المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رائية الواحة إلى أخي د. سمير العمري



د. جهاد بني عودة
17-09-2005, 09:38 PM
إلى أخي الدكتور سمير العمري


إمام الشعرِ جَدوَلكم نميرُ = أتَينا من بِضاعَتِه نَميرُ
قَصدناكم على بُعدٍ سِراعاً = تُقَلِّبنا المفاوِزُ والثُّغورُ
وَردنا عَذبَ مَورِدِكم عِطاشاً = وأجهَدَنا معَ الابِلِ المَسيرُ
كأخوَةِ يوسُفَ الصِّدِّيقِ جِئنا = فهل يَرضَى (العَزيزُ ) وهل يَمِير
**** ****
قَواصِدُ واحَةِ السُّمَّارِ كُنَّا = يُساهِرُنا مع الشِّعرى سميرُ
وَردنـاها نَعُبُّ الشَّعرَ عَبّاً = وُروداً لم يَطِب عنه الصُّدورُ
فـلا طابت حياةُ المرءِ يوماً = إذا عَـزَّ المُنادمُ والسَّمير
ولا صَلُحَت لأَربابِ المعالي = إذا عُدِمَ المُبارِزُ والنَّظير
**** ****
بَنَيتَ لِعزِّ دينِ اللهِ صَرحاً = عَليه الشِّعرُ طَوَّافٌ يَدور
فأَشرَقَ من بِلادِ الغَربِ فَجرٌ = تَبَلَّجَ عنهُ نَحو الشَّرقِ نورُ
فَعِقدُ الواحَةِ الحَسنا فَريدٌ = تُزَيِّنُه الحَناجِرُ والنُّحور
كأنَّك قد وَقفتَ على حِماها = كما وَقَف المُكَلَّلُ والهَصورُ
فَحَلِّق ما اسْتَطَعتَ على ذُرَاها = فلا تَعلوكَ في الجَوِّ الصُّقور
فُحولُ الشِّعرِ تنأى عن جِبالٍ = تُعَشِّشُ فوق قِمَّتِها النُّسورُ
تَهابُ بأن تَهابَ إذا رأتنا = لنا في كُلِّ قافِيَةٍّ زَئيرُ
**** ****
سَلِمتَ لنا من الشَّنآنِ عَزماً = تَسامى لا يَكِلُّ ولا يَحور
فأنت النَّخلةَ الفَرعاءَ فيها = نُزَيِّنُك (الفَسائِلُ والبُذورُ)
نَبَتنا حولَ طِينَتِها نَباتاً = رَطيباً صَانَه الظِّلُّ الوَفيرُ
نَطوفُ على جَمالٍ من بَيانٍ = كما طافَت على الشَّمسِ البُدور
فيا بَحراً تَرامى جانِبيهِ = لَه في كُلِّ حاضِرةٍ هَدير
تَقاذَفَ عنه أصدافُ اللآلي = وفي أحشائِهِ دُرَرٌ وحورُ
**** ****
رَعاكَ اللهُ للشُّعراءِ ذُخراً = و صَانتكَ الوقائِعُ والدُّهور
فأنتَ الفارِسُ الأنكَى لَدينا = أذا قَدَحَت سَنابِكُه نُغير
وإن شَدَّت سَواعِدُه شَدَدنا = وإن ثارت قَوائِمُهُ نَثور
وإن نَفَرت عَزائِمُهُ نَفَرنا = وإن فارَت بِتَنُّورٍ نَفورُ
نَزَلتَ فما خَشِيتَ على مَصيرٍ = وهل يَخشى الوَغى البَطَلُ الجَسور
**** ****
تُزَكِّيكَ القَواقي لاهِجاتٍ = معاذَ الله ، ما أبَقَ المُدير
نَفَثتُ بِعُقدَةِ الشُّعَراءِ شِعراً = سُطوراً تَنتَشِي منها الصُّدور
مَضَغناها كما نَحْلُ البَراري = يَلُذُّ بِريقِنا السُّمُّ المَريرُ
نَشَقناها على غَيرِ البَرَايا = بِجارِحَةِ السََّماعِ لها عَبير
عَرائِسَ من قَصائِدَ باسِقاتٍ = نُفوسُ الذَّائِقين بِها تَغورُ
فنحن العارِفونَ بما كَتبنا = ونحن الغارِفون بِما نُشِير
بيانٌ بانَ عن حُسنِ المَباني = وَشِعرٌ فيهِ ما فَضَحَ الشُّعور
فَطِيبُ النَّظمِ في طيبِ المَعاني = وَفي صِدقٍ يَفيضُ بِه الضَّمِيرُ
يدورُ الشِّعرُ في رأسي دُواراً = كما الأنخابُ في السَّكرى تَدورُ
أحُسُّ له بأعماقي دَبيباً = يَحُسُّ جَوارِحي مِنهُ الصَّرير
جُلوداً تَقشَعِرُّ من القوافي = فَتَهتَزُّ الجَوانِحُ والخُصور
فأصبِرُ عن ثَقيلِ الوَطءِ منها = ويَصبِرُ مِثلِيَ الجَمَلُ الصَّبور
**** ****
وإني أغبِطُ الشُّعَراءَ حُبَّاً = ولكِنِّي إذا بَرَزوأ غَيور
فأَضرِبُ عنهُمُ الأسماعَ صَفحاً = إذا ما كان شِعرُهُمُ عَسِير
فَيا للصَّادِحينَ بِغيرِ حَقٍّ = ويا لِلمادِحينَ ولم يَجوروا
نَواشِزَ من قَصائِدَ نافِراتٍ = نَدَدْنَ و مِثلَما نَدَّ البَعِير
فلا سَئِمت حَلاوَتَها القَوافي = ولا عَدِمَت طَلاوَتَها السُّطورُ
ولا جَفَّت مدامِعُها البَواكي = ولا قََرَّت وقائِعُها العُصُور
وأعجَبُ منكَ يا (عُمَري) فؤادي = إذا غَنَّت بَلابِلُه يَطير
فَيُمتِعُهُ المُحَلَّى والمُصَفَّى = ويُرقِصُهُ مع الوَتَرِ الصَّفير
ويؤنِسُهُ المُرَخَّمُ من بيانٍ = و يَطرَبُ من مُطَرَّزِه الشُّعور
**** ****
أميرُ الواحَةِ الغَنَّا أميرٌ = على شعراءَ كلُّهمُ أمير
عَقَدتُّ البيعَةَ الكُبرى لَديهِ = وَخَلفي بايَعَ الجَمعُ الغَفِير
لِفَحلٍ مُفلِقٍ في كُلِّ لَونٍ = إمامٍ هَزْلُهُ جَدٌّ خَطيرُ
فهل يُثني عَلَيَّ (جَمالُ مُرسِي) = و في مِصرَ الخِلافَةُ والأمير
وهَل يَرضى العِراقُ و يَرتَضيهِ = و قد خانتهُ في مِصرَ البُحور
فقد عَتِبَ الفُراتُ وفي أبيه(1) = وفي ذاكَ االحُضورِ له حُضور
فقد يَكبو الجَوادُ على عَثارٍ = و قد يَخفى الهِلالُ المُستَنير
فأنتَ اليَومَ شَوقي في حِماهُ = وإني اليومَ حافِظُكَ الصَّغيرُ
( فشأنُ المَرءِ ما يُبديهِ عَبدٌ = وشأنُ اللهِ ما تُخفي الصُّدور )
وُقيتَ من العَواقِبِ يا أميري = إذا صَارت إلى الله الأُمور
ولُقِّيتَ التَّحِيُّةَ من إلهٍ = لَطيفٍ بالعبادِ بهم خبير
(1) أبو الفرات : الجواهري ، والأشارة لبيعة شوقي
د. جهاد بني عودة