المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف أكتب القصيـــــــدة؟



حميد العمراوي
17-06-2012, 08:54 PM
كيف أكتب الوطنَ في قصيدة؟

يا سيدي خذ عني هذا؛
لا وطــنَ يُرسم على ورق، ولا وطــنَ تطيقهُ الدفاتــــر
فخــذ ورقـــة شديدة البياض؛ و اكتب بحبر أحمــــر: آه
ثـــم كررها بقــــدر ما في عروقك من حبـــــر..
وحدَها آخرُ قطـــرة من دمـــك، ستحدد حجـــم الديوان.

وكيف أكتب أمــــي في قصيدة؟

هذا أهــــون عليك قليلا،
فاختر ليلــة شديدة البرودة، و تحرَّ أن تكون وحيدا، ثم تكــور على جوعك، و إياك أن تقرب الماء مهما راودك العطش..
و خــــذْ ورقـــة أو دفتـــرا ثم اكتب ما يلـــــي:
- واحدٌ، اثنان، ثلاثة…
اشهق كل الهواء حولك، و جَنَّـدْ كلَّ قواكَ، لتزفـــرَ ما بقيَ فيك من ضعـــفٍ..
تابـــعْ على هـــذا المنــوال، تسعةَ أشهرٍ أو سبعةً، لو كنت خديجا...
وحين تشارف على الانتهاء، ستحتفل ليلتك بالزمهرير، لكن عليك أن تتعرق!! فالعرق معيار محدد لجودة القصيدة.
هــان الأمرُ؛ فلا تكـــنْ عجولا..
لك أن تصرخَ كالمجنون، ولك أن تتمرغَ في التراب، علَّك تجدُ الاستعارة المقبولة، وحين تهتدي إليها، ضع سطرا مائلا مكسورا، يتبختر بالوجع عل طول الصفحة..
و ارسم قمحا و ملحا، و ارسم دربا من القلـــق مديدا..
واصرخ كثيـــرا، اصرخْ حتى ينبلـــــج النـــور من جبهتك
و أخيــــــرا، وَكِّـلْ من يطلقُ عنك زغرودة!
و هنيئا لديوانك المولـــــودة...
فاختر لها ما تشتهي من الأسماء، فهـــي على كل حال: شهيــــدة

و هل أستطيع أن أكتب حبيبتي في قصيدة؟

طبعا تقــدر؛
لــــو استطعتَ التمييــزَ بيـــن شَعْرِها و شِعْرك،
بين لهيب القــرب في وجنتيها، ولهيب بعدها في صدرك
تقدرُ؛ لو كان التحليق يستهويك، و تشردتْ عصافيرٌ في دمـك
تقدر؛ لو عرفت العلاقــــة بين الصباح و النور في عينيها
تقدر؛ لوعرفت ما الذي يجعل الفراشة فراشة؟!
قدرتها على التحليق، أم قابليتها للاحتراق؟
مهرجان اللون في جناحيها، أم عمرها القصير؟
تقــدر؛ لو استطعت أن تحل لغزا صغيرا:
لماذا يخفق القلب وحيدا، فترتجفُ يداك معا؟
لماذا ينزف القلب وحيدا، فتذرفُ عيناك معا؟
لماذا يصعق القلب وحيدا، فتخرُّ رجلاك معا؟
فكر مليا قبــل أن تجيب، و لو أجبـــت؛ فقبــل يديهــا، قبـــلَ أن تبصمَ بقلبك على قلـب القصيدة..

فمـــا القصيـــــــدة؟!

هي الحبيبة القريبة، أو القريبة مهما كانت بعيــدة
و هي الأم تحنـــــو على الوليد أو تزفـــه شهيــــدا
و هي الوطن السليبُ، و الوطن الربيعُ، و الوطن الغصة..
و هي الصرخة المدوية، و الصرخة المكتومة، والصرخة الدهشة،
و هي النـــدوب؛ أوسمةٌ على صدر السقطات.. ذاكـــرةُ العثرات،
وشماتُ الزمن على الجبين، تحزها الأيام رويـــدا
و هي الكلام لـــو حشرَجَ، لو تمنَّــــعَ، أو غـــرَّدَ تغريدا
و هي الحب لـــو لانَ، أو استقــــوى فاستعصى على التأويل
و هي وخز المعنـــى، لو أغرق في المجــاز
و هي الحقـــول خصبةً بالقمح كانت، أو ضنينة
و هي الروح تسعى بين الصدر و الحلق، في شبه نزع و غرغرة
و هي الشهقة من تعب، تتلوها زفــــرة، يتلوها الصداع و الحمى
و هي العيـــــــون؛ كل العيون...
عيون الجائعيـــن تذبـــل تحت وطأة العنــــاء
عيون الفلاحين تؤمن بالدمع على الدعـــاء
عيون الأرض تفَجَّـــرُ بالمــــاء المعين
عيون الغيـــم تنهمــــر بالخير العميم
عيون الأطفال، تتسع فرحةً بهدية العيــــد، أو دهشةً في لحظة التفجير
عينــا الأميــرة فيهمـا حلــــم الغــريب
عيون الأمهات تبْيَـــضُّ بالـــدموع
عيون الفـــراش، تجحظ لحظة تعانق اللهيب
عيون العابــــرين، تتفحص أشلاء الشهيـــــد
عينــا الغريب، تدهشان من سطوة الحقيقــــة
عينـــا الأميرة، تزدريان الأوهامَ في باب الحديقة..
و هي عيـــــن الحقيقة، لــــو بَرِئَــت من الكـــذب
و هي كل شــيء رابض فيكَ، أو هارب منكَ، أو ضائع عليكَ، أو آت إليكَ...
و هي كل الكلام تُعَمِّدُه الأنفاسُ، و تصدقهُ القلوب، إلا أن تكون كلاما مصنوعا، أو حرفا منضودا.
و هي الضلـــوع؛
تقوســـنَ على المخاوف و الأمنيات،
أو تَحَطَّمْنَ للحب حاضنات..
أو تفطَّـــرَ القلبُ تحتهن بالنبض المفزوع...
و هي ما قلتُ، و ما لم أقلْ، و ما لا ينبغي لي أن أقولَ...

كاملة بدارنه
17-06-2012, 09:12 PM
فمـــا القصيـــــــدة؟!

هي الحبيبة القريبة، أو القريبة مهما كانت بعيــدة
و هي الأم تحنـــــو على الوليد أو تزفـــه شهيــــدا
و هي الوطن السليبُ، و الوطن الربيعُ، و الوطن الغصة..
و هي الصرخة المدوية، و الصرخة المكتومة، والصرخة الدهشة،
و هي النـــدوب؛ أوسمةٌ على صدر السقطات.. ذاكـــرةُ العثرات،
وشماتُ الزمن على الجبين، تحزها الأيام رويـــدا
و هي الكلام لـــو حشرَجَ، لو تمنَّــــعَ، أو غـــرَّدَ تغريدا
و هي الحب لـــو لانَ، أو استقــــوى فاستعصى على التأويل
و هي وخز المعنـــى، لو أغرق في المجــاز
و هي الحقـــول خصبةً بالقمح كانت، أو ضنينة
و هي الروح تسعى بين الصدر و الحلق، في شبه نزع و غرغرة
و هي الشهقة من تعب، تتلوها زفــــرة، يتلوها الصداع و الحمى
و هي العيـــــــون؛ كل العيون...
عيون الجائعيـــن تذبـــل تحت وطأة العنــــاء
عيون الفلاحين تؤمن بالدمع على الدعـــاء
عيون الأرض تفَجَّـــرُ بالمــــاء المعين
عيون الغيـــم تنهمــــر بالخير العميم
عيون الأطفال، تتسع فرحةً بهدية العيــــد، أو دهشةً في لحظة التفجير
عينــا الأميــرة فيهمـا حلــــم الغــريب
عيون الأمهات تبْيَـــضُّ بالـــدموع
عيون الفـــراش، تجحظ لحظة تعانق اللهيب
عيون العابــــرين، تتفحص أشلاء الشهيـــــد
عينــا الغريب، تدهشان من سطوة الحقيقــــة
عينـــا الأميرة، تزدريان الأوهامَ في باب الحديقة..
و هي عيـــــن الحقيقة، لــــو بَرِئَــت من الكـــذب
و هي كل شــيء رابض فيكَ، أو هارب منكَ، أو ضائع عليكَ، أو آت إليكَ...
و هي كل الكلام تُعَمِّدُه الأنفاسُ، و تصدقهُ القلوب، إلا أن تكون كلاما مصنوعا، أو حرفا منضودا.
و هي الضلـــوع؛
تقوســـنَ على المخاوف و الأمنيات،
أو تَحَطَّمْنَ للحب حاضنات..
أو تفطَّـــرَ القلبُ تحتهن بالنبض المفزوع...
و هي ما قلتُ، و ما لم أقلْ، و ما لا ينبغي لي أن أقولَ...
رائع ما سطرته عن القصيدة !
جميل ما قرأت أخ حميد لغة وأفكارا ...
بورك القلم والفكر
تقديري وتحيّتي
للتّثبيت تقديرا

ربيع بن المدني السملالي
17-06-2012, 10:49 PM
أخي الحبيب وصديقي العزيز حميد والله ما علمتك إلاّ كاتباً واعيا ، رائعا ، ألانَ الله لك الكَلِم بأسلوب مميّز كما ألان لداود الحديد ، لله درّك ولنا دُررك

دمتَ مُشرقاً في سماء الواحة أيها الأصيل

تحياتي لك وخالص المحبة

وليد عارف الرشيد
18-06-2012, 03:32 AM
تصفيق طويل الأمد .. لعله يعفيني الليلة من البحث عن كلامٍ يليق
اعذرني ربما أقدر فأرجع .. صديقك أنا منذ حروف وربما أكثر
محبتي والياسمين

ماهر يونس
19-06-2012, 01:24 AM
تبهرني كتاباتك دائما يا حميد وأقف معها على حافة دهشة
مبدع وأمير

محمد حسن النادي
19-06-2012, 01:42 AM
هكذا إذن !!
كيف للمبتدئين أمثالي إن أرادوا أن يشاركوكم ما يدور بوجدانهم
كيف بعدما أجد بلاغة الحرف وجميل الكلمة هنا أن أضع خربشات وسط تلك الروائع
المتعة هنا كلها
والجمال دوماً في قلبك
حفظك الله
cryheart

أماني عواد
19-06-2012, 09:35 AM
الاستاذ الكبير حميد العمراوي

صدقت سيدي فالوطن , الام , الحبيبة اعظم وقود تشتعل به القصيدة , وقد كان الترتيب هنا رائعا مثاليا يعكس بسموه اولويات الكاتب والتي تتدرج من من العام الى
الخاص فالوطن قضية عامة والحبيبة قضية خاصة


فمـــا القصيـــــــدة؟!

هي الحبيبة القريبة، أو القريبة مهما كانت بعيــدة
و هي الأم تحنـــــو على الوليد أو تزفـــه شهيــــدا
و هي الوطن السليبُ، و الوطن الربيعُ، و الوطن الغصة..
و هي الصرخة المدوية، و الصرخة المكتومة، والصرخة الدهشة،
و هي النـــدوب؛ أوسمةٌ على صدر السقطات.. ذاكـــرةُ العثرات،
وشماتُ الزمن على الجبين، تحزها الأيام رويـــدا
و هي الكلام لـــو حشرَجَ، لو تمنَّــــعَ، أو غـــرَّدَ تغريدا
و هي الحب لـــو لانَ، أو استقــــوى فاستعصى على التأويل
و هي وخز المعنـــى، لو أغرق في المجــاز
و هي الحقـــول خصبةً بالقمح كانت، أو ضنينة
و هي الروح تسعى بين الصدر و الحلق، في شبه نزع و غرغرة
و هي الشهقة من تعب، تتلوها زفــــرة، يتلوها الصداع و الحمى
و هي العيـــــــون؛ كل العيون...
عيون الجائعيـــن تذبـــل تحت وطأة العنــــاء
عيون الفلاحين تؤمن بالدمع على الدعـــاء
عيون الأرض تفَجَّـــرُ بالمــــاء المعين
عيون الغيـــم تنهمــــر بالخير العميم
عيون الأطفال، تتسع فرحةً بهدية العيــــد، أو دهشةً في لحظة التفجير
عينــا الأميــرة فيهمـا حلــــم الغــريب
عيون الأمهات تبْيَـــضُّ بالـــدموع
عيون الفـــراش، تجحظ لحظة تعانق اللهيب
عيون العابــــرين، تتفحص أشلاء الشهيـــــد
عينــا الغريب، تدهشان من سطوة الحقيقــــة
عينـــا الأميرة، تزدريان الأوهامَ في باب الحديقة..
و هي عيـــــن الحقيقة، لــــو بَرِئَــت من الكـــذب
و هي كل شــيء رابض فيكَ، أو هارب منكَ، أو ضائع عليكَ، أو آت إليكَ...
و هي كل الكلام تُعَمِّدُه الأنفاسُ، و تصدقهُ القلوب، إلا أن تكون كلاما مصنوعا، أو حرفا منضودا.
و هي الضلـــوع؛
تقوســـنَ على المخاوف و الأمنيات،
أو تَحَطَّمْنَ للحب حاضنات..
أو تفطَّـــرَ القلبُ تحتهن بالنبض المفزوع...
و هي ما قلتُ، و ما لم أقلْ، و ما لا ينبغي لي أن أقولَ...




قد اختار الكاتب اوسع مساحة "للقصيدة". تلك الابنة التي يسبق مولدها مخاض عسير .
فنراه قد جمع اسباب نموها فينا وتفجرها منا لحظة صدق رائعة. فاوجزها هنا



و هي كل شــيء رابض فيكَ، أو هارب منكَ، أو ضائع عليكَ، أو آت إليكَ...
و هي كل الكلام تُعَمِّدُه الأنفاسُ، و تصدقهُ القلوب.

تلك هي الاسباب التى تجبرنا على خوض الكتابة الصادقة التي تولد بروح وجسد , لكن يا سيدي ثمة قصائد تجارية تخلو من الروح وان كان لها جسدا جميلا.


نص رائع \عميق\انسيابي عظيم

سلمت وسلم مدادك

زهراء المقدسية
19-06-2012, 03:15 PM
و هي ما قلتُ، و ما لم أقلْ، و ما لا ينبغي لي أن أقولَ...

الأستاذ حميد عمرواي

أراك تكتب بعبقرية أدبية فتميزت بين يديك الأبجدية
كل ما قرأته لك متميز وجميل
لكنك هنا عرفت كيف تذهلنا أكثر

دمت بتميزك

حميد العمراوي
19-06-2012, 04:48 PM
رائع ما سطرته عن القصيدة !
جميل ما قرأت أخ حميد لغة وأفكارا ...
بورك القلم والفكر
تقديري وتحيّتي
للتّثبيت تقديرا

الأخت الكريمة كاملة بدارنة

سعيد جدا بقراءتك لحروفي و إكرامك ضيافتها

شكرا لا تفي فضلكم علي واحة الخير

تقبلي تحياتي و احترامي

ربيحة الرفاعي
19-06-2012, 07:37 PM
ليس جديدا أن تفاجئني سطورك بروعتها
فأنا أصفق ابتهاجا كلما قرأت شيئا من حرفك

وليس غريبا أن تحيط هالات الروعة بنصك
فهي سمة ثابتة في حرفك لا تتغير

لكنني هنا قرأت تلكؤي حين أحاول اقتراف الكتابة
وحيرتي حين إذ يعيني عجز حروفي عن احتواء عظمة الوطن أرضا وأما وحبيبا

أبدعت أديبنا المحلق

تحاياي

فاطمه عبد القادر
20-06-2012, 12:31 AM
يا سيدي خذ عني هذا؛
لا وطــنَ يُرسم على ورق، ولا وطــنَ تطيقهُ الدفاتــــر
فخــذ ورقـــة شديدة البياض؛ و اكتب بحبر أحمــــر: آه
ثـــم كررها بقــــدر ما في عروقك من حبـــــر..
وحدَها آخرُ قطـــرة من دمـــك، ستحدد حجـــم الديوان.


السلام عليكم أخي حميد العمراوي
والسلام على روعة الإبداع في نصوصك الذهبية
كل قصائدك رائعة يا حميد ///بالوطن ,بالأم,, بالحبيبة,, وبالقصيدة نفسها
كم تعجبني استعاراتك ,ولوحاتك
وحدَها آخرُ قطـــرة من دمـــك، ستحدد حجـــم الديوان
دمنا قد أهدره العالم ,ووقعت الدنيا على هدره
شكرا لجمال ما تقوله أخي
كن بخير
ماسة

نداء غريب صبري
20-06-2012, 01:25 AM
رائع ما قلت أخي
وصادق في وصفه لمعنى كل منهم ومكانه في القصيدة
ورائع تعريفك للقصيدة

شكرا لك

بوركت

حميد العمراوي
20-06-2012, 08:49 PM
أخي الحبيب وصديقي العزيز حميد والله ما علمتك إلاّ كاتباً واعيا ، رائعا ، ألانَ الله لك الكَلِم بأسلوب مميّز كما ألان لداود الحديد ، لله درّك ولنا دُررك

دمتَ مُشرقاً في سماء الواحة أيها الأصيل

تحياتي لك وخالص المحبة

صديقي الحبيب ربيع

اغدقت علي من الاوصاف و هذا من كرمك

شكرا لك و المودة التي تعرف و اعرف

حميد العمراوي
27-06-2012, 05:06 PM
تصفيق طويل الأمد .. لعله يعفيني الليلة من البحث عن كلامٍ يليق
اعذرني ربما أقدر فأرجع .. صديقك أنا منذ حروف وربما أكثر
محبتي والياسمين

حضورك يفرحني صديقي الأديب وليد عارف الرشيد

نتشارك الكلمة حرفا و ملحا

تحياتي و محبتي

حميد العمراوي
27-06-2012, 11:41 PM
تبهرني كتاباتك دائما يا حميد وأقف معها على حافة دهشة
مبدع وأمير

الغالي ماهر يونس

يشرفني أن تقرأ نصوصي صديقي

كل الود و الاحترام