تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ألف سلامٍ وتحية ٍ لكَ مُعلِّمي



لطيفة أسير
08-06-2012, 03:03 PM
لا تكاد مهنة في العالم تخلو من المتاعب وتحفها المكاره من كل جانب ، بَيْد أن الكثيرَ من الناس حين يتحدثون عن التدريس يتغاضَوْن عن متاعبه ، ويغبطون المدرسين على حسن حظهم :
ساعات عمل أقل ..أيام عطل أكثر .. في منأى عن أعين المراقبين المزعجين ..كل مدرس هو ربُّ قسمه ، ولا أحد يملي عليه أوامره غير سلطة الرقابة الإلهية .
ولدحض هذا التصور الخاطئ قررت يوما أن أصطحب معي إحدى هؤلاء لترى النعيم الذي نرفل فيه ، والراحة التي تغدق علينا كل حين .
قلت لإحداهن :
تعالي معي يوما واحدا لتري ما يحسدنا الناس عليه.

ذهبنا صباحا على الساعة الثامنة إلا ربع ، وما إن رنَّ جرس الدخول حتى
بدأ التلاميذ يلجون القسم الواحد تلو الآخر :
الأول ..الثاني..ثلاثون ..أربعون ..ماهذا : كل هؤلاء في قسم ؟
قلت :نعم .
قالت: نحن لنا ابن أو اثنان وبالكاد نستطيع السيطرة عليهم .
قلت : ذلكم ما تحسدوننا عليه.
قالت ضاحكة : الحقيقة ..كان الله في عونكم
قلت : آمين ثم عقبتُ قائلة :
المشكل ليس في كَمِّهم فحسب ، بل حتى بيئاتُهُم ووضعياتهم تتباين :
الفقير والميسور.. الخلوق وسئ الخلق .. الهادئ والمتمرد ..
و المدرس عليه أن يستوعب هذا الإختلاف ، ويكون مربيا ومعلما ومحللا نفسيا وأخصائيا اجتماعيا و...
فقالت ثانية :
فعلا أسأل الله لكم العون .. الأمر ليس هينا .

شرعتُ في الحصة وفحأة تناهى لسمعنا صراخ وضجيج بالخارج ، خرجتُ مسرعة لتقصي الأمر ، ويا لفداحة ما رأيت :
أحد التلاميذ آخذ بتلابيب أستاذه وهو يسبه بأبشع الصفات .. لم يقف الأستاذ مكتوف الأيدي بل كان يرد باللكمات على " خصمه " الجديد، تدخلت الإدارة وحلت هذا النزاع ليعود كل إلى قسمه .
نقلت الخبر لزائرتي وهمست لها مازحة طوبى لنا ..أليس كذلك ؟
قالت وعلامات التأسف بادية على محياها :
في زماننا ماكنا نجرؤ على إمعان النظر في أستاذنا خوفا وهيبة .
قلت : كان زمان أما اليوم فقد "تطور المجتمع "، وأصبحت قلة الأدب عنوان الرجولة وسبيل إثبات الذات .
بخجل طأطأت رأسها وقالت : الحقيقة كان الله في عونكم
.
رجعت لإتمام الدرس وختمته بسؤالي التقليدي :
هل فهمتم الدرس ؟
أجابوا بصوت واحد : نعم .
فبدأت أطرح عليهم أسئلة لاختبار درجة فهمهم : ويا ليتني سكتت واكتفيت بنعم .
كالعادة الأيادي القليلة المرتفعة دائما هي التي تجيب .
قلت لهم : ألم تقولوا جميعا فهمنا ؟؟؟؟؟؟؟؟
قالوا: نعم
قلت : فما المشكلة ؟
قالوا :لامشكلة.
وبامتعاض قلت لها :
ماذا تفعلين إذن مع أناس كهؤلاء ، أكاد أُجن من أمثالهم .
قالت لي : لاعليك أنت شرحت الدرس وأديت مهمتك ، وليفهم من شاء ومن لم يشأ فليتحمل مسؤوليته .

رن الجرس فجاء بعض التلاميذ يقولون لي : جزاك الله خيرا أستاذتي
فتحطم جدار الحزن الذي غلَّف قلبي في نهاية الحصة .. وبددت هذه الكلمات الحانية ماجال في خاطري .
قلت لزائرتي : لولا الله ثم هذه البراعم والزهور الطيبة لقدمت استقالتي من مهنة المتاعب هذه .
وحين هم القسم الثاني بالدخول ، لمحت زائرتي قدجمعت أغراضها فقلت : إلى أين ؟ لازالت ثلاث حصص أخرى.
قالت وهي تسمع ضجيج التلاميذ متوجهين إلى أقسامهم :
اكتفيت .. اكتفيت .. أعانكم الله .

عمر الحجار
08-06-2012, 03:52 PM
الاخت بلابل السلام

سأروي لك حكاية تدل على عذاب المعلم وتضحياته

عندما قررت الانتساب لجامعة دمشق كانت رغباتي كالتالي ، قسم الصحافة ، قسم الفلسفة ، كلية الحقوق
سقطت الرغبة الاولى لاسباب سياسية
واسقط ابي الثاني بعد ان اقنعني ان مهنة التدريس مهنة شاقة ومتعبة ، ولا تحظى بكثير التقدير والعرفان
وهكذا بقيت الرغبة الثالثة التي لم انجزها ، لعدم قناعتي بها فتركت كلية الحقوق من الشنة الثالثة



كل الاحترام لكل المعلمين
والتقدير الكبير لمعلمينا هنا في الواحة وانت منهم

عبد الرحيم بيوم
08-06-2012, 10:13 PM
تذكرت هنا هذه المحاورة اللطيفة حول المعلم بين شوقي وطوقان
فالاول ينظر من منظار سمو رسالة المعلم والثاني ينظر من منظار الواقع وصعوبة هذه الامانة وما تتطلبه من صبر
فقد قال شوقي في أحد أشعاره
قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا

فقال إبراهيم طوقان:
شوقـي يقول وما درى بمصيبتي *** قـم للمعلـم وفـه التبجيـلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلا *** من كان للنشء الصغار خليلا
ويكـاد يقلقني الامير بقولـه *** كاد المعلم ان يكون رسـولا
لو جرب التعليم شوقـي ساعـة *** لقضى الحياة شقاوة وخمـولا
حسب المعلم غمـة وكآبـة *** مرأى الدفـاتر بكرة واصيـلا
مئة عـلى مئة اذا هي صلحت *** وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو أن في التصليح نفعا يرتجـى *** وأبيك لم أك بالعيون بخيـلا
لكن اصلـح غلطـة نحويـة *** مثلا، وأتخذ الكتاب دليـلا
مستشهـدا بالغـر مـن أياتـه *** أو بالحديث مفصلا تفصيلا
واغوص في الشعر القديم فأنتقـي *** مـا ليس ملتبسا ولا مبذولا
وأكاد ابعث سيبويه من البلـى *** وذويه من أهل القرون الاولى
فـأرى فتـى بعـد ذلـك كلـه *** رفع المضاف إليه والمفعـولا
لا تعجبوا ان صحت يوما صيحة *** ووقعت ما بين الصفوف قتيلا
يـا مـن يريد الانتحار وجدتـه *** إن المعلم لا يعيـش طويـلا

وتحية عطرة لك اختي الكريمة بلابل
حفظك المولى ورعاك

لطيفة أسير
09-06-2012, 12:53 AM
الاخت بلابل السلام

سأروي لك حكاية تدل على عذاب المعلم وتضحياته

عندما قررت الانتساب لجامعة دمشق كانت رغباتي كالتالي ، قسم الصحافة ، قسم الفلسفة ، كلية الحقوق
سقطت الرغبة الاولى لاسباب سياسية
واسقط ابي الثاني بعد ان اقنعني ان مهنة التدريس مهنة شاقة ومتعبة ، ولا تحظى بكثير التقدير والعرفان
وهكذا بقيت الرغبة الثالثة التي لم انجزها ، لعدم قناعتي بها فتركت كلية الحقوق من الشنة الثالثة



كل الاحترام لكل المعلمين
والتقدير الكبير لمعلمينا هنا في الواحة وانت منهم

الخير فيما اختاره الله أخي الكريم عمر
تحيتي و تقديري

لطيفة أسير
10-06-2012, 02:13 PM
تذكرت هنا هذه المحاورة اللطيفة حول المعلم بين شوقي وطوقان
فالاول ينظر من منظار سمو رسالة المعلم والثاني ينظر من منظار الواقع وصعوبة هذه الامانة وما تتطلبه من صبر
فقد قال شوقي في أحد أشعاره
قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا

فقال إبراهيم طوقان:
شوقـي يقول وما درى بمصيبتي *** قـم للمعلـم وفـه التبجيـلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلا *** من كان للنشء الصغار خليلا
ويكـاد يقلقني الامير بقولـه *** كاد المعلم ان يكون رسـولا
لو جرب التعليم شوقـي ساعـة *** لقضى الحياة شقاوة وخمـولا
حسب المعلم غمـة وكآبـة *** مرأى الدفـاتر بكرة واصيـلا
مئة عـلى مئة اذا هي صلحت *** وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو أن في التصليح نفعا يرتجـى *** وأبيك لم أك بالعيون بخيـلا
لكن اصلـح غلطـة نحويـة *** مثلا، وأتخذ الكتاب دليـلا
مستشهـدا بالغـر مـن أياتـه *** أو بالحديث مفصلا تفصيلا
واغوص في الشعر القديم فأنتقـي *** مـا ليس ملتبسا ولا مبذولا
وأكاد ابعث سيبويه من البلـى *** وذويه من أهل القرون الاولى
فـأرى فتـى بعـد ذلـك كلـه *** رفع المضاف إليه والمفعـولا
لا تعجبوا ان صحت يوما صيحة *** ووقعت ما بين الصفوف قتيلا
يـا مـن يريد الانتحار وجدتـه *** إن المعلم لا يعيـش طويـلا

وتحية عطرة لك اختي الكريمة بلابل
حفظك المولى ورعاك

شكرا للإضافة القيمة أخي الفاضل عبد الرحيم صابر
أكرمك الله وبارك فيك
تحيتي وتقديري

بهجت عبدالغني
10-06-2012, 05:48 PM
الاخت الكريمة بلابل السلام
أنا ابصم لما قلت بالعشرة
فقد رأيت هذه المعاناة وعشتها فترة التطبيق ( والتطبيق مادة عملية في المرحلة الرابعة بحيث يطبق كل طالب في مدرسة يختارها 40 يوماً )
ومثلما ذكرت .. الاعداد الكبير .. فرق الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .. الخ ..
وأشياء أخرى لا تُذكر ..
وكنت اعدّ الايام لتنتهي المدة واعود الى الجامعة طالباً لا مدرساً ..
والى اليوم احاول ان اتحاشى مهنة التدريس ، مع عظمها واهميتها ..


وفقك الله لكل خير ..


تقلبي خالص تقديري ..

لطيفة أسير
12-06-2012, 12:38 AM
الاخت الكريمة بلابل السلام
أنا ابصم لما قلت بالعشرة
فقد رأيت هذه المعاناة وعشتها فترة التطبيق ( والتطبيق مادة عملية في المرحلة الرابعة بحيث يطبق كل طالب في مدرسة يختارها 40 يوماً )
ومثلما ذكرت .. الاعداد الكبير .. فرق الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .. الخ ..
وأشياء أخرى لا تُذكر ..
وكنت اعدّ الايام لتنتهي المدة واعود الى الجامعة طالباً لا مدرساً ..
والى اليوم احاول ان اتحاشى مهنة التدريس ، مع عظمها واهميتها ..


وفقك الله لكل خير ..


تقلبي خالص تقديري ..




هي فعلا أستاذي الكريم بهجت الرشيد مهنة المتاعب
لكن ما يهونها حين نتعامل معها كرسالة ودعوة تقربنا لله تعالى
شكرا للمرور المشرف أخي بهجت
تحيتي وتقديري

سامية الحربي
10-09-2012, 02:07 PM
كاد المعلم أن يكون رسولا ...
بالفعل أختي العزيزة لطيفة ربما يحسد البعض من يعملون في حقل التدريس للأسباب التي ذكرتها وربما يجب أن تسلط عليهم بضعة أطفال حتى يدرك حجم المسئولية الملقاة على عاتق المعلمين .ولا يختلف هذا العبء بتدريس أطفال أو مراهقين . شكراً جزيلاً لكِ صديقة المهنة .