تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشريعة .. وكيف حدث الانفصام ؟



بهجت عبدالغني
25-05-2012, 04:40 PM
الشريعة .. وكيف حدث الانفصام ؟


بهجت عبدالغني الرشيد

الإسلام هو خاتم الرسالات الإلهية ، الدين الذي ارتضاه الله تعالى للناس إلى أن يرث الأرض ومن عليها ، وجعله المنهج الشامل الواسع الذي يتسع لكل النشاطات البشرية ، ودعوة عالمية لكل زمان ومكان ..
ولذلك تكفل هذا الدين ببيان كافة ما يحتاج إليه الإنسان لتنظم علاقته بالله تعالى وبالأفراد وبخاصة نفسه ، وعلى ضوء ذلك قسم العلماء الشريعة إلى ثلاثة أقسام :

ـ الأصول الاعتقادية ( علم العقيدة ـ علم الكلام ـ الفقه الأكبر ... ) وموضوعها يتعلق بإثبات العقائد الدينية المتعلقة بالله وصفاته وأفعاله ، وما يتفرع عليها من مباحث النبوة والمعاد .. الخ ..
ـ الأحكام العملية التي تهتم بأعمال الإنسان ( العبادات والمعاملات ) ، ويسمى بـ ( علم الفقه ) .
ـ المبادئ الخلقية التي تهتم بالصفات التي من شأنها أن ينتج عنها صدور الأعمال الخيرة ، ويسمى بـ ( علم السلوك ـ التصوف ) .
وذلك حتى ينعم الإنسان بالراحة والأمن في حياته ، ويطمئن على مصيره بعد مماته .

لكن الملاحظ من هذا التقسيم أنه تقسيم ( أكاديمي ) وليس تقسيماً حقيقياً للشريعة ، بمعنى الفصل الحقيقي بين اقساهما الثلاثة وتفكيكها بحيث لا تبقى صلة بينها ، وإنما كان تقسيماً يهدف بالدرجة الأساس إلى تيسير دراسة الشريعة والتعامل معها وتعلمها وفهمها وإدراكها .. وكان ذلك واضحاً عند الفقهاء والمجتهدين في عصور الازدهار الحضاري ، ولكن المشكلة بدأت عندما دخلنا عصور التقليد والجمود الفكري والادعاء أن باب الاجتهاد قد أغلق ..
فتحول هذا التقسيم بذلك من الحالة الأكاديمية إلى واقع معاش ..
فالمجتهد يصب كل اهتمامه في اجتهاده على الجانب الفقهي للمسألة ، ويستبعد الجانب العقدي أو السلوكي لها ، وصار الفقه أشبه بقوانين ميتة ليس بينه وبين العقيدة والأخلاق ومقاصد الشريعة رابط ..
فزواج المسيار مثلاً ـ ولسنا هنا بصدد الفتوى ـ لا ينقصه أركان وشروط الزواج الصحيح ، ولكنه لا يحقق مقصد الزواج من تحمل مسؤوليات الحياة وتربية الأولاد وإيجاد السكن والمودة والطمأنينة بين الرجل والمرأة .. الخ ..
يقول تعالى : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم: ٢١
وترى بين طلبة العلم من يهتم بالعقيدة ولا يهتم بالفقه أو السلوك ، أو يهتم بالسلوك دون العقيدة والفقه ، وهكذا ..
وترى الناس صاروا لا يربطون بين هذه الأقسام ، ولا يلقون له بالاً ، فإذا أحدهم يصلي ثم يخرج من الصلاة فيكذب ، يصوم رمضان لكنه يحتكر ويستغل ويغش في تجارته ، يحج البيت الحرام بمال حرام ، يقول لا اله إلا الله لكن لا ترى لهذه الشهادة أثر في حياته ..
أما إذا قرأ المرء كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإنه يرى خلاف ذلك تماماً .
إن تلازماً حتمياً يجده بين العقيدة والفقه والأخلاق ، ورابطاً وثيقاً بين الأقسام الثلاثة لا ينفك .. يسوقها القرآن والسنة في سياق واحد دون فصل ..
لنقرأ هذه الآيات الكريمات لنرى كيف تمّ الربط بين الأقسام الثلاثة :
( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) ) البقرة .
فعدة المرأة وما يتعلق بها مسألة ( فقهية ) ، لكن القرآن وهو يقرر هذه المسألة الفقهية يربطها بالإيمان ( إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ) ، يقول الشيخ السعدي في تفسيره :
( فصدور الكتمان منهن دليل على عدم إيمانهن بالله واليوم الآخر ، وإلا فلو آمنّ بالله واليوم الآخر ، وعرفن أنهن مجزيات عن أعمالهن ، لم يصدر منهن شيء من ذلك ) .
أما الآية الثانية فهي تتكلم عن عدد مرات الطلاق ، وهذا مسألة ( فقهية ) ، ولكن تأمل عندما يصل الأمر إلى التطليقة الثالثة ، فإن القرآن ينبه الرجل في حالة الإمساك إلى ( المعروف ) الذي هو العشرة الطيبة الحسنة واللطف والمعاملة بالحسنى من غير إضرار بها .
وإما تسريح لها بـ ( إحسان ) لا عنت فيه ولا إيذاء . أي لا يظلمها شيئاً من حقها ، ولا يتعدى في قول فلا يذكرها بسوء بعد المفارقة ، وأن يمتعها بشيء يجبر كسرها ، ويطيب قلبها .
أليس كل ذلك من ( الأخلاق ) السامية والسلوك السويّ ؟
ثم تختم الآية بالتأكيد على الجانب الإيماني ، واستحضار مراقبة الله في كل شيء ، وأن أي تعد لـ ( لحدود الله ) يعد ظلماً صارخاً .
آية أخرى ..
( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المجادلة: ٤
والآية تتحدث عن كفارة الظهار ( عتق رقبة ـ صوم شهرين متتابعين ـ إطعام ) وهي مسألة فقهية ، ولكن كعادة القرآن يربطها بالجانب الإيماني ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) .

آية أخرى
( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) الطلاق: ٢
وهنا الحديث عن الطلاق ، ولكن تأمل كيف ربطه القرآن بالإيمان ( ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ) ، يقول سيد قطب في تفسيره :
( والمخاطبون بهذه الأحكام هم المؤمنون المعتقدون باليوم الآخر . فهو يقول لهم : إنه يعظهم بما هو من شأنهم . فإذا صدقوا الإيمان به وباليوم الآخر فهم إذن سيتعظون ويعتبرون . وهذا هو محك إيمانهم , وهذا هو مقياس دعواهم في الإيمان ! ) .

وغيرها كثير .. حيث تجد دائماً هذا الربط الوثيق بين الإيمان والفقه والأخلاق ، وما ورد ليس سوى نماذج لهذا الربط .

أما في الأحاديث فنأخذ بعض النماذج أيضاً ..
قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن. قيل ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ) . صحيح البخاري
ولا أظن أن الأمر يحتاج إلى مزيد تعليق .. ففيه ربط الإيمان بالسلوك ..
أي لا يؤمن أي لا يؤمن الإيمان الكامل ، ولا يبلغ أعلى درجاته ( شرح ابن بطال للبخاري ) من كان لا يأمن جاره بوائقه أي شره .

حديث آخر ..
عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) . البخاري في الأدب المفرد .
وهذا الحديث جمع الأقسام الثلاثة ، الإيمان ( لا اله إلا الله ) ، والسلوك ( إماطة الأذى عن الطريق ) ، والأخلاق ( والحياء شعبة من الإيمان ) .
بل إن الإيمان نفسه هو هذه الأقسام الثلاثة ..

حديث آخر ..
عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) . صحيح البخاري
فتأمل كيف ربط الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان بالحب ، وما يتعلق بهذا الحب من واجبات وحقوق ..
يقول ابن رجب في فتح الباري : لما نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه دلّ على أن ذلك من خصال الإيمان ، بل من واجباته ، فإن الإيمان لا ينفي إلا بانتفاء بعض واجباته .
حديث آخر ..
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد ) . رواه البخاري ومسلم .

فانظر كيف ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بين كمال الإيمان والزنا والسرقة وشرب الخمر ، وهي مسائل تتعلق بالفقه والسلوك ..
وكل ذلك يدل على وحدة الشريعة ووحدة هدفها ..

ويبقى السؤال عن سبب هذا الانفصام ، وعن كيفية إعادة اللحمة ثانية إلى أقسام الشريعة تلك ..

ربيحة الرفاعي
26-05-2012, 02:04 AM
بدأ الانفصام بالتقسيم، حين فصلت العقيدة عن الفقه عن السلوك عند العلماء، لتنفصل تداعيا عند العامة العبادات عن ما عداها وتتحول لأداء صوري معزول عن الأصل الاعتقادي وعن الإنعكاس والتأثير المفترض في الصفات والسلوكيات
ولطالما تساءلنا عن ما استدعى هذا الفصل ، وهل كانت له جذور في ومن الرسالة وبأي نفع عاد على الأمة
ويبقى السؤال الذي ختمت به المقالة اديبنا الكريم عن كيفية إعادة اللحمة قائما يستنهض همم أصحاب الهمة لاستنقاذ الأمة

موضوع قيّم وطرح بديع
بارك الله بك وجزاك خيرا

تحاياي

عبد الرحيم بيوم
26-05-2012, 10:59 AM
هناك فرق بين التاصيل العلمي وبين الواقع العملي
فالسلف مثلا لم يكونوا يفرقون بين الواجب والمستحب من حيث العمل والاخذ بالعزم والحزم ومحاولة تطبيق السنة دون تفريق في النظر اليها اواجبة ام مستحبة
لكن المفتي يحتاج عند ايراد المسالة الى التاصيل العلمي ليبني عليه الحكم، فالخطأ في الإعتقاد ليس على رتبة مع الفقه والسلوك
على ان التقسيم المذكور كمفهوم ليس وليدا جديدا على ثقافة السلف
فقد بين النبي وحدة العقيدة بين الانبياء واختلاف شرائعهم كما اخرج البخاري ومسلم واللفظ له من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الأولى والآخرة قالوا كيف ؟ يا رسول الله قال الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد فليس بيننا نبي)
ولذلك قال الله عز وجل {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]
وقال النبي صلى الله عليه و سلم فيما خرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الالباني في الصحيحة (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
ومعلوم ما اخرجه الامام احمد في مسنده وصححه محققه من حديث عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)
وكلها تبين وجود الفرز بين العقيدة والفقه والسلوك
لذا لا اتفق معك ان سبب ما نحياه هو انتقال التقسيم الى الحياة العملية وفيما اخرجه احمد وصححه الالباني في الصحيحة من حديث أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن فلاناً يصلي بالليل ، فإذا أصبح سرق ؟! قال : ( إنّه سينْهاهُ ما يقولُ) ما يدل على ان هذه المشكلة لم يخل منها زمان النبوة فهي ما قبل وجود التقسيم، فالتقسيم مجرد تأصيل علمي يحتاج له للتعلم وتبنى عليه الفتوى، اوافقك انه ادى عدم فهمه فيما بعد الى مثل قول بعضهم عندنا في المغرب اننا مالكية المذهب اشعرية العقيدة على خط الجنيد في السلوك، وكما لو ان الامام مالك لم تكن له عقيدة ولا سلوك.
لكن ليس معنى ذلك ان نحمله وحده ما وصلت له احوالنا، والمشكلة اخي الكريم هي في عدم التربية وغياب المربين فلما ذكر سبحانه مهمة نبينا صلى الله عليه وسلم قال {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)} [البقرة: 151] فدل على اهمية اقتران العلم بالتزكية.
فإعادة اللحمة تكون بكلمة لطالما رددها الشيخ الالباني رحمة الله (التصفية والتربية) تصفية الدين مما شابه وتربية على ذاك الدين المصفى

وشكرا لك على الطرح القيم اخي الفاضل بهجت
واعتذر عن الاطالة

بهجت عبدالغني
26-05-2012, 08:07 PM
نعم .. حدث الانفصام

ودخلنا عصور الجمود الفكري ، حيث صار العلم وقتئذ مجرد النقل من الكتب ، والاستغراق في الحواشي والهوامش ..

والحل كما أرى هو إحياء القراءة المقاصدية للنصوص ، حيث الرؤية الشاملة المتكاملة للدين ..

وهو ما أعد له في مشروعي القادم ان شاء الله تعالى ..

فلا تنسونا من الدعاء ..


استاذتنا العزيزة ربيحة

شكراً لمرورك الكريم



تحياتي ..

بهجت عبدالغني
26-05-2012, 08:27 PM
نعم أخي الكريم التقسيم ليس وليد اليوم ، لكن السلف كانوا منتبهين لهذا الأمر ، مثل ما تفضلت بان السلف لم يكونوا يفرقون بين الواجب والمستحب من حيث العمل ، أي كانوا يأخذون الدين جملة متكاملة ، وليس أقساماً مجزأة ..
أما اختلاف الشرائع السماوية مع وحدة العقيدة فلا اعتراض ، ولكن هذا ليس ضمن ما طرحناه ، وهو موضوع آخر لا علاقة له حسب ظني بموضوعنا ..
وقضية الرجل الذي كان يصلي بالليل ويسرق في النهار ، لا خلاف عليه أيضاً ، لكن المشكلة عندنا ليس في رجل أو رجلين أو ثلاثة يفعلون ذلك ، بل الأمر بات منتشراً بين الناس حتى أصبح من الأمور العادية ..
واتفق معك على أن هذا التقسيم مجرد تأصيل علمي يحتاج له للتعلم وتبنى عليه الفتوى، وان سوء الفهم هو الذي أدى إلى هذه النتائج ..
فهذا ما أردته من طرح الموضوع أصلاً ، فسوء الفهم للدين هو الذي جعل منه أقساماً ثلاثة لا صلة بينهما ، بينما الكتاب والسنة لا يفرقان بينها ، فمتى ما وجد احدها كان الآخر حاضراً ..
أما الحل الذي قدمه الشيخ الألباني رحمه الله ( التصفية والتربية ) ، فهو المراد ، علينا تصفية الدين مما شابه ، وإحياء مقاصده ، ثم تأتي التربية ..


اخي الكريم عبدالرحيم صابر

شكراً لحضورك هنا
وقراءتك الواعية ..



تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
27-05-2012, 09:19 AM
أما اختلاف الشرائع السماوية مع وحدة العقيدة فلا اعتراض ، ولكن هذا ليس ضمن ما طرحناه ، وهو موضوع آخر لا علاقة له حسب ظني بموضوعنا ..
وقضية الرجل الذي كان يصلي بالليل ويسرق في النهار ، لا خلاف عليه أيضاً ، لكن المشكلة عندنا ليس في رجل أو رجلين أو ثلاثة يفعلون ذلك ، بل الأمر بات منتشراً بين الناس حتى أصبح من الأمور العادية ..


اخي الفاضل بهجت
اوردت اختلاف الشرائع السماوية مع وحدة العقيدة لادلل على وجود مفهوم استقلالية العقيدة عن الشريعة في الخطاب القرآني والحديثي لأنك قلت: "لكن الملاحظ من هذا التقسيم أنه تقسيم ( أكاديمي ) وليس تقسيماً حقيقياً للشريعة ، بمعنى الفصل الحقيقي بين اقساهما الثلاثة وتفكيكها بحيث لا تبقى صلة بينها".
فسواء سميته (اكاديمي) او حقيقي فهو ليس وليد تلك اللحظة التي ازدهر فيه التقنين لعلوم الشريعة بل هو مفهوم متوارث هذا ما قصدت.
اما النقطة الثانية اوردت حديث الرجل الذي كان يصلي بالليل ويسرق في النهار لانك بنيت على سوء وقع التقسيم على الواقع فقلت: "وترى الناس صاروا لا يربطون بين هذه الأقسام ، ولا يلقون له بالاً ، فإذا أحدهم يصلي ثم يخرج من الصلاة فيكذب..." فاتيت بمماثل لما جعلته سببا ناتجا عن الانفصام المذكور اتيت به قديم الوقوع بل في زمن النبوة لادلل على ان التقسيم لا اراه سببا مباشرا لاحوالنا،
والسؤال المطروح هو: لماذا قل عندهم وكثر عندنا؟ وجوابي ادرجته في نهاية تعليقي السالف. فقوة التربية هي السبب في الانفصام سواء من حيث القلة او الكثرة.

وايضا ما مقصودك بالقراءة المقاصدية للنصوص؟ الا ان كنت ستفرد لها موضوعا مستقلا فسيكون حسنا جد وننتظر ذلك ايها الكريم
وتحياتي لك

بهجت عبدالغني
01-06-2012, 10:14 AM
أخي الكريم عبدالرحيم
شكراً لتواصلك ومتابعتك ..

عوداً على بدء .. فأنا لا أقول إن هذا التقسيم مبتدع ، وإنما المشكلة في الفصل بين هذا الأقسام وتفكيكها ، بحيث يقدم كل واحد منها على أنه جزء مستقل عن الآخر ..
طبعاً فإن مشاكلنا ليست كلها سببها هذا التقسيم ، فهذا قول ساذج ، هناك عوامل أخرى داخلية وخارجية سببت لنا هذه المشاكل ، وأرى أن تحويل هذا التقسيم إلى واقع معاش من الأسباب المهمة أيضاً ..
أما قضية التربية فأوافقك عليها ، ولكن ما هو مضمون هذه التربية ؟
سيدي الكريم .. الصوفية مثلاً يهتمون بالتربية ، فترى الواحد منهم متواضعاً مؤدباً ، لكن عقيدته خرافية وعباداته داخلتها البدعة ..
بالمقابل ترى من يهتم بالعقيدة أو الفقه ، لكن سلوكه سيء ..
هذا ما نراه ..
إذن التربية تكون على الأقسام الثلاثة كلها تلاحماً ووحدة واتصالاً ، حتى لا نقع في الانفصام ..

أما بالنسبة للقراءة المقاصدية للنصوص ، فالحقيقة إني لم أفكر إلى الآن الكتابة عنها هنا ، وقد كتبت عنها في بحث لي أرجو أن ينشر قريباً ..
وبالاختصار .. هناك ثلاث مدارس لقراءة النصوص :
ـ المدرسة الحرفية ( الظاهرية الجدد ) وهم الذين يتوقفون على ظواهر النصوص وحرفيتها فقط ، ولا يستحضرون مقاصدها وغاياتها ، ولا يهتمون بعلل الأحكام ، ولا يربطون الجزئيات بالكليات ..
ـ مدرسة ( المعطلة الجدد ) وهم الذين يعطلون العمل بالنصوص الثابتة القطعية بحجة القراءة المقاصدية لها وبحجة تحقيق المصالح ، فيقولون بعدم وجوب الحجاب مثلاً ، وإمكانية استبدال الحدود بحدود جديدة .. الخ ..
ـ المدرسة الوسطية ، وهي التي تلتزم بثوابت الشرع ، وتؤمن بأن الأحكام معللة ، وتبحث عن ملابسات الأحكام وأسبابها ، وتربط الجزئيات بالكليات ، والقراءة المقاصدية عندها ليست مسرحاً مفتوحاً أو كلأً مباحاً ، بل لها ضوابطها التي يلتزم بها ، ويسير على نهجها ، يقيها شرّ الوقوع في الهوى والشهوات ، ويحافظ عليها من تلاعب المتلاعبين .



تحياتي ..

براءة الجودي
02-06-2012, 07:34 AM
موضوع قيم
ومناقشة أثرت معلوماتنا وأفادتنا
فجزاكم الله خيرا

بهجت عبدالغني
02-06-2012, 09:41 AM
الأخت وريف الجودي

أهلاً بك ومرحباً
وشكراً لحضورك وتعليقك




تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
03-06-2012, 08:52 AM
احييك ايها الكريم بهجت
فبهذا الحوار الهادف والتنقيب اتضحت لي الان معالم فكرتك وفُصلت جوانب من عموميات اصل الموضوع الذي طرحت
واتضح ان التقسيم احد اسباب الانفصام مع اني ما زلت اخالفك في انه سبب مهم
وانك تقصد بالمقاصدية مدارس التعامل مع النص من وسط وطرفين متقابلين
فشكرا لك
واعني بالتربية الجسر الذي يعبر عليه العلم من ضفة التنظير والمعرفة الى ضفة الواقع والحياة
فلا ارى السلوك ينفصم عن الخلفية المعرفية والعلمية، ومن هنا جاء ضلال الصوفية لعدم انشائهم السلوك على علم الكتاب والسنة
فالتربية ملازمة للعلم وضرورة كي يتحول الى حياة تعيش في في واقع الحياة

وتقبل كريم تحياتي

بهجت عبدالغني
03-06-2012, 07:50 PM
حياك الله أخي الكريم

وشكراً لتعليقاتك التي زادت الموضوع إثراء ..
وهنا نحن نطرح الرؤى ونتعلم ، ونراجع أفكارنا ونصقلها ..
لنكتشف الداء ، ونحاول ان نعالجه ..



تحياتي ودعائي ..

خليل حلاوجي
26-08-2012, 06:54 PM
ياشقيق الروح : بهجت القلب .

1- الناس لاتفصل بين : الشرع والعرف والقانون

2- الناس تبرر الخطيئة و الخطأ

3- الناس تهتم بالتدين ومظاهره .. وقد تتغافل عن روح التدين وجوهره .

4- النص المقدس ( القرآن والسنة ) ليس كلمات بل مفاهيم تصحح مسار حياة البشر أجمع ، ولكن قد لايعي هذه المفاهيم من يقرأ هذا النص

5- الدنيا مزرعة الآخرة ، ومخطئ من يغرس ويقطف في الدنيا فحسب ، ومخطئ من يغرس ويقطف في الآخرة فحسب


هذه وقفات تحتاج إلى تثوير أفكار ... بشكل جوهري ومفصلي .

بهجت عبدالغني
30-08-2012, 07:41 PM
أهلاً بك أيها القارئ الناقد
خليل الروح

ولأننا لم ندخل في ( السلم كافة ) ، بل قسمنا الدين وضربنا بعضه ببعض
حدثت تلك الإشكاليات التي تحدثت عنها
الفهم المتكامل للدين ، والأخذ به كما هو ، هو مفتاح الخروج من التيه ..


دمت بخير وعافية ..



تحياتي ..

بهجت عبدالغني
20-09-2014, 06:45 PM
كنت أتصفح اليوم كتاب ( خصائص التصور الإسلامي ومقوماته ) لسيد قطب رحمه الله ، فرأيت أنه سبقني إلى القول بأن تقسيم الإسلام إلى عقائد وعبادات وأخلاق ، هو تقسيم فني أكاديمي ، يقول في ص114 :

( إن تقسيم النشاط الإنساني إلى "عبادات" و "معاملات" مسألة جاءت متأخرة عند التأليف في مادة "الفقه". ومع انه كان المقصود به ـ في أول الأمر ـ مجرد التقسيم "الفني"، الذي هو طابع التأليف العلمي، إلا أنه ـ مع الأسف ـ أنشأ فيما بعد آثار سيئة في التصور، تبعته ـ بعد فترة ـ آثار سيئة في الحياة الإسلامية كلها. إذ جعل يترسب في تصورات الناس أن صفة "العبادة" إنما هي خاصة بالنوع الأول من النشاط الذي يتناوله "فقه العبادات". بينما أخذت هذه الصفة تبهت بالقياس إلى النوع الثاني من النشاط، الذي يتناوله "فقه المعاملات"! وهو انحراف بالتصور الإسلامي لاشك فيه. فلا جرم يتبعه انحراف في الحياة كلها في المجتمع الإسلامي.
ليس في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبق عليه معنى العبادة. أو يطلب فيه تحقيق هذا الوصف. والمنهج الإسلامي كله غايته تحقيق معنى العبادة، أولاً وأخيراً.
وليس هناك من هدف في المنهج الإسلامي لنظام الحكم، ونظام الاقتصاد والتشريعات الجنائية، والتشريعات المدنية وتشريعات الأسرة.. وسائر التشريعات التي يتضمنها هذا المنهج…
ليس هناك من هدف إلا تحقيق معنى "العبادة" في حياة الإنسان .. والنشاط الإنساني لا يكون متصفاً بهذا الوصف، محققاً لهذه الغاية ـ التي يحدد القرآن أنها هي غاية الوجود الإنساني ـ إلا حين يتم هذا النشاط وفق المنهج الرباني، فيتم بذلك إفراد الله سبحانه بالألوهية، والاعتراف له وحده بالعبودية.. وإلا فهو خروج عن العبادة. لأنه خروج عن العبودية. أي خروج عن غاية الوجود الإنساني كما أرادها الله. أي خروج عن دين الله ! ) .

ياسرحباب
06-10-2014, 12:13 AM
مجرد الحديث عن اشياء يجب تنقيتها هو شيء جيد
و لكن اصبحت أرى أن هناك مدارس كاملة يجب شطبها بالكامل
مثل المناهج الداعشية التي تدرس في السعودية و أمتدت أثارها المدمرة على الاسلام و المسلمين
كما نشاهد اليوم بكل وضوح ، اضافة الى وجوب شطب أفكار تيار ديني موجود في نفس المنطقة و يمتد
مثل الاخطبوط ليدمر كل القيم التي جاء بها الاسلام

بهجت عبدالغني
13-10-2014, 05:31 PM
أخي العزيز الأستاذ ياسر

أرى أن محاولة شطب أفكار تيار ديني بالكامل أمرٌ غير واقعي من جهة ، وغير صحيح من جهة أخرى ، بمعنى أننا إذا تورطنا في لعبة مصادرة الآراء ، فما الفرق بيننا وبين من ننتقدهم من الذين يقمعون الآراء والأفكار ؟
كان الإمام علي رضي الله عنه قد أعطى الخوارج حريّة تامّة في الرأي ، حتى أنهم كفروه !
ومع ذلك قال : ( لهم علينا ثلاث : أن لا نمنعهم المساجد أن يذكروا الله فيها ، وأن لا نمنعهم الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا ، وأن لا نقاتلهم حتى يقاتلونا ) ..
وبخصوص مناهج التعليم في السعودية ، فليس لي اطلاع عليها .. لكن السؤال المهم هنا :
لماذا خرّجت هذه المناهج الآلاف من العلماء والمشايخ وطلبة العلم ، الذين لا يحملون فكراً متطرفاً ، بل إنهم يحاربون هذا الفكر ؟
هل المشكلة في المناهج أم في مسألة أخرى ؟

تحياتي لمرورك العطر
ودعواتي

ياسرحباب
14-10-2014, 02:06 AM
السلام عليكم
اخي العزيز بهجت
قد يبدوا غير واقعي و لكنه اكثر واقعية من استمراره
أما كيف يشطب ، فبتنقية المناهج و الخطب و الدروس من مما يحتويه من افكار مدمرة ،
أما الشيوخ و طلبة العلم التابعين لهذا الفكر فجلهم داعشيون عندما تتاح لهم الفرصة
و ماخفي كان أعظم ..
أشكرك على طرح هذه المواضيع الجريئة فالبعض يغض الطرف و يهرب منها أو مجرد الحوار حولها !
أجمل الاماني لحضرتك

بهجت عبدالغني
15-10-2014, 01:24 PM
هو ذا أخي العزيز
بالتربية الصحيحة وتنقية الأفكار وحوارها علمياً
ومعالجة كل الظروف التي تتيح لمثل هذه الأفكار بالظهور والنمو ..

تحياتي ودعواتي