المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايةٌ ما ..



أحمد عيسى
06-06-2012, 10:03 PM
حكايةٌ ما
قصر الموت .


أحمد عيسى

هذا القصر كله لك !
ينظر أصدقائي إلى القصر المنيف الذي يبدو من بعيد ، جدرانه بيضاء كأنه جاء من قلب التاريخ ، بواباته هائلة ، والسماء فوقه تبدو كأنها حفته بعناية خاصة ، تجمعت حوله سحاباتها وأمطرته بوابل خفيف من المطر ، فبدا متفرداً عظيما .
نعم انه لي ، هل ترغبون في رؤيته ؟
هزوا جميعاً رؤوسهم علامة الإيجاب ، فتناولت مفاتيحي من فوق مكتبي ، ورفعتها أمامهم ليرونها ، فأبدوا جميعاً انبهارهم ، رغم أنهم لم يشاهدوا بعد سوى مفتاح عادي لا يختلف حتى بالحجم عن مفتاح المكتب ..
هيا بنا ، وانطلقنا جميعاً إلى حيث يقبع القصر شامخاً ، الطريق تبدو فارغة إلا من متسولين وهاربين من قوى الأمن ، الطريق تبدو خارجة من العصر الحالي ، كأنها مجرد لمحة من عالم الماضي ، سيارات قديمة متهالكة ، وإطارات مشتعلة ، ومحال مغلقة بالشمع الأحمر ، وجثثٌ ليس لها عنوان ، ودخان يتصاعد في السماء ليغطي المدينة بهالة مقيتة .
تبتعد إحدى صديقاتي في تأفف عن إحدى الجثث ، فترتطم بي .
أسماء .. زوجة صديقي الأغلى على قلبي ، لم أكن أعرف أنها تمتلك هذا الجسم الرقيق ، أمد يدي لأمسكها من خاصرتها ، وأبدو كأني فقط أساعدها على التماسك ، بينما بركانٌ هائل يتداعى في مشاعري ، لولاه لكانت لي ..
أمام بوابة القصر وقفنا ، أشارت أسماء إليه : ها هو ذا
وانقضت عليه تضرب الباب بقبضتيها ، فقلت ضاحكاً : لماذا تدقين الباب ؟
فقالت : ألم تخبرنا مسبقاً أن هناك خدماً ؟
قلت : أخبرني والدي بهذا وأخبره جده بهذا ، خدم كبار ربما لم يموتوا بعد ، وربما تحللت جثثهم ، لكني في جميع الأحوال أعلم أنهم لن يفتحوا الأبواب لأحد ، لن يخاطروا بأن تبدو خيرات القصر لكل هؤلاء المحرومين ..
وأخرجت مفتاحي ، وبدأت أديره في الباب فلم يفلح الأمر في البداية ، فككته وأعطيته لزميلي أشرف وانطلقت إلى الباب الآخر أحاول به ولم ينجح الأمر أيضاً ، ناديت على أشرف : هل نجح الأمر ؟
فرد : ليس بعد ، لكني أشعر أن المفتاح سينكسر داخل هذا الباب .
تسلقت أسماء على إطار نافذة غرفة الحراسة ، ومدت يديها إلى أشرف ومها ، فصاروا مثلها ، وبدأوا جميعاً في التحرك فوق الإطار ، حتى اقتربوا من النافذة المغلقة ، وبدأت أسماء تحاول كسرها .
يبدو أننا تجاوزنا الحدود ، على الأقل هم فعلوا ، متوتراً صرت أحاول بمفاتيحي واحداً وراء الآخر ، حتى انفتح الباب أمامي ، لكن المفتاح انكسر داخل الباب ، فلم أعد قادرا على إغلاقه ، ذهبت إلى الباب الآخر ، فوجدت المفتاح الذي أعطيته لأشرف عالقاً هو الآخر في الباب ، حاولت إخراجه فانكسر أيضاً داخل الباب ، ووجدت أن باستطاعتي فتح الباب ، دخلت إلى القصر كالمنتصر ، فوجدت الخادم العجوز يهرع لي ، ماذا فعلت أيها التعس ؟
وأمسكني من تلابيبي وصار يهزني بقوة كأنه يريد قتلي ، أبعدته عني في تأفف ، انه قصري وهذه مفاتيحي ، لقد ورثته عن والدي .. يستمر بالإمساك بي بكل ما يمتلك من قوة رغم ضعفه الجسدي : ورثت ماذا أيها التعس ؟
أبعدته عني ، وكان الآخرون قد وصلوا ، فصاح الخادم في لهجة آمرة :
- أغلقوا الأبواب ، بسرعة قبل أن يأتينا كل متطفل في هذه المدينة .
حاولنا إغلاق الأبواب ففشلنا ، وقلت أنا بخجل : أعتقد أن المفاتيح انكسرت داخل الأبواب ، ولم يعد إغلاقها بالقفل ممكناً .
ضرب الخادم خديه بقبضتيه كأنه يلكم نفسه ، وصار يولول كامرأة فقدت بعلها ، وبدأ يركض في كل مكان ، يأتي بكل حجر أو قطعة حديد أو نحاس في القصر ، ويرميها أمام البوابات ، وقال وهو يكاد يبكي :
استعدوا إذاً لاستقبال ثورة ..
وعاد ليمسكني من تلابيبي مرة أخرى : وإياك أن يدخل القصر واحد منهم حياً .. أريدهم جميعاً أمواتا
تجمعنا أمام البوابات المفتوحة ، وصنعنا بأجسادنا نصف دائرة أمام كلاً منها ، وأمام عيوننا الذاهلة كانت الجموع تقترب ، طلب الخادم مني مذعوراً أن نلقي بجذع شجرة النخل أمام البوابة ففعلنا ، وانتظرنا
أجساد بشرية أو شبه بشرية تحاول اجتياز النخلة ، ومع التدافع يتساقطون فوق بعضهم فيؤخرون تقدمهم ، وعندما ينجح أحدهم في ذلك يعاجلهم رئيس الخدم بحجر فوق رأسه فيسقط في الحال .
لاحظت أن أجسادهم هشة وأن أي ضربة تكفي لقتلهم ، بدأت أستسيغ الأمر ، ومع الوقت وجدت أن زملائي جميعاً يستمتعون بالأمر ، الجثث تتراكم حتى صنعت أمامنا حائطاً طويلاً صار يمنعهم هم من الاقتراب أكثر ..
وبين الحين والآخر أجد أحدهم فيصرخ رئيس الخدم : انتبه .. انه أمامك
فأرمي الحجر الذي في يدي بحركة تلقائية لأجد هذا الشيخ يسقط أمامي ، أو تلك الفتاة أو هذا الطفل ، صارت الأجساد متشابهة متداخلة .
شق ذلك الشاب الطريق بقوة جسدية يحسد عليها ، وقفز فوق الأجساد المتراصة ، حتى كاد يصلني ، تراجعت للخلف فاقترب مني أكثر ، شعرت نفسي عاجزاً أمام نظراته التي اخترقت جمجمتي ..
نظر لي في توسل ، فلم أفعل شيئاً سوى الصمت ، طالت نظرة السكوت بيننا ، فمد يده على اتساعها ، وتناول تلك الزجاجة الفارغة من يدي ، وضرب رأسه بها –أمام عيني الذاهلتين – ووضع ما تبقى من زجاج داخل فمه وهو يتساقط أرضاً .
صرخت في رئيس الخدم : لقد جاءوا ينتحرون ، لم نكن نقتلهم لندافع عن أنفسنا ، كنا نلبي رغباتهم وحسب .
لم يرد رئيس الخدم ، ولم أسمع جواباً من زملائي ، غير أن القصر صار أرحب ، أكثر اتساعاً كأنه مدينة .

فاطمه عبد القادر
07-06-2012, 01:29 AM
صرخت في رئيس الخدم : لقد جاءوا ينتحرون ، لم نكن نقتلهم لندافع عن أنفسنا ، كنا نلبي رغباتهم وحسب .
لم يرد رئيس الخدم ، ولم أسمع جواباً من زملائي ، غير أن القصر صار أرحب ، أكثر اتساعاً كأنه مدينة .


السلام عليكم أخي أحمد عيسى
إنها حقا حكاية واقعية من وحي الخيال
حكاية لذيذة سلسة ممتعة ومؤلمة في الوقت ذاته
هل القصر كان قصر الجمهورية الذي هو ملك الشعب أصلا أبا عن جد ؟؟وقد استولت عليه زمرة حاكمة حتى صار ملك لها ولا دخل لأحد فيه ؟
هل الجموع المتدافعة التي كانت تود الدخول لقصر الحكم هذا ,هو الشعب الذي جاء دون خطة مسبقة وكأنه جاء ينتحر فقط؟؟
هل بطل القصة كان من الشعب العادي ؟ أم سليل حكومة قد مضت ؟
المهم أن هذا القصر المشؤوم صار أرحب
أتمنى أن يكون للجميع ,,,حتى يحكم الشعب نفسه بنفسه
أتمنى أن يمتلىء بالأحزاب أو ممثلين عن أحزاب تمثل كل فئات الشعب
ساعتها ستتحقق العداله الاجتماعية وسيكون لكل فرد من يدافع عن حقه داخل القصر ,هذا إن لم يتفق جميع من فيه على الشعب
شكرا لك أخي
حكاية رائعة
ماسة

محمد النعمة بيروك
07-06-2012, 04:27 AM
إنها بالفعل حكاية ما.. كأن العنوان إيذان لـ"تيه" ما، يجعلنا نقول إنها حكاية وحسب.. وربما لأنها كل الحكايات..
إنها قصة سوريالية بامتياز، تتوخى ما وراء الكلمات والحركات.. كتلة من الإيحاء والترميز في الكلمات، وفي ما بين السطور..

أقرأ في هذا النص مبلغ الموت الذي فاق كل تصور في "الربيع" العربي، والاستهانة بالأرواح العربية في زمن الهزائم "لاحظت أن أجسادهم هشة وأن أي ضربة تكفي لقتلهم" كأن النص محاولة مجنونة لفهم ما يحدث..
قد لا يكون البطل سوى أحد اللزعماء العرب الآيلين للسقوط، وقد لا يكون الأصدقاء سوى الحاشية التي لادور لها سوى الإعجاب والتصفيق بالقائد الملهم، وقد لا يكون العجوز سوى القوى الشريرة التي تدفع الحاكم للتمادي في جوره و "الدفاع عن قصره"..

ربما هو تأويل خاص.. لكنني بالتأكيد استمتعتُ بهذا النص قراءة ونقدا..

الملاحظة التنظيمية الوحيدة هي عدم لصق النقط والفواصل بالكلمات التي تسبقها، مما جعلها تقفز وحيدة في صفحتي مثلا إلى السطور، مما أربك المنظر الخارجي للنص.

تحياتي.

آمال المصري
07-06-2012, 05:37 PM
قد انكسرت كل وسيلة لغلق أبواب الثورة مرة أخرى
ولم يعد أمامهم سوى الاستمرار وأن تكون أبوابا الأمل والخير لا أبواب الموت
نص رائع أخي أحمد وحكاية تألقت في نسجها
دام ألقك
تحاياي

نداء غريب صبري
07-06-2012, 10:51 PM
حكاية من أعماق الواقع
ورموز نعرفها جيدا، وقتلة صاروا مكشوفين

وقصة جميلة
شكرا لك أخي

بوركت

أحمد عيسى
07-06-2012, 11:35 PM
صرخت في رئيس الخدم : لقد جاءوا ينتحرون ، لم نكن نقتلهم لندافع عن أنفسنا ، كنا نلبي رغباتهم وحسب .
لم يرد رئيس الخدم ، ولم أسمع جواباً من زملائي ، غير أن القصر صار أرحب ، أكثر اتساعاً كأنه مدينة .


السلام عليكم أخي أحمد عيسى
إنها حقا حكاية واقعية من وحي الخيال
حكاية لذيذة سلسة ممتعة ومؤلمة في الوقت ذاته
هل القصر كان قصر الجمهورية الذي هو ملك الشعب أصلا أبا عن جد ؟؟وقد استولت عليه زمرة حاكمة حتى صار ملك لها ولا دخل لأحد فيه ؟
هل الجموع المتدافعة التي كانت تود الدخول لقصر الحكم هذا ,هو الشعب الذي جاء دون خطة مسبقة وكأنه جاء ينتحر فقط؟؟
هل بطل القصة كان من الشعب العادي ؟ أم سليل حكومة قد مضت ؟
المهم أن هذا القصر المشؤوم صار أرحب
أتمنى أن يكون للجميع ,,,حتى يحكم الشعب نفسه بنفسه
أتمنى أن يمتلىء بالأحزاب أو ممثلين عن أحزاب تمثل كل فئات الشعب
ساعتها ستتحقق العداله الاجتماعية وسيكون لكل فرد من يدافع عن حقه داخل القصر ,هذا إن لم يتفق جميع من فيه على الشعب
شكرا لك أخي
حكاية رائعة
ماسة



الأخت الأديبة المبدعة : فاطمة
\
أحسنت وأجدت في تفسير رموز كثيرة بالنص
لا أحب تفسير نصوصي لأن التفسر يقتل النص
ناهيك أن النص الذي يحتاج الى تفسير من صاحبه هو نص به خلل ما
فصاحبه لم ينجح بتوصيل الفكرة
وأتمنى أن أكون قد نجحت بايصالها
حتى ولو برمزية ما
مثلما كانت هي حكاية ما
ولو أردت أن أرمز الى دولة بعينها
لما كانت حكاية ما

\

تقديري لك

وليد عارف الرشيد
08-06-2012, 05:42 AM
جميلة متألقة كعدنا بك أديبنا المتألق الشاعر أحمد
قصة تشد وتسحر وإسقاطاتها متعددة ومدهشة وسليلة واقعٍ معاش ومتكرر مع الحفاظ على النسق الحكائي المتميز لغةً وإحساسًا وسردًا وتصويرا
سعدت بصحبة هذا الألق
محبتي وتقديري كما تعرفهما أخي المبدع

سمر احمد المكاوى
10-06-2012, 03:49 PM
قصة جميلة وممتعه حقا تحاكى الواقع بخاليه متميزه تتحدث عن الربيع العربى واحداثه المتواليه المؤسفه بشكل مختصر جميل

أحمد عيسى
10-06-2012, 09:46 PM
إنها بالفعل حكاية ما.. كأن العنوان إيذان لـ"تيه" ما، يجعلنا نقول إنها حكاية وحسب.. وربما لأنها كل الحكايات..
إنها قصة سوريالية بامتياز، تتوخى ما وراء الكلمات والحركات.. كتلة من الإيحاء والترميز في الكلمات، وفي ما بين السطور..

أقرأ في هذا النص مبلغ الموت الذي فاق كل تصور في "الربيع" العربي، والاستهانة بالأرواح العربية في زمن الهزائم "لاحظت أن أجسادهم هشة وأن أي ضربة تكفي لقتلهم" كأن النص محاولة مجنونة لفهم ما يحدث..
قد لا يكون البطل سوى أحد اللزعماء العرب الآيلين للسقوط، وقد لا يكون الأصدقاء سوى الحاشية التي لادور لها سوى الإعجاب والتصفيق بالقائد الملهم، وقد لا يكون العجوز سوى القوى الشريرة التي تدفع الحاكم للتمادي في جوره و "الدفاع عن قصره"..

ربما هو تأويل خاص.. لكنني بالتأكيد استمتعتُ بهذا النص قراءة ونقدا..

الملاحظة التنظيمية الوحيدة هي عدم لصق النقط والفواصل بالكلمات التي تسبقها، مما جعلها تقفز وحيدة في صفحتي مثلا إلى السطور، مما أربك المنظر الخارجي للنص.

تحياتي.

القدير : محمد النعمة بيروك

اقتربت كثيراً مما أردت أنا قوله ، وبالتأكيد أعتقد أن النص وصلك بشكل مباشر
وهذا يعني أن الرموز ليست غامضة الى هذا الحد
في معرض مناقشة القصة عمدت الى تحليل بعض الأشياء
الأول : الرمزية
الثاني : البعد الأسطوري

أولاً@ الرمزية

فبالنسبة للرمز فهو جنس أدبي مستقل في القصة القصيرة يسمى القصة الرمزية
وله جمهوره ومحبيه وكتابه
تقول فريزير "ليس الرمز شيئا أو إشارة تتحدد ولكنه وسيلة فنية بها يسعنا أن نوحي أو نعبر عن أية حالة من الحالات النفسية، وكل ما في الكون ينزع إلى أن يكون رمزيا"
والرمز وسيط تجريدي بين عالم الواقع وعالم الخيال وكل ابداع فني هو رمز
يرى أرسطو أن : الكلمات المنطوقة رموز لحالات النفس والكلمات المكتوبة رموز لكلمات منطوقة
. أما بالنسبة لفرويد فإن قيمة الرمز بمدى دلالته على الرغبات المكبوتة في اللاشعور، نتيجة الرقابة الاجتماعية والأخلاقية وقد أدى توظيف الرمز كأولوية في مختلف وجهات النظر إلى ظهور أنماط متعددة لاتجاهات الرمز (ميتافيزيقية، نفسية، أسطورية
ولجأ للرمزية كتاب معروفون مثل
نجيب محفوظ في قصة "همس الجنون" ويوسف ادريس في "الخدعة" ويحي الطاهر عبد الله في "قفص لكل الطيور" وجمال الغيطاني في "الغرق في البر". وزكريا تامر في : النمور في اليوم العاشر .. وغيرها
وهناك رموز أصبحت مثل تيمة معروفة ، مثل الزيتون الذي يرمز للسلام ، المرأة التي ترمز للأرض والانتماء ، السحب ترمز للمأساة ، المفتاح يرمز للعودة ،
لكن المجال يكون دائماً رحباً للابداع في رمزية جديدة تصل بالمتلقي الى الشعور بالحالة المعاشة وتفسيرات الرمز وعلاقته بها
عن محمد فتوح ، الرمز والرمزية ، بتصرف وبعض المواقع

الثاني : الأسطورة

فاني أرى أن الأسطورة لم تكن حاضرة هنا ، الا من خلال الجو العام للنص لا أكثر ، جو القصر والخدم والسور العالي ، مذكراً ربما بسور طروادة
لكن الأسطورة بذاتها غير حاضرة
ولو بحثنا معاً عن تعريف الأسطورة لتذكرنا قول بول ريكو : الاسطورة : حكاية تقليدية ، تروي وقائع حدثت في بداية الزمان ، متفقاً مع الفيلسوف الفرنسي جيلبار دوران الذي يعرفها بأنها (( نظم لوقائع رمزية في مجرى الزمان )) .
والاشارة هنا ليست لأحداث في بداية الزمن ، وليست أسطورة حقيقية تدخلنا الى عالم الماورائيات ، انما دخلت عالم الفانتازيا النفسية ، لنعيش بنفسية هذا الوريث ، الذي يرى حسب رؤيته هو أن أجساد المقتحمين كانت هشة ، وأن أي ضربة تكفي لقتلهم ، لكنه لم يسأل نفسه عن السلاح المستخدم للقتل ، ولم يسأل السؤال الأهم وهو يقتل ، عن المبرر لذلك ...


قرأت تحليلات كثيرة للرمزية في القصة ، ومحاولات تفسيرها
وسوف أعتبر نفسي قارئ وليس صاحب النص وأعطي لنفسي الحق في محاولة التفسير هذه

حالة الترميز هنا يمكن تفسيرها كالتالي
الراوي- الوريث : الحاكم الذي يرث السلطة دون أحقية فعلية بها
الزملاء – الأصدقاء : وهم الحاشية الذين يتبعون الوريث ويشجعونه على ما يفعل بل وأنهم كانوا حريصون على دخول القصر أكثر من الوريث نفسه ، ودلالة هذا عندما تسلقوا النافذة متعجلين سرعة الدخول .
رئيس الخدم : وهو النظام الذي كان قبل الوريث ويستمر بعده ، وهو الذي يحرص على استمراره مهما حدث وهو نظام هرم عجوز
القصر : وهو عاصمة البلاد-عاصمة السلطة – القوة –مكان الحكم
المقتحمون : وهم الشعب الذي يقرر الثورة وعدم الصمت
المفاتيح : وسيلة الوريث لتسلم الحكم بسلاسة ، ليكتشف عدم فاعليتها حين تنكسر المفاتيح ، فيكون اقتحام القصر قد تم عنوة ، دون وسيلة للرجوع –انكسار المفاتيح يشبه من يحطم خلفه كل سبل العودة مرة أخرى من الطريق التي بدأها


أما بالنسبة للقفلة
القفلة كانت بجملة / لم أسمع جواباً من زملائي ، غير أن القصر صار أرحب ، أكثر اتساعاً كأنه مدينة ، وهي محاولة مني لتفسير الأمر ، والجنوح من الرمزية الى التفسير ، ولا أعتقد يخفى عليكم رائعة زكريا تامر : النمور في اليوم العاشر ، حين قال في نهاية قصته الرمزية ،
: وفي اليوم العاشر إختفى المروض وتلاميذه والنمر والقفص فصار النمر مواطناً والقفص مدينة.


تقديري

أحمد عيسى
13-06-2012, 10:16 PM
قد انكسرت كل وسيلة لغلق أبواب الثورة مرة أخرى
ولم يعد أمامهم سوى الاستمرار وأن تكون أبوابا الأمل والخير لا أبواب الموت
نص رائع أخي أحمد وحكاية تألقت في نسجها
دام ألقك
تحاياي

الزميلة الفاضلة : آمال المصري

نأمل أن يكون في الاستمرار خير ، وأن يكون القصر للخير لا للموت

شكرا لمرورك الراقي

تقديري

ربيحة الرفاعي
28-10-2014, 10:43 AM
مدهش

نزوع بارع للتضمين السياسي في النص تملكني بجماليته حتى الخاتمة بالقصر الرحيب والدلالة القوية الصادمة
أحسنت اختيار الرموز وتوظيفها بحرفية قصية عالية ، جعلتنا نرى المشاهد التي تطاردنا بها الفضائيات مرسومة على سطور قصتك

تحيتي لروعة الحرف ورسالته ومعانيه

دمت بألق
تحاياي

خلود محمد جمعة
13-11-2014, 07:34 AM
إعطاء الواقع صورة أسطورية ربما للخرافات التي تحدث برمزية عالية الجودة الى نهاية برسالة أوصلها الكاتب بوضوح
فن رسم الابجدية تقنية لا يجيدها الا المبدعون
بوركت ودام الألق
كل التقدير وشديد إعجابي

رويدة القحطاني
22-02-2015, 12:17 AM
قصة لها قراءة مختلفة بين الأمس واليوم
وأنا أقرأها اليوم بعد ما حدث في اليمن ومصر وسوريا وليبيا .. وأتساءل كيف كانت قراءتها قبل أن نعرف ما كان مخبأ؟

ناديه محمد الجابي
31-05-2018, 05:19 PM
هى حكاية ممتعة.. بلغة متينة ومعالجة ذكية حملت عمق الفكرة بتصويرأسطوري
مضمون القصة سهل الوصول إليه رغم الرمزية العالية
يحلو الغوص في قيعان إبداعك أيها الأديب الرائع.
:sb::sb: