مشاهدة النسخة كاملة : نظرات نقدية في مرويات وأحداث تاريخية ..
بهجت عبدالغني
01-06-2012, 01:23 PM
نظرات نقدية في مرويات وأحداث تاريخية ..
إهداء إلى الأخت العزيزة والشاعرة القديرة نادية بوغرارة
نزولاً عند رغبتها في فتح صفحة جديدة لنقد الروايات التاريخية ..
بداية ..
كثيرة هي الروايات التاريخية التي تحتاج إلى مراجعات مستمرة ، فتاريخنا الإسلامي تعرض إلى الكثير من التشويه والتحريف على يد أطراف متعددة ، سياسية كانت أم دينية ..
وها هو الإمام المجتهد الطبري يقول في مقدمة تاريخه ، معتذراً عن الروايات المغلوطة التي ضمها كتابه ، معللاً ذلك بأنه أداها على نحو ما أدي إليه :
( فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا ) .
مما يدل على وجود الروايات الضعيفة والموضوعة التي دسها من له مصلحة في ذلك ..
وبما أن التاريخ يمثل ذاكرة الأمة التي تستلهم منها حاضرها لتبني مستقبلها ، فإن غربلتها وتصفيتها من الشوائب ضرورة لا بد من القيام بها ..
وبالطبع فلسنا هنا بصدد مراجعة نقدية تاريخية شاملة ، فتلك من عمل المتخصصين الذين وضعوا جهودهم وأوقاتهم في سبيل ذلك..
إننا هنا نضع بعض العلامات على الطريق ، نماذج علّها تفتح باباً للحقيقة التي ننشدها ..
كما أن الصفحة مفتوحة لكل جهد صادق يريد أن يكون مشاركاً في بناء الأمة .. تاريخها .. حاضرها ومستقبلها ..
بهجت عبدالغني
01-06-2012, 01:23 PM
فهرس للمواضيع التي طرحت للمراجعة والنقاش :
1 ـ وأد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته في الجاهلية .
2 ـ في دومة الجندل .. ماذا حصل ؟
3 ـ موقعة الجمل .. أرقام ومواقف ..
4 ـ من أمر الوحشي بقتل حمزة ؟
5 ـ شبهات حول عثمان بن عفان رضي الله عنه .
6 ـ شبهة كثرة مرويات أبي هريرة رضي الله عنه .
7 ـ شبهة كون حسان بن ثابت رضي الله عنه جباناً .
8 ـ شخصية .. قصة العوام عيسى .
9 ـ هل قتل محمد الفاتح أخاه الرضيع ؟
10 ـ لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( بحيرا الراهب ) .
11 ـ عمر أمّنا خديجة رضي الله عنها عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم .
بهجت عبدالغني
01-06-2012, 01:24 PM
( 1 )
وأد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته في الجاهلية
الرواية هي :
( جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : أمران في الجاهلية . أحدهما : يبكيني والآخر يضحكني .
أما الذي يبكيني : فقد ذهبت بابنة لي لوأدها ، فكنت أحفر لها الحفرة وتنفض التراب عن لحيتي وهي لا تدري ماذا أريد لها ، فإذا تذكرت ذلك بكيت . والأخرى : كنت أصنع إلهاً من التمر أضعه عند رأس يحرسني ليلاً ، فإذا أصبحت معافى أكلته ، فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي ) .
نقد الرواية :
1 ـ هذه الرواية إن صحت ـ وهي غير صحيحة كما سيأتي ـ لم تكن مطعناً في عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لأنه فعل ذلك في الجاهلية ، والإسلام يجب ما قبله ، بل كانوا يفعلون أعظم من ذلك وهو عبادة الأصنام والأوثان ، وكما يقولون ليس بعد الكفر ذنب .
2 ـ يقول الدكتور عبد السلام بن محسن آل عيسى في ( دراسة نقدية في المرويات في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية): وأما عمر رضي الله عنه فقد ذكر عنه أنه وأد ابنة له في الجاهلية ، ولم أجد من روى ذلك عن عمر فيما اطلعت عليه من المصادر ..
3 ـ ولدت حفصة بنت عمر رضي الله عنهما في الجاهلية ، كما في المستدرك عن عمر رضي الله عنه قال : ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه و سلم بخمس سنين .
قال ابن كثير في البداية والنهاية : قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان ابن مظعون فولدت له عبدالله وعبدالرحمن الأكبر وحفصة رضي الله عنهم .
فلماذا أبقى عمر عليها ولم يئدها ، كما وأد الصغرى ؟
4 ـ وقد شكك عباس محمود العقاد في كتابه ( عبقرية عمر ) في صحة هذه القصة ، لأن الوأد لم يكن عادة شائعة بين العرب ، وكذلك لم يشتهر في بني عدي ، ولا أسرة الخطاب التي عاشت منها فاطمة أخت عمر ، وحفصة أكبر بناته .
5 ـ لماذا انقطعت أخبارها فلم يذكرها أحد من إخوانها وأخواتها ، ولا أحد من عمومتها وخالاتها ، ولم يذكرها كذلك أحد من أولاد عمر رضي الله عنه .
6 ـ المفاجأة أن عمر رضي الله عنه كان يكنى بـ ( أبي حفصة ) ، أي لم يكن عنده مشكلة مع البنات أصلاً ..
بهجت عبدالغني
01-06-2012, 01:24 PM
( 1 )
وأد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته في الجاهلية
الرواية هي :
( جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : أمران في الجاهلية . أحدهما : يبكيني والآخر يضحكني .
أما الذي يبكيني : فقد ذهبت بابنة لي لوأدها ، فكنت أحفر لها الحفرة وتنفض التراب عن لحيتي وهي لا تدري ماذا أريد لها ، فإذا تذكرت ذلك بكيت . والأخرى : كنت أصنع إلهاً من التمر أضعه عند رأس يحرسني ليلاً ، فإذا أصبحت معافى أكلته ، فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي ) .
نقد الرواية :
1 ـ هذه الرواية إن صحت ـ وهي غير صحيحة كما سيأتي ـ لم تكن مطعناً في عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لأنه فعل ذلك في الجاهلية ، والإسلام يجب ما قبله ، بل كانوا يفعلون أعظم من ذلك وهو عبادة الأصنام والأوثان ، وكما يقولون ليس بعد الكفر ذنب .
2 ـ يقول الدكتور عبد السلام بن محسن آل عيسى في ( دراسة نقدية في المرويات في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية): وأما عمر رضي الله عنه فقد ذكر عنه أنه وأد ابنة له في الجاهلية ، ولم أجد من روى ذلك عن عمر فيما اطلعت عليه من المصادر ..
3 ـ ولدت حفصة بنت عمر رضي الله عنهما في الجاهلية ، كما في المستدرك عن عمر رضي الله عنه قال : ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه و سلم بخمس سنين .
قال ابن كثير في البداية والنهاية : قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان ابن مظعون فولدت له عبدالله وعبدالرحمن الأكبر وحفصة رضي الله عنهم .
فلماذا أبقى عمر عليها ولم يئدها ، كما وأد الصغرى ؟
4 ـ وقد شكك عباس محمود العقاد في كتابه ( عبقرية عمر ) في صحة هذه القصة ، لأن الوأد لم يكن عادة شائعة بين العرب ، وكذلك لم يشتهر في بني عدي ، ولا أسرة الخطاب التي عاشت منها فاطمة أخت عمر ، وحفصة أكبر بناته .
5 ـ لماذا انقطعت أخبارها فلم يذكرها أحد من إخوانها وأخواتها ، ولا أحد من عمومتها وخالاتها ، ولم يذكرها كذلك أحد من أولاد عمر رضي الله عنه .
6 ـ المفاجأة أن عمر رضي الله عنه كان يكنى بـ ( أبي حفصة ) ، أي لم يكن عنده مشكلة مع البنات أصلاً ..
عايد راشد احمد
02-06-2012, 01:15 AM
السلام عليكم ورحمة الله
استاذنا الكريم
نظرات ومراجعة قيمة وان شاء الله تستمر فيها
جهد طيب ومحل تقدير وانتظار
بارك الله لك وفيك
تقبل مروري وتحيتي
بهجت عبدالغني
02-06-2012, 09:44 AM
استاذنا العزيز عايد راشد احمد
أشكرك لحضورك هنا
وبارك الله فيك
ان شاء الله المراجعات مستمرة ..
وأطلب كذلك من الإخوة المشاركة حتى نستفيد جميعاً
دمت بخير وعافية ..
بهجت عبدالغني
02-06-2012, 09:47 AM
( 2 )
في دومة الجندل .. ماذا حصل ؟
تقول الروايات أن عمرو بن العاص ( مبعوث معاوية ) وأبا موسى الأشعري ( مبعوث علي ) التقيا في دومة الجندل للنظر في أمر علي ومعاوية ، فاتفقا على خلعهما وترك الأمر ليختار الناس غيرهما ، ثم إنهما لما خرجا ليبلغا الاتفاق ، قدم عمرو أبا موسى ليتكلم أولاً ، فقال له ابن عباس ويحك والله إني لأظنه قد خدعك إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك ثم تكلم أنت بعده فان عمراً رجل غادر ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه فإذا قمت في الناس خالفك .
وكان أبو موسى مغفلاً فقال له إنا قد اتفقنا فتقدم أبو موسى فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر قد جمع رأيي ورأى عمرو عليه وهو أن نخلع علياً ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم وإني قد خلعت علياً ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً . ثم تنحى .
وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه وقال إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولى عثمان بن عفان رضي الله عنه والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه .
فقال أبو موسى مالك لا وفقك الله غدرت وفجرت إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث . قال عمرو إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً .
( تاريخ الطبري )
وتفرق الناس في كل وجه إلى بلادهم فأما عمرو وأصحابه فدخلوا على معاوية فسلموا عليه بتحية الخلافة وأما أبو موسى فاستحيى من علي فذهب إلى مكة ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي فأخبراه بما فعل أبو موسى وعمرو فاستضعفوا رأي أبي موسى وعرفوا أنه لا يوازن عمرو بن العاص فذكر أبو مخنف عن أبي حباب الكلبي أن عليا لما بلغه ما فعل عمرو كان يلعن في قنوته معاوية وعمرو بن العاص وأبا الأعور السلمي وحبيب ابن مسلمة والضحاك بن قيس وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد والوليد بن عتبة فلما بلغ ذلك معاوية كان يلعن في قنوته علياً وحسناً وحسيناً وابن عباس والأشتر النخعي .
( البداية والنهاية لابن كثير )
نقد الرواية :
1 ـ بالله عليكم .. هل من المعقول أن ينزل المستوى بالصحابة إلى هذا الحد الذي يأنفه عوام الناس ؟
أهكذا تعلموا من مدرسة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ؟
فجرت .. كلب .. حمار .. لعن .. وهل كان أبو موسى مغفلاً !!
كلا ثم كلا ثم كلا .. أكاذيب لفقها أصحاب الأغراض الدنيئة والمصالح القذرة ..
يقول الصلابي :
( ولو لم يكن في هذه الروايات إلا الاضطرابات في متنونها لكفاها ضعفًا ، فكيف إذا أضيف إلى ذلك ضعف أسانيدها ) .
2 ـ إن جميع طرقها ضعيفة, وأقوى طريق وردت فيه هو ما أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند رجاله ثقات عن الزهري مرسلاً ، والزهري لم يدرك الحادثة فهي مرسلة , ومراسيله كأدراج الرياح لا تقوم بها حجة , كما قرر العلماء. وهناك طريق أخرى أخرجها ابن عساكر بسنده إلى الزهري وهي مرسلة وفيها أبو بكر بن أبي سبرة قال عنه الإمام أحمد: كان يضع الحديث , وفي سنده أيضًا الواقدي, وهو متروك . ( سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، علي محمد الصلابي ) .
ويقول ابن كثير في الرواية التي أوردها : ولا يصح هذا ..
3 ـ معاوية لم يكن يومئذٍ خليفة حتى يخلعه عمرو أو يثبته ( العواصم من القواصم لابن العربي ) .
وأن معاوية كان يقرّ بفضل علي عليه وأنه أحق بالخلافة منه, فلم ينازعه الخلافة ولا طلبها لنفسه في حياة علي, فقد أخرج يحيى بن سليمان الجعفي بسند جيد, عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية: أنت تنازع عليًا في الخلافة, أو أنت مثله؟ قال: لا وإني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر, ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قُتل مظلومًا وأنا ابن عمه ووليه أطالب بدمه؟ فأتوا عليًا فقولوا له: يدفع لنا قتلة عثمان وأسلم له, فأتوا عليًا فكلموه فلم يدفعهم إليه ( فتح الباري لابن حجر . وسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، علي محمد الصلابي ) .
4 ـ هناك روايات تقول إن الحكمين لم يتفقا أصلاً على شيء ولم يخطبا ، وأن أبا موسى أقرّ بأن عثمان قتل مظلوماً .
يقول خليفة بن خياط في تاريخه :
وفيها اجتمع الحكمان أبو موسى الأشعري من قبل علي وعمرو ابن العاصي من قبل معاوية بدومة الجندل في شهر رمضان . ويقال : بأذرح وهي من دومة الجندل قريب فبعث علي ابن عباس ولم يحضره وحضر معاوية فلم يتفق الحكمان على شيء . وافترق الناس .
ويقول المسعودي في مروج الذهب ، بعد أن ذكر روايات :
وقيل: إنه لم يكن بينهما غير ما كتباه في الصحيفة وإقرار أبي موسى بأن عثمان قتل مظلوماً وغير ذلك مما قدمنا، وأنهما لم يخطبا .
5 ـ يقول ابن العربي في العواصم من القواصم :
هذا ـ أي ما حدث بين عمرو وأبي موسى من كلام وسب ـ كله كذب صراح، ما جرى منه حرف قط، وإنما هو شيء اخترعته المبتعدة، ووضعته التاريخية للملوك، فتوارثته أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع .
عبد الرحيم بيوم
03-06-2012, 09:16 AM
تابع اخي الكريم
حييت وبوركت
واقترح حين النقد ان يكون البدء بنقد صحة السند ثم يتلوه نقد المتن
وان يكون العزو بالجزء والصفحة حاضرا ما امكن ذلك
تحياتي اخي بهجت
ملاحظة: بدل "جاء عن عمر" الافضل تصديره بـ"روي عن عمر" جريا على سنن المحدثين بتصديرهم الحديث الضعيف بذلك
عبد الرحيم بيوم
03-06-2012, 09:43 AM
[QUOTE=بهجت الرشيد;710484]
( 2 )
في دومة الجندل .. ماذا حصل ؟
قال الشيخ عثمان الخميس في كتابه حقبة من التاريخ (ص: 191):
"وقصة التحكيم المشهورة هي أن عمرو بن العاص اتفق مع أبي موسى الأشعري على عزل علي ومعاوية، فصعد أبو موسى الأشعري المنبر وقال: أنا أنزع عليا من الخلافة كما أنزع خاتمي هذا، ثم نزع خاتمه، وقام عمرو بن العاص وقال: وأنا أنزع عليا كذلك كما نزعه أبو موسى وكما أنزع خاتمي هذا، وأثبت معاوية كما أثبت خاتمي هذا.
فكثر اللغط، وخرج أبو موسى غاضبا ورجع إلى مكة ولم يذهب إلى علي في الكوفة، ورجع عمرو بن العاص إلى الشام(1).
هذه القصة مزورة مكذوبة، بطلها أبو مخنف الذي ذكرناه أكثر من مرة. والقصة الصحيحة كما رواها أهل الحق: وهي أن عمرو بن العاص التقى مع أبي موسى الأشعري فقال: ما ترى في هذا الأمر؟ قال أبو موسى: أرى أنه من النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم(2)، فقال عمر وبن العاص: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ قال أبو موسى: إن يستعن بكما ففيكما المعونة، وإن يستغن عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما(3). ثم انتهى الأمر على هذا فرجع عمرو بن العاص إلى معاوية بهذا الخبر ورجع أبو موسى إلى علي به.
والرواية الأولى لاشك أنها باطلة لثلاثة أمور:
أولا: السند ضعيف فيه أبو مخنف الكذاب.
ثانيا: خليفة المسلمين لا يعزله أبو موسى الأشعري ولا غيره، إذ لا يعزل عند أهل السنة بهذه السهولة.
فكيف يتفق رجلان على عزل أمير المؤمنين، هذا كلام غير صحيح، والذي وقع في التحكيم هو أنهما اتفقا على أن يبقى علي في الكوفة وهو خليفة المسلمين وأن يبقى معاوية في الشام أميرا عليها، وأن تتوقف الحرب بينهما.
ثالثا: الرواية الصحيحة التي ذكرناها.
------------------------------------------------
(1) « تاريخ الطبري » (4/51)، و« الكامل في التاريخ » (3/168).
وعمرو بن العاص: صحابي جليل هاجر طوعا لا كرها فلم يكن في المهاجرين نفاق لعدم الحاجة إليه، وإنما كان النفاق في أهل المدينة وذلك أن أشراف مكة وكبراءها كانوا كفارا وكان المؤمن يؤذى فأنى يتأتى النفاق؟! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام » رواه أحمد (2/304).
(2) يقصد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(3) انظر تفصيل قضية التحكيم في كتاب « مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري » وقد عزاه إلى « التاريخ الكبير » (5/398). وانظر « تاريخ دمشق » (46/175) - ترجمة: عمرو بن العاص رضي الله عنه.
نادية بوغرارة
05-06-2012, 01:57 PM
نظرات نقدية في مرويات وأحداث تاريخية ..
إهداء إلى الأخت العزيزة والشاعرة القديرة نادية بوغرارة
نزولاً عند رغبتها في فتح صفحة جديدة لنقد الروايات التاريخية ..
=============
شرف لي هذه الهدية الثمينة من مفكر الواحة وأحد رواد البحث فيها ، أخي بهجت الرشيد .
موضوع مهم وتناول ذكي ، أدعو الله أن ينفعنا والمسلمين به ،
وأن يكتب لك الأجر والثواب عن كل حرف تخطه فيه .
وفقك الله لما يحبه ويرضاه .
:hat:
بهجت عبدالغني
05-06-2012, 07:11 PM
شكراً لك أخي الكريم عبدالرحيم صابر
على تعليقك الجميل ، وإثرائك للموضوع
وحياك الله
وقد أخذت بنصيحتك ووثقت النقولات بالجزء والصفحة ..
والشيخ عثمان له باع طويل في هذه القضايا ، وكان محاوراً في برنامج ( الحوار الصريح بعد التراويح ) في قناة المستقلة ..
تحياتي ودعائي ..
بهجت عبدالغني
05-06-2012, 07:14 PM
العفو استاذتنا القديرة نادية
فالفضل ينسب لأهله ..
وفقنا الله جميعاً لما يحب ويرضى
ونسأل الله تعالى القبول
تحياتي ودعائي ..
بهجت عبدالغني
05-06-2012, 07:16 PM
( 3 )
موقعة الجمل .. أرقام ومواقف ..
بلغ عدد جيش علي رضي الله عنه عندما قصد البصرة ليعيد الذين خرجوا إليها ، طالبين بدم الشهيد عثمان رضي الله عنه ، بلغ عدده ( 12 ) ألف رجل ، بينما بلغ عدد الذين كانوا في البصرة ما بين الستة والخمسة آلاف (1) ..
أي أن مجموع الجيشين كان ( 18 ) ألفاً ..
فكم كان عدد القتلى من الفريقين في هذه الموقعة ؟
رواية رقم ( 1 ) تقول :
ـ من أصحاب الجمل من أهل البصرة وغيرهم ثلاثة عشر ألفاً .
ـ من أصحاب على خمسة آلاف .
رواية رقم ( 2 ) تقول :
ـ قُتل من الفريقين عشرون ألفاً .
رواية رقم ( 3 ) تقول :
ـ عدد القتلى اثنين وثلاثين ألفًا .
رواية رقم ( 4 ) تقول :
ـ خمسة عشر ألفًا، خمسة آلاف من أهل الكوفة، وعشرة آلاف من أهل البصرة .
رواية رقم ( 5 ) تقول :
قُتل من الفريقين سبعة آلاف يقول هذا المقلل ، والمكثر يقول : عشرة آلاف .
نقد الروايات :
1 ـ وجود الضعف من ناحية السند في بعض هذه الروايات (2) .
2 ـ من الواضح جداً أن الأرقام مبالغ فيها ..
فالرواية ( 1 ) تقول إن عدد القتلى ( 18 ) ألف ، وذلك يعني أن كل الذين اشتركوا في الموقعة ماتوا !!!
والرواية ( 2 ) و ( 3 ) غير معقولة ولا مقبولة ، لأن العدد الذي قدمتاه أكثر من الذين شاركوا في الموقعة أصلاً !!!
والرواية ( 4 ) فغير معقولة أيضاً ، لأن العدد كبير جداً ، فهل يعقل أن الناجين من موقعة الجمل ألفان فقط !!!
والرواية ( 5 ) فيها عدد القتلى كبير جداً وبعيد عن الواقعية ، وقد ذكرها المسعودي في مروج الذهب فقال :
( وقد تنازع الناس في مقدار من قتل من الفريقين: فمن مقلل ومكثر، فالمقلل يقول: قتل منهم سبعة آلاف والمكثر يقول: عشرة آلاف على حسب ميل الناس وأهوائهم إلى كل فريق منهم ) (3) ..
3 ـ أورد ابن خياط في تاريخه قائمة بعدد القتلى ، تضمنت حوالي ( 50 ) اسماً ، و ( 60 ) شخصاً نسبهم إلى قومهم من غير أن يذكر أسماءهم (4) .
إي يكون المجموع ( 110 ) فقط ..
4 ـ يورد الصلابي في كتابه السابق بأن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل كان ضئيلاً جداً ، ويقدم لذلك أسباباً في غاية المعقولية والواقعية :
ـ قصر مدة القتال . حيث أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أن القتال نشب بعد الظهر ، فما غربت الشمس وحول الجمل أحد ممن كان يذب عنه . أورده الحافظ في الفتح .
ـ الطبيعة الدفاعية للقتال . حيث كان كل فريق يدافع عن نفسه ليس إلا .
ـ تحرج كل فريق من القتال لما يعلمون من عظم حرمة دم المسلم .
ـ قياساً بعدد شهداء المسلمين في معركة اليرموك ـ ثلاثة آلاف شهيد ـ (تاريخ الطبري) ، ومعركة القادسية ـ ثمانية آلاف و خمسمائة شهيد ـ (تاريخ الطبري) ، و هي التي استمرت عدة أيام ، فإن العدد الحقيقي لقتلى معركة الجمل يعد ضئيلاً جداً ؛ هذا مع الأخذ بالاعتبار شراسة تلك المعارك و حدتها لكونها من المعارك الفاصلة في تاريخ الأمم .
أما عن أسباب المبالغة فيقول :
ـ رغبة أعداء الصحابة من السبئية وأتباعهم، في توسيع دائرة الخلاف بين أبناء الأمة التي يجمعها حب الصحاب والاقتداء بهم بعد رسول الله .
ـ إسهام بعض الشعراء والجهلة من أبناء القبائل، في تضخيم ما جرى وتكبيره، ليتناسب مع ما يصنعونه من أشعار ينسبونها إلى بعض زعمائهم وفرسانهم، فضلاً عن وجود قصاص السمر، ورواة الأخبار الذين يجلبون اهتمام الناس بهم، من خلال الأحداث المثيرة التي يتحدثون عنها.
ـ إيجاد الثقة في نفوس أتباع الغوغاء والسبئية لإثبات نجاح خططهم وتدابيرهم (5) .
5 ـ يقول الدكتور هاشم يحيى الملاح في كتابه ( الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة ) :
( إن عدد القتلى كان لا يتجاوز المئات على أبعد تقدير ، غير أن ميول الرواة وأهوائهم قد ضخمت الأعداد فجعلت من المئات آلافاً ، وربما كان ذلك تعبيراً عن إحساسهم بعظم المصيبة التي أصابت المسلمين في هذه الوقعة الأليمة ) (6) .
ومن المواقف المهمة جداً التي تخبرنا بها كتب التاريخ ، التي توضح دور المنافقين والمندسين في التحريض على القتال ، أن الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه بالأمس ، عندما رأوا أن جيش علي وجيش البصرة قد حدث بينهما تفاهم وتوافق وأنهم باتوا على الصلح وباتوا بليلة لم يبيتوا بمثلها للعافية من الذي أشرفوا عليه ، باتوا ـ أي قتلة عثمان ـ بشرّ ليلة باتوها قط قد أشرفوا على الهلكة وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها حتى اجتمعوا على إنشاب الحرب في السر واستسروا بذلك خشية أن يفطن بما حاولوا من الشر فغدوا مع الغلس وما يشعر بهم جيرانهم انسلوا إلى ذلك الأمر انسلالاً وعليهم ظلمة فخرج مضريهم إلى مضريهم وربيعهم إلى ربيعهم ويمانيهم إلى يمانيهم فوضعوا فيهم السلاح فثار أهل البصرة وثار كل قوم في وجوه أصحابهم الذين بهتوهم (7) .
إخوة بعضهم من بعض ..
ولما انتهى القتال وانهزم أهل البصرة صرخ صارخ لعلي: لا يقتل مُدبر، ولا يدفف على جريح، ومن أغلق باب داره فهو آمن، ومن طرح السلاح آمن (8) .
وقال الحسن بن علي يصور الحالة النفسية لعلي رضي الله عنه : لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذُ بي ويقول : يا حسن لودِدتُ أني مت قبل هذا بعشرين حجة أو سنة (9) .
ولما رأى علي محمد بن طلحة بن عبيد الله قتيلاً قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، إن كان ما علمته لشابا صالحاً . ثم قعد كئيباً حزيناً (10) .
وقد زار علياً عمران بن طلحة بن عبِد الله بعد سنين فرحب به علي قائلاً : إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله إخوانا على سررٍ متقابلين (11) .
وعندما جاء قاتل الزبير بين العوام يخبر علياً بقتله حتى يحصل به حظوة ، قال : بشر قاتل ابن صفية بالنار (12) .
..............................
1 ـ عصر الخلافة الراشدة " محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين " ، أكرم بن ضياء العمري ، ص452 .
2 ـ سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، علي محمد الصلابي ، ج2 ، ص71 .
3 ـ مروج الذهب للمسعودي ، ج1 ، ص313 .
4 ـ تاريخه خليفة بن خياط ، ص43 ـ 44
5 ـ سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، علي محمد الصلابي ، ج2 ، ص71 ـ 72 .
6 ـ الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة ، هاشم يحيى الملاح ، ص445 .
7 ـ تاريخ الطبري ، ج3 ، ص517 ـ 518 .
8 ـ عصر الخلافة الراشدة ، أكرم بن ضياء العمري ، ص456 .
9 ـ الفتن لنعيم بن حماد ، ص42
10 ـ أسد الغابة لابن الأثير ، ج5 ، ص102 .
11 ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ، ج5 ، ص480 .
12 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ، ج2 ، ص74 .
سامح عسكر
05-06-2012, 08:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ العزيز بهجت رشيد..في بحوث سابقة رأيت أن شخصية .."القعقاع بن عمرو".. وهمية وليست حقيقية
ما رأيك؟
بهجت عبدالغني
06-06-2012, 12:18 PM
اخي الكريم سامح عسكر
شكراً لحضورك هنا وتفاعلك ..
أما بالنسبة لشخصية القعقاع فراجعت الكتب فرأيت انها تذكر هذه الشخصية ومواقفها في الحروب ..
يدعي البعض ان هذه الشخصية من مخترعات سيف بن عمر ..
وقد وجدت ان الشيخ محمد صالح المنجد قد أوجز ترجمة القعقاع ايجازاً نافعاً ، ذكر فيها الجدل الحاصل في حقيقة وجود هذه الشخصية ..
وهذا نص ما قاله :
الحمد لله
يمكننا تلخيص ما ورد في كتب التاريخ والتراجم عن شخصية القعقاع بن عمرو التميمي في الفقرات الآتية :
أولا : اسمه ونسبه
هو القعقاع بن عمرو بن مالك التميمي ، توسع في تفريع نسبه الإمام الطبري في " تاريخ الأمم والملوك " (3/275) بما لا حاجة إليه في هذا الجواب المختصر .
وأما مولده ونشأته فلم يرد في الأخبار طرف منها ، ولم نجد عند المؤرخين أي حديث عنها .
ثانيا : طبقته
يقال إنه من الصحابة ، لذلك ذكره في الصحابة ابن قانع في " معجم الصحابة " (2/367)، وابن عبد البر في " الاستيعاب " (3/1283)، وابن الأثير في " أسد الغابة " (4/109)، وابن حجر في " الإصابة " (5/342) ذكره في القسم الأول، وَهُم: " من وردت صحبته بطريق الرواية عنه ، أو عن غيره ، سواء كانت الطريق صحيحة، أو حسنة، أو ضعيفة، أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة بأي طريق كان " انتهى.
ولكن ذلك لم يثبت بالدليل الصحيح ، فقد استدل على صحبته بحديثين لا يثبتان :
الحديث الأول : روي عنه أنه قال : قال لي رسول اللَّه صلّى اللَّه تعالى عليه وآله وسلم :
( ما أعددت للجهاد ؟ قلت : طاعة اللَّه ورسوله ، والخيل . قال : تلك الغاية )
رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " (2/367)
الحديث الثاني : كما روي عنه أنه قال :
( شهدت وفاة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ، فلما صلينا الظهر جاء رجل حتى قام في المسجد ، فأخبر بعضهم أن الأنصار قد أجمعوا أن يولوا سعدا - يعني ابن عبادة - ويتركوا عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ، فاستوحش المهاجرون ذلك )
رواه ابن السكن – كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة " (5/343)-.
وكلا هاتين الروايتين في إسنادها سيف بن عمر الضبي التميمي ، وهو في ميزان المحدثين من الضعفاء ، بل قال أبو داود: ليس بشيء . وقال ابن عدي : عامة حديثه منكر . وقال أبو حاتم : متروك . وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات . انظر: " تهذيب التهذيب " (4/295-296)
لذلك قال ابن أبي حاتم رحمه الله :
" قعقاع بن عمرو قال : شهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه سيف بن عمر عن عمرو بن تمام ، عن أبيه عنه ، وسيف متروك الحديث ، فبطل الحديث ، وإنما كتبنا ذكر ذلك للمعرفة " انتهى من " الجرح والتعديل " (7/136)
فالخلاصة أنه لم تثبت صحبته ، فيبقى أنه من كبار التابعين .
لذلك قال ابن عبد البر رحمه الله – عن القعقاع وأخيه عاصم - :
" لا يَصِحّ لهما عند أهل الحديث صُحبة ، ولا لقاء ، ولا رواية ، وكان لهما بالقادسية مشاهد كريمة ، ومقامات محمودة ، وبلاء حسن " انتهى من " الاستيعاب " (2/784)
وقال الصغاني رحمه الله :
" في صحبته نظر " انتهى من " جامع التحصيل " (ص/257)
ثالثا : الثناء عليه بالفروسية والشجاعة
اشتهر القعقاع بن عمرو في كتب التاريخ بفروسيته التي لا تبارى ، وشجاعته في ميادين الجهاد ، وشخصيته القيادية القوية ، حتى روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال :
" لصوت القعقاع بن عمرو في الجيش خير من ألف رجل "
أقدم من ذكر هذه الكلمة – فيما رأينا – ابن الأثير في " أسد الغابة " (4/390)
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال أيضا :
" لا يهزم جيش فيه مثل هذا "
أقدم من ذكر هذه الكلمة – فيما رأينا – أبو علي مسكويه (ت421هـ) في كتابه " تجارب الأمم " (1/332)
وقالوا :
" كتب عمر إلى سعد : أيّ فارس كان أفرس في القادسيّة ؟ قال :
فكتب إليه : إني لم أر مثل القعقاع بن عمرو ، حمل في يوم ثلاثين حملة ، يقتل في كل حملة بطلا " انتهى من " الإصابة " (5/343)
وقال ابن عساكر رحمه الله :
" وكان أحد فرسان العرب الموصوفين وشعرائهم ، شهد اليرموك وفتح دمشق ، وشهد أكثر وقائع أهل العراق مع الفرس ، وكانت له في ذلك مواقف مشكورة ، ووقائع مشهورة " انتهى من " تاريخ دمشق " (49/352)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" هو الّذي غنم في فتح المدائن أدراع كسرى ، وكان فيها درع هرقل ، ودرع لخاقان ، ودرع للنعمان وسيفه ، وسيف كسرى ، فأرسلها سعد إلى عمر . وذكر سيف بسند له عن عائشة أنه قطع مشفر الفيل الأعظم ، فكان هزمهم " انتهى من " الإصابة " (5/344)
وهكذا كانت حياة هذا المجاهد حياة قتالية جهادية ، تفاصيلها ساحات المعارك ، وأخبارها روايات الحروب ، فقد شارك في حروب الردة إلى جانب خالد بن الوليد بحزم وقوة ، وشارك في فتوح العراق وشهد أكبر المشاهد فيها كالقادسية ، وشارك في فتوح الشام وشهد اليرموك ، كما شارك في فتوح مصر ، كما كان صاحب مواقف ثابتة ومعروفة في فتنة الصحابة ، ونحن لسنا بصدد بيان تفاصيل تلك المشاركات ، وتوثيق المصادر التي نقلت مشاركة القعقاع فيها ، فذلك شأن آخر محله الدراسات المتخصصة التاريخية ، ولكننا نود أن نشير هنا إلى جوانب من شخصيته يمكن أن تساعد الباحث على بغيته منها .
رابعا : الثناء عليه لشعره
ومن أهم جوانب شخصية القعقاع أيضا الشاعرية ، فقد امتلأت بطون كتب التاريخ شعرا من شعره ، وكان المؤرخون يأخذون تفاصيل الأحداث من وصفه الدقيق لمجريات المعارك .
يقول الباحث عبد الباسط مدخلي :
" يعتبر القعقاع بن عمرو التميمي من الفرسان الذين قالوا الشعر ، ولم يذكر المؤرخون شيئا عن شعره قبل الإسلام ، وإنما اتفقوا على قوله الشعر بعد إسلامه .
وكان القعقاع من أولئك المتحمسين للفتوحات الإسلامية ، ووجد فيها ضالته عندما اشترك فيها ، وكان له تأثير كبير جعله يقرض الشعر في المعارك والحروب الإسلامية .
ويعد شعره وثيقة تاريخية بالغة الأهمية ، حيث لم يترك معركة اشترك فيها إلا وصورها بشعره تصويرا دقيقا ، يتفق مع الأحداث التاريخية اتفاقا تاما ، ويشيد فيه ببطولته وبطولة إخوانه المسلمين وبلائهم في هذه الفتوح ، حيث نراه قد قرض الشعر في أكثر المعارك التي اشترك فيها في بلاد فارس...ويكاد يكون القعقاع أكثر شعراء الفتوح شعرا ، فله في كل معركة ، وفي كل موقف ، مقطوعة شعرية أو أكثر ، على حسب أهمية الحدث...وأكثر ما يتناول في شعره عبارات الجهاد ، والإيمان بالله ، وطلب الشهادة التي كان يتمناها ، وهو يرجو بذلك وجه الله وجنته التي أعدها للذين يجاهدون في سبيله ، منطلقا في ذلك من قوله تعالى : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) آل عمران/142" انتهى من " القعقاع بن عمرو التميمي ودوره في الفتوح الإسلامية وأحداث عصر الراشدين " – رسالة ماجستير في التاريخ الإسلامي – جامعة أم القرى . (ص/87-88)
خامسا : الجدل في حقيقة وجود هذه الشخصية
لعل أقدم المصادر التي توسعت في الإخبار عن شخصية القعقاع بن عمرو هو الواقدي في كتابه " فتوح الشام "، وأيضا كتب سيف بن عمر الضبي ، ثم تتابعت على ذلك معظم كتب التاريخ الموسعة .
وذلك ما قاد – في ظننا - إلى جدل واسع في عصرنا الحاضر عن حقيقة هذه الشخصية ، ما بين منكر لوجودها ، ومثبت لها .
والحق يقال : إن أخبار القعقاع بن عمرو وسيرته الجهادية لا نكاد نقف عليها إلا من خلال كتب سيف بن عمر الضبي التميمي والواقدي ، وقد سبق بيان كلام النقاد فيهما وأن كلا منهما متروك الحديث لا تقبل رواياته الحديثية .
ولكن هل تقبل رواياتهما التاريخية ؟
ذهب المتأخرون من المحدثين إلى قبول ما يحكيانه على سبيل التاريخ والأخبار ، ولكن بشرطين اثنين :
1- أن لا تتعارض مروياتهما التاريخية مع التاريخ الثابت بالأسانيد والأخبار الصحيحة .
2- أن لا تشتمل هذه الأخبار على الأحكام الشرعية والمسائل العلمية .
فإن تم هذان الشرطان فلا يجد العلماء غضاضة في حكاية كلام كل من سيف بن عمر والواقدي ، ونقل أخبارهما .
لذا يقول الحافظ الذهبي رحمه الله – في سيف بن عمر - :
" وكان إخباريا عارفا " انتهى من " ميزان الاعتدال "
ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" ضعيف الحديث ، عمدة في التاريخ " انتهى من " تقريب التهذيب " (262)
على أن الواقدي أحسن حالا بكثير من سيف بن عمر .
رابعا : وفاته
يقول الباحث عبد الباسط مدخلي :
" لم نعد نجد للقعقاع بن عمرو بعد معركة صفين ذكر في المصادر أو مشاركة في الأحداث بعد هذه المعركة .
وهناك اضطراب في تاريخ وفاته ، فالطبري يذكر أن معاوية بن أبي سفيان أخرج من الكوفة إلى إيليا بفلسطين قعقاع بن عمرو بن مالك في سنة (41هـ)
فعلى ذلك تكون وفاته بعد سنة (41هـ)، ولم تذكر المصادر سنة وفاته بالتحديد ولا المكان الذي دفن به .
ويذكر الزركلي أنه توفي نحو سنة (40هـ)، ولكنني أشكك في ذلك ؛ لأنه لم يستق ذلك من مصدر قديم ، وإنما بنى ذلك على عدم ذكر المصادر للقعقاع بعد معركة صفين ، فذكر أنه توفي نحو سنة (40هـ) " .
انتهى من " القعقاع بن عمرو التميمي ودوره في الفتوح الإسلامية وأحداث عصر الراشدين " (ص/264)
والله أعلم .
المصدر : موقع الاسلام سؤال وجواب .
http://islamqa.info/ar/ref/170087
تحياتي ..
نادية بوغرارة
06-06-2012, 12:44 PM
وجدت قبل قليل أثناء البحث القولة التالية و هي منسوبة للمؤرخ الإغريقي بلوتارخ :
من أصعب الأمور تتبع ومعرفة حقيقة أي شيء عن طريق التاريخ.
ما رأيكم ؟؟ ( أرجو ألا يكون سؤالي نشازا ، بعيدا جدا عن الموضوع المطروح )
مع التحية .
عبد الرحيم بيوم
06-06-2012, 12:49 PM
امتاز التاريخ الاسلامي عن غيره بعلم الاسناد
فلا تنطبق مقولته علينا
وما هذا الموضوع الماتع من اخينا الفاضل بهجت الا دليلا على ذلك
وتحية لك اختي نادية
نادية بوغرارة
06-06-2012, 12:53 PM
امتاز التاريخ الاسلامي عن غيره بعلم الاسناد
فلا تنطبق مقولته علينا
وتحية لك اختي نادية
=========
صدقت ،
و خاصة حين يكون عقد الرواة منظوم من الصادقين الثقاة .
بارك الله فيك .
بهجت عبدالغني
06-06-2012, 01:10 PM
وتبقى صعبة ..
ومثلما قال الاخ صابر فقد تميزنا بالاسناد
وهو علم في غاية الاهمية ، ابدعنا فيه في علم ( مصطلح الحديث ـ الجرح والتعديل )
لكن اظن ان الامر بالنسبة للتاريخ يحتاج الى جهود كبيرة
هناك محاولات جيدة للاستفادة من هذا العلم في التاريخ
لكن نحتاج الى الكثير ..
..........................
بالنسبة لقول المؤرخ الإغريقي بلوتارخ ، هل نستطيع من خلال مقولته التأكد من حقيقة ما قاله ؟
:002:
استاذتنا القديرة نادية
شكراً لاطلالتك المبدعة ..
تحياتي ..
نادية بوغرارة
06-06-2012, 01:39 PM
امتاز التاريخ الاسلامي عن غيره بعلم الاسناد
فلا تنطبق مقولته علينا
وما هذا الموضوع الماتع من اخينا الفاضل بهجت الا دليلا على ذلك
وتحية لك اختي نادية
==========
قرأت موضوعا عن علم الإسناد ، نقلته إلى الواحة لتفيدونا بتعقيبكم
على مادته، والإضافة إليه إن أمكنكم . و هذا رابطه:
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=711872&posted=1#post711872
سامح عسكر
06-06-2012, 06:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ الكريم بهجت
كتاب فتوح الشام للواقدي منحول وليس كما توهّمَ الشيخ المنجد، أما الحديث عن عدم وثاقة سيف بن عمر الحديثية وثبوت وثاقته التاريخية فممجوج، فالحديث هو بالأًصل تاريخ -من حيث المضمون..والمكذوبية في المضمون مكذوبية كُلّية وليست جزئية كي نثبتها هنا وننفيها هناك..-لذلك أعتقد أن سبب توثيقه كمؤرخ هو اعتماده كراوي أصيل لروايات الفتنة..ولو أسقطه المؤرخون فهذا إسقاطٌ لتاريخ الفتنة بأكمله..أما في الجانب الحديثي فسهل تكذيبه دون ضرر..
ما وصلت إليه أن شخصية القعقاع بن عمرو هي وهمية وليست حقيقية وأنها من خيالات هذا الرجل المسمى بسيف بن عمر التميمي..بدليل هل يشك أحد في وجود شخصيات كخالد ابن الوليد أو عمرو بن العاص أوعقبة بن نافع أو كعب الأحبار أو وهب بن منبه أو غيرهم الكثير من الصحابة والتابعين؟؟!..
لا يمكن أن يشك أحد في وجود هذه الشخصيات...من الجائز أن نشك في بعض مواقفهم حدوثا أو نفيا..ولكن أن نشك في وجودهم هم..فلا..إذا فلماذا جاء الشك بحُجج قوية في وجود شخصية القعقاع بن عمرو التميمي..إذاً هناك شك..وعليه فإثبات وجود الشخصية يلزمه القطع الصريح والواضح بوجودها إما بشهادة معاصريها أو ذكرها عبر كتُب أو روايات الأثبات من قبل ظهور الشخصية المحورية التي قيل عنها أنها هي محور اختلاق الشخصية..
بهجت عبدالغني
07-06-2012, 10:06 AM
نعم اخي الكريم
المشكلة كما قلنا تكمن في الأصل ، فإن أول من ذكر القعقاع كان الواقدي وسيف ، وسبق ذكر حالهم ..
ومن بعدهم اعتمدوا عليهما ..
شخصياً لا استطيع الجزم بوهمية هذه الشخصية ، فالأمر عندي يحتاج الى دراسة مستفيضة ، وهذه ما لم أقم بها ..
ولأن هناك من المعاصرين من ذكره ، كالصلابي وهو محقق ناقد للتاريخ ..
وودت لو اطلعتُ على ما كتبه الاستاذ الدكتور محمد طاهر البرزنجي في كتابه ( صحيح وضعيف تاريخ الطبري ) ، فقد اعتمد الجرح والتعديل في فرز الروايات ..
أما سبب توثيق سيف ، فأنت تعرف ان هناك تساهل بهذا الصدد في مجال التاريخ ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال ( حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج ) ، وحال القوم معروفة ..
أما سبب توثيقه كمؤرخ هو اعتماده كراوي أصيل لروايات الفتنة ، أقول :
يا ليتهم لم يوثقوه ، حتى يريحونا رحمهم الله ..
تحياتي ..
لطيفة أسير
07-06-2012, 11:47 AM
تحية كبيرة لكم أستاذي الكريم بهجت
موضوع أكثر من رائع ، ونفض الغبار عن المدسوس في تاريخنا الإسلامي عمل عظيم تؤجر عليه
أكرمكم الله وسدد خطاكم
تحيتي وتقديري
بهجت عبدالغني
08-06-2012, 02:36 PM
وحياك الله اختي الكريمة بلابل السلام
وشكراً لمرورك من هنا
ودعائك
تقبلي خالص تقديري ..
بهجت عبدالغني
10-06-2012, 01:24 PM
(4)
من أمر الوحشي بقتل حمزة ..
في فلم ( الرسالة ) يظهر وحشي أول ما يظهر بعد معركة بدر الكبرى ، وهو في مجلس قريش يرقص .. ويلعب بحربته ، فتُعجب هند بنت عتبة ( وقد قُتل أبوها وأخوها وعمها في بدر ) من قدرات هذا العبد الحبشي ، فتتجه صوبه وتمسك بذراعه ، قائلة له : سأعتقك وسأعطيك وزنة فضة وألبسك الحرير مقابل رمية كهذه ..
أليست هكذا هي الرواية السينمائية ؟
بلى ..
ولكن ما الذي تقوله الرواية التاريخية بهذا الصدد ؟
وهل وحشي كان عبداً لهند أو لأبي سفيان زوجها ؟
نترككم مع ابن اسحاق ليحكي لنا القصة من أولها ..
قال ابن إسحاق: وحدثني عبدالله بن الفضل بن عياش بن ربيعة بن الحارث، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمريى، قال: خرجت أنا وعبيد الله ابن عدى بن الخيار، أحد بني نوفل بن عبد مناف في زمان معاوية، فأدر بنا مع الناس، فلما مررنا بحمص وكان وحشي مولى جبير قد سكنها وأقام بها، فلما قدمناها قال عبيد الله بن عدى: هل لك في أن نأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف قتله ؟ قال قلت له: إن شئت.
فخرجنا نسأل عنه بحمص، فقال لنا رجل ونحن نسأل عنه: إنكما ستجدانه بفناء داره، وهو رجل قد غلبت عليه الخمر، فإن تجداه صاحيا تجدا رجلا عربيا وتجدا عنده بعض ما تريدان وتصيبا عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه، وإن تجداه وبه بعض ما به فانصرفا عنه ودعاه.
قال: فخرجنا نمشي حتى جئناه، فإذا هو بفناء داره على طنفسة له، وإذا شيخ كبير مثل البغاث، وإذا هو صاح لا بأس به، فلما انتهينا إليه سلمنا عليه.
فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدى فقال ابن لعدى بن الخيار أنت ؟ قال: نعم.
قال: أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذى طوى، فإنى ناولتكها وهى على بعيرها فأخذتك بعرضيك فلمعت لي قدماك حتى رفعتك إليها، فوالله ما فقال: أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألني عن ذلك.
كنت غلاما لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدى قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمى فأنت عتيق.
قال: فخرجت مع الناس، وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قل ما أخطئ بها شيئا، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس كأنه الجمل الاورق يهد الناس بسيفه هدا ما يقوم له شئ، فوالله إني لا تهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو بحجر ليدنو منى، إذ تقدمني إليه سباع بن عبدالعزى، فلما رآه حمزة قال: هلم إلى يابن مقطعة البظور.
قال: فضربه ضربة كأنما أخطأ رأسه، قال: وهززت حربتى حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته، حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوى فغلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر وقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، إنما قتلته لاعتق.
فلما قدمت مكة عتقت، ثم أقمت، حتى إذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف، فمكثت بها، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا تعيت على المذاهب، فقلت: ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد، فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل: ويحك ! إنه والله لا يقتل أحدا من الناس دخل في دينه وشهد شهادة الحق.
قال: فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يرعه إلا بى قائما على رأسه أشهد شهادة الحق، فلما رآني قال لي: أوحشي أنت ؟ قلت: نعم يا رسول الله.
قال: اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟
قال: فحدثته كما حدثتكما، فلما فرغت من حديثي قال: ويحك غيب عنى وجهك فلا أرينك ! قال: فكنت أتنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان لئلا يراني، حتى قبضه الله عز وجل.
فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم وأخذت حربتي التى قتلت بها حمزة، فلما التقى الناس رأيت مسيلمة قائما وبيده السيف، وما أعرفه، فتهيأت له وتهيأ له رجل من الانصار من الناحية الأخرى، كلانا يريده، فهززت حربتى حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه، وشد عليه الانصاري بالسيف، فربك أعلم أينا قتله، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتلت شر الناس !
وأما علاقة وحشي بهند حسبما وجدت في كتب السير والتاريخ فكانت كالآتي :
كان وحشي كلما مر بهند بنت عتبة أو مرت به تقول ويها أبا دسمة اشف واشتف يعني تحرضه على قتل حمزة بن عبد المطلب .
قال ابن هشام :
فبلغني أن وحشيا لم يزل يحد في الخمر حتى خلع من الديوان فكان عمر بن الخطاب يقول: قد قلت إن الله لم يكن ليدع قاتل حمزة.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
المصادر :
السيرة النبوية لابن هشام . السيرة النبوية لابن كثير ، البداية والنهاية لابن كثير ، أسد الغابة لابن الأثير ، تاريخ دمشق لابن عساكر
بهجت عبدالغني
12-06-2012, 08:48 PM
(5)
شبهات حول عثمان بن عفان رضي الله عنه
يصور لنا بعض الكتاب و ( المفكرين ! ) أن الذي حدث في زمن عثمان بن عفان رضي الله من الخروج عليه ، ما هو إلا ثورة شبابية شعبية إسلامية على الظلم الذي حصل في خلافته ، وأن مطالب هؤلاء ( الثوار ) كانت عادلة ، تريد إعادة الحقوق المسلوبة، ورد المظالم إلى أهلها ، وإحقاق الحق .. الخ ..
أحقاً هذا الذي حدث ؟
أم أن هناك شيئاً آخر لا يريدون إخبارنا به ؟
من الذي حاصر عثمان الشهيد ؟
مجموعة من الغوغاء الرعاء ، والمخدوعين بشعارات براقة زائفة ، والسبئيين أتباع عبدالله بن سبأ اليهودي ، والفرس الذين بالأمس طعنوا الخليفة العادل عمر رضي الله عنه ..
أهذه ثورة إسلامية ؟!
اجتمع هؤلاء الغوغاء ، ثم راحوا يبثون سمومهم وشبهاتهم على الناس .. حرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ..
حاصروا دار الخليفة الشهيد .. أعلنوا خروجهم على الخليفة .. طالبوه بالتنازل ..
فماذا فعل بهم الخليفة الراشد ؟
قام في الناس خطيباً ، ثم دعا القوم السبئيين إلى عرض ما عندهم من شبهات وإظهار ما يرونه من أخطاء وتجاوزات ومخالفات وقع هو فيها ، وكانت جلسة مصارحة ومكاشفة في المسجد على مرأى ومسمع من الصحابة والمسلمين ..
الله أكبر .. إن صاحب الحق صوته عالٍٍ لا يخشى شيئاً .. يسمع .. فإن كان ما يقولونه حق أذعن ورجع ، وإن كان باطلاً ـ وقد كان باطلاً ـ ردّ وناقش ..
تكلم السبئيون وعرضوا الأخطاء التي ارتكبها عثمان - على حد زعمهم –
فقام عثمان - رضي الله عنه - بالبيان والإيضاح وقدم حججه وأدلته فيما فعل، والمسلمون المنصفون يسمعون هذه المصارحة والمحاسبة والمكاشفة، وأورد عثمان ما أخذوه عليه، ثم بين حقيقة الأمر ودافع عن حسن فعله، وأشهد معه الصحابة الجالسين في المسجد .
اقرأ أخي الكريم شبهات المتمردين ، ثم اقرأ الردود ، لتعلم حقيقة الثورة ( الإسلامية ) المزعومة .. انقلها لكم من كتاب (سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، علي محمد محمد الصلابي ، ج1 ، ص472 ـ 475 ) :
1- قال ـ أي عثمان ـ : قالوا ـ أي المتمردون ـ : إني أتممت الصلاة في السفر، وما أتمها قبلي رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر، لقد أتممت الصلاة لما سافرت من المدينة إلى مكة، ومكة بلد فيها أهلي فأنا مقيم بين أهلي ولست مسافرا، أكذلك؟ فقال الصحابة: اللهم نعم.
2- وقالوا: إني حميت حمى، وضيَّقت على المسلمين، وجعلت أرضا واسعة خاصة لرعي إبلي، ولقد كان الحمى قبلي لإبل الصدقة والجهاد، حيث جعل الحمى كل من رسول الله وأبو بكر وعمر، وأنا زدت فيه لما كثرت إبل الصدقة والجهاد، ثم لم نمنع ماشية فقراء المسلمين من الرعي في ذلك الحمى، وما حميت لماشيتي، ولما وليت الخلافة كنت من أكثر المسلمين إبلا وغنما، وقد أنفقتها كلها، ومالي الآن ثاغية ولا راغية، ولم يبق لي إلا بعيران، خصصتهما لحجي، أكذلك؟ فقال الصحابة: اللهم نعم.
3- وقالوا: إني أبقيت نسخة واحدة من المصاحف، وحرقت ما سواها، وجمعت الناس على مصحف واحد، ألا إن القرآن كلام الله، من عند الله، وهو واحد، ولم أفعل سوى أن جمعت المسلمين على القرآن، ونهيتهم عن الاختلاف فيه، وأنا في فعلي هذا تابع لما فعله أبو بكر، لما جمع القرآن، أكذلك؟ فقال الصحابة: اللهم نعم.
4- وقالوا: إني رددت الحكم بن أبي العاص إلى المدينة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفاه إلى الطائف، إن الحكم بن العاص مكي، وليس مدنيا، وقد سيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى الطائف، وأعاده الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة بعدما رضي عنه، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - سيره إلى الطائف، وهو الذي رده وأعاده، أكذلك؟ فقال الصحابة: اللهم نعم.
5- وقالوا: إني استعملت الأحداث ووليت الشباب صغار السن، ولم أولِّ إلا رجلا فاضلا محتملا مرضيا، وهؤلاء الناس أهل عملهم فسلوهم عنهم. ولقد ولى الذين من قبلي من هم أحدث منهم وأصغر منهم سنا، ولقد ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد وهو أصغر ممن وليته، وقالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد مما قالوا لي، أكذلك؟ قال الصحابة: اللهم نعم، إن هؤلاء الناس يعيبون للناس ما لا يفسرونه ولا يوضحونه.
6- وقالوا: إني أعطيت عبد الله بن سعد بن أبي السرح ما أفاء الله به، وإنما أعطيته خمس الخمس -وكان مئة ألف- لما فتح أفريقية، جزاء جهده، وقد قلت له: إن فتح الله عليك أفريقية فلك خمس الخمس من الغنيمة نفلا، وقد فعلها قبلي أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- ومع ذلك قال لي الجنود المجاهدون: إنا نكره أن تعطيه خمس الخمس ولا يحق لهم الاعتراض والرفض، فأخذت خمس الخمس من ابن سعد ورددته على الجنود، وبذلك لم يأخذ ابن سعد شيئا، أكذلك؟ قال الصحابة: اللهم نعم.
7- وقالوا: إني أحب أهل بيتي وأعطيهم، فأما حبي لأهل بيتي فإنه لم يحملني على أن أميل معهم إلى جور وظلم الآخرين، بل أحمل الحقوق عليهم وآخذ الحق منهم، وأما إعطاؤهم فإني أعطيهم من مالي الخاص، وليس من أموال المسلمين، لأني لا أستحل أموال المسلمين، ولا لأحد من الناس. ولقد كنت أعطي العطية الكبيرة الرغيبة من صلب مالي أزمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتيت على أسنان أهل بيتي، وفني عمري، وجعلت مالي الذي لي لأهلي وأقاربي، قال الملحدون ما قالوا؟ وإني والله ما أخذت من مصر من أمصار المسلمين مالا ولا فضلا، ولقد رددت على تلك الأمصار الأموال، ولم يحضروا إلى المدينة إلا الأخماس من الغنائم، ولقد تولى المسلمون تقسيم تلك الأخماس، ووضعها في أهلها، ووالله ما أخذت من تلك الأخماس وغيرها فِلْسًا فما فوقه، وإنني لا آكل إلا من مالي، ولا أعطي أهلي إلا من مالي.
8- وقالوا: إني أعطيت الأرض المفتوحة لرجال معينين، وإن هذه الأرضين المفتوحة قد اشترك في فتحها المهاجرون والأنصار وغيرهم من المجاهدين، ولما قسمت هذه الأراضي على المجاهدين الفاتحين، منهم من أقام بها واستقر فيها، ومنهم من رجع إلى أهله في المدينة أو غيرها، وبقيت تلك الأرض ملكا له، وقد باع بعضهم تلك الأراضي، وكان ثمنها في أيديهم.
وبذلك أورد عثمان - رضي الله عنه - أهم الاعتراضات التي أثيرت عليه، وتولى توضيحها، وبيان وجه الحق فيها.
فهل بعد هذا من قول لقائل ؟
عبد الرحيم بيوم
12-06-2012, 09:44 PM
حبذا أيها الكريم الفاضل أن توثق هذه الرواية الطويلة فإني أظنها جمعت على لسان عثمان رضي الله عنه
لأن المسائل الثمانية فيها من لا إسناد له وفيها ماهو ضعيف
وقد قسم صاحب كتاب (فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه) مسوغات الخروج على عثمان ثلاثة أقسام فقال:
"قبل الخوض في تفاصيل الفتنة، أود أن القي نظرة فاحصة على ما تناقلته المصادر، والمراجع حول مسوغات خروج الخارجين على الخليفة عثمان رضي الله عنه، فإن سبر هذه المسوغات التي ذاعت بين الناس يصنفها إلى ثلاثة أصناف من حيث صحة وضعف وقوعها من الخارجين عليه.
الأول: معايب صح أن الخارجين عليه أظهروا تسويغهم الخروج عليه بها أو عابوها عليه فقط.
الثاني: معايب لم يصح أن الخارجين عليه سوغوا بها خروجهم عليه، وورد ذكرها في روايات ضعيفة الأسانيد.
الثالث: معايب لم أقف على إسناد لها، واشتهر في المصادر والمراجع المتأخرة عن الحادثة دون إسناد أن الخارجين عليه سوغوا خروجهم بها عليه.
وهذه المعايب - بأصنافها الثلاثة- منها ما هو مفترى عليه، ومنها ما هو منقبة له قلبتها القلوب الحاقدة إلى مثلبة، والباقي منها أمور لا يعيبه بها إلا من فسدت طويته، وقصد التسويغ لباطل أراد تنفيذه".(1)
لذا لا أظن رواية بذاك السياق الطويل لها وجود والله أعلم
----------------------------
(1) فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه 1/ 69
وهذا موضوع لتحميله
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=715124#post715124
عبد الرحيم بيوم
13-06-2012, 11:39 AM
بحثت في الكتاب الذي ذكرت فوجدته ذكر الرواية في ملاحق الكتاب وعزاها لتاريخ الطبري لكنها بسياق طويل وفي الاسناد مجهولان شعيب ورجل من بني اسد وهي من روايات سيف بن عمر وهو ضعيف (1)
واوردها المؤلف في حديثه عن رواية سيف بن عمر وأشار في بدايته الى انه "يلمح من خلال مقابلة عدد من مرويات سيف هذه بالروايات المسندة الأخرى أن روايات سيف تجمع عدداً من تلك الروايات، وتسوقها بإسناد واحد"
----------------------------
(1) فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه 2/ 610
حيدر الإنسان
13-06-2012, 08:59 PM
تحية طيبة
اطلعت على هذا المجهود الرائع المبذول لوقائع تبعد 1400 سنة عن زماننا هذا
يقابل هذا البعد الزمني يقين من الكاتب مطلق وكأنه حضر الوقائع
ولكنه نقل من مرجعية فكرية واحدة مدافعة عن توجه سياسي أقل مايقال عنه لايرضى عنه غالب المسلمون
فاذا كانت النفوس متطلعة ومتشوقة للحقيقة فلابأس عندي من مناقشة الدوافع لهذه الوقائع
ولا ندخل متاهة الاسانيد والمرويات ووو لأننا لن نخرج بنتيجة مفيدة إلا ناعقين لما قيل وقال وروي دون ادنى نكهة لفكرنا ومجهودنا
ولكن لنحاكم النص وفق معطيات الفكر المعاصر عسانا نخرج بما يرضي عقولنا
فما رأيك سيدي
عبد الرحيم بيوم
13-06-2012, 09:16 PM
احيي تعليقك ايها الكريم
واول ما لفت انتباهي تحكمك بلا دليل حيث قلت:
ولكنه نقل من مرجعية فكرية واحدة مدافعة عن توجه سياسي أقل مايقال عنه لايرضى عنه غالب المسلمون
والثاني بدايتك للحوار بما لا يبشر بجميل الادب حيث قلت:
لأننا لن نخرج بنتيجة مفيدة إلا ناعقين لما قيل وقال
والثالث قولك:
ولا ندخل متاهة الاسانيد والمرويات ووو ... ولكن لنحاكم النص وفق معطيات الفكر المعاصر
فابشرك ليست تلك طريقة العلم، وما يجري هنا نقاش علمي، فان اردت فادل فيه بما لديك
فعنوان الموضوع واضح بين مساره
وتقبل تحياتي
حيدر الإنسان
13-06-2012, 09:20 PM
احيي تعليقك ايها الكريم
واول ما لفت انتباهي تحكمك بلا دليل حيث قلت:
ولكنه نقل من مرجعية فكرية واحدة مدافعة عن توجه سياسي أقل مايقال عنه لايرضى عنه غالب المسلمون
والثاني بدايتك للحوار بما لا يبشر بجميل الادب حيث قلت:
لأننا لن نخرج بنتيجة مفيدة إلا ناعقين لما قيل وقال
والثالث قولك:
ولا ندخل متاهة الاسانيد والمرويات ووو ... ولكن لنحاكم النص وفق معطيات الفكر المعاصر
فابشرك ليست تلك طريقة العلم، وما يجري هنا نقاش علمي، فان اردت فادل فيه بما لديك
فعنوان الموضوع واضح بين مساره
وتقبل تحياتي
اشكرك لانك أوضحت لي مسارك ... والذي بالتاكيد يختلف تماما عن منهجي
سيكون الحوار عقيما
مع انني استاذ جامعي منذ 1987 واعرف قواعد واصول البحوث العلمية وماهي نتائجها المتوخاة
تقبل اعتذاري واكمل مجهودك مبارك لك فيه
بهجت عبدالغني
14-06-2012, 10:05 AM
الاخ الكريم حيدر الإنسان
أرحب بك أولاً هنا في واحة الخير والعطاء ، واسأل الله تعالى أن تجد فيها كل الفائدة والمتعة ..
.................
كما هو واضح من عنوان الموضوع ، فإننا نحاول هنا أن نلقي نظرات نقدية على بعض الروايات والأحداث التاريخية التي اشتهرت وصارت بعضها مسلمات عند البعض ..
والكاتب هنا لا يدعي أنه يمتلك المطلق ، ولكن في نفس الوقت لا يستطيع أن يتخلى عن قناعته ورؤيته لهذه المرويات والأحداث ..
ثم من هؤلاء الغالبية من المسلمين الذين لا يرضون ؟
إننا هنا لا نريد إرضاء هذا أو ذاك ، بل نريد الوصول إلى الحقيقة ..
أما ما يخص الإسناد فإني اختلف معك حوله ، فمن خلال الإسناد نستطيع فرز الصحيح عن السقيم ، وإلا اختلط الحابل بالنابل ..
ومع ذلك وكما ترى أني لا ادخل كثيراً في تفاصيل الإسناد ، لقلة بضاعتي فيه ..
وكما ترى أيضاً بأننا لا نستبعد العقل فيما نقوله ، بل نرد روايات لأنها تتصادم مع المعقول ..
أخي الكريم .. لا شك فإن النفوس متشوقة للحقيقة ، وإلا فلماذا طرحنا هذا الموضوع أصلاً ..
أهلاً بك ومرحباً مرة أخرى
بانتظار ما يجود به قلمك ..
تحياتي ..
حيدر الإنسان
14-06-2012, 07:04 PM
طيب اتمنى ان نحقق المحاور الثلاثة التي استخلصها الاستاذ صابر من ردي الموجز وهي
الاولى /
تجنب احادية الطرح حينما نتحاور لانني استخلصتها من القصص المطروحة ( قداسة عمر (رض) ، مأساة صفين وموقف الصحابة والتابعين ، كارثة الجمل ومواقف الصحابة ، استشهاد حمزة (رض) ودفع الشبهة عن هند ، الانتفاضة الشعبية على حكم الخليفة الراشد ذو النورين (رض) ) .... كلها قصص بمسار واحد فقط وبرؤيا واحدة ... هل محاكمة للمرويات جميعا ام مرويات بعينها ام دفاعا عن سيرة معينة !!!؟؟؟
الثانية / جميل الادب في الحوار
إن الوصف القرآني الدقيق لمن ينقلون دونما تدبر وبخط سلفي جامد اطلق عليهم (ناعقين) . وهو ما ارجو ان نتجنبه جميعا في واحة الفكر ، لاتخشوا شيئا ً اطلقوا لافكاركم العنان كي نصل الى ما يريح عقلونا ونفوسنا بعد عناء البحث والتمحيص ... نعم انه من سوء الادب ان نكون ناعقين بما لانعقل الا دعاءا ونداءا ودفاعا عن الغير دونما تثبت
الثالثة / طريقة العلم
ويتوجب علينا كباحثين ان نتوجه الى كل المصادر الرئيسة والمراجع دونما تمييز .. وهنا سنقع فيما اشرت اليه في متاهة الاسانيد والمرويات والثقات المختلف عليهم بما لن نصل اليه الى نتيجة ... فكان اقتراحي ان نتبع الطريق الذي يليق بنا كباحثين عن المعرفة لا التحصيل الاكاديمي الدقيق ... ان ننتهج اسلوب المحاكمة الواقعية وفق معطيات العصر وهذا مانراه كعين اليقين ونصل به الى علم اليقين (بالمعكوس) ... وهذا نهجا قرآنيا حينما استدل على الولادة بمانراه في تحولات الموت
هذا منهجي الفكري ( ((منفتح غير أحادي التوجه)) على الجميع لكوني (انسان) ولا أجير عقلي لأحد مهما كان طول القابه ومسمياته ، ((مؤدب)) أنأى بنفسي عن مواطن الذم في القرآن ، ((بطريقة علمية)) لا أفرض مكوناتها على الغير كمسلمات وانما شكوك توصل الى الحقيقة المقبولة لدى عامة العقول وهذا منهج علمي اتبعناه منذ الدراسات العليا الى يومنا هذا)
هل نبدأ
بهجت عبدالغني
14-06-2012, 07:08 PM
ابدأ على بركة الله تعالى ..
حيدر الإنسان
15-06-2012, 12:37 AM
بسم الله
الروايات جميعا كما اسلفت بخط واحد باستثناء الرواية الاولى (قداسة عمر (رض))
وهذه تذكرني بالمنتدى الفكري الذي عقد في البصرة المدينة الرائعة التي سناتي على ذكرها في مناقشتنا لغوغائية يوم الجمل . يومها كان الحوار حول شخصية اسلامية لها مكانتها وآثارها على الأرض تتصاغر أمامها روايات التاريخ وأحاديث الوضاعين
فانبرى هذا وذاك يأتون بروايات كأننا حكواتية ولسنا اساتذة وباحثين . والالعن من ذلك يتحدثون بشيء من العصبية الفكرية التي لاتقبل ثاني اثنين إنما أحد أحد ههه
قلت يومها لمَ نحن جالسون نتحاور اذا كانت مروياتكم قد تجاوزت كل درجات اليقين . لايوجد مبرر لوجودنا ولا لحوارنا الا اننا سنكون ماكنة مذياع لاخيار لها الا بث مايتلى عليها .
ومن مثل رواية منح القداسة لعمر بدحض مرويات باهتة يثيرني واشعر بألم حين أمر على من بذل جهد ليقرأها ويدونها ويثبتها أو ينفيها
الخليفة الراشد عمر (رض) لايحتاج لمثل هذه الروايات الباهتة وغيرها من الاحاديث سواء الملفق منها او الصحيح بدرجات . لقد أغناه الله عنا جميعا ً صالحنا وطالحنا . حين رسخ له بفضله عليه سبحانه علامات على الارض راسخات تشهد له الى يوم الدين
ماحجم وأد البنات بالنسبة لمعاداته الشديدة لرسول الله (ص) حيث كان لايقل عن ابي جهل عداوة للرسول (ص). ولكن نور الله (والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون) يفعل الافاعيل . ليتحول من عدو مبارز الى قائد ٍ بارز ٍ تدين له جهات الارض الثلاثة بالفضل
ذلك لانه نشر الإسلام بتوجيهه لجيوش الفتح الإسلامي الى خارج الجزيرة . وكان فتح العراق بالكامل (بعد ان بدأ في زمن ابو بكر (رض) ) فلايشهد اليوم احد من مشرق الارض بالاسلام إلا ولعمر أجرٌ من عمله . وكان له فتح الشام والقدس الحبيبة والوثيقة العمرية التي لم ياتي التاريخ بأجمل منها فلايشهد اليوم احد من شمال الارض بالاسلام إلا ولعمر أجرٌ من عمله . وكان له فتح مصر بلد امنا هاجر (ع) فلايشهد اليوم احد من غرب الارض بالاسلام إلا ولعمر أجرٌ من عمله .
بطل الجهات استحق بجدارة ان يكون ضمن المائة الاوائل في التاريخ . واجمعت عليه اليهود (لإعادتهم الى أديرتهم في القدس) والنصارى ( بالوثيقة العمرية) قبل المسلمين .
هذه المنجزات كانت بفضل الله على عمر . ودرسٌ لنا على غالبة الإرادة الإلهية . ولتكون له شهادةً واقعية على الارض إكتسبت كل درجات اليقين . تغنيه عن المرويات والمسندات والأحاديث وتأويل الآيات ونسبتها إليه من غيره . لأن لغة التراب أبلغ منها جميعا . (قل سيروا في الإرض ثم أنظروا ... )
وهذا ما أعنيه بالاحتكام الى الواقع المعاصر الذي تخر له ساجدة كل متاهات التاريخ ومروياته
اسف للاطالة
أسمع ملاحظاتكم قبل الانتقال الى الرواية التالية
بهجت عبدالغني
15-06-2012, 04:05 PM
عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل لا تحويه أسطر أو صفحات أو مجلدات
وليس هو من يحتاج الى تزكيتنا او دفاعنا بعد ان زكاه الله تعالى وسائر الصحابة من عليائه ..
اخي الكريم ..
ماذا اريد من طرح هذا الاموضوع ؟
أريد ان نمتلك القدرة على نقد الروايات التي نسمعها هنا او نقرؤها هناك ، بدل ان نقف مكتوفي الايدي لا نحرك ساكناً ..
والرواية التي نحن بصددها يرددها ويتخذها البعض مطعناً في عمر رضي الله عنه
وهي كما قلنا وان صحت ـ وهي غير صحيحة ـ ليست مطعناً فيه ، والا ـ كما قلت ـ ما حجم وأد البنات بالنسبة لمعاداته الشديدة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث كان لا يقل عن ابي جهل عداوة للرسول (صلى الله عليه وسلم) قبل اسلامه ؟
المشكلة التي تواجهنا إذن ليست رواية تخص عمر ، بل اشكالية فكرية عقدية تضرب جذورها في أعماق التاريخ ..
ارجو ان تكون الفكرة واضحة ..
انتقل الى الثانية
تحياتي ..
حيدر الإنسان
15-06-2012, 08:42 PM
تحية طيبة
نحن نناقش العلم والتوجه الفكري المعتبر ... أما غوغائية عوام الناس فلاشأن لنا بها ... لان الداخل في الغوغاء ليس بخارج منها الا بخسائر حتما
وانا اناقش واقعية الرواية التي طرحتها أنت ولا علم لي بمقصدك باطنا ً ... افصح ولاتخش شيئا ً ... كإنسان باحث عما يحترم عقله ويريح نفسه
سننتقل الى رواية دفع الشبهة عن هند
لنا عودة
بهجت عبدالغني
15-06-2012, 09:00 PM
اعتقد أن مرادي واضح جداً من الرواية
أرفضها
فهي لا تصح عندي سنداً ولا متناً ..
تحياتي ..
حيدر الإنسان
15-06-2012, 10:01 PM
استشهاد حمزة (رض) ودفع الشبهة عن هند
وهذه ضمن سلسة طويلة من المرويات والقصص التي يكتبها مؤرخوا الحكام والملوك ويقبضون عليها من عرض الدنيا غير آبهين بعقوبة ستر الحق والحقيقة عن الناس
أو ربما سيقولون ماحجم قتل حمزة والتمثيل بجسده أمام دورها فيما سواهما (أقصد قبل إسلامها طبعا)
وهذه تذكرني ايضا حين ناقشنا خماسية المجد في فاطمة الزهراء (ع) / فهي المرافق الخصوصي لرسول الأمة / أبوها خاتم الرسل (ص) / أمها سيدة نساء العالمين (رض) / زوجها علي ابن العم والخليفة الراشد (كرم) / بنوها السبطين الحسن والحسين . فضل من الله عيها ومنة ً لا أعرف كيف تمكنت من شكرها (وكان فضل الله عليك عظيما)
وهنا كالقصة التي سبقتها ولكن بعكس النتائج . يأتي استشهاد حمزة (ع) والتمثيل به متواضعا ً أمام أفعال هند قبل اسلامها
هي / الممول الرئيسي والمحرض على أرض المعركة أحد / وكان مقصدها قتل الرسول (ص) وجميع المسلمين وإطفاء نور الله نهائيا وليس قتل حمزة فقط . وهذه الغاية تجعل قتل حمزة (ع) شيئا ً متواضعا ً أمام الهدف الأفضع . واستمرت على نهجها بالمال والجهد والفكر هذا حتى يوم فتح مكة .
أبوها / عتبة بن ربيعة الممول الرئيسي للجبهة المعادية للرسول / والقائد المبارز له ولرسالته يوم بدر الى أن أخزاه الله وقتله (حمزة) الذي خططت لقتله فيما بعد انتقاما جاهليا ً
هي زوج ابي سفيان (قبل اسلامه طبعا ً) القائد والمخطط والممول لكل الحملات العسكرية ضد الرسول والرسالة ولغاية يوم فتح مكة !!
هي أم حنظلة الذي قتله المسلمون يوم بدر مشركا ً كأبيه وعاتبت بقتله الرسول (ص) يوم جاءت تسلم . وأم أول ملوك الاسلام معاوية (رض) قائد الجيش المحارب لعلي (كرم) ابن اخ حمزة (ع) مطالبا ً بدم عثمان (رض) في معركة دفع ثمنها أجدادنا وسندفعه نحن وأحفادنا من بعدنا الى يوم الدين !!! من غير جرم ٍ ارتكبناه نحن . وسنناقشها لاحقا ً
وهذه ايضا كما كانت تلك للزهراء (ع) هبة الرحمن حيث يضع عباده حيث يشاء . وكان هذا الموقع الذي اختاره الله لها في الدنيا ... واعتقد انها اجتازت الامتحان بإسلامها ثاني يوم فتح مكة رحمها الله ورحم موتى المسلمين
وصلنا لذات النتيجة في قصة وأد ابنة عمر أمام عظمة نتائج عمر على الأرض آياتٌ بينات ٌ يراها الكليل
وهنا يتواضع الجهد (نفي أو إثبات) قصة قتل حمزة والتمثيل بجسده أمام حجم الاهداف المنشودة لما قبل هذا اليوم ويومها وما بعده من أيام الى حين إسلامها ... حيث كان الهدف إطفاء نور الله
لذلك كنت اقرأ هذه المرويات وأمر على معالجتها وتقييمها مرورا سريعا غير آبه بها ... لكون المعني بالقصة أتى بأفعال أشنع بكثير الكثير في حينها
ما يهمنا أنها أسلمت ثاني يوم الفتح وقبل الرسول (ص) إسلامها وتفتت الجبهة المعادية للرسول وتشتت اعضاؤها بفضل الله
تحياتي
بهجت عبدالغني
16-06-2012, 05:06 PM
اخي الكريم ..
نحن نعلم من هي الزهراء فاطمة وزوجها علي وابنيها الحسن والحسين رضي الله عنهم اجمعين
ونعلم من هي هند وزوجها وابنها رضي الله عنهم
ونعرف مواقفهم في جاهليتهم واسلامهم
ونعلم من هو حمزة رضي الله عنه وماذا مثل استشهاده للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والمسلمين الى يومنا هذا ..
نعلم كل هذا وذاك ..
بينما الرواية تتحدث عن شيء آخر .. وهو :
من ( أمر ) الوحشي ؟
هل تستطيع ان تقول ان الذي امره هي هند بينما وحشي نفسه يقول ان جبير بن مطعم هو الذي أمره ؟
هل انت مع الرواية السينمائية او مع الرواية التاريخية ؟
تحياتي ..
حيدر الإنسان
17-06-2012, 05:01 PM
عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل لا تحويه أسطر أو صفحات أو مجلدات
وليس هو من يحتاج الى تزكيتنا او دفاعنا بعد ان زكاه الله تعالى وسائر الصحابة من عليائه
ارجو ان تكون الفكرة واضحة
انتقل الى الثانية
تحياتي ..
اعتذر الفكرة لم تتوضح لي على الاقل
اولا ( نحن اصحاب فكر )
هذا التعبير المجازي يمكن قبوله من الشعراء وووو أما اصحاب الفكر فلايمكن ذلك
كيف لاحوي الصفحات بشر مهما كان موقعه وهو المحدود له بداية ونهاية وهو جسم ... (إقرأ كتابك ... )
أما من يليق به هذا الوصف هو الله تعالى حصرا ً ... عن وصف الواصفون وحد الحادون ووو ... لأنه غير محدود ليست له بداية ولانهاية ولاجسم
ثانيا ً ( إستفسار طالب علم )
لا اعرف كيف زكى الله تعالى سائر الصحابة ... لاول مرة اسمع هذه العبارة صدقا ً ولم اسمعها قبلا ً ... فهنا ثلاثة محاور إما الخلل في عبارة ( سائر ) أو الخلل في تعريف من هو الصحابي المقصود أو الخلل في فهمي أنا للنص ... لذا اقتضى من فضلك التوضيح ( علميا ً كما طلب الاستاذ صابر من قبل )
اشكر تعاونك معي لكشف بعض الغموض
تحياتي
بهجت عبدالغني
17-06-2012, 08:23 PM
ملاحظتان إذا اتسعت لهما صدرك ..
أولاً : أرجو أن تكون المناقشة بالتسلسل ، يعني بدأنا بعمر ثم بهند ، لكنك أرجعتنا مرة أخرى إلى عمر .. فأرجو أن لا تنتقل إلى الأخرى إلا بعد الاكتمال من الأول ..
ثانياً : أينما وُجدت الأسئلة وجبت الإجابة عنها ..
.................................
بخصوص الأسطر التي لا تستطيع احتواء عمر رضي الله عنه ، فاعتبره من قبيل المجاز ..
أما تزكية سائر الصحابة ، فالخلل ليس في كلمة ( سائر ) لأني قصدتها ..
وليس الخلل كذلك في تعريف الصحابة ، فالصحابي هو كل مَنْ لقي النبي صَلَّى الله عليه وسلم في حياته مؤمنًا به، ومات على الإسلام .
أما أين زكى الله تعالى الصحابة ؟
في القرآن الكريم ..
قال تعالى: { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم }
قال تعالى: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود }
قال تعالى: { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير }
قال تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
تحياتي ..
وليد عارف الرشيد
20-06-2012, 05:01 PM
أين كان مني هذا الموضوع الرائع؟ ... ويحي فقد كنت الخاسر إذ تأخرت في الوصول
رائع موضوعا وتشويقا ونفعا وجهدا
بارك الله بك مبدعنا الباحث المفكر الجميل وجزاك الله كل خير
والتحايا للأخت المبدعة نادية المهدى إليها
محبتي وكثير شكري وتقديري
حيدر الإنسان
23-06-2012, 07:55 AM
ملاحظتان إذا اتسعت لهما صدرك ..
أولاً : أرجو أن تكون المناقشة بالتسلسل ، يعني بدأنا بعمر ثم بهند ، لكنك أرجعتنا مرة أخرى إلى عمر .. فأرجو أن لا تنتقل إلى الأخرى إلا بعد الاكتمال من الأول ..
ثانياً : أينما وُجدت الأسئلة وجبت الإجابة عنها ..
.................................
بخصوص الأسطر التي لا تستطيع احتواء عمر رضي الله عنه ، فاعتبره من قبيل المجاز
أما تزكية سائر الصحابة ، فالخلل ليس في كلمة ( سائر ) لأني قصدتها
وليس الخلل كذلك في تعريف الصحابة ، فالصحابي هو كل مَنْ لقي النبي صَلَّى الله عليه وسلم في حياته مؤمنًا به، ومات على الإسلام .
أما أين زكى الله تعالى الصحابة ؟
في القرآن الكريم ..
قال تعالى: { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم }
قال تعالى: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود }
قال تعالى: { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير }
قال تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
تحياتي ..
السلام عليكم
1 - أما عن التسلسل فقد اعتذرت سلفا ً في استفساري لكونه تأخر لكني في حينها لم انتبه لكلمة (ســائر)
2 - شكرا ً لك مقدما ً فبالتأكيد ستتعب قليلا ً معي ولكن بأجر من الله وفضل خير من شكري لك (وهذه أيضا ً لها قصة مروية عن الزهراء (ع) سنتطرق لها في وقتها إن شاء الله المنان على الناس أجمعين)
وبعد
المجاز ... له واحة أخرى (لغة شعر نثر ووو) وليس ضمن الحوارات الفكرية الهادفة المجردة
( وهنا أنا أجرد الناس عن ألقابهم وما نعتهم به من عبارات مجازية للتعظيم كي أحاكم الرواية المجردة) فإذا أضفنا المجاز ستنعدم التوافقية الحوارية بيننا لكون القاريء يلتبس عليه هل تقصدها حرفا ً أم مجازا ً ...... هل نتفق على عدم استخدام المجاز لكي نجلي الصورة بانصع مايمكن
تأويل الآيات والأحاديث ... وهذه متاهة أخرى أيضا ً وله واحة أخرى ... وأصحاب الفكر لهم النص المجرد والحقائق على الأرض ... ومازكى الله الحكيم العليم إلا رسوله الكريم (ص) تزكية رسالية تبليغية بآيات واضحات (وماينطق عن الهوى .......مازاغ البصر وماطغى ... وووو ) آيات واضحات بينات
أما التزكية للناس جميعا فمهمة الفرد أولا ً ويمنح عليها أجرا ً (قد أفلح من زكاها ) ومهمة الرسول (ص) بمنة إلهية (ويزكيهم)
أما الآيات كلها التي ذكرتها وغيرها فنصها الواضح بدون تأويلات يدل على الصفات والثواب وليس التزكية كما نصت بخصوص الرسول (ص)
ومنطقيا ً لو زكاهم جميعا ً فلمَ نتحدث عن عشرة مبشرة ووووو فكلهم جميعا ً مبشرون بالجنة بحكم سابق من الله فلامعنى لجهدهم ومثابرتهم وتفطر اقدامهم من القيام وجهادهم ووووو ... أعتقد هذا التعبير وإن قصدت بتعمد أنت تعظيمهم (( مجازا ً )) فقد بخست حق مثابرتهم وسابقتهم وصبرهم وووو ....
لاتزكية خالصة إلا التزكية الرسالية التبليغية حصرا َ وليست البشرية
وهذا يحمل جزء من محور خلافنا مع احدى المذاهب الإسلامية حين نناقشهم ( العصمة ) لأنه داخل فيه
وهذه نناقشها في واحة الإيمان وليست هنا بعنوان ( التزكية و العصمة و القداسات ) .. هنا الفكر والمعرفة الإنسانية ... وأنا لا أحب الحوارات الدينية كثيرا ً
وإذا أمنت أنت بالتزكية المطلقة فكيف سنناقش التالي والأدق من مهزلة الجمل ومأساة صفين !!!
فحكمها لديك واضح هم بهم توصية بالتزكية المطلقة من السماء !!! وماعداهم ، الآمنين في البصرة الفيحاء في الجمل والمغرر بهم من أهل العراق والشام في صفين ، ذهبت دماؤهم هدرا ً لأن لون الدم مختلف !!؟ هل هذا هو الفكر والمعرفة الإنسانية !!! ؟
(حاول مطابقة هذه الفكرة على عقيدة سياسية معاصرة ننكرها جميعا علنا ً ويبدوا ان بعضنا يعتنقها باطنا ً)
********
إنكار الرواية أو إثباتها .... من الناحية الدينية لاقيمة لها ... فخاتمة عمل الخليفة الراشد عمر (رض) غطت ماسبق وليس بحالة استثنائية فقد سبقه من هم خير منه لذلك (قتل موسى خطأ ً للقبطي مع أنه من أمة مبلغة ، قلة صبر يونس ، محبة يعقوب ليوسف ، وووو) وكذلك تكررت فيمن هم دونه من بعده (انقلاب الحر الرياحي (رحم) من مقاتلة الحسين (ع) الى نصرته ، اصطفاف امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز (رحم) في صفوف من أوقفوا سفك الدماء لأسباب طائفية ، ووووو) ...
أما من الناحية العقلية ... فإن منجزات عمر (رض) البينات على الأرض تغفر له وفق القواعد الإنسانية وليست الدينية حتى وإن صدر منه مثل هذا الفعل ... وهنا يأتي دور استاذة الرياضيات (زهراء المقدس ) المتألقة في شرح النسبة والتناسب ... والقيم المهملة حسابيا ً
آسف للإطالة
وسنتحول الى مقتل حمزة (ع) إذا اتفقنا على أسس العلم والمعرفة الانسانية المجردة وفق ضوابط الاخلاق والأدب
بهجت عبدالغني
24-06-2012, 07:50 PM
أهلا بك استاذنا العزيز وليد عارف الرشيد
ونتشرف بحضورك معنا
تقبل تحاياي الخالصة
بهجت عبدالغني
27-06-2012, 10:39 AM
تقول إن تلك الآيات والتي تصف الصحابة بالإيمان ليست فيها تزكية لهم
أتساءل :
وكيف تكون التزكية إذن ؟
هل هناك تزكية أعظم وأجلّ وأكبر وأرقى من أن يصف الله تعالى شخصاً بأنه مؤمن وأنه من أهل الجنة وأنه رضي عنه ، كما في آيات أخرى ؟؟؟
أما العصمة التي هي عدم وقوع الخطأ عن المعصوم ، فإننا لا نثبت ذلك إلا للأنبياء والرسل ، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى الكبرى :
( وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ لَا يَعْتَقِدُونَ عِصْمَةَ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا الْقَرَابَةِ وَلَا السَّابِقِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ؛ بَلْ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وُقُوعُ الذُّنُوبِ مِنْهُمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ، وَيَرْفَعُ بِهَا دَرَجَاتِهِمْ، وَيَغْفِرُ لَهُمْ بِحَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ ) .
وبخصوص المبشرين بالجنة ، فلا يعني أن هؤلاء فقط هم المزكون ، ولكن لمزيد فضلهم خصهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنت كما ذكرت أستاذ جامعي ، فهب انك دخلت إلى الصف يوماً ومعك نتائج الامتحان ، فقلت ما شاء الله كلكم ناجحون ودرجاتكم جيدة ، فهل يعني هذا انه ليس فيهم من هو متفوق ومميز ؟
ثم من قال إن لون الدم مختلف ، فالذين خرجوا إلى واقعة الجمل وصفين كانوا مجتهدين ، كما كان هناك المنافقون وأهل الفتن ، وكلٌ يبعثه الله تعالى على نيته ..
تحياتي ..
حيدر الإنسان
28-06-2012, 11:49 PM
أتساءل : وكيف تكون التزكية إذن ؟
استغرب عندما ارى عندكم كل هذا الكم النعرفي ثم تجرفكم العاطفة في الاحكام . وهنا اهنيء نفسي انني استطعت ان اخرج بعض الكنوز المعرفية التي كانت خافية عني
نعم اخي ... التزكية المطلقة شيءٌ آخر لايمنح بالتأويل بل بالنص الصريح ... اقرأ آيات تزكية الرسول (ص) إن شئت ولاحظ دقة منحها للتزكية
وأنت تجرأت على التأويل لآيات ماسبقك بها من أحد ٍ من العالمين ... وهذا اعطاني انطباع واضح عن مدى حبك العظيم لصحابتنا الاخيار الذين نتحدث عنهم كابطال اسطوريين بعدما اصبحت تضحياتهم لايمكن لاحد الاتيان بها زماننا هذا
ولكن هم انفسهم لو سمعوك أولت لهم الآيات دون نص شرعي قاطع لزعلوا منك ... فلا اعتقد انك تمتلك المميزات الثلاثة عشر للمؤول والمجتهد
التزكية المطلقة له وحده سبحانه حصرا ً والتزكية الرسالية التبليغية كانت للرسل والمبلغين عن الله وعلى من سواه سبحانه العمل الدؤوب لنيلها
نكمل بعد قليل :v1:
حيدر الإنسان
29-06-2012, 12:08 AM
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى الكبرى :
( وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ لَا يَعْتَقِدُونَ عِصْمَةَ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا الْقَرَابَةِ وَلَا السَّابِقِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ؛
بَلْ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وُقُوعُ الذُّنُوبِ مِنْهُمْ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَيَرْفَعُ بِهَا دَرَجَاتِهِمْ ، وَيَغْفِرُ لَهُمْ بِحَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ ) .
جميل انك ذكرتنا بشيخ المائة السابعة السوري ، نابغة الاقليم المحاصر المدمر ايامنا هذه ( حران ) السوري ، اسال الله ان يمنحهم بركته وبركة الامام النووي بان يحفظ اهاليها من كل سوء ومكروه (آمين)
ورائع كما هو كلامه ... وهو يرد عليك بوضوح ... ولو تمعنت بالكلمات جيدا ستراها تشملنا جميعا ... جميع من يؤمن بالله مهما بلغت منزلته الدينية
كلنا نذنب ، فيفتح الله لنا باب التوبة فنتوب ويتوب علينا ، ويستبدل سيئاتنا بحسنات ... وهذا نص قرآني صريح (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ))
لا عصمة مطلقة لأحد ولا تزكية مطلقة لأحد ولا منزلة مميزة في الدماء لأحد ... كلهم خلقهم الله ((ونفخ فيهم من روحه))
ثم منَّ الله على بعض خلقه بالتكليف ... وتنفيذهم للتكليف زادهم تشريف آخروي وتواضع وخوف دنيوي ((ومن نعمره ننكسه في الخلق))
لايرتفعون علينا في الدنيا ... بل هم عباد الرحمن الموصوفون بكتاب الله
خلاصتنا لاتزكية لاقداسات لامميزات تفاضلية على دمائنا
قواعد اساسية كي نخوض مأساة (الجمل) وصفين ومابعدهما وكثيرا ما أشبههما أنا بعملية ضرب برج التجارة العالمي في امريكا في عصرنا هذا!!!!
لنا عودة ان شئت
ربيحة الرفاعي
01-07-2012, 07:30 PM
موضوع رائع تعرض لقصص ومرويات تاريخية كانت نكتة حسرة في صفحة أخيار أطهار نحسبهم ونحبهم
وتستحق كل واحدة منها وقفة تأملية طويلة
سأمر عليها كثيرا لأحفظ أدلة النقض، وسأدعو لها الجميع
تحاياي
بهجت عبدالغني
01-07-2012, 10:29 PM
الأستاذ حيدر
أراك دائماً تخلط بين مفهومي التزكية والعصمة ..
التزكية لا تعني العصمة ، فالصحابة مزكون من قبل الله ورسوله ، لكنهم غير معصومين ، كما مرّ ذلك في كلام ابن تيمية ..
وأنا لا اتأول الآيات ولا أخوض في التأويل ، ولا الأمر عندي يحتاج إلى تأويل ، فالآيات واضحة صريحة في تزكية الصحابة وتعديلهم ..
ثم أقول :
لا يا أخي الكريم .. الصحابة أفضل منا وارفع درجة ومنزلة في الدنيا والآخرة ، فهم الذين اختارهم الله تعالى لحمل رسالته إلى البشرية ، ومدحهم وأثنى عليهم ووعدهم بالجنة ..
ولو كنا مكانهم لكنا ـ ربما ـ من أتباع أبي جهل وأمية بن خلف ..
أما الدم فمحرم سفكه ..
تحياتي ..
حيدر الإنسان
03-07-2012, 02:39 AM
انا لا اقبل العصمة ولا التزكية لاي كان على دمائنا مهما كانت مسمياته والقابه فلا يقبلها عقلي (دراية ً) ولم أسمعها من منصف ٍ(رواية ً)
اولا :
فارحم قصور فهمي اللغوي واشرح لي المعنى الشرعي للتزكية المطلقة اولاً !؟ ثم لسائرهم تزكية مطلقة !!
ارجوك معنى لغوي شرعي محدد للتزكية كما فهمناها عندما جاءت في حق الرسول
ثانياً :
لا علم عندي بان من سبقنا جميعهم (ما خلا الصحابة) يجب ان يكونوا خيرا منا جميعا (لايوجد حكم بالجمع المطلق)
ولا اعرف مدى تقييمك لقصة أويس القرني مثلا
ثالثا هذا ماوصل اليه علمي بتقييم امتنا ومانحن عليه
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=722329&posted=1#post722329
وحسن الظن يوجب عليك ان تقول ربما كنا من الصف الاول وفق المقياس ولا فضل لاحد بالاختيار الجبري لله في زمن الولادة ومكانها
رابعا / نقطة مفصلية في حوارنا
لايزكي الله احد على دمائنا مادمنا نشهد بوحدانية الله وصدق الرسالة ، فلايبيح له الاجتهاد في اراقة دمائنا ، ثم يكون هو مرضي عنه مجتهد ، ونحن من الدرجة الدونية امرنا مشكوك فيه !!! وقد قتنلنا باجتهاده ؟؟؟
نحن جميعا في الحقوق الانسانية متساوون ، لافضل لاحد على احد ، حق الحياة مكفول للجميع ، ولا حق لزكي ولا ولي ولا ولا باراقة دمائنا باجتهاده
فماهو رايك؟
بهجت عبدالغني
10-07-2012, 12:18 PM
أصل التزكية في اللغة يدور على عدة معان :
الطهارة ـ النَّماء والزيادة والبَركةُ ـ المَدْح ـ الصلاح .
وقد ذكرت هذا لأنك طلبته ، وإلا فالمعاجم تملأ البلاد ، وكبسة زر في الموسوعة الشاملة تعطيك المعنى .
وأما في الاصطلاح فإن لفظ التزكية يدور حول المعاني اللغوية المتقدمة .
مع ملاحظة أن تزكية الصحابة أسمى وأرقى من هذا بكثير ، لأن الله تعالى هو الذي تولى تزكية نفوسهم وتطهير قلوبهم ، ومدحهم في كتابه الكريم ، وأثبت فضلهم فيه ، وعدّلهم ووثقهم ، فلا نحتاج بعده إلى تعديل أحد ولا توثيق أحد ..
قال تعالى ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
وقال تعالى ( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) .
قال الخطيب البغدادي رحمه الله في ( الكفاية في علم الرواية ) في باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة ، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم ، وإنما يجب فيمن دونهم :
كل حديث اتصل إسناده بين مَن رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم : لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ، ويجب النظر في أحوالهم ، سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن .
وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره :
الصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله .هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة .وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم. ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث. وهذا مردود .
...............
أما الدم المسلم فحرام سفكه .. حرام .. حرام ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِ وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ ». متفق عليه .
تحياتي ..
عبد الرحيم بيوم
10-07-2012, 12:47 PM
في بيان أهمية هذا الموضوع بطريقته الأصلية وفي بيان ضرورة استمراريته ارتايت نقل جزء من مقدمة كتاب فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه:
إن الدراسة المثمرة للتاريخ، تكون لهدف صحيح، ويجب أن يكون التاريخ المعتمد لذلك، تاريخاً صحيحاً، من حيث نقله، وإلا فستكون الثمرة ثمرة فاسدة.
ولا يكون التاريخ صحيحاً إلا إذا استُمِد من المصادر الموثوقة الصحيحة، التي في مقدمتها كتاب الله العزيز، الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} 3 ففيه مادة تاريخية واسعة، متنوعة العصور، تتناول عدداً من الح-وادث، وتتعم-ق -أحياناً- في تفصيلات دقيقة.
ويلي هذا المصدر الموثوق، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث، فإنها تحتوي على معلومات تاريخية، عن بعض الأمم السالفة، وعن عصر السير
أما المصدر الثالث، من مصادر التاريخ الموثوقة، فهو: الروايات التاريخية المسندة؛ صحيحة الأسانيد، التي يرويها أصحاب المصنفات المسندة والتي منها: كتب الحديث، وكتب التاريخ، والكتب التي خُصصت لتراجم الرجال؛ يروونها بأسانيدهم الصحيحة إلى شاهد العيان.
هذه هي مصادر التاريخ الموثوقة التي يجب على كل باحث، في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخ الخلفاء الراشدين، أن يستقي معلوماته منها.
وعليه أن يتجنب الروايات الواهية، والموضوعة، ليكون بناؤه التاريخي سليم القواعد، صالحاً للتحليل، واستمداد العبر منه، والوصول إلى قوانين العمران، وسنن الاجتماع.
وأصدق، وأصلح تاريخ لذلك هو تاريخ الأنبياء، وفي مقدمتهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخ خلفائه الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
فإن هذا التاريخ، تاريخٌ سليم من الشذوذ، والأمراض الاجتماعية، والفكرية، ومن الأهواء والتطرف.
هذا هو طابعه العام، أما ما وقع في أواخر هذه الفترة، من فتن وحروب، فعلى فرض صحة ما صورته الروايات التاريخية، فإنه لا يعمم الحكم عليها، مع أنه قد أدخل فيها الكثير من الدس، والتحريف، ثم أبرز وأشيع.
فشاعت فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه وموقعة الجمل، وصفين، والتحكيم، شيوعاً أعظم مما كان فيها من مواضع القدوة، وما كان فيها من العدل والإنصاف، والمثل العليا في تحقيقها، وأكثر مما كان من قصص أولئك المؤمنين الصادقين الأبرار، مما يبين قوة إيمانهم، ويقينهم، وتعلقهم بخالقهم، مما يزيد الإيمان ويحسن الاقتداء بهم.
لقد طغت شهرة هذه الفتن، على هذه المعاني السامية، من حيث الانتشار، فلا يكاد يعلم الكثيرون عن هذه الفترة إلا الفتن التي حدثت في آخرها ومن ثم أحجموا عن دراستها وجمعها ظناً منهم أنها مما شجر بين الصحابة، وأخذ أفراخ أولئك الأعداء يحاجون المسلمين، ببعض المواقف المستقاة من تلك الروايات المكذوبة، فمن المسلمين من يبهت، ويسكت، ومنهم من يتلمس الأعذار، ولم يناقش في أسانيد تلك الأكذوبات، إلا عدد قليل من الأئمة؛ أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية.
ولم أقف على كتاب جمع مرويات هذه الفتنة ودرس أسانيدها، ومَيَّز صحيحَها من ضعيفِها، ثم بَنَى على الروايات الصحيحة صورة صحيحة حقيقية لها.
فقمت بذلك في هذا الكتاب -قدر الجهد والاستطاعة- مما أظهر لي أن هذه الفتنة، لا تعد مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، إنما هي مما شجر بين الصحابة، وأناس ليسوا من الصحابة، كما أوضحت موقف الصحابة الحقيقي تجاه عثمان رضي الله عنه وقتله، وأن أحداً من الصحابة لم يشترك في التحريض عليه، فضلاً عن قتله، ولم يخرج أحد من الصحابة عليه، فرضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنة الفردوس مأوانا ومأواهم، وحشرنا جميعاً تحت لواء خير أوليائه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
وليس معنى هذا أن السلف أغفلوا دراسة هذه الفتنة عموماً فقد بذل أهل السنة والجماعة جهوداً عظيمة، في توضيح صورتها على حقيقتها والرد على تلك الروايات الباطلة، التي شوهت صورتها، وكشف زيفها كابن تيمية في منهاج السنة، وابن العربي في العواصم من القواصم، والمحب الطبري في الرياض النضرة، فجزاهم الله خيراً، وأجزل لهم المثوبة.
إلا أن الموضوع كما أسلفت، لم يستكمل البحث فيه، من جهة دراسة أسانيد تلك الروايات، والبناء على صحيحها، والتحذير من ضعيفها، مع كشف عللها وبيان سبب ضعفها، وهذا العمل فيه دفاع عن العقيدة، وتصحيح لجانب من جوانبها، ألا وهو حب الصحابة، وإنزالهم منازلتهم التي أنزلهم ربهم.
وقد تنبه إلى هذا الأمر، أساتذة فضلاء دعوا إلى تنقية الروايات الواردة في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه على منهج المحدِّثين، في نقد الروايات، وذلك بدراسة أسانيدها، ومتونها، وتمييز صحيحها من سقيمها، ثم البناء على ما صح منها.
وكان من هؤلاء الأساتذة: الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري، فقد اقترح عليَّ الكتابة في هذا الموضوع على هذا المنهج، فوافق ذلك رغبة في نفسي لعدة أسباب منها:
أولاً: رغبتي في الذبِّ عن الصحابة، وإظهار براءة من اتُّهم منهم، ودفع الشبهات التي ألصقت بهم رضي الله عنهم، لأن محبتهم توجب ذلك، لا سيما وقد ظهر من يقدح فيهم بالباطل، يقول ابن تيمية: "إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل، فلا بد من الذب عنهم، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"ولا يعد ذلك، مما نهينا عنه، من الخوض فيما شجر بينهم، بل هو إظهار للحقيقة التي تدفع عنهم ما ألصق بهم من باطل.
ثانياً: التنبيه على أن هذه الفتنة ليست مما شجر بين الصحابة، كما هو المشهور عند الكثيرين.
ثالثاً: رغبتي القوية في تأصيل الصورة الصحيحة، وتصحيح المفاهيم بحقيقة هذه الفتنة، على أسس صحيحة قوية مبنية على نقد الأسانيد والمتون.
رابعاً: استجابتي لحث العلماء، على تصحيح التاريخ الإسلامي، وتخليصه مما علق به من شوائب، باستخدام منهج قوي ومتين، ليتهيأ للمربين، فيربوا عليه أجيال المسلمين تربية صحيحة." انتهى
هدى الله الجميع لما فيه خير
وامنيتي ان يتابع الموضوع بعد هذا التوقف
بهجت عبدالغني
11-07-2012, 05:57 PM
شكراً لك أخي الكريم عبدالرحيم صابر
على هذه التوضيحات المهمة في منهج البحث في مجال التاريخ ..
وكثيراً ما ينزلق المؤرخ والمفكر بسبب فقدانه للمنهج او عدم وضوحه
فتأتي نتائجه ضعيفة غير موضوعية ..
تحياتي
بهجت عبدالغني
11-07-2012, 06:00 PM
فضل الصحابة رضوان الله عليهم
اعتقاد عدالةِ الصحابة وفضلهم هو مذهبُ أهلِ السنة والجماعة ، وذلك لما أثنى اللهُ تعالى عليهم في كتابه ، ونطقت به السنَّةُ النبويةُ في مدحهم ، وتواتر هذه النصوص في كثير من السياقات مما يدل دلالة واضحة على أن الله تعالى حباهم من الفضائل ، وخصهم من كريم الخصال ، ما نالوا به ذلك الشرف العالي ، وتلك المنزلة الرفيعة عنده ؛ وكما أن الله تعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده ، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة ، ويليق لهذه الكرامة ؛ كما قال تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/ 124 .
قال ابن القيم رحمه الله : " فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم " طريق الهجرتين ، ص (171) .
وقال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) الأنعام/53 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله : " الذين يعرفون النعمة ، ويقرون بها ، ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح ، فيضع فضله ومنته عليهم ، دون من ليس بشاكر . فإن الله تعالى حكيم ، لا يضع فضله ، عند من ليس له أهل . "
وكما جاءت الآيات والأحاديث بفضلهم وعلو منزلتهم ، جاءت أيضا بذكر الأسباب التي استحقوا بها هذه المنازل الرفيعة ، ومن ذلك قوله تعالى :
( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الفتح/29
ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة ، ما شهد الله تعالى لهم من طهارة القلوب ، وصدق الإيمان ، وتلك – والله - شهادة عظيمة من رب العباد ، لا يمكن أن ينالها بَشَر بعد انقطاع الوحي .
اسمع قوله سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) الفتح/18
قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/243) :
" فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " انتهى .
وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (1810) .
وقد وعد الله المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم ، وأحَلَّ عليهم رضوانه في آيات تتلى إلى يوم القيامة ، فهل يعقل أن يكون ذلك لمن لا يستحق الفضل !؟
يقول سبحانه وتعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/100
وقد شهد لهم بالفضل سيد البشر وإمام الرسل والأنبياء ، فقد كان شاهدا عليهم في حياته ، يرى تضحياتهم ، ويقف على صدق عزائمهم ، فأرسل صلى الله عليه وسلم كلمات باقيات في شرف أصحابه وحبه لهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري (3673) ومسلم (2540)
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533)
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49) :
" على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .
ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين ، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية ، لما كفتنا المجلدات الطوال ، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى ، وأي قرطاس يسع حياة المئات من الصحابة الذين ملؤوا الدنيا بالخير والصلاح .
يقول ابن مسعود رضي الله عنه :
" إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ " انتهى
رواه أحمد في "المسند" (1/379) وقال المحققون : إسناده حسن .
وسبق التوسع أيضا في تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (13713) (45563)
ثانيا :
لا بدَّ أن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين ، وهذا هو مذهبُ أهل السنة والجماعة ، وإنما هم بشرٌ يجوزُ عليهم ما يجوز على غيرهم .
وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء ، فهو إلى جانبِ شرفِ الصحبة وفضلِها مُغْتَفَرٌ ومَعْفُوٌّ عن صاحبه ، والحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئات ، ومقامُ أَحَدِ الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم ، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ، ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ ، لكن هم كما قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ) الاحقاف/16 الآية ، وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها " [ مجموع الفتاوي 4/434 ] .
وقد قرر ذلك الكتاب والسنة في أكثر من موقف :
فقد تجاوزَ الله سبحانه وتعالى عمن تولى يوم أُحُدٍ من الصحابة ، فقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) آل عمران/155
ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح ، وهَمَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا ، وَمَا يُدرِيكَ ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ : اعمَلُوا مَا شِئتُم ، فَقَد غَفَرتُ لَكُم ) رواه البخاري ومسلم (2494)
وغير ذلك من المواقف التي وقع فيها بعض الصحابة بالمعصية والذنب ، ثم عفا الله تعالى عنهم ، وغفرها لهم ، مما يدل على أنهم يستحقون الفضل والشرف ، وأنه لا يقدح في ذلك شيء مما وقعوا فيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، فإن الآيات السابقة في فضلهم وتبشيرهم بالجنة ، أخبار لا ينسخها شيء .
والله أعلم
.................................................
من موقع الإسلام سؤال وجواب .
عبد الرحيم بيوم
15-07-2012, 11:50 AM
هذه الصفحات من المنهج والمسلك العلمي
قال العلامة الالباني رحمه الله في كتابه "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات الدكتور البوطي في كتابه فقه السيرة"(1) بعد ايراده لحديث ضعيف اعتمده البوطي:
"ليس من شيمة المحققين الاعتماد على الأخبار المرسلة والمعضلة التي ترسل إرسالا بدون إسناد، لا سيما إذا كان مثل هذا الحديث الذي لا يتفق مع كماله صلى الله عليه و سلم وعصمته، على الرغم مما وجهه به حضرة الدكتور وتأوله به، فإن التأويل فرع التصحيح، ونحن بحاجة أن نسد بعض الثغرات التي ينفذ منها المغرضون على اختلاف مذاهبهم بالنقد العلمي الحديثي الصحيح، فإذا لم يصح الحديث فلا مبرر حينئذ للتأويل اتفاقا ".
------------------
(1) ص14 ولتحميل الكتاب
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=725765#post725765
بهجت عبدالغني
18-07-2012, 12:57 PM
( 6 )
شبهة كثرة مرويات أبي هريرة
يطعن بعض أعداء السنة في مرويات الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه بسبب كثرتها، والتي وصلت إلى ( 5374 ) ، وهذا أضعاف ما رواه الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم ، على الرغم من أن صحبة أبي هريرة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم كانت ثلاث سنوات فقط ، فكيف روى أبو هريرة هذا الكم الهائل من الأحاديث في هذه الفترة القصيرة ؟
النقد :
1 ـ مدة صحبته :
قال ابن حجر العسقلاني :
( قدم ـ أي أبو هريرة ـ في خيبر سنة سبع ، وكانت خيبر في صفر ، ومات النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول سنة إحدى عشرة ، فتكون المدة أربع سنين وزيادة ، وبذلك جزم حميد بن عبد الرحمن الحميري ) (1) .
إذن مدة الصحبة أربع سنوات وليست ثلاث .
لكن أبا هريرة يخبرنا كما في صحيح البخاري أن مدة صحبته كانت ثلاث سنوات ، حيث قال : ( صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ سِنِينَ ، لَمْ أَكُنْ فِى سِنِىَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِىَ الْحَدِيثَ مِنِّى فِيهِنَّ ) .
قال ابن حجر مزيلاً هذه الإشكالية :
( فكأن أبا هريرة اعتبر المدة التي لازم فيها النبي صلى الله عليه وسلم الملازمة الشديدة ، وذلك بعد قدومهم من خيبر ، أو لم يعتبر الأوقات التي وقع فيها سفر النبي صلى الله عليه وسلم من غزوه وحجه وعُمَرِه ؛ لأن ملازمته له فيها لم تكن كملازمته له في المدينة ، أو المدة المذكورة بقيد الصفة التي ذكرها من الحرص ، وما عداها لم يكن وقع له فيها الحرص المذكور ، أو وقع له لكن كان حرصه فيها أقوى ، والله أعلم ) (2) .
أي أن أبا هريرة حسب المدة التي لازم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملازمة شديدة ، واستثنى الأيام التي ابتعد فيها حين ذهب إلى البحرين ، أو في بداية إسلامه ، أو في أيام الغزوات ، حيث قد لا يتيسر له ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم في يومه وليلته (3) .
2 ـ قام الدكتور محمد عبده يماني بعملية حسابية لمرويات أبي هريرة (4) ، وتوصل إلى نتائج مذهلة ، تدحض كل شبهة وفرية :
ـ عدد أحاديث أبو هريرة في الكتب الستة (5) ( 5374 ) حديثاً .
ـ بعد حذف الأحاديث المكررة البالغة عددها ( 4074 ) بقي العدد ( 1300 ) حديثاً .
ـ الأحاديث ( 1300 ) الذي رواه أبو هريرة لم ينفرد بروايته ، بل إن العديد من الصحابة رووا نفس الأحاديث من غير طريق أبي هريرة .
ـ وبعد حذف الأحاديث التي رويت من غير طريق أبي هريرة في كتب الصحاح الستة ، وُجد أن ما أنفرد به أبو هريرة ولم يروه أي صحابي آخر هو ( أقلّ من عشرة أحاديث ) .
ـ ثم تطور البحث ليشمل الكتب التسعة (6) ، وقد بلغ فيها الأحاديث المروية عن أبي هريرة ( 8960 ) حديثاً .
ـ منها ( 8510 ) حديثاً بسند متصل ، و ( 450 ) بسند منقطع .
ـ وبعد حذف الأحاديث المكررة بقيت ( 1475 ) حديثاً فقط .
ـ وهذه الأحاديث قد اشترك الصحابة مع أبي هريرة في روايته .
ـ وبعد حذف الأحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين ، وُجد أن ما أتى به أبو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة ( 253 ) حديثاً فقط .
فهل هذا العدد كبير ؟
ألا يمكن لفرد أن يقرأها جميعاً في جلسة واحدة ، وخاصة وأكثرها جمل مختصرة ؟
ومن كان بيته من زجاج ، لا يرمي الآخرين بالحجر .. واللبيب من الإشارة يفهم ..
....................................
(1) فتح الباري ، 6 / 608 .
(2) نفس المصدر .
(3) موقع الإسلام اليوم ، محمد صالح المنجد .
(4) أبو هريرة .. أمانة الرواية وصدقها .. الدكتور محمد عبده يماني .
(5) الكتب الستة هي :
- صحيح البخاري وقد جمعه الإمام البخاري ، المتوفى سنة 256هـ.
- وصحيح مسلم وقد جمعه الإمام مسلم ، المتوفى سنة 261هـ.
- وسنن أبي داود وقد جمعها الإمام أبو داود ، المتوفى سنة 275هـ.
- وسنن الترمذي ، وقد جمعها الإمام الترمذي ، المتوفى سنة 279هـ.
- وسنن النسائي ، وقد جمعها الإمام النسائي ، المتوفى سنة 303هـ.
- وسنن ابن ماجه ، وقد جمعها الإمام ابن ماجه ، المتوفى سنة 273هـ.
(6) الكتب التسعة هي الستة السابقة أضف عليها :
- مسند أحمد ، وقد جمعه الإمام أحمد ، المتوفى سنة 241هـ.
- وموطأ مالك ، وقد جمعه الإمام مالك ، المتوفى سنة 179هـ.
- وسنن الدرامي ، وقد جمعها الإمام الدرامي ، المتوفى سنة 255هـ.
عبد الرحيم بيوم
18-07-2012, 02:29 PM
وقد رد هذه الفرية ابو هريرة نفسه فيما خرجه الشيخان من حديث ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال يقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث والله الموعد ويقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم وكنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني فأحضر حين يغيبون وأعي حين ينسون وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته ثم جمعتها إلى صدري فوالذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا".(1)
---------------
(1) خ 2350 م 2492
بهجت عبدالغني
22-07-2012, 05:45 PM
جزاك ربي خيراً اخي الكريم على هذه الاضافة المفيدة
لكن الاشكالية كما تعلم ان بعض القوم لو جئته بألف رواية لم يتعظ
والذي قدمناه عملية حسابية لا يختلف عليه اثنان ، اذا ما أرادوا الحق المبين ..
شكراً لك مرة اخرى
دعائي وتحياتي ..
عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 08:22 PM
فكرة اضافتي ليس تعقيبا او استدراكا
لكن لاجل ان يكون نقد الفكرة مستوعبا ما امكن لجميع الجوانب
فلا نضع في اعتبارنا جهة واحدة فقط
فنحن نريدها صفحات قوية
وبيان ان الفرية المذكورة انها قديمة وان ابا هريرة رضي الله عنه ردها بنفسه اراه مهما جدا
ومن كان ديدنه التشكيك فلا علاج له
تحياتي
بهجت عبدالغني
01-08-2012, 07:50 PM
بارك الله فيك أخي الكريم
ورزقك الله الحسنى وزيادة ..
بهجت عبدالغني
01-08-2012, 07:53 PM
(7)
شبهة كون حسان بن ثابت رضي الله عنه جباناً
والأصل الذي بُنيت عليه هذه الشبهة هي الرواية التالية :
( قال ابن اسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت قالت وكان حسان معنا فيه مع النساء والصبيان فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ورسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم الينا اذ أتانا آت فقلت يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن واني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود وقد شغل رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله قال يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا قالت فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن فقلت يا حسان انزل فاستلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا انه رجل قال مالي بسلبه حاجة يا ابنة عبد المطلب ) (1) .
نقد الرواية :
1 ـ يمكن الاطلاع على إشكاليات سند الرواية في كتاب ( حسان بن ثابت لم بكن جباناً ، سليمان بن صالح الخراشي ، ط1 ، الرياض ، 1413 هـ ) ، فهو قد جمع الأسانيد ونقدها . وهو كتاب موجود على الانترنت .
2 ـ إن جميع الروايات التي رددها متهمو حسان كانت بعد إسلامه ، أي بعد تجاوزه الستين عاماً ، فهل يطلب من رجل تجاوز الستين أن يشترك في القتال بيده ؟ وقد يكون هذا السن مقعداً لصاحبه عن الاشتراك في القتال .
3 ـ وردت روايات صادقة تثبت أن حسان لم يكتف في الدفاع عن الإسلام بلسانه ، بل دافع بنفسه ويده ، ولا بد أن يكون ذلك قبل العلة التي أقعدته عن الحرب .
4 ـ لقد هاجم حسان جمعاً كبيراً من الشعراء وعير خصومه بالوقائع والأيام ، فلم نر أحداً منهم يرميه بالجبن ، على الرغم من شدة أعدائه وقسوة حساده في هجائه ، وقد عبر حسان بنفسه عن ذلك فقال :
ويعلمُ أكفائي من الناسِ أنني ....... أنا الفارِسُ الحَامي الذِّمارِ المُناجِدُ
وما وجدَ الأعداءُ فيّ غميزةً ......... وأن لم يَزَل لي منذُ أدرَكتُ كاشِحٌ
وَلا طَافَ لي مِنهُمْ بوَحْشيَ ........... صَائِدُ عَدُوٌّ أُقَاسِيهِ، وآخَرُ حَاسِدُ
5 ـ إن الجبن الذي وصف به حسان لا يتناسب مع مكانة الشاعر الذي تبوأ منزلة رفيعة بعد الإسلام ، وأطلق عليه شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد أحله رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة كبيرة لا تدانيه منزلة شاعر آخر .
6ـ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من الجهاد بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس ، فيقدم إليه المتخلفون عن الغزو يعتذرون إليه ويحلفون له ، فيقبل منهم علانيتهم ، ويوكل أسرارهم إلى الله .
أما المؤمنون الصادقون فلم يكن يتسامح معهم ، بل كان يعاقبهم اشد العقاب ، كما فعل مع الشاعر كعب بن مالك الأنصاري ، وصاحبه مرارة بن ربيعة العامري ، وهلال بن أمية الواقفي الذين تخلفوا عن غزوة تبوك . ولم يذكر أحد من المؤرخين أن رسول الله حاسب حساناً يوماً لتخلفه ، أو عاقبه على الرغم من تخلفه عن مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يصح أبداً أن يكون الجبن عذراً مقبولاً لدى الرسول صلى الله عليه وسلم .
7ـ إن الجبن والإيمان لا يجتمعان في قلب رجل واحد ، فحيثما حلّ احدهما طرد الآخر ، ومعروف أن حسان كان مؤمناً صادق الإيمان لم يغمزه احد بنفاق أو رقة في الدين .
8ـ أما العلة التي أشار إليها بعض المؤرخين ما ألمحت إليها في خلال حديثي ، والتي أقعدت حسان عن مشاركته في الحروب ، فقد ذكرها الأقدمون فقال الواقدي : كان أكحل حسان قد قطع ، فلم يكن يضرب بيده .
وقال ابن الكلبي : إن حسان بن ثابت كان لسناً شجاعاً فإصابته علة أحدثت فيه الجبن ، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده .
ذكر حسان في شعره قائلاً :
أضرَّ بجسميَ مَرُّ الدهور ......... وخان قِراعَ يدي الأكْحَلُ
وقد كنت أشهد وقعَ الحروب ........ ويحمرّ في كفِّيَ المُنْصُلُ
إن هذين البيتين انصح دليل على عدم صحة اتهامه بالجبن (2) .
9ـ أما ابن عبدالبر الأندلسي فيقول : إنما أصابه ذلك الجبن منذ ضربه صفوان بن المعطل بالسيف (3) .
ـــــــــــــــــــــــ
(1) البداية والنهاية لابن كثير ، ج4 ، ص109 .
(2) تشكيل الصور في شعر حسان بن ثابت ، رسالة ماجستير في الأدب العربي ، 2006 م ، ص18 .
(3) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ابن عبدالبر ، ص348 .
بهجت عبدالغني
19-08-2012, 03:06 PM
(8)
شخصية ..
شخصية شاهدناها في الأفلام التي تناولت سيرة السلطان صلاح الدين الأيوبي ، وهي شخصية عوّام ماهر كان ينقل الكتب للمسلمين ويسبح من تحت مراكب العدو ، وقد عرضتها لنا الأفلام على أنه شخص نصراني واسمه عيسى .
غير أني وجدت في كتاب ( النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية في مناقب السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب)، لأبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة الأسدي الموصلي ، المشهور بابن شداد . قصة هذا الرجل وأنه لم يكن نصرانياً بل كان مسلماً صاحب أمانة ..
يقول :
ذكر قصة العوام عيسى :
ومن نوادر هذه الوقعة ومحاسنها أن عواماً مسلماً يقال له عيسى وصل إلى البلد بالكتب والنفقات على وسطه ليلاً على غرة من العدو وكان يغوص ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو وكان ذات ليلة شد على وسطه ثلاثة أكياس فيها ألف دينار وكتب للعسكر وعام في البحر فجرى عليه أمر أهلكه وأبطأ خبره عنا .
وكانت عادته إذا دخل البلد أطار طيراً عرفنا بوصوله فأبطأ الطير فاستشعرنا هلاكه .
ولما كان بعد أيام بينا الناس على طرف البحر في البلد إذا هو قد قذف شيئاً غريقاً فتفقدوه فوجدوه عيسى العوام ووجدوا على وسطه الذهب وشمع الكتب وكان الذهب نفقة للمجاهدين فما رؤي من أدى الأمانة في حال حياته وقد ردها في مماته إلا هذا الرجل وكان ذلك في العشر الأواخر من رجب أيضاً .
عبد الرحيم بيوم
14-09-2012, 03:07 PM
والخبر من الكتاب في الصفحة 206
بوركت ايها الكريم
خليل حلاوجي
14-09-2012, 05:57 PM
ماشاء الله : موضوع مميز ، وجهد جليل لأخوة مثابرين ... جزيتم الجنة أيها الأحبة .
ولعلي أضع مرويات عن نساء النبي وقصة زواجه صلى الله عليه وسلم بإمنا ( صفية ).
إن سنح الوقت .
بوركتم جميعاً.
بهجت عبدالغني
14-09-2012, 06:15 PM
شكراً أخي الكريم عبدالرحيم
على هذه المعلومة
تحياتي ..
بهجت عبدالغني
14-09-2012, 06:16 PM
الأستاذ الحبيب خليل
أهلاً بك ، تشرفت بمرورك العطر
بانتظار ما يجود به قلمك المبدع ..
بارك الله في علمك وعملك
تحياتي ..
بهجت عبدالغني
13-10-2012, 08:06 PM
(9)
هل قتل محمد الفاتح أخاه الرضيع ؟
هناك فرية منتشرة في الكتب تزعم أن السلاطين العثمانيين اعتادوا عند توليهم مقاليد السلطة أن يقتلوا من يشاؤون من إخوانهم أو بني رحمهم أو أقاربهم بحجة الحفاظ على وحدة المسلمين وليأمنوا محاولات اغتصاب الملك ، ومن ذلك قتل السلطان محمد الفاتح أخاه الرضيع ..
وأنا أتصفح كتاب ( الدولة العثمانية ) للدكتور علي محمد الصلابي ، خطر على بالي أن أبحث في هذا الأمر ، أقصد قتل السلاطين العثمانيين لإخوتهم ، فلم أجد ذكراً لقتل السلطان محمد الفاتح لأخيه الرضيع ، مما يدل على أن الباحث لم يجد شيئاً يستحق الوقوف عنده بهذا الخصوص ، وأنه يعتبر الحادثة أكذوبة لا أكثر ..
أما بخصوص باقي السلاطين فقد وجدت ما يلي :
1 ـ جرى قتال بين ثلاثة من أولاد بايزيد ، فقد ( كان لبايزيد خمسة أبناء اشتركوا معه في القتال ـ ضد تيمورلنك ـ ، أما مصطفى فقد ظن أنه قتل في المعركة ، أما موسى فقد أسر مع والده ونجح الثلاثة الآخرون في الفرار . أما أكبرهم سليمان فقد ذهب إلى أدرنة وأعلن نفسه سلطاناً هناك ، وذهب عيسى الى بروسة وأعلن للناس أنه خليفة أبيه ، ونشبت الحرب بين هؤلاء الأخوة الثلاثة يتنازعون بينهم اشلاء الدولة الممزقة والأعداء يتربصون بهم من كل جانب .
واستطاع السلطان محمد جلبي أن يقضي على الحرب الأهلية بسبب ما أوتي من الحزم والكياسة وبعد النظر وتغلب على أخوته واحداً واحداً حتى خلص له الأمر وتفرد بالسلطان ) (1) .
2 ـ صراع بايزيد الثاني مع أخيه جم :
( كان الأمير جم عندما بلغه وفاة أبيه يقيم في بروسة ، وقد استطاع أن يتحصل على اعتراف السكان به سلطاناً على الدولة العثمانية في المناطق الخاضعة له ، وبعد أن استتب له الأمر في بروسه وماحولها ، أرسل إلى أخيه بايزيد يطلب منه عقد الصلح ، ويقترح عليه التنازل ، ورفض السلطان بايزيد ذلك لأن والده أوصى له بالحكم من بعده ، لكن الأمير جم لم يقتنع بذلك فعاد واقترح على أخيه بايزيد تقسيم الدولة العثمانية إلى قسمين : القسم الأوربي لبايزيد والقسم الآسيوي له ، ولكن بايزيد رفض أيضاً مبدأ التقسيم من أساسه لأن ذلك سوف يعمل على تفتيت الدولة التي سهر أسلافه على بنائها وتوحيدها ، وأصر على أن تبقى الدولة موحدة تحت سلطته وأعد جيشاً ضخماً وسار به إلى بروسه وهاجمها وفر منها جم إلى سلطان المماليك قايتباي في مص فرحب به وأكرمه وأمده بجميع ما احتاجه من أموال للسفر مع أسرته إلى الحجاز لأداء فريضة الحج. ولما عاد من الأراضي المقدسة إلى مصر أرسل إليه السلطان بايزيد يقول له : ( بما أنك اليوم قمت بواجباتك الدينية في الحج، فلماذا تسعى إلى الأمور الدنيوية ، من حيث أن الملك كان نصيبي بأمر الله ، فلماذا تقاوم إرادة الله ؟ فأجابه بقوله : هل من العدل أن تضطجع على مهد الراحة والنعيم وتقضي أيامك بالرغد واللذات ، وأنا أحرم من اللذة والراحة وأضع رأسي على الشوك ؟ وقام جم بالاتصال بكبار أتباعه في الأناضول ، وأثارهم ضد بايزيد ، وتقدم بأتباعه ليغتصب العرش ، ولكنه هزم ، واستأنف المحاولة فهزم أيضاً .
والتجأ جم إلى رودس حيث يوجد بها فرسان القديس يوحنا ، وعقد مع رئيس الفرسان اتفاقاً إلا أنه نقضه تحت ضغط بايزيد وأصبح جم سجيناً في جزيرة رودس ، وكسب فرسان القديس يوحنا بهذه الرهينة الخطيرة امتيازات طوراً من بايزيد الثاني ، ومرة أخرى من أنصار جم بالقاهرة ، فلما تحصل على أموال ضخمة باع رهينته للبابا أنوست الثامن ، فلما مات هذا البابا ترك جم لخلفه اسكندر السادس ولكن الأخير لم يبق على جم كثير حيث قتل واتهم في ذلك بايزيد الثاني الذي تخلص من خطر أخيه ) (2)
3 ـ السلطان سليم الأول ( أظهر منذ بداية حكمه ميلاً إلى تصفية خصومه ولو كانوا من إخوته وأبنائهم ) (3).
لكنه لم يذكر بالتحديد من الذين قتلهم سليم الأول .
أما السلاطين الذين ورثوا الحكم عن الإخوة والأعمام ، فهم :
1 ـ السلطان مصطفى الأول ، حيث تولى السلطة بعد وفاة أخيه عام (1026هـ) ، ثم عزل بعد ثلاثة أشهر ، وجيء بأبن أخيه ( عثمان الثاني ) الذي لم يزد عمره على الثالثة عشر .
2 ـ السلطان ابراهيم بن أحمد الذي تولى الحكم بعد أخيه مراد الذي لم يعقب ذكوراً .
3 ـ السلطان سليمان خان الثاني الذي تولى الحكم بعد أخيه ( محمد الرابع ) .
4 ـ السلطان احمد الثاني الذي تولى الحكم بعد وفاة أخيه سليمان الثاني .
5 ـ السلطان مصطفى الثاني بن محمد الرابع الذي تولى الحكم بعد عمه احمد الثاني .
6 ـ السلطان عبدالحميد الأول الذي تولى الحكم بعد وفاة أخيه مصطفى الثالث .
7 ـ السلطان سليم الثالث الذي تولى السلطة بعد وفاة عمه عبدالحميد الأول .
8 ـ السلطان عبدالعزيز الذي تولى الحكم بعد أخيه .
وهذه الانتقالات للسلطة بين الإخوة تهدم فرية أن السلاطين كانوا يقتلون إخوتهم وأقاربهم عند استلام الحكم بفتوى شرعية ..
وبخصوص الفتوى يتساءل زياد محمود أبو غنيمة صاحب مقال ( أيها المؤرخون : لا تظلموا العثمانيين المسلمين ! ) :
( أين نص الفتوى الشرعية التي يزعم الزاعمون أنها تبيح للسلاطين العثمانيين قتْل بني رحمهم من غير أي مسوغ شرعي ؟
أين أسماء العلماء المسلمين الذين أفتوا الفتوى المزعومة هذه ؟
وفي زمن أي من سلاطين بني عثمان على التحديد صدرت ؟
لقد قرأت بضعة وعشرين مرجعاً ، عربياً وتركياً وإنجليزياً ، تؤرخ للعثمانيين المسلمين ، فما وجدت من بينها مرجعاً واحداً يذكر نص الفتوى المزعومة ، أو يذكر اسماً لعالم واحد تنسب الفتوى إليه ، بل لقد اكتفى كل مرجع عند ذكر هذه الفرية بسردها وكأنها يقين لا يرقى إليه شك ، فلا يحتاج إلى توثيق ) (4) .
نعود للسؤال الأول :
هل قتل محمد الفاتح أخاه الرضيع عند استلامه الحكم ؟
يجيب عن ذلك إبراهيم الحازمي قائلاً :
يعد الخليفة محمد الفاتح أحد السلاطين الأقوياء في الدولة العثمانية . فهو الذي دمر الإمبراطورية البيزنطية ، وفتح عدة ممالك ومدن منها كورنته وغالاتا وارغوس وجنوه ، وقاد الجيش بنفسه في حصار بلغراد عاصمة صربية تم فتحها بفضل الله واستولى على مملكة طرانبرون اليونانية ، وفي عام 1462م فتح رومانيا ، والبوسنة والهرسك وأصبحت ألبانيا وقونية جزءا من الدولة العثمانية .
وفي عام 1476م فتح هنغاريا وملدوفيا .. ويكفيه فخراً وعزاً أنه حقق بشارة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : " لتفتحن القسطنطينية ، فنعم الأمير أميرها ، ونعم الجيش ذلك الجيش " .
أما قصة قتله لأخيه الرضيع أحمد فهي قصة مكذوبة وضعها أعداء الدولة العثمانية لتشويه سيرة هذا البطل المجاهد السلطان محمد الفاتح رحمه الله .
والأدلة على هذه القصة المكذوبة ما يلي :
1ـ إن الثابت أن أحمد مات غريقا في حوض الماء بعد أن غفلت عنه مربيته .
2ـ هل يعقل أن سلطاناً كبيراً يغار من أخ له رضيع أقصى مناه مذقة حليب ، ولا يمكن التنبؤ بنواياه وأطماعه فيقتله استباقا للأحداث بدلا من أن يربيه على طاعة الله وطاعة رسوله وعلى الإخلاص .. ويشربه الولاء لدولة الخلافة .
2ـ إن السلطان محمد الفاتح تربى تربية إسلامية على يد ثلة من علماء عصره مثل الشيخ محمد جبلي زاده الشيخ سراج الدين الحبلي ، والشيخ إسماعيل الكوراني ( الذي كان الفاتح يسميه أبا حنفية زمانه ) .
4ـ أنها نقلت بدون خطام أو زمام .. وإنما لفقها أحد أعدائه ..
5ـ طريقة القتل المزعومة تبين سخف وبطلان هذه القصة: فقد زعم مروجو هذه الفرية أن السلطان محمد الفاتح أرسل أحد قواده واسمه علي بك إلى جناح النساء لقتل أخيه الرضيع ، فلما علم علي بك أن الطفل موجود في حمام النساء حيث تقوم مربيته بغسله ، اقتحم الحمام وأمسك بالطفل الرضيع وغطسه تحت الماء حتى مات مختنقاً غرقا .. أي هراء ... هذا .
وهل يصدق عاقل أن محمد الفاتح ، وهو الذكي المحنك يقدم على قتل أخيه الرضيع بهذه الصورة المكشوفة الساذجة ... ؟ وهل يصدق عاقل أن محمدا الفاتح كان عاجزاً عن تكليف إحدى النساء ، كزوجته ، أو إحدى خادماتها بتنفيذ عملية القتل من دون إثارة انتباه أحد .. بدل أن يرسل رجلاً إلى جناح النساء ، وهو أمر غير مألوف ، بأن يقتحم هذا الرجل حمام النساء .. حيث يكن متحللات من حجابهن ومتخففات من كثير ملابسهن ، وفي ذلك ما فيه من خروج مستهجن عن المألوف ، من شأنه لو تحقق فعلاً أن يثير من ضجيجهن ، وصخبهن ، ما يضطر ذلك الرجل إلى الفرار قبل أن ينفذ مآربه ، مهما بلغت به الجرأة والنذالة ؟ ! إذن ما حقيقة هذه الفرية ..
الحقيقة هي أن المربية التي كانت موكلاً إليها أمر العناية بالطفل الرضيع أحمد ، انشغلت لبعض شأنها بينما كانت تغسله ... فوقع في حوض الماء .. فمات مختنقا غرقا قبل أن تتداركه الأيدي التي امتدت لإنقاذه بعد فوات الأوان .
فتبين مما سبق براءة السلطان محمد الفاتح من تلك التهمة .. وإنما هي فرية صنعها الحاقدون الحاسدون .
عسى الله أن يكفينا شر كل حقود وحسود بمنه وفضله .. اللهم آمين (5) .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
1 ـ الدولة العثمانية " عوامل النهضة وأسباب السقوط " ، علي محمد الصلابي ، المكتبة العصرية ـ بيروت ، 2010 ، ص85 ، 87 .
2 ـ ص197 ـ 180 .
3 ـ ص191 .
4 ـ موقع الفسطاط : http://www.fustat.com/I_hist/ottomans.shtml
5 ـ موقع إسلام ويب : http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=10393
بهجت عبدالغني
24-01-2013, 02:23 AM
( 10 )
لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بـ ( بحيرا الراهب )
تقول الرواية كما في ( ابن هشام ، ص34 ـ 36 . الطبري ، ج2 ، ص277 ـ 279 ، وغيرها من كتب التاريخ ) :
( فلما نزل الركب ـ أي قافلة قريش وفيهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان عمره يومذاك تسع سنوات ـ بصرى من أرض الشام، وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيهم فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا مما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام نزلوا به قريباً من صومعته، فصنع لهم طعاماً كثيراً، وذلك - فيما يزعمون - عن شيء رآه وهو في صومعته في الركب، حين أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريباً منه، فنظر إلى الغمام حتى أظلت تحتها، فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعاماً يا معشر قريش، وأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم، وحركم وعبدكم، فقال له رجل منهم: يا بحيرا إن ذلك اليوم لشأنا ما كنت تصنع هذا فيما مضى، وقد كنا نمر بك كثيراً فما شأنك اليوم؟ فقال له بحيرا: صدقت قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاماً تأكلون منه كلكم صغيركم وكبيركم، فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم - لحداثة سنه - في رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده، قال: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا، قالوا له: يا بحيرا ما تخلف في رحالهم، قال: فلا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل مع القوم من قريش: واللات والعزى إن هذا للؤم بنا، يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن الطعام من بيننا! ثم قام إليه فاحتضنه، ثم أقبل به حتى أجلسه مع القوم، فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظاً شديداً، وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده في صفته، حتى إذا فرغ القوم من الطعام وتفرقوا قام بحيرا فقال له: يا إلام أسألك باللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه، وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لا تسلني باللات والعزى شيئاً، فو الله ما أبغضت شيئاً قط بغضهما، فقال له بحيرا: فبالله إلا أخبرتني عما أسلك عنه، قال: سلني عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء من حاله: من نومه، وهيئته، وأموره، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده، فلما فرغ منه أقبل على عمه أبي طالب فقال له: ما هذا الإلام منك؟ قال: ابني، قال له بحيرا: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الإلام أن يكون أبوه حياً، قال: فإنه ابن أخي، قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به، قال: صدقت، ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن فأسرع به إلى بلاده، فخرج به عمه أبو طالب سريعاً حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام ) .
نقد الرواية :
يقول الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل في كتابه ( دراسة في السيرة ) في معرض حديثه ونقده لهذه الرواية :
( ولم يقف إزاء الرواية ناقداً ممحصاً سوى ابن سيد الناس في ( عيون الأثر ) ، والذهبي في ( تاريخ الإسلام ) ) .ص40 .
ثم يقول :
( وقبل أن ندلف إلى تلك الإرهاصات والأحاديث لا بدّ أن نشير إلى الضعف والتهافت اللذين يسودان تلك الرواية التي سبق وأن عرضنا لها بإيجاز والتي تتحدث عن لقاء مبكّر تمّ بين محمد الصبي الذي صحب عمه أبا طالب في رحلته الأولى إلى بلاد الشام وبين بحيرى الراهب.. ونستطيع أن نجد في بحث الدكتور محسن عبد الحميد تقييما للرواية يضعها في مكانها الأقرب إلى الصواب. فهو، بعد أن يعرض بالنقد لأسانيد الرواية ومتونها، يخلص إلى القول بأن «.. هذه الروايات كلها مردودة سندا ومتنا لما فيها من الضعف والنكارة ولما فيها من فساد المتون وبطلانها من الناحية التاريخية وتعارضها مع قواعد العمران البشري والقوانين مما يثبت إثباتا قاطعا أن هذه الرواية موضوعة، نقلها المؤرخون وبعض المحدثين الذين لا يتشدّدون في شروط الرواية، ظنا منهم أنهم بذلك يضيفون دليلا جديدا يسند نبوة رسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام، ولم ينتبهوا إلى أن أمثال هذه القصص فيها من الشرّ أكثر مما فيها من الخير، لأن أعداء الإسلام منذ القديم أرادوا أن يروجوا أمثال هذه الروايات الواهنة كي يثبتوا وجود بحيرى وغيره من القسس في أطراف الجزيرة العربية الذين كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم- في زعمهم يتصل بهم ويأخذ عنهم.
ولقد اهتم بهذه الروايات الباطلة الكاذبة المؤرخون والمستشرقون الغربيون وبنوا عليها أبا طيل ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يمكن أن تقف لحظة واحدة أمام الحقائق التاريخية، منهم وليام موير ومارغليوث ودرابر وغيرهم كثيرون حيث اعتبروا أن أسرار الإسلام كلها أخذها محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الراهب. ولم يدعهم تعصّبهم أن يفكروا كيف يمكن لطفل عمره تسع سنوات أن يأخذ كل هذه الأسرار في لقاء عابر من بحيرى أو أمثال بحيرى ) . ص272 .
عبد الرحيم بيوم
24-01-2013, 05:57 PM
حادثة الراهب المسمى " بحيرا " حقيقة لا خرافة
بقلم : الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني
قرأت في الأجزاء (77-40) شوال سنة 1378 - من هذه المجلة الكريمة بحثاً من كتاب " المنتقى في تاريخ القرآن " للأستاذ عبد الرؤوف المصري تحت عنوان ( خرافة الراهب بحيرا ) جاء فيه :
" لم يثبت بالسند الصحيح عن الصحابة ولا عن التابعين حادثة بحيرا الراهب ( نسطورس ) ، ولم يثبت بالصحيحين ( كذا ) بأن بحيرا قابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى في صغره مع عمه أبي طالب في سفره إلى الشام ، ولم يشر -صلى الله عليه وسلم- إلى تلك الحادثة لا تصريحاً ولا تلميحاً في جميع أحاديثه وأدوار حياته ، بل كانت حادثة بحيرا غفلة من بعض كتاب السيرة دسها داس لتعظيم شأن النبي في صغره ونقلها أصحاب السير من غير تمحيص " ثم قال : " . . . واعتمدوا على أمشاج من الروايات لا سند لها . . . " .
هذا لب ما جاء في البحث المذكور ويتلخص منه أن الحادثة لم تثبت في الصحيحين ولا في غيرهما عن أحد من الصحابة والتابعين بالسند الصحيح ، وأن كل ما هنالك إنما هو أمشاج من الروايات التي لا سند لها.
سند الحادثة :
كيف لا تصح هذه الحادثة وقد رواها من الصحابة أبو موسى الأشعري ، ومن التابعين الأجلاء أبو مجلز لاحق بن حميد رحمه الله تعالى ، ورد ذلك عنهما بإسنادين صحيحين ، وهاك البيان :
أما رواية أبي موسى الأشعري فأخرجها الترمذي في سننه (4/496) وأبو نعيم في " دلاثل النبوة " (1/53) والحاكم في " المستدرك " (12 / 615 - 616) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (6/187 - 188/ 1) بأسانيد متعددة عن قراد أبي نوح : أنبأ يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال : خرج أبو طالب إلى الشام ، وخرج معه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أشياخ من قريش ، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فعلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت ، قال : فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين ، فقال له أشياخ من قريش : ما علمك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، ثم رجع فصنع لهم طعاماً فلما أتاهم به ، وكان هو في رعية الإبل ، قال : أرسلوا إليه ، فأقبل وعليه غمامة تظله ، فلما دنا من القوم وجد القوم قد سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه ، فقال : انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه . الحديث بطوله .
وحسنه الترمذي وإسناده جيد وقد صححه الحاكم والجزري وقواه العسقلاني والسيوطي وقد بينت صحته على طريقة أهل الحديث قريباً في " مجلة المسلمون " العدد الثامن من سنة 1379 (ص 393 – 397) فليرجع إليه من أراد زيادة في التثبت.
وأما رواية أبي مجلز فأخرجها ابن سعد في " الطبقات الكبرى " قال (1 / 120) : أخبرنا خالد بن خداش : أخبرنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز أن عبد المطلب أو أبا طالب -شك خالد- قال : لما مات عبد الله عطف على محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال فكان لا يسافر سفراً إلا كان معه فيه ، وإنه توجه نحو الشام فنزل منزله فأتاه فيه راهب ، فقال : إن فيكم رجلاً صالحاً ، فقال : إن فينا من يقري الضيف ويفك الأسير ويفعل المعروف ، أو نحواً من هذا ، ثم قال : إث فيكم رجلاً صالحاً ، ثم قال : أين أبو هذا الغلام ؟ قال : ها أنا ذا وليه ، أو قيل . هذا وليه ، قال . احتفظ بهذا الغلام ولا تذهب به إلى الشام ، إن اليهود حسد ، وإني أخشاهم عليه ، قال : ما أنت تقول ذاك ولكن الله يقول ، فرده ، قال . اللهم إني أستودعك محمداً ، ثم إنه مات .
وهذا إسناد مرسل صحيح ، فإن أبا مجلز واسمه لاحق بن حميد تابعي ، ثقة ، جليل ، احتج به الشيخان في صحيحيهما ، وبقية أصحاب الكتب الستة ، وأخذ الحديث عن جماعة من الصحابة منهم : عمران بن حصين ، وأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأنس ، وجندب بن عبد الله ، وغيرهم ، ومن بينه وبين ابن سعد كلهم عدول ثقات ، احتج بهم مسلم في صحيحه .
وإذا تبين هذا يسقط بداهة قول الأستاذ في خاتمة البحث : " إن خرافة بحيرا ابتدعت في القرن الثاني والثالث الهجري ، ولم يروها الثقات " فقد رواها الثقات من قبل القرن الذي زعم أن الحادثة ابتدعت فيه !
شبهاث حول الحادثة وجوابها:
بعد أن أثبتنا معه الحادثة بالحجة العلمية ، لا بد لنا من الإجابة عن الشبهات التي حملت الأستاذ المصري على الطعن في الحادثة واعتبارها من الخرافات التي راجت على أسلافنا جميعاً من كتاب السيرة ! حتى يأخذ البحث مداه العلمي فأقول :
الشبهة الأولى : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشر إلى تلك الحادثة لا تصريحاً ولا تلويحاً.
والجواب : إنها شبهة يغني حكايتها عن ردها ، إذ كل من عنده ذرة من علم بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرة غيره من العظماء يعلم أن أكثر هذه السيرة وردت عن أصحابهم متحدثين بما يعلمونه عنهم ، لا بما سمعوه منهم ، ومن هذا القسم الشمائل النبوية ، فهل طعن أحد في شيء من ذلك بعد ثبوت الرواية بها ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يشر إلى ذلك أصلاً ؟!
الشبهة الثانية : قول الأستاذ : " إن بحيرا الراهب كان في القرن الرابع للمسيح ، وادعاء مقابلة بحيرا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- كان في أواخر القرن السادس مع أن بحيرا وجد في القرن الرابع وحادثته التاريخية مشهورة يقصها تاريخ الكنيسة نفسه . . . " .
وجوابنا عن هذه الشبهة من وجوه :
الأول : إن الراهب في تلك الحادثة لم يسم مطلقاً في الرواية الصحيحة التي قدمتها وبذلك تسقط الشبهة من أساسها .
الثاني : إن تسمية الراهب بـ ( بحيرا ) إنما جاء في بعض الروايات الواهية ، في إحداها الواقدي وهو كذاب ، وفي الأخرى محمد بن إسحاق صاحب السيرة رواها بدون إسناد ، وهاتان الروايتان هما عمدة كل المؤرخين الذي سموه بهذا الاسم ، فلا يجوز اعتبارهما ورد الرواية الصحيحة بهما كما هو ظاهر ، على أن بعض مؤرخينا كالمسعودي وغيره ذكر أن اسمه جرجيس ، فلا إشكال أصلاً .
الثالث : إن هذه الشبهة إنما تقوم على ادعاء الأستاذ أن الراهب بحيرا كان في القرن الرابع من الميلاد ، وهي دعوى عارية عن الصحة إذ ليس لديه حجة علمية يستطع بها إثباتها ، وكل ما عنده من الحجة تاريخ الكنيسة ! فيا لله العجب كيف يثق الأستاذ بهذا التاريخ هذه الثقة البالغة إلى درجة أنه يعارض به تاريخ المسلمين ، وهو يعلم أن تاريخهم - مهما كان، في بعض حوادثه نظر من الوجهة الحديثية خاصة - أصح وأنقى بكثير من تاريخ الكنيسة الذي تعجز الكنيسة نفسها عن إثبات صحة كتابها المقدس الذي هو أصل دينها ، فكيف تستطيع أن تثبت تاريخها الذي هو بحق " أمشاج من الروايات التي لا سند لها " كما قاله الأستاذ نفسه لكن في تاريخ المسلمين لا تاريخ الكنيسة !!
الرابع : إنني رجعت إلى دائرة المعارف الإسلامية تأليف جماعة من المستشرقين ، وإلى دائرة المعارف للبستاني ، وإلى " المنجد " فلم أجدهم ذكروا ما عزاه الأستاذ المصري إلى تاريخ الكنيسة ، بل ظاهر كلامهم أنهم لا يعرفون عنه شيئاً مما يتعلق بتاريخ حياته في أرض العرب ، إلا مما جاء في مصادرنا الإسلامية ، وخاصة ما يتعلق منه بقصة اتصاله بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حسبما تقدم تخريجه ، وإن كانوا يعتبرونها " من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- " حسبما تقدم تخريجه ، كفراً منهم واستكباراً أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبشراً به في الكتب السماوية السابقة ، ومعروفاً عند المؤمنين بها ، ولذلك علق الأستاذ الفاضل المحقق أحمد محمد شاكر على هذه الكلمة الواردة في " دائرة المعارف الإسلامية " بقوله :
" ليست هذه القصص بالأساطير ، بل كثير منها ثابت بأسانيد صحيحة ، وعلم أهل الكتاب بالبشارة بمحمد -صلى الله عليه وسلم- في كتبهم ثابت عند المسلمين بنص القرآن الصريح ، وليسوا في حاجة إلى افتعال أساطير يؤيدون بها ما أثبته الوحي المنزل من عند الله ، وهو ثابت أيضاً عند المسلمين فيما قرءوه من كتب أهل الكتاب مما بقي في أيديهم من الصحيح من أقوال أنبيائهم المنقولة في كتبهم " .
الخامس : لنفترض أن ما عزاه الأستاذ إلى تاريخ الكنيسة صحيح ثابت ، وهو أن بحيرا الراهب كان في القرن الرابع من الميلاد ، فذلك لا ينفي أن يأتي شخص آخر على شاكلته في الترهب سمي باسمه منذ ولادته على عادة النصارى وغيرهم من التسمي بأسماء الصالحين عندهم ، أو لقب به بعد ، لظهور شبه فيه به ، هذا كله جائز ليس في العقل السليم ما ينفيه ، وإذا الأمر كذلك ، فبإمكان الأستاذ أن يعتقد وجود شخصين في زمنين متباينين باسم واحد ( بحيرا ) وبذلك يستطيع أن يوفق بين ثقته بالتاريخ الكنسي ، وثقته بالتاريخ الإسلامي ولا يقع في هذه المغالطة التي كتبها بقلمه : " فكيف التقى الزمان القرن الرابع والقرن السادس والتقى المكانان . . ." !!
تلك وجوه خمسة في الجواب عن الشبهة الثانية أقواها عندنا الوجه الأول ، وسائرها إنما هي بالنظر لترجيح التاريخ الإسلامي على التاريخ الكنسي ، ولا حاجة بنا إليها بعد الوجه الأول ، وإنما ذكرتها لبيان ما يرد على الأستاذ مما قد يكون غافلاً عنه .
الشبهة الثالثة : قول الأستاذ ما خلاصته : " إن الغرض من ذكر خرافة بحيرا الراهب ، إنما هو كرد على المبشرين والمستشرقين الذين يدعون بأن هذا الدين الإسلامي من بحيرا الراهب ، وكان يتردد على مكة يعلم محمداً تعاليمه ".
وأقول : لا شك أن الأستاذ المصري يشكر على قصده المذكور ولكن خفي عليه أن الرد على المبشرين لا يكون برد الحقائق التاريخية ، وانكار ثبوتها ، بحجة أن الكفار يستغلونها للطعن في الإسلام أو في نبيه عليه الصلاة والسلام ، بل المنهج العلمي الصحيح يوحي بالاعتراف بالحادثة الثابتة ، ثم الجواب عن استغلال المبشرين لها جواباً علمياً صحيحاً ، ومن المؤسف جداً أن هذه الطريقة التي جرى عليها حضرة الأستاذ في الرد على المبشرين والمستشرقين ، قد أخذ بها كثير من الكتاب المسلمين في العصر الحاضر ، لا سيما الذين لا علم عندهم بأدلة الكتاب والسنة ، فهؤلاء كلما رأوا مبشراً يورد شبهة على نص إسلامي ، أو يستغله للطعن في الدين ، بادروا إلى التشكيك في صحته إن كان حديثاً أو سيرة ، وإلى تأويل معناه إن كان لا سبيل إلى إنكاره من أصله كالقرآن ، وهذا الأسلوب مع ما فيه من عدم الاعتداد بنصوص الشريعة المعصومة ومعانيها ، فإنه في الوقت نفسه يدل على أن هؤلاء الكتاب قد وثقوا بعلم أولئك الكفار وفهمهم واخلاصهم ثقة عمياء ! مع أن الذي يدقق فيما كتبوه ويكتبونه من البحوث حول الشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي يتجل له بوضوح لا وضوح بعده -إلا قليلاً منهم- لا إنصاف عندهم ولا علم ، وأنهم كل غرضهم من ذلك تشويه حقاثق الإسلام الناصعة وإبعاد المسلمين عنه ، وليس يتسع هذا المقال لضرب الأمثلة على ما نقول ، ولكن حسبنا منها هذه الحادثة التي أثبتنا صحتها ، فقد علمت مما سبق كيف أن جماعة من أولئك المستشرقين اعتبروها من الخرافات والأساطير ، وكيف أن الأستاذ المصري انزلق معهم في ذلك مع ما فيها من الآيات البينات على التبشير بنبوته -صلى الله عليه وسلم- ، ولذلك أنكرها أولئك الكفار ، وأما أخونا المصري فإنما أنكرها متأثراً بوحي خفي من بعض المستشرقين الآخرين الذين زعموا أن الحادثة تدل أن الدين الإسلامي مستقى من بحيرا الراهب ، وأنه كان يتردد إلى مكة يعلم محمداً -صلى الله عليه وسلم- تعاليمه ! كما نقله الأستاذ المصري عنهم ، وهم بهذا الزعم يرمون إلى أحد شيئين إما إثباته في قلوب ضعفاء العلم والإيمان منا ، وإما حمل من كان قوي الإيمان منا على رد الحادثة في سبيل رد هذا الزعم الباطل ، وهذا مع الأسف قد حصلوا عليه من بعضهم .
ومن الغرائب حقاً أن هذا الزعم الذي هو موضوع الرد مع أنه باطل في نفسه ولا صلة له بالحادثة مطلقاً ، لأن التقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة واحدة وفي ساعة أو ساعات محدودة مع الراهب في الشام شيء ، وتردد الراهب إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة شيء آخر ، وهذا التردد لو ورد شيء ، والالتقاء شئ آخر ، ومع أن هذا الزعم لم يخف بطلانه على الأستاذ المصري كما صرح به في بحثه مع ذلك كله فإنه رد الحادثة وحكم ببطلانها ! وهذا تناقض عجيب ، فإنه إذا كان الأستاذ جازماً ببطلان الزعم المذكور ، فلماذا رد الحادثة بعلة الرد على المبشرين الأفاكين ، مع أن الرد حصل عليهم كما رأيت بدون رد الحادثة ، بل ألا يكفي في الرد عليهم قول الله عز وجل في الرد على سلفهم من أمثالهم من المشركين الأفاكين الذين ادعوا مثل هذا الزعم في حياته ؟! فقال تعالى : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين * إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم * إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ).
ما وراء إنكار الحادثة
إن أخشى ما أخشاه أن يكون الأستاذ المصري من أولئك الذين لا يصدقون بمعجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- -غير القرآن طبعاً- هذه المعجزات التي تجاوزت المئات ، وثبت قسم كبير منها بالطرق المتواترات التي لا يسع العالم بها أن ينكرها ، والذي يحملني على إبداء هذه الخشية أن الأستاذ نقل فصلاً من كلام الدكتور هيكل جاء فيه : " ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يرضى أن تنسب إليه معجزة غير القرآن ويصارح أصحابه بذلك " وأقره الأستاذ عليه ، وأتى عليه بمثال فقال عقبه " مثل شق الصدر وغيره " .
ونحن نعلم أن حادثة شق الصدر صحيحة ثابتة في صحيح مسلم وغيره ، فإذا كان الأستاذ ينكر ذلك تقليداً منه للدكتور هيكل في القول المذكور ، فمعنى ذلك أن الأستاذ ينكر المعجزات كلها مهما كانت أسانيدها صحيحة وكثيرة ، وحينئذ فإنكاره لحادثة التقائه -صلى الله عليه وسلم- بالراهب ليس الباعث عليه الرد على المبشرين لأن الرد حصل بدون ذلك كما عرفت ، وإنما هو ما قام في نفس الأستاذ من إنكار المعجزات ، وبما أن هذه الحادثة تتضمن أكثر من معجزة واحدة كتظليل الغمامة له -صلى الله عليه وسلم- وميل فيء الشمس عليه فلذلك أنكرها الأستاذ .
وإذا كان استنتاجنا هذا صحيحاً ، فالكلام حينئذ يأخذ مع الأستاذ مجالاً آخر وهو طريقة إثبات المعجزات كحوادث وقعت أو لم تقع وما هو السبيل إلى معرفة ذلك ، فهذا لا مجال للبحث فيه الآن ، ولعل الأستاذ لا يحوجنا إلى الولوج فيه ، وذلك بتصريحه بتخطئتنا في استنتاجنا المذكور .
ولكن لا بد لي من الإشارة إلى بطلان ما عزاه الدكتور هيكل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يرضى أن تنسب إليه معجزة غير القرآن ، فإن هذا مما لا أصل له عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، بل هو من المعاني المخترعة التي أحدثها الدكتور وأمثاله من منكري المعجزات وألصقوها ببعض الآيات القرآنية زاعمين أنها المراد بها ، ليضربوا بها المعجزات الثابتة بحجة أنها مخالفة لنص القرآن !!
ومجال القول في ذلك واسع جداً فأكتفي بالإشارة إليه وأجتزيء بدليل واحد يؤيد البطلان المذكور .
وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحدث أحياناً أصحابه ببعض معجزاته عملاًً بقول الله تبارك وتعالى : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) فكان -صلى الله عليه وسلم- يقول : " إني لأعرف حجراً كان يسلم علي قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن " رواه مسلم وغيره .
فإذا كان -صلى الله عليه وسلم- يحدث أصحابه بمعجزاته ثم يرويها منسوبة إليه أصحابه من بعده ، فكيف يصح أن يقال : إنه كان لا يرضى أن تنسب إليه معجزة ؟!
وإني قبل أن أنهي هذا البحث لابد من أن ألفت نظر القاريء إلى أمر هام ، وهو أنني حين قرأت بحث الأستاذ وما نقله عن ابن خلدون ومحمد عبده والسيد رشيد رضا والدكتور هيكل من وجوب التدقيق في روايات الحديث والسيرة إذ ليس كل ما فيها صحيحاً ، تساءلت في نفسي : ترى هل دقق هؤلاء في هذه الحادثة فتبين لهم أنها خرافة كما ادعى الأستاذ المصري ؟ فرجعت إلى اثنين منهم من المعاصرين وهما الدكتور هيكل في كتابه " حياة محمد " والسيد رشيد رضا في رسالته " خلاصة السيرة النبوية " فإذا بالأول يذكر هذه الحادثة (112-113) كما يذكرها كل المؤرخين ، وكذلك فعل الثاني (ص 14-15) دون أن يذكر أو يشير أدنى إشارة إلى ضعفها فضلاً عن وضعها ! والحقيقة أن أحداً لم يصرح -فيما علمت- بأن حادثة بحيرا الراهب خرافة قبل الأستاذ المصري ، والحمد لله لست من " أهل الطرق ولا المتطفلين من بعض من يلبسون العمائم " وقد استندنا فيما أوردنا إلى طرق العلم الصحيح ، ولكن الأستاذ اتبع فيما أنكر ظنوناً وأوهاماً أدت به -ولو مع حسن النية- إلى إنكار حقيقة تاريخية لا شك فيها هي حادثة بحيرا الراهب ، فعسى أن الأستاذ المصري يعيد النظر فيما كان كتب فيها على ضوء الحجج التي أوردنا حتى نلتقي في صعيد واحد في ميدان العلم والحق .
محمد ناصر الدين الألباني
دمشق
22 / 3 /1379 هـ
المصدر : مجلة التمدن الإسلامي (25 / 167 – 175).
http://www.alalbany.net/misc027.php
ولينظر ايضا كتابه دفاع عن الحديث النبوي ص62
عبد الرحيم بيوم
24-01-2013, 06:19 PM
قال الزرقاني في مناهل العرفان (2/ 421 ط مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه) في معرض الشبه الواردة حول إعجاز القرآن:
"الشبهة الأولى ودفعها:
يقولون إن محمدا لقي بحيرا الراهب فأخذ عنه وتعلم منه وما تلك المعارف التي في القرآن إلا ثمرة هذا الأخذ وذاك التعلم.
وندفع هذا أولا بأنها دعوى مجردة من الدليل خالية من التحديد والتعيين ومثل هذه الدعاوى لا تقبل ما دامت غير مدللة وإلا فليخبرونا ما الذي سمعه محمد من بحيرا الراهب ومتى كان ذلك وأين كان؟.
ثانيا أن التاريخ لا يعرف أكثر من أنه صلى الله عليه وسلم سافر إلى الشام في تجارة مرتين مرة في طفولته ومرة في شبابه ولم يسافر غير هاتين المرتين ولم يجاوز سوق بصرى فيهما ولم يسمع من بحيرا ولا من غيره شيئا من الدين ولم يك أمره سرا هناك بل كان معه شاهد في المرة الأولى وهو عمه أبو طالب وشاهد في الثانية وهو ميسرة غلام خديجة التي خرج الرسول بتجارتها أيامئذ وكل ما هنالك أن بحيرا الراهب رأى سحابة تظلله من الشمس فذكر لعمه أن سيكون لهذا الغلام شأن ثم حذره عليه من اليهود وقد رجع به عمه خوفا عليه ولم يتم رحلته كذلك روي هذا الحادث من طرق في بعض أسانيدها ضعف ورواية الترمذي ليس فيها اسم بحيرا وليس في شيء من الروايات أنه صلى الله عليه وسلم سمع من بحيرا أو تلقى منه درسا واحدا أو كلمة واحدة لا في العقائد ولا في العبادات ولا في المعاملات ولا في الأخلاق فأنى يؤفكون؟.
ثالثا أن تلك الروايات التاريخية نفسها تحيل أن يقف هذا الراهب موقف المعلم المرشد لمحمد لأنه بشره أو بشر عمه بنبوته وليس بمعقول أن يؤمن رجل بهذه البشارة التي يزفها ثم ينصب نفسه أستاذا لصاحبها الذي سيأخذ عن الله ويتلقى عن جبريل ويكون هو أستاذ الأستاذين وهادي الهداة والمرشدين وإلا كان هذا الراهب متناقضا مع نفسه.
رابعا أن بحيرا الراهب لو كان مصدر هذا الفيض الإسلامي المعجز لكان هو الأحرى بالنبوة والرسالة والانتداب لهذا الأمر العظيم.
خامسها أنه يستحيل في مجرى العادة أن يتم إنسان على وجه الأرض تعليمه وثقافته ثم ينضج النضج الخارق للمعهود فيما تعلم وتثقف بحيث يصبح أستاذ العالم كله لمجرد أنه لقي مصادقة واتفاقا راهبا من الرهبان مرتين على حين أن التلميذ كان في كلتا المرتين مشتغلا عن التعليم بالتجارة وكان أميا لا يعرف القراءة والكتابة وكان صغيرا تابعا لعمه في المرة الأولى وكان حاملا لأمانة ثقيلة في عنقه لا بد أن يؤديها كاملة في المرة الثانية وهي أمانة العمل والإخلاص في مال خديجة وتجارتها.
سادسا أن طبيعة الدين الذي ينتمي إليه الراهب بحيرا تأبى أن تكون مصدرا للقرآن وهداياته خصوصا بعد أن أصاب ذلك الدين ما أصابه من تغيير وتحريف.
وحسبك أدلة على ذلك ما أقمناه من المقارنات السابقة بين تعاليم القرآن وتعاليم غيره وما قررناه من الوفاء في تعاليم القرآن دون غيره وما أشرنا إليه من أن القرآن قد صور علوم أهل الكتاب في زمانه بأنها الجهالات ثم تصدى لتصحيحها وصور عقائدهم بأنها الضلالات ثم عمل على تقويمها وصور أعمالهم بأنها المخازي والمنكرات ثم حض على تركها فارجع إلى ما أسلفناه ثم تذكر أن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه وأن الخطأ لا يمكن أن يكون مصدرا للصواب وأن الظلام لا يمكن أن يكون مشرقا للنور.
سابعا أن أصحاب هذه الشبهة من الملاحدة يقولون إن القرآن هو الأثر التاريخي الوحيد الذي يمثل روح عصره أصدق تمثيل فإذا كانوا صادقين في هذه الكلمة فإننا نحاكمهم في هذه الشبهة إلى القرآن نفسه وندعوهم أن يقرؤوه ولو مرة واحدة بتعقل ونصفه ليعرفوا منه كيف كانت الأديان وعلماؤها وكتابها في عصره وليعلموا أنها ما كانت تصلح لأستاذية رشيدة بل كانت هي في أشد الحاجة إلى أستاذية رشيدة إنهم إن فعلوا ذلك فسيستريحون ويريحون الناس من هذا الضلال والزيغ ومن ذلك الخبط والخلط هدانا وهداهم الله فإن الهدي هداه. {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} .
ثامنا أن هذه التهمة لو كان لها نصيب من الصحة لفرح بها قومه وقاموا لها وقعدوا لأنهم كانوا أعرف الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أحرص الناس على تبهيته وتكذيبه وإحباط دعوته بأية وسيلة لكنهم كانوا أكرم على أنفسهم من هؤلاء الملاحدة فحين أرادوا طعنه بأنه تعلم القرآن من غيره لم يفكروا بأن يقولوا إنه تعلم من بحيرا الراهب كما قال هؤلاء لأن العقل لا يصدق ذلك والهزل لا يسعه بل لجؤوا إلى رجل في نسبة الأستاذية إليه شيء من الطرافة والهزل حتى إذا مجت العقول نسبة الأستاذية إليه لاستحالتها قبلتها النفوس لهزلها وطرافتها فقالوا إنما يعلمله بشر وأرادوا بالبشر حدادا روميا منهمكا بين مطرقته وسندانه ضالا طول يومه في خبث الحديد وناره ودخانه غير أنه اجتمع فيه أمران حسبوهما مناط ترويج تهمتهم أحدهما أنه مقيم بمكة إقامة تيسر لمحمد الاتصال الدائم الوثيق به والتلقي عنه والآخر غريب عنهم وليس منهم ليخيلوا إلى قومهم أن عند هذا الرجل علم ما لم يعلموا هم ولا آباؤهم فيكون ذلك أدنى إلى التصديق بأستاذيته لمحمد وغاب عنهم أن الحق لا يزال نوره ساطعا يدل عليه لأن هذا الحداد الرومي أعجمي لا يحسن العربية فليس بمعقول أن يكون مصدرا لهذا القرآن الذي هو أبلغ نصوص العربية بل هو معجزة المعجزات ومفخرة العرب واللغة العربية. {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} !.".
خليل حلاوجي
24-01-2013, 06:23 PM
معجزات الأنبياء هو الاستثناء المنطقي الذي يؤكد القاعدة السننية لله عز وجل ، فكل نار تحرق يستثنى من ذلك نار سيدنا إبراهيم التي كانت برداً وسلاماً .. وأما سجود الشجر ونطق النبي وهو صغير بكراهية اللات والعزى .. فهو من باب الاستثناء . فلاننكر ورودها ولكن التساؤل : ترى ماذا كانت ردة فعل وفد التجار من قريش بكلام الراهب .. وما أثر كلامه في ذلك الوقت ؟ الجواب : لاأثر البتة.!!!
أخي الحبيب بهجت : كم وددت أن تضع كلام :ابن سيد الناس في ( عيون الأثر ) ، والذهبي في ( تاريخ الإسلام)
وجزيتم أخوتي الجنان .
بهجت عبدالغني
25-01-2013, 01:41 AM
وبقية الحديث الأول :
( فبينما هو قائم عليه و هو يناشدهم أن لا تذهبوا به إلى الروم فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال : ما جاء بكم ؟ قالوا : جئنا فإن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس و إنا بعثنا إلى طريق هذا فقال لهم الراهب : هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم ؟ قالوا : لا قالوا : إنما أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذا قال : أفرأيتم أمرا أراده الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا : لا قال : فيايعوه فبايعوه و أقاموا معه قال : فأتاهم الراهب فقال : أنشدكم الله أيكم وليه قال أبو طالب : فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر بلالا و زوده الراهب من الكعك و الزيت ) .
فلنتأمل الرواية جيداً ..
( وبعث أبو بكر بلالاً ) أي مع النبي ، وأبو بكر أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين ، وبلال يومذاك لم يلد بعد !
قال الذهبي في ( تاريخ الاسلام ، ج1 ، ص57 ) :
(وهو حديث منكر جدا وأين كان أبو بكر؟ كان ابن عشر سنين فإنه أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم - بسنتين ونصف ؛ وأين كان بلال في هذا الوقت؟ فإن أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث ولم يكن ولد بعد ؛ وأيضا فإذا كان عليه غمامة تظله كيف يتصور أن يميل فيء الشجرة؟ لأن ظل الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها ولم نر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أبا طالب قط بقول الراهب ولا تذاكرته قريش ولا حكته أولئك الأشياخ مع توفر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك فلو وقع لاشتهر بينهم أيما اشتهار ولبقي عنده - صلى الله عليه وسلم - حس من النبوة ؛ ولما أنكر مجيء الوحي إليه أولا بغار حراء وأتى خديجة خائفا على عقله ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه - صلى الله عليه وسلم -. وأيضا فلو آثر هذا الخوف في أبي طالب ورده كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى الشام تاجرا لخديجة؟ وفي الحديث ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطرقية ) .
أما الرواية الثانية فقد استشكل عليّ قول الشيخ الألباني رحمه الله :
( وهذا إسناد مرسل صحيح )
إذ كيف تكون الرواية مرسلاً وصحيحاً ونحن نعلم أن المرسل من أنواع الضعيف ؟
بارك الله فيك أخي الأستاذ عبدالرحيم
ونفع بك
محبتي ..
بهجت عبدالغني
25-01-2013, 01:42 AM
ولكن التساؤل : ترى ماذا كانت ردة فعل وفد التجار من قريش بكلام الراهب .. وما أثر كلامه في ذلك الوقت ؟ الجواب : لاأثر البتة.!!!
تساؤلك أخي الأستاذ خليل
أجاب عنه الإمام الذهبي كما أجبت أنت ..
لا أثر البتة !
محبتي ..
عبد الرحيم بيوم
25-01-2013, 02:04 AM
نسيت نقل كلام الالباني المفصل عل الحديث وها هو:
حديث تظليل الغمام له أصل أصيل
بقلم : الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني
قرأت في العدد السادس من المجلد السادس من مجلة " المسلمون " الغراء كلمة الأستاذ الطنطاوي بعنوان " صناعة المشيخة " فسرني ما فيها من الصراحة والشجاعة في محاربة الباطل الذي انطلى أمره على كثير من الناس فبارك الله فيه وزاده توفيقاً .
بيد أنني استنكرت قوله في التعليق : " وما يقوله القوالون من أنه ( المظلل بالغمام ) لا أصل له " .
ذلك لأن حديث تظليل الغمام للنبي عليه الصلاة والسلام ثابت في غير ما كتاب من كتب السنة ، فكيف يصح أن يقال فيه : " لا أصل له " ؟ نعم لو قال " لا يصح سنده " لكان أقرب إلى الصواب ، وأبعد عن الغلو في الخطاب ، وإنما قلت " أقرب " لأن الصواب أن الحديث صحيح ، وإن ضعفه بعضهم ، لأنه لم يأت عليه بحجة مقنعة وإليك البيان :
أخرج الترمذي (4/296 بشرح التحفة) وأبو نعيم في (دلائل النبوة 1/53) والحاكم (2/615-616) وابن عساكر في (التاربخ 1/187/1 – 188/1) عن قراد أبي نوح ، أنبأ يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى ، عن أبيه ، قال : خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أشياخ من قريش ، فلما أشرفوا علىالراهب . . . قلت : فذكر القصة وفيها " فأقبل -صلى الله عليه وسلم- وعليه غمامة تظله ، قال : انظروا إليه غمامة تظله ! فلما دنا على القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلما جلس مال فيء الشجية عليه ، قال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه " الحديث بطوله ، وفي آخر " وبعث معه أبو بكر بلالاً " .
قلت : فهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح :
أما أبو بكر بن أبي موسى فثقة بلا خلاف واحتج به الشيخان .
وأما يونس بن أبي إسحاق فاحتج به مسلم ، وفيه كلام لا يسقط حديثه عن رتبة الاحجاج به ، وقد قال الذهبي فيه " صدوق ما فيه بأس " .
وأما قراد ، واسمه عبد الرحمن » فثقة أيضاً احتج به البخاري .
قلت : فتبين أن الإسناد صحيح من الوجهة الحديثية ، وقد تناقضت فيه آراء العلماء ما بين مفرط ومفرط ، فهذا الحاكم يقول فيه : " صحيح على شرط الشيخين " ! وقال الجزري " إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح أو أحدهما " .
وفي الجانب الآخر قول الذهبي في تعقيبه على الحاكم : " قلت : أظنه موضوعاً ، فبعضه باطل " .
فهذا الغلو من القول لا يتفق في ميدان العلم والبحث الحر ، فأين الدليل على وضعه بطوله ، ومن المعلوم أن الوضع إنما يحكم به إما من جهة السند ، وهذا منفي هنا لما علمت من ثقة رجاله ، وإما من جهة متنه ، وهذا مفقود أيضاً إذ غاية ما يمكن أن ينكر منه ما ذكوه الذهبي في ترجمة قراد أبي نوح من " الميزان " فقال :
" أنكر ما له حديثه عن يونس بن أبي إسحاق . . . ومما يدل على أنه باطل قوله : " وبعث معه أبو بكر بلالاً .. وبلال لم يكن بعد خلق ، وأبو بكر كان صبياً " .
وقال في تاريخ الإسلام (1 / 39):
" تفرد به قراد ، واسمه عبد الرحمن بن غزوان ، ثقة احتج به البخاري والنيسابوري (1) ، ورواه الناس عن قراد وحسنه الترمذي ، وهو حديث منكر جداً ، وأين كان أبو بكر ؟! كان ابن عشر سنين فإنه أصغر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسنتين ونصف ، وأين كان بلال في هذا الوقت ، فإن أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث ولم يكن ولد بعد " .
وذكر نحو هذا وأبسط منه ابن القيم في فصل له في هذا الحديث مخطوط في المكتبة الظاهرية بدمشق (عام – 5485 / 100 - 103) .
قلت : وهذا النقد للمتن لو سلم به لم يقتض الحكم على الحديث كله بالوضع ، ذلك لأن رواته ثقات كما عرفت ، وحينثذ إنما يجوز أن يرد من حديث الثقة ما ثبت خطؤه ويبقى باقيه على الأصل وهو القبول ، ويؤيده أن البزار لما روى هذا الحديث لما روى هذا الحديث لم يسم " بلالاً " وإنما قال : " رجلاً " وعلى هذا يطيح الإشكال الذي اعتمد عليه الذهبي في إنكاره للحديث ، ويدل على أن تسمية الرجل بلالاً سهو من بعض الرواة ، وهذا لابد من الاعتراف به ، إذ الثقة قد يخطيء والجواد قد يكبو .
وتوسط آخرون فحسنوا الحديث كالترمذي ، فإنه قال : " حديث حسن غريب " .
وهذا هو الحق عندي لما عرفت من سلامة إسناده من قادح ؟ وما أشرنا إليه من الكلام في بعض رواته لا ينافي القول بحسنه لا سيما إذ علمنا مجيئه من طرق أخرى ، فقد قال السيوطي في " الخصائص الكبرى " (1 /84) :
" قال البيهقي: هذه القصة مشهورة عند أهل المغازي.
قلت : ولها شواهد عدة سأوردها تقضي بصحتها ، إلا أن الذهبي ضعف الحديث لقوله في آخره : " وبعث معه أبو بكر بلالاً " . . . وقد قال ابن حجر في " الإصابة " : الحديث رجاله ثقات ، وليس فيه منكر سوى هذه اللفظة ، فتحمل على أنها مدرجة فيه مقتطعة من حديث آخر وهماً من أحد رواته " .
ثم ساق السيوطي الشواهد التي أشار إليها فليراجعها من شاء فإن الكلام عليها مما يطيل البحث ، ولا مجال لذلك الآن .
http://www.alalbany.net/misc026.php
عبد الرحيم بيوم
25-01-2013, 02:16 AM
ومن رده على البوطي (دفاع عن السنة) بعد ذكره لقول الذهبي:
"قد رددت عليها مفصلا بعد أن نقلت كلامه هذا في ( الميزان ) وكلامه في ( التلخيص ) وكلامه في ( تاريخ الإسلام ) في مقال لي كنت نشرته في العدد الثامن من المجلد السادس من مجلة ( المسلمون ) محرم سنة 1379 تحت عنوان ( حديث تظليل الغمام له أصل أصيل ) ردا على الأستاذ على الطنطاوي الذي زعم يومئذ أنه لا أصل له فمن شاء التفصيل فليرجع إليه
وخلاصة الرد عليه من وجهين :
الأول : معارضته بتصحيح من صححه وقواه وهم جمع من الأئمة كما يأتي
والآخر : أنه لا يلزم من خطأ الثقة في جملة من الحديث أن يكون الحديث كله منكرا أو موضوعا لأن الوضع إنما يثبت بكون الراوي وضاعا كذابا . وهذا منفي قطعا وإنما يكون المتن نفسه موضوعا بدلالة أمور علمية لا علاقة لها بالإسناد وهذا لا وجود له أيضا هنا مطلقا اللهم إلا جملة أبي بكر وبلال فهي وحدها المنكرة وهذا ما صرحت بإنكاره في تخريجي للحديث في ( فقه السيرة ) للغزالي فكتمه البوطي أيضا كما يأتي
ثم أتبعت ذلك المقال بمقال آخر كتبته بتاريخ 3 / 1379 ونشر في المجلد 26 من هذه المجلة الزاهرة ( التمدن الإسلامي ) تحت عنوان ( حادثة الراهب بحيرا حقيقة لا خرافة ) ص 167 - 175 ردا على من زعم أنه لا سند لها وقد حققت فيه ردا لبعض الشبهات أن الراهب لم يسم مطلقا في هذه الرواية الثالثة عن أبي موسى وإنما سمي في رواية ابن إسحاق التي اعتمدها البوطي وهي ضعيفة معضلة كما تقدم وفي أخرى فيها الواقدي الكذاب
عبد الرحيم بيوم
25-01-2013, 07:32 PM
أما الرواية الثانية فقد استشكل عليّ قول الشيخ الألباني رحمه الله :
( وهذا إسناد مرسل صحيح )
إذ كيف تكون الرواية مرسلاً وصحيحاً ونحن نعلم أن المرسل من أنواع الضعيف ؟
قولهم اسناد مرسل صحيح يعني صحيح الى من الراوي الذي ارسله وفي سياق كلامه اذا تاملته يتضح ذلك:
"وهذا إسناد مرسل صحيح ، فإن أبا مجلز واسمه لاحق بن حميد تابعي ، ثقة ، جليل ، احتج به الشيخان في صحيحيهما ، وبقية أصحاب الكتب الستة ، وأخذ الحديث عن جماعة من الصحابة منهم : عمران بن حصين ، وأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأنس ، وجندب بن عبد الله ، وغيرهم ، ومن بينه وبين ابن سعد كلهم عدول ثقات ، احتج بهم مسلم في صحيحه "
والمرسل الصحيح مما يجبرون به الحديث الضعيف اذا اختلفت مخارجهما فكيف هنا والحديث حسن لذاته فسيقويه جدا المرسل الصحيح
تحياتي اخي الحبيب بهجت
حفظك ربي ورعاك
بهجت عبدالغني
25-01-2013, 09:21 PM
قول الشيخ الألباني رحمه الله : ( وإنما يكون المتن نفسه موضوعا بدلالة أمور علمية لا علاقة لها بالإسناد وهذا لا وجود له أيضا هنا مطلقا اللهم إلا جملة أبي بكر وبلال فهي وحدها المنكرة ) .
يحتاج الى تأمل ، فإن الملاحظات على المتن لم تقتصر على أبي بكر وبلال ، بل :
1 ـ كيف عرف الراهب انه لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ؟
هل رأى ذلك السجود ؟ ولماذا لم يره الآخرون ؟
2 ـ الراهب يناشد القوم بأن لا يذهبوا بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يقتلوه ..
لكن اذا كان الراهب يعلم ان هذا الصبي هو خاتم الانبياء ، وأن دينه هو خاتم الديانات ، فكيف يخشى عليه من القتل ؟
فهل كان يتصور انه سيقتل وسينتهي كل شيء قبل رسالته واكمال دينه ؟
3 ـ قال الذهبي : ولم نرَ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أبا طالب قط بقول الراهب ولذاكرته قريش ولحكته أولئك الأشياخ مع توفر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك فلو وقع لاشتهر بينهم أيما اشتهار ولبقي عنده صلى الله عليه وسلم حس من النبوة ؛ ولما أنكر مجيء الوحي إليه أولا بغار حراء وأتى خديجة خائفا على عقله ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه صلى الله عليه وسلم وأيضا فلو آثر هذا الخوف في أبي طالب ورده كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى الشام تاجرا لخديجة ؟
وهو التساؤل الذي طرحه الأخ خليل :
( ترى ماذا كانت ردة فعل وفد التجار من قريش بكلام الراهب .. وما أثر كلامه في ذلك الوقت ؟ الجواب : لاأثر البتة.!!! )
4 ـ قال الذهبي : وفي الحديث ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطرقية .
5 ـ قال ابن كثير في ( السيرة النبوية ) بعدما عرض الرواية :
فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة ، فإن أبا موسى الأشعري إنما قدم في سنة خيبر سنة سبع من الهجرة . ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق في جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة .
وعلى كل تقدير فهو مرسل ، فإن هذه القصة كانت ولرسول الله صلى الله عليه وسلم من العمر فيما ذكره بعضهم ثنتا عشرة سنة ، ولعل أبا موسى تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم فيكون أبلغ ، أو من بعض كبار الصحابة رضى الله عنهم ، أو كان هذا مشهورا مذكورا أخذه من طريق الاستفاضة .
الثاني : أن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا .
الثالث : أن قوله : ( وبعث معه أبوبكر بلالا ) إن كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك ثنتى عشرة سنة فقد كان عمر أبى بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشرة ، وعمر بلال أقل من ذلك ، فأين كان أبوبكر إذ ذاك ؟ ثم أين كان بلال ؟ كلاهما غريب .
وحديث أبي مجلز مرسل وإن كان باقي السند صحيحاً ، ففيه انقطاع ، فلا ندري من أخبره بذلك ، أما تقويته برواية حسنة او صحيحة ، فالظاهر فيه خلاف ، لأن الشيخ الألباني قال في آخر كلامه ـ وهو يرجح صحة الرواية ـ : ( وخلاصة القول : إن تظليل الغمامة له صلى الله عليه وآله وسلم له أصل في السنة ، ولكن في ثبوته ما ألممت به من الخلاف ، والراجح عندي الصحة لما سبق ، فمن اقتنع بذلك فبها ، وإلا فحسبه التوقف وترك الجزم بالضعف ، وأما القول بأنه لا أصل له ، فلا أصل له ) .
وقد ذكر الأستاذ محمد بن طاهر البرزنجي في كتابه ( صحيح وضعيف تاريخ الطبري ) الأقوال المختلفة حول الرواية ، دون أن يرجح ...
والله أعلم ..
تحياتي ودعائي ..
خليل حلاوجي
26-01-2013, 01:15 AM
( العقل الإيماني : نبي )
المعجزة الحقيقة لرسولنا هي رسولنا ذاته الذي يمشي كل لحظة في ضمائرنا وهو يحيي موت الضمير ويبعث الهمة للتصحيح ويرمم البناء الحضاري .. ويؤكد على مكارم الأخلاق أن نتمم نحن كما هو - بأبي وأمي أنت - ياحبيبي يارسول الله ..
أما الإنشغال بمادون ذلك فهو من المعطلات لمسيرة الصحوة .. رغم علمية أي حوار يرد ويقر صحة أي حديث دون اسقاط الحديث على واقعنا اليوم .. معالجاً ومداوياً
أخي الحبيب : أحبتي الكرام :
ختمت النبوات بمحمد عليه الصلاة والسلام وغادر الوحي الأرض وعاد إلى السماء
ولم يبقَ سوى : العقل الاستدلالي على صحة اليقين ،( فالعقل الإيماني : نبي ) على حد قول محمد إقبال
العقل المنشغل بتحديات المستقبل .. حيث كل كلام لايترتب عليه عمل : فهو لغو.
العقل الذي يميز وبوضوح بين ( المعرفة ) و ( المعتقد )
العقل الذي لايصبر على سكونية الفكر بل يؤمن بتجدد وتطوير وتنمية المعرفة ( المتجددة) بعد الإستئناس والطمأنينة للمعتقد ( الثابت ) يقيناً وعقلاً
لقد أصبح النص يتقدم العقل ... وهما تؤأمان .. فانظر كيف الخروج من المأزق أخي الحبيب ؟
/
تقبلوا مودتي
بهجت عبدالغني
26-01-2013, 08:56 PM
العقل الاستدلالي ليس نبياً ، لأن القول بذلك يعني أننا سنعطي للعقل قدسية كالوحي ..
وإنما هناك الاجتهاد الذي يسير وفق معطيات الشرع ومقاصده ..
فالوحي انتهى وذلك صحيح ، لكن الموحى به موجود ، وهو يحمل معه كل امكانيات الاستمرار والتصدي لأية مشكلة تظهر في أي زمان ومكان ..
ووظيفة العقل هنا أن يضع نفسه في فهم النص واستخلاص الحلول لتلك المشاكل والمستجدات ، وليس أن يكون نبياً يشرع خارج إطار الشرع المنزل ..
فشتان بين هذا العقل وذاك !
محبتي ..
خليل حلاوجي
01-02-2013, 03:10 AM
العقل الاستدلالي ليس نبياً ، لأن القول بذلك يعني أننا سنعطي للعقل قدسية كالوحي ..
وأنا لا أقول أن التماهي بين العقل والوحي حاصلاً ؟
الوحي : وحي وليس عقلاً ، والنبي بشر وليس وحياً .. والقدسية المشتركة بينهما لها حضور حين يحضر المقدس الذي هو هنا ( القرآن : كلام الله تعالى ) ولاننسى أن فكرة الحديث القدسي تكون من جهة الوحي وليس اسلوبه وترتيب ألفاظه فهي من اختصاص النبي ولذلك قال النبي عن نفسه ( أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ) ..
أما قدسية السنة النبوية فهي مرتبطة بالوظيفة الابلاغية للنبي التي حصرها القرآن في قوله تعالى ( فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ) وهذا البلاغ لاعلاقة للعقل فيه وقد حدد القرآن وحصّن (كلام الله)وميزه عن(كلام الرسول) فقال الله ( وماينطق عن الهوى)
وحين تأخر الوحي عن الرسول ... ماذا حصل ؟
حزن الرسول وخاف من غياب الوحي !!!
لنأتي أنا وأنت بعد مئات السنين ونقول : أن الله تعالى يرزق ويخلق ويحيي ويميت ولكن النبي وكذلك الوحي لايفعلون ذلك فجميع مخلوقات الله تنتظر قرار الله فهو الآمر وجميع مخلوقاته مأمورين ... وعند البخاري جاء في كتاب (الاعتصام بالكتاب والسنة) يقول : (باب ما كان النبي يُسأل مما لم ينزل عليه الوحي ) فيقول : (لا أدري ، أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي ) ولم يقل برأي عقله ولم يستخدم القياس العقلي
فما الذي حصل ؟
العقل : ليس مقدساً
لسبب بسيط هو : لاعلاقة له بقدسية كلام السماء( القرآن والسنة الصحيحة)
فالعقل : هو آلة ووسيلة من وسائل تحصيل المعرفة للبشر
وسبب آخر - خفي - هو : لادخل لعقل النبي في نقل النص من السماء إلى الأرض .. وإلا صار كرسول النصارى
وبعد كل ماسبق :
أين نضع( العقل ) في فهم واستيعاب النص المقدس ؟
الجواب :
هنا ثلاث مستويات :
1- العتاب القرآني للنبي :في آيات عدة تخص وقائع عدة مثل قوله تعالى (لم تحرم ما أحل الله)
2-النسخ القرآني لتشريع النبي كما حصل في حادثة سرقة بني ابيرق ( الآية 102 النساء) وكما في قوله تعالى(لاتصل على أحد منهم )
3- العتاب النبوي للصحابة (أنتم أعلم بأمور دنياكم)
نعم الرسول هو ( مشرّع ) يصحح له القرآن ويرفض تشريعه .. ( المستوى الأول والثاني) والرسول أيضاً يترق وقث بشريته فيصلي العصر ركعتين ناسياً ثم يتدخل في تفاصيل حرفة مزارعين ثم يقول لهم أنت أعلم .
ونحن نتبع الرسول في تلك الفضاءات الثلاث ... ولكن مو موقف الاتباع فلانشرّع بل نتبع تشريعه
وعند هذه الجزئية نقف مع ( العقل الفقهي ) في وثقة لاحقة أخي بهجت ..
اعترف أني القاصر فما كان حقاً فمن الله وماكان باطلاً فمن عقلي ..
أسعدك الله برضاه.
وجزيتم اخواني كل الخير ..
بوركتم.
عبد الفتاح الهادي
25-03-2013, 05:01 PM
السلام عليكم
استاذ بهجت هذه الدراسة تحتاج لوقفة طويلة .........سوف ادلي بعد ذالك بقولي
بهجت عبدالغني
26-03-2013, 04:13 PM
الأستاذ الكريم عبد الفتاح الهادي
بانتظاركم ..
محبتي وتقديري ..
نادية بوغرارة
26-03-2013, 04:16 PM
متابعة لهذه الزاوية الحية فكرا وعقلا و أدبا .
شكرا لكم .
:hat:
ناديه محمد الجابي
26-03-2013, 11:02 PM
مواضيع أكثر من رائعةـ ومناقشات جميلة ومثمرة , لم أكتشفها إلا اليوم
وسأعاود لقراءتها مرات ومرات , فمن الجميل أن نتناول الأحداث التاريخية بعقولنا.
بارك الله فيك أستاذ بهجت ـ أحي فيك روح البحث والتنقيب والدراسة
وبارك الله فيك أستاذ عبد الرحيم صابر على متابعتك الدقيقة وإضافاتك القيمة والرائعة
وبارك الله في كل من قدم فكره ورأيه هنا , وأمتعنا بحوارات فكرية ثرية
سأكون متابعة لكم بعد ذلك بإنتظام إن شاء الله .
تحياتي لكم وتقديري وإحترامي.
:hat::hat:
نداء غريب صبري
03-04-2013, 01:15 AM
هذا موضوع رائع ومفيد جدا ونافع للأمة كلها
ويحتاج لفهرسة في أوله
لماذا لا تضع له فهرسا بعد المقدمة أخي يظهر لنا عناوين القضايا التي ناقشتها وروابط المشاركة لكل منها؟
شكرا لك اخي
بوركت
بهجت عبدالغني
05-04-2013, 05:33 PM
متابعة لهذه الزاوية الحية فكرا وعقلا و أدبا .
شكرا لكم .
:hat:
دائماً أهلاً بك أستاذتي نادية
حفظك ربي ورعاك
تحياتي ..
بهجت عبدالغني
05-04-2013, 05:36 PM
مواضيع أكثر من رائعةـ ومناقشات جميلة ومثمرة , لم أكتشفها إلا اليوم
وسأعاود لقراءتها مرات ومرات , فمن الجميل أن نتناول الأحداث التاريخية بعقولنا.
بارك الله فيك أستاذ بهجت ـ أحي فيك روح البحث والتنقيب والدراسة
وبارك الله فيك أستاذ عبد الرحيم صابر على متابعتك الدقيقة وإضافاتك القيمة والرائعة
وبارك الله في كل من قدم فكره ورأيه هنا , وأمتعنا بحوارات فكرية ثرية
سأكون متابعة لكم بعد ذلك بإنتظام إن شاء الله .
تحياتي لكم وتقديري وإحترامي.
:hat::hat:
وبارك الله فيك أستاذتي نادية
وشكراً على كلماتك المشجعة والدافعة
وفقك ربي ورعاك
تحياتي ..
بهجت عبدالغني
05-04-2013, 05:38 PM
هذا موضوع رائع ومفيد جدا ونافع للأمة كلها
ويحتاج لفهرسة في أوله
لماذا لا تضع له فهرسا بعد المقدمة أخي يظهر لنا عناوين القضايا التي ناقشتها وروابط المشاركة لكل منها؟
شكرا لك اخي
بوركت
أهلا بك أستاذتي نداء
وشكراً لحضورك المشرق
سأعمل له فهرسة ان شاء الله تعالى
تحياتي ودعائي ..
بهجت عبدالغني
11-07-2013, 04:14 PM
على قناة الرسالة برنامج رائع
للدكتور طارق السويدان
( تاريخنا في الميزان )
يعرض الساعة الخامسة بتوقيت مكة المكرمة
بهجت عبدالغني
29-08-2013, 10:19 PM
(11)
عمر أمّنا خديجة رضي الله عنها عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
الروايات :
ـ ابن سعد في طبقاته ( ج1 ، ص103 ) :
( قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد ... وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة ) .
ـ ابن الأثير في ( أسد الغابة ، ج1 ، ص30 ) :
( ولما تزوج خديجة كان عمره ـ صلى الله عليه وسلم ـ خمساً وعشرين سنة وكانت هي ابنة أربعين سنة وقيل : غير ذلك ) .
ـ ابن كثير في ( البداية والنهاية ، ج2 ، ص295 ، ج5 ، ص293 ) :
( أن عمرو بن أسد زوّج خديجة من رسول الله صلى الله عليه و سلم وعمره خمساً وعشرين سنة وقريش تبني الكعبة وهكذا نقل البيهقي عن الحاكم أنه كان عمر رسول الله صلى الله عليه و سلم حين تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين وقيل خمساً وعشرين سنة ) .
( وعن حكيم بن حزام قال كان عمر رسول الله يوم تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة وعمرها أربعون سنة وعن ابن عباس كان عمرها ثمانياً وعشرين سنة رواهما ابن عساكر ) .
ـ البيهقي في ( دلائل النبوة ، ج1 ، ص453 ) :
( ثم بلغت خديجة خمساً وستين سنة ، ويقال خمسين سنة وهو أصح ) .
ـ الحاكم النيسابوري في ( المستدرك على الصحيحين ، ج3 ، ص200 ) عن ابن إسحاق :
( وكان لها ـ أي خديجة ـ يوم تزوجها ثمان وعشرون سنة ) .
نقد الروايات :
ـ رواية الواقدي كما في طبقات ابن سعد :
الواقدي ضعيف .
قال البخاري في ( التاريخ الكبير ، ج1 ، ص178 ) :
( محمد بن عمر الواقدي مدني قاضي بغداد عن معمر ومالك سكتوا عنه تركه أحمد وابن نمير مات سنة سبع ومائتين أو بعدها بقليل ) .
وقال الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ، ج9 ، ص469 ) :
( وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات، والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض، فلا ينبغي أن يذكر ) .
وصحيح أننا ها هنا بصدد مسألة تاريخية وليست حديثية ، وأنه يُحتاج إلى الواقدي في التاريخ ، إلا أنه خُولف .
ـ رواية ابن الأثير :
وإن صرح ابن الأثير بأن عمرها رضي الله عنها كان أربعين سنة ، إلا أنه ذكر أن هناك أقوالاً أخرى مخالفة لذلك .
ـ رواية ابن كثير :
أن عمرها رضي الله عنها :
خمسٌ وثلاثون .
وقيل : خمسٌ وعشرون .
عن ابن عباس : ثمان وعشرون .
نرى أن هناك اختلافاً بيّناً في تحديد عمرها رضي الله عنها .
ـ رواية البيهقي :
الأول : عمرها يوم توفيت رضي الله عنها خمسٌ وستين سنة ، يعني تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وعمرها أربعين سنة .
الثاني : عمرها يوم توفيت خمسين سنة ، يعني تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وعمرها خمسٌ وعشرين سنة .
ويرجح البيهقي الاحتمال الثاني ويقول إنه الأصح .
ـ رواية الحاكم النيسابوري :
كان عمرها رضي الله عنها ثماني وعشرين سنة .
لكن هذه الرواية ضعيفة ، قال عنها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في تحقيقه للمستدرك ( ج3 ، ص217 ) : معضل .
يقول الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه ( السيرة النبوية الصحيحة ، ج1 ، ص113 ) :
( وقد أنجبت خديجة من رسول الله ذكرين وأربع إناث مما يرجح رواية ابن إسحاق فالغالب أن المرأة تبلغ سن اليأس من الإنجاب قبل الخمسين ... ورغم أن هذه المعلومات لم تثبت حديثياً إلا أنها مشتهرة عند الإخباريين ) .
لكننا رأينا أن رواية ابن إسحاق التي نقلها الحاكم ضعيفة .
وأنا أميل إلى أن عمر أمّنا خديجة رضي الله عنها عند زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم كان أقل من أربعين سنة ، فلعله كان ثمانيَ وعشرين أو خمس وعشرين سنة كما رجحه البيهقي .
والله أعلم
بهجت عبدالغني
27-11-2015, 06:32 PM
(12)
خولة بنت الأزور ـ الشخصية الوهمية ـ
من عيوب مناهجنا التعلمية أنهم يقررون في المناهج ما رسخ في مخيلتهم، ويجعلونها مقررات في المدارس والجامعات، ولايكلفون انفسهم التحري والتقصي.
وللأسف يقع هذا مع كبار المحققين كأمثال صاحب الأعلام، خير الدين بن محمود، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ)، قال رحمه في الأعلام 2:325 :
خَوْلَة بنت الأَزْوَر (000 - نحو 35 هـ = 000 - نحو 655 م):
خولة بنت الأزور الأسدي: شاعرة كانت من أشجع النساء في عصرها، وتشبَّه بخالد بن الوليد في حملاتها. وهي أخت ضرار بن الأزور. لها أخبار كثيرة في فتوح الشام. وفي شعرها جزالة وفخر توفيت في أواخر عهد عثمان...
ومازاد رحمه الله في الإحالة إلا على الدر المنثور !!
قال الظاهري: وأقدمُ من ذكرها هو الواقدي في الكتاب المنسوب له زورًا كتاب فتوح الشام وهو مكذوب على الواقدي، وليس لخولة ترجمة في كتب الصحابة ولاتراجم الرجال، ولا لها رواية في كل كتب السنة، فأي صحابية هذه التي ليس لها ذكر الا في كتاب مكذوب؟...!!
كتبه: أبو عبدالرحمن الظاهري (عماد بن حسن المصري)
على صفحته في الفيسبوك
ايهاب الشباطات
27-11-2015, 08:13 PM
موضوع مهم ... أضف شبهة عمر عائشة رضي الله عنها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
للنتحاور فيها ...
بهجت عبدالغني
30-11-2015, 10:45 AM
موضوع مهم ... أضف شبهة عمر عائشة رضي الله عنها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم
للنتحاور فيها ...
منذ فترة فتحت ملفاً بهذا الخصوص، لكن صراحةً الموضوع شائك ويحتاج إلى تدقيق وتأنّي..
تحياتي أخي العزيز ومحبتي
ايهاب الشباطات
30-11-2015, 11:51 AM
منذ فترة فتحت ملفاً بهذا الخصوص، لكن صراحةً الموضوع شائك ويحتاج إلى تدقيق وتأنّي..
تحياتي أخي العزيز ومحبتي
بحثت في صفحات مواضيعك ولم أجده .... الرابط من فضلك .
بهجت عبدالغني
30-11-2015, 03:23 PM
أعتذر منك أخي، فلم أقصد أني نشرت الموضوع، وإنما هو عندي لم أنشره بعد، لأنه يحتاج إلى مراجعة وتدقيق..
أعتذر منك مرة أخرى..
تحياتي وتقديري
ايهاب الشباطات
05-12-2015, 07:00 AM
أعتذر منك أخي، فلم أقصد أني نشرت الموضوع، وإنما هو عندي لم أنشره بعد، لأنه يحتاج إلى مراجعة وتدقيق..
أعتذر منك مرة أخرى..
تحياتي وتقديري
لا بأس .. في الانتظار .......
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir