تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : منـــار - أول تجربة قصصية لي -



ابتسام محمد الحسن
29-05-2012, 10:50 PM
لم أكن أعلم أن الحزن قوي لـهذا الحد، قوي لدرجة أن يخترق كل هذه الألوان على وجهها، و ينبعث من تحت طبقات كثيرة من المسحوق الذي وضعته بـ عناية و عناء ، لـ يكتب على جبينها " قهـر " ، وحيدةً كانت تنتظر، وقد ألقت بـ جسدها الصّدِئ على باب حديدي قديم، توزع ابتساماتها الـمُثيرة بـ سخاء على المارة، وبين الفينة و الأخرى، تُطلق ضحكات مجلجلة، وكـ أنها تنــُوح ! كـ محاولة فاشلة منها لـ اجتذاب زبون جديد، لاجتذاب شخص ضاقت به الحياة، تقوده غريزته إلى مكان موحِل يُثبت فيه رجولته بـ جدارة !

كي تعرضَ جسدكَ في الشارع على المارة وأنت تعلمُ بأن كثيرين يعتبرونه سلعة رخيصة، فـ هذا أمر يحتاج لـ جرأة كبيرة، أوربما ... لـ يأس كبيـــر !

الفُضول يقودني إليها رغماً عني، رغماً عن هذا الصوت الذي يتردد صداه في أذني باحتقار شديد اللهجة : " إياك و الاقتراب من هذه المومس ! إياك و الاقتراب من بؤرة العفن هذه .... ! "، أغلق أذناي، و أقترب منها بـ هدوء شديد ، لازال بعضٌ من البريق الطفولي بـ عينيها لم يخفت بعد ! حتى الهالات السوداء التي تروي للمارين حكايا الليالي الحمراء الطويلة ، لم تستطع أن تُخفي هذه الحقيقة ! اقتربتُ منها أكثر، فـ فاجأتني بابتسامة ماكرة، وكـ أنها ثعلب يتربص بـ فريسة طال انتظارها !

شيء ما في داخلي يشدني إليها - بعيدٌ كل البُعد عما يدور في ذهنها - يجعلني أُطيل النظر في وجهها ، يا إلاهي ! كيف لم تُنصف الحياة هذا الوجه الجميل ؟ ! أي أقدار هذه التي حملتها إلى هذا العالم القذر؟!
تساؤلات كثيرة كانت تُمطر فوق رأسي، سرعان ما قاطعَتها بـ حركة صغيرة منها على صدري ... لـ تُمسك بعدها بـ يدي ! وهي تسألني بـ صوت خافت : " بـ كَمْ ؟ " ، وكـ أنها تعقد صفقة سرية، إما تكون رابحة أو خاسرة ... من يدري !

سألتُها عن اسمها بـ لُطف شديد - لا أظنها كانت متعودة عليه - فـ أجابتني و الدهشة قد سرقت بعضاً من وهج ابتسامتها وبـ صوت أتعبه السهر : " منـار ".
أمسكتها من يدها بـ قوة و هممتُ بـ الرحيل، لا أدري إلى أين ! فقد كُنتُ أسيرَ فكرة استولت على كياني " هذه الفتاة، مكانها ليس هنا !! " ، مشينا بضع خطوات ... ثم توقفَتْ فجأة، متساءِلة " لم تـجبنـي ! بـ كم ؟؟ !! "
منار، أنا لا أعرفك أنتِ ... لكن حكايتك أعرفها جيداً كما يعرفها الجميع، أعلم أن الحب بالنسبة إليك ليس إلا " عادة " و أن الذكريات المُرة هي عنوان كتابك ، لكن أليس من المُفترض أن الغد هو نهاية الأمس؟ أنا مُستعد أن أنسى معكِ كل الذكريات.... و أفتح معكِ صفحة جديدة ".
سحبتْ يدها من بين يدي بـ رفق، لـ تحاول إخفاء دمعة صغيرة أفلتت منها، ولـ ترسم بـسرعة ابتسامة شكر وامتنان و تجيب بعدها :
- هذه حياتي ... وسـ أعيشها
- لكن منار، أنا سأحملك من ظُلمة الليل إلى نور النهار !
- سيدي اللطيف، صدقني ... ظلمة الليل أهون علي من ظُلم النهار !
- سـ أدخلكِ إلى عالم كله نقاء يا منار !
- في اللحظة التي تُقنع فيها نفسك بأنك أدخلتني إليه ، تكون أنت قد خرجت من بابه الأوسع
- هناك سـ تجدين الحب
- هناك لن أجد إلا نظرات الاحتقار
- منار ...
- شكراً من القلب، لكن بـ النهار تذوب الرحمة في قلوب الناس مع أول إشراقة شمس، أنا خُلقت لـ الليل ... والليل خُلق لـ الضعفاء أمثالي

( أنا خُلقت لـ الليل ... والليل خُلق لـ الضعفاء أمثالي !! ) كانت هذه آخر جملة تنطق بها وهي تهم بـ الرحيل عائدة إلى وكرها، لـ تتركني وراءها متسمراً ، وحيداً، ضائعاً، و لوم كبير في صدري لا أدري على ظهر من سوف ألقيه ؟؟ !

أحمد عيسى
29-05-2012, 11:00 PM
الأخت الأديبة : ابتسام محمد الحسن

صدقاً .. أهذه أول تجربة لك في القص
ان قلماً متمرساً على القص لا ينجب مثل هذه
أسلوب جذاب ، ولغة قوية ، واحساس عال جداً بالأنثى والرجل ، بطلي هذه القصة الدائمين
أحببت هذه القصة
وسررت جداً بطريقتك في عرض رؤيتك

كنت متمكنة وأعتقد أن شأناً عظيماً ينتظرك في عالم القصة

أهلا وسهلاً بك في واحة الخير والجمال
وبانتظار الأروع منك

تقديري وباقات ورد لك

آمال المصري
29-05-2012, 11:05 PM
الأسلوب رائع رائع وتجيدين السرد والحوارية بلغة راقية
رغم أن الحكي بعيدا عن الشرقية التي عهدناها في الأدب العربي
مرور ترحيب أخت ابتسام
تحاياي

ابتسام محمد الحسن
29-05-2012, 11:19 PM
الأخت الأديبة : ابتسام محمد الحسن

صدقاً .. أهذه أول تجربة لك في القص
ان قلماً متمرساً على القص لا ينجب مثل هذه
أسلوب جذاب ، ولغة قوية ، واحساس عال جداً بالأنثى والرجل ، بطلي هذه القصة الدائمين
أحببت هذه القصة
وسررت جداً بطريقتك في عرض رؤيتك

كنت متمكنة وأعتقد أن شأناً عظيماً ينتظرك في عالم القصة

أهلا وسهلاً بك في واحة الخير والجمال
وبانتظار الأروع منك

تقديري وباقات ورد لك

أستاذ / أحمد عيسى

هي تجربتي القصصية الأولى، و التي رأى البعض بأن أسلوب صياغتي لها كان يميل للشاعرية أكثر من السردية و هذا يعتبر نقطة ضعف حسب أقوالهم

لكني لا زلت أبحث عن آراء أخرى تنصفني .. و ترى الجانب المضيء منها


شكرا لك، فقد أسعدني ردك هذا كثيرا و رفع من عزيمتي

تحيتي و التقدير

ابتسام محمد الحسن
29-05-2012, 11:28 PM
الأسلوب رائع رائع وتجيدين السرد والحوارية بلغة راقية
رغم أن الحكي بعيدا عن الشرقية التي عهدناها في الأدب العربي
مرور ترحيب أخت ابتسام
تحاياي


عزيزتي آمال

أدهشتني عندما أمسكت بخيط غير مرئي كنت أحسب أن لا أحد يراه !

ففكرة " أنا لا أعرفك أنتِ ... لكن حكايتك أعرفها جيداً كما يعرفها الجميع، أعلم أن الحب بالنسبة إليك ليس إلا " عادة " " خطرت ببالي باللغة الفرنسية و ليس بالعربية ! و كان هذا أمراً غريبا فأنا كنت أصيغ القصة بالعربية، لكن عندما كنت أتخيله يحاورها ففد تخيلته يحادثها بالفرنسية ! ولا أدري لماذا ؟!

ربما لهذا أحسست بأن الحكي بعيد شيئا ما عن الشرقية ! لأني و أنا أتخيل المشهد لم أتخيله شرقيا !

هنا ... أدهشتني ، وسعدت جداً بهذه الدهشة

محبتي و عميق شكري

ياسر ميمو
29-05-2012, 11:39 PM
السلام عليكم

بسم الله وتبارك الرحمن

البداية جد قوية ومميزة

أسلوبك أستاذة ابتسام

رشيق ... جذاب.... ممتع

أُحيك و أشد على يديك

بداية جيدة بلا شك

وفقك الرحمن أيتها الأصيلة

نداء غريب صبري
29-05-2012, 11:58 PM
أنت قاصة موهوبة
لقد قرأت قصتك بحرص على أن لا أفقد منها حرفا
وهذه مهارة في القاص أختي

بوركت

ربيحة الرفاعي
18-11-2014, 01:57 AM
تمتلكين مهارة سردية عالية وأسلوبا متمكنا في رسم المشاهد بما يكفل تشويق المتلقي دون الاضطرار لتسريع وتيرة الحدث، وبهدوء تتسلل الحروف لتشي بشيء من دخيلة الشخوص
قصة محبوكة بإجادة أستغرب أنها تجربتك الأولى
غلبت التقريرية في بعضها

تحاياي

خلود محمد جمعة
20-11-2014, 06:53 AM
سرد ماتع وحبكة محكمة امسكت بتركيزي حتى النهاية التي فتحت مساحات للتامل أمامي
طرح طيب ويراع متمكن و فكر عميق
احسنت
كل التقدير

ناديه محمد الجابي
08-12-2015, 08:57 PM
تجربة اولى توحي بكاتبة متمكنة
نص جميل وسرد أخاذ يأسر الفكر والقلب بصورة مدهشة
تشير لقدرتك وموهبتك القصصية..
الأخت منار .. أين أنت ، وأين جديدك.
دمت بكل خير. :001:

فايدة حسن
08-12-2015, 10:54 PM
سعدت جدا بقراءتي لهذه القصة فاسلوبك مميز ورائع وطرحك للقضية بنات الليل كان موفقا ومؤلما
سلم نبض حرفك