المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة جدًاً



سعاد محمود الامين
27-05-2012, 02:03 PM
البَالْطو
كُنت أرى جسدى مُسجى على سريرٍ أبيض، نَفْسِى التى تَرى تُحلِقُ وسط سِحاب ناصع البياضِ. أشعر به يتحسس جَسدى بيده فى غير المألوف، ولم استطع دفعه بعيدًا. عُدت الى الحَياةِ وفَتحت عَيْنيّى إستعيد حاسة بَصرِى المُشَوشة. هرول مسرعًا للخروج، عَلِقَ البالطو الأبيض بِباب الحُجرة عند إغلاقه، غفل للخلف راجعًا وفَتح الباب. التقت نظراتنا بين الدَهشتيّن عودة الحياة والعبث بالموتى. قلت جاهدة لأسمعه صوتى الغائب منذ زمن: هذا أنت....!؟
حَدجنى بنظرةٍ ناطقة تقول:إن تحدثتى.. سَأسْكِتك للأبد..
حَرر البالطوالأبيض من قبضة الباب وصفعه خلفه ومضى. واغمضت عَيْنيىّ مُرددة:لا أرى ...لا أسمع..لا أشعر... حتى لا..
ــــــــ
الأحياء لا يسْمعُون
تَوقْفت عَربة الكَارو التى يجرها الحِمار الدْرَاوى وعلى متّنها يرقدُ جسد علّوب بلاحراك. مُغطى بأسْمالٍ باليةٍ. هرع شقيقه داخل المَشفى وجاء بالمُسعف الذى وقف بعيدًا واضعًا يديه حول وسطه ونظر الى الجسد المُسجى بلاحراك، وهزّ رأسه ثم قال موكدًا: أنه مَيّت ماذا تُريد أن نفعل له.(ربما رأى أنه لايستحق الحياة).لم يقتنع الشقيق بالكَشف على جسدِ أخيه من بُعد، حمله على كتفه وأدخله المشفى، ثم خرج به مسرعًا...
هَمز الشقيق الحمار بِعَصاةِ السُرعة، راجعًا بالجثمان للمنزل، أُقيم سرداق العزاء. ولكن عَلّوب المتوفى يصرخ فى داخل المقبرة الحالكة الظلمة. وحوله جثث الموتى وهم لايسْمعُون ..
نزل حارس المقابر للقبو حيث ترقد الجثث فى مثواها الأخير، فإزدادت حدة الصراخ المُنبعث، تمتم وبَسْمل ليطرد شبح الخوف وقال محدثًا نفسه بعقيدةٍ راسخةٍ:صدق وعده، إن عذاب القبر شديد.
فرأى علّوب جالسًا وقد وقف شعر رأسه كمن صعقه تيار كهربائى. حاول الحارِس الهَرب، تشبث علّوب مُمسكًا بقدم الحارس وهو يصرخ: أنا حَىّ.. لست جثة.. صدقنى..ولاتتركنى.آآآآآآآه... ه...
فسقط الحارس مغشيًا عليه فوق الجثث.ومازال علّوب يصرخ اخْرِجُووووونا.
ـــ


الجندر
ظلّ طريح الفراش ردحًا من الزمان، يرفض قلبه مواصلة الحياة، ويرفض هو قَلب الأنثى المُتبرع به. كان يخشى أن يفقد سِمات الرجولة. القلب الذى ينبض داخل أنثى لايعرف غيرشَفرة ضخ هرمونات الأنوثة البروجسترون والإيستروجين و..و... وهو يخشى أن يصير إنسانًا رقيقاً، وعطوفًا، وكثير النسيان،وكثير الدموع، ويحب التسوق والثرثرة مثل الإناث. فى مجتمعه الذكورى سيكون عرضة للسُخرية.
زاره صديقه المُثقف الذى لا تفارق الصُحف اليومية يده، وجه دائما مُستَخبى خلف كتاب حتى نسيت الناس ملامحه.فأسَرّ المريض بمخاوفه من قلب الأنثى.. فاستعدل الصديق فى جلسته ووضع الكتاب جانبًا، نَفخ أوداجه وهرش رأسه مرارًا ثم قال بلهجة المثقفاتية:إن الأعضاء البشريه لاتعرف الجندر.
لم يفهم المريض شيئا مما قاله صديقه،وَقْع اسمه وانْتظر...
ــ
الكاتبة سعاد محمود الامين
الدوحه

آمال المصري
27-05-2012, 09:01 PM
ثلاثية للموت رائعة فكرة ولغة وسرد لقاصة مبدعة
مرور ترحيب أديبتنا الرائعة ولي عودة
دمت بألق
تحاياي

نداء غريب صبري
27-05-2012, 09:53 PM
هذه القصة الجميلة أعجبتني بشكل كبير
واستمتعت بقراءتها

شكرا لك أخي

بوركت

صادق البدراني
27-05-2012, 10:41 PM
تحياتي لهذا الحرف السامق
والالق
دمتِ بخير

ربيحة الرفاعي
27-05-2012, 11:25 PM
قصص ثلاث التقت في الوقوف على قارعة الموت وافترقت بمضامين ليس أهمها الهرب منه

احتاجت اللغة منك لبعض عناية ومراجعة

تحاياي

سعاد محمود الامين
28-05-2012, 07:43 AM
الأخت آمال المصرى:سعدت بمرورك وانتظر عودتك..
الأخت نداء:شكرا لقطع جزء من وقتك للأطلاع على ماكتبت
الأخ:صادق البدرى:تعليقك يشجعنى والقراء هم الحكم ..
الأخت: ربيحه الرفاعى:شكرا لمرورك شرفنى كثيرا لو امكن أن تدلينى عن موطن ضعف اللغة التى تحتاج للمراجعة منك أستفيد ...

خلود محمد جمعة
10-09-2014, 07:28 AM
تدفن صوتها حتى تحافظ على حياتها بعد أن مرت بتجربة السكون
وما البالطو لبعضهم الا كفن للأخلاق
وفي زمن الموت المترامي على حدود الضمير قد يدفن الحي ويعيش الاموات
أقوى جيش قد يواجهنا في الحياة هو جيش الأفكار التي تتصارع في العقل ، وهذا الجيش قادر على تحطيمك أو نصرك أنت من تحدد أن تكون قائدا لجيش أفكارك أو تابعا لها
قصص عميقة تحكي بلسان الواقع بحرفك المائز
دمت بخير
تقديري

سعاد محمود الامين
10-09-2014, 03:22 PM
العزيزة خلود
تحية مباركة
أثرت أشجاني ببعثك لهذه الثلاثية التى كنت أخطو فيها نحو الكتابة
وسعدت لأنها أعجبتك
شكرا لابتعاثك المتصفح
ودمت

ناديه محمد الجابي
07-03-2020, 07:21 PM
ثلاث قصص قصيرة عن الموت استوفت عناصر القصة الفنية بقوة
في نسج محكم، وحبكة فنية
قلمك قادر على انتقاء التفاصيل بطريقة ماهرة
وبسرد متمكن يأخذ بإنتباه وتفاعل المتلقي في أداء جميل
كم أحب قلمك البارع، وأفكارك الرائعة
لنصوصك دائما نكهة الإبداع، ولها مذاق مميز
دمت بخير أينما كنت يا صديقتي.
:v1::nj::0014: