المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زواحف تسطو على أحلامنا



رنا اسعد
28-05-2012, 09:32 PM
هل يجعل اليأس من حاملهِ المخادع محدثاً بليغاً ؟!!!
وهو في الحقيقة يرتدي أقنعة الزواحف القادرة على تغيير جلودها لتتظاهر بأنها ضحية ؟!.
وهي في واقع الأمر تنفث سمّها فيرتد إليها، وقد يقتلها قبل أن تصيب الآخرين بأذى الحمم المحمولة على كلمات منمقة، وتعابير مزخرفة تتماشى طرداً مع الحدث المصطنع ...
ثم .. عندما تعييها الحيلة تخلع عنها القشور، وتصدر صوت الفحيح، طلقات متتالية تدوي في الفراغ تحاول أن تهشّم بعض معاقل ما تبقّى، فتتهشم على أبوابها مرايا خفية، تبتدع صنوفاً شهية لحفلة سرية، تقام على أنقاض آخرين لم يعد يعنيهم أمر تلك الحفلة، إلا أنهم تعلموا من مسيرة الحياة، أن أوراق الخريف الصفراء الهشّة المتساقطة، تختلق أساطير غريبة، وتصدقها، يختلط فيها الكذب بالنفاق، والمساحيق المزيّنة بالزعيق، ولا بد أن تتكسر تحت أقدام المارة، سرعان ما تندثر وتفنى..

إن للطعنة التي وجهها بروتوس للقيصر معانيَ غير التي وصلتنا، لأنها لم تنل من جسد قيصر فقط، بل عملت على تقويض إمبراطورية ونظام ومسلك، وكانت الأخيرة بين طعنات المقربين للقيصر، شرّحت وهي تفتك بالجسد، قيمة الوفاء والنبل.

قالوا في الحكمة: لا تقل كل ما تعرف ولا تفصح عما تشعر به، ولكن عندما يأتي الإنكار لوجودك، لا بد أن تقول أنك هنا في هذا العالم، وأنك لست عدماً.. فالصمت عن الرد ليس ضعفاً ولا جبناً، ولكنه احترام للذات وللقيمة، أما من يملأ الأمكنة بالهرطقات، لن يسمع منها إلا دويّ انفجارات صوتية، وتعود الأفعى من جديد تنسج بأنيابها قصصاً أخرى بزاويا أخرى غريبة شاذة.
وريقات سوداء يابسة تترنح طرباً على وقع آلالام الآخرين، وتسعى لاقتحام حياتهم، لأنها تجد في ذلك السلوك ملاذاً آمناً لملامح قد تبدو بريئة، لكنها تهوي بُحفر الرذائل، وهي تتشدق زيفاً بالقيم الأخلاقية!. عجباً لتلك الأوراق، تُداس وتعلن إفلاسها وفناءها، لكنها تعود إلى الحياة زاحفة، تبحث من جديد على خفايا وهمية لتعتاش عليها.

الدنيا لم ولن تتغير، والحياة تستمر بالصالح والطالح، والشرير لا يبكي عذابات طفل، أو نزف وردة بيضاء ذوت على قارعة الأرصفة المزدحمة بتفاصيل ترهقنا يومياً، لكنه يفرح ويعيش على كم هموم وغمّ أصاب السالكين بذهول أو صدمة.. لا فرق، تزيد حماقته عناء محطة استوقفتنا عند تلك الحفلة، منبهرين بأضوائها.. ثم تنطفئ لتكشف عن عري البواطن، وتطفو على السطح تافهةً بلا جذور ولا أصول، تحتكم لرغبة التعالي والتملّك، فتصبح أسيرة أجواء وأمزجة عابرة.

في لحظات يكون الكبرياء والترفع خطوة عن الأرض، والصمت أقوى لغة في العالم، وأبلغ من تلونات الوجوه، والبحات المصطنعة. فما وراء الخبر والحدث نرجسية مريضة من تراكمات الفشل، تعوضها بسموم تبثها وتكتوي بنارها، ثم تتلاشى كالسراب، وجوه ذابلة لا تعرف أن للحياة لوناً ومعنى، ملتحفة بخيلائها الواهي، تنتقل كالعدوى لتزرع الفرقة هنا والكره هناك، لتتربع ملكة على أسراب النحل وعلى بقايا مَن عافوا سيرة أوراق خريفية تتكرر على كل شجرة تلامسها، ثم تسقط وتسقط إلى الأسفل.

أما أنتِ يا آبهى العواصم، فقد دكت حصونك زواحف تسطو على أحلامنا المبعثرة، وتظن أنها الغاية والمبتغى، لكنها لا تدرك أنها أضاعت في عتمة خباياها معنى الحياة الكريمة، لتبدو منقوصة، تتمايل حيناً عرجاء، وأحياناً بحالة فقدان توازن أحمق. والأفاعي يا سيدتي، لا تستطيع البقاء في الأعالي، بل تنتحر في الحضيض، بعد أن تستنفذ شهوتها الغرائزية، مهما تظاهرت بسلوك التحضّر، فمكانها الطبيعي الصحارى الجرداء، الخالية من ماء الروح اللازم للحياة، والبعيدة عن نبض القلوب، والشاردة من قيم أخلاقية.

كاملة بدارنه
28-05-2012, 09:52 PM
إن للطعنة التي وجهها بروتوس للقيصر معانيَ غير التي وصلتنا، لأنها لم تنل من جسد قيصر فقط، بل عملت على تقويض إمبراطورية ونظام ومسلك، وكانت الأخيرة بين طعنات المقربين للقيصر، شرّحت وهي تفتك بالجسد، قيمة الوفاء والنبل.
أقسى أنواع الطّعنات تتأتّى من حناجر المقرّبين الدهونة بالسّمّ الزّعاف كي تؤذي كلّ من تصادفه ... خناجر الغدر تقوّض أركان دول.


]فالصمت عن الرد ليس ضعفاً ولا جبناً، ولكنه احترام للذات وللقيمة، أما من يملأ الأمكنة بالهرطقات، لن يسمع منها إلا دويّ انفجارات صوتية، وتعود الأفعى من جديد تنسج بأنيابها قصصاً أخرى بزاويا أخرى غريبة شاذة.للأسف هي الهرطقات التي تتبوّأ مركز الصّدارة. وليس كلمة الحقّ

والأفاعي يا سيدتي، لا تستطيع البقاء في الأعالي، بل تنتحر في الحضيض، بعد أن تستنفذ شهوتها الغرائزية، مهما تظاهرت بسلوك التحضّر، فمكانها الطبيعي الصحارى الجرداء، الخالية من ماء الروح اللازم للحياة، والبعيدة عن نبض القلوب، والشاردة من قيم أخلاقية.
ليس عبثا أنّها سميّت بالزّواحف!
شكرا للقلم المبدع وصاحبته
بوركت أخت رنا
تقديري وتحيّتي

رنا اسعد
28-05-2012, 10:25 PM
أقسى أنواع الطّعنات تتأتّى من حناجر المقرّبين الدهونة بالسّمّ الزّعاف كي تؤذي كلّ من تصادفه ... خناجر الغدر تقوّض أركان دول.

للأسف هي الهرطقات التي تتبوّأ مركز الصّدارة. وليس كلمة الحقّ

ليس عبثا أنّها سميّت بالزّواحف!
شكرا للقلم المبدع وصاحبته
بوركت أخت رنا
تقديري وتحيّتي

الفاضلة كاملة بدرانة ..
هو بعض جمالك وشاعريتك أديبتنا الرائعة
كم أنا ممتنة لك هذا التواصل العذب

تقدير موصول حيث أنت

أحلام المغربي
28-05-2012, 10:40 PM
بوح مفتوح على كل الاحتمالات يعانق حلما على ضفاف الفزع
و بين قذائف البداية و النهاية نركض صوب المجهول ..نقاوم ترنحات إعصار الزحف
الأديبة / رنا اسعد ..شدني عبير حرفك المضمخ بعطر الإحساس المرهف و المشاعر الجياشة
فتقبلي مروري مع تحياتي و سلامي
أحلام المغربي

وليد عارف الرشيد
29-05-2012, 12:34 AM
رائع هذا النص لا تكفيه قراءة واحدة إلا لإعلان الذهول وقليلًا من الشجن وكثيرًا من الألم والإعجاب
مرور أولي على هذه النثرية الباذخة ولي عودة بإذن الله
مودتي والورد

ربيع بن المدني السملالي
29-05-2012, 01:41 AM
أما أنتِ يا آبهى العواصم، فقد دكت حصونك زواحف تسطو على أحلامنا المبعثرة، وتظن أنها الغاية والمبتغى، لكنها لا تدرك أنها أضاعت في عتمة خباياها معنى الحياة الكريمة، لتبدو منقوصة، تتمايل حيناً عرجاء، وأحياناً بحالة فقدان توازن أحمق. والأفاعي يا سيدتي، لا تستطيع البقاء في الأعالي، بل تنتحر في الحضيض، بعد أن تستنفذ شهوتها الغرائزية، مهما تظاهرت بسلوك التحضّر، فمكانها الطبيعي الصحارى الجرداء، الخالية من ماء الروح اللازم للحياة، والبعيدة عن نبض القلوب، والشاردة من قيم أخلاقية.

رصانة في الأسلوب ، قوة في المعاني ، وروعة وإبداع في الصّور البلاغية ..
نصّ كبير يستحق القراءة مرّات عديدة ...
الأديبة الموفقة رنا أسعد أطلت الوقوف بين هذه الأسطر الرّائقة ، النّاضجة ، فخرجت منتشيا ، مستمتعاً ، شاكراً لك وداعياً بالتوفيق ، والمزيد من العطاء ، بوركتِ وبورك اليراع ، والفكر المستنير ..
دمت في رعاية الله

وللتثبيت استحقاقاً

تحياتي

حيدرالأديب
29-05-2012, 02:36 AM
وثيقة رائعة يتوازى فيها علم النفس وعلم الأجتماع عبر مسالك وواجهات السحر الأدبي ولغته الساحرة وينفتح التأويل ضمن مدى الزواحف كثابت أصيل يسطع بخارطة الكاتب وتوزيعه لمعجمه الأبداعي
ياليت هذه الزواحف تسطو وكغى
إنها تنتج أحلامنا وطريقة تفكيرنا وأمسينا سوقا لتصريف طرائقها

تقديري جدا

عمر الحجار
29-05-2012, 11:55 AM
الاستاذة الاديبة رنا اسعد


الافكار قد تأتي دفعة واحة تنهمر انهمارا علينا ، عسى ان تخلق افاقا جديدة واحلاما كبيرة لا نفقدها ، ولكن يبقى الحلم كئيبا رغم فرط جماله ، لانه حلم ولكن هنا استطيع القول انك جسدت الحلم فكرا كبيرا حمل الكثير من المفاهيم الواضحة والجليلة

دمت مبدعة

فاطمه عبد القادر
29-05-2012, 12:32 PM
وريقات سوداء يابسة تترنح طرباً على وقع آلالام الآخرين، وتسعى لاقتحام حياتهم، لأنها تجد في ذلك السلوك ملاذاً آمناً لملامح قد تبدو بريئة، لكنها تهوي بُحفر الرذائل، وهي تتشدق زيفاً بالقيم الأخلاقية!. عجباً لتلك الأوراق، تُداس وتعلن إفلاسها وفناءها، لكنها تعود إلى الحياة زاحفة، تبحث من جديد على خفايا وهمية لتعتاش عليها.


ا
السلام عليكم صديقتي العزيزة رنا
لا أدري ماذا يمكن القول في نص رائع كهذا ؟؟؟
مناقشة حارة ,ودراسة عميقة لاهبة ,لواقع مرير ,لكن أمواجه الواثقة تسير الهوينا كأمواج جدول رقراق يثلج الصدر
ما ورد أعلاه نراه كل يوم ,في بعض الناس, وهو طبعا موجود على مستوى الدول
شكرا لك رنا
رائعة
ماسة

ربيحة الرفاعي
30-05-2012, 02:03 AM
جميل هذا البوح بما حمل من قراءة اجتماعية من صفحة الواقع وتحليل لما وراء السلوك في قالب أدبي رائع ولغة محببة أجدت نسج حروفها تحفة ماتعة

كانت لي هنا وقفة تحثني على عودة قريبة

تحاياي

أماني عواد
03-06-2012, 06:03 PM
الاستاذة الكبيرة رنا اسعد




أما أنتِ يا آبهى العواصم، فقد دكت حصونك زواحف تسطو على أحلامنا المبعثرة، وتظن أنها الغاية والمبتغى، لكنها لا تدرك أنها أضاعت في عتمة خباياها معنى الحياة الكريمة، لتبدو منقوصة، تتمايل حيناً عرجاء، وأحياناً بحالة فقدان توازن أحمق. والأفاعي يا سيدتي، لا تستطيع البقاء في الأعالي، بل تنتحر في الحضيض، بعد أن تستنفذ شهوتها الغرائزية، مهما تظاهرت بسلوك التحضّر، فمكانها الطبيعي الصحارى الجرداء، الخالية من ماء الروح اللازم للحياة، والبعيدة عن نبض القلوب، والشاردة من قيم أخلاقية.


قد راق هذا المزج الذكي الدقيق بين علم البيئة وعلم الاجتماع والفلسفة بعمق كبير وبقالب أدبي رائع

سلمت وسلم مدادك

أحمد عيسى
03-06-2012, 08:42 PM
نصٌ باهر

شدني اليه من الوهلة الأولى

تقديري للراقية رنا أسعد

رنا اسعد
22-11-2012, 09:37 PM
بوح مفتوح على كل الاحتمالات يعانق حلما على ضفاف الفزع
و بين قذائف البداية و النهاية نركض صوب المجهول ..نقاوم ترنحات إعصار الزحف
الأديبة / رنا اسعد ..شدني عبير حرفك المضمخ بعطر الإحساس المرهف و المشاعر الجياشة
فتقبلي مروري مع تحياتي و سلامي
أحلام المغربي
استاذتي الفاضلة احلام
سنظل نحلم ونتخلى عن كل شيء
إلا الحلم
في حضورك اثراء لأوراقي المتواضعة
وفي مرورك جمال وعمق
شكرا كبيرة لك على ألق الحضور
ورقّة الاطراء :0014:

سهى رشدان
22-11-2012, 09:55 PM
مبدعة
الأخت رنا
كل تقديري

لانا عبد الستار
23-11-2012, 07:09 PM
زواحف تسطو على أحلامنا
العنوان وحده موضوع كبير
وأبهى العواصم التي ختمت بها موضوع كبير
وبينهما نثر جميل جدا
وصادق جدا

نداء غريب صبري
10-02-2013, 02:31 PM
الطعنة التي وجهها بروتوس للقيصر لم تصب القيصر وحده
بل أصابت إيماننا بالصداقة والوفاء
وقتلت الجمال في أنفسنا

نثرك جميل أختي

بوركت

ناديه محمد الجابي
22-07-2014, 10:21 AM
نص أدبي راق من أديبة متمكنة من قلم الإبداع
نص ثر عميق وصور رائعة ولغة ساحرة وتأملات فكرية راقية المضمون
تحية إلى عمق ما سمت به روحك المبدعة.

خلود محمد جمعة
24-07-2014, 01:48 PM
عندما يزحف الوهم على الحقيقة قد يحدث اضطراب مؤقت لكنه لا يدوم
احلامنا ملكنا نحلق معها وبها وليس للزواحف أجنحة
نثرية فاضت حكمة بيراع من ألق
دمت بخير
تقديري

د.حسين جاسم
29-06-2015, 05:29 PM
كيف تكتبين يا رائعة، كيف تمسكين بالعام في حروفك بهذا الإبداع
نص يقرأ كثيرا بلا ملل
تقديري

د. سمير العمري
02-03-2016, 05:59 PM
تظل إشكالية الغدر والوفاء ما دامت حياة ، وتبقى كذلك وجهة نظر في زمن يقوم على الادعاء والكذب وفقدان المروءة.

نص وجداني إنساني مؤثر فلا فض فوك!

تقديري