تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الثورة المصرية: انتصار بطعم الهزيمة



علال المديني
03-07-2012, 06:02 AM
مصر قلب العروبة والمسلمين، مصر أمل الأمة في التغيير، مصر بوابة فلسطين المجروحة ، مصر ثورة أخر صيحة الشعوب العربية والإسلامية التي رأت في سقوط فرعون هذا الزمن والعميل البار لأسياده بصيص الأمل في المستقبل الغد الذي يحمل جروح الماضي البئيس المثقل بأنين اليتامى وصيحات الأرامل و خوف الشباب من غد كانت ملامحه تلوح بسواد الظلم والطغيان ، وطعم المحسوبية و الفساد.

فكانت الثورة المصرية بالنسبة لشعوب المنطقة ذاك المنقذ من الضلال والظلام الذي جثم على صدورنا عقودا وعقود حتى ظننا أن لا ملجأ منهم إلا إليهم ، فوقعت الواقعة التي كان لوقعتها أن ظنت كل الشعوب أن زمن الأوغاد كان هباء منثورا ، وقام الطغاة من كهوفهم ينظفون غبار الظلم والاستبداد ويعوضونها بمساحيق داكنة اللون تزيدهم تشوها وقبحا، فخرجوا علينا بدساتير وإصلاحات ظاهرها الرحمة وبطنها من قبله العذاب ، فبدأ كل زعيم يصرح أن بلده غير بلد الثورة فظهر لنا التميز والتفرد بعدما كانت جامعتهم في مصر توحدهم بخطابات الخشب عن نظام واحد ، واجتماعاتهم الأمنية في تونس تعلمهم القمع والتصفية ، ليعلنوا بعد ذلك أنهم براء منهم في الدنيا والآخرة وأنهم طالما نصحوهم على رعيتهم .

وقعت الثورة في مصر وسقط الرئيس دون أن ينهار النظام أو يتزحزح بل ظل صامدا وسلمت له السلطة من طرف الرئيس المخلوع فتم تأسيس المجلس العسكري الذي أصبح سيد الموقف المتحكم في كل السلطات خاصة التنفيذية والتشريعية ، وعندها بدا وضحا أن ثورة مضادة بدأت تأخذ طريقا لها من داخل الثورة وبشرعية أقوى من كل الشرعيات ، وأن شيئا ما يطبخ داخل دهاليز الدولة العميقة وبمشاركة أمريكية وصهيونية وبتوظيف عناصر النظام البائد الذي كان ذكيا في امتصاص الضربة والتعامل معها بحنكة فاقت تعامل الثوار، يضاف إلى هذا أن الثورة رغم زخمها الشعبي فهي كانت ضعيفة وتحمل عناصر الضعف من الداخل لأن الثورة المصرية لم تكن لها زعامة وقيادة واضحة كما أنها اشتغلت بعيدة بدون ايدولوجيا ظنا من الثوار أن ذلك يشكل قوة للثورة لكن مجرد ما بدأت الانتخابات حتى خرج عفريت السياسي والإيديولوجي يطفو على السطح ليجد العسكر منفذا للحكم وليتسلل عناصر الحزب الوطني المنحل إلى السياسة والحديث عن الثورة.

فبدل أن يحمي الثوار الثورة من عناصر النظام السابق ومن المجلس العسكري نجح هذا الأخير ومعه الطابو الرابع من توجيه الخلاف نحو الإخوان المسلمين ومحاولة حرمانهم من حقهم في تأييد أغلبية الشعب المصري فانزلقت أغلب قوى الثورة إلى هذا النقاش فتطور النقاش إلى أبعد من ذلك فحاولت بعض مكونات الثورة أن تسلب الإخوان دورهم البارز في الثورة ،الأمر الذي جعل وشجع المجلس العسكري السطو على كل الاختصاصات من تعين الحكومة إلى الإعلان الدستوري إلى حل البرلمان إلى جعل نفسه شريكا للرئيس في الحكم وفي إعلان الحرب.

قد يذهب البعض إلى أن المجلس العسكري تعامل بما يمليه عليه واجب الوطن والاستقرار ،الأمر الذي أشكك فيه وأعتبر أن المجلس العسكري بقيادته التسعة عسرة وعلى رأسهم المشير الطنطاوي بقايا النظام السابق وأحد صناديده منذ اليوم الأول وهو يعمل جاهدا لإفراغ الثورة من داخلها وجعلها مجرد اسم يحتفل به المصريون كل سنة ويتحول إلى مادة مربحة في مراكز الإخراج السينمائي لإنتاج مئات الأفلام عن الثورة .

عناصر النظام السابق لم يكنوا لوحدهم يعملون للإجهاز على الثورة بل تكالبت عليها دول إقليمية وغربية حاولت تغيير مسارها لما يخدم أجندتها، ويقلل من نتائجها، هذا التكالب و الصراع وأبعاده الخارجية ومكائد الخصم وقوته كانت جماعة الإخوان المسلمين من التنظيمات الثورية القليلة التي تعي هذا صراع ، لذلك لا أستبعد كون ظهور السلفيين كرقم قوي في الساحة ودخولهم في السياسة بهذه السرعة من ورائه النظام السعودي الذي يحمل حقدا للثورة وخاصة للإخوان المسلمين لأسباب عدة منها تخوف النظام السعودي من ظهور مصر كدولة قوية تقوم بدور حيوي في المنطقة مما يفقد معه النظام السعودي مكانته ودوره في الساحة الإقليمية . إضافة إلى دافع مذهبي فكري فالنظام السعودي الذي يعتنق مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي يحسب على المنهج السلفي ، هذا النظام يخشى التيار الحركي المعتدل الذي بدأ يشق وجوده في الخليج ، ويعتبر الإخوان المسلمين المؤسسين لهذا التيار.

كانت الانتخابات الرئاسية محطة مهمة لإثبات نجاح الثورة أو العكس ، لإثبات تجذر فعل الثورة كفكر وممارسة في الشعب المصري أو العكس ، كانت الانتخابات محطة لتقطع مع عناصر الفلول والنظام السابق وتؤسس لثقافة جديدة بعيدة عن مصيدة النظام السابق الذي استطاع أن يوجه بوصلة الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين واليسار ، ومع بداية الثورة اعتقد الجميع أن الشعب المصري عرف أخيرا البوصلة الصحيحة في الصراع فبدل الصراع المفتعل الذي كان بين الوطنيين والشرفاء حول التوجهات السياسية ،اهتدى الشعب المصري إلى الصراع الرئيسي الذي هو بين قوى الفساد والتبعية وبين قوى العدل والوطنية والنزاهة،لكن الانتخابات الرئيسية وذكاء الفلول واستمرار الثوار العمل بآليات قديمة واعتقادهم أن النظام السابق انتهى جعلهم يدخلون في صراع سياسي ضيق كانت نتائج الانتخابات المرحلة الأولى بمثابة صفعة لطمت الثورة والثوار ليتم دق نقوص الخطر لكن الوقت كان قد فات ، لأن الفلول والنظام السابق اكتسبوا شرعية الشارع التي كان الثوار يحتكرونها لوحدهم وبدأ مؤيدو شفيق يؤسسون لخطاب جديد بالغ الدقة والإحكام ضد الإخوان المسلمين استمال كثير من التيارات المحسوبة على الثورة كون الإخوان هم الحزب الوطني المنحل الجديد وعلى أن هدفهم سرقت الثورة والإعلان عن الدولة الدينية ، فاستطاع شفيق استقطاب جل الأقباط ونسبة كبيرة من الشارع المصري لنفاجأ مع المرحلة الثانية بقتل شبه كامل للثورة تحتاج إلى ثورة ثانية شبه مستحيلة .

قبل يوم من الانتخابات أعلن المجلس العسكري عن حل مجلس الشعب واعتبر وجوده غير قانوني بناء على قرار المحكمة الدستورية.ثم بعد ذلك أعلن عن الدستور المكمل الذي جعل المجلس العسكري شريكا في الحكم وأعطى لنفسه صلاحيات وضمانات يستحيل معها لأي رئيس الانقلاب عليها، وأعلن أن الحرب قضية المجلس طمأنة للكيان الصهيوني وأمريكا .

شفيق يزاحم الدكتور مرسي في عدد الناخبين ويتفوق عليه في بعض اللجن ويحصل على أكثر من 12 مليون ناخب ومرسي 13 مليون ناخب، هذه النتائج وخاصة أصوات شفيق تطرح علينا أكثر من سؤال وتضعنا أمام سنريوهات عدة منها أن المجلس العسكري والفلول الآن في مركز القوة وبالتالي فالثورة لا يمكن أن تحقق ما كان يرجى منها ،إضافة ومن منطق الثوار يمكن لشفيق أن يقوم بثورة شعبية بناء على العدد الذي حصل عليه لأن الثورة المصرية في عز أيامها لم يصل عدد الثوار إلى 7 ملايين.

فوز الدكتور محمد مرسي حسب حملته وما أعلنت عنه الجماعة في الحقيقة فوز بطعم الهزيمة ليس لمرسي وللإخوان بل للثورة المصرية التي أخطأت الطكتيك منذ البداية في تعاملها مع الجيش و عناصر النظام السابق،إذ بدل أن يتم محاكمتهم بسرعة كبيرة وتغيير سريع في بنية الجيش وقيادته والابتعاد عن مهادنة قيادات الجيش الحالي التي هي صنيعة النظام السابق ، واتخاذ خطوات كبيرة في تحصين الدولة من العناصر العابثة والعميلة و القبض بزمامها،إلا أنه بعد الثورة كما قبلها لم تتغير علاقة الدولة بالثوار، وظل واقع الثوار خارج عن الحكم والسلطة وتم وضع الثقة في عناصر يصعب عليها بسبب ماضيها أن تتحول إلى رموز وطنية وداعمة للثورة.

زهراء المقدسية
06-07-2012, 12:43 AM
الأستاذ الكريم علال


وظل واقع الثوار خارج عن الحكم والسلطة وتم وضع الثقة في عناصر يصعب عليها بسبب ماضيها أن تتحول إلى رموز وطنية وداعمة للثورة.

أن يكون الرئيس من الثوار هذا هو الإنتصار بعينه
نعم هو محدود الصلاحيات بعد انتقاصها من قبل مجلس عسكري هو امتداد للنظام السابق

لكن بهمة الثوار والتفاف الجماهير حول الرئيس سيتم أخذ جميع الصلاحيات الرئاسية
وبحكمة محمد مرسي التي لمسناها في خطاباته المتعددة سيحلو طعم الإنتصار

وثقتنا كبير بشعب مصر الكبير

تحية و تقدير

ربيحة الرفاعي
06-07-2012, 01:37 AM
اطراف عدة عربية وإسلامية ودولية استعمارية حاولت العبث بمصير الثورة وتجيير الواقع لحسابها، بتأليب واختراقات وتلاعبات سياسية وإعلامية لم تخف على أحد
ونجح الشعب المصري الحرّ برغم كل تلك المحاولات في الوصول بثورته لانتصار بطعم الانتصار، واستلم السلطة، وسلمها لمن اختار
وكبر الحلم وما زال يكبر وسيأتي الغد الذي ننتظر حاملا لمصر شموس النهضة والحرية والاستقرار

موضوع هادف الطرح

أهلا بك أيها الكريم في احتك

تحاياي

علال المديني
27-07-2012, 12:54 AM
السلام عليكم رمضان كريم وكل عام وأنتم بألف خير والأمة العربية والإسلامية في مزيد من النصر والتألق أشكر الزملاء على هذا المرور ، كما أعبر لكم عن إعجابي بهذه الواحة الواعدة التي تتألق في سماء الإعلام العربي بإشرافكم وبمشاركة الكتاب
لماذا الثورة المصرية ولماذا هذا الخوف لأن مصر رقم مهم وبلد مركزي في نهوض الأمة والتخوف نابع من هذا الدور إضافة أني من الذينيؤمنون بالمؤامرة بل أكثر من ذلك أعتقد أن المؤامرة الآن أخذت أشكالا جديدة ومتطورة على المثقف الكشف عتها وفضحها .
تحياتي لكم على التعليق وتقبلوا فائق التقدير والإحترام والسلام