيبه وحسن خلقه فتأئر لوفاته كل من عرفه
وهذه القصيدة رسالة مواساة لوالديه


أبـتـاه لا تـحـزن عـلــي فـإنـنـي=ماض إلـى الجنـات أطـرق بابهـا
ورحلت من دنيـا العنـاء مسافـرا=نـحـو النعـيـم وتـاركـا أوصابـهـا
أبـتــاه ماالـدنـيـا بـــدار إقــامــة=والنفـس فيهـا تستـحـث ركابـهـا
مهما يعـش حـي بـذي الدنياففـيي=ـيوم تـفــارق نـفـسـه أحبـابـهـا
أبتـاه كـم هــذي الحـيـاة حقـيـرة=مــرا تـبـدل شهـدهـا ورضابـهـا
الآن يــا أبـتــي عـلـمـت بـأنـمـا=دنيـاكـم زيــف عـرفـت كـذابـهـا
أمــاه لا تـأسـي عـلـي وكفكـفـي=لدمـوع عينـك وامنعـي تسكابهـا
أمـاه إن غـادرت عيـشـي يافـعـا=فالنفس وفـت فـي الحيـاة كتابهـا
ونعمت في الجنـات ألقـى عيشـة=مـرضـيــة متـنـشـقـا أطـيـابـهــا
لاحـت لكـم يـوم الـوداع بشـائـر=أنـي وقيـت مـن الجحيـم عذابهـا
وتفتـحـت أبــواب جـنـة خالـقـي=فدلـفـت أنـظـر ساحـهـا وقبابـهـا
إني استرحت مـن الحيـاة وكدهـا=ورحـلـت منـهـا هـاجـرا أتعابـهـا
ومنعـت فـي هـذي الحيـاة تكالبـا=ومطامـعـا قــد أبــرزت أنيـابـهـا
وكفيـت دنـيـا كــم تـلـوح كـغـادة=حسناء قد سفرت تزيـل حجابهـا
لاحت لكل العاشقيـن وقـد جـروا=من خلفهـا هـم يطلبـون سرابهـا
كـم خاطـب أفـنـى الحـيـاة تمنـيـا=لوصالهـا حـتـى تــذوق صابـهـا
لـمـا تكـشـف غـدرهـا ومطالـهـا=بوعودها هو في السجايـا عابهـا
طـبــع الـحـيـاة تـقـلـب وتـلــون=فـإذا صفـت فالهـم يومـا شابـهـا
أأخـي احـذر مـن غـرور زائــف=عجل لنفسـك فـي الحيـاة متابهـا
واجمـح رغـاب لذائـذ مسـعـورة=فالنفس تسمو إن جمحت رغابها
هـذي الحيـاة مراحـل مــن قــوة=أو شيبـة فاغـنـم أخــي شبابـهـا
واكسب أخي ذخائـرا مـن صالـح=وارجـع لنفسـك واكثـرن عتابهـا
أأخـي مـازالـت لعـمـرك فـرصـة=فاطلـب نجـاتـك واتـبـع أسبابـهـا

[عيسى سلامي]

حصل أحد الزملاء على الدكتراه في الأدب فكانت هذه القصيدة



أتـيـت قـنـا وبــي شــوق=وقـلـبــي لـلـقــاء صــبـــا
قـيـا دكـتــور خـــذ مـنــي=شـعـورا جـــاء مقتـضـبـا
فـلـســت مـوفـيــا حــقـــا=ولــــو حـمـلـتـه الـكـتـبــا
رأيـــت زيـارتــي أمــــرا=عـلـي الـيـوم قـــد وجـبــا
وشـوقــي مــــن تــوقــده=يحـاكـي يــا أخــي اللهبــا
فــؤادي لــم يـــزل بـــاق=عـــلـــى ود ومـاانـقـلـبــا
وإن شــطـــت بــنـــا دار=فعـنـك القـلـب مااغـتـربـا
ولـســت بـنـاسـي زمـنــا=مــددنــا حـبــنــا سـبــبــا
صـــلات الـعـلــم والآداب=قـــد كـانــت لـنــا نـسـبــا
ونـجـمــع كـــــل فــائـــدة=ونـجـنــي كـل ـمــا عــذبــا
وخـيـمـة ودنــــا دامــــت=ولــم نقـطـع بـهـا الطنـبـا
ونــهــر الـــــود دفـــــاق=ومـا هـو جــف أو نضـبـا
عرفتـك خـيـر مــن طلـبـا=ودرب الخـامـلـيـن أبــــى
عـرفـتــك مـخـلـصــا ودا=عرفتـك خيـر مـن صحبـا
طـمـوحـك دائـمــا يـعـلــو=يـفـوق النـجـم والشـهـبـا
بــعــزم مــنـــك وثـــــابب=ـلـغـت الـمـجـد والـرتـبـا
ومـنــك الـقـلـب طــمــاح=إلــى العلـيـاء قـــد وثـبــا
جـريـت مـحـصـلا مـجــداإ=ذا بـعــض الأنـــام حـبــا
بـــإقــــدام وتــضــحــيــة=فسـهـلـت الـــذي صـعـبـا
لأنـــك صــاحــب الــجــدالـ=لـذي لــم يـعـرف اللعـبـا
نقشـت الـدرب بالإصـرا=ركـيـمــا تـبــلــغ الأربـــــا
ولـيـس يحـصـل العـلـيـاء=إلا مـــــن لــهـــا تـعــبــا
وكم مـن ليلـة فـي البحـث=بــــت تـسـامــر الـكـتـبــا
فرائد صغتهـا فـي البحـث=كــانــت تــعــدل الـذهـبــا
ورحـلــة حـمـعــك الآداب=ما تشـكـو بـهـا النصـبـا
وما ضاعت سنين الدرس=أو ولـــت عـلـيــك هــبــا
طمـوحـك لـلـذرى يسـمـو=يطـاول يـا أخــي السحـبـا
وسيف علومك المصقـول=مــــا يــومـــا أراه نــبـــا
جــــواد طــلابـــك الآداب=مــــا يــومـــا أراه كــبـــا
علـمـت فــؤادك الـتــواق=فـــي الآداب قـــد رغـبــا
ومــنــك الــذهــن وقــــاد=ومـنـك العـقـل قــد نـجـبـا
ونـــور الـفـكــر وهــــاج=ومــا يـومـا لـديــك خـبــا
حـويــت مـعـارفـا شـتــى=وحـــزت الـعـلـم والأدبـــا
نشـيـدك يــا أخــي لـحــن=كـمـثـل الـشـهـد منسـكـبـا
وتـأسـرنـا بــــه صــــور=ومـنـه اللـفـظ قــد عـذبــا
وكــــم رقــصــت قـافـيــة=وكــم مــن سـامـع طـربـا
وكــم رصـعـت مــن نـثـر=قـــرأت بمـتـنـه الـعـجـبـا
فـلـفـظــك مـشــبــه دررا=رأيــتــك فــيــه منـتـخـبـا
ومــن يلـقـك يـجـد أنـسـا=وذلــك خـيـر مـــا كـسـبـا

[عيسى سلامي]

توفي شاب في بلدتنا في ليلة عرسه فكان هذا الخطب الجلل دليلا على حقيقة الدنيا الزائفة إذ جمعت بين العرس والمأتم في ليلة واحدة في بيت واحد



أيولد المأتم من عرس=سبحان ذي القدرة والبأس
أضداد هذا الكون من حكمه=يبدل الأنس إلى تعس
تحول الفرح إالى ترحة=وانقلب الأمر إلى عكس
وأخرس البلبل من بعدما=بات يغني اللحن في جرس
وانقض ليل الحزن في بغتة=بعد نهار مشرق الشمس
وانفض شمل السعد واستوحشت=دار وولى موكب الأنس
حاولت حبس الدمع لكنني=لم أستطع للدمع من حبس
كم هذه الدار أضرت بنا=كم لوعت بالحزن من نفس
تذيقنا المر بأحداثها=تعسا لهذي الدار في تعس
إذا ارتقى فيها الفتى طامعا=بقاء عيش رد في نكس
أو ارتدى ثوب هناء فما=دامت عليه هناءة اللبس
وإن دهاه اليوم خطب جرى=أنسى الفؤاد سعادة الأمس
حكت لنا في العمر أضدادها=من يمن إقبال ومن نحس
هذا بخفض العيش في نعمة=وذاك من دنياه في بؤس
تنذر إن تمت فؤاد الفتى=أن تمام العيش في بخس
فبينما الإنسان في أهله=في بغتة تحث الثرى يمسي
يرحل من دنياه مستسلما=إلى الفنا في وحشة الرمس
ما اخضر عود العمر إلا ذوى=وإذا استقام هوى إلى وكس
لا يدفع المرء قضاء أتى=ولو توقى منه بالترس
وإنما المقدور لا ينثني=فالأجل المحتوم في طرس
كأس الردى دائرة في الورى=لابد من شرب لذي الكأس
مابالنا نسدر في غفلة=أعندنا في الموت من لبس
نشيد الآمال في عمرنا=ونبتني الحلم على حدس
يكفيك يا موت عظات فقد=أفصحت لو أنك من خرس
يكفيك يا موت عظات فهل=أيقظت فينا نائم الحس
طرقت حتى باب أفراحنا=كدرت حتى ليلة العرس
عكرت حتى صفو أحلامنا=سلبت حتى ساعة الأنس
نشكو إلى الرحمن من غفلة=نشكو إليه تمرد النفس
نشكو ضياع العمر في لهونا=نشكو فعال السوء والرجس
أبا حسين أنت علمتنا=صبرا على الضراء والبأس
أبا حسين أنت أعطيتنا=درسا على الصبر لدى الدرس
أبا حسين هذه سنة=في الخلق من جن ومن إنس

[عيسى سلامي]

دعاني الأصدقاء إلى وجبة عشاء دسمة على تيس حنيذ ولكن النوم غلبني فلم أصح إلا في حوالي الساعة الثانية عشرة بعد فوات وجبة التيس فقلت مداعبا لهم

وأكلـة قـد مـضـت مـوفـورة اللـحـم=عضضت من فوتها كفي مـن النـدم
سرى بها القوم لم يبقوا ولم يـذروا=أمـتــا ولا عـوجــا لـلــرز والـلـحـم
صارت كأطـلال سلمـى بـان قاطنهـا=وليـس غيـري مـن بــاك ولا سـقـم
أو مثـل قـاع يبـاس مـا بــه شـجـر=لـم يحييـه منـذ دهــر هـاطـل الـديـم
فليت جنبـي لـم يسكـن علـى فـرش=وليـت عينـي لـم تغمـض ولــم تـنـم
أواه مـن رقـدة جـرت عـلـي أســى=وأورثتـنـي حـزنـا غـيــر مـنـصـرم
قـد بـت ليلتـهـا طــاو عـلـى حــرق=وبـات غيـري يشكـو كـثـرة التـخـم
يا ويح بطني أمسى الجـوع ينهشـه=كليـث غـاب إذا يسطـو علـى البهـم
باتـوا بسعـد بـإثـر اللـحـم إذ أكـلـوا=وبـت مـن حسـرة أحـتـر مــن ألــم
كأنـنـي بـهـم يـهـوون فــي عـجــل=على الصحـون أبانـوا سـن مبتسـم
تضاحـكـوا إذ راوه بـاديــا نـضـجـا=وراح كـل يريـد السبـق فــي اللـقـم
ولو تراهم وهم يمضـون فـي شـره=كأنـهـم قـــد أســـروا ثـــأر منـتـقـم
قــد شـمـروا عــن أكــف فــي دأب=كم أظهروا حين أكل التيس من همم
لولا الحيـاء لأذريـت الدمـوع شجـا=فـكـم أعـالـج وجــدا غـيــر منـكـتـم
قـد صيـروا التيـس أشـلاء مبعثـرة=كـأنـه لــم يـسـر يـومـا عـلـى قــدم
ولا ثـغـا فـرحــا بـالـحـب يقـضـمـه=أو راح يخضـم للأعـشـاب والنـجـم
يغدو يروح ولا يدري البـريء بمـا=قد أضمر القوم من بطش وسفك دم
قد كـان يمـرح فـي أمـن وفـي دعـة=حـتـى أتــوه فـقـادوه إلـــى الـعــدم
كـأنـنــي بالـبـقـايـا إثــــر أكـلــهــم=رفات عظـم غـدت مـن بالـي الرمـم
قالوا انتفعنـا بأكـل التيـس موعظـة=من عاش في عالم الأحيـاء لـم يـدم
والقـوم سيماهـم فـي أبطـن سمنـت=فكـم تشـق علـى السيـقـان والـقـدم
وإن جثا بعضهم قرب الصحون فلو=ترجـو قيـامـا لــه إن هــم لــم يـقـم
إذا أردت يـقـيـنـا فـانـظــرن لــهــم=فـمــا أنـــا لـهــم جــــورا بـمـتـهـم
وانظـر لأكرشهـم إذ جـاوزت فـخـذا=إن ساور القلب ظن منك فـي كلمـي
وإن رأيــت بـطـونـا مـنـهـم كـبــرت=تـر اكتنـاز شـحـوم الـقـوم كـالـورم
كــم حـاشـي أوردوه قـبـر أبطـنـهـم=ولم يراعوا صغير السـن مـن غنـم
يا ويل أمعائهـم ضاقـت بمـا حملـت=مـــن الأرز ولـحــم فـيــه مـزدحــم
كم فرقوا شمـل ضـأن بـات مجتمعـا=فبـات مـن صنعهـم ذا غـيـر ملتـئـم
وقـد نصـحـت لـهـم رفـقـا بأبطنـكـم=لكنهم عن مقـال النصـح فـي صمـم
لأن ذا طبـعـهـم بـــدوا وحــاضــرة=وما انثنوا عنه فـي حـل وفـي حـرم
عاشرتهـم زمـنـا لــم ألــف مثلـهـم=ولا شبيـه لهـم فـي العـرب والعجـم
فتـشـت عـمـن يسـاويـهـم بأكـلـهـم=فـلا نظيـر لـهـم فــي الـنـاس كلـهـم
وإن تر البعض منهـم ممسكـا قطعـا=مـن اللـحـوم تـقـل يـهـوي لمستـلـم
فـي كـل وقـت تراهـم يقبلـون علـى=أكل اللحـوم لـدى الإصبـاح والغسـم
وإن تـتـق أنـفـس منـهـم لمطعمـهـا=سـروا إليهـا ولـو فـي أحلـك الظلـم
فـي غمـرة الفرحـة الكبـرى بأكلهـم=نسـوا رفيقـا لهـم مـن شـدة النـهـم
ما ضرهم لو سعوا أن قسمـوا أكـلا=فكبـف طـاب لـهـم أكــلا بــلا قـسـم
لــقـــد تـخـلـيــت ذاك الـــــرز كلله=لحـم شـهـي يــداوي كــل ذي قــرم
والقـوم أصباهـم شــوق إلـيـه فـمـا=شوق المحب كشـوق الجائـع النهـم
إنـي تعلـمـت درســا لـسـت ناسـيـه=ظفـرت منـه بـرأي الـحـاذق الفـهـم
إذا دعـــاك أنـــاس نـحــو مــأدبــة=بــادر إليـهـا وجــرد عــزم مغـتـنـم
ولا تـقـل لا فـــلاء لـيــس يعقـبـهـا=إلا النـدامـة إن الـفــوز فـــي نـعــم
فربـمـا عــن أمـــر لـســت تـدفـعـه=وربـمـا عـقـت بـالأوجـاع والسـقـم
أنـا الـذي لــي صــولات سيذكـرهـا=لــي الـزمـان ويـرويـهـا إلا الأمـــم
كـم فرصـة كنـت نهـازا لـهـا ولـمـا=فيهـا مــن الخـيـر بــاد جــد مغتـنـم
مـن الحنـيـذ أو المظـبـي أو سـمـك=مـن الطـراوة يحـكـي لـيـن العـصـم
ولـو حلفـت بــأن أتــي علـيـه فـمـا=حنثت في القول بل وفيت في القسم
وسائل الهشم عنـي كـم هشمـت بـه=لحـمـا لـذيـذا كسـتـه بــردة الشـحـم
وسـل حـراء فكـم قـد زرت منـفـردا=حمـاه ظهـرا وكـم أفنيـت مـن بــرم
أمــا النسـيـم فــإن هـبـت نسـائـمـه=حـرى فـهـي عـنـدي أبــرد النـسـم
يــا حـبـذا لـقــم تـســري فأتبـعـهـا=بشـربـة مــن إنــاء الـبـارد الشـبـم
أحـس سيـرا لـه فـي كــل أوردتــي=فالحـمـد لله ذي الأفـضــال والـنـعـم
ومــا ســرور ذوي الدنـيـا بأكـلـهـم=إن يحـرمـوا لـــذة لـلــرز والـلـحـم
حراء والهشم والنسيم أسماء مطاعم

[عيسى سلامي]

شاب من بلدتنا كان مثالا للأخلاق العالية توفي فتأثر لوفاته كل من عرفه



رحلـت فأجـجـت نــار الــوداع=فكـم قلـب يعـانـي فــي التـيـاع
أسامة والدموع عليـك تجـري=ويجـري بالرثـا أبــدا يـراعـي
لقـد جـرح الفـؤاد سمـاع نعـي=فـآه حيـن أخبـر عـنـك نـاعـي
ولـــولا أنــــه أمــــر يـقـيــن=لكدت أشك فـي الخبـر المـذاع
كـأنــك لـــم تـكــن إلا خــيــالا=وحلمـا ظــل يـبـرق كالشـعـاع
لقد حجب الممـات لديـك نـورا=ونجمـك قـد خبـا بـعـد التـمـاع
دعتـك المغريـات فـلـم تجبـهـا=وما غذيـت فـي درب الضيـاع
ونـادتـك المنـيـة وهــي حـــق=على قدر فرحت تجيـب داعـي
وداهمك القضـا والعمـر غـض=وزهـرك ناضـر حيـن اليـفـاع
ترشـف والـداك مريـر خـطـب=وذاقـا كــأس حــزن باجـتـراع
على حين ابصرا لبروق خيـر=وسعـي كــان يهـطـل بانتـفـاع
فصبـرا يـا أبـاه علـى مصـاب=وإن أبقى بناءك فـي انصـداع
وإن أوهـى لركنـك بعـد عــزم=وصار الركن منك إلى تداعـي
فليس يفيد عند الخطـب سخـط=ويكـتـب أجــر فـقـد بانصـيـاع
أسامـة والجميـع عليـك يبـكـي=بدمـع بـات يهـمـل فــي تـبـاع
لقـد فاحـت خلائـق منـك طيبـا=وصارت في الحياة إلى ارتفاع
وفي تحصيل درسك كنـت فـذا=وكنت إلى العلا والمجد ساعي
وكنـت تهـب إن يسألـك نـاس=قـضـاء حـوائـج دون امتـنـاع
فــلا تـحـزن إذا فاتـتـك دنـيــا=لعـوب ترتـدي ثــوب الـخـداع
خـؤون لا تـفـي يـومـا بـوعـد=وكـم كشفـت لنـا زيـف القنـاع
هـي الدنيـا وصــال وارتـحـال=وفـرقـة أنـفـس بـعـد اجتـمـاع
ومـا الأحيـاء إلا فـي اغتـراب=وركبهـم سيرحـل فـي ســراع
وحكم الموت بين الخلـق جـار=وليـس لحكـم ربـي مـن دفــاع
ومهمـا صاحبـت روح لجـسـم=ففـي يـوم تـؤول إلـى انـتـزاع
تساوى الكـل فـي حكـم المنايـا=فذو شيب كـذي سـن الرضـاع
كتاب الموت بين الخلق فرض=وليـس بخبـط سـيـر واقـتـراع
عجبت لمولـع بسـراب عيـش=ودنيـا سـوف تـؤذن بانقشـاع

[عيسى سلامي]

راوية من بلدتنا عرف بروايته لأشعار العرب وأخبارهم


قلـت للصحـب تعـالـوا نجتـلـيقبسا مـن منطـق الشيـخ علـي
قـد حـوى علمـا وفـكـرا نـيـرابهـمـا عــن تـرهــات يعـتـلـي
وإذا أنــشــد شــعــرا خـلــتــه=حيـن يشـدو مثـل شـدو البلبـل
وغــدا يـنـسـاب مـــن رقـتــه=فهو يجري مثل جري الجـدول
وإذا أنـصــت مــحــزون لــــه=صار منه القلب يا صحب سلي
وإذا يــعـــزف لـحــنــا للهوى=بعث الأشواق في القلب الخلي
ذاب عشـقـا للقـوافـي فـغــدت=هـــي فـــي منـطـقـه كالـعـسـل
يصطفـي الشعـر نفيـسـا ولــه=فــي الأحـاديـث بلـيـغ الـجـمـل
ولـكـم أطربـنـي فـــي شـــدوه=ولـكـم إنـشـاده قـــد لـــذ لـــي
ولـكـم شمـعـة فـكــر أشـعـلـت=هــي لــولا قـولـه لــم تـشـعـل
ورد المنـهـل عـذبـا فـارتــوى=من جميل الشعر صافي المنهل
مـلـك الإفـصـاح فــي منـطـقـه=وخـــلا إعـرابــه مـــن عـلــل
سامـر الكتـب فكـانـت صحـبـه=مــن معـيـن العـلـم لـمـا يثـمـل
وروى شعـر الألـى قـد رحلـوا=كجريـر وابـن غـوث الأخـطـل
وامرئ القيس الذي حين رأى=مـنـزل الـخــل بـكــى للـمـنـزل
ولأعشى قيس كـم شعـر روى=وحبـيـب وابــن أوس جــرول
وروى لابــــن حـسـيــن دررا=هـي فـي قيمتهـا مـثـل الحـلـي
وإذا مـا قـال شعـرا فـي الـرثـا=جــادت الـعـيـن بـدمــع هـمــل
فصـل الألفـاظ فـي الإلقـاء لــم=يـــك فـــي إلـقـائــه بـالـعـجـل
لحـنـه فــي كــل وزن مـطـربفي سريع البحر أو فـي الرمـل
قــد عــلا فــي غـايـة سامـيـة=ولـذا سمـي فـي النـاس عـلـي
وإذا شـئـت حكـايـات مـضــت=لـرجــال فـــي الــزمــان الأول
فاستمـع قـولا لـه يمنـحـك مــا=يجعـل اللبـس مـن الأمـر جلـي
وبـــه الـهـمـة تـسـمـو لـلـعـلا=هـو لـم يعـرف دروب الكـسـل
صائـب النظـرة لا يخـطـئ مــا=يبتـنـي أحكـامـه فــي المـقـبـل
أدرك الأحــداث فـــي عالـمـنـا=لم يكـن عـن حـدث فـي معـزل
شامـخ فـي مـجـده فــي قــدره=هـــو فـــي علـيـائـه كـالـجـبـل
ولـــه قـلــب صـــروم حيـثـمـا=شـاء أمـرا لــم يـكـن بالـوجـل
علمـه غيـث وليـس الغيـث إن=ينهمر في الأرض مثل الوشـل
يـده سحـاء فـي الخـيـرات لــم=يـك فـي حيـن الـنـدى بالبـخـل
كيـف ينسـى مثـل هــذا علـمـا=كيـف يخفـى يـا لـه مـن رجـل
كيـف يحيـا بيننـا مـن دون أن=نستـقـي مـنـه عـلــوم الـــدول
كيـف لا نصـغـي إلــى حكمـتـه=حينمـا يـروي وضـرب المـثـل

[عيسى سلامي]

رجل من بلدتنا عرف بروايته لأشعار العرب وأخبارهم فأهديته هذه القصيدة حيث ندر أمثاله



قلـت للصحـب تعـالـوا نجتـلـي=قبسا مـن منطـق الشيـخ علـي
قـد حـوى علمـا وفـكـرا نـيـرا=بهـمـا عــن تـرهــات يعـتـلـي
وإذا أنــشــد شــعــرا خـلــتــه=حيـن يشـدو مثـل شـدو البلبـل
وغــدا يـنـسـاب مـــن رقـتــه=فهو يجري مثل جري الجـدول
وإذا أنـصــت مــحــزون لــــه=صار منه القلب يا صحب سلي
وإذا يــعـــزف لـحــنــا للهوى=بعث الأشواق في القلب الخلي
ذاب عشـقـا للقـوافـي فـغــدت=هـــي فـــي منـطـقـه كالـعـسـل
يصطفـي الشعـر نفيـسـا ولــه=فــي الأحـاديـث بلـيـغ الـجـمـل
ولـكـم أطربـنـي فـــي شـــدوه=ولـكـم إنـشـاده قـــد لـــذ لـــي
ولـكـم شمـعـة فـكــر أشـعـلـت=هــي لــولا قـولـه لــم تـشـعـل
ورد المنـهـل عـذبـا فـارتــوى=من جميل الشعر صافي المنهل
مـلـك الإفـصـاح فــي منـطـقـه=وخـــلا إعـرابــه مـــن عـلــل
سامـر الكتـب فكـانـت صحـبـه=مــن معـيـن العـلـم لـمـا يثـمـل
وروى شعـر الألـى قـد رحلـوا=كجريـر وابـن غـوث الأخـطـل
وامرئ القيس الذي حين رأى=مـنـزل الـخــل بـكــى للـمـنـزل
ولأعشى قيس كـم شعـر روى=وحبـيـب وابــن أوس جــرول
وروى لابــــن حـسـيــن دررا=هـي فـي قيمتهـا مـثـل الحـلـي
وإذا مـا قـال شعـرا فـي الـرثـا=جــادت الـعـيـن بـدمــع هـمــل
فصـل الألفـاظ فـي الإلقـاء لــم=يـــك فـــي إلـقـائــه بـالـعـجـل
لحـنـه فــي كــل وزن مـطـربفي سريع البحر أو فـي الرمـل
قــد عــلا فــي غـايـة سامـيـة=ولـذا سمـي فـي النـاس عـلـي
وإذا شـئـت حكـايـات مـضــت=لـرجــال فـــي الــزمــان الأول
فاستمـع قـولا لـه يمنـحـك مــا=يجعـل اللبـس مـن الأمـر جلـي
وبـــه الـهـمـة تـسـمـو لـلـعـلا=هـو لـم يعـرف دروب الكـسـل
صائـب النظـرة لا يخـطـئ مــا=يبتـنـي أحكـامـه فــي المـقـبـل
أدرك الأحــداث فـــي عالـمـنـا=لم يكـن عـن حـدث فـي معـزل
شامـخ فـي مـجـده فــي قــدره=هـــو فـــي علـيـائـه كـالـجـبـل
ولـــه قـلــب صـــروم حيـثـمـا=شـاء أمـرا لــم يـكـن بالـوجـل
علمـه غيـث وليـس الغيـث إن=ينهمر في الأرض مثل الوشـل
يـده سحـاء فـي الخـيـرات لــم=يـك فـي حيـن الـنـدى بالبـخـل
كيـف ينسـى مثـل هــذا علـمـا=كيـف يخفـى يـا لـه مـن رجـل
كيـف يحيـا بيننـا مـن دون أن=نستـقـي مـنـه عـلــوم الـــدول
كيـف لا نصـغـي إلــى حكمـتـه=حينمـا يـروي وضـرب المـثـل

[عيسى سلامي]

هذه القصيدة قيلت بمناسبة عودة الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى أرض الوطن سالما معافى عائدا من رحلته العلاجية


السعد غنت في القلوب طيوره = والشعب تم هناؤه وسروره

والورد فتح للندى أكمامه = فرحا وفاح على الدروب عبيره

وتراقص الشعر الفصيح مرددا = لحنا وماجت بالنشيد بحوره

وتوشح الوطن الشغوف بحلة = حين القدوم وحبه إكسيره

فمليكنا كالبدر ليل تمامه = لما أطل وقد تكامل نوره

عاد المليك فعاد أنس قلوبنا = والكل في بشر يفيض شعوره

اليوم نرفل في السعادة إذ أتى = ملك القلوب وكم يطيب مسيره

ملك ثوى بين الضمائر حبه = فغدا فريدا لا يبجل غيره

هي فرحة عظمى وعيد باسم = يحياه فيه صغيره وكبيره

لما رأينا ذا المليك بصحة = كمل الهنا والسعد جاء بشيره

والأنس أسفر صبحه متبسما = والهم عنا قد مضى ديجوره

لك يا حبيب الشعب ود صادق = ومن الوفاء مدى الحياة وفيره

وفى لعبدالله شعب مخلص = أبدا وظل على المدى تقديره

فالشعب فاض ولاؤه لمليكه = حبا ونهر الود سال نميره

يا أيها الملك الذي بخصاله = متفرد في الناس قل نظيره

يده تسح كمثل غيث واكف = وعلى البلاد يعم دوما خيره

والبائس المحروم نفس كربه = بعطائه لما أتاه كثيره

وإذا الضعيف أنى إليه يبثه = شكواه فالسمع الكريم يعيره

وإذا اليتيم أتاه يجهش بالبكا = والدمع من فقد يسيل غزيره

واساه فالقلب الكليم بعطفه = قد عاد من فيض الحنان سروره

[عيسى سلامي]

كان لي شرف اللقاء بالشاعر عبدالرحمن العشماوي فكانت هذه القصيدة


أهـلا وسـهـلا أيـهـا القـمـر الأغــر=أسعـدت قلبـي فـي مجيئـك والنـظـر
وأخــذت أرقــب خطـوكـم لـمـا دنــا=وبخافـقـي غـنـت أهـازيـج الـسـمـر
لـمـا أتـيـت أســرت كــل جـوارحـي=فلأنـت مـلء السمـع منـي والبـصـر
يــا أيـهـا الـرجــل العـظـيـم تـحـيـة=مـنـي إلـيـك فــإن حـبـك قــد غـمـر
لالا تلـمـنـي حـيــن بـحــت بحـبـكـم=فاليوم أظهر فـي فـؤادي مـا استتـر
حـيـيـتــه حــيـــا وراح يـحـيـطـنـي=بعنـايـة والـوجـه مــن بـشـر سـفـر
يــا رحـلـة ميـمـونـة فـــي صـحـبـة=للـشـاعـر الـفــذ العـظـيـم المعـتـبـر
كـــان الـلـقـاء بـــه قـصـيـرا إنـمــا=سعـد الفـؤاد بـذا اللقـاء المختـصـر
وودت لــو أن الـزمـان يـجـود لــي=كـي أبـصـر العـمـلاق مــرات أخــر
كـي أستقـي مـن نبـعـه أدبــا وكــي=يــروى الـفـؤاد بعـلـمـه لما انهمر
هـو قمـة فـي الشـعـر دون منـافـس=فــي عصـرنـا ونظـيـره حـقـا نــدر
سبـحـان مــن ســواه أبــدع خلـقـه=أخـلاقـه حـتـى تمـيـز فــي الـبـشـر
لـمـا رأيـتـك صــار دربــي مـورقــا=وكسـتـه إبهـاجـا أفـاويــف الـزهــر
وأتـيـت تطلبـنـي لأوســـع مسـلـكـا=بتلطـف فعبـرت لـيـس كـمـن عـبـر
هـذي تبـوك توشـحـت حـلـلا وفــي=أرجائـهـا قــد فـــاح ورد وانـتـشـر
جـعـلـت تـمـيـس بـرقــة لـمــا رأت=بـدرا بـدا وعلى روابيـهـا ظـهـر
أنــا أيـهـا الـرجـل الأديــب مسـافـر=أبـدا وقلبـي فـي الحـيـاة بــلا مـقـر
البيـن يعشقنـي فلـيـس يبـيـن عــن=عمـري ومـا جافـاه حتـى لـو شهـر
قـد صـار قلبـي فــي هــواه مقسـمـا=ومـن الحنـيـن يـكـاد حـزنـا ينفـطـر
متوقـد الأضـلاع مـن لفـح الـجـوى=والشـوق هيجـه الفـراق ومــا فـتـر
أنــا كلـمـا حـاولـت إمـسـاك الـهـنـا=فــي بغـتـة فــإذا أتـيــت إلـيــه فـــر
وإذا حططـت الرحـل صـوت صائـح=للبـيـن يدعـونـي فأزمـعـت الـسـفـر
يـا كاسـي الشـعـر الأصـيـل حــلاوة=وطـــلاوة وبــــه أفـانـيــن الـثـمــر
جـردت سيـف الشـر كـنـت منافـحـا=عـن حـوزة الإسـلام بالقـول الأبــر
يا شاعـرا يكسـو القريـض محاسنـا=من لفظه فيفوق فـي الحسـن الـدرر
ويـهـز أوتـــار الـقـلـوب فتنـتـشـي=طربـا فيسلـو مـن يخالطـه الضـجـر
بـقـصــائــد كــقــلائــد مـنـظــومــة=كالعسجد المسبوك مـن فـوق الصدر
أهـديـت حــواء القصـيـد فألـبـسـت=ثــوبــا لعـفـتـهـا يـزيـنــه الـخـفــر
وشمخت فـي زمـن انكسـار ترتقـي=بالأمـة الغـراء عـن مهـوى الحـفـر
ومــراكــب لـلـذكـريــات يـقــودهــا=فـكـر سـلـيـم إن تـشـوهـت الـفـكـر
وجعـلـت هـمـك أمــة بـاتـت عـلــى=ذل وضـعـف والتـفـرق قـــد ظـهــر
تخـشـى عليـهـا أن تــذوب هـويــة=أو تستكـيـن وقــد تغشـاهـا الـخـور
هـذا الحـوار عـلـى شــراع زمانـنـا=ألـقـيـتـه فـيـنــا بــأنــات الـضـجــر
تـبـكـي لـمـجـد ضـائــع فـــي أمـــة=صمت عن الداعي ولـم تـدر الخبـر
وصراع نفسك ظـل كـي تسمـو بهـا=ولتستقيـم علـى صـفـاء مــن فـطـر
ولتنهـل الـشـرع الحكـيـم وتـرتـوي=من فيضـه وتعـل مـن هـدي السـور
وبعثـت مـن غـرر القصيـد رسائـلا=للقدس ترجو أن يـزول بهـا الخطـر
وبكيـت أعـلامـا هـنـاك استشـهـدوا=ليحـقـقـوا لـبـلادهـم أحـلــى ظــفــر
حيـيـت أطـفــال الـحـجـارة حيـنـمـا=لم يحملوا الرشاش بل حملوا الحجر
لــم يذعـنـوا لـعـدوهـم فاستبـسـلـوا=كـي يطـردوا عيـش المذلـة والكـدر
يـا شاعـر الفصحـى رفعـت لواءهـا=جـددت دارسهـا فأحـيـي مــا انـدثـر
إنـي أسـوق لـك العـزاء وأنـت مـن=في هـذه الدنيـا علـى البلـوى صبـر
فلتحتسـب فقـد الحبيـبـة عـنـد مــن=يعطي الأجـور لمـن تجلـد واصطبـر
مافي الوجود من الحوادث إن جرت=إلا وكـانــت فـــي كـتــاب مسـتـطـر
ويـسـيــر دولاب الـلـيـالـي مـلـقـيـا=للنـاس فـي الدنيـا المواعـظ والعبـر
مهمـا نحـاذر فــي الحـيـاة مصائـبـا=لا الحرص ينفعنا ولا يجـدي الحـذر
لا تستريـح النـفـس عـنـد مصيـبـة=إلا بتسـلـيـم إلــــى حــكــم الــقــدر
يـا شاعـر الإســلام حـرفـك نـاصـع=وبيـانـك الأخــاذ كــم عـقــلا بـهــر
والشعـر عنـدك مثـل نـهـر سلـسـل=يـالـذة التـرشـاف مــن ذاك الـنـهـر
حـلــيــتــه جـمــلــتــه رصــعــتـــه=ومنحـتـه وكسـوتـه أبـهـى الـصـور

[عيسى سلامي]

سلمـت يـا موطـن الأمجـاد يا وطنا =أتــيــت أهــديــه هــــذا الــيــوم عـرفــانــي
أتـيــت أســكــب أنــغــام الــهــوى طــربــا=أبث حـبـا نـمــا فـــي عـمــق وجـدانــي
ـكتـمـتــه زمــنـــا فــــــي خــافــقــي فـــأبـــى=كـتـمـان ســـري غـــدا يـهـفــو لإعــــلان
يا مهبـط الوحـي يـا مهـد الرسالـة يـا=سفـرا مــن المـجـد يــا نـثـري وديـوانـي
يــا ملـهـم الشـعـر يــا لحـنـي وقافيـتـي=ويــــا مــوقــع فــــي الأشــعـــار أوزانـــــي
هــواك يــا موطـنـي سـحـر فتـنـت بـــه=وصـيــر الـقـلـب فـــي رهـــن وأغـرانــي
لله يـــا صـفـحـة فـــي الـمـجـد سـطـرهـا=عــــبـــــد الـــعـــزيـــز بــــإبـــــداع وإتـــــقـــــان
من الرياض أتى صقر الجزيرة كي=يـشـيــد مــجـــدا بــعـــزم الـقــائــد الـبــانــي
وشــــيــــد الــــوطــــن الــغـــالـــي وأورثــــــــه=مــجــدا يـتـيــه بـــــه فـــــي كـــــل أزمـــــان
أحـــلـــه فــــــوق هــــــام الــنــجــم مــفــخــرة=فـــراح يـسـمـو عــزيــزا عــالــي الــشــان
وراح يـــصـــنــــع لــلــتـــاريـــخ مــلـــحـــمـــة=مـــــن الـبـطـولــة يـبــنــي عـــــز إنــســـان
ولـــــم شــمـــل شــتـــات كـــــان يـجـمـعــه =تـفــرق الـعـيـش فـــي بـــؤس وحــرمــان
ورفـــرفــــت رايــــــــة الــتــوحــيــد خــافـــقـــة=علـى الـذرى وعلـت فــي كــل مـيـدان

[عيسى سلامي]

أهــو شـعــر أم ذلـــك الـسـحـر يـبــدو=حينـمـا جـئـت فـــي المـحـافـل تـشــدو
جئت تحدو خطى إلى المجد ولهى=ـبطـــمـــوح حــــتـــــى تـــحـــقـــق مــــجـــــد
ونـسـجـت الإحـســاس شــعــرا بـديـعــا=هـــــو بــيـــن الـضــلــوع شـــــوق ووقـــــد
رف فـــيـــه الـــشـــذا فـــضـــوع عـــطـــرا=فـــــــهـــــ� �ـو فـــــــــــــــل إذا يـــــــفــــــــوح وورد
هــــــــو بــــــــوح يــــنــــم عــــــــن وثــــبــــات=مــــا لــهــا فــــي مـعـالــم الـشـعــر حــــد
فـــتـــنــــة هــــــــــذه الــقــصـــائـــد حـــــــــــور=زان مـــنـــهــــا جـــــيـــــد وقــــــــــد وخـــــــــــد
لا تــلــمــنــي إذا عــشـــقـــت قـــصـــيـــدا=كـــــــل حـــيــــن بـــــــه الــجــمـــال يـــجــــد
يـالــهــذا الـبــيــان مــــــن شـــاعـــر فــــــذ=بــــديـــــع وفـــــــــي الــمــيــاديـــن يــــعـــــدو
ليـس يرضـى سـوى الصـدارة إسـمـا=فــهــو فـــــي ســاحـــة الـفـصـيــدة فـــــرد
عـــبـــر الــبــحــر فــــــي صـــبـــاه فــتــيـــا=لا يــبــالــي إن جــــــاء جــــــزر ومـــــــد
كـــم أنــــاخ الـقـريــض كــــي يمـتـطـيـه=فــارســا مـلـهـمـا إلــــى الــفــوز بــغـــدو
خـضـبـت كـفـهــا الـقـصـيـدة إذ جــــاء=عــــريـــــســــ� �ا وفـــــــــــــــي حـــــنـــــايـــــاه ود
أقـبـلــت نــحــوه وفــــي الـقـلــب شــــوق=مــــا بــهــا عــنــه حــيـــن يـقــبــل صـــــد
وهــــــــــو الـــــيـــــوم شـــــامــــــخ كـــــلــــــواء=مــالــه فـــــي صـيــاغــة الــحـــرف نـــــد

[عيسى سلامي]

استقال إمام جامع عرف بفضله ومكانتة في العلم فكانت هذه القصيدة على لسان الجامع




عـد لــي أبــا الفـضـل إن البـيـن أسقمـنـي=وجــــــــــــرع الــــقــــلــــب آلامــــــــــــا وأحــــــزانـــــــا
يـــا أيـهــا الـشـيـخ عــــد لــــي إنــنــي دنــــف=والـــطـــرف بــعــدكــم قــــــد بــــــات ســهــرانـــا
ولــتــرحـــم الــقــلـــب مـــنــــي فـــــــي تــحــرقـــه=فـالـبــيــن أوقــــــد فـــــــي الأحـــشــــاء نــيــرانـــا
أحـيـيـتـنــي بـــــــدروس الــعــلـــم وابـتــهــجــت=نـفـسـي ســـرورا وعـشــت الـعـمـر جــذلانــا
فـــكــــم تــشــوقـــت يـــــــا شــــيــــخ لـطـلـعـتــكــم=وصـــــــ� �رت لــــلــــدرس والإفــــتــــاء ظــمـــآنـــا
أمـــــــا تــــرانــــي أســــيــــر الــــوجــــد تــيــمــنــي=شــــــوق إلـــيــــك ودمـــعــــي ســـــــال هــتــانـــا
نــدبــت بــعــدك حــظـــي قــلـــت وا أســفـــي=أصـــــار خـــلـــي بـــعـــد الـــوصـــل يـنـســانــا
مــــا زلــــت أذكــــر أعــوامــا زرعــــت بــهـــا=فـــــــــي الـــعـــلـــوم وقـــلـــبـــي ظـــــــــل ريــــانـــــا
فـــــي كـــــل زاويـــــة مــنـــي الـحـنـيــن غــــــدا=جــمـــرا يــمـــض وثــــــار الـــشـــوق بــركــانــا
ذا مـــنــــبــــري بـــــعــــــده يــــبــــكــــي وآلــــــمــــــه=بـيــن مـــن الـشـيـخ يـشـكـو الـيــوم هـجـرانـا
يــــقــــول أيـــــــــن بـــلـــيـــغ الــــقـــــوم مــنــطــقـــه=حــاكــى بـخـطـبـتـه فـــــي الــقـــول سـحـبـانــا
وصــــــار مــحــرابـــي الــمــحـــزون يـطــلــبــه=إذ كــــــــان جــــــــود فــــيـــــه الـــلـــيـــل قــــرآنـــــا
وتـــــلــــــك أروقـــــتــــــي بـــــاتــــــت تـــســـآلـــنـــي=أيــــ� �ـن الـحــبــيــب فـقــلــبــي بـــــــات ولــهــانـــا
مــــــن ذا يــســاويــه فــــــي عـــلـــم ومــعــرفــة=ومــــــــن ســـــــــواه أشـــــــــاد الـــعـــلـــم بــنــيــانـــا
آه عـــلــــى زمـــــــن ولــــــــى ســــعــــدت بــــــــه=عــــــلــــــ� �ى الــــعــــبـــــادة نــــلـــــقـــــاه ويـــلـــقــــانــــا
عد لي أبا الفضل يا ذا الفضل إن لكم=أيــــــد عـــلـــي ولــــــم أنـــــــس الـــــــذي كـــانــــا

[عيسى سلامي]

شاعر من بلدتنا يكنى بأبي علة ( بفتح العين ) في شعره جزالة وأصالة وقوة ورصانة
وقدأهديته هذه القصيدة تقديرا لموهبته


أتــانـــي بـنــظــم فـــــي الـــكـــلام هــجــيــن=وغــــــث بــــــدا لـــلـــذوق غـــيـــر ســمــيـــن
فـقـلـت اطــــرح ذاك الـهـشـيـم وأطــربــن=فـــؤادي بـشـعـر فــــي الـمـقــال رصــيــن
وداو جـــراحـــي بـالـقــريــض يــصــوغــه=أبـــــــــو عــــلـــــة فـــــــــي رقــــــــــة وفـــــتـــــون
أبـــــــا عـــلــــة يـــــــا أيـــهــــا الـــفــــذ إنــــنــــي=طـــــروب إلـــــى شــعـــر لـــديـــك مــتــيــن
أيــــا شــاعــرا لـلـضــاد تـحـمــي لــواءهــا=ومـــــن كـنــزهــا أخــرجـــت كـــــل دفــيـــن
نظـمـت لـنــا الـشـعـر الفـصـيـح قـلائــدا=هـــي العـسـجـد الـمـسـبـوك أو كـلـجـيـن
يــعــيـــبـــون إقــــــــــلالا لـــــديــــــك وإنـــــمــــــا=قــلــيـ� �لــك مــــثــــل الــــــــدر جــــــــد ثــمـــيـــن
ألــيــس يــــرى الـبـحــر الـخـضــم كـثــيــره=أجـــاج ويـــروي الـنــاس عـــذب مـعـيـن
تــدبـــج مــــــن عــــــذب الـــكـــلام قــوافــيــا=حــســانــا تــغــنــى فــــــي بـــديـــع لـــحـــون
صـحـيـح قـريــض لـــم يـخـالـطـه زيــــف=ورائـــــــــع فـــــــــن فـــــــــاق كـــــــــل فـــــنـــــون
إذ أنشـدت ( بـانـت ليالـيـك ) أتـرعـت=عــيــون بــدمــع فــــي الــخــدود سـخــيــن
تـهــيــج فـــــي طـــــي الـقــلــوب لـواعــجــا=مــن الـشـوق تـذكـى فــي فـــؤاد حـزيــن
و ( للناي ) عـزف كـم أثـار بعاشـق=حـنـيــنــا إلــــــى الـمـحــبــوب أي حــنــيــن
تأجـج نـار الوجـد فــي سـالـف الصـبـا=وتـــــرجـــــع أشـــــواقـــــا لـــمـــهــــد ســـنـــيــــن
وتــبـــدي مـــــن الـشــكــوى أنـيــنــا لــوالـــه=وزفــــــــــر� � مـــلـــتــــاع وحــــــــــر شـــــجــــــون
بـكـيــت ( الـغـزالــي ) والــفــؤاد مـفــجــع=بـدمــع مـــن الـشـعـر الأصــيــل هــتــون
وألـبـسـتــه مــــــن أجــــــزل الــلــفــظ حـــلـــة=ومــــن رائــــع الـتـصـويــر تـــــاج جـبــيــن
سموت لدى التشبيب عن قولة الخنا=وجــافـــيـــت إفــحـــاشـــا ودرب مــــجــــون
يـغـنــيــه قـــيـــس مــــــن تــبــاريــح وجــــــده=تـــرانــــيــ� �ـم مـــشــــتــــاق وبـــــــــــوح أنــــــيــــــن
تــعــلــقــه أهـــــــــل الــصــبــابـــة والــــهـــــوى=وتــيــمـ� �هـــم جــــيـــــد وســــحـــــر جـــــفـــــون
وكـــم لـــك فـــي نـقــد الـفـعــال قـصـائــدا=أزالـــــــت عــــــــن الأفــــهــــام رأي أفــــيــــن
ركـــبـــت حــصــانــا لــلأراجــيــز طــيــعـــا=فـــجــــئـــ� �ت بـــلــــفــــظ شـــــيــــــق ومــــبــــيــــن
فلله إبــــــــــــــداع نــــظـــــمـــــت عـــــــقــــــــوده=فـأص� �ـبــح فـــــي الــدنــيــا بــغــيــر قـــريـــن
سيبقى قريض منك في الناس سائـرا=عــلـــى مـــــر أزمـــــان وفــــــوت قــــــرون

[عيسى سلامي]

هــــــــــذي نـــهــــايــــات عـــــمــــــري شـــفــــهــــا الـــغــــســــق=إلام يـــــــــــــــــــــا قــــــــــلـــــــــــب بـــــــــــالأحـــــــــ ــزان تـــــــحـــــــتــــــــ رق
فـــــي مـهـجـتــي مــــــن بــقــايــا الأمــــــس أشـــرعـــة=وفـــــــــــ� �ـي خــــــطـــــــاي يــــــنـــــــام الـــــــضـــــــر والـــــــرهـــــــق
هـــــا أنـــــت يـــــا قــلـــب مـنــهــا تـصـطـلــي وجــعـــا=وتـــشـــتــــه� �ـــيــــه مـــــــــتــــــــــى يـــــــــــــــــــا قـــــــــلــــــــــب تــــنـــــعـــــتـــــق
أتـــــــيـــــــت أقـــــــبـــــــس نــــــــــــــورا فـــالـــطــــريــــق دجــــــــــــــى=هــــيـ� �ـــا أضـــيـــئـــي فــــقـــــد تــــاهـــــت بـــــــــي الــــطـــــرق
الله يـــــــــــا وجــــــهــــــك الـــمـــمـــلـــوح هــــــــــــل عــــبــــثــــت=بـــــــ� �ــــــه الـــســـنــــيــــن وهــــــــــــــل أزرى بــــــــــــــه الـــــــفــــــــرق
لا لــــســــت أنــــــــت الــــتـــــي ذايـــــــــت مــحــاجــرهـــا=مـــــــ� �ـــــن الــــــدمـــــــوع وأوهـــــــــــــى عــــزمـــــهـــــا الــــقـــــلـــــق
هناك حيث اخضرار الوصل كنت على=جـــــمـــــر مــــــــــن الـــــشـــــوق والــغــيـــمـــات تــســتـــبـــق
هــنـــاك حــيـــث الــلــقــا الـمـنــشــود كــــــم عـــزفـــت=آمــــــــالــ� �ــــــنـــــــــا وضـــــــــــــيـــــــــ ــــاء الـــــــــــــحـــــــــ ـــــب يـــــــــأتـــــــــلـــ ــــــق
والــــــــيــــــــوم أحــــــــمــــــــل خــــيــــبــــاتـــــي بـــــــــــــــــلا أمـــــــــــــــــل=وكــ� �ــــــيـــــــــف آمــــــــــــــــــل والأوجـــــــــــــــــــ اع تــــصـــــطـــــفـــــق
وكـــــــيـــــــف آمـــــــــــــــل والـــــــــــــــروض الـــــــنــــــــدي ذوى=والـــــــــــورد أجـــــهــــــش مـــــنــــــه الـــعــــطــــر والـــعــــبــــق
أعــــــــــــــــانـــــ ـــــــــــق الـــــــــــتـــــــــــ يـــــــــــه والآلام تــــــلــــــفـــــــحــ ـــــنـــــــي=مـــــــــ� �ـــا غــــــيـــــــر صـــــــــــــدك والــــهــــجـــــران أنــــتـــــشـــــق

[عيسى سلامي]

هــــذي نـهــايــات عــمـــري شـفــهــا الـغــســق=إلام يــــــــــا قـــــلـــــب بـــــالأحـــــزان تـــحـــتــــرق
فــي مهجـتـي مـــن بـقـايـا الأمـــس أشـرعــة=وفــــــي خـــطـــاي يـــنـــام الـــضــــر والـــرهــــق
هــا أنــت يــا قـلـب منـهـا تصطـلـي وجـعــا=وتـشـتــهــيــه مــــتـــــى يـــــــــا قــــلـــــب تــنــعــتـــق
أتـــيـــت أقـــبـــس نـــــــورا فـالــطــريــق دجـــــــى=هــيــا أضـيـئــي فــقــد تــاهــت بــــي الــطــرق
الله يـــــا وجــهـــك الـمـمــلــوح هــــــل عــبــثــت=بــــــه الـسـنــيــن وهـــــــل أزرى بـــــــه الـــفــــرق
لا لــســت أنــــت الــتــي ذايــــت مـحـاجـرهــا=مــــــن الـــدمــــوع وأوهـــــــى عــزمــهـــا الــقــلـــق
هناك حيث اخضرار الوصل كنت على=جــمــر مــــن الــشـــوق والـغـيـمــات تـسـتـبــق
هـنـاك حـيـث الـلـقـا المـنـشـود كـــم عـزفــت=آمــــالــــنــــ� � وضــــــيــــــاء الــــــحــــــب يــــأتــــلـــــق
والــــيــــوم أحــــمــــل خــيــبــاتــي بــــــــلا أمـــــــــل=وكــــيـــــ� � آمـــــــــل والأوجـــــــــاع تــصــطــفـــق
وكـــيــــف آمـــــــل والـــــــروض الــــنــــدي ذوى=والـــــورد أجــهـــش مــنـــه الــعــطــر والــعــبــق
أعـــــــانــــــــق الـــــتـــــيــــــه والآلام تـــلـــفـــحـــنــــي=مـ� �ــــا غـــيـــر صــــــدك والــهــجــران أنــتــشـــق

[عيسى سلامي]

إنــــي تــركــت لــذائــذي ورغـائــبــي=حـتـى المـنـام مــن البـعـاد هجـرتـه
أحــيــا بــــلا قــلـــب وأزعـــــم أنــنـــي=حـــــي لأنــــــي لـلـحـبـيــب وهــبــتــه
ولـكـم رشـفـت الـدمـع حـيـن بـعـاده=صـابـا لأنــي فــي الــوداع سكـبـتـه
أفـديـه مــن خــل تـجـذر فــي دمــي=عشـقـي لــه عـنـد المـمـات نـزفـتـه
خـادنـت لـيــل الوالـهـيـن أضـالـعـي=جـمــر وصـــدري بـالأنـيــن كـويـتــه
لـومـثـل الـبـيـن الـمـشــت مـجـســدا=والــروح فـيـه عـلـى الـبــدار قتـلـتـه
اهـتـز مــن طــرب إذا عــزف الـلـقـا=لحنـا وهمـي فـي الـوصـال نسيـتـه
أخفـي عـن العـذال نــزف مدامـعـي=حــذرا يـقـال البـيـن ســـوف يمـيـتـه
مـلـكــتــه قــلــبــي لــيــرتــع وحـــــــده=فـيــه لأنـــي عــــن ســــواه حـمـيـتـه
ورسـمـتـه فـــي كـــل شــــيء رائــــع=في البدر في وجه السماء رسمته

[عيسى سلامي]

غـزيـل أيــن غــاب الـصـوت واخـتـبـأ=كم كان صوتك جرح القلب قـد رفـأ
غــزيــل قــــد مــضــى عــــام وأوردتــــي=نـــبـــض ومــــــا وجــــــدت إلاك مــتــكـــأ
هــذي شراييـنـي الولـهـى تـتــوق إلـــى=همـس ليحيـي فـي الآمـال مـا اهتـرأ
تلك التراتيـل قـد ماتـت علـى شفتـي=واضـرم الوجـد فـي قلبـي ومـا انطـفـأ
كــم ذا أسـائـل طيـفـا مـنــك يغـمـرنـي=هل يرجع الدهر ما ولى ومـا انكفـأ
وهـــل يـعـيـد صـبـابـات غـــدت خـبــرا=من بعد أن كان فيها الوصل مبتدأ
يا شمعة ضوأت عمري وقد عبثـت=به الشجون أيمسـي الضـوء منطفئـا
عودي إلى طفلك المحزون ولتهبي=منـك الوصـال فـإن الجـرح مـا بــرئ
وهــدهــديــه بــأنــغــام الـــهـــوى طــمــعــا=أن تسكن الروح إن بوح النوى هدأ
وكـفــكــفــي دمـــعــــة حـــــــرى بـوجــنــتــه=فطـالـمـا دمـعــه فـــي الـبـيـن مـــا رقــــأ
(يـا لـب قلـبـك ) قالتـهـا عـلـى مـهـل=فأنبـتـت فــي صـحـاري خافـقـي كـــلأ
و( يـا فديتـك ) لحـنـا كـنـت أعشـقـه=والـيــوم سـمـعـي إلـــى تـرديــده ظـمــئ

[عيسى سلامي]

إنــــي تــركــت لــذائــذي ورغـائــبــي=حـتـى المـنـام مــن البـعـاد هجـرتـه
أحــيــا بــــلا قــلـــب وأزعـــــم أنــنـــي=حـــــي لأنــــــي لـلـحـبـيــب وهــبــتــه
ولـكـم رشـفـت الـدمـع حـيـن بـعـاده=صـابـا لأنــي فــي الــوداع سكـبـتـه
أفـديـه مــن خــل تـجـذر فــي دمــي=عشـقـي لــه عـنـد المـمـات نـزفـتـه
خـادنـت لـيــل الوالـهـيـن أضـالـعـي=جـمــر وصـــدري بـالأنـيــن كـويـتــه
لـومـثـل الـبـيـن الـمـشــت مـجـســدا=والــروح فـيـه عـلـى الـبــدار قتـلـتـه
اهـتـز مــن طــرب إذا عــزف الـلـقـا=لحنـا وهمـي فـي الـوصـال نسيـتـه
أخفـي عـن العـذال نــزف مدامـعـي=حــذرا يـقـال البـيـن ســـوف يمـيـتـه
مـلـكــتــه قــلــبــي لــيــرتــع وحـــــــده=فـيــه لأنـــي عــــن ســــواه حـمـيـتـه
ورسـمـتـه فـــي كـــل شــــيء رائــــع=في البدر في وجه السماء رسمته

[عيسى سلامي]

قطفـوا الزهـور وغـادروا=وبــقــيــت بـــيـــن بـــلاقــــع
قـلـبـي يـسـامـر حـيـرتــي=والهـم بــات مضاجـعـي
فــلــكـــم تــــــــأوه خــافـــقـــي=ولـكـم سكـبـت مـدامـعـي
متلفتا لا صوت يؤنس=غـيـر صــوت مواجـعـي
سـرقـوا أغـاريـدي الـتــي=غــنــيـــتـــهــ� �ا لـــمـــرابـــعــــي
ســـرقـــوا أمـــانـــي الـــتـــي=أضــحــت كـــــآل لامـــــع
يـــا حـــظ مـالــك بـائـســا=مــا كـنــت إلا صـافـعـي
والأنـس قـال أنــا الــذي=جــفــت لــديــك مـنـابـعـي
يــا لـيـت عـمـري عـائــد=نـحـو الـصـبـا ومـراتـعـي
حـــتـــى أخـــيـــر خــافــقـــا=فـي الحـب ليـس بقـانـع
حــتــى أضــمــد جــرحـــه=بـــهــــوى ولـــهــــو مــــاتــــع
أنــا مــن وقـعــت أسـيــر=أوصـــــــاف ودل رائــــــــع
يا قلب أخطأت الهوى=لــمـــا اشــتــريــت لــبــائــع

[عيسى سلامي]

الأستاذ القدير والمعلم الفاضل إبراهيم بن علي فقيه معلم في المدرسة الابتدائية في قريتنا تقاعد فاقيم له حفل تكريم
وهذه القصيدة ألقيت في حفل التكريم


هذا الذي سكب الفـــــــؤاد مدادا = كيما يســـطر في العلا أمجــادا

هذا الذي امتشق العزيمة نافضا = عن جفن من يبغي السـمو رقادا

هذا الذي المصباح يقبــس نوره = مـــــن نـوره متــــألقــــا وقــادا

في كل صبح يمتطي عــــزماته = ليخوض في ساح العلوم جهادا

كم يستفيق وفي الفؤاد مطامـــح = أن يبـــــصرن أجيـــــاله روادا

يسقي البراعم من نبيل خــــلاقه = عطـــفا ويمنح أنفــــــسا إسعادا

كالغيث يمطر نشــــأه بعـــلومه = سحــــا ويهدي للعــــقول رشادا

كم فـك أغلال الجــهالة علمــــه = وبعــــزمه قد حــطم الأصـــفادا

في كل شبر ها هنا من خطـــوه = أثر يفـــــوح عزيمــــــة وجلادا

وبكــــــل زاويـــة هــــنا لبنــاته = تنبيك عمـــا قد أقــــــــام وشادا

كالجدول الرقراق ينهل نشـــــأه = علـما ويســقي عذبـــــه الـورادا

يا شيخ إبراهيــــــــم إن ودادكم = غمر القــلوب فكم منـحت ودادا

ياابن الفقيه وللرحيـــــل لهيبـــه = بين الضلوع مسعرا وقــــــــادا

ياابن الفقـــيه وللأسى نيـــــرانه = يكــوي القلوب ويلهــب الأكبادا

بالله قف وانظـــر لأثار هـــــــنا = هي لم تعد يوم الوداع جمــــادا

نطقت تــبوح بكـل ما خلفــــته = إذ كنـــــــت ترفع للعلوم عمادا

كم قد مررت هنا وكم لك من يد = للعـــــــلم تعطي لا تهاب نفادا

ولكم غرست بذور إصلاح غدت = تنمو فتمحو في النفوس فسادا

واليوم تزمع للرحيل مغــــــادرا = دار العلوم مخــــلفا أمــــــجادا

هي رحلة التعـــليم مامن سائـــر إلا أناخ علـــى الطريق جوادا

[عيسى سلامي]

تقولين عمري فيرتشف السمع أحلى نشيد

ويحلو القصيد

تقولين عمري

فترحل روحي إلى عالم اللا مدى

ويبتسم الزهر

في ناظري

وتضحك صحراء قلبي

ويفتر ثغر القمر

ويحلو السمر

تقولين عمري فيغمرني الدفء بين الضلوع

وبشعل قلبي لهيب الشموع

وأرجع طفلا يجيد العبث

وينسى همهمات الكبار

ويحيا حياة الصغار

ويرفل في ثوب حلم جديد

تقولين عمري فتصهل بين العروق

فرحة...... ضحكة ..... نشوة

لست أدري


وينشق صدري


لأخرج قلبا لكي يرتمي

بين أحضانك الدافئة

وينسى الضجر ويورق فيه الشجر

[عيسى سلامي]

تقولين عمري فيرتشف السمع أحلى نشيد

ويحلو القصيد

تقولين عمري

فترحل روحي إلى عالم اللا مدى

ويبتسم الزهر

في ناظري

وتضحك صحراء قلبي

ويفتر ثغر القمر

ويحلو السمر

تقولين عمري فيغمرني الدفء بين الضلوع

وبشعل قلبي لهيب الشموع

وأرجع طفلا يجيد العبث

وينسى همهمات الكبار

ويحيا حياة الصغار

ويرفل في ثوب حلم جديد

تقولين عمري فتصهل بين العروق

فرحة...... ضحكة ..... نشوة

لست أدري


وينشق صدري


لأخرج قلبا لكي يرتمي

بين أحضانك الدافئة

وينسى الضجر ويورق فيه الشجر

[عيسى سلامي]

هنا دكة الأحـلام تستـل عاشقـا=لينثال وجـدا بالتباريـح ناطقـا
يخبئها في كـل عـرق صبابـة=ويمنحها بيـن الأضالـع خافقـا
وتسرقه الآمـال نبـض مشاعـر=تجسدا وجدا في الشرايين عالقـا
ويعزف لحن الذكريـات بدمعـه=فيصبح فيه من أسى الروح غارقا
يقلب طرفـا فـي السمـاء لعلـه=يرى نجمه الوهاج في الأفق بارقا
تجرعه الآلام في القلـب غصـة=فيمسي بها في هجعة الليل شارقـا
وكم حز سيف البين من بعد وصله=لقـاء فأمسـى للفـراق معانقـا
تدلت له الأفراح حتـى إذا غـدا=ليقطفها أضحى لها الفقـد سارقـا
ومن لم بذق طعم النوى في حياته=فكيف يلوم اليوم من بات ذائقا
يخادع قلبا باتلسلو فينثني =وقد سح دمع العين كالسيل دافقا

[عيسى سلامي]

ترشف خافقي مر الغياب = فأبت إلى بكاء وانتحاب

طلام الليل صيرني ضريرا = يرافقني حنيني واغترابي

هناك لبست أردية الأماني = فعدت بلا كساء أو ثياب

هناك وقفت أنتظر ابتهاجا = فصاحبني انيني واكتئابي

وعود الأمس ترشفني سرابا = وأين الري من لمع السراب

أنا قلب تدثر بالمآسي = وأوجعه تراتيل الغياب

وكأسي كسرت فظللت أهفو = إلى أمل لكي أمحو عذابي


نزفت الآه في قلق الليالي = فصار الدمع يجري في انصباب



ولوعني من الشكوى أنين = وصرت أعيش في لجج ارتياب



وسرت إليك يدفعني حنيني = عسى درب يؤول إلى ااقتراب

[عيسى سلامي]

تركت دموع العين هاطلـة تـروي= لقصة عشق قد غـدا نبتهـا يـذوي
تشظى فؤادي حين أسلمـه النـوى=إلى زفرة حرى إلى حسـرة تكـوي
وأبصرت في ليلي جحافـل غربـة=تصاولنـي بالهـم زاحفـة نحـوي
جلست أناغي الذكريـات ومدمعـي=يسح وريح البين في مسمعي تعـوي
تبعثرت الآمال في العمر وانقضـت=حكايات أسمار فـلا أحـد يـروي
وشيدت ما بيـن الضلـوع مدائنـا=ولكنها أمست على عرشهـا تخـوي
لقد أجهشت كل التفاعيل فـي فمـي=وسال دم الاعراب ينهل من نحـوي
أنا الطائر المحزون هيض جناحـه=تخطفني حزني إلـى قعـره أهـوي
رحلت على صدر اليباب فلـم أجـد=سوى الآل يغريني وما ظمئي يروي
وإن رمت وصلا خلته الصعب مطلبا=وإن سرت في درب تعثر بي حطوي

[عيسى سلامي]

يا قابسيـن النـار هاكـم أضلعـي=فلتصطلوا إني اشتعلت مـن الجـوى
وإذا ظمئتـم فاشربـوا مـن أدمعـي=هي أنهر سالت علـى أثـر النـوى
أحرقـت سفـر العاشقيـن بأحرفـي=وملئت سفري مـن تراتيـل الهـوى
ورحلت ألتمـس الضيـاء فـلا يـد=مدت إلـي ولا الفـؤاد قـد ارتـوى
أنـا حالـم لكـن حلمـي قـد غـدا=مثل السـراب وزهـر آمالـي ذوى
أبحرت في لجـج الغـرام مراكبـي=غرقت وصوت الريح في سمعي عوى
بعضي على الأرض المهينـة لاثمـا=أشجانها والبعض منـي قـد هـوى
منذ ابتـدأت وبـي ملامـح غربـة=والحزن في كهف المشاعر قد ثـوى
لا لا تلومـوا خافقـي فـي غـيـه=إن ضل في دنيـا المحبـة أو غـوى
أنـا كلمـا حاولـت رسـم معالمـي=طمس الزمان معالمـي ثـم انـزوى
أمشي على الوجـع المقيـم يهدنـي=ألم السنين وصبح أفراحـي انطـوى
هـذا كـتـاب الوالهـيـن قـرأتـه=وحفظت مابين السطور ومـا حـوى
فظفرت بالسهر الممـض جوانحـي=لهـب وقلبـي بالأنيـن قـد اكتـوى
اطعمت ركـب الراحليـن سعادتـي=-وتركت قلبي كي يبيت على الطـوى

[عيسى سلامي]

دع الآلام تبريني = وجمر الحزن يكويني


ولا تصغ لإنشادي = فقد ماتت تلاحيني


أصيح أصيح لا جدوى = ولا خل يسليني


وأركب موج أحلامي = يثور أسى ويرميني


إلى دنيا متاهاتي = إلى أقدار مغبون


أعالج جرحي الدامي = كمطعون بسكين


يسير الناس من حولي = وأبقى العمر في الدون

فلا الأفراح تعرفني = ولا أنس يواتيني

وتسلمني تباريحي = إلى آهات محزون

أهيم بقفر أوجاعي = ولا أمل يواسيني

وتعربني تصاريفي = ولكن دون تنوين

أنا جملة أحزان = ومنها كان تكويني

على بوابة الحرمان = قد تاهت عناويني

كصاد سرت ملتمسا = لسقيا من سيرويني

[عيسى سلامي]

سأصمت رغم الأسى والهموم = لأحمل قلبا عظيم الكلوم

وفي كل نبض له أنة = ويلفحه الحزن لفح السموم

توارى عن القلب أحبابه = وخلفه الهجر مثل الرميم

وصوح زهر الهنا ذاويا = وأصبح في العمر صنو الهشيم

تصبر فؤادي فما أنت إلا = من البين غير معنى سقيم

إذا الخل زم رحالا له = تصيح كأنك طفل يتيم

وإن حل قربك تخشى بعادا = فأنت على الحزن ثاو مقيم

ولست بصغ لقول عذول = على حب خل مليح يلوم

وإن ذقت من حبه كل رزء = وأصبح بؤسي بقلبي عظيم

فلست بناس ودادا له = مع العمر يبقى صفيا يدوم

[عيسى سلامي]

إذا تهجرين فإن فؤادي = سيبقى إلى الوصل دوما يحن

ويرنو للقياك في كل حين = وإن طال في البعد عنك الزمن

وكل مكان أويت إ ليه = هو الدار يا منيتي والوطن

إذا ذكر اسمك بين البرايا = أكاد لفرط حنيني أجن


أعيش مع الناس لكنني = بأسر هواك أنا المرتهن

ذكرت ليالي وصل تولت = فهاج التذكر في الحزن

أظل أعلل قلبا عليلا = بلقياك كيما يزول الشجن

وأرعى نجوم الدياجي وأمسي = صديق السهاد عدو الوسن


وكيف الخلاص وقلبي أسير = تشكى قيود الهوى والرسن

وكم بت ليلي أناجي خيالا = وأهفو إليه إذا الليل جن

[عيسى سلامي]

لا ترحلي بالله لا ترحلي = فالقلب من وصلك لم يثمل

مرت ليالي الأنس في خلسة = وأصبحت أيامه تنجلي

فلتسمعي أنات قلبي الذي = ناداك من لوعته أقبلي

يحن للوصل به وحشة = ولم يعد في البعد عنك السلي

فأنت من علم قلبي الهوى = وقبله كان فؤادي خلي


فلتجمعي في العمر أشتاته = فبعدك الأفراح لم تكمل

لما نأيت اليوم يا فتنتي = صار فؤادي بالجوى يصطلي

واليوم لا بلبل فلبي شدا = وكيف يشدو في النوى بلبلي


وإن دجى ليل النوى عله = بنور صبح في اللقا ينجلي

[عيسى سلامي]

إني احترقت من الجرح الذي حرقك = حتى ولو كان جرحي في الهوى سبقك

لما أناخ بباب العمر يطرقه = ما ارتاح حتى أتى في هجعة طرقك

قد كنت تمرح في زهو الحياة بلا = هم ولكنه في بغتة سرقك


أسفر كصبح إذا ليل العناء دجى = يا سيد الحرف أشعل في المدى ألقك


وسطر اللغة البيضاء في سرف = ما مل نبضك من في الشعر قد عشقك


يامن تفردت في الألحان تعزفها = ومن شبيهك سبحان الذي خلقك

ما أتعب الحب لو أسرفت في شغف = إلى الذي هو طول الدهر ما علقك

وإن تكتم نارا في الحشا حذرا = من العواذل دمع العين قد تطقك

[عيسى سلامي]

أيها العمر هـل تظـل صفيـا=وكؤوس الهنا هوت مـن يديـا
ذبح البيـن أغنياتـي اللواتـي=طالمـا غـردت علـى شفتيـا
ليتني لـم أزل غريـرا بقلبـي=حلم طفـل ومـا أزال صبيـا
روعتني أشباح بيـن وأمسـت=كل حيـن بالهـم تعـدو عليـا
ها أنا واقـف علـى جمـرات=من حنين تكوي الأضالـع كيـا
يا سقـى الله أمسيـات تولـت=حين كنا للحـب نشـدو سويـا
حين فاحت رياض قربك عطرا=ننشق الأنـس عابقـا وشذيـا
والوصال الشهي مـد غصونـا=وارفـات فـي ظلهـا نتفـيـا
والعيون الملاح تحكـي غرامـا=وإذا مـا أتيـت ترنـو إلـيـا
لا لأنـي الوسيـم لكـن قلبـا=عرف الحب ليس يبصـر شيـا
وإذا ما سطـا الفـراق علينـا=أنا أبكـي وأنـت تبكـي عليـا
يا خديـن الفـؤاد بينـك نـار=كم أقاسي في العمر منها صليـا
وتناسيـت حبنـا فـي عـتـو=عن هوانا وصرت عني سليـا
ولبسـت الجفـاء بعـد وفـاء=وحملت الوفـاء فـي أصغريـا
وسراب الوعـود يلمـع لكـن=لست ألقى من ذلـك الآل ريـا
كلمـا لاح لـي خيالـك أهفـو=لألاقـيـك بـكـرة وعشـيـا
كم هززنا من نخل وصلك جذعا=فهوى الحب في الفـؤاد جنيـا
والعنـاق اللذيـذ يسلـب منـي=عفة الروح كـي أكـون غويـا
أنت نبضي وكيف أهجر نبضي=أنا أصبو إليك ما دمـت حيـا

[عيسى سلامي]

بعد أن ارتحل عن قرية مسلية المعلم الفاضل والمربي القدير الأستاذ خضر يعود زائرا إذ مكث معلما في مدرسة مسلية الابتدائية ما يقارب الخمسة والعشرين عاما

تمر السنين ويطوى الزمـــان = وتبقى مدى العمر تــلك الذكـــر
يضمخ بالعطر ذاك العــــطاء = وينهل في البذل مــثل المــطر
وتنداح في خاطري الذكريات = لأحــمل منها جمــــيل الصـور
وتمحى من العقل أحداث شتى = ويبقى هنا في الحنايا خـــــضر
سنذكر أستاذنا كل حــــــــين = وما شاد بالعلم حين الصــــغر
وماكان يهدي لنا من نضــار = ومـــــا كـــــان يمنحنا من درر
وكم قد شممنا زكــي الورود = وفاحــــــت فـــــــوائده كالزهر
أحال يباب العقول اخضرارا = وأنبـــــــت فيـــها نضير الشــجر
غرست أأستاذ بذر العـــلوم = فأينع لــــــــــــما حصـــدت الثمـر
تريض الجــسوم بحزم قوي = وعزم شـــــديد يفـــــل الصـــخــر
تحلق بالنشء نحو المعالــي = وتسمو به عن مهاوي الحـــــــــفر
وكم مهرجان أقمت عروضا = به حيـــــــــث كـــــــان فريدا بهــر
وحـــــــفل تنــــظمه باقتــــدار = فيسحر من حـــــــــسنه من حضر
ولولاك ما كنت أهوى الفصيح = وأنظم في الشــــعر أغـــــــلى الدرر

[عيسى سلامي]

يامن رحلت وكم نود بقاء = فلقد حملت مدى الحياة نقاء
يا خادم الحرمين هذي أحرفي = مكلومة تبكي عليك دماء
أنا لست وحدي في البكاء فهاهنا = وطن تشكل حسرة وبكاء
أنا لست وحدي في النحيب فهاهنا = شعب تدثر بالنحيب رداء
ولقد هرعت إلى الظنون مكذبا = نبأ يصغر وقعه الأنباء
حتى إذا ألفيت ذاك حقيقة = شرقت حروفي تستثير رثاء
كنا نعظم كل رزء قبله= واليوم نحقر بعده الأرزاء

بي ألف جرح ما استمعت نداءه = لما علا جرح الرحيل نداء
أنفاس شعري بالأسى مخنوقة = هيهات ألفي سلوة وعزاء
وعيون كل الثاكلين مدامع = سحت لتحكي في الهطول سماء
كنا طيورا في حدائقك التي = وهبت لنا من دوحها أفياء
واليوم صرنا في رياضك حوما = لما ارتحلت من الفراق ظماء

لم يدفنوك أيا حبيب بتربة = بل كان قبرك أضلعا خضراء
ولئن تكفن في البياض فطالما = حمل الفؤاد سريرة بيضاء
حقنوا ودادك في العروق محبة = فجرت دماؤهم تفيض ولاء
لو أن ناموس الوجود يجيز لي = أن أفتدي بالروح كنت فداء

أمشي ويلتفت الطريق يعيدني = لأظل في الذكرى ألوك شقاء
في كل ناحية أراك ملوحا = بيديك تظهر رقة وصفاء
هذي زنابقك الزكية لم تزل = تهدي لنا من عرفها أشذاء
كفاك ما كفاك إلا مزنة= تهمي على الشعب الحبيب عطاء
فسلال عيشهم غدت مملؤة = فياضة مما منحت رخاء
منديل عطفك لم يجف فطالما = جففت عن خد اليتيم الماء
كم كان قلبك بالحنان مضمخا= تأسو الجريح وتمنح الفقراء
ورعيت للرجل الكبير مقامه = تدنو إليه تعيره الإصغاء
ما زلت أسمع في البيوت أراملا= يبكين جودك منحة وسخاء
يا ابن المؤسس كم نهضت بدولة = باتت تتيه حضارة ونماء
لما ورثت المجد من أطرافه = نسلت خلالك عزة وإباء
تلك البروج اللاثمات سحائبا= نطقت بأنك قد رفعت بناء
وخدمت للبيتين أشرف خدمة = ماكنت تطلب سمعة ورياء
أحللت موطنك المجيد مواقعا = فوق النجوم فعانق الجوزاء
وكسوته ثوب التقدم زاهيا = فغدا يشع نضارة وبهاء
ونصرت للدين الحنيف مواليا = أهل العقيدة إذ رفعت لواء
ما زعزعتك رياح أهل تطرف = فمضيت تخمد فتنة هوجاء
هيهات أن يطوي الزمان صحائفا = شعت بمجدك رفعة وسناء
فاحلل أعبدالله دار إقامة = وانعم بفردوس الجنان جزاء

[عيسى سلامي]

قالوا الهناءُ بأن تعدِّدَ في الزواجْ تصــــفو لك الدنيا ويعتـــدلُ المِزاجْ
فلكلِّ واحدةٍ صــــــفاتٌ قد خلتْ منْ مثـلها الأخرى فما فيـها ازدواجْ
أرأيتَ فاكهة تشــــــــابه طعمُها إذ أينعتْ ثـــمراً وحــان بها النــتـاجْ
ذي تستبيكَ بغُنـــــــجِها ودلالِها وتذوِّب الأخـــرى عناءك بالمســاجْ
وتظـــــلُّ ترفلُ في نعيــــمٍ دائمٍ كلتاهما لبـــــَّــــــــتْ لديك الاحتياجْ
ويرفُّ قلبُك بالسعـــــادةِ حيثما وجَّهتَ تختلجُ الضلوعُ بها اختـلاجْ
وإذا مرضتَ تسابقتْ كلـــتاهما خوفاً عليــــــــك تقدمان لك العلاجْ
هذي تجيدُ من الحلا أصـــنافَه وتجــوِّد الأخرى لمكبــوسِ الدَّجاجْ
هذي بقهـــــوتِها القرنفلُ فائحاً للزعفرانِ بقــــهوةِ الأخرى امتزاجْ
أما المساءُ فلا تسلْ كيف المسا ضـحكٌ وإينـــاسٌ وفــــرحٌ وابتهاجْ
كلتاهما همستْ إليك بقـــــصةٍ عذريةٍ حتى تصـــــــيرَ إلى اندماجْ
ويمرُّ ليلك في الهناءِ وطالمــا ستـظلُّ في النجوى إذا ما الليل داجْ
في كل أمسيةٍ تشمُّ بها الشــــذا متغايراً فتبيتُ فـي أصـــــفى مِزاجْ
هذي تذيقك مــن حلاوةِ منطقٍ عذبٍ وهذي تستمــــيلك بالغُنـــــاجْ
كل تسوِّق في مزادك سلــــعة مما تجيد له لكـــــــي تلقى الرواجْ
وإذا قدمتَ تبســـــمتْ كلتاهما وتحيـــــــيان وللأســـاريرِ انفراجْ
هذي تميسُ كمثلِ غصن إن مشتْ ويقيِّد الأخرى إذا تمـــشي ارتجاجْ
هذي تداعبُ ذي تلاعبُ كلُّ واحدة لها من طبعـــــــها دربُ انتـــهاجْ
هذي تضيء لك الحياةَ كشمـــعةٍ وتبــدِّد الأخـرى ظلامَك كالسِّراجْ
هذي كمثلِ البدرِ إن هي أقـبلتْ حسناً وهذي كالصباحِ لدى انبـلاجْ
لاشيءَ أجملُ من حيــــــاةِ معدِّدٍ فافتحْ إذا ما شئــتَ للســـعد الرِّتاجْ
واطرحْ مخاوفَك التي هي حاجزٌ عن عيشِ أنـــسٍ حينــما جُعلتْ سِياجْ
من لم يجــرِّبْ متـــــــعة بتعددٍ ستـــــــــظلُّ متعته خِداجاً في خِداجْ
فدلفتُ نحــــــــو تعددٍ متـــأملاً أنسا لعــــلي أستـــــريحُ بذا الزواجْ
لكن رأيتُ من الأسى ألوانـَــه وشربتُ كـــأساً من ملوحته أُجـــاجْ
قد كنت أحسب أنني في سطوة مثل الذئاب وأنَّهــــــنَّ كمـــا النعاجْ
فغدوت بينهما كحــــال نُعيجةٍ والذئبتان عليَّ دومـــاً في هــِـــــياجْ
حاولتُ أن أجد ائتلافَ طبائعٍ ليظلَّ بينــــهما من الصــــفو اندماجْ
فعييتُ أن أجد الحلولَ لما أرى وعجزتُ أن ألقى لذا الضيقِ انفراجْ
وغرقتُ في بحرٍ يموج مآسياً من ذا سيــــنقذني إذا مالبـــحر ماجْ
هذي تولولُ في صــياحٍ دائـــمٍ وتقدم الأخرى معاريضَ احتــــجاجْ
وإذا مرضتُ فما وجدتُ مواسياً أو مــنْ تقدم لي إذا شئـــــتُ العـلاجْ
كلتاهما عبستْ فما من بســمةٍ ألقى وما ألفيـــــتُ في العيش ابتهاجْ
هذي تعاتب ذي تغاضـــب كلُّ واحدة لها من شـــــأنها حبُّ اللجاجْ
إن ثارتا يوماً عليَّ كعاصـــفٍ لم أستطــــــع عجزاً مقاومةَ العجاجْ
وإذا هممتُ بأن أقوِّم ما انحنى من طبعهن وأن أقــــيمَ الإعــوجاجْ
أعلنتُ إفلاسي لأرجعَ حاملاً خُفَّي حُنـــــــينٍ والفؤادُ به انزعـاجْ
وعلمت أني قد وقعتُ ضحيةً لما دلفتُ إلى التــــــعددِ في الزواجْ

[عيسى سلامي]

قالوا الهناءُ بأن تعدِّدَ في الزواجْ تصــــفو لك الدنيا ويعتـــدلُ المِزاجْ
فلكلِّ واحدةٍ صــــــفاتٌ قد خلتْ منْ مثـلها الأخرى فما فيـها ازدواجْ
أرأيتَ فاكهة تشــــــــابه طعمُها إذ أينعتْ ثـــمراً وحــان بها النــتـاجْ
ذي تستبيكَ بغُنـــــــجِها ودلالِها وتذوِّب الأخـــرى عناءك بالمســاجْ
وتظـــــلُّ ترفلُ في نعيــــمٍ دائمٍ كلتاهما لبـــــَّــــــــتْ لديك الاحتياجْ
وتخال نفسك إن أتيت كأنما ملك يعصبه على الفودين تاج
ويرفُّ قلبُك بالسعـــــادةِ حيثما وجَّهتَ تختلجُ الضلوعُ بها اختـلاجْ
وإذا مرضتَ تسابقتْ كلـــتاهما خوفاً عليــــــــك تقدمان لك العلاجْ
هذي تجيدُ من الحلا أصـــنافَه وتجــوِّد الأخرى لمكبــوسِ الدَّجاجْ
هذي بقهـــــوتِها القرنفلُ فائحاً للزعفرانِ بقــــهوةِ الأخرى امتزاجْ
أما المساءُ فلا تسلْ كيف المسا ضـحكٌ وإينـــاسٌ وفــــرحٌ وابتهاجْ
كلتاهما همستْ إليك بقـــــصةٍ عذريةٍ حتى تصـــــــيرَ إلى اندماجْ
ويمرُّ ليلك في الهناءِ وطالمــا ستـظلُّ في النجوى إذا ما الليل داجْ
في كل أمسيةٍ تشمُّ بها الشــــذا متغايراً فتبيتُ فـي أصـــــفى مِزاجْ
هذي تذيقك مــن حلاوةِ منطقٍ عذبٍ وهذي تستمــــيلك بالغُنـــــاجْ
كل تسوِّق في مزادك سلــــعة مما تجيد له لكـــــــي تلقى الرواجْ
وإذا قدمتَ تبســـــمتْ كلتاهما وتحيـــــــيان وللأســـاريرِ انفراجْ
هذي تميسُ كمثلِ غصن إن مشتْ ويقيِّد الأخرى إذا تمـــشي ارتجاجْ
هذي تداعبُ ذي تلاعبُ كلُّ واحدة لها من طبعـــــــها دربُ انتـــهاجْ
هذي تضيء لك الحياةَ كشمـــعةٍ وتبــدِّد الأخـرى ظلامَك كالسِّراجْ
هذي كمثلِ البدرِ إن هي أقـبلتْ حسناً وهذي كالصباحِ لدى انبـلاجْ
لاشيءَ أجملُ من حيــــــاةِ معدِّدٍ فافتحْ إذا ما شئــتَ للســـعد الرِّتاجْ
واطرحْ مخاوفَك التي هي حاجزٌ عن عيشِ أنـــسٍ حينــما جُعلتْ سِياجْ
من لم يجــرِّبْ متـــــــعة بتعددٍ ستـــــــــظلُّ متعته خِداجاً في خِداجْ
فدلفتُ نحــــــــو تعددٍ متـــأملاً أنسا لعــــلي أستـــــريحُ بذا الزواجْ
لكن رأيتُ من الأسى ألوانـَــه وشربتُ كـــأساً من ملوحته أُجـــاجْ
قد كنت أحسب أنني في سطوة مثل الذئاب وأنَّهــــــنَّ كمـــا النعاجْ
فغدوت بينهما كحــــال نُعيجةٍ والذئبتان عليَّ دومـــاً في هــِـــــياجْ
حاولتُ أن أجد ائتلافَ طبائعٍ ليظلَّ بينــــهما من الصــــفو اندماجْ
فعييتُ أن أجد الحلولَ لما أرى وعجزتُ أن ألقى لذا الضيقِ انفراجْ
وغرقتُ في بحرٍ يموج مآسياً من ذا سيــــنقذني إذا مالبـــحر ماجْ
هذي تولولُ في صــياحٍ دائـــمٍ وتقدم الأخرى معاريضَ احتــــجاجْ
وإذا مرضتُ فما وجدتُ مواسياً أو مــنْ تقدم لي إذا شئـــــتُ العـلاجْ
كلتاهما عبستْ فما من بســمةٍ ألقى وما ألفيـــــتُ في العيش ابتهاجْ
هذي تعاتب ذي تغاضـــب كلُّ واحدة لها من شـــــأنها حبُّ اللجاجْ
إن ثارتا يوماً عليَّ كعاصـــفٍ لم أستطــــــع عجزاً مقاومةَ العجاجْ
وإذا غفوت لأستريح هنيهة أصحو على فزع لتحطيم الزجاج
وإذا هممتُ بأن أقوِّم ما انحنى من طبعهن وأن أقــــيمَ الإعــوجاجْ
أعلنتُ إفلاسي لأرجعَ حاملاً خُفَّي حُنـــــــينٍ والفؤادُ به انزعـاجْ
وعلمت أني قد وقعتُ ضحيةً لما دلفتُ إلى التــــــعددِ في الزواجْ

[عيسى سلامي]

منذ خمسين خريفا شرعت سفينة عمري تمخر عباب بحر الحياة غير أني اكتشفت أنني لم أتعلم بعد مهارة اصطياد الأحلام :
على جسر من الآلام وحـــــدي أسير إلى المتـــاهة منذ مهدي
تصاولني العذاب من الأمـــاني أروم وصـــــالها وتروم صدي
تلونني المســـــافة في طريـــق عــــبرت به إلى غيِّ ورشدي
تعاتبـــــــتي المرايا كل حـــين تقـــول ألســت كفؤا للتصدي
بلى كفؤ ولكنــي ســــــــــلاح يصوَّب للعـــــــدو بغــير زند
وما جنيات هذا العجز عنـدي سوى منــي وليس أبي وجدي
أغاضب سحنتي فأظل رهنـا للون ملامحي وسمار جلدي
تخبئني سراديـــــــب الليـالي وتطفئني فأحــــــيا دون وقد
وبي بحر من الأحلام طــــام أظل به علــى جـــــــزر ومدِّ
إذا حاولت أن اصطاد حلـــما تكل عزيمتي فيفر صــيدي
وفي صدري من الأحزان حشد ولكني بصبري ألف حــشـــد
تلوِّح لي فتاتــــــي من بعـــيد فأتبعها وفي الأحشــاء وجدي
بأضلاعي لها شتــــلات ورد ولكن جـفَّ بالأوهــام وَردي
ولما أن وصلت وجـــدت آلاً يساقيـني وعــــودا دون وِرد
وما أنا يوســــفي في جمـال ولكن مثــــله في طـــول قـيد
ولي من وحدتي حلفاء صدق أمحَّضهم علــــى الأيــام ودي
تمطت غربتي بيـــن الحنايا كأني في الأنام أعيش وحدي




إذا ما الهاجسات ولجن حسي نظمت الشعر عـــقدا تلو عـقد
أحمله بكائي حيـــــن جــرحي وزغردتي إذا ما حــل سعدي
وها أنذا تشــــــيعني سنــــــيني إلى الخمســــين عقدا بعد عقد
كبرت وما كبرت سوى حساب لأعـــوام لهـــــا قد كان عدِّي
فلم أكبــــر على أمر جلـــــــيل ولم أظفر بشـــيء مستــجد
تكرر نسخـــــتي الأيام طبـــقا لما قد كان في صغري ومهدي
أطل على سنـــــيني من عــــلو على حذر أخاف من الـتردي
فألمحها وقد ولـــــت عجـــــافا ولم تترك سمين الحظ عندي
ترعرع داخلي ألمي وحزنـــي وشبَّ بأضلعي وجعي وفقدي
وتسردني الحوادث في فصول من المأساة حتـى مل سردي
نشأت وفي دمائي سيــــــبويهٍ يحفزني لمضمـــار التحدي
فأعربت الكلام بكل وجــــــه لذي نطق على ما كان يبدي
ولم أعرب ضميرا في استتار أقدره على بغــض وحقـــــد
تناسل بين أضلاعي حنــــين لمولعــــــة بهجرانٍ وصـــدِّ
تباعدني لدى قـــرب وتدنــو على نأي من اللقـــــــيا وبعد
ترابط في َّ أشــــواقي كأني حشدت بداخلي ثكـــنات جند

[عيسى سلامي]

منذ خمسين خريفا شرعت سفينة عمري تمخر عباب بحر الحياة غير أني اكتشفت أنني لم أتعلم بعد مهارة اصطياد الأحلام :

على جسر من الآلام وحـــــدي = أسير إلى المتـــاهة منذ مهدي
تصاولني العذاب من الأمـــاني = أروم وصـــــالها وتروم صدي
تلونني المســـــافة في طريـــق = عــــبرت به إلى غيِّ ورشدي
تعاتبـــــــتي المرايا كل حـــين = تقـــول ألســت كفؤا للتصدي
بلى كفؤ ولكنــي ســــــــــلاح = يصوَّب للعـــــــدو بغــير زند
وما جنيات هذا العجز عنـدي =سوى منــي وليس أبي وجدي
أغاضب سحنتي فأظل رهنـا = للون ملامحي وسمار جلدي
تخبئني سراديـــــــب الليـالي = وتطفئني فأحــــــيا دون وقد
وبي بحر من الأحلام طــــام = أظل به علــى جـــــــزر ومدِّ
إذا حاولت أن اصطاد حلـــما = تكل عزيمتي فيفر صــيدي
وفي صدري من الأحزان حشد = ولكني بصبري ألف حــشـــد
تلوِّح لي فتاتــــــي من بعـــيد = فأتبعها وفي الأحشــاء وجدي
بأضلاعي لها شتــــلات ورد = ولكن جـفَّ بالأوهــام وَردي
ولما أن وصلت وجـــدت آلاً = يساقيـني وعــــودا دون وِرد
وما أنا يوســــفي في جمـال = ولكن مثــــله في طـــول قـيد
ولي من وحدتي حلفاء صدق = أمحَّضهم علــــى الأيــام ودي
تمطت غربتي بيـــن الحنايا = كأني في الأنام أعيش وحدي

إذا ما الهاجسات ولجن حسي = نظمت الشعر عـــقدا تلو عـقد
أحمله بكائي حيـــــن جــرحي = وزغردتي إذا ما حــل سعدي
وها أنذا تشــــــيعني سنــــــيني = إلى الخمســــين عقدا بعد عقد
كبرت وما كبرت سوى حساب = لأعـــوام لهـــــا قد كان عدِّي
فلم أكبــــر على أمر جلـــــــيل = ولم أظفر بشـــيء مستــجد
تكرر نسخـــــتي الأيام طبـــقا = لما قد كان في صغري ومهدي
أطل على سنـــــيني من عــــلو = على حذر أخاف من الـتردي
فألمحها وقد ولـــــت عجـــــافا = ولم تترك سمين الحظ عندي
ترعرع داخلي ألمي وحزنـــي = وشبَّ بأضلعي وجعي وفقدي
وتسردني الحوادث في فصول = من المأساة حتـى مل سردي
نشأت وفي دمائي سيــــــبويهٍ = يحفزني لمضمـــار التحدي
فأعربت الكلام بكل وجــــــه = لذي نطق على ما كان يبدي
ولم أعرب ضميرا في استتار = أقدره على بغــض وحقـــــد
تناسل بين أضلاعي حنــــين = لمولعــــــة بهجرانٍ وصـــدِّ
تباعدني لدى قـــرب وتدنــو = على نأي من اللقـــــــيا وبعد
ترابط في َّ أشــــواقي كأني = حشدت بداخلي ثكـــنات جند

[عيسى سلامي]

مع صادق العزاء والمواساة للشيخ أحمد بن محمد النعمي في وفاة أمه الوالدة صالحة هذه قصيدة في رثائها سائلا الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته


فيم العزاءُ فقلتْ أمِّي صالحةْ = رحلتْ عن الدنيا فأمستْ نازحة
يا أمَّنا كلُّ القلوب تولَّهتْ = حزناً عليك وكلُّ عينٍ سافحةْ
فتصبراً يا شيخُ أحمدُ واحتسبْ = أجرَ المصاب وإن جرعتَ لوافحه
ما زلتُ أذكر حين جئتُ منعَّماً = وعليَّ آثارُ المسرَّة طافحةْ
ها أنت يا ولدي حييتَ وصرتَ في = نعمٍ من اللهِ واضحةْ
يا طالما قد كنت واهبةً لنا = فيضَ الحنان وكلَّ عطفٍ مانحةْ
ما كنتِ يوماً تحملين فظاظةً = أو كنتِ يوماً للمشاعرِ جارحةْ
كم كان بيتُك مرتعاً لطفولتي = مشاءةٌ قدمي إليه ورائحةْ
زمنٌ تولى لستُ أنسى عهده = ستظلُّ ذاكرتي تعيدُ ملامحهْ
يكفيكِ إنجابٌ لأحمدَ إنَّه = خيرُ الرِّجال به المكارمُ فائحةْ
تاللهِ ما تلك الحشودُ توافدتْ = إلا براهيناً عظاماً شارحةْ
شرحتْ فضائلَه ونبلَ صفاتهِ = ومساعياً من بحر فضلٍ ماتحةْ
وعزاؤنا يا أمُّ أنَّك بالتُّقى = قد عشتِ عابدةً وأنَّك صالحةْ
ياربُّ فاجعلها بدارِ كرامةٍ = دارِ الجنانِ لكي تكونَ الرابحةْ

[عيسى سلامي]

يا أبا خالدٍ عليك سلامُ = في جنانٍ يطيبُ فيها المقامُ
لهفَ نفسي عليك يومَ ترحلت = فجرحي عليك لا يلتامُ
إنَّ حزني لفي الفؤادِ عميقٌ = والحشا فيه حُرقةٌ وضرامُ
يا شهاباً قد كان يلمعُ فينا = وضياءً به يزولُ الظَّلامُ
راعني ذلك النبا حين قالوا = ابنُ قنعان قد أتاه الحِمامُ
فبكت نسوةٌ وصاحَ رجالٌ = وكبيرٌ شجا وأنَّ غلامُ
كنت فينا ذا همةٍ وسدادٍ = تنشرُ العلمَ أنت فيه الإمامُ
فعزاءً إلى أبيك عزاءً= ولئن فُلَّ في يديه الحسامُ
هو أبدى تصبراً وعليه = مُثقلاتٌ من الهموم جسامُ
كلُّ خطبٍ من بعد فقدك هينٌ = كلُّ حزنٍ على سواك ملامُ
يا أبا في العلوم أنت فقيدٌ = كان يحدوه للعلوم الغرامُ
يا همام أدار دفة دارٍ = في يديه إذا يقود الزمامُ
يا أبا خالد سيبكيك جيلٌ = قدته للعلا فعزَّ المقامُ
فعسى أن ترى من الله عفواً = في جنان يطيب فيها المقامُ

[عيسى سلامي]

أتيتُ أسكبُ في أبيــــــاتي النغما = وأنظمُ الحبَّ لما جئــــتم كلما
ضيف الربيِّع قد حلــــوا فحلَّ بنا = بشرٌ ولاح علينا السعدُ وارتسما
كل الربوعِ هنا لمــــا أتوا فرحت = كلُّ شبرٍ هنا من أنســــــه ابتسما
لما طفا الأنسُ في أكوابِ عاطفتي = أرشفتُها الشعرَ والأوزان والقلـــما
هذا أبو طارقٍ يزجي لكم جملا = من التراحيبِ مثلَ العقد منتـــظما
مشاعرٌ جمــــة ٌلو كان يحمــلها = وادٍ ببيشٍ لأضــــــحى هادرا عرما
أو كان ناغى بها الأطيارَ صادحة = لأصبحت بالتحايا تنـــــــــشدُ النغما
أو كان أرسلها في الأفق صاعدةً = لحاكت المزنَ تهدي الغيــــث والدِّيما
أو كان أودعها الصمَّ الصِلاب لما = ظلت صلابا وصاغــــــتْ للحديث فما
من مثلُ أحمدَ فينا طاهرا ورعا = من مثـــــلهُ في خــلالٍ قائدا علما
من منبعِ العزِّ والأمجادِ محتدهُ = وفي طـــريق المعالي بالعلــوم سما
أدار دَفـــــةَ تعلــــيمٍ بحنـكته = وهــــمةٍ فاعتلى من عزمـــه القمما
واليوم يكمل منه السعد حين أتى = ضيوفه إذ نراه اليـــــــــوم قد غنما
يا مرحبا لحنتها كلُّ صادحةٍ = فأسمعت من صداها السهل والأكَما
يا مرحبا طرزتها كلُّ غاديةٍ = فأغرقَ الوبلُ منها التـــــــلَّ والعلــــما
يا مرحبا رددتها كلُّ قافيةٍ = حتــــــــــى غدا نافرُ الأوزان منسجما
هذا أبو فيصلٍ قد جاء فابتسمت = كلُّ البقاع تحييّ من حــــــــوى الشيما
عاش الربيِّع يرنو نحو طلعتكم = واليوم حققـــــــتَ من مقصوده الحُلما

قد جئت فانثالت الأفراح غامرة = أهلا وسهــــــلا ومرحـــــى بالذي قدمـــــا
أدري بأحمد إذ جاشت عواطفه = حتى غدا قلـــــبه بالوجد مضطرما
وفي حناياه همسٌ كنت أسمعه = والشعر مني لما يهفــــــو له فهـــما
يقول غالبتُ نارَ الشوق في كبدي = إلى ابن غالبَ حتى أشعـــلت حمــما
كأنني قبل أن ألقاه من لهفٍ = نفســــــي تتوقُ كظمـــــــآنٍ يتوق لما
من الإماراتِ جاء الوفدُ فابتهجت = كلُّ البقاع تحــــــييّ الســــــــادةَ الكرما
شعبان لكننا شعبٌ به اتحدت = أواصرٌ وطريــــــقُ الوحـــــدةِ التـــحما
مدَّ الخليج لنا جسرا به اتصلت = روابطٌ مــــــن إخاءٍ ليـــــس منفصـــما
كلٌّ يفدِّي حمى الشعبين مبتهجا = ما أعذبَ الموتَ في الأوطان والكلما

[عيسى سلامي]

وداعا أيها الرجل = ودمع العين منهمل
فمسلية بها شجن = وجرح ليس يندمل
نودع شيخنا حسنا = ونار الحزن تشتعل
فموتالشيخ فاجعة = وخطب حلنا جلل
تناثر عقد فرحتنا = وعقد الحزن يكتمل
مصاب لا يصوره = رصين الشعر والجمل
وتندب شيخة شيخا = عليه يعقد الأمل
رحلت بإثر أفذاذ = إلى الجنات قد رحلوا
وكم تبكيك أرملة = غدت بالحزن تشتمل
بكاك اليوم ذو عجز= ففقدك ليس يحتمل
أعزي فيك إسماعيل = نعم الشيخ والرجل
رآك العمر قدوته = فأنت بنهجك المثل
وكم قد كنت نهاضا = بأمر ليس يحتمل
فما شكوك بادية = ولم يظهر بك الملل
فمضيت بهمة عليا = فلا ضعف ولا كسل
حملت أمانة عظمى = ينوء بحملها الجبل
فراغك ما هنئت به = فوقتك كله شغل
وكم أخلصت في عمل = فعمرك كله عمل
وأديت الحقوق ولم = يخالط عزمك الكل
وتصلح في مخاصمة = فيمحى الشر والجدل
حلمت على السفيه ولم = تساير حمق من جهلوا
وكم من جاهل في الفعل = فيه العيب والخطل
أساء فكنت ذا عفو = فعندك يستر الزلل
زهدت بهذه الدنيا = فلا شاة ولا جمل
وكم من موقف صعب = إليه العزم تنتعل
ولم تجمع حطام المال = أو تبخل كمن بخلوا
عطاؤك دائما جار = إلى ستضعف يصل
إذا أبصرت ذا يتم = فأنت الباسم الجذل
وتمسح رأسه عطفا= ودمعك واكف هطل
فتحت إلى العلا سبلا = إذا ما سدت السبل
إذا ما نجدة طلبت = فأنت المسعف العجل
نقي في السريرة ما = لديك الغش والدخل
وبيتك مشرع الأبواب = فيه الناس قد دخلوا
كريم في الخصال وكم = منحت لأنك البذل
جريء القلب في حق = فا وهن ولا وجل
وكم عانيت من داء = تصاغر دونه العلل
وكابدت البلا صبرا= إلى أن جاءك الأجل
فسر يا شيخ للجنات = فيها يكرم النزل

[عيسى سلامي]

حلت الوحشة في دار السلام = واستحال النور فيها كالظلام
أقفرت أرجاؤها من درة = منحت حبا وقدرا واحترام
وجرى دمع عليها واكف = كل قلب فيه من حزن ضرام
فاعتصم بالصبر يا والدها = ما عرفنا عنك إلا الاعتصام
آه يا ساقية الماء التي = شربت من وردها كأس الحمام
كم سقيت العلم من منهله = موردا عذبا بعزم واهتمام
وتجردت من اللذات في = زمن أرخى على الناس الهيام
وتبرأت من العصيان في = زمن دعو إلى فعل الأثام
وصرفت الوقت في التعليم = تجنحي للهو أو عيش النيام
هي عاشت لكتاب الله لم = تعشق اللهو ولا سخف الكلام
لا ولا هامت على درب الهوى = أو تردت في تهاويم الغرام
قد قضت عمرا مليئا بالتقى = في هبات وصلاة وصيام
عجبا للأجل المحتوم ما = دافع منه إذا المقدور حام
هي دنيا بالأسى مترعة= وسنين العمر تمضي في انصرام
فعزاء ي فتاةالدار في = من لها في ساحة العلم السنام
فإلى الخلد فسيري وانعمي = بحياة ليس فيها من سقام
وترقي في صفوف الشهدا= في جنان الخلد إذ يلقى السلام
واستظلي بظلال العرش في = يوم حر حينما يبدو الزحام
يصطفي الله عبادا أتقيا= حينما يطغى على الناس الحرام
نحن ضيف الله في دار الفنا= مالنا فيها بقاء أو مقام

[عيسى سلامي]

يا قلب هل مستعصم بجلاد = والموت يحدونا إليه الحادي
يا قلب مالك في المآسي راتع = أسلم إلى الرحمن كل قياد
أو كلما حاولت تسلو برهة = طرقتك فاجعة بلا ميعاد
أبكى العيون ممات عالمنا الذي = عاش الحياة بهمة وسداد
والهفتا قد مات شيخ جهبذ = فاليوم يوم تقرح الأكباد
بالله كيف حواه لحد ضيق = وهو الأشم وواحد الأطواد
ضجت بلاد المسلمين لفقده = وأصاب سهم الحزن كل فؤاد
تلكم هي الدنيا تكدر عيشنا = وتسل سيف الموت من إغماد
ما ألبستنا ثوب عرس لحظة = إلا وتخلفه ثياب حداد
تهدي لنا الأتراح دون مضنة = وتضن بالأفراح والإسعاد
يا راحلا دنياه ليست بغية= لكنه يرجو تواب معاد
أبغضت دنيانا ورحت تذمها= شأن الغريب وعادة الزهاد
طلاب علمك أثكلوا فلطالما = أهديتهم بالعلم درب رشاد
ولطالما أسقيتهم من منهل = للعلم عذب طاب للوراد
أما فتاواك الحسان فإنها= كقلائد وضعت على الأجياد
أو كالسحاب تسح وبلا نافعا = فيعم كل ثنية ووهاد
أو قل هي الشمس المنيرة ضوءها = يغشى البلا حواضرا وبوادي
تهدي بها الحيران في دنياه من = غبش الضلال وحمأة الأفساد
يا نابذا دنياه نبذ مغاضب = فيك التقى وشمائل العباد
علمتنا أن الحياة حقيرة = والعيش عيش الروح لا الأجساد
علمتنا أن السمو بهمة = ليس السمو بغفلة ورقاد
وبأن درب المجد صعب المرتقى = لا يمتطيه سوى ذوي الأمجاد
وبأن من يبغي السمو لنفسه = لابد أن يمشي دروب قتاد
حلقات علمك كم تئن حزينة = إذ غاب نور سراجها الوقاد
علم الحديث نحيبه متواصل = أين الشروح وصحة الإسناد
يبكيك إذ كنت الموثق طرقه = بتواتر ترويه أو آحاد
من للعقيدة شارحا ومفندا = بالرد أهل الزيغ والإلحاد
الفقه يشكو اليتم بعد محمد = من للمتون وشرحها في الزاد
وتركت ممتعك الفريد مولها = يبكي عليك مدامعا بمداد
والكعبة الغراء تبكي جهبذا = إذ كان جاورها مع العباد
فلترحم اللهم روح محمد = وارفع منازله بيوم معاد

[عيسى سلامي]

يا قلب هل مستعصم بجلاد = والموت يحدونا إليه الحادي
يا قلب مالك في المآسي راتع = أسلم إلى الرحمن كل قياد
أو كلما حاولت تسلو برهة = طرقتك فاجعة بلا ميعاد
أبكى العيون ممات عالمنا الذي = عاش الحياة بهمة وسداد
والهفتا قد مات شيخ جهبذ = فاليوم يوم تقرح الأكباد
بالله كيف حواه لحد ضيق = وهو الأشم وواحد الأطواد
ضجت بلاد المسلمين لفقده = وأصاب سهم الحزن كل فؤاد
تلكم هي الدنيا تكدر عيشنا = وتسل سيف الموت من إغماد
ما ألبستنا ثوب عرس لحظة = إلا وتخلفه ثياب حداد
تهدي لنا الأتراح دون مضنة = وتضن بالأفراح والإسعاد
يا راحلا دنياه ليست بغية= لكنه يرجو تواب معاد
أبغضت دنيانا ورحت تذمها= شأن الغريب وعادة الزهاد
طلاب علمك أثكلوا فلطالما = أهديتهم بالعلم درب رشاد
ولطالما أسقيتهم من منهل = للعلم عذب طاب للوراد
أما فتاواك الحسان فإنها= كقلائد وضعت على الأجياد
أو كالسحاب تسح وبلا نافعا = فيعم كل ثنية ووهاد
أو قل هي الشمس المنيرة ضوءها = يغشى البلا حواضرا وبوادي
تهدي بها الحيران في دنياه من = غبش الضلال وحمأة الأفساد
يا نابذا دنياه نبذ مغاضب = فيك التقى وشمائل العباد
علمتنا أن الحياة حقيرة = والعيش عيش الروح لا الأجساد
علمتنا أن السمو بهمة = ليس السمو بغفلة ورقاد
وبأن درب المجد صعب المرتقى = لا يمتطيه سوى ذوي الأمجاد
وبأن من يبغي السمو لنفسه = لابد أن يمشي دروب قتاد
حلقات علمك كم تئن حزينة = إذ غاب نور سراجها الوقاد
علم الحديث نحيبه متواصل = أين الشروح وصحة الإسناد
يبكيك إذ كنت الموثق طرقه = بتواتر ترويه أو آحاد
من للعقيدة شارحا ومفندا = بالرد أهل الزيغ والإلحاد
الفقه يشكو اليتم بعد محمد = من للمتون وشرحها في الزاد
وتركت ممتعك الفريد مولها = يبكي عليك مدامعا بمداد
والكعبة الغراء تبكي جهبذا = إذ كان جاورها مع العباد
فلترحم اللهم روح محمد = وارفع منازله بيوم معاد

[عيسى سلامي]

منذ عشـــرين والأماني ركاب = للقــــاكم يا أيها الأحبــــــاب
منذ عشرين والفـــــؤاد انتظار = مذ نأيـــــتم يا أيها الأصحاب
كم طوينا في أرض أبها زمانا = والســـنون التي مررن عذاب
هي ست من بعد ست تولـــت = وبها العيــــش رائق مستطاب
طعمها يالطعمها أشتهـــــــــيه = هو حلو كالشـــهد حين يذاب
أنا قد شبت في الوداد وهاهم = في وداد القلوب بعدي شابوا
ولئن غير البيــــاض خضاب = لم يغير ما في الحنــايا غياب
يا صحابا منهم نهلت ودادا = فهم في الحــياة نعم الصحاب
حبنا في الإله انعــــم بحب = أبدي وما ســــــــواه سراب
إن يكن فرق الجسوم ابتعاد = فبأرواحــــــــنا يكون اقتراب
عروة الدين وثقــــــنا إخاء = لم توثــــــق إخاءنا الأنساب
صالح يا لصالح ذوبيان = قد سما منه في المقال خــطاب
وعلي ما كان إلا علــــيا = فيه تسمو مقاصـــــــد ورغاب
ولسلطان همة ليس تخبو = وله من مضــــاء عزم نصاب
وسليمان طيبــــته صفات = هو في الحــــقِّ صامد ومهاب
كلهم في الخلال أهل مقام = قد تسامى وعزمـــــــهم وثاب
وإذا ما دعوا إلى مكرمات = ما توانوا وفي ســــراع أجابوا
لهم الدين والصلاح شعار = وهم في مكـــــــــانة أقــــطاب

[عيسى سلامي]

يا أبا طارق هنيئا بدار = خدنك السعد أنت فيها تعيش
لم تر العين غير زخرف فن = وجمال تلوح فيه النقوش
وبناء يقيد الطرف حسنا =كل طرف في حيرة مدهوش
هو صرح فاق الصروح جمالا = ما قصور تبزه أو عروش
ما نفاد الأموال فيه خسار = أو هباء عليه تلك القروش
صانه الله من عيون حسود= قلبه بالشرور بات يجيش
فاجعلن حصنه من الشر ذكر = يجعل السهم من حسود يطيش
لك فكر يصيب في الذوق يدري= ما ثمين الأشياء ما المغشوش
آن أن ترتدي ثياب هناء= بعد جهد وأن تنام رموش
آن أن يخلو الفؤاد من الهم = ويصفو في هذه الدار عيش

[عيسى سلامي]

يا من تركت هنا الأطياب والعبقا = وكنت كالنور عند الفجر مؤتلقا
مائا أقول وهل توفيك قافية = لو شئت أفنيت فيك الحبر والورقا
خذها أبا طارق مني مضمخة = بالعطر قد ضوأت من حبكم ألقا
كسوتها الصدق والإخلاص ليس بها = مين وليست تجيد الزيف والملقا
إني أحبك هل لوم علي إذا = قلبي بحبك ها اليوم قد حفقا
سموت في همة كالنجم مرتفعا = ومن أراد المعالي عزة سمقا
إذا المآرب في بعض النفوس دنت =فأنت من للعلا والمجد قد عشقا
وإن توالت خطا في نيل مكرمة = فأنت من خطوه في نيلها سبقا
مرت عقود ومنك العزم متقد = تحارب الجهل في الأجيال والنزقا
في كل شبر هنا سعي بلا كلل = وكل شيء هنا بالفضل قد نطقا
يا من أزلت بنور العلم أغشية = عن العقول قصارت تشبه الفلقا
كم اشرأبت نفوس النشء طامحة = فيما لديك لتجني العلم والخلقا
أستاذ أحمد إن ودعت مدرسة = فإنها تظهر الآهات والحرقا
تقاعد المخلص المعطاء فاتقدت = آلامها وتمنت لو يكون بقا
وكيف تنسى الذي أفنى السنين وفي = فؤاده همه يهفو لدرب نقا
إني لأعلم أن الحزن يقلقها = والدمع يملأ منها الجفن والحدقا
هذا الغيور على الأخلاق نعرفه = فالله أعطاه إيمانا وحسن تقى
إذا رأى من فعال النشء جانحة = عن الصواب يظل القلب محترقا
وكم يئن فؤاد منه من ألم = إن يبصر النشء في أهوائه غرقا
فاليوم حق له التكريم إن له = قدرا عليا ومجدا باذخا سمقا

[عيسى سلامي]

إلى فرع عدل شامخ اللبنات = به ثلة ساروا لدرب هداة
يقيم كتاب الله شرعا ومنهجا = فيقبس منه النور في العتمات
مشائخه مثل الكواكب إن بدوا = وإن وصفوا حازوا لخير صفات
هو الفرع نبراس لكل عدالة = ومشكاة إنصاف لدى الظلمات
على العدل قام الكون حكمة خالق = قضاها ليبقى منهجا لحياة
إذاما أثيم العدل قامت مظلة = لأمن وذاق الناس طعم سبات
فينصر مظلوم ويدحر طالم = ويسعد مكلوم ويقصم عاتي
وذي دولة قامت على الدين شرعة = وحكامها للعدل خير بناة
وفي الراية الخضراء رمز عدالة = أمان لذي رشد ودرب نجاة
فما النخلة لشماء إلا سلامة = لبر وسيفاها لقتل جناة
ومن أجل نشر العدلة قامت وزارة = يحققه في الناس حكم قضاة
إذا حكموا في الناس فالعدل ديدن = وهم لحفاظ الحق خير رعاة
إذاما تمادى ظالم في خصومة = رأى الحق منصوبا لقمع بغاة
قضاة سعوا كي يرأبوا صدع فرقة= بفض خصومات ولم شتات
ومن أجل حقظ المال والنفس شيدت = محاكم كي تسعى لصد طغاة
وللفرع آثار إلى الخير خلدت = بها ظل يسعى سامق ادرجات
وها هو هذا اليوم يظهر حزنه = بتوديع شيخ واضح البصمات
يودعه ذا اليوم شيخ وجهبذ= ويسكب فيه فائض العبرات
قضى فيه ستا من سنين وإثرها = ثلاثون قد مرت من السنوات
علي قضاها في اجتهاد وهمة = دؤوبا نشيطا صادق العزمات
علي علي في مقام ورتبة = وشيخ تقي النفس وابن تقاة
عرفناه شيخا سامي النفس مخلصا = بشوش المحيا مشرق القسمات
هو المدخلي والأصل في الفضل دوحة = تساقط منها يانع الثمرات
مداخلة انعم بهم من قبيلة = إلى العلم والإصلاح خير دعاة

[عيسى سلامي]

ركب الصعاب فحقق الأحلاما= هو مقدم لا يعرف الإحجاما
وبهمة تعلو وعزم دائب = نال المراتب في العلا وتسامى
المجد يعشقه ويهوى زصله = وهو الذي في المجد ذا غراما
قد كان يرمقه بنظرة واله = صب ويستر في القؤاد هياما
نقش الدروب بعزمه وكفاحه = حتى تقلد في الفخار وساما
ومضى يعب من العلوم ويستقي = حنى يروي في الفؤاد أواما
هم أمهر العلياء أنفس وقته = وغدا يرجي وصلها أعواما
فأتته طائعة وقالت أنت لي = فلكم شكوت من الفراق ضراما
أنا لا أنال لعاجز أو خامل = أو ناسج في عمره أوهاما
يا جاعل الأجيال هم فؤاده = نل منهم التقدير والإعظاما
فكم بذلت وماتزال وأنت في = طي القلوب موجها وإماما
أسهرت ليلك كي تحقق منهجا = للسالكين وكي تزيل قتاما
لله درك في الحياة وأنت من = تجني العلوم مثابرا وهماما
ثابرت حتى نلت ما أملته = لم تعلنن يأساولا استسلاما
ووضعت في التعليم معلم خطة = قد أحكمت في نهجها إحكاما
هي في طريق العلم أوثق منهج = قد أبرمت في طرحها إبراما
بنتائج جلت السديم وبينت = لبس المقال ووضحت إبهاما
إني أراك علوت مجدا باذخا = وركبت في عليا الأمور سناما
وجعلت تبحث في المفيد لنشئنا = ورأيت هذا في الحياة لزاما
تلك السنين زرعتها جدا وكم = أقدمت فيها للعلا إقداما
يا سامي الغايات قدرك سامق = فلقد علوت مقاصدا ومراما
تخشى على ذا الجيل خدعة ماكر = أو أن تراه عن الصواب تعامى
تبغي المعلم أن يكون مربيا = ومراعيا فيما يقول ذماما
وتريد أن بيقى له التأثير في = أجياله يرعاهم أعواما
أدركت عبء أمانة فحفظتها = ونفيت عنك مذمة وملاما
ومضيت في همم الرجال مصمما = تبني العقول وتوقظ الأفهاما
أسهرت جفنك للمعالي صاعدا = لم تستلذ عن السمو مناما
فتواك تهدي الائرين مبينا = فيها الأمور حلالها وحراما
وإذا خطبت فإن وعظك بلسم = يشفي عن القلب العليل سقاما
أما الدرس فكم نثرت نفائسا = للسامعين وكم جلوت غماما
ولك القريض يجيء لين طائعا = سلسلا ويرخي للخيال زماما
يا مبصرا نور الهداية سالكا = لدروبها ومبددا إظلاما
إني أحبك في الإله فلا تلم = إن كان قلبي في المحبة هاما
أو ذقت من حر الفراق لواعجا = تدع الفؤاد مقاسيا آلاما
فاقبل أبا الفضل الجليل قصيدة = لن تستطيع لحقكم إتماما
الشعر يعجز أن يلم فضائلا = فلأنت أعلى في الخلال مقاما
كل القصائد يستبين قصورها = إن تمدح الأفذاذ والأعلاما

[عيسى سلامي]

للخزم عاصـــــفة تدك رعــــــــودها =عرش الطـــــغاة وتستميت جنودها
يا أيها الحـــــوثي هـــــذي غضبـــة...=في الحــــــــق سلمان أتاك يقودها
لله يا سلمان كـــــــــــــم لك عــزمة=تمضــــــــــي فتنجز بالفعال وعودها
من أجل هذي الأرض نرخص غاليــا=لتظل تخفــــــق في السماء بنودها
لا لن نســـــــــــاوم في البلاد فكلنا=درع لهـــــــــا كـي لا تمس حدودها
إنا رجال الحـــــــــــــرب ليس يعيقنا=خوف فنبــــــدأ كــــرة ونعيـــــــــدها
ولنا من الأمجــــــــــــاد سفر بطولة=ملأ الوجود طريفــــــــــــــها وتليدها
ولسوف نسقي المــــــارقين مهانة=حتـــــــى يلين من الرؤوس عنيدها
لله جنــــــــد الحق إن خاضوا الوغى=فهــــــم إذا حمي الوطيس أسودها
هم أمهـــروا الوطن الحبيب دماءهم=فقلوبهم شجعـــــــت وبان صمودها
نصر لنـــــــا في الحرب إن نحيا وإن=متنـــــــا ففي الجنات بات شهيدها
في البـــــر أو في الجو هاهي غارة=في غارة يفنـــــــــي العدو حديدها
هــــــــــذي صقور الجو حلق سربها=يرمي المعــــــــــــاقل للعدو يبيدها
وهـــــم بأوكار تخفــــــــــــوا خشية=فكأنــــــــهم بين الجــــــبال قرودها
يا بئـــــــس شـرذمة الهوان يقودها=أفن فتحــــــــكم في الضلال قيودها
مرقت كمثل السهم عن نهج الهدى=فأبى الهــــــــداية في الحياة بليدها
يا أيها اليــــمن السعــــــــــيد تصبرا=فلسوف يقبل في الحياة سعيــــدها
ولسـوف يهلك فيـــــــــك كل مـخاتل=ويموت في أرض النــــقاء حقـــــودها

[عيسى سلامي]

وطني وضعتك في الحشا = ورفعت قدرك فوق هامي
وأهيم حبا فيك يا = وطني ويعجبني هيامي
الأمن رف على ثراك = أرى صفوفك في التحام
ما هذه الفتن التي = طرأت سوى السحب الجهام
ستزول عن وطني ويبقى = في اتحاد والتئام
ولسوف تبقى الراية = الخضرا ترفرف في سلام
يا موطنا غنيت فيه = الشعر يعذب في انسجام
وعشقته والعشق أل= وان بقلب مستهام
من هنا شع الهدى = ليزيل يجور الظلام
نفديك يا وطني ولا = خفر لعهد أو ذمام
نسترخص الأرواح يا = وطني ونسعى للحمام
ما نحن إلا جندك = المحشود في يوم الزحام
وإذا دعوت فإننا = نأتيك صفا في التحام
يا أيها الوغد الذي = يسعى لتمزيق الوئام
يهوى الدمار ويمتطي = درب التطرف والأثام
متسترا في غيه = يأوي إلى فكر الظلام
سنذيقه ذلا عظيما= أو يمرغ بالرغام
وإذا تأبى عودة = قدناه للموت الزؤام

[عيسى سلامي]

جازان أنت الهوى والشوق والأمل = وأنت فرحة عمري حين تكتمل
إذا تغزل فيك الواصفون فما = يصور العشق وصف فيك أو غزل
وإن أحاول تصوير الجمال فما = يوفيك حقا رصين الشعر والجمل
إذا نأى الجسم عن جازان فاتنتي = تقيم روحي فيها ليس تنتقل
وإن جراح ابتعاد عنك نازفة = فإنها حينما ألقاك تندمل
لا القلب يسكن حين البين عنك ولا = تكفكف الدمع من آهاتي المقل
أهفو لوصلك يا جازان لي أمل = أني إلى روضك الفينان أرتحل
تأجج الوجد في قلبي ولوعني = شوق إليك فما للبين أحتمل
ألقى بحضنك دفء العيش تغمرني = سعادة النفس ينفى عني الملل
يا دوحة الشعر والآداب كم صدحت = بلابل فيك للأشعار ترتجل
لا يهنأ القلب إلا في رباك إذا = جعلت عيني بحسن فيك تكتحل
كساك ربي حسنا لا مثيل له = على ثراك يحل السهل والجبل

[عيسى سلامي]

لنا وطن له مجد = على دين الإله بني
وشرع الله منهجه = بهدي واضح وسني
وإن هبت أعاصير = من البلواء والمحن
وهبت العمر يا وطني = فداك اسلم مدى الزمن
أغني فيك أمجادا = وعزا فيك لم يهن
ألا فاشمخ أيا وطني = وطاول ذروة القنن
حماك الله من شر = ومن كيد ومن فتن
حويت المجد من قدم = ونلت العز من زمن
أصوغ الشعر ألحانا = كعصفور على فنن
وأعشق كل شبر فيك = من شام إلى يمن
أعيش العمر تواقا = أهيم بوجهك الحسن
يطيب العيش فوق ثراك =في ريف وفي مدن
تعشق خافقي وطنا = رضعت هواه في اللبن
ونصدقه الولا دوما = بلا غش ولا دخن
سقاك الله تسكابا = بغيث الخير والمنن
فأنت هواي في حلي = وأنت هواي في ضعني

[عيسى سلامي]

أنـــــــادي أنـــــــادي ومـــــــن ذا يــجــيـــب=ولكن صدى الصوت مني يجيب
وتـــــــصـــــــرخ فــــــــــــــي مـــهـــجــــتــــي لــــهـــــفـــــة=أبــــ� �ـــــي أيــــــــــن أنــــــــــت لـــــمـــــاذا تـــغـــيــــب
ويـلـذعـنــي الـفــقــد فـــــي كــــــل حـــيـــن =فـــلا عــيــش دونــــك حـتـمــا يـطـيــب
أمــــــــــض الـــــفــــــؤاد وقـــــــــــاد الـــســــهــــاد=الــــى جــفــن عـيـنــي رحــيــل الـحـبـيــب
وكــــم نــحــت والـقـلــب مــنــي جــريـــح =ورددت آه ودمــــــــــعــــــــــي ســــــــــفـــــــــــوح
أرى الـــلـــيــــل يـــقـــبــــل فــــــــــي وحـــــشـــــة =وصــــبـــــح الـــســـعـــادة عــــنـــــي يـــشـــيـــح
وروض حـــــيـــــاتــــــي غــــــــــــــــدا مـــــجــــــدبــــــا =ومـــــــــا عــــــــــاد عـــــطـــــرا زكـــــيـــــا يـــــفـــــوح
جلست أناغي صدى الذكريـات =وصــــــــوت الــحــنــيــن بــقــلــبــي يــصـــيـــح
ويـعـصـف بـــي الـفـقــد مــثــل الــريــاح =وتـــــــــــزأر بــــــيــــــن الــــضــــلــــوع الــــــجــــــراح
أقـــــــــض الــمــضــاجـــع مـــــنـــــي الــحــنـــيـــن =وبـــــت عــلـــى الــهـــم حــتـــى الـصــبــاح
وكـــــــــــم لـــيــــلــــة بـــــــــــت فــــيــــهــــا أنــــــــــــوح =ولـــــيـــــس بـــمـــجــــد فــــــــــؤادي الـــــنــــــواح
أبـــــــــي كـــــــــان نـــبـــعــــا ونـــــهـــــر حـــــنـــــان =وكـــــم كــنـــت أغـــــدو لـنــيــل امـتــيــاح
يـتــوق إلـــى الـعـطـف والــحــب قـلـبــي =وقد عظم اليوم في النفس خطبـي
كــــــوانـــــــي أنــــيــــنـــــي وفــــــقـــــــد حـــبـــيــــبــــي =أبـــــــي قـــــــد تـــولــــى ومـــــــا عـــــــاد قـــربــــي
ويشـتـاق قلـيـي إلــي غـيــث عـطــف =وكــم بــت أهـفـو إلـــى فـيــض حـــب
فــــــــيــــــــارب رحــــــــمــــــــاك إنــــــــــــــــي يـــــتـــــيــــــم =ومــــــالــــــي ســــــــــــواك فــــرحــــمــــاك ربــــــــــــي

[عيسى سلامي]

هوى الفؤاد وعشق المجد ما اجتمعا = وذو التكاسل في دنياه ما انتفعا
وصاحب العلم يرقى كل باذخة = من العلوم له الديان قد رفعا
اليوم يوم اعتزاز العلم في رجل = باع الكرى واشترى الأمجاد فارتفعا
اليوم يوم افتخار الدين في رجل = سما بدين إلى شرع الإله دعا
صاد إل رشف علم الدين ما شبعت = نفس لديه ولا من فيضه شبعا
يهوى المعالي ويسعى كي يحصلها = وقلبه ذاب عشقا واكتوى ولعا
وتطمع النفس منه في العلوم إذا = بعض الأنام بجمع المال قد طمعا
يبيت يجمع منها كل فائدة = وجامع العلم فينا خير من جمعا
حليفه السهد يجني كل منفعة = من العلوم ولا جني لمن هجعا
يا من تقلد في نيل العلا شرفا = إلى المعالي بعزم الطامحين سعى
ما غره بهرج في العمر يفتنه = عن السمو لأسباب الرقي وعى
ولا استجاب لداعي اللهو في زمن = أصحابه جلهم في لهوه رتعا
يتوق للمجد في شوق وفي شغف = له فؤاد بنزر لعلم ما قنعا
ولا اكتسى من خمول العزم ما لبست = أشياعه لا ولا في قصده اتضعا
قد ارتضى من علوم الدين منهحه = فراح يبحث فيما ربه شرعا
يفسر الآي يجلو كل غامضة = وراجح لقول في تفسيره وضعا
واستسهل الصعب حتى لان في يده = فما تراجع في عزم ولا خضعا
يا قائم الدش تيهي وافخري فلقد= عزت علوم وأنف الجهل قد جدعا
يا قائم الدش هذا زيد متشحا = ثوبا من العلم بالإيمان مدرعا
اليوم عز لواء العلم حين سما = والحهل فر وولى ركبه فزعا
لما رأى زيد في الميدان أرهبه = مقامه واختفى من رهبة هلعا
زدنا أيا زيد علما من معينكم = إني رأيت معين العلم قد نبعا
واصدع بحق وجاهر بالهدى فلقد = فاز الذي بالدى والحق قد صدعا
وسل سيف علوم الدين في ثقة = في وجه من ضل في الأفكار وابتدعا
وبدد الوهم عن أهل الضلال ودع = حقيقة مثل ضوء الفجر إن سطعا
واجعل سلاحك قرآن الإله ففي = آياته كل أمر بين نصعا
ليهنك العلم يا زيد فعش أبدا = مبجل القدر منك الشأن قد رفعا

[عيسى سلامي]

سأحيا مغرما كلفا بفيفا = وعن عشقي رباها لن أحيفا

إذا ذكرت فلي بين الحنايا = فؤاد ظل للقيا شغوفا

يؤرقني النوى فيفيض دمعي = فأزجر خافقا قلقا أسيفا

أعلل نفسي الولهى بوصل = وأرقبه إذا ما قيل سوفا

ولو لبى الزمان عزيز قصدي = أطلت بحضنها الزاهي وقوفا

بلاد قد كساها الله ثوبا = قشيبا والجمال بدا صنوفا

تردت سندسا فزهت وماست = وأبدت للعيون بها الطريفا

وللشمس احتجاب في حياء = كأن بها وما كسفت كسوفا

فيا لله من شم تسامت = لتتخذ السحاب لها سقوفا

تألفت الغيوم بها وجادت = بودق سح في الأرجا وكوفا

نصيف الغيد أسود في حجاب = وأخضر دوحها جعل النصيفا

تعشقها الربيع بكل فصل = وتهجر كل أزمنة خريفا

تفاوح نبتها وزكاأريج = وهب نسيمها الهادي شفوفا

وغنى الطائر الصداح لحنا = يهيج عاشقا ذكر الأليفا
تسامى دوحها المخضل طيبا = ومد ظلاله الحاني وريفا
تأود غصنها الأملود لينا = وكان الهمس من فمه حفيفا
ينث الزهر في الأرجاء طيبا = ويبسط للندى منه الكفوفا
إذا سرحت طرفي في مداها = رأيت السحر والجو اللطيفا
ويأسرني إذا عاينت عشب= تنسق في مدارجه صفوفا

أتيت لها وأربعة عقود = وست أشبهت مرا طيوفا
فعدت كيافع وصفا زماني = ورف السعد في قلبي رفيفا
شفاء الروح والأبدان ريف = ولم أر مثلها في الحسن ريفا
ومن لم يبصر السحر الموشى = بفيفا عاش في الدنيا كفيفا
ألا فاجمل بفيفاء مزارا = وأجمل بالربوع بها مصيفا

[عيسى سلامي]

زها بك عرس المجد وانتظم العقد = على الفهد م العقد يتبعه العقد
مضت من سنين الدهر عشون حجة = على وطني قد رف في ساحه السعد
فلله أعوام رملت بها الخطى = إلى طرق العلياء ما مسك الجهد
شربنا أجاج الماء عذبا وسائغا = وأصبح ماء البحر سيان والشهد
وشيدت في كل البلاد معالما = وعشنا حياة السعد والأمن ممتد
وعبدت طرقا قربت كل نازح = فزالت مشقات بها وانتفى البعد
وأحييت بالشورى لنهج محمد = ولم تك نهج المصطفى أبدا تعدو
بك الخير يهمي في ربوع بلادنا = ففي دارنا عز وفي عيشنا رغد
وحصنت دار العز من كل معتد = فما هوم الباغي ولا طمع الوغد
وكنت على الأخيار سلم وراحة = وأنت على العداء من هيبة فهد
وأعليت في شرق البلاد وغربها = مصانع قامت إذ بها حقق الوعد
إذاما ادلهم الخطب جليت سحبه = بقول سديد الرأي ليس له رد
ويوم لبست الملك أكملت سيرة = دعائمها الإيمان والعدل والرشد
تبسم ثغر للحجاز سعادة = وغرد طير الأنس قابتهجت نجد
وأقبل شعب في ولاء يقوده = وفاء وإخلاص يترجمه الود
ورحت بعزم كي تشيد نهضة = ليرفل في نعمى ويبتهج الفرد

[عيسى سلامي]

تنبه يا أخي والز نظاما = وحاذر حين إهمال ملاما
قوانين المرور لنا لزام = تقيدنا بها أضحى لزاما
فهل في سرعةإلا هلاك = تكون بها ومركبك الحطاما
مصائب في منازلنا توالت = وكانت حين وقعتها عظاما
فكم من فرحة غابت وحلت = غيوم الحزن سوداء جهاما
فذلك في كساح صار رهنا = لكرسي ولم يسطع قياما
وهذا أن من جرح بليغ = وفوق فراشه التسهيد ناما
تقلب فوق شوك من بلاه = على ألم وما ذاق المناما
وأطفال أتاهم خطب فقد = لآباء وقد أمسوا يتامى
فتاهوا بعد عائلهم وأضحوا = بلا راع وقد لاقى الحماما
وأظلم بدر آمال فعاشوا = على نكد وطير البؤس حاما
وكم من زوجة باتت ترجي = لأوبة زوجها فالقلب هاما
فلم تظفر بأوبته وأمست = ترشف بعده في العمر جاما
وكم بيت تصدع منه شمل = ولاقى أهه الموت الزؤاما
وكم غر ترشف كأس موت = وأسرع عمره عنه انصراما
فيا ذا اللب فكر في مصير = بئيس صير الدنيا ظلاما

[عيسى سلامي]

تنبه يا أخي والزم نظاما = وحاذر حين إهمال ملاما
قوانين المرور لنا وقاء = تقيدنا بها أضحى لزاما
فهل في سرعةإلا هلاك = تكون بها ومركبك الحطاما
مصائب في منازلنا توالت = وكانت حين وقعتها عظاما
فكم من فرحة غابت وحلت = سحاب الحزن سوداء جهاما
فذلك في كساح صار رهنا = لكرسي ولم يسطع قياما
وهذا أنَّ من جرح بليغ = وفوق فراشه التسهيد ناما
تقلب فوق شوك من بلاه = على ألم وما ذاق المناما
وأطفال أتاهم خطب فقد = لآباء وقد أمسوا يتامى
فتاهوا بعد عائلهم وأضحوا = بلا راع وقد لاقى الحماما
وأظلم فجر آمال فعاشوا = على نكد وطير البؤس حاما
وكم من زوجة باتت ترجي = لأوبة زوجها فالقلب هاما
فلم تظفر بأوبته وأمست = ترشف بعده في العمر جاما
وكم بيت تصدع منه شمل = ولاقى أهله الموت الزؤاما
وكم غر ترشف كأس موت = وأسرع عمره عنه انصراما
فيا ذا اللب فكر في مصير = بئيس صير الدنيا ظلاما
إذا ما نت في درب فحاذر = إذا ما سرت بالغير الصداما
ولا تهمل حزاما فهو درع = من الأخطار فلتربط حزاما
ويا ذا الأسرة الراعي بنينا = أتمنح مركب الموت الغلاما
فأين أمانة ما كنت فيها = بحفاظ ولم ترع الذماما
حوادثنا ضحاياها كثير = فهل نولي لذا الأمر اهتماما
أيسعى المرء عمدا لانتحار = ويجني من تهوره أثاما
فدين الله عدَّ الأمر جرما = وعدَّ القتل للنفس الحراما
فأين عقولنا ماذا دهاها = أليس العقل عن خطر لجاما
فحتاما نظل بلا اكتراث=بأنظمة ولا لانبدي التزاما
لنا في كل حادثة دمار = جنينا منه موتا وانعداما
وما هذي المراكب آمنات = إذا نرخي لها تقة زماما
ورب تعجل يوليك ريثا = ولست محصلا منه المراما
إذا غرتك نفسك في تماد = فلم تذعن ولم تتبع نظاما
فزر ذا علة تبصره يشكو = مغبة فعله والنفس لاما
وكيف يطيب عيش باعتلال = إذا ماالنفس صاحبت السقاما
فهل من عبرة تعطيك حرصا = وتمنحك انقيادا والتزاما
إذا لم تتبع قانون سير = لبست العمر بين الناس ذاما
وما شأن القيادة غير فن = وذوق يكسب الفرد احتراما
فليس لعاقل فيها تحد = وما السرعة البطل الهماما
وما هذي لحوادث غير حرب = ويوقد جهلنا منها الضراما
ونار أوقدت والبعض فيها = فراش في توقدها ترامى
تولى السيف عنا في حروب = وجاءت في جنايتهاا حساما
وقتل السيف يأخذ بعض جسم = وتجعلنا إذا فتكت حطاما
فهل من أمة ترقى إذا لم = يكن شأن الحياة لها النظاما

[عيسى سلامي]

جاءوك يا مشفى بهم وجـــــــع =وإلى الشـــفاء يقودهم طمـــــع
فروا من المــــــــوت الذي رهبوا=لكـــــنهم فـــي ناره وقـــعــــوا
كانوا علـــــى وعـــــد بعافــــية=لكنهم بالوعـــــد ماانتــــــــفعوا
مثل الفراشـــــات التي اندفعت=نحو اللهيب هــــم قد اندفعـــوا
حتى الحاشاشات التي حمــلوا=لم يبقــــــــها خــــوف ولا هلع
جاءوك بين ضـــلوعــــــهم أمل =في العيــــش لكن بالفنا رجعوا
أواه من خطـــــــب ألـــم بهـم =أرداهـــــــــم من هــــوله فزع
وبراعــم لمــا يفتــــــــــقـــها =فصل الربيـــــــع فناءهم رضعوا
ما أضيــــع الأحلام إن نبـــــتت =في حقل من لليــأس قد زرعوا
هل يسجن المرضى فحسبهم =سجن من الداء الذي جـــــرعوا
كـــــم دق ناقوس به خطـــــــر =هيــــــهات لكن أين من سمـعوا

[عيسى سلامي]

سعد الجميع وحلت الأفراح = والليل أسفر فالمساء صباح
فلكل شيء يا مليك وضاءة = لما تبدى وجهك الوضاح
حيتك يا ملك القلوب ضمائر = تاقت إليك وهشت الأرواح
عجز القريض بأن يصور فرحة = وتقهقر التبيان والإفصاح
جازان أبهجها القدوم فكلها = لحن طروب وبلبل صداح
وبدت عروسا بالورود تزينت = ولها قدومك يا مليك وشاح
كانت ترجي يا مليك زيارة = حتى رأت ما أملته يتاح
قد عاد في صبيا الصبا فتجملت = والفل فيها عابق فواح
وتبش بيش للقدوم وتنتشي = وتعمها بقدومك الأفراح
وأبو عريش تسنمت عرش الهنا = والكل فيها باسم مفراح
وبأرض صامطة تلوح بشائر = والعطر في أرجائها نفاح
سعد الثرى لما وطئت وصفقت = يا سيدي لمجيئك الأدواح
الشعب يذكر ما وهبت ولم تزل = تهب الجزيل وإنك المناح
وإذا الفقير أتاك يطلب رفدكم = ضمدته حتى يزول جراح
وإذا اليتيم أتاك يجهش بالبكا= ولها وملء فؤاده الأتراح
واسيته حتى تبسم قلبه = وخبا أنين واستحال نواح
يا خادم الحرمين فيك مناقب= لا لن يحيط بعدها مداح
لك سيرة في المجد يعجز وصفها = قلما ويقصر دونها الشراح
لك يا مليك في السياسة حنكة = عقل يدير وخاطر لماح
عم الرخاء بعهدكم يا سيدي = فالعيش رغد طيب وقراح
فلم رفعت مصانعا ومعاهدا = تبني وتعلي همك الإصلاح
أنت الذي أعليت صرح تقدم = وحليفكم فيما بنيت نجاح
تسعى حثيثا كي تحقق نهضة = والقلب منك إلى العلا طماح
وحكمت بالشرع الحنيف فلم تحد = عنه فدأبك يا مليك صلاح
وحميت أرجاء البلاد من الذي = هو في الحياة المجرم السفاح
وإذا دعوت فإننا لك في الوغى = يا سيدي لك أسيف ورماح
أومئ لنا نأتيك صفا واحدا = فجميعنا لك عدة وسلاح

[عيسى سلامي]

يا ناس بالله انصتوا = أصغوا ولا تلتفتوا
واستجمعوا القلوبا = لتسمعوا العجيبا
كان معي سيارة = تحذف منها الطارة
كبوتها مطروح = وبابها مفتوح
ما طورها مسخن = شكمانها مدخن
والنور منها أعور = واسطبها مكسر
وإنها لتحفة = تمشي وفيها رجفة
وإن تسحب بريكا = يخرج في يديكا
راكبها لا ينسجم = تراه دوما منكتم
يشكو من الحرارة = في هذه السيارة
وإن بغى نزولا = يمكث فيها حولا

[عيسى سلامي]

أجلُّ مقامـــــكِ عن ذا الرثاءْ = لأنــــكِ في زمــرةِ الأولـــــياءْ
أجلكِ أن تنشرَ الأرض عطراً= وقد فاح في جنبات الفضــــاءْ
وماذا يضيرك سكنى التراب= إذا الروح ساكنةٌ في السمـــاءْ
كأني بها رفرفتْ في الجنان= وحطَّت على رفرف من ضياء
أصالحةٌ أنتِ رمـــــــز التقى= وأنت الصلاح وأنت النـــــقاءْ
تجسَّد فيك الصــــــلاحً الذي= غــــدا حليــــةَ العمر للأتقياءْ
رحلتِ وخلفــــتِ دار الأذى= فيا سعدكِ اليـــوم بعد الشقاءْ
أعيذكِ من كلِّ عيشٍ كؤود= ترين بــــه غلظــــةً أو جفاءْ

فعيشي نعيما بدار الخلود= ـ يدوم علـــــيك بغير انتــهاء
يعــضُّ عليك العشيرُ البنان = ويسرفُ في جزنه والبكاءْ
ويذكر فيـــــك خلالاً غدت = مـدونة في كتاب الــوفــــاءْ
ويذكر سيبا من التضحيات= ونبل الفعال وفيض العطاء
وحسبك صبراً على نائباتٍ= رشفتِ لها من كؤوسِ العناءْ
أيا من ذكرتِ بخير الصفات = فكنت بها خـــيرةً في النساءْ
فصبراً بنيـــــها على فقدها= وإن لأدري بحجــــــم البلاءْ
ولكنَّها ســـنة في الأنــــام = يسيرون حتــــماً لحال الفناءْ

[عيسى سلامي]

تأملت في الكو جلت النظر = فأدركت قدرة من قد فطر
وسرحت طرفي في الكائنات = فأبصرت تاعين شتى الصور
عرفت يارب في كل شيء فأنت المهيمن والمقتدر
عرفتك في لمعان النجوم = وفي الشس يا خالقي والقمر
عرفتك في الليل يتلو النهار = فهذا معاش وهذا مقر
وذا مدلهم بظلمائه = وهذا الضياء به قد سفر
عرفتك في الموت أو في الحياة = عرفتك في محكمات القدر
فيا مودع النفس أسرارها = وفي كل لغز بها معتبر
فسبحان مضحكها في سرور = وسبحان مبك لها في الكدر
وسبحان من فرق النهج منها = فهذا أطاع وهذا كفر
وسبحان من ألهم العقل نفعا= وألجمه عن دروب الضرر
وسبحان من أبع الخلق صنعا = وكرم في الخلق شأن البشر
عرفتك في النبت ينمو فيعطي = إلى الناس يمنح خير الثمر
وينبت في منبت واحد = فذلك حلو وذلك مر
ويا باسط الأرض للسالكن = وكل عليها بسير غبر
وجاعلها بهجة الناظؤين بخضرة نجم بها أو شجر
ويا جاعل الشم أوتادها = لكيما يطيب بها المستقر
ورافعا للسما إذ بدت = بغير عماد يراها البصر
وفيها الكواكب مزدانة = وفيها جمال بديع ندر
ةيا خالق الناس من أصل طين = ومبدعهم في جميل الصور
فمن نزر ماء إلى علقة = إلى مضغة قد تناهت صغر
ويا خالق الضد في كل شيء = أليس بذا الخلق كل العبر
فمن كل شيء خلق إناثا = ومن كل شيء خلقت الذكر

[عيسى سلامي]

سلمت يا موطن الأمجاد يا وطنا = أتيت أهديه هذا اليوم عرفاني
لله يا صفحة في المجد سطرها = عبدالعزيز بإبداع وإتقان
يا مهبط الوحي يا مهد الرسالة يا = سفرا من المجد يا نثري وديواني
من الرياض أتى صقر الجزيرة كي = يشيد مجدا بعزم القائد البانيي
وراح يصنع للتاريخ ملحمة = من البطولة يبني عز إنسان
ولم شمل شتات كان يجمعه = تفرق العيش في بؤس وحرمان
ورفرفت راية التوحيد خافقة = على الذرى وعلت في كل ميدان
من مكة أشرق النور المبين على = كل الدنى بهدى حق وإيمان
فيها القداسات فالبيت الحرام بها = يهفو له كل قاص عنه أو داني
وجئت طيبة والأشواق تسبقني = كي تسعد النفس في قرب ابن عدنان
وذلك الساحل الغربي مد يدا = إلى الخليج هما في الحب قلبان
فجدة جد فيها الحسن فابتدرت = تعانق البحر في أشواق ولهان
هي العروس أتت تختال فاتنة = يضمها الشط في ود وتحنان
وفي الخليج من اليامال أشرعة = غنى بها الموج في شوق لشطآن
والطائف الفذ نشوان الهواء فكم = أغرت نسائمه قلبا لهيمان
قد اكتسى حلة في الصيف مرتديا = ثوبا من الحسن مزهوا بألوان
وللشفا والهدا أنشودة عزفت = ألحانها السحب في فن وإتقان
أما تبوك فقد فاحت روائحها = من كل ورد زها في كل بستان
وحائل جل فيها الجود فاكتسبت = رسوخ مجد عليها ليس بالفاني
والجوف في جوفه الآثار باقية = تحكي النضال لدى شيب وشبان
وتبرز الحسن أبها في مفاتنها = تقول أهلا بمن قد جاء يلقاني
غار الضباب على حسني فألبسني = حينا رداءعن الحساد واراني
والأنجم الزهر تكسو هامتي ألقا = كأنما كللت مها بتيجان
والغيث يلثم خدي كل آونة = حتى ارتديت اخضرارا منه يغشاني
جازان يا غادة بكرا فتنت بها = وذاب في حضنها همي وأحزاني
يا أنت يا غادة بالحسن لونها = أميرها الشهم في فن بألوان
يعلي بها قامة البنيان شامخة = هو الشغوف بإنماء وعمران

[عيسى سلامي]

في ربوع الوطن

[gasida= font=",7,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

سلمت يا موطن الأمجاد يا وطنا = أتيت أهديه هذا اليوم عرفاني
لله يا صفحة في المجد سطرها = عبدالعزيز بإبداع وإتقان
يا مهبط الوحي يا مهد الرسالة يا = سفرا من المجد يا نثري وديواني
من الرياض أتى صقر الجزيرة كي = يشيد مجدا بعزم القائد البانيي
وراح يصنع للتاريخ ملحمة = من البطولة يبني عز إنسان
ولم شمل شتات كان يجمعه = تفرق العيش في بؤس وحرمان
ورفرفت راية التوحيد خافقة = على الذرى وعلت في كل ميدان
من مكة أشرق النور المبين على = كل الدنى بهدى حق وإيمان
فيها القداسات فالبيت الحرام بها = يهفو له كل قاص عنه أو داني
وجئت طيبة والأشواق تسبقني = كي تسعد النفس في قرب ابن عدنان
وذلك الساحل الغربي مد يدا = إلى الخليج هما في الحب قلبان
فجدة جد فيها الحسن فابتدرت = تعانق البحر في أشواق ولهان
هي العروس أتت تختال فاتنة = يضمها الشط في ود وتحنان
وفي الخليج من اليامال أشرعة = غنى بها الموج في شوق لشطآن
والطائف الفذ نشوان الهواء فكم = أغرت نسائمه قلبا لهيمان
قد اكتسى حلة في الصيف مرتديا = ثوبا من الحسن مزهوا بألوان
وللشفا والهدا أنشودة عزفت = ألحانها السحب في فن وإتقان
أما تبوك فقد فاحت روائحها = من كل ورد زها في كل بستان
وحائل جل فيها الجود فاكتسبت = رسوخ مجد عليها ليس بالفاني
والجوف في جوفه الآثار باقية = تحكي النضال لدى شيب وشبان
وتبرز الحسن أبها في مفاتنها = تقول أهلا بمن قد جاء يلقاني
غار الضباب على حسني فألبسني = حينا رداءعن الحساد واراني
والأنجم الزهر تكسو هامتي ألقا = كأنما كللت مها بتيجان
والغيث يلثم خدي كل آونة = حتى ارتديت اخضرارا منه يغشاني
جازان يا غادة بكرا فتنت بها = وذاب في حضنها همي وأحزاني
يا أنت يا غادة بالحسن لونها = أميرها الشهم في فن بألوان
يعلي بها قامة البنيان شامخة = هو الشغوف بإنماء وعمران

gasida

[عيسى سلامي]

صدق الوداد


أبا أحمد والشعر فيك محبب = وأنت به لفظ جميل مهذب
أبا أحمد أهديك شعرا مضمخا = بصدق وداد لا يمين ويكذب
أبا أحمد يا كوكبا في الهدي ويا = حليف التقى يا من له العلم ينسب
معان قد انثالت علي كتبتها = قصيدة شعر فهي أثرى وأخصب
وقد لبست فخرا بمدحك فانثنت = وفي لفظها لحن من الوزن يطرب
ولو أنني أطلقت شعري بمدحكم = لراح يطيل القول فيك ويطنب
هنيئا لنا لما انتقلت فسعدنا = عظيم وهذا الشعر للفرح يعرب
أماني لاحت في النفوس فحققت = وكنا لها في لهفة نترقب
أنرت لنا دربا من الخير والهدى = وكنت قلوب الناس بالود تكسب
غيور على دين الإله وشرعه = وفي الله إن نرضى وفي الله تغضب
طموح إلى نيل المعالي بهمة = إلى طلب العلياء تسعى وتدأب
وتحمل هم الدين لا هم غيره = إذا ما هموم الناس فيهم تشعب
فذلك في دنيا يريد نوالها= وذلك في الغفلات يلهو ويلعب
سما بك قلب حين أعليت قصده = فما هو غير الحق يرجو ويطلب
رأيتك ذا لين وعطف ورحمة = وتحنو على أهل الصلاح وتحدب
إذا أبصرت عيناك فاقة مسلم = فإن شئون العين للدمع تسكب
يضيرك إن ضاقت عليه مسالك = من العيش أمسى في المجاعة يسغب
وكم تبذل الأوقات علما ودعوة = وليس لكم إلا رضى الله مأرب
تعلم ذا جهل وترشد ذا هوى = وأنت بذا أجرا من الله تطلب
فعالك شمس ليس يحجب ضوءها = وأنى لفعل من فعالك يحجب

وتجهد في الخيرات والله شاهد = قلا القلب في يأس ولا الجسم ينصب
حعلت من الإشراف درب نصيحة = تقوم معوج الأمور وترأب
دعوت إلى الحق المبين فأسلمت = قلوب إلى الرحمن وانجاب غيهب
ضربت مثالا في الهدى ياأخا الهدى = وأنت مثال في تقى الله يضرب
ونهجك في التعليم علم ودعوة = تعلم أحيانا وحينا تؤدب
بيانك آخاذ ووعظك آسر = وقولك منه القلب للحق يجذب
وتأسى إذا أبصرت قوم تهافتوا = على باطل عن درب حق تنكبوا
وتدعوهم لله دعوة مشفق = كأنك من لطف ومن رقة أب
وما خار عزم منك في دعوة ولا = تقهقرت لكن للعلا تتوثب
عشقت دروب العز تسمو بهمة = وهمتك الجلى إلى المجد مركب
ترى كل صعب في رضى الله هينا = وعندك بالإيمان لا شيء يصعب
تلمست أفعال الأنام فلم أجد = كمثلك عما شانه يتجنب

[عيسى سلامي]

جازان يا غادة بكرا فتنت بها = وذاب في حضنها همي وأحزاني
شممت فيك شذا الأطياب عابقة = بالفل والورد والكادي وريحان
على ربوعك ألقيت الونى فلكم = يتيه مني العنا في قرب شطآن
ملكت كل أحاسيسي فرحت على = صدق المشاعر ألقى قلبك الحاني
عشقت جازان في سهل وفي جبل = عشقت جازان في بحر ووديان
عشقت جازان في ريف وفي مدن = عشقت جازان في رمل وكثبان
عشقت جازان حتى قد بدا ثملا = قلبي من الحب أمسى في الهوى عاني
وقلت ما سحر هذا السحر فاتنتي = وقد برزت بحسن فيك فتان
قالت أنا غادة بالحسن لونني = أميري الشهم في فن بألوان
وظل يعلي بي البنيان شامخة = هو الشغوف بإنماء وعمران
أتى إلي أمير كنت أرقبه = فضمني في اشتياق ضمة الحاني
وجئت في زينتي أختال في شغف = إلى اللقاء على ود ونحنان
رمزي ولائي والأحداث شاهدة = على وفائي والإخلاص عنواني
سلمت يا موطني من كل عادية = سلمت من كيد وغد ظالم جاني
سلمت من فكر إرهاب بدا عفنا = ما آب أصحابه إلا بخسران
هم شوهوا الدين هم خانوا مبادئه = وهم تجنوا على أهل وأوطان
وهم رموا أسهما في صدر من منحوا = لهم أمانا ومدوا حبل نكران
نحميك يا موطني في كل نائبة = ونفتدي كل شبر الدم القاني
إذا اغتربت فلي قلب يهيجه = شوق إليك بآهات وأشجان
أو ارتحلت إلى البلدان ما وجدت = نفسي مناها ولم أظفر بسلوان
أسير فيها ولا ألوي على أمل = في الأنس أحيا بقلب المدنف العاني
وهذه بيش في ذا اليوم غارقة = في زهوها وتغني لحن نشوان
وتفتح القلب للأضياف حتى أتوا = ليسكبوا الشعر رقراقا بألحان
ليمتطوا صهوة للشعر ما خضعت = خيوله لم تقد إلا لفرسان
يا قادة الفكر إن الله حملكم = أمانة الحرف فارعوها بإتقان
ولتخرسوا كل أقلام مشوهة = للحق تسعى إلى تمزيق بنيان

[عيسى سلامي]

سلمت يا موطن الأمجاد يا وطنا = أتيت أهديه هذا اليوم عرفاني
لله يا صفحة في المجد سطرها = عبدالعزيز بإبداع وإتقان
يا مهبط الوحي يا مهد الرسالة يا = سفرا من المجد يا نثري وديواني
أشدو بشعري لأمجاد موثلة = لموطني ويصوغ الحب ألحاني
هواك يا موطني سحر فتنت به = وصير القلب في رهن وأغراني
لله يا تربة ذراتها اختلطت = بالروح مني هواها نبض شرياني
من الرياض أتى صقر الجزيرة كي = يشيد مجدا بعزم القائد الباني
وراح يصنع للتاريخ ملحمة = من البطولة يبني عز إنسان
وشيد الوطن الغالي وأورثه = مجدا يتيه به في كل أزمان
أحله فوق هام النجم مفخرة = فراح يسمو ويسمو عالي الشان
ولم شمل شتات كان يجمعه = تفرق العيش في بؤس وحرمان
ورفرفت راية التوحيد خافقة = على الذرى وعلت في كل ميدان
من مكة أشرق النور المبين على = كل الدنى بهدى حق وإيمان
فيها القداسات فالبيت الحرام بها = يهفو له كل قاص عنه أو داني
بها تلاقت قلوب الناس واتحدت = حتى غدوا في حماها مثل إخوان
أسير نحوك يا أرض القداسة في = شوق بقلب إلى لقياك ولهان
وجئت طيبة والأشواق تسبقني = كي تسعد النفس في قرب ابن عدنان
يا طيبة الخير إني جئت مقتبسا = من فيض نور إذا ما جئت يغشاني
لما أتيتك يا مثوى الرسول بدت = مني مشاعر إخبات وإذعان
حسست أن هدوء النفس يغمرني = وأن قلبي في بشر وسلوان
وذلك الساحل الغربي مد يدا = إلى الخليج هما في الحب قلبان
وشائج الحب تسري في عروقهما = من جدة الخير تمضي نحو طهران

فجدة جد فيها الحسن فابتدرت = تعانق البحر في أشواق ولهان
هي العروس أتت تختال فاتنة = يضمها الشط في ود وتحنان
بها تلاشت هموم النفس إذ شربت = من كأس أنس لذيذ الرشف ملأن

وفي الخليج من اليامال أشرعة = غنى بها الموج في شوق لشطآن
والطائف الفذ نشوان الهواء فكم = أغرت نسائمه قلبا لهيمان
قد زرته وضياء الشمس محتجب = والسحب تهمي بدمع فيه هتان
قد اكتسى حلة في الصيف مرتديا = ثوبا من الحسن مزهوا بألوان
وللشفا والهدا أنشودة عزفت = ألحانها السحب في فن وإتقان
أما تبوك فقد فاحت روائحها = من كل ورد زها في كل بستان
وحائل جل فيها الجود فاكتسبت = رسوخ مجد عليها ليس بالفاني
والجوف في جوفه الآثار باقية = تحكي النضال لدى شيب وشبان
وتبرز الحسن أبها في مفاتنها = تقول أهلا بمن قد جاء يلقاني
ألست أنت الذي غنى على فنني = وضيع القلب في الفرعا ودلغان
ألست أنت الذي أسكنته زمنا = في خافقي وغفا حينا بأحضاني
فقلت عشقي يا أبها يزيد وفي = ربوعك الخضر قد غنيت ألحاني
غار الضباب على حسني فألبسني = حينا رداءعن الحساد واراني
والأنجم الزهر تكسو هامتي ألقا = كأنما كللت مها بتيجان
والغيث يلثم خدي كل آونة = حتى ارتديت اخضرارا منه يغشاني
جازان يا غادة بكرا فتنت بها = وذاب في حضنها همي وأحزاني
شممت فيك شذا الأطياب عابقة = بالفل والورد والكادي وريحان
على ربوعك ألقيت الونى فلكم = يتيه مني العنا في قرب شطآن
ملكت كل أحاسيسي فرحت على = صدق المشاعر ألقى قلبك الحاني
عشقت جازان في سهل وفي جبل = عشقت جازان في بحر ووديان
عشقت جازان في ريف وفي مدن = عشقت جازان في رمل وكثبان
عشقت جازان حتى قد بدا ثملا = قلبي من الحب أمسى في الهوى عاني
وقلت ما سحر هذا السحر فاتنتي = وقد برزت بحسن فيك فتان
قالت أنا غادة بالحسن لونني = أميري الشهم في فن بألوان
وظل يعلي بي البنيان شامخة = هو الشغوف بإنماء وعمران
أتى إلي أمير كنت أرقبه = فضمني في اشتياق ضمة الحاني
وجئت في زينتي أختال في شغف = إلى اللقاء على ود ونحنان
رمزي ولائي والأحداث شاهدة = على وفائي والإخلاص عنواني
سلمت يا موطني من كل عادية = سلمت من كيد وغد ظالم جاني
سلمت من فكر إرهاب بدا عفنا = ما آب أصحابه إلا بخسران
هم شوهوا الدين هم خانوا مبادئه = وهم تجنوا على أهل وأوطان
وهم رموا أسهما في صدر من منحوا = لهم أمانا ومدوا حبل نكران
نحميك يا موطني في كل نائبة = ونفتدي كل شبر الدم القاني
إذا اغتربت فلي قلب يهيجه = شوق إليك بآهات وأشجان
أو ارتحلت إلى البلدان ما وجدت = نفسي مناها ولم أظفر بسلوان
أسير فيها ولا ألوي على أمل = في الأنس أحيا بقلب المدنف العاني
وهذه بيش في ذا اليوم غارقة = في زهوها وتغني لحن نشوان
وتفتح القلب للأضياف حتى أتوا = ليسكبوا الشعر رقراقا بألحان
ليمتطوا صهوة للشعر ما خضعت = خيوله لم تقد إلا لفرسان
يا قادة الفكر إن الله حملكم = أمانة الحرف فارعوها بإتقان
ولتخرسوا كل أقلام مشوهة = للحق تسعى إلى تمزيق بنيان

[عيسى سلامي]

يعجبني الزبير في الصرامة = وعزة النفس مع الكرامة
وشدة السعي مع القوامة = والنبل في الأخلاق والشهامة
ولحمه مر فليس يؤكل = وكل شيء إن أراد يحصل
مشتملا بالجد والحزم معا = وكل شيء في مكان وضعا
وشكله في منظر مهيب = لكنه في طبعه حبيب
يأخذ حق النفس بالشجاعة = كأنه في فرده جماعة
لا يرتضي الذل ولا الإهانة = ونفسه في عزة مصانة
عرفته بالصدق والأمانة = وهجره للزيف والخيانة
نبيه ذهن لا يضيع الفرص = فما يرى من فرصة إلا قنص
وكيف لم أذكر بشعري الحفظي = يا حسنه في صمته واللفظ
زينه الخلاق بالوسامة = ما مثله إلا ذوو الزعامة
به ذكاء في العلوم ألمعي = منتسب إلى رجال ألمع
تخصص في أصعب العلوم = من رجل في قدره عظيم
من نسب في مجده عريق = وبيت عز رافع سموق
من أسرة علية شريفة = في مجدها وعزها منيفة
وكيف أنسى في الثنا أنيسا = علمته في طبعه أنيسا
من بلد العلوم والحضارة = فمصر في التعليم كالمنارة
ويحتفى هناك بالمعلم = وإن تقادم عهده يكرم
نصابه في حصص قليل = وقدره بين الورى جليل
مدرس فمشرف فناظر = وكل عام تقبل البشائر
وحاله في بلدي مكدود = مقاله بين الورى مردود
سنينه في عمل عجاف = إذا اشتكى فماله إنصاف
قد هده في عمره النصاب = وجاءه من جوره أتعاب
وماله من النظام منصف = وجهده في العلم ليس يعرف
يأتي له عند الصباح مشرف = ليدعي معايبا ويكشف
وماله من هيبة تخاف = وكل شيء ضده إجحاف
وإن ذكرت القوم فاذكر حلمي = به أناة قرنت بحلم
ودرسه في العلم إنجليزي = يفك فيه غامض الرموز
فعندهم دير أيا غزيزي = وعندهم سهل بمعنى إيزي
ولست أنسى في الثناء تركي = خلائق تفوح مثل المسك
ومجد آباء له كم يحكي = لأنه بين الأنام مكي
وها أنا أذكر عمي موسى = ذو كرم بين الورى ما قيسا
علمته في قدره نفيسا = يقول لي ما صانع يا عيسى
أصادق في عدد النصاب = أم أنه ضرب من الكذاب

[عيسى سلامي]

صدق الوداد


أبا أحمد والشعر فيك محبب = وأنت به لفظ جميل مهذب
أبا أحمد أهديك شعرا مضمخا = بصدق وداد لا يمين ويكذب
أبا أحمد يا كوكبا في الهدي ويا = حليف التقى يا من له العلم ينسب
معان قد انثالت علي كتبتها = قصيدة شعر فهي أثرى وأخصب
وقد لبست فخرا بمدحك فانثنت = وفي لفظها لحن من الوزن يطرب
ولو أنني أطلقت شعري بمدحكم = لراح يطيل القول فيك ويطنب
هنيئا لنا لما انتقلت فسعدنا = عظيم وهذا الشعر للفرح يعرب
أماني لاحت في النفوس فحققت = وكنا لها في لهفة نترقب
أنرت لنا دربا من الخير والهدى = وكنت قلوب الناس بالود تكسب
غيور على دين الإله وشرعه = وفي الله إن نرضى وفي الله تغضب
وتؤلمك الأنباء عن حال أمة = تجمع أعداء عليها وألبوا
طموح إلى نيل المعالي بهمة = إلى طلب العلياء تسعى وتدأب
وتحمل هم الدين لا هم غيره = إذا ما هموم الناس فيهم تشعب
فذلك في دنيا يريد نوالها= وذلك في الغفلات يلهو ويلعب
سما بك قلب حين أعليت قصده = فما هو غير الحق يرجو ويطلب
رأيتك ذا لين وعطف ورحمة = وتحنو على أهل الصلاح وتحدب
إذا أبصرت عيناك فاقة مسلم = فإن شئون العين للدمع تسكب
يضيرك إن ضاقت عليه مسالك = من العيش أمسى في المجاعة يسغب
وكم تبذل الأوقات علما ودعوة = وليس لكم إلا رضى الله مأرب
تعلم ذا جهل وترشد ذا هوى = وأنت بذا أجرا من الله تطلب
فعالك شمس ليس يحجب ضوءها = وأنى لفعل من فعالك يحجب
وتجهد في الخيرات والله شاهد = قلا القلب في يأس ولا الجسم ينصب
حعلت من الإشراف درب نصيحة = تقوم معوج الأمور وترأب
دعوت إلى الحق المبين فأسلمت = قلوب إلى الرحمن وانجاب غيهب
ضربت مثالا في الهدى ياأخا الهدى = وأنت مثال في تقى الله يضرب
ونهجك في التعليم علم ودعوة = تعلم أحيانا وحينا تؤدب
بيانك آخاذ ووعظك آسر = وقولك منه القلب للحق يجذب
وتأسى إذا أبصرت قوم تهافتوا = على باطل عن درب حق تنكبوا
وتدعوهم لله دعوة مشفق = كأنك من لطف ومن رقة أب
وما خار عزم منك في دعوة ولا = تقهقرت لكن للعلا تتوثب
عشقت دروب العز تسمو بهمة = وهمتك الجلى إلى المجد مركب
ترى كل صعب في رضى الله هينا = وعندك بالإيمان لا شيء يصعب
تلمست أفعال الأنام فلم أجد = كمثلك عما شانه يتجنب
وإن ضاق صدر من أناس بدعوة = فصدرك إذ تدعو أرق وأرحب
وتصلح ذات البين قصد مثوبة = من الله في الأخرى عليها تثوب
وإن نزل المقدور في ساح مؤمن = فأنت له تسدي العزاء وتذهب

سريع إلى درب المكارم والعلا = بشوش المحيا طاهر القلب طيب
إذا أمك القاصون أدنيت ودهم = فما أنت فيما يأملون تخيب
بقربك لم يلفوا مع البين وحشة = إذا هم عن الأهلين يوما تغربوا
وشأنك في القربى وصال ورحمة = وفي بيتك الميمون أهل ومرحب
علمتك ذا قلب أسيف وللتقى = شغوفا وللطاعات تهفو وترغب
أسرت قلوب الناس بالوعظ حينما = وقفت أمام الناس بالذكر تخطب
فكم دمعة من خشية الله أسبلت = وكم خافق لله يرجو ويرهب
إلى حيث قال الله قال رسوله = تحاكمت في فعل وقولك أصوب
ثبت على دين الإله ولم تزل = تناصح من في دينه يتذبذب
فلله شيخ همه هم أمة = يعيش بقلب في هواها يعذب
إذا نضبت أنهار بر ودعوة = فنهرك في ساح الهدى ليس ينضب
وإن غربت شمس النهار فإنما = لكم من ضياء الدين ماليس يغرب
ونهجك نهج السالكين توسطا = فلا حيفة في مذهب أو تعصب
ومثلك بين الناس نزر ونادر = ومثلك إن يمدح فذلك أوجب

[عيسى سلامي]

يا قاصدا لخيمة اللواء = من غير عضو أو من الأعضاء
فخيمة اللواء خير مهرب = من صخب الأولاد أو من شغب
وراحة من نكد المشوار = أو كثرة الذهاب والمسيار
مكانها في ربوة علية = حيث تهب نسمة ندية
يأتي لها القاصي كذا والداني = يقضون فيها أطيب الأزمان
كم زرعت في الأنفس التآلفا = وجعلت من وحدة تكاتفا
فكلنا فيها بقلب واحد = ما بيننا من حاقد أو حاسد
نسأل عن غائبنا ما غيبه = أو عن مجيء أي ظرف حجبه
قد صارت الخيمة مثل المنتدى = كم شاعر للشعر فيها جودا
وكم أتانا في علوم علم = وعنده فيما يسوق الحكم
ليست كما ظن بأنها لغط = فذلك القول افتراء وغلط
ليس بها إلا قليل كورة = تعرض في التلفاز عبر الصورة
فيا لها من خيمة فريدة = وكم بها خصائص عديدة
لو لم يكن فيها سوى اجتماع = بمن لهم في العمر طول باع
عرفت فيها فبي الرجال النخبة = فزادت الألفة والمحبة
ما أجمل الخيمة كم فيها مرح = وكم بها خفيف روح قد مزح
جوارها التنور كم تيس بلع = في أطيب الحال حنيذا قد طلع
وليس منه في حنيذ من وجل = لأنه يحنذ حتى للجمل
وكم به دجاجة متبلة = كانت به من فوق جمر منزلة
وكم به أودع من هامور = أو ناجل كذاك من شعور
وربما أودع فيه العربي = فصار يشكو من شديد اللهب
لكنها عدوة النساء = يرينها ضربا من البلاء
فبعدها قد فقد الأزواج = وارتفع الصياح واللجاج
وضدها أكثرن الاحتجاجا= لما رأين الأمر منها راجا
يرينها من غيرة كالضرة = إذ غيبت للأنس والمسرة
كأنها في العين منهن قذى = يرين فيها كل ضر وأذى
كم زوجة ترجو لها تمزيقا = وتبتغي من غضب حريقا
تقول زوجي كل يوم غائب = قد جاءني من ذلك المتاعب
لا يشتري الرز ولا الدجاجة = ولم يعد يقضي لنا من حاجة
يأتي لنا في الليل في حين الغلس= وعند باب البيت من جهد نعس
ولم يعد يشرب عندي الشاهي = أو يخرج الأولاد للملاهي
ومكثه فيها أضاع الحقا = لأنه لليل فيها يبقى
أما أنا حصلت فيها القصدا = ونلت فيها في المرامي بعدا
ولم أعد في الشعر بالمغمور = أمشي وكم من ناظر مشير
أصبحت في الشعر كما المشهور = صرت به في شاشة الأثير
وإن يكن هذا أغاض حسدي = لم يهنئوا بمطعم ومرقد
أنا الذي أمضيت دهري لافظا = للشعر في حين دروسي حافظا
نظمته بالوزن من حين الصغر = وانتقي منه جمانا ودرر
أكسوه دوما من بدائع الصور= وأصطفي في اللفظ والمعنى الغرر
إن كان غيري يجلب الذبائحا = فإنني أجود المدائحا
وأترك الذكر جميلا فائحا = والأكل يمسي عن قليل فائحا
أما اللوا فيا له من علم = بهمة يرقى لنيل القمم
إذا أتى صرنا له قياما = نبدي له التحية احتراما
ولم يغيره ارتفاع الرتبة = كلا ولا جافى غرورا صحبه
يقول عبده أتى الكبير = في كل نفس كم له تقدير
وكم لنا يخدم في تواضع = والمنصب الكبير غير مانع
وكم أتانا صاحب المجديرة = صافي النوايا طيب السريرة
علي مهدي هو المهارش= يحلو به الجلوس في المفارش
حديثه يمتع كل سامع = قد خص في الناس بذكر شائع
يعرفه الجميع بدوا وحضر = لأنه لكل محفل حضر
ويعرف الأديب والدكتورا = ويعرف المغمور والمشهورا
يمشي إلى الناس بلا تكاسل= فياله في الناس من مواصل
تلقاه في فرح وفي أحزان = من أول الغادين للمكان
ذو خفة في روحه والدم = وبسمة تفك أسر الهم
يا حسنه إذ يورد السوالفا= يسوق في مقاله الطرائفا
يعرف بالطرفة والدماثة = وعنده من النسا ثلاثة
ويسعد النسوة إنه مرح = والقلب منهن سعيد وفرح
ويسحر الزوجات بالكلام = فصارت الضرات في انسجام
صار بهن رائق المزاج = يدعو إلى تعدد الأزواج
محمد المنصور ذو الدعابة = يمتع في كلامه أصحابه
ويؤنس الجليس في الحديث = ولا يمل كثرة المكوث
كم ليلة أحضر فيها للسمك = نأكل من لذته حتى الحنك
ولم يفكر فيه بالخسارة = لأنه ذو المال والتجارة
بارك له يارب واكثر ماله = يسر له في كل أمر حاله
علي عيسى جود المضغوطا = صيره في طبخه مضبوطا
تواضع يعليه نحو القمة = لأنه ذو نشطة وهمة
وشأنه يعلو بلا انحطاط = مثالنا في الجد والنشاط
أبو حسام ذلك اللطيف = في طبعه الودود والرؤوف
تراه في الخيمة غير بارح= يقبل بالوجه وغير شائح
إّذا أتيت قام بي يرحب= يظهر للبشر ولا يقطب
يقول إن عرفني ذا شاعر = وذا أديب في القصيد ماهر
وأحمد اسماعيل ذاك الفذ = ممن لكسب الرزق دوما غذوا
ذو حنكة في البيع والشراء = لأنه ذو الحرص والذكاء
كان مواظبا على ذي الخيمة = لولا ظروف عرضت كالغيمة
يارب عوضه بخير ما فقد = وامنحه يارب شفاعة الولد
مسدف يعقد فيها الصفقة = من غير أتعاب ولا مشقة
بارك له يارب كسب الرزق = فبيعه في ذمة وصدق
يختار من ذبائح صحاحا = والله يعطيه بها أرباحا
ميسر في البيع لا يغالي = إن ينقص المكسب لا يبالي
سموح نفس إن تأخر الوفا= لا تعرف الغلظة منه والجفا
ذو كبرة لكنه مزوح = ورأيه بين الورى صحيح
مقدم في محفل ومجلس = وفي اجتماع القوم خير مؤنس
وفي عزاء القوم يبدو أولا = وعن سرور الناس ما تحولا
ودائما في خدمة يهرول = يساعد الناس إليهم يقبل
نظيره في قريتي قليل = وفعله بين الورى جميل
مني التحيات إلى ابن غالب = إن يبرم الوعد فغير كاذب
يردد القول أيا كبير = يا أيها اللواء يا شهير
وإن يقل عندي أنا الذبيحة = وعوده موثوقة صحيحة
بحنكة يسوس زوجتيه = وأصبح الزمام في يديه
كلتاهما قد حلتا جوارا = وإن يخاطب تسمعا حوارا
منعما يبيت كل ليلة = وكم له من صولة وجولة
ولم يكن يوما كمثل النعجة = وإنما ذيب شديد اللهجة
أبو محمد هو الكريم = وقلبه النقي والسليم
أحبه والقلب فيه معجب = وهو من خير الرجال يصحب
لا يعرف الحقد ولا الكراهية = ونفسه عن كل سوء ساهية
يواجه الناس بكل بشر = ذو رغبة لفعل كل بر
يبيع للأسمنت والشعير = ومنقصا في البيع للتسعير
في بيعه التيسير والسماحة = وذلكم محقق نجاحه
في عقله الذكاء والنباهة = يقصده ذو الصيت والوجاهة
تقي قلب مابه تكبر = ومؤمن على البلاء يصبر
ولست أنسى صاحبي العقيلي = بباعه في الأدب الطويل
وينظم الشعر كأنه الدرر= يكسوه دوما من بدائع الصور
عرفته يمتعنا بالشعر = مشابه في نظمه للسحر
يلمس بالذكاء كل مشكلة = فينظم القول بسبك جمله
وفي الأخير لست أنسى حارسا = لخيمة تراه فيها جالسا
كم ليلة يظل في انتباه = والطرف منه ليس طرفا ساهي
يظل ليلا حارسا للخيمة = وربما جافى لحرص نومه
في كل يوم صانع للقهوة = ممزوجة قرنفلا أو نخوة
ويصنه الشاهي لنا كابوسا = يكيف المزاج والرؤوسا
وروحه مملوءة لطافة = يعشق للترتيب والنظافة
يجول في الخيمة مثل الذيب = ليس بخواف ولا هيوب
يبيت فيها قائما يصلي = من آخر الليل إلى التجلي
وبعد كانت هذه أرجوزة = في خيمة جميلة عزيزة
ضمنتها الطرفة والفكاهة = ليس بها سخف ولا تفاهة
مدخت فيها خيرة الرجال = كرام أصل طيبي فعال
وقلت في آخرها محتالا= لم أدفعن من خطتي ريالا
إن كان غيري يجلب الذبائحا = فإنني أجود المدائحا

[عيسى سلامي]

بات من خوف يجافي مضجعه = فوعيد الله كم قد روعه
طامعا في رحمة المولى ومن = يبتغي الرحمة يجفو مهجعه
نفسه تاقت إلى جناته = ولها اشتاقت بنفس مولعة
قد رعى الليل صلاة ودعا = حينما جل أناس ضيعه
بين خوف ورجاء واقفا = وجنان الله صارت مطمعه
ودموع العين تهمي حذرا = من عذاب ماله أن يدفعه
لفه الليل بستر فمضى = في ظلام الليل يذري أدمعه
لذعت خشية ربي قلبه = ولظى الأنات يكوي أضلعه
يلمح الدنيا سرابا خادعا = وبها لذاتها منقطعة
وبها الحي يلاقي حتفه= ويجافي بعد وصل أربعه
ويراها مثل ظل زائل= كل لذات بها منقطعة
وطن النفس على التقوى فما = نفسه تحيا لغير إمعة
روضة الإيمان يحلو ظلها = روضة الإيمان خضرا ممرعة
ويغيش المرء في الدنيا وفي = نفسه آماله تحيا معه
ويرى العيش بها منقلبا = وبها أكدارها مجتمعة
لمحة كالطرف دنيانا فما = تفتأ الأيام فيها مسرعة
يأمل المرء بها آماله = ثم ما يلبث يلقى مصرعه
مالهذي النفس تأبى عظة = ثم تمضي بهواها مولعة
آه من يوم معاد قادم = يوم حر وعنا ما أفظعه
يوم لا يجدي بنون أو أخ = يوم أن تذهل فيه المرضعة
ليس للإنسان إلا عمل = هو في مكنون صحف أودعه

[عيسى سلامي]

جرح أصاب فؤاديه = وتجددت أحزانيه
ورمى القضاء تجلدي = فالنفس مني واهية
فجعلت أسأل في أسىً= هل مات ذاك الداعية
الماجد الشهم الكريم = وذو العهود الوافية
آه على عيسى ويا = لهفي عليه حياتيه
هذي الربوع تئن كم = حزن وكرب حاوية
تبكيك يا عيسى وقد = صارت لمجدك راوية
والمعهد المأنوس قد = أضحى قفارا خالية
والناس كم من خافق = دام وعين باكية
أو صائح أو نائح = آه أتتنا القاضية
أوشارح أو فاتح = ذكرى لعيسى ماضية
كم كان يخطو للهدى = والرجل منه الساعية
متبسما إن تلقه = منه السريرة صافية
درب الإدارة قائدا = ومضى بنفس سامية
يسعى لمجد سامق = للأمنيات العالية
يحنو على الجيل الذي = يخشى عليه الهاوية
في كل صوب من قرى = بيش قلوب شاجية
بكت الشريعة فقده = لما أتتها الداهية
والمطعن الموتور يبكيه = دموعا ساخية
وبأرض مسلية أنين = لا سلو بمسلية
نقش الأسى في أرض= نقاش وحل العالية
يا ماسحا دمع اليتيم = وذا الأكف الحانية
ومزيل إقتار الفقير= لك الأيادي الخافية
يبكيك صاحب فاقة = فقد العطايا الشافية
يبكيك مسجدك الذي = فيه الوجوه العانية
ويئن محراب الصلاة على الإمام الداعية
إذ كنت فيه مصليا = تجري الدموع العاصية
إني أرى ركب الصلاح = جموعه متتالية
يمضون في عجل إلى = مثوى الحياة الباقية
وأظل أجترع الأسى = والنفس مني شاكية
لقيت يا عيسى حياة = المؤمنين الراضية
في ظل جنات النعيم = وفي حياة هانية
وأكلت من ثمراتها = ومن القطوف الدانية
وشربت من أنهارها = ومن العيون الصافية

[عيسى سلامي]

ما ضر تنورنا يا أيها الثور = بأنك اليوم في النيران مسجور
كم انتظرنا خروجا منك في شغف = ولحمك الفذ في المقدار موفور
أين التحدي الذي أعلنته صلفا = لما هزئت من التنور يا ثور
وقلت لحمي شديد ليس ينضجه = تنوركم فأنا بالبأس مشهور
ألست تعلم أن لو فيه هوى = حاش لما ضره أو فيه تقصير
لكن غرورك قد أرداك في لهب = وهكذا يكتوي بالنار مغرور
كم عشت يا ثور في دل وفي ترف = واليوم لحمك في التنور مقبور
ناديتنا أنقذوني إنني تلف = كيف النجاة وهذا القبر محفور
لو أن قسمي هو القسم الذي نهبت = أجزاؤه كان لي فك وتحرير
أو كنت ذاك أكياسه ارتحلت = إلى منازلكم فالشأن ميسور
يا أيها القوم هل قد كان يدفعكم = حقد علي أما للأمر تبرير
لم ترحموا صيحتي إذ صحت واحرقي= وخاطري من مآل البؤس مكسور
مكثت في النار ساعات على ألم = وكلكم في انتظار النار مسرور
أنا الذي كنت نطاحا إذا احتدمت = حرب علي وقلب الخصم مذعور
وكنت إن سرت في دربي فلا كلل = ينتابني أو توانى مني السير
ظلمت في وصف أقوام وقد نعتوا = وأعلنوا قولة في طيها الزور
قد صرت مضرب أمثال لحال غبا = من لم يع الأمر قالوا إنه ثور
كم كنت أغدوا إلى المرعى على أمل = أني سأمكث عمرا فيه تأخير
وقد جعلت لذيذ النجم مأدبتي = أسير منطلقا ما عاقني سور
لولا الكريم الطواشي تل ناصيتي = للذبح أو أنني منه لمأسور
ما كنت وراد تنور به لهب = وحظ جسمي تعذيب وتسعير
فلتشكروا للطواشي حين قدمني = لكم فلحمي في الأطباق موفور
الكل ياصاحب الجود الأصيل له = لسان عرف يقول الكل مشكور

[عيسى سلامي]

خطب ألم فدمع العين قد ذرفا= وانهل تسكابه جريا
النفس في جزع والعلم في هلع = والصبر في ظعن والبؤس قد عكفا
والدين في جزع والعلم في هلع = والحور في ولع قد زينت شغفا
في كل بيت ترى الأحزان ظاهرة = على الوجوه وكل يظهر الأسفا
على فقيد له في العلم أعمدة = فكم عمايات جهل علمه كشفا
فكم سمعنا بموت قبل ميتته = وكان وقع مصاب فيه مختلفا
قد كانت الأرض تربا قبل رقدته = لما أقام بها صارت له صدفا
غارت قبور الورى من قبله فغدت = ترجو مقاما فيها به شرفا
إن كان مات فما ماتت مآثره = فالكل من علمه قد عب أو رشفا
أنار بالعلم دربا ظل في وهج= فكان نورا أزاح الغيم والسجفا
قد زانه الزهد في الدنيا فطلقها= وعن لذائذها قد كان منصرفا
شيخ جليل به عز ومكرمة = بالفضل والعلم والإخلاص قد وصفا
الذكر حلته والفكر خلته = والشكر حليته بالزهد قد عرفا
أحيا بسيرته هدي النبي وكم = أحيت مناقبه في سمته السلفا
قلب رحيم له والبذل ديدنه = مأوى الأرامل والأيتام والضعفا
تيقظ القلب منه فانبرى حذرا = يهوى القيام إذاما ليله انتصفا
إن تلقه تلق شيخا عابدا ورعا = وبالتواضع والإيمان ملتحفا
ومن يرده يرد أنهار معرفة = حتى يصير علوم الدين مرتشفا
قد كان في العلم بدرا ساطعا فخوى = أنى بنور إذا ما بدرنا خسفا
قد كان في الفضل طودا شامخا فهوى = واكرب نفسي عليه العمر والهفا
قد كان بحرا غزيرا طاميا غدقا = ما كان في علمه نزرا ولا نطفا

سمح جواد كريم النفس ما جدها = دعا إلى الله بالحسنى وما عنفا
لم يخش في الحق لواما لجرأته = عن كل ذل عزيز النفس قد أنفا
سما بنفس عن الأحقاد وارتفعت = ولو أساء إليه جاهل لعفا
داوى بحكمته مرضى القلوب وكم = داوى عليلا بجهل مطبق وشفى
شيخ حكيم إذا فتنة نهضت = قضى عليها إذا ما هولها عصفا
وكم أزال بعلم الدين أغشية = حتى استبان ومن لبس الضلال صفا
تعلق القلب منه بالجنان فلا = تراه يبغي سواها قاصدا هدفا
إن يكلف الناس بالدنيا وبهرجها = فإنه في رضى الرحمن قد كلفا
جلت مناقبه عن كل واصفة = أفنت شمائله الأقلام والصحفا
قد عاش بين قلوب الناس محترما = وبالحفاوة والتكريم مكتنفا
وحسبه أنه في الفضل منفرد = وأنه أمة في واحد وكفى
أثواه ربي دارا كلها نعم = وحل فردوسها في خلدها غرفا

[عيسى سلامي]

يا ناصرودعت فاندلع الأسى = كالنار سعرها هبوب الريح
وتركت أفئدة يلذعها الجوى = قد أترعت من حسرة بجروح
كل يئن عليك يظهر لوعة = يبكي بدمع هاطل وسفوح
آه من الدنيا ومن نكباتها = كم من فتى مما تمض جريح
أقصيدتي بثي أساي وأبني = شيخ المكارم بالمشاعر بوحي
صح الفناء على الأنام توترا = أما بقاؤهم فغير صحيح
سيؤول كل محرك لسكونه= ويضم مابين الثرى بضريح
من بعد خفض العيش يرفع نعشه= ليحل ضيق الأرض غير فسيح
والعمر منتهب بعدو سنينه= تمضي بنا كالبرق أو كالريح
أمكارم الأخلاق إرثي فاضلا = بعد الفراق عليه حزنا نوحي
أمساعيا في الخير قد رحل الذي= يسعى بقلب للوفاق طموح
والجود يبكي الغيث بعد وكوفه = سح النوال يدا وغير شحيح
والنصح ياللنصح كان رفيقه = وضميره للناس جد نصوح
أما الحجا فرجاحة ورزانة = يدلي برأي صائب وصحيح
وفعاله بين الرجال جميلة = متجنبا في الفعل كل قبيح
وإذا أتيت إليه كان لبشره = يبدي ومنه الوجه غير مشيح
لو أنني أحصيت جم فضائل = أطنبت في وصف له وشروح
يا أهل ردحة كلنا الموتور في = فقد له نشكو من التبريح

[عيسى سلامي]

من أين أبدأ والفؤاد كسير = والدمع من حزن عليك غزير
يا سيدا ولى وأورث بعده = نارا توقد في الحشا وتثور
أمحمد والناس بعدك جرعوا = ألم الفراق وإنه لمرير
تاق الفؤاد إلى الحبيب فرحت في = عام تسافر نحوه وتسير
ما طاب عيشك بعد أن فارقته = إذ غاب عنك لدى المقام سرور
فعساك تلقاه بدار إقامة = والعيش فيها ناعم ونضير
يا بيش بالله العظيم استعصمي = فهو الذي عند المصاب يجير
إني أرى الأحزان فيك تجددت = وغدا لها الخطب الجليل يثير
يا أيها الفقهاء صبرا إنما = هذي الحياة إلى الخلود عبور
ولئن وترتم في الفقيه فكلنا = ذاك الحزين الواجد الموتور
أودى الذي حمل الأمانة قائدا = ومضى على الجهل الذميم يغير
وأدار صرحا للعلوم بحنكة = والعقل منه مدبر وبصير
في كل معضلة لديه مسالك = للحل بالرأي السديد يشير
يا أيها القمر الذي قد كان في = دنياه بالعلم الشريف ينير
أنا لم تزل في خاطري لك صورة = فيها الجلال مصورا والنور
أنا لم تزل في خاطري لك همة = عليا فلا وهن ولا تقصير
طلابك الموفون عهدك أثكلوا = وأصابهم من فقدك التكدير
غادرتهم فنفوسهم مكلومة = والحزن جم في القلوب وفير
لله عمر قد قضيت موجها = بعزائم ما شابهن فتور
تلك الفعال البيض رمز راسخ = في كل دهر ما لهن نظير
أثر لديك بكل بيت ماثل =في فضل تعليم هو المسطور
ولئن رحلت فإن سعيك خالد = في كل ذاكرة هو المحفور
يا ابن غانم والسنين غنيمة = فلقد غنمت وحظك الموفور
هي سنة الموت التي ما مفلت = منها تقي عابد وفجور
فالموت كأس ليس ينجو الحي من = ترشافها وعلى الأنام تدور
سيان من ملك الجواهر عنده = أو مفلس ما عنده قطمير
وسواء من أدمى الحصير لجنبه = أو من له فرش لديه وثير
وثري مال بات ينعم هانئا = بثرائه أو معدم وفقير
أو مستظل في العراء بدوحة = أو من له بين البيوت قصور
فالكل منهم راحلون بموعد = ما فيه تقديم ولا تأخير
والكل في دار توحد بينهم = وتكنهم بعد الممات قبور
إن الذي يبني الأماني غافلا = عن يوم مرجعه هو المغرور

[عيسى سلامي]

ماذا أقول وقلبي فاض أحزانا= على فقيد الهدى يحي بن شلوانا
ماذا أقول ودمع العين من أسف= جرى على الخد مدرارا وهتانا
وكيف أنظم شعرا في الفقيد وقد = جل المصاب وجاش الحزن بركانا
ماجت بحار الأسى في النفس وامتلأت = وجدا عليه وأمسى الهم طوفانا
وصرت في دهشة والقلب في حرق= والعقل أضحى لهول الخطب حيرانا
لما وقفت على قبر الحبيب بدت = مني مشاعر قلب بات ولهانا
أذريت دمعي وهل تجدي الدموع إذا = قضاء ربي على الإنسان قد حانا
مضى وخلف أجيالا بكت ولها = عليه إذ كان في الأمواج ربانا
مضى فأورث ثكلا للعلوم وقد = أفنى الحياة يجلي العلم تبيانا
أنار بالعلم دربا ظل في وهج = وألبس العلم جهالا وعميانا
تبكيه تحفيظ قرآن الإله فقد = قضى بها الوقت أذكارا وقرآنا
ويمنح النشء فيضا من معارفه = في العلم حينا وفي الآداب أحيانا
يكسوهم من جلال العلم أردية = من العلوم بقلب ليس كسلانا
هذي الملاحة تبكيه وقد لبست = ثوبا من الحزن آهات وأشجانا
وتلكم الحدبة الخضراء ذاوية = من المصاب تشكى الفقد ألوانا
يا ثاويا بثرى صياد صد هوى = عن النفوس وروى الحق ظمآنا
يا ثاويا بثرى صياد صاد هدى = فقلبه صار بالأنوار ملآنا
مضى اشتياقا إلى الجنات في شغف = مضى وخلف دنيا البؤس عجلانا
لله يا صائما لاقى الإله وقد = سقاه من كوثر إذ بات ريانا
ما أنفق الوقت في لهو وفي عبث = ولا جنى من ثمين العمر خسرانا
قد فاق في الشعر في لفظ وفي صور = كأنما كان في الأشعار حسانا
ما طوع الشعر في هجو ولا ملق = أو كان في شعره للغيد فتانا
بل كان ينصر دين الحق في شرف = في نصرة الحق صاغ الشعر أوزانا
إذا تسنم ظهر الوعظ في خطب = فلست تسمع إلا قول سحبانا
أو انبرى لدروس العلم في ثقة = كأنما كان حين الدرس سفيانا
أقواله درر أفعاله غرر= إذا تكلم ساق الأي برهانا
في علمه ثقة في قلبه مقة = ما كان يحمل أحقادا وأضغانا
هذا أبوه بدا بالصبر معتصما = يرجو له من إله الكون غفرانا
كساه ثوب الرضا إذ كان يمنحه = برا ويخشى له في العمر عصيانا
قد شيعوا العلم لما شيعوا رجلا = أرسى من العلم ’ساسا وأركانا
وشيعوا الأدب الراقي به صور = من البلاغة إيضاحا وتبيانا
النحو يندب نحويا قضى زمنا = يفصل القول إبداعا وإتقانا
إني أعزي رجال العلم في رجل = وعالم قد علا في علمه شانا
إني أعزي رجال الفكر في رجل = سما بأفكاره للحرف ما خانا
صان الأمانة تعليما وتربية = وعهد تبليغ دين الحق قد صانا
ربى على الحق أجيالا وقادهم = إلى النجاة فما توفيه عرفانا
قد نور الله قلبا منه فابتهجت = له الحياة وأمضى العمر سلوانا
روى الفؤاد بهدي الله معتصما = بعروة الدين تسليما وإذعانا
وألجم النفس بالتقوى فما جمحت = إلى اللذائذ إسرافا وطغيانا
ما زلت أذكر يوما جاء متشحا = ثوب الوفاء يصوغ الشعر ألحانا
أهدى لي الشعر في عرسي على أمل = أن يبصر القلب مني صار جذلانا
وصاغه من نسيج القلب ملحمة = تنبي عن الحب إسرارا وإعلانا
ولست أحصر أفضال الفقيد ولو = سطرت فيها من الأشعار ديوانا
كان الوفي وكان الفذ في كرم = وكان لله أتقانا وأخشانا
قد غض طرفا عن الدنيا وفتنتها = لما تزهد ما أغرته دنيانا
البر يعشقه والمال ينفقه = والقول يصدقه في القدر ما هانا
حث المطايا إلى الجنات في همم = وأخلص القصد تصديقا وإيمانا
لله مقترب للأجر محتسب= للذنب مجتنب في العزم ما لانا
الفقد أدمى قلبوب العارفين له = ولوع الحزن أشياخا وشبانا
يا رب أسكنه جنات الخلود بها = يلقى نعيما وخيرات ورضوانا

[عيسى سلامي]

الخطب أعظم والمصاب جليل = والناس كلهم أسى وذهول
يا شيخ جبريل رحلت فأظلمت = وناحت آه يا جبريل
فجع الجميع فأقبلوا في حيرة = ساروا ولا يدرون أين سبيل
يا شيخ إن العيد بعدك مأتم = والدمع من حزن عليك هطول
بيش لفقدك صار يغشاها الأسى = في بيت صيحة وعويل
الدين يا جبريل بعدك واله = أسفا فمثلك في الصلاح قليل
يبكيك مسجدك الذي فارقته = وشعارك الصلوات والترتيل
والبريبكي منفقا في الله ما = بخلت يداه وللعطاء ينيل
والزهد يندب زاهدا في عيشه = هو في الزهادة قل منه مثيل
يا أيها السيف الذي كنا به = وقت الشدائد والخطوب نصول
فبمن نصول وقد ثوى في غمده = سيف على مر الزمان صقيل
لله ما هذي الجموع توافدت = قد شيعتك وللدموع مسيل
في كل قلب حسرة وتوجع = وعلى الوجوه من من البكاء ذبول
لهفي عليك وأنت تودع في الثرى = والترب فوقك يا حبيب مهيل
يا مزمعا سفرا إلى الحج الذي = في كل عام دائم موصول
ما كنت إلا مزمعا سفرا إلى = جنات عدن حيث طاب رحيل
جبريل يحيا غانما في جنة = الظل فيها وارف وظليل
يا أهل بيش تصبروا واستعصموا = بالله فالرزء الملم ثقيل
اليوم وسد في التراب فضائل= و
من أين أبدأ بالصفات وإنها = تفني المداد وشرحها سيطول
لو رحت أكتب في السجايا قصة = لأطلت في سرد فهن فصول
أو رحت أنظم في الخلال قصيدة = لم يحصهن من البحور طويل
ما كنت إلا البدر شعشع نوره = واليوم تخسف بدرنا وتزول
ما كنت إلا الشمس يسطع ضوءها = واليوم تبدو غيبة وأفول
يا حاكما بالعدل حين فضائه = بين الأنام وليس عنه عدول
والمشكلات إذا تبدى ليلها = فلديك بالرأي السديد حلول
يبكيك يا جبريل صاحب فاقة = قد كان من سغب إليك يؤول
والمقتر المحتاج تمنحه يدا= وتمدها برا فأنت بذول
كم باب بر للعطاء فتحته = وإلى مساعي الخير أنت عجول
حاشاك ما أبصرت يوما ممسكا = شحا ولا بالمال أنت بخيل
ما كنت إلا الغيث سحا في العطا = فإذا هطلت فلا يكون محول
كم أسرة تبكيك كنت مضمدا = لجراحها ولها الحياة تعول
لك في القلوب محبة ومهابة = ولديك في كل النفوس قبول
وعليك من حلل الصلاح وضاءة = ومن العبادة غرة وحجول
العيش عندك طاعة وعبادة = وتصدق وسوى هتيك فضول
والنفس ما مالت لديك صبابة = نحو اللذائذ والنفوس تميل
أو في الصبا ما غر نفسك لهوها= أيحب لهوا عابد وبتول
ستظل يا علما وذكرك خالد = بين الأنام وكم سيروي جيل
ولئن تجل مصيبة في فقدكم = فعزاؤنا أن مات قبل رسول
وإذا تعاظمت الخطوب فما لنا = إلا اصطبار في الحياة جميل

[عيسى سلامي]

أنا يا خليلي ما نسيت ودادكم = باق على حالي ولا أتغير
بالله كيف يهون أن تنسى امرأ = كانت لياليه بقربك تفخر
وإذا شدوت فأنت قمري الربا = طرب المكان له وغنى السمر
أسقيتني كأس القريض سكبته = في مسمعي فغدا فؤادي يسكر
والكون يهزج بالنشيد وخاطري = في نشوة ويباب عمري أخضر
وغدا جبين الحزن مطموس الرؤى= في أرض فرحتنا أراه يعفر
وزرعت في روضي الورود في = فرح أشم عبيرها وأعطر
ماذا جنى قلبي أتيت بغلظة = لتزيل منه سعادة وتدمر
ماذا جنت عيني لتحرم نوركم = فكأنما هي بعدكم لا تبصر
أنت الذي قوضت قصر سعادتي = من بعد أن أمسى بحبك يعمر
لالا تلمني إن فجعت بهجركم = وغدوت في دنيا الهوى أتحير
حاشا بأن أسم الحبيب خلائقا = ليست تليق فليس فيه تكبر
وبرقت لكن كان برقك خلبا = وجهام وصلك غيثها لا يمطر
وقسوت دون جريرة فتركتني = حبل المآسي والهموم أجرر
أو تؤثر البين المفرق شملنا = ما خلت أنك للتفرق تؤثر
أواه يا عذب القريض حرمتني = من لذة الأشعار منك تحبر
فأظل مفتونا بسحر بيانها= ويلذ لي أني بفنك أسحر
هبني دعيا في البيان وأنني = متخلف عن ركبكم متأخر
هب أن باعي لا يطاول مجدكم = بسما القريض وأن خطوي يعثر
أو ليس في دنيا السعادة مركب = أعلو به بحر الحياة وأمخر
ما قيمة الدنيا بغير صداقة = يزهو وجه الحياة ويسفر
ما قيمة الدنيا بغير علاقة = ينمو بها حب الحبيب ويكبر
صدق المشاعر في القلوب سجية = يصفو بها عيش ولا يتكدر
من لي بإنسان يضمد خافقا = عبث به الأنين به وراح يبعثر
أنا يا حبيب أسير حب لامني = فيه العذول أتى إلي يحذر
فصممت أذني عن مقالة كاشح = فأنا الغريق وفي ودادك أبحر
الفجر بعدك في عيوني حالك = والأفق مسود الجوانب أغبر
وأقلب الطرف الحسير بأوجه = ليست كوجهك بالوضاءة يسفر
أنا لا أرى إلا جبين مقطب= يبدي العبوس لناظري ويكشر
أنا لا أرى إلا تكلف بسمة = من كاذب ولي العداوة يضمر
ومنحت حبي للذين تجاهلوا = قدر الحبيب وراح كل يغدر
وأسير في الدنيا أعب مواجعا = وألوك آلاما فكيف تصبر
وأخوض بحرا في الحياة تلاطمت = أمواجه هو بالفجائع يزخر
حتى أتيت فكنت منقذ خافقي = مما يعاني في الحياة ويحذر
وتلوح يا بدر التمام فينتشي= قلبي الجريح وبالهناءة يظفر
فنسيت آلامي وكل مواجعي = وغدوت في دنيا السعادة أخطر
لكن غيما حال دون ضيائكم = وغدا لطلعتك البهية يستر
ما عاد يطربني القصيد ولم تعد = ألحانه تسبي الفؤاد وتأسر
إن كان ينشده سواك فليس في = أوزانه إلا المعايب تظهر
وأرى القصيدة مثل شمطاء بدت = لا تعجب الرائي ومنها ينفر
يا صاحبي والقلب يشكو لوعة = ومدامعي فوق الخدود تحدر
أنا مرهف الإحساس قلبي نابض = بالحب لا أجفو ولا أتنكر
يا عاشق العليا تروم وصالها= تعطي لها كل النفيس وتمهر
وتعانق الجوزاء في شرف وفي = نسب عريق في الأنام يقدر
وإذا تخلف في القريض منافس = فلأنت في مضماره متصدر
وإذا تردد في القلوب مشاعر = هي تبتغي بوحا فأنت معبر

[عيسى سلامي]

أهلا بهذا الجمع طبتم معشرا = وقدمتم لمحلنا فتنورا
وخطوتم خطو السعادة نحونا = فالبشر خيم والفضاء تعطرا
أهديكم هذا القريض تحية = وإليكم عذري إذا ما قصرا
إنا هنا نحيا الحياة مع الهدى = وترى الجميع إلى التقى قد شمرا
وعلى كتاب الله ألف جمعنا= وله اشترينا نعم ذاك المشترى
وإذا تجل طرفا ترانا فتية = طابت مظاهرنا وطبنا مخبرا
ما بين تال للكتاب وحافظ = لهدى النبي وبين علم سطرا
لخطى النبي تتابعت خطواتنا = أريت من يبغي لذاك تعثرا
ولنا من التقوى المنيعة قلعة = في الدين نرفض كل قول مفترى
ما ضيعت أوقاتنا يوما ولا = كان الثمين من الحياة مهدرا
وإذا دعينا للمعالي أقبلت = أفواجنا في عزة ما أكثرا
قولوا لمن ضل الطريق بخطوه = أنا على درب السعادة لو درى
في كل عام نلتقي بمحبة = في مركز الإيمان نحيا أشهرا
تمضي بنا الأيام نجني حلوها = في مركزي فكأنما سنة الكرى




لا لا نريد بأن نرى فيكم غدا = عن ركب طه عاثرا متأخرا
طه الذي أحيا الوجود بهديه = وأنار بالإسلام دربا للورى
لالا نريد إذا تغيب جمعكم = في مهمه الأيام عدتم قهقرى
فعلى سبيل الحق حتى نلتقي= وعلى حفاظ العهد حتى نحشرا

[عيسى سلامي]

هذا القريض وهذا النثر والجمل = كل البيان أتى ذا اليوم يحتفل
كل البحور انتشت في مدحه طربا = منها الطويل ومنها الهزج والرمل
وجاء في إثرها بحر البسيط وفي = أوزانه حين يأتي العي والخجل
هذا قريضي سأهديه به عبق = من الورود وفيه الشيح والنفل
إلى عظيم سما بالعلم يحمله = وقلبه للهدى والحق مشتمل
أمضى سنينا من التعليم في دأب = ما عاقه عن مراقي مجده كلل
إن المعلم رمز التضحيات فكم = يفني الشباب وفي التعليم يكتهل
يا ساميا في عو القدر يا رجلا = فعالك الغر تنبي أنك الرجل
كتبت صفحة مجد بين أسطرها = نور يشع وفيها العلم والعمل
فتحت للعلم آفاقا موسعة = فذللت في مساعي جهدك السبل
يا شامخا في علو سامق بذخ = كأنما أنت في عليائك الجبل
ساعات يومك ملأى ليس يشغلها = سوى العطاء فأنت المانح البذل
بذلت علمك للأجيال ترفعهم = فليس إلا بشأن العلم قد شغلوا
وترأب الصدع في الأخلاق تحملهم = إلى المعالي فيمحى العيب والخلل
زرعت فيهم صفات النبل فارتفعوا = عن الرذائل في أخلاقهم نبلوا
يا لابسا تاج فخر من رسالته = إن العلوم التي قد حزتها حلل
يا مخلصا حين تلقي الدرس في دأب = وما تغشاك في تدريسك الكسل
وما نراك سوى ذي همة طمحت = إلى المعالي وبالجوزاء تتصل
مرت سنين وعزم منك متقد = فما تراجعت أو أزرى بك الملل
من علمك الثر قد نالوا العلوم ومن = معينك العذب قد عبوا وقد نهلوا
كل الذين بنوا أمجادهم تبع = لما بنيت ولولا أنت ما وصلوا
بنيت للعلم صرحا ليس ينكره = إلا الذين بقدر العلم قد جهلوا
ومجدك المجد لا ضعف ولا خور = فكم عناء لأجل العلم تحتمل
هذي الأمانة قد حملتها شرفا= وذي الرسالة قد جاءت بها الرسل
يا شمعة لم يزدها الإختراق سوى =نور وعزم فما تنفك تشتعل
في النحو ترقى بأسلوب الكلام إلى = علوه تنتقى من لفظك الجمل
تحاذر اللحن في خط وفي كلم = فاللحن عندك أمر شأنه جلل
وفي فنون من الآداب تنقلهم = لواحة الشعر حيث الرسم والطلل
وحيث أشجت سعاد قلب عاشقها = وصيرت دمعه في الخد ينهمل
وحيث حسان إذ كانت قصائده = مثل السهام بها الأعداء قد قتلوا
بهم تجوب بقاع الأرض راحلة = عقولهم في رحيب الأرض تنتقل
وكم تذكرهم ماض به ألق = من البطولات بالقوم الذين خلوا
هم يرشفون علوم الدين صافية = وبالنصيحة والتوجيه قد صقلوا
وينهلون رحيقا من مواعظه = كأنها حين تلقى فيهم العسل
وما تثاقلت عن حمل النصاب ولو = أن النصاب وفي القدر مكتمل
إذا رأيت نجاح النشء بت على = سرور قلب فأنت الباسم الجذل
يمضك الحزن يلتاع الفؤاد إذا = ترى من النشء من أزرى به الفشل
وتزرع الهمم الكبرى بأنفسهم = فينثنون وكل مقبل عجل
أصلحت فتق خلال من إساءتهم = فما يرى في فعال منهم خطل
تحي الطموح لديهم كل آونة = وتستحث الخطى منهم إذا غفلوا
منحت عمرك في الأعمار تنثره = وفي تفانيك حقا يضرب المثل
تظل تسطع وهاج الضياء لهم = كالشمس تشرق ما عن ضوءها بدل
تبيت تجمع أفنان العلوم لهم = وجفن عينك بالتسهيد يكتحل
وتوقظ الجد فيهم عل أنفسهم = تشتاق للمجد أو يحيا بها الأمل
في كان في الناس في مساعهم بطل = فأنت بين الأنام السيد البطل

[عيسى سلامي]

التحايا إليك يا أربعاء = لك شكر معطر وثناء
في زواياك كل بحث جديد = ومفيد فليس فيك غثاء
في ثناياك حكمة القول تبدو = ومثال يسوقه الحكماء
ينتقى فيك كل قول رصين = وثمين فيحسن الإنتقاء
لك في كل سبعة طلعة البدر = بهيا يشع منه الضياء
لك في كل صفحة روعة الطرح = ومن كل ما يفيد ثراء
ولسان الفصحى لديك مصان = ذاد عنه رجاله الأكفاء
أنت في لجة الصحافة يخت = في أمان يقوده النبلاء
منهم المنقري عز انتسابا = طاب أصلا وزانه الإنتماء
حمل العبء في الصحافة إخلاصا = ودأبا وهكذا الشرفاء
كم رعيت الإبداع في كل فن = كان للمبدعين منك احتواء
في ميادينك الفساح بيان = للقضايا التي لها أصداء
والنقاشات فيك تحمل جدوى = قد تجلت ولم يشبها هراء
نثر الدر في فنائك نثرا = رصعته الكتاب والأدباء
بين طياتك الجميلة شعر = عربي يشدو به الشعراء
كم من الخاملين نبهت بالنشر = فذاعوا وسلطت أضواء
كم دفين أحييته بثناء = فأزال الظلام عنه الضياء
لا يشوب الكلام فيك التباس = فهو عذب إذ يورد الفصحاء
لا يشوب المعنى لديك غموض = فهو فجر ينيره البلغاء
أنا جد الشغوف فيك وإني = في اشتياق حتى يحين اللقاء

يا سميري إذا يغيب سمير = ونديمي إذا جفا الندماء
رفعت فيك للعلوم مقامات = حسان وعز فيك اللواء
أنت مغنى الآداب والفن دوما = وبك الشعر روضة غناء
غرة أنت في جبين الصحافات = وفي عالم الكتاب سماء
قد حوى الشعر منك كل فنون = منه وصف ومدحة ورثاء
كم رأينا في وقفة منك بالشعر = وفاء إذا قضى الأوفياء
إيه يا ملحقا أطل علينا = حسن منه ضمنه والرواء
عشت يا موئل الفنون منارا = أنت للفكر قلعة شماء
وختاما أعيد كالبدء قولا = التحايا إليك يا أربعاء

[عيسى سلامي]

أهدي إليك أبا علي قصيدة = جاءت إليك من الجمال عروسا
ضمنت في أبياتها ودي لكم = حملت إليك من الفؤاد رسيسا
بثت خواطر فرحة بهداية = وأجادها سبكا ومعنى عيسى
بوركت نهجا قد سلكت سبيله = لما ملكت من الأمور نفيسا
أغلقت أبواب الهوى في عزمة = فحييت حرا حيث كنت حبيسا
وهجرت كل مجالس في باطل = وصحبت من بالخير بات جليسا
لما رأيت الأنس في درب الهدى = عاديت من في الطبع كان خسيسا
وجعلت قوتك بعد قاتك مصحفا = في آيه وعظ فكان أنيسا
أبصرت من نور الهداية مشعلا = فأضاء في درب الفعال شموسا
أأبا عليٍّ قد سعدت بتوبة = ومن اليقين قد ارتشفت كؤوسا
وخلعت كل شعار لهو موقنا = وجعلت مرضاة الإله لبوسا
فضياع أوقات تركت سبيله = واللهو ولى والهوى قد ديسا
الخير فيك رأيته متمثلا = والخير فيك رأيته مغروسا
من باع بالإضلال درب هداية = نال العثار وحصل التفليسا
إن النعيم بالالتزام شريعة = من فارق الإيمان قارف بوسا
من آثر اللذات في دنياه قد = عاش الحياة مضللا منكوسا
الحق غالب في النفوس على الهوى = من ذا تراه يغير الناموسا
فبالاستقامة عز كل موحد = وإذا الهوى أغراه عاش تعيسا
أأبا علي نلت عزم مثبت = في الدين عشت موفقا محروسا
صحف الحياة مليئة بمواعظ = إن اللبيب ليستفيد دروسا
يا بائعين العمر في تدليسهم = حسن أفاق وحرم التدليسا
يا مانعين النفس حلو ثباتها = حسن سيدعو للثبات نفوسا
حسن تخطى عثرة في دربه = حسن تأسس عمره تأسيسا

[عيسى سلامي]

حي ذا الصرح في ضحى الافتتاح = كم نفوس غدت به في انشراح
وترنم فقد تحقق حلم = بقصيد كالبلبل الصداح
فأريج العلوم فاح شذيا = فتنشق لعطره الفواح
أكمل الصرح في البناء فهيا = نستقي العلم في رضا وارتياح
كل أمر قد زال وصرنا = في هناء وكل أمر متاح
كل مافيه ناطق برقي = ونهوض يكفي عن الإفصاح
فاخطري قريتي وتيهي بفخر = إن ذا اليوم موعد الأفراح
والبسي قريتي وشاح اعتزاز = بعلوم فذاك أبهى وشاح
شاقني النشء حينما جاء يسعى = غذ خطوا للعلم عند الصباح
يحمل الجد في القلوب ويمضي= همه في الحياة جني الفلاح
آه ما أجمل الغدو لعلم = وامتلاء الوفاض عند الرواح
ها هنا دوحة المعرف تنمو = وهنا أثمرت بكل النواحي
فردوا يا شباب منهل علم = ثم سيروا إلى دروب النجاح
فهنا هيئت لكم تقنيات = من أياد في البذل غير شحاح
واستجدت لكم وسائل علم = لبيان الدروس والإيضاح
فهنا تهطل العلوم بهدي = وعلو ورفعة وصلاح
ذا نمير العلوم أصبح وفرا = فلتسيروا بهمة لامتياح
واقبلوا نحوه بكل اهتمام = وبذهن إلى التعلم صاح
وإذا تجمح النفوس للهو = فامنعوها ولتكبحوا للجماح
واقبسوا العلم واستعدوا بعزم = لميادين في الحياة فساح
واغنموا العمر يا شباب وهبوا = لفلاح وفوزة ورباح
واجعلوا العلم عدة وسلاحا = إنه في الحياة أمضى سلاح
وقفوا في دروب كل لئيم = مستبد لديننا قداح
نبذ الهدي وامتطى لغلو = وجرى في الحياة خلف نباح
واصمدوا في الطريق لا تنثنوا عن = مبدأ قيم وحق صراح
لا تصيخوا سمعا لدعوى ضلال = من كفور في ملة وإباحي
واقتفوا في الهدى لنهج نبي = فهو نهج السلام نهج السماح
وإذا فتنة تهب فكونوا = في صمود عند اشتداد الرياح
لمدير التعليم يجزل شكري = فهو أهل الثناء والامتداح
أنت سطرت في المعارف مجدا = ليس يمحوه في البرية ماحي
وأبت نفسك الطموحة إلا = نيل عز بهمة وكفاح
عشت تسعى لكل مجد وتبني = أصرح العلم ماضيا في طماح
ورميتم بهمة شبح الجهل = فولى في خيبة ونواح

[عيسى سلامي]

يا أنت يا روضة عمري الجديب = يا فرحة القلب الحزين الكئيب
يا راحة المضنى الذي أتعبت = أقدامه قسوة كل الدروب
دناي لولا أنت ما طاب لي = عيش بها إلا كعيش الغريب
فكم سباني ذلك الدل في = تمايل الغصن الرشيق الرطيب
وسحر أجفانك فيه الردى = صوبني سهم فصرت العطيب
فلترحمي قلب المعنى الذي = يكاد من عشقك وجدا يذوب
قد نم بالأشواق دمع جرى = من لوعة البين بخدي سكوب
حاولت إطفاء لهيب الجوى = لكن قلبي ظل يشكو اللهيب
أرقني بعدك يا غادتي = فهل تجودين بوصل قريب

[عيسى سلامي]

يا نسا الشيخ عزاء صادقا = إذ بليتن بأدهى الحادثات
فاحتسبن عند الله لا = تجزعن لما أتى الشيخ الممات
هذه سنة ربي في الورى = سوف يلقى الموت كل الكائنات
ليس في الدنيا خلود دائم = كل إنسان ستلقاه الوفاة
ولنا في المصطفى خير العزا = فجع الناس به إذ قيل مات
أنا أدري أن موت الشيخ قد = أجج الحزن وأذكى الحسرات
فتصبرن على البلوى ومن = يصطبر يجن جزيل الحسنات
فاصبري يا مريم عن فقده = أنت يا مريم خير العابدات
وأضيئي شمعة يا شمعة = من ضيا الصبر دروبا حالكات
ولتعيشي بالرضا عائشة = ولتكوني قدوة للصابرات
لا تقولي يا لنا ليس لنا = من نصير بعده في ذي الحياة
فلكن الله أنتن على = منهج الحق وهدي الصالحات
قرت العين بكن العمر لم = ير فيكن فعال العاصيات
قد رأى فيكن ودا صادقا = ورآكن نساء فضليات
زرع الله ودادا بينكن= ولقد عشتن مثل الأخوات
هذه تحنو على تلك وفي = كل قلب قد صفت منه النيات
وقضى العمر رضيا قلبه = جمع الله له كل شتات
وإذا ما علة تنتابه = فعليه كلهن الساهرات
مات عنهن ولم يسمع بما = قدر الصفو ولا كثرة هات
لا تقولي يا صفياة لقد = ذهب الصفو وعيش السعد فات
يا أميماة اصبري صبرا على = هذه البلواء يا خير البنات
ولعفراء عزاء صادق = إن عفراء لأزكى الفتيات
وارض يا ريم بأمر الله ما = يدفع الأمر إذا المقدور آت
واصبري فاطمة واحتسبي = إن حسن الصبر من خير الصفات
يا رقياة ترقي واصعدي = بجميل الصبر أعلى الدرجات
يا بنات الشيخ إقبلن العزا = وتصبرن بعزم وثبات
يا أبا عاصم نم في راحة = لا تخف فالله يرعى الطاهرات
فعسى الرحمن أن يجمعكم = في جنان الخلد من بعد الممات

[عيسى سلامي]

عين فابكي لفقد إسماعيل = ذلك الشيخ ذي المقام الجليل
أهو حق قد مات أم هو حلم = لا تلوموا فإنني في ذهول
كلما رمت سلوة جاء نعي = لعزيز فضاع مني دليلي
هدم الموت قلعة من صلاح = وعلوم فما له من بديل
هذه قريتي تبث أساها = لمصاب قد حل فيها جليل
وقنا تشتكي من الفقد حزنا = ليس فيها سوى بكا وعويل
وجرادية تنوح عليه = آه من لوعة وحزن طويل
كل شيء بكاه إذ كان فذا = قد حوى في الخلال كل نبيل
صار يبكيه جامع كان فيه = صادحا بالقرآن في ترتيل
حلقات التحفيظ تندب شيخا = كان فيها معلم التنزيل
كان بالعلم مشبعا نهم= الجهال فينا وراويا للغليل
جاء والناس في ضلال وجهل = فدعا للهدى وخير سبيل
لم يعقه عن دعوة الحق قوم = سفهوه بكل بكل قول جهول
كم محا بدعة بكل ثبات = وصمود ما لان للمستحيل
فمضى صابرا يحث خطاه = لم يكن في تكاسل أو خمول
جاء والناس غارقون بلهو = في إسار الغناء والتطبيل
ورآهم من جهلهم في هوان = ورآهم من غيهم في سفول
فدعاهم إلى الهدى في اصطبار = مخلصا ساعيا وغير ملول
كان في وجه كل بغي كسيف = صارم في مضائه مسلول
كان بالحق ناهضا لا يبالي = بملام ولا بقول عذول
عزمه لم يهن وما كان يوما = حين يمضي في دعوة بالكسول
بيته الرحب لا يمل نزيلا = فاتحا بابه لكل نزيل
كان لا يرتضي بأن يبصر الناس= من الشرك في حياة الذليل
كم سنين من عمره قد قضاها = في اجتهاد معلما للجيل
وله في القضاء أحكام عدل = وعن الحق ما به من عدول
لم يزل صوته يرن شجيا = حين رفع الأذان والترتيل
هو مزمار من مزامير داود = سبانا ومنعش للعليل
هو يزري بكل صوت ندي = من رنين لبلبل أو هديل
يا لتلك الآيات تملك أسماعا = وتسبي من سحرها للعقول
صوته يجلب الخشوع فيصحو = كل ساه لدى الصلاة غفول
كل ربع يا شيخ بعدك أمسى = كخلاء وموحشا كطلول
يا فقيد الإصلاح قد صار يبكيك = بدمع من مقلتيه هطول
عشت تجلو ظلام جهل وشرك = وخرافات أنفس وعقول
صادعا باليقين لم تخش صدا = موردا كل حجة ودليل
جرأة في شجاعة في مضاء = في احتمال لكل أمر ثقيل
كم نفوس هديتها لصواب = سالكا في البلاغ نهج الرسول
لست بالواهن الضعيف لدى الصعب = ولا الخائر الجبان الهزيل
إيه يا صاحب العقيدة قد كنت = نقيا مستمسكا بالأصول
كنت شمسا مبددا ظلمة الجهل = وها أنت صائر للأفول
آه يا عاشق الزهادة في الدنيا = ولم تعرمن بعيش قليل
عشت لم يولع الفؤاد بدنيا = مستعدا فيها ليوم الرحيل
عشت فيها ولم تلم ثراء = أو تكن جامعا لمال جزيل
أنت سطرت من فعالك سفرا = ليس يمحى على الزمان الطويل
أنت أسطورة من الناس صعب = أن يرى صنوها بأي رعيل
ولكم كنت في المواقف وقافا = على الحق دون حيف وميل
رادعا كل ظالم مستبد = ناصرا كل بائس مخذول
وحفظت اللسان عن قولة الزور = وعن غيبة وقال وقيل
سر إلى الله واترك العيش في دنيا= كذوب خداعة وختول
رب أسكنه جنة يلق فيها = عيش نعمى وتحت ظل ظليل
رب واجعله يرتوي في جنان = راشفا كوثرا ومن سلسبيل

[عيسى سلامي]

رحلت أخي لك خيالك لي باقي = فأترعت من سيل المدامع أحداقي
فيا لهف نفسي يوم قدت لساحة = لحتف وما منا لميتتك الواقي
فلو كانت الأعمار توهب منحة = وهبتك عمري يا أخي دون إشفاق
ولو كانت الأرواح تسقى لميت = لكنت لك الراوي وكنت لك الساقي
ولو قدموني أفتديك لسرني = وما أحد للموت غيري بسباق
فيا حزن أمي كم تفطر قلبها= وأشجانها قد طوقتها بأطواق
أيا ابن أبي يا ابن أمي ومهجتي = إليك أخي لم تخب نيران أشواقي
ألا ليت ذاك السيف قل فل حده = وطارت شظاياه إلى كل آفاق
فكم قد سعينا نفتديك بمالنا = تحيا ولكنا منينا بإخفاق
ولكنها الآجال إن هي أقبلت = فما نافع منها طبيب ولا راقي
وكم بذلت منا الجهود حثيثة = لتظفر بالعيش المديد بإطلاق
ولكنه المقدور شيء محتم = وما أحد منا له غير منساق
وخير عزاء فيك أنك ذو تقى = وأنك ذو قلب رضي وأخلاق
كأني أراك في الجنان منعما = لأنك وفيت بعهد وميثاق
وتقت لقود فيه تطهير حوبة = ولم تك للعمر الطويل بتواق
رغبت تلاقي الله عبدا مطهرا = من الذنب كي تمسي بجناته الراقي

[عيسى سلامي]

إني أتيت وقد حملت زهورا = وخشيت في وصفي له تقصيرا
هو في سبيل العلم أفنى عمره = وعطاؤه قد ظل منه غزيرا
يا حامل العلم الشريف تحية = وسلام إكبار يفوح عبيرا
لا تيأسن وقد حملت رسالة = أن بقيت مجاهدا مغمورا
يكفيك أنك سامق في غاية = ستظل تحيا في المقام كبيرا
فلأنت مثل الشمس يبقى ضوءها = متوهجا وعلى الأنام منيرا
تمحو ظلام الجهل بالعلم الذي = أضحى ضياء في القلوب ونورا
تسعى وتدأب تستلذ متاعبا = وترى العظيم من الأمورا حقيرا
وتظل تطمح للذرى بعزيمة = وثابة لا تعرف التأخيرا
أفنيت عمرك ناصحا وموجها= تبغي من الله العظيم أجورا
ووهبته للجيل دون مضنة = حتى توجه للصلاح مسيرا
ومضيت تحمي خطوه من زلة = حتى تقيه معايبا وشرورا
أنهلته علما نقيا صافيا = كي يرشف النهج القويم نميرا
وتبيت في الأسفار تبحث جاهدا = في كل فائدة تخط سطورا
يا باعثا آمال نشئك تبتغي = أن يرتقوا كيما تعيش قريرا
وإذا جنى نشء لديك نجاحهم = أضحيت مما حققوا مسرورا
وتعانق الآلام قلبك إذ ترى = منهم حزينا كابيا وكسيرا
تلك المساعي بالثناء جديرة = ويحق أن تلقى بها التقديرا
يا محسن ما كنت إلا محسنا = إذ كنت في صرح العلوم مديرا
أدركت عبء أمانة فحفظتها = وحملت هما في الفؤاد كبيرا
ولكم أنخت ركاب كل مصاعب = حتى أزلت من الأمور عسيرا

عقدان لم تبرح تغذ السير في = همم الرجال وما عشقت فتورا
عقدان قد مضيا كلمعة بارق = يا للزمان تبدلا ومرورا
ما زلت أذكر موقفا في محفل= بقصيدة كانت تفيض شعورا
هنأت فيها محسنا بإدارة = إذ كان في وصل بها لجديرا
واليوم ودعها ففاضت عينها = دمعا وكدر خاطر تكديرا
كان الوفي لها سنين وصالها= وعلى المبادئ حاميا وغيورا
أما ابن زين الدين كم من همة = في نفسه تدع الكبير صغيرا
ولكم من الأجيال ربى مخلصا = حتى أجادت للحياة عبورا
سيظل ينقش في القلوب فعاله = وعلى الشفاه ممجدا مذكورا
أمحمد البسباس فضلك لم يزل = في كل ذاكرة غدا محفورا
مازال يذكر سعيكم أبناؤكم = والكل يهديك الوفاء شكورا
إن يفتخر ناس بحسن عطائهم = فلأنت أجدر أن تكون فخورا

[عيسى سلامي]

الحق في نثري وفي أشعاري = والصدق في لحني وفي قيثاري
عندي براهين اليقين جلوتها= وجعلتها كالصبح في الإسفار
وبحجة دمغت وقول صارم= سأظل أبطل زعم كل مماري
إني دربت على الردود وإنني = متعود في الشعر خوض غمار
يامن يجادل لاتمار فإنها = لحقيقة جاءت كضوء نهار
ليس النهار بحاجة لدليله = والشمس لاتخفى لذي الأبصار
قل لي بربك هل لذي السبعين من = أرب لديه إلى ذوات خمار
وهو الذي قد بات في أسقامه = عند المساء ملفعا بدثار
غابت لذائذه وأغلق بابها = والقلب أسدل سترة الأوطار
لو لم يكن في الشيب أمر نقيصة = للغيد ما عاش الحياة يواري
الدهر أفسد كل شيء عنده = فغدا ليصلحه لدى العطار
متشببا يطلي الشعور بصبغة = وإذا سألت يلج في إنكار
البكر في هذا الزمان تطلعت = لتنزه وتنقل وسفار
أو ليس من هدف الزواج تعفف = وصيانة للعرض من أوضار
ولرب غانية أقول لها اصبري = قالت بليت بأشيب مكار
أغرى أبي بالمال حتى باعني = والنفس هامت في هو الدينار
فكأنني في السوق صرت كسلعة = صارت تباع بأبهض الأسعار
هذا الزواج إذا يفتح بابه = فهو الحياة مطية الأخطار
لهفي على تلك الفتاة ضحية = لزواج شيب أو زواج شغار
ما ذنب ذات الخدر غيب فجرها = بدجى مشيب كاسف الأقمار
دفنت أمانيها ومات طموحها = وتقيدت في محكم الأسوار
والزوجة الحسناء تندب حظها = تشكو بحزن سطوة الأقدار
تشتاق للعيش الهنيء كما اشتهت = بيد إلى فيض من الأمطار
كانت تؤمل في الزواج سعادة = لكنها ارتشفت من الأكدار
وتود فيضا من حنان دائم = عند الإقامة أو لدى الأسفار
قل لي أحبك قل حياتي إنني = أشتاق همسا منك في تكرار
وامرر بكفك فوق شعري إنني = سأحس عطفا منك بالإمرار
قالت له لكنه قد ردها = في غلظة بل ذاك فعل صغار
ولتخجلي فلقد كبرت على الهوى = ويصد عما تشتهين وقاري
أو ما يحق لزهرة فواحة ذبلت = وكانت أنضر الأزهار
هيهات أن تجد الحنان بأشيب = وفؤاده من كل عطف عاري
كم حاولت إغراءه بمفاتن = وفريد حسن ليس بالمتواري
كم حاك عذرا في هروب دائم = وهي التي ملت من الأعذار
في كل يوم يشتكي إغماءة = عند المسا مصحوبة بدوار
إن لم يفد عذر لديه فإنه = لابد يوما لائذ بفرار
السعد طوق كل زوجة أصغر = يهب الجزيل بهمة مكثار
العزم بين عروقه متدفق = يعطي بلا من ولا إقتار
وعلى الحياة تعاضدا وتفاهما = وتعاونا من أول المشوار
وتشم منه أريج عرف عابق = ويشم منها فائح الأعطار
من كل فل للردائم قد سرى = عبقا شذاه يبوح بالأسرار
قضيا سنينا في الحياة وطوقا = عش الحياة بغمرة استبشار
إني لك العمر الطويل وفية = أفديك في يسر وفي إعسار
هي أين من تلك التي باتت على = جمر تلظت في لهيب النهار
للموت أهون من حياة تعاسة = عاشت بها في وحشة وإسار
ما ضرها لو أن تعيش عنوسة = خير لها من أشيب منهار
قصرت خطاه عن المراد ولم يكن = يوما لها فيما تريد يجاري
لاشيء غير الطلم قوض صرحها = فغدت تؤول حياتها لدمار
لم تلق من عقد الزواج سوى اسمه = وتجرعت ألما بغير خيار
زعموا زواج البكر يرجع أشيبا = في عزمه غرا من الأغرار
هيهات يرجع من تقضى عمره بتتابع الأيام والأدهار
سيظل يلهث في الليالي متعبا = بعزيمة المتهالك الخوار
هذا الزوج تغص منه محاكم = فحذار مما قد جناه حذار
يا زاعما هذا الزواج تأسيا = لما فعلت بأحمد المختار
أوليس في الهادي لنا من أسوة = إلا زواج الشيب بالأبكار
ليس الأنام كمثل طه قوة = في طاقة بالله كيف تماري
الله قد خص النبي مزية = في قدرة هذا عطاء الباري
وتقول عائشة تزوجها وقد = كان البناء بها لدى الأنصار
هو لم يزوج في النساء بغيرها = بكرا وذاك بثابت الأخبار
هذا قصيدي مبطلا لمزاعم = الحق فيه مذاهبي وشعاري
شبهته بالغيث في تسكابه = أو مثل بحر مائج زخار
ونظمته كالدر في أوصافه = متفردا في اللفظ والأفكار

[عيسى سلامي]

أيها الشعر جد بمدح مدير = ذي ارتفاع وذي مقام كبير
بذل العمر كله في طريق = للمعالي ما شابه من قصور
قلت للشعر هل تعثرت في مدح = جليل في شأنه وقدير
قال لي عاجز وكيف أوفي = حق سام بباع حرف قصير
ما نسينا ما كنت تزرع فينا = من كريم الخصال في خير دور
ما نسينا حظا على العلم منكم = ما نسينا حثا على التبكير
إن تودع كرسيك اليوم إنا = سوف نحيا بنهجك المستنير
ثلث قرن قد كنت فينا مثالا= نحتذيه ما فيك من تقصير
ثلث قرن نقلتنا فيه للمجد= ويسرت كل أمر عسير