تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في القصّة



مصطفى حمزة
29-05-2012, 07:39 PM
* التوازنُ في القصّة القصيرة *
( إعداد )
أولاً : ما معنى التوازن في الكتابة القصصيّة ؟
- التوازنُ : يعني إعطاءَ كلّ عنصرٍ من عناصرِ القصّة المساحةَ التي تُناسبُ دورَهُ في بناء القصّة ، وفي تشكيل أحداثها .
- الشخصيّة المحوريّة تأخذ المساحة الكبرى من القصّة .

ثانياً : كيفَ يُحقق الكاتبُ التوازنَ في قصّته ؟
أ- قبلَ الكتابة :
1- يُفكّر بعمق في موضوع قصّته ، ويُحدّدُ أبعادَها وعناصرَها تحديداً دقيقاً .
2- يضع مُخططاً مبدئيّاً للأفكار ، والأحداث ، والحبكة ، والنهاية .
ب - في أُثناء الكتابة :
1- يُركّز على العناصر المهمّة فيمنحها القدرَ المناسب من الوصف .
2- - يُحقق التوازن الجيّد بينَ الوصف ، والسرد ، والحوار .
ج - بعدَ الكتابة :
1- يقرأ قصّته مرّاتٍ عدّة .
2- يُخلّص القصّة من الاستطراد ، والتفاصيل غير المهمّة .
3- يُعدّل في لغة الحوار بما يُناسبُ الشخصيّات والموضوع .
4- يتأكد من خلوّ القصّة من الأخطاء النحويّة واللغويّة والإملائيّة .
المثال الأوّل :
( وقفتْ مريمُ أمامَ باب المنزل مُترددةً ، مالت برأسِها إلى الزجاج على جانب الباب علّها ترى شيئاً ولكنّ الزّجاجَ عكسَ لها وجهَها فابتعدتْ مُسرعةً وأحسّتْ أنّ جميعَ مَنْ بالمنزل ينظرونَ إليها الآن تسارعتْ دقّاتُ قلبهـا وهمّتْ بالفِرار لكنّ قدميها صُبّتا في قالبٍ كبيرٍ من الإسمنت ..بقيتْ ساكنةً وأعاصيرُ من الظنون والمخاوفِ تعصفُ بها .. كانت مريمُ دائماً خائفةً .. خائفةً من شيء ما ..الخوفُ يسكنها وتسكنه على الرغم من أنّ مظهرَها لا يدلّ على شيء من ذلك فوجهُها يُوحي بالهدوء والسكينة ، بََشَرتُها الصافية ، وعيناها الواسعتان ، وابتسامتُها الودودة ، وصوتُها الدافئ ..خطواتُها الهادئةُ ، وصمتُها المُوحي بالثقة .. لا شيء فيها يُنبّئُكَ عن ضَعفِها وهشاشتها وخوفِها من الآخرين .. إنّها مثَلٌ حقيقيٌّ للوهم الذي يطبعه المظهرُ في ذهن الناظر إليها ) .
ما رأيُكَ في التوازن ؟
1- إن كانت مريم شخصيّة أساسيّة .
2- إن كانت مريم شخصيّة ثانويّة
المثالُ الثاني :
( - لماذا فعلتَ ذلك يا أحمد ؟
- لا أدري يا أبي ، أرجوكَ سامحني ، لقد انسقتُ وراءَ هوى النفس ، إنّ النفسَ لأمّارةٌ بالسوء ، وأخذتني الغفلةُ ، واستهواني الشيطانُ وأزلّني فانسقتُ وراءَ رفقاءِ السوء ، ونسيتُ عقابَ ربّي ووقعتُ فيما يُغضبه . إنني أرجو اللهَ أن يغفرَ لي ، وأن يتوبَ عليّ ... )
هل الحوارُ واقعي ؟ في حال :
1- أحمد طفلٌ صغير
2- أحمد طالبٌ جامعيّ
المثالُ الثالث :
( وقعَ الخبرُ كالصاعقة .. لا يعرفُ كيفَ قادَ السيارة إلى المستشفى ولا كيفَ تجاوزَ الممرات إلى غرفتها .. فتحَ الباب لاهثاً .. دخلَ الغرفة .. كانت الغرفةُ واسعةً ونظيفةً وهادئةً ، لها نافذتان صغيرتان تُغطيهما ستارة بلون أخضر فاتح ، وهناك مقعدان وثيران بينهما طاولة وُضعَ عليها مصباحٌ أضاءَ جانباً من الغرفة ... وعلى الجدار المقابل عُلّقتْ لوحةٌ تُصوّر مشهدَ غروب الشمس على شاطئ مهجور ..نظرَ إليها نظرةً اختلطَ فيها الفزعُ والحبُّ والندمُ ..الندمُ كانَ هو الذي ينطقُ بقوّةٍ .. بصدقٍ .. ندمٌ طاغٍ مُرٌّ تسرّبَ طعمُهُ إلى الدموع التي غُصّ بها فأخرستـْهُ ) .
- ما الحدث المهم في النص ؟
- ما الذي اهتم الكاتب بوصفه أكثرَ من غيره في النص ؟
- هل انكسرَ التوازن ؟ كيفَ ؟

ربيحة الرفاعي
31-05-2012, 03:02 AM
رائع
درس كهذا يحتاجه كثر من كتاب القصة اليوم، حيث تغرق النصوص بتفاصيل تأخذك بعيدا عن موضوعها ، وتفقدك تواصلك مع الحدث أو الشخوص، أو تنتهي من القراءة لتتساءل عما أراد الكاتب قوله، أو لماذا لم يحرص قليلا على كيف يقول ما اراد قوله.

نحتاج دائما لمثل هذه الجرعة التوجيهية لكيفية التطور بأدائنا

تحاياي

مازن لبابيدي
31-05-2012, 06:15 AM
الأستاذ الأديب مصطفى حمزة
أشكرك أولا لهذا التقديم المفيد للتوازن في القصة القصيرة باختصار غير مخل يسهل على مبدعي القصة الانتفاع به .
راقني جدا النصائح التي أوردتها لما بعد الكتابة وقبل النشر ، وحبذا لو أخذ بها الجميع لا أستثني المتمرسين منهم في كتابة القصة فهي كفيلة بالارتقاء بمستوى الكتابة عندهم بدرجة كبيرة ، وقلما راجع كاتب نصا ولم يعدل أو يصحح فيه أو يحذف منه أو يضيف إليه .

بارك الله فيك ونفعنا بعلمك ولك التحية والتقدير

ربيع بن المدني السملالي
31-05-2012, 12:38 PM
رائع ما قرأتُ هنا ، ومفيد فعلا لكتّاب القصة القصيرة ، لاسيما الهواة منهم ، فإنّ قسم القصّة أصبح يعجّ بما يسمى بالقصة القصيرة ، والقصيرة جدّا ، وهي لا ترقى للمستوى المطلوب ...

شكرا لك أديبنا الكريم مصطفى على هذا الدّرس المفيد ، سررتُ بمصافحتي للهذه الصفحة ، واستفدتُ ..

مجرد رأي : حبذا لو وضع هذا التوازن في قسم القصة تثبيتاً لتعم الفائدة ..
شكرا لك
دمت بألق دوماً
تحياتي

بهجت عبدالغني
31-05-2012, 02:09 PM
قوة الفكرة وسهولة الاسلوب
ما أعجبني ..

حقاً نحتاج الى مثل هذه الدروس المفيدة ، وحبذا لو جمعتها في مكان واحد ، ليكون مرجعاً لمن أراد ان يقتحم هذا المجال ..

وكما قال الاخ الكريم ربيع بأن :
قسم القصّة أصبح يعجّ بما يسمى بالقصة القصيرة ، والقصيرة جدّا ، وهي لا ترقى للمستوى المطلوب ...



الاستاذ العزيز مصطفى حمزة

شكراً للمجهود الرائع ..



تحياتي ..

مصطفى حمزة
03-06-2012, 04:19 PM
ألأستاذة ربيحة
الأساتذة مازن ، وربيع ،وبهجت
أسعد الله أوقاتكم بكل خير إخوتي الكرام
ثناؤكم على ما اخترتُ ذاك يعني أني اخترتُ غنياً مُفيداً
سأستمر باختيار المفاهيم التي ترفد قسم القصّة إن شاء الله ...كلما سنح الوقت والجهد
تحياتي لكم جميعاً وتقديري

أحمد عيسى
03-06-2012, 07:42 PM
أتمنى من الأخوة رواد قسم القصة المشاركة الفاعلة في هذا الموضوع القيم أو فلنقل : حلقة النقاش هذه
وشكراً للأستاذ مصطفى حمزة على هذا الموضوع والجهد الرائع

أحمد عيسى
03-06-2012, 07:45 PM
( وقفتْ مريمُ أمامَ باب المنزل مُترددةً ، مالت برأسِها إلى الزجاج على جانب الباب علّها ترى شيئاً ولكنّ الزّجاجَ عكسَ لها وجهَها فابتعدتْ مُسرعةً وأحسّتْ أنّ جميعَ مَنْ بالمنزل ينظرونَ إليها الآن تسارعتْ دقّاتُ قلبهـا وهمّتْ بالفِرار لكنّ قدميها صُبّتا في قالبٍ كبيرٍ من الإسمنت ..بقيتْ ساكنةً وأعاصيرُ من الظنون والمخاوفِ تعصفُ بها .. كانت مريمُ دائماً خائفةً .. خائفةً من شيء ما ..الخوفُ يسكنها وتسكنه على الرغم من أنّ مظهرَها لا يدلّ على شيء من ذلك فوجهُها يُوحي بالهدوء والسكينة ، بََشَرتُها الصافية ، وعيناها الواسعتان ، وابتسامتُها الودودة ، وصوتُها الدافئ ..خطواتُها الهادئةُ ، وصمتُها المُوحي بالثقة .. لا شيء فيها يُنبّئُكَ عن ضَعفِها وهشاشتها وخوفِها من الآخرين .. إنّها مثَلٌ حقيقيٌّ للوهم الذي يطبعه المظهرُ في ذهن الناظر إليها ) .
ما رأيُكَ في التوازن ؟
1- إن كانت مريم شخصيّة أساسيّة .
أعتقد أن التوازن أن تكون مريم شخصية أساسية ، هنا هي لها الدور الأكبر ، دور البطل ، الكاتب يحدثنا عنها وعن حركتها ودواخلها ووصفها جسدياً ونفسياً
2- إن كانت مريم شخصيّة ثانويّة
هنا سيكون الخلل ، لأن الاستطراد في وصف هذه الشخصية - ان كانت ثانوية - سيضيع ملامح القصة ، ويأخذ المتلقي الى منحى آخر ، ويجعل للقصة أكثر من بعد وأكثر من هدف رئيس وهو ما يخل بالمبدأ الأساس للقصة القصيرة ( الوحدة )

ياسر ميمو
03-06-2012, 10:28 PM
السلام عليكم

ما شاء الله وتبارك الرحمن

كل التحية للأستاذ مصطفى على هذا الجهد الجميل والمفيد

وباقات من الكاردينيا

براءة الجودي
04-06-2012, 06:23 AM
المثالُ الثاني :
( - لماذا فعلتَ ذلك يا أحمد ؟
- لا أدري يا أبي ، أرجوكَ سامحني ، لقد انسقتُ وراءَ هوى النفس ، إنّ النفسَ لأمّارةٌ بالسوء ، وأخذتني الغفلةُ ، واستهواني الشيطانُ وأزلّني فانسقتُ وراءَ رفقاءِ السوء ، ونسيتُ عقابَ ربّي ووقعتُ فيما يُغضبه . إنني أرجو اللهَ أن يغفرَ لي ، وأن يتوبَ عليّ ... )
هل الحوارُ واقعي ؟ في حال :
1- أحمد طفلٌ صغير
2- أحمد طالبٌ جامعيّ

حقيقة درس مفيد جدا جزاك ربي خيرا

وبما أن الأخوة قبلي أجابوا على السؤال الأول
سأحاول الإجابة هنا
في حال كان أحمد طفلا صغيرا فلاأرى هذه العبارة مناسبة عند محازرته لأبيه لكونها قوية وتعكس شخصية شاب كبير ندم على مافعله وإن وضعنا استثناء فسنقول طفل طليق اللسان وتربى تربية فريدة لربما ينطق مثل هذا ولكن هذه في حالات نادرة خصوصا إن كان القاص بين ذلك من البداية فهنا مع الاستثناء لربما يكون حوار واقعي .

أما في حال أحمد طالب جامعي
فبالتأكيد حوار واقعي ومناسب جدا دون أدنى خلاف

بوركتم

هائل سعيد الصرمي
04-06-2012, 04:36 PM
درس قمة في الروعة ما زلنا نريد مثل هذا
كما أننا نريد فكفكته ومعرفة ؟ التفاصيل أكثر عنه وعن غيره
جزيت الجنة حبيبنا الأديب القاص
لك التحية

محمد حسن النادي
07-06-2012, 06:20 PM
الأديب الجميل..أستاذي مصطفى
هنا أحجز مقعداً وسط الأحباب
فأتعلم الكثير
غير أني لا أحب القصص كثيراً..لكن هناك من الأسلوب والشرح ما يجعلني أستمتع فأحب
فجزيل الشكر لك سيدي الفاضل
cryheart

نداء غريب صبري
07-06-2012, 10:53 PM
موضوع مهم أخي الكاتب الرائع مصطفى حمزة
وقد استفدت منه جدا في محاولتي القصصية الأولى
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=58065

شكرا لك

بوركت

مليكة الفلس
14-06-2012, 06:00 PM
الأستاذ مصطفى حمزة
شكرا لك
درسك هذا يرسم خارطة طريق لكاتب القصة
نفعنا الله بسديد رأيكم
والسلام عليكم

مصطفى حمزة
16-06-2012, 12:11 PM
لمحةٌ إلى النزعة الدراميّة في القصّة القصيرة
( الدّراما Drama )

هي إنشاء نثري ( أو شعري ) يعرض قصة تتضمن صراعاً بأنواعه ( داخلياً ، خارجياً ماديّاً نفسيّاً أخلاقياً ..الخ ) .
* من ملامح النزعة الدراميّة في القصّة القصيرة *
- العناية بالتفصيلات الحيّة والجوهريّة .
- الاعتماد على الحركة والحركة المقابلة ( الفعل وردّ الفعل ) .
- طرحُ الفكرة والفكرة المقابلة .
- البعد عن التجريد ، واعتمادُ التجسيد ، وتصويرُ الوقائع المحسوسة التي تصنع نسيج الحياة .
- تأتي لغة السرد الدرامي متوائمة مع الحدث ومع الشخوص وبيئاتهم ورغباتهم ومستوى تفكيرهم.
* أهميّة النزعة الدراميّة في القصّة القصيرة *

- النزعة الدراميّة عنصرٌ رئيسٌ من عناصر الفنّ القصصيّ ، تعملُ على دفْعِ أحداثِ القصّة من جهةٍ وتخلقُ في القارئ – من جهةٍ أخرى – صِراعاً يتمثّلُ في حَفْزه لمتابعة بقيّة الأحداث وترقّبـِهِ لِما ستُسفرُ عنه السّطورُ القادمةُ من القصّة .
- وتؤدّي النزعةُ الدراميّةُ إلى تحريك النصّ القصصيّ ، ودفعـِه للأمام حَدَثاً بعدَ حدث ، لينتقلَ القارئُ معه من حَدَث لآخَر وهو متشوّقٌ لمعرفة ماذا سيأتي بعدُ ، وكيفَ ستسيرُ الأحداثُ إلى أنْ تنتهيَ القصّةُ .

زليخة ارقاقبة
16-06-2012, 11:02 PM
جزاك الله خير. تستحق لقب الأستاذ فعلا.
و أرىأن أطرح لك فكرة ، أريد رأيك فيها
في العصر الحديث أيهما الأفضل نفعا للمجتمع ؟القصة التي تكتب بأسلوب بسيط ،تفهمها جميع الفئات ،تواكب سرعة العصرو لا تنافس قراءتها انشغالات الإنسان الحديث، أم القصة معقدة الطرح، ضمنية الحبكة تعتمد على فلسفة الكاتب و تغيب منها لذة القراءة المريحة و التي غالبا لا يكمل قراءتها إلا الأدباء الكبار و بالتالي توجه لفئة معينة فقط؟ فئة تعمق أدبها حتى أصبح يهتم بالأسلوبية لا بالأسلوب فقط. شكرا

مصطفى حمزة
17-06-2012, 05:03 PM
جزاك الله خير. تستحق لقب الأستاذ فعلا.
و أرىأن أطرح لك فكرة ، أريد رأيك فيها
في العصر الحديث أيهما الأفضل نفعا للمجتمع ؟القصة التي تكتب بأسلوب بسيط ،تفهمها جميع الفئات ،تواكب سرعة العصرو لا تنافس قراءتها انشغالات الإنسان الحديث، أم القصة معقدة الطرح، ضمنية الحبكة تعتمد على فلسفة الكاتب و تغيب منها لذة القراءة المريحة و التي غالبا لا يكمل قراءتها إلا الأدباء الكبار و بالتالي توجه لفئة معينة فقط؟ فئة تعمق أدبها حتى أصبح يهتم بالأسلوبية لا بالأسلوب فقط. شكرا
-------------
أهلاً أختي الفاضلة ، الأديبة زليخة
أسعد الله أوقاتك
لعلّ في مشاركتي التالية بعنوان ( مكونات الإبداع في القصّة القصيرة جداً ) جواباً على طرحك وأكثر . فأرجو أن تقرئيه
دمتِ بخير

مصطفى حمزة
17-06-2012, 05:04 PM
* مكونات الإبداع في القصّة القصيرة جداً *
=========================
للدكتور مسلك ميمون

القصة القصيرة جداً very short story بدعة فنية في إطار فن القصة. و أقول بدعة لأنّها شيء مستحدث ،إذ لم يظهر في عالمنا العربي كفن و كتابة إلاّ في تسعينات القرن الماضي . و لكن استطاع بسرعة أن يجد له مكاناً تحت الشمس، و وسط الزحام ، بل استطاع أن يملك مريدين و مريدات ، و معجبين ومعجبات. و قد يكون الفنّ الوحيد الذي لم يجد معارضة من المحافظين ، إلا ما لا يكاد يُذكر .
ربّما لأنه ولد مكتملاً و إن كان البعض يحاول أن يجد لها – القصّة القصيرة جداً - مسوغاً للوجود في العصر الحاضر و متطلباته : من سرعة و ضيق للوقت، و كثرة الهموم اليومية التي تصرف الإنسان عن مطالعة النصوص الطويلة …. و يحاول البعض الآخر أن يبحث عن جذورها في التراث العربي سواء منه المعاصر أو القديم . بغية إثبات شرعيتها في الوجود كاعتبارها امتداداً طبيعياً لبعض كتابات رواد السّرد العرب و بخاصة كتاب (المستطرف في كل فن مسظرف) للأبشهي ، و بعض كتابات نجيب محفوظ في سنواته الأخيرة ، و كتابات نعيمة ، و جبران خليل جبران في كتابه (المجنون) تماماً كما حدث في الشعر الحديث في الأربعينات و الخمسينات حين رُفِض من طرف شعراء الكلاسيكية . فمال الطرف المدافع لإثبات وجود جذور الشّعر الحديث في الموشحات ، و البند ، و النثر الشّعري لجبران ، و الشّعر المنثور لأمين الريحاني ، و توشيحات المهجريين والشّعر المرسل لعبد الرحمــن شكري…
و لكن ـ عموماً ـ القصة القصيرة جداً وجدتْ لها مكاناً في الكتابة السّردية . وأصبحت تستقطب رواداً في الكتابة القصصية . و مهتمين دارسين في مجال السّرديات و التّحليل و النّقد رغم قلتهم .
و تبعاً لذلك ، ينبغي أن نتعرف أولاً على هذا النوع من الفن السّردي ، من خلال خصائصه . و نتساءل عن مبدعيه و مميزاتهم .
فالقصة القصيرة جداً عمل إبداعيّ فنيّ . يعتمد دقّة اللّغة ، و حسن التّعبير الموجز ، و اختيار الّلّفظة الدّالة ، التي تتّسم بالـدّور الوظيفيّ fonctionnel و التّركيز الشّديد في المعنى . و التّكثيف اللّغوي الذي يُحيل و لا يخبر . و لا يقبل الشّطط و لا الإسهاب ، و لا الاستطراد و لا التّرادف ، و لا الجمل الاعتراضية ، و لا الجمل التّفسيرية . و المضمون الذي يقبل التّأويل ، و لا يستقر على دلالة واحدة . بمعنى يسمح بتعدّد القراءات …و وجهات النظر المختلفة …
إذا كانت القصة القصيرة جداً بهذه المواصفات،فحتماً لن يكتبها غير متمرس خبير باللّغة . قاصّ بارع في البلاغة : متقن للّغـة المجازية langage figuré متنبه لكيمياء الألفاظ ، و فلسفة المعنى ، و عمق الدّلالة . قاص لا تتحكم فيه حلاوة الألفاظ ؛ فيقتنصها لحلاوتها ، بل لما يمكن أن تخدم به السّياق المقتضب . قاصّ لا يغتر بالقصر المجمل لقصره . أو الإسهاب المطول لإسهابه ، و لكن يهتمّ بالمعنى على أن يقدَّم بنسق لغوي فنيّ في غاية من الاقتصاد . ليمكن القارئ الشّغوف بفن القصّ القصير، أن يقرأ داخل اللّغة intra - linguistique لأنّ القراءة السّطحية لا تجدي نفعاً إزاء هذا النّوع من القصّ .إذ لا بد من قراءة ما بين السّطور القليلة . و خلف الكلمات المعدودة . فهناك لغة التّضمين homonymique
و إذا كانت القصّة القصيرة جداً و صاحبها كما رأينا ، يبقى من الضّروري أن نقول صراحة إنّ هذا الفن ليس من السّهولــة في شيء. لكن كم هو سهل على من يستسهله ، فيكتب جملاً تدخل في إطار مايعرف بالكتابة البيضاء écriture blanche التي لا تدل إلا على اللاشيئية nullité ويعتقد أنّه دخل صرح القصة القصيرة من بابها الواسع . إلا أنّه ينبغي أن نقول :إنّ رواد هذا الفن في عالمنا العربي قلة قليلة . أمّا الكثرة الكثيرة ، فهي من تكتب خارج دائرة هذا الفن . و تعتقد نفسها ـ في غياب النّقد و المتابعة ـ أنها داخل الدّائرة .
أعتقد ـ جازماً ـ أن الذي لم يزاول كتابة القصّة القصيرة والقصّة ، و الذي لم تتوفر فيه بعض من الصّفات الآنفة الذّكر . فهو كاتب يبحث له عن اسم في فن لا يعرفه. و في لغة لا يُحسن سبكها ، و صياغتها، لأنّها لغة السنتمتر وأقل .و لغة التكثيف الفني . و هذا يدعونا لنوضح ذلك قليلاً:
1 ـ التّكثيف: عملية ضرورية في مجال القصّة القصيرة جداً . و لا أكتم أنّني ؛ حين أقرأ نصاً : منفرجاً ،منفتحاً،بلغة إنشائية بسيطة وعادية …ما يعرف بالإنجليزية natural langage أو حين أجد الفائض اللّغوي الذي لا يخدم النّص في شيء ما يعرف l’inguistic redundancy أتضايق وأشعر أنّني أقرأ كلاماً عادياً لا صلة له بالفن ، فبالأحرى القصّة . و هذا لا يعني أنّ التكثيف وحده يضمن نجاح القصّة ، بل هناك عناصر أخرى لا بدّ منها . و إن كان ليس من الضّروري أن تكون كلّها موجودة في النّص . بل ظروف الكتابة ، و معطيات النّص، و الحالة النّفسية للمبدع …. كلّ ذلك يساهم في إظهار عناصر، و احتجاب أخرى…
2 ـ الرّمـــز : الرّمز أداة ووسيلة و ليس غاية . و هو يوظف بعناية في كلّ عمل فني : في الشّعر، في القصة ، في الرواية، في الرسم التشكيلي ، في النّحث ،في المعمار، في الرّقص …. أستطيع أن أعمّم و أقول: الرّمز يسكن الحياة كلّ الحياة .
و الرّمز كوسيلة حين يوظف فنياً ، يُغني النّص ، و يحمله على الاختزال . و يلعب دوراً جليلاً في منحه بعداً ، ما كان ليتأتى بلغة واصفة مباشرة … و لكن له ضريبته الباهظة ،إذ يجعل النّص للخاصة بل أحياناً لخاصّة الخاصّة ، فماذا سيفهم القارئ العادي البسيط أو المحدود الثقافة إذا وجد في قصيدة رموزاً كالتالي : تموز tammuz أدونيسAdonis عشتار Ishtar الفنيق phoenix سيزيف Sisyphus إيزريس Isis أوزريس Osiris….و القائمة طويلة من الرموز الإغريقية و الفرعونية و الإنسانيــــــــة عموماً …لاشك أنّ هذه لا تقول شيئا حتى ـ ربّما لبعض المثقفين ـ و من ثمَّ كانت الرمزية كتابة نخبوية ، أو تجعل النّص نخبوياً .
و لتبسيط الرمز و جعله في المتناول . ترك بعض الأدباء الرموز العالمية ، و لجؤوا إلى ابتداع رموز لغوية اجتماعية معروفة أو قد تعرف من سياق النّص ، سواء كان شعـــــراً أو قصّة .و لكن الرّمز الذي يوظف توظيفاً فنياً : يرفع قيمة النّص إبداعياً ، و يثريه دلالياً ، و يحمل القارئ بعيداً ، إلى فضاءات لا يمكن أن تحددها الكلمات العادية ، أو التراكيب الواصفة البسيطة …
3 ـ الحجـــم : أمّا من حيث الحجم ، فهناك خلاف كبير. فحين أقرأ ما كتبته نتالي ساروت من قصص قصيرة جداً في كتاب بعنوان (انفعالات)،أجد القصة عندها طويلة نسبياً . و لكن حين أقرأ للقاص و الروائي الكبير أرنست همنغواي ،أجده قد كتب يوما ً قصة قصيرة جداً في ست كلمات و هي : (للبيع، حذاء أطفال، غير مستهلك )، وأن بعض المواقع الأدبية أعلنت عن مسابقات للقصّة القصيرة جداً بشرط أن تكون كلماتها محصورة بين كلمتين إلى ثلاثمائة كلمة . بل و أجد رأياً آخر يحصر القصّة القصيرة جداً في 60 كلمة و ينصح الكاتبَ لكي يحافظ على المجموع (60) كلمة أو أقل ينبغي أن يضع (60) سطراً مرقماً على أساس أن يتضمن ـ أثناء الكتابة ـ كلّ سطر كلمة . و في هذا خلاف ….. فالقصة القصيرة جداً إن جاءت في نصف صفحة.أو في فقرتين من ثلاث مائة كلمة، أو أقل كمائة كلمة ، أو ستين و بدون شطط و لا زيادة غير مرغوب فيها؛ فهذا جميل . و عموماً التّكثيف و الإيجاز و اللّغة الشّعرية … كلّ ذلك لا يسمح بالاستطراد و الشّطط والإطناب . و من ثمّ أجد مبدع القصّة القصيرة جداً؛ من المبدعين البلغاء . فهو إن لم يكن بليغاً و متمكناً من ضروب البلاغة، لا يمكنه أن يأتي بالحدث في إيجاز بليغ فنيّ ، و إن حاول ذلك مــراراً.
4 ـ الراوي العليم أو الرؤية من خلف . فهي من أخطر الرؤى الممكنة . كيف ذلك ؟ فالراوي الذي يعرف كلّ شيء؛ يبَسط النّسيج الفنيّ ، و يحلّ عقد البناء القصصيّ، و يكشف كلّ الأوراق … ما يجعل النّص؛ نصاً عادياً خال من المتعة و التّشويق …ما لم يتحكم الكاتب في السّارد بذكاء و تبصّر، فينطقه حيث ينبغي له النّطق . و يسكته حيث ينبغي السّكوت ، ويجعله يتجاهل و يتغاضى عندما ينبغي له فعل ذلك …و لكن مع الأسف هذا لا يحدث دائماً . فسرعان ما ينساق الكاتب نفسه خلف سارده المفترض، فيرخي الحبل على الغارب دون شعور. فتكون النتيجة نصاً مباشراَ و كأنّه تقرير مفتش شرطة ، أو ضابطة قضائية ، أو كاتب ضبط في محكمة …
5 ـ القفلــة : القفلة هي جملة الختم شكلاً ، ولكنها مناط الّسّرد ، فمنها انطلاق التّأويل ، و إليها يستند الـتّعليل ، و عليها يندرج التّحليل …
فهي ذات أهمية قصوى. حتّى إنّ البعض لا يرى قصّة قصيرة جداً بدون قفلة . و إن كان لي رأي مخالف ؛ فالقفلة ـ على ما هي عليه من أهمية ـ فقد يحدث ألا يأتي بها القاصّ شريطة أن تكون القصـة على درجة عالية من التّكثيف ، أو الرّمز ، أو الحذف والإضمار .. فنسقية النّص، و سياقهénonciation وتصويره البلاغي ….كلّ ذلك يجعل القفلــة استثنائية ، لأنّ ما سبقها ـ إن وجد ـ سيغطى على دلالتها و تأثيــرها .
و من خصائصها الملازمـــة التّالي :
1 ـ قفلة مفاجئة . غير متوقعة من قبل المتلقي . و لكن لها صلة بالموضوع .
2 ـ تحدث توثراً و انفعالاً ، لنسقها الدّلالي و الّصدامي .
3 ـ تبعث على التّأمل و التّساؤل .
4 ـ تفتح آفاق التّأويل والتّحرّر من تخوم النّص .
5 ـ تاتي عفوية مع سياق الكتابة .
6 ـ لا تُصنّع ،و لا تعدّ ، سواء من قبل أو من بعـد ، ففي ذلك تكلف .
7 ـ تضفي جمالية دلالية على النّص ، لما تكتنزه من معنى.
8 ـ تأتي على نسق بلاغي forme rhétorique يضفي مسحة فنية على النص .
9 ـ تتسم بطابعها الوظيفي fonctionnel في النّص.
10 ـ تتسم بالميزة الجوهرانية essencialiste في النّص.
أمام هذه الخصائص كلّها ، متجمّعة أو في معظمها ، يتبين مقدار الأهمية القصوى التي تحتلّها القفلـة . بل كثير من القصص القصيرة جداً تفقد دلالتها و متعتها و قيمتهـا ، فقط لأنّ القفلة اصطناعية artificiel خالية من العفوية الفنّية .
6 ـ التيمة أو الموضوع : القصّة القصيرة جدا تتسع لكلّ الأفكار الممكنة . لكن ما ينعكس على مرآة النقد أن بعض كتاب القصة القصيرة قد يكررون أنفسهم ـ لا شعوريا ـ و لذلك أسباب ذاتية و نفسية .
فأمّا الذّاتية: فتعود للقاص نفسه . فقد يكتب مجموعة من القصص في فترة زمنية متقاربة . و ذلك استجابة لداعي الإبداع . و تدفق الإلهام ، أو لدافع تجاري يتعلق بالنّشر … فلا يمكن للقاص غير المتمرس ، إحداث تميز كبير بين نسيج العمل الأول وما يليه . بل الأدهى إنْ أعجِبَ بعمله الأول ، أو كان ممن يسحرهم الثناء و كلمات المجاملة الكاذبة . .. فسيتخذ من عمله نموذجاً ينسج على منواله . و مع توالي الأعمال و قلة النقد و التّوجيه يتعمّق الخطأ و يتجذّر ،. فيصبح الإبداع في تعدد النّمط الواحد ، لا في ابتكار الجديد .. وهذا يوجد في السينما مثلاً ؛ إذ يحدث لبعض المخرجين أن تلاقي أفلامهم استحساناً فيتبعون نفس النّهج في الإخراج إلى أن ينتشلهم النقد و التقويم من دائرة النّمطية والتّكرار ….
أمّا ماهو نفسيّ : فهو الأصعب . لأنّ القاص يجد لذّة لا تعادلها لذّة في اجترار تيماتthèmes تسكنه و تسيطر على إحساسه وقدرة تمييزه فلا يكتب إلا وفق السمة المميزة trait distinctif في لاشعوره ، فيمنعه ذلك من التفكير في التحولات transformations الممكنة فيكون في ذلك كجمل الطاحونة المعصوب العينين يدور و يدير الطاحونة . و لربّما يعتقد أنّه قطع مسافة طويلة ، حتى إذا أميط الغطاء عن عينيه ، وجد نفسه مشدوداً إلى عمود الطاحونة ولم يبرحه قطعاً! وهذا ما توضحه بجلاء الأسلوبية التعبيرية stylistique de l’expression
و للتّخلص من النّمطية و التّكرار . يصبح من الضّروري على القاصّ الإكثار من مطالعة القصص،في تنوع …مع الاهتمام بالتنظير و النّقد القصصيّ . فهناك من لا يقرأ إلا إنتاجه فقط وهذا مؤسف جداً !! كما يجب عدم الشّعور ـ مجرد الشّعور ـ بالوصول و النّضج الفنيّ ،فذاك مدعاة للتقوقع و الانكفاء حول الذّات . و على العكس من ذلك ينبغي للقاص الحلم دائماً بالقصّة التي لم يكتبها بعد. و أن يكتب القصة فلا يعقبها بأخرى ، إلا بعد فترة يخصصها للمطالعة فحسب . و لا يغتر بالثناء المجاني الخادع . الذي لا يستند على برهان أو دليل. بل عليه أن يبتهج لأيّ عملية نقدية تقويمية ، تكشف بعض عيوب نصّه . و ليكن ناقد أعماله . فيكفي أن يترك العمل فترة ثمّ يعود إليه، متفحصاً متمعناً ، فإنّه ولاشك سيجد ما يرضيه و ما لا يرضيه . و عموماً قد يكرر القاص نفسه . سواء في موضوعاته ، أو طرائق الكتابة ، و نمطية الأسلوب . و لن يخرج عن هذا المسار . إلا من كان يؤمن بالتجديد أسلوباً و نهجاً .
بين أيدينا الآن مجموعة من إنتاجات مختلفة في القصة القصيرة جداً .سواء التي صدرت في مجموعات ، أو التي نثرت في مواقع إلكترونية ، و منتديات ثقافية و أدبية … كلّها تشهد أن هذا الجنس الأدبي الجميل وُلد مكتملاً ، نتيجة تجربة القصة القصيرة ، و القصة عموماً .كما هناك ما أصبح يُعرف بالومضة. و الومضة أصغر وحدة قصصية سردية قد لا تتعدى السطرين أو ثلاثة تتميز عن غيرها ، أنّ الحدث يأتي كاملاً لا يقبل تطوراً . و تعتمد الدّهشة ، و المفاجأة ، و الدعوة إلى التّأمل فقط .
و في هذه المضمومة الكبيرة ، و الباقة الممتعة من الق ق ج… اختلاف في الرؤية و الكتابة و الأسلوب و الديباجة …. و لكنها تعطي صورة بانورامية عن هذه الكتابة الفنية الرائعة في عالمنا العربي . و إن كانت كلها في حاجة إلى متابعة نقدية منهجية …تحدد خصائصها ، و تبرز محاسنها ، و تقف على نقائصها …

زليخة ارقاقبة
17-06-2012, 09:04 PM
مليار أس مليار شكر ياأستاذ على هذا الإنتقاء، خاصة المصطلحات المترجمة .لا درس بعد هذا لكتابة القصة.

وليد عارف الرشيد
18-06-2012, 02:56 AM
بوركت أيها الأخ الحبيب الأستاذ مصطفى لا شيء تركته للاستفهام وأعتقد أننا مطالبون جميعًا بالاستفادة قدر الإمكان مما أثريت به المتصفح الجميل الراقي
جزاك الله خيرا
محبتي هي وأكثر

سعاد محمود الامين
18-06-2012, 05:12 AM
أشكرك شكرا بلاحدود على هذا التنوير د. مسلك مامون غنى عن التعريف الرجل القامة قرأت له تحليل لقص نزار بهاء الدين الزين وأعجبنى وصرت متابعة لنشاطه وقلمه.

زليخة ارقاقبة
18-06-2012, 05:39 PM
هل لي أن أعرف القراءات و التأويلات المختلفة للقصة ذات الست كلمات مشكورين.

مصطفى حمزة
18-06-2012, 10:02 PM
قصّة الست كلمات ( ق س ك )
( إعداد )
----------------------------------------------------
* هي نوعٌ أدبيّ جديد على أدبنا العربيّ ، نشأ في الغرب ودخل إلينا في تسعينات القرن العشرين .
* يٌُقال إن أول مَنْ كتبها الكاتب الأمريكي المعروف أرنست همنغوي ( 1899-1961 )، وهذا ما كتبه (:(For sale: baby shoes، never worn) / (للبيع: حذاء طفل، لم تلبس أبدًا).. يُشير – كما أذكر – إلى موت الأطفال في الحروب .
* شُروطها :
1ـ أن تكتب فقط في ست كلمات ، وكل فعل أو أسم أو حرف له رسم مستقلّ يُعتبر كلمة ( سألعبُ : كلمة واحدة / سوف ألعب : كلمتان ... )
2- أن تكون كونيّة الفكرة ( إنسانيّة ) .
3- أن تكتبَ باللغة الفُصحى ، السهلة ، البعيدة عن الغموض الصعب .
ولديّ بعض الخربشات في هذا النوع من القصّة ، سأنشرها لاحقاً هنا إن شاء الله ، ونفتح الباب لأقلام الإخوة ليُدلي كلٌ بدلوه .
والله ولي التوفيق

زليخة ارقاقبة
19-06-2012, 10:16 AM
تشكر و لك ما قرأت فيها
أب فقير أهدي لطفله حذاء ........يبعه ليشتري له الحليب ؟

مصطفى حمزة
07-07-2012, 11:39 AM
صورٌ قصصيّة
فائز حسن العوض

اشكال أدبية شبيهة بالقصة القصيرة
المقال القصصي :-
وهو الشكل أشبه للقصة القصيرة ولن شكله وعظي وفي الغالب به خطاب ديني وإرشادي ، شبيه بخطبة الجمعة .
الصورة القصصية :-
وهي شبيهة بالقصة القصيرة ، لكنها تتطابق وإسمها ، فهي كالقصة ولكن ينقصها ( الحدث ) أو الأحداث ، وغالباً ما تكون وصفاً لمنظر طبيعي أو إحساس ، ولعدم وجود عنصر الحدث وهو
( أساسي ) في القصة القصيرة ، لذا فإنها ( الصورة القصصية ) تأتي في مرتبة أقل من القصة القصيرة وهي تشبه لوحة فنية لطبيعة صامتة أو كالصورة الفوتوغرافية حتي لو كانت ملونة .
مثال للصورة القصصية النماذج التالية :-
حين بدأت أكتب القصص القصيرة كتبت أشياء عرفت فيما بعد أنها صور قصصية وليست قصصاً قصيرة، لذا اردت أن افيد غيري ممن يكتبون القصص بإعطاء فكرة بسيطة عن هذا الفن وعموماً فالصورة القصصية قريبة الشبة بالقصة القصيرة ، وقد كانت الخطوة الثانية أو الثالثة في مراحل تطور القصة القصيرة حيث تبدأ بالمقال القصصي الذي ترفع عن المقال الديني ، والذي كان الهدف منه الوعظ والإرشاد ، فبعد أن كان الوعظ مباشراً في المقال الديني أصبح الشكل غير مباشر في المقال القصصي ، ثم اختفى الهدف الديني شيئاً فشيئا وصارت القصة القصيرة هداً لذاتها كفن ، هذا على مستوى الوطن العربي، اما في الغرب فقد فرضت شروط التطور السريع والتنكنولوجيا اللجوء للقصة القصيرة كضرورة زمانية وفنية .
أما أهم ما يميز الصورة القصصية عن القصة القصيرة ، انها تعتمد على التصور والوصف الخارجي دون استبطان وتعتمد على ظاهرية الحركة، والحدث فيها ضعيف نوعاً ما ، وقد لا يوجد بشكل واضح واقرب للصورة الإنطباعية، كما أن الإنفعال فيها ذاتي ، وهو حالة عاطفية أكثر منها ذهنية مركبة ، والإحساس بالصورة القصصية بسيط وفطير يميل أغلبه نحو الحب ، وقد يكون الكره أو الحزن نادراً .
وقد أوردت بعض النماذج لصور قصصية كتبتها في اوقات متفرقة ، ولعل البعض منها قدم عبر إذاعة كسلا والآخر يقرأه الناس لأول مرة
استهلال :
منذ وقت طويل وأنا أؤمن بحكمة كنت قد قرأتها ذات يوم مفادها ( ان التعساء حقاً هم من يبكون أصدقاءهم واحبتهم)
صورة رقم (1) يوسف الطيب
حين حدثوني عن رحيلك المبكر لم أصدقهم ، لكن عندما طالت غيبتك بدأ الشك يتسرب إلى قلبي بكيت، لشخصك الإنسان بكيت، لروحك كان أكثر البكاء ، لفقدك كل دموعي وأحزاني غلى يوم الدين .
صورة (2) ( الاسماك)
حين تفرح الأسماك فإنها تقفز في الهواء، وحين تموت فإنها تطفو على السطح . غريبة هي الاسماك حنينها للهواء حية وميتة .
صورة (3) ( قيثارة)
أوتاري خمسة ، أسمعها في صدري وعذبة الرنين ، وأنا فرحة بها أيما فرح ، لكنه سمى لي أوتاري : الحب ، الفرح ، المطر ، الشعب ، العشق .
الآن أسمعها ولا ادري لماذا يعتريني الحزن دائماً ؟
صورة (4) ( انتحار)
الانتحار ظاهرة ينفرد بها الإنسان بالدرجة الأولى ، ربما رفضاً لواقع أو هروباً من الحياة ولكن أن ينتحر حيوان فذلك سؤال كبير؟ فالحيتان تنتحر جماعياً وعلى الشواطئ المأهولة بالسكان ، ترى ماذا تود الحيان قوله .
صورة (5) الأطفال والحقيبة
الاشياء في حقيقتها بيضا ناصعة والأطفال وحدهم يعرفون حقيقة الاشياء فالسماء عندهم زرقاء صافية ، والارض عندهم غير مختلطة بالزرقة ، والمسافة بينهما تظل فراغاً أبيض في لوحاتهم .
صورة (6) غرق
ظل يرغب السفن المرتحلة للبعيد ويقول في نفسه: كل السفن مصيرها الغرق .. حين يستغرقه التفكير يقول مخاطباً نفسه .
متى أغرق أنا ؟
صورة (7) توبة
كم مرة احرقت دفاتري وتبت عن الكتابة، كم مرة هشمت أقلامي ومزقت دفاتري وأعلنت توبتي.. لكنني في كل مرة أعود أتمنى أن أموت بكفري بالكتابة .

نادية بوغرارة
27-07-2012, 06:00 PM
وقفة ضرورية للفهم والتصحيح ،نشكرك عليها يا أستاذ مصطفى .

بارك الله فيك .

نادية بوغرارة
27-07-2012, 06:10 PM
قصّة الست كلمات ( ق س ك )
( إعداد )
----------------------------------------------------
* هي نوعٌ أدبيّ جديد على أدبنا العربيّ ، نشأ في الغرب ودخل إلينا في تسعينات القرن العشرين .
* يٌُقال إن أول مَنْ كتبها الكاتب الأمريكي المعروف أرنست همنغوي ( 1899-1961 )، وهذا ما كتبه (:(For sale: baby shoes، never worn) / (للبيع: حذاء طفل، لم تلبس أبدًا).. يُشير – كما أذكر – إلى موت الأطفال في الحروب .
* شُروطها :
1ـ أن تكتب فقط في ست كلمات ، وكل فعل أو أسم أو حرف له رسم مستقلّ يُعتبر كلمة ( سألعبُ : كلمة واحدة / سوف ألعب : كلمتان ... )
2- أن تكون كونيّة الفكرة ( إنسانيّة ) .
3- أن تكتبَ باللغة الفُصحى ، السهلة ، البعيدة عن الغموض الصعب .
ولديّ بعض الخربشات في هذا النوع من القصّة ، سأنشرها لاحقاً هنا إن شاء الله ، ونفتح الباب لأقلام الإخوة ليُدلي كلٌ بدلوه .
والله ولي التوفيق

========


أعجبتني الفكرة ، وأحببت أن أجرّب ، ( أرجو أن يكون المكان مناسبا )

ما رأيكم في :

يرتدّ الصدى : عد لصمتك فالمخاطَبون موتى .

وهذه :

تمتم وهو يبتر ساقه : سبقته للجنة

مصطفى حمزة
27-07-2012, 10:06 PM
========


أعجبتني الفكرة ، وأحببت أن أجرّب ، ( أرجو أن يكون المكان مناسبا )

ما رأيكم في :

يرتدّ الصدى : عد لصمتك فالمخاطَبون موتى .

وهذه :

تمتم وهو يبتر ساقه : سبقته للجنة


------------
أهلاً أختي ناديا
أسعد الله مساءك
كمحاولة تجريية ...رائعة . حققتِ جلّ عناصر ق س ك .
الفكرة يُمكن أن تكون أكثر بعداً إنسانياً
بانتظار الأروع
تحياتي

صادق البدراني
27-07-2012, 10:25 PM
- كانت مريم في الاولى شخصية رئيسية ولو سلّمنا بخلاف ذلك لانتهك الكاتب التوازن بالوقوف عندها اسهابا لم ينفع الحدث الرئيس ولا الشخصية الاساسية .
- لن يتبادر الى القارئ في الثانية سوى ان احمد هذا كان طالبا جامعياً ، وبخلافه فلم يكن النص متوازنا مع الحوار العالي في اللفظ ولا في نوع الحدث .
- ان خبرا وقع عليه كالصاعقة هو دخولها المستشفى بلا ششك .... ومما لا شك فيه ايضا ان اهتمام الكاتب بتفاصيل الغرفة اغراقا سردياً شتت ذهن المتلقي وكسر في استقباله العاطفي توازن الحدث الرئيسي بما ليس له دافع قط وهو تفاصيل الغرفة .

كعادتك استاذي الحبيب مصطفى حمزة
تقف عند التفاصيل الدقيقة التي ليس من شأنها الا الارتقاء بالعمل الادبي الى مستوى اللغة العربية الحقة .

مررت من هنا مسجلا اعجابي بالفكرة والتفصيل والامثلة .

دمت شاهقا اديبا حبيبا

محبتي التي لا تنتهي

مصطفى حمزة
29-07-2012, 11:22 AM
- كانت مريم في الاولى شخصية رئيسية ولو سلّمنا بخلاف ذلك لانتهك الكاتب التوازن بالوقوف عندها اسهابا لم ينفع الحدث الرئيس ولا الشخصية الاساسية .
- لن يتبادر الى القارئ في الثانية سوى ان احمد هذا كان طالبا جامعياً ، وبخلافه فلم يكن النص متوازنا مع الحوار العالي في اللفظ ولا في نوع الحدث .
- ان خبرا وقع عليه كالصاعقة هو دخولها المستشفى بلا ششك .... ومما لا شك فيه ايضا ان اهتمام الكاتب بتفاصيل الغرفة اغراقا سردياً شتت ذهن المتلقي وكسر في استقباله العاطفي توازن الحدث الرئيسي بما ليس له دافع قط وهو تفاصيل الغرفة .

كعادتك استاذي الحبيب مصطفى حمزة
تقف عند التفاصيل الدقيقة التي ليس من شأنها الا الارتقاء بالعمل الادبي الى مستوى اللغة العربية الحقة .

مررت من هنا مسجلا اعجابي بالفكرة والتفصيل والامثلة .

دمت شاهقا اديبا حبيبا

محبتي التي لا تنتهي
-----------
حياك الله أخي الحبيب صادق
وأنتَ دمتَ أديباً مٌبدعاً محلّقاً ، وناقداً ذواقاً غواصاً
حفظك المولى

نبيل عودة
12-08-2012, 06:53 PM
اضافة للمادة المفيدة التي يطرحها الأديب مصطفى حمزة بودي الاضافة التالية من تجربتي الشخصية والمقال الكامل منشور في المنتدى لمن يريد الاطلاع بتوسع

من تجربتي الذاتية ارى ان أهم مركبات القصة يمكن تلخيصها بمسارين او خطابين ، الأول : المسار او الخطاب التاريخي ،أي خطاب فكري أيديولوجي ، وهو الحدث ، الخبر ،الفكرة القصصية ، المضمون القصصي ، المادة الخام .
الثاني :المسار او الخطاب الفني ، وهو يتعلق بقدرة الكاتب على الصياغة اللغوية الادهاشية أي التي تخترق احاسيس القارئ ،وتدمجه عاطفيا مع الفكرة القصصية ، وتثير دهشته من البداية حتى النهاية ، وهي تتعلق أيضا بالتكنيك القصصي الذي يتبعه الكاتب.. وانا اؤمن ان الفكرة تفرض اسلوبها ولغتها ومفرداتها ، والكاتب عليه ان يعرف كيف يفكك الحدث ويعيد بنائه من جديد ، ليبقي المفاجأة الدرامية للسطر الأخير... تماما مثل لعبة البوكر.. ممنوع كشف الأوراق ، اذ قد تكون اوراقك ( قصتك ) ضعيفة ، ولكن معرفة اصول اللعبة القصصية ( البوكر ) تجعلك تنجز انتصارا حتى على الذين اوراقهم ( افكارهم القصصية) أقوى من أفكارك ..

ويجب الانتباه بعدم المبالغة في أحد الخطابين على حساب الخطاب الآخر .. ولا اعني خلق تعادل بينهما ... انما معرفة أين يجب ابراز جانب على الجانب الأخر ... في فترة ظننت ان التعادل بين الخطابين هو الكود الصحيح . اليوم ، بعد تجربة طويلة ارى ان التعادل مضر ، ومقيد ، وينتج حالة من التقييد والتأطير والدوغماتية الثقافية . صحيح ان الخطابين هامين ، وان ابراز خطاب ما بشكل مبالغ ينسف القاعدة الحساسة للبناء القصصي. ولكن هذا لا يعني ان نقيم التعادل الميكانيكي بين الخطابين ، بل اعتماد التناقض الديالكتيكي بين الخطابين ، أي التناقض الذي يدفع دائما لتطوير الحدث واللغة والتكنيك وعناصر الدهشة .. وهنا يجب ان يتحكم الحس الانساني والابداعي لدى الكاتب ، في معرفة اين يعطي لأحد الخطابين قوة أكبر...او العكس !!

وهناك موضوع هام لم يتطرق اليه النقد العربي على حد علمي، واذا تعرض فمن زاوية تقليدية مدرسية ، وهو موضوع اللغة المستعملة في القص..
واضح ان لغة القصة تختلف باسلوب صياغتها عن لغة الخبر او الريبورتاج اوالمقال او البحث.. صحيح اننا نستعمل نفس المفردات . ولكن وضعها في السياق، ترتيبها،هو ما يخلق الفرق . وهذا ليس كل شيء، بل لا بد من ان يطور الكاتب لغة درامية.. واجد صعوبة في شرح فكرتي ، ولكني أقول ان اللغة مترابطة بالحدث ومتفاعلة معه ، وتنبض بنبضه، عندما أكتب قصة اوظف قدراتي في صياغة لغة درامية تندمج مع الحدث الدرامي ( القصة في حالتنا) بلغتها أيضا ، مبناها اللغوي ، نبضها المتفاعل والمندمج مع الحدث نفسه ،وهذا يتعلق بالحس اللغوي للكاتب ، وفهم أولي للبسيخولوجيا الاجتماعية ، لفهم شخصية ابطاله والدور الذي من المفترض ان يرسمه لهم بدون مبالغة تجعل البطل غير حقيقي ومتخيل لا منطق في كينونته .

الممارسة واتساع الادراك لفن القص عند الكتاب الآخرين يثري الكاتب ،وذلك عبر قراءة واعيه ومنتبه لأعمالهم ، ليس كقارئ عادي ، بل كدارس لأساليب توظيفهم للغة ، بناء الشخصيات ، الحوار ، اسلوب الدخول للفكرة ، وطريقة وضع النهاية، وبالطبع لا شيء مقدس ، بل كله يجب ان يخضع للمعمل القائم داخل الرأس ، لذلك الكاتب يحتاج الى ثقافة موسوعية ومتعددة الاتجاهات ، تماما مثل الحياة ، الحياة ليست بلون واحد ، بل متعددة الألوان .

النهاية في القصة لا بد ان تعبر عن فهم فلسفي للحدث وليس فهما اخباريا او مباشرا . وهذا يعني ان مبنى اللغة يفرض مميزات بالغة الحساسية .. قد لا يلمسها القارئ العادي ، ولكن عدم اتقانها يبعده عن الاندماج بالنص ، حتى لو كان نصا بحثيا او سياسيا .

أرجو عدم فهم موقفي بأني ارى باللغة ما يتجاوز كونها اداة او وسيلة للتواصل فقط ، وكونها اداة لا يعني نفي القدرات التعبيرية الهائلة التي تخضع لمن يتقن الاحساس بكلماتها وصياغاتها.

مصطفى حمزة
12-08-2012, 09:19 PM
اضافة للمادة المفيدة التي يطرحها الأديب مصطفى حمزة بودي الاضافة التالية من تجربتي الشخصية والمقال الكامل منشور في المنتدى لمن يريد الاطلاع بتوسع

من تجربتي الذاتية ارى ان أهم مركبات القصة يمكن تلخيصها بمسارين او خطابين ، الأول : المسار او الخطاب التاريخي ،أي خطاب فكري أيديولوجي ، وهو الحدث ، الخبر ،الفكرة القصصية ، المضمون القصصي ، المادة الخام .
الثاني :المسار او الخطاب الفني ، وهو يتعلق بقدرة الكاتب على الصياغة اللغوية الادهاشية أي التي تخترق احاسيس القارئ ،وتدمجه عاطفيا مع الفكرة القصصية ، وتثير دهشته من البداية حتى النهاية ، وهي تتعلق أيضا بالتكنيك القصصي الذي يتبعه الكاتب.. وانا اؤمن ان الفكرة تفرض اسلوبها ولغتها ومفرداتها ، والكاتب عليه ان يعرف كيف يفكك الحدث ويعيد بنائه من جديد ، ليبقي المفاجأة الدرامية للسطر الأخير... تماما مثل لعبة البوكر.. ممنوع كشف الأوراق ، اذ قد تكون اوراقك ( قصتك ) ضعيفة ، ولكن معرفة اصول اللعبة القصصية ( البوكر ) تجعلك تنجز انتصارا حتى على الذين اوراقهم ( افكارهم القصصية) أقوى من أفكارك ..

ويجب الانتباه بعدم المبالغة في أحد الخطابين على حساب الخطاب الآخر .. ولا اعني خلق تعادل بينهما ... انما معرفة أين يجب ابراز جانب على الجانب الأخر ... في فترة ظننت ان التعادل بين الخطابين هو الكود الصحيح . اليوم ، بعد تجربة طويلة ارى ان التعادل مضر ، ومقيد ، وينتج حالة من التقييد والتأطير والدوغماتية الثقافية . صحيح ان الخطابين هامين ، وان ابراز خطاب ما بشكل مبالغ ينسف القاعدة الحساسة للبناء القصصي. ولكن هذا لا يعني ان نقيم التعادل الميكانيكي بين الخطابين ، بل اعتماد التناقض الديالكتيكي بين الخطابين ، أي التناقض الذي يدفع دائما لتطوير الحدث واللغة والتكنيك وعناصر الدهشة .. وهنا يجب ان يتحكم الحس الانساني والابداعي لدى الكاتب ، في معرفة اين يعطي لأحد الخطابين قوة أكبر...او العكس !!

وهناك موضوع هام لم يتطرق اليه النقد العربي على حد علمي، واذا تعرض فمن زاوية تقليدية مدرسية ، وهو موضوع اللغة المستعملة في القص..
واضح ان لغة القصة تختلف باسلوب صياغتها عن لغة الخبر او الريبورتاج اوالمقال او البحث.. صحيح اننا نستعمل نفس المفردات . ولكن وضعها في السياق، ترتيبها،هو ما يخلق الفرق . وهذا ليس كل شيء، بل لا بد من ان يطور الكاتب لغة درامية.. واجد صعوبة في شرح فكرتي ، ولكني أقول ان اللغة مترابطة بالحدث ومتفاعلة معه ، وتنبض بنبضه، عندما أكتب قصة اوظف قدراتي في صياغة لغة درامية تندمج مع الحدث الدرامي ( القصة في حالتنا) بلغتها أيضا ، مبناها اللغوي ، نبضها المتفاعل والمندمج مع الحدث نفسه ،وهذا يتعلق بالحس اللغوي للكاتب ، وفهم أولي للبسيخولوجيا الاجتماعية ، لفهم شخصية ابطاله والدور الذي من المفترض ان يرسمه لهم بدون مبالغة تجعل البطل غير حقيقي ومتخيل لا منطق في كينونته .

الممارسة واتساع الادراك لفن القص عند الكتاب الآخرين يثري الكاتب ،وذلك عبر قراءة واعيه ومنتبه لأعمالهم ، ليس كقارئ عادي ، بل كدارس لأساليب توظيفهم للغة ، بناء الشخصيات ، الحوار ، اسلوب الدخول للفكرة ، وطريقة وضع النهاية، وبالطبع لا شيء مقدس ، بل كله يجب ان يخضع للمعمل القائم داخل الرأس ، لذلك الكاتب يحتاج الى ثقافة موسوعية ومتعددة الاتجاهات ، تماما مثل الحياة ، الحياة ليست بلون واحد ، بل متعددة الألوان .

النهاية في القصة لا بد ان تعبر عن فهم فلسفي للحدث وليس فهما اخباريا او مباشرا . وهذا يعني ان مبنى اللغة يفرض مميزات بالغة الحساسية .. قد لا يلمسها القارئ العادي ، ولكن عدم اتقانها يبعده عن الاندماج بالنص ، حتى لو كان نصا بحثيا او سياسيا .

أرجو عدم فهم موقفي بأني ارى باللغة ما يتجاوز كونها اداة او وسيلة للتواصل فقط ، وكونها اداة لا يعني نفي القدرات التعبيرية الهائلة التي تخضع لمن يتقن الاحساس بكلماتها وصياغاتها.
----------------
أخي الأكرم ، الأستاذ نبيل
حياك الله
مشكور جهدك الواضح في المقال ، ومأجور بإذن الله
ولكني - على قيمة مقالك النقديّ - لم أر فيه إلاّ صياغة بلغتك الخاصة لما تناولته الأقلام بكثرة عن فن القصّة .
لقد تكلمتَ عن الشكل والمضمون ، وعن التوازن في عناصر القصّة ، وعن عنصر الدراما ، وعن الواقعيّة في لغة الشخصيات ، وأخيراً عن فنية القفلة أو الومضة .. وهي عناوين قُتلت بحثاً ومعالجة عند نقاد القصّة ودارسيها .
أرجو المعذرة ، ولكن هذا هو رأيي أخي الكريم في مشاركتك الطيّبة
دمتَ بخير

محمد عبد القادر
13-10-2012, 04:35 PM
موضوع قيم للغاية و شيق
من حيث المفاهيم الحديثة للقصة تحت مجهر النقد
أتمنى أستاذى الفاضل أن يتناول هذا الموضوع الكريم
بعض القراءات النقدية المختارة
و يا حبذا إن كانت لقصص عالمية
حتى تتضح الصورة كاملة
من حيث الحديث عن عناصر القص
و تعم الفائدة على الهاويين و المبتدئيين أمثالنا
و لك جزيل الشكر

لانا عبد الستار
22-11-2012, 04:19 PM
هذا درس مهم جدا
لماذا لا تضيفونه إلى موضوع الأستاذ رئيس الرابطة لزيادة التوضيح
أعرف أنهما موضوعان مختلفان
لكن هذا مفيد هناك

الدكتور ضياء الدين الجماس
25-03-2014, 11:39 AM
أستاذنا الأديب الشاعر مصطفى حمزة:

-لعقت بأصبعي من دلوكم، فكان مصطفى مصفى.

-وَقَفَتْ صفاء أمام المرآة أعجبها جمالها فراحت تنتفه.

- ركب بحر الشذر يقص طريقاً رسمته بوصلة سفينته، وتأمل جبال الأمواج العاتية.. فوجم وزفر بحرقة.

هل في هذه الومضات ما يدل على استيعاب الدرس أم يلزمه إعادة مرات؟!!

صفحة رائعة.

نور الله طريقك بشعلة العلم والإيمان.

مصطفى حمزة
25-03-2014, 08:03 PM
أستاذنا الأديب الشاعر مصطفى حمزة:

-لعقت بأصبعي من دلوكم، فكان مصطفى مصفى.
-وَقَفَتْ صفاء أمام المرآة أعجبها جمالها فراحت تنتفه.
- ركب بحر الشذر يقص طريقاً رسمته بوصلة سفينته، وتأمل جبال الأمواج العاتية.. فوجم وزفر بحرقة.
هل في هذه الومضات ما يدل على استيعاب الدرس أم يلزمه إعادة مرات؟!!
صفحة رائعة.
نور الله طريقك بشعلة العلم والإيمان.
الأكرم ، الطبيب الأديب الدكتور ضياء
أسعد الله أوقاتك ، وأضحك سنّك
ومضات جميلة ، ككل ما يخط يراعك
حفظك الله ، وأمدك بالصحة والعافية ، وفتح لك باباً من الرزق أوسع وأعظم بركة
تحياتي

هاله محرم
01-12-2014, 06:08 PM
أستاذي الفاضل /مصطفى حمزة

معلومات قيمة و درس مهم تفضلت بطرحه لمن يريد التميز في مجال كتابة القصة .. كتوازن عناصر القصة ..من حيث الشكل و المضمون..


سلمت أناملك ..و تقبل فائق احترامي لشخصك الكريم

زينب المالكي
03-02-2015, 07:23 PM
السلامُ عليكم ،ورحمة الله وبركاته ..
تحياتي وتقديري لكل منتسبي الواحةِ الثقافيةِ ، من شرق الوطن العربي الى غربهِ ، ومن جنوبهِ الى شمالهِ ، واتمنى ان انهلُ من فيضِ ابداعِكم وعطاءِكم، وماتجودُ به قريحتُكم من علمٍ وادبٍ ،كوني عضواً جديداً ، تحيةٌ مني لكم جميعاً ..
ان الشخصيةَ في القصةِ لها ابعادُها الجسمية والعاطفية والاجتماعية والفكرية عن طريقِ الوصفِ الذي يعرضُه لنا السارد ،والحوار الذي يتضح من بين ثناياه ماتتمتع به الشخصية من ابعاد .
فمن غير التوازن ان يتمتع الجاهلُ مثلا بالثقافة العالية ،ومن غير التوازن ان تتكلم الشخصية البدوية بلغة اهل المدينة ومن غير التوازن ان ترتدي الشخصية التي تعيش في بيئةٍ ريفيةٍ الزي الذي يرتديه اهلُ المدنِ..
تحياتي

مصطفى حمزة
04-02-2015, 04:11 AM
السلامُ عليكم ،ورحمة الله وبركاته ..
تحياتي وتقديري لكل منتسبي الواحةِ الثقافيةِ ، من شرق الوطن العربي الى غربهِ ، ومن جنوبهِ الى شمالهِ ، واتمنى ان انهلُ من فيضِ ابداعِكم وعطاءِكم، وماتجودُ به قريحتُكم من علمٍ وادبٍ ،كوني عضواً جديداً ، تحيةٌ مني لكم جميعاً ..
ان الشخصيةَ في القصةِ لها ابعادُها الجسمية والعاطفية والاجتماعية والفكرية عن طريقِ الوصفِ الذي يعرضُه لنا السارد ،والحوار الذي يتضح من بين ثناياه ماتتمتع به الشخصية من ابعاد .
فمن غير التوازن ان يتمتع الجاهلُ مثلا بالثقافة العالية ،ومن غير التوازن ان تتكلم الشخصية البدوية بلغة اهل المدينة ومن غير التوازن ان ترتدي الشخصية التي تعيش في بيئةٍ ريفيةٍ الزي الذي يرتديه اهلُ المدنِ..
تحياتي

وعليكم السلام والإكرام
مرحبًا بكِ أختنا حواء في ظلال واحة الحق والجمال
بانتظار بوح قلمك

محمد الشحات محمد
22-05-2015, 02:36 PM
معلومات مفيدة وقيّمة

تسجيل حضور وتحية

ناديه محمد الجابي
06-12-2018, 06:08 PM
بوركت وسلمت أستاذ مصطفى على هذه الدروس المستفيضة،
والدراسة المفصلة لفن القصة ـ فشكرا لك بلا حدود
بارك الله فيك على عطاءك وإبداعك، وما قدمت من معلومات قيمة
ودروس رائعة ومفيدة

اللهمّ إنّي أسألك من عظيم لطفك، وكرمك، وسترك الجميل، أن تشفيه وتمدّه بالصّحة والعافية.
اللهمّ لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
:os::tree::os:

أسيل أحمد
13-02-2020, 06:48 PM
وجبة دسمة تلك التي تلقيتها بالولوج في هذا الموضوع
الشرح المستفيض لأستاذ مصطفى حمزة ـ والمناقشات من الأخوة
كلها أمدتني بمعلومات مفيدة وقيمة تساعد على التميز في كتابة القصة
فشكرا لك بلا حدود ا. مصطفى حمزة ـ ولك تحياتي وكل تقديري.