تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أحمد في المدرسة



عبد المجيد برزاني
03-07-2012, 08:47 PM
أحمد في المدرسة



...........................طابت أوقاتكم أخواتي وإخواني الأطفال. أنا أحمد. أحمد وكفى، لا تسألوني عن اسم والدي لأني لم أعرف لي والدا منذ كبرت. ولا أمي عرفتها. عمري تسع سنوات، وأطفال الملجأ والعاملون فيه هم كل عائلتي. أحيانا حين أخرج من المدرسة، ويتسابق التلاميذ إلى أحضان أمهاتهم أو أدرع آبائهم، ينتابني حزن عميق، أرفع عينيّ إلى السماء متسائلا إن كان والداي أحياء أتقصى أثرهم، أو أمواتا أقف على قبريهما أقرأ لهما الفاتحة وأدعو لهما بالجنة. لكني لا أجد جوابا، فأحزن كثيرا. وأحيانا تزورني أمي في المنام، تبتسم لي فأرى أسنانها الأكثر بياضا من فستانها الجميل، تأخذني في حضنها وتسافر بي عبر السحاب، تنزل بي في حديقة للألعاب، نتفسح، وتشتري لي كل ما أشتهيه من أصناف الحلوى. لكنها في كل مرة تذهب من دون أن تقول لي متى سترجع، أو حتى أن تعِدَني بالرجوع. وفي الصباح، لا أحد يصدقني عندما أقسم لهم أن ماما زارتني ليلا، إلا صديقتي "رجاء" لأن والدتها أيضا كانت تزورها من وقت لآخر في المنام. في المدرسة سألتني المعلمة، وهي تقرأ بإعجاب ما كتبتُه في مادة الإنشاء، إن كنتُ رأيتُ حديقةَ ألعاب في حياتي. فأجبتها :
- "نعم ذهبت إليها مع أمي ليلا" .
رمقتني بنظرة حائرة وسألتني ثانية :
- أمك ؟؟ وما اسم أمك .
ساد الصمت في القاعة، فقد كنت في كل مرة أنسى أن أسأل ماما عن اسمها. لكن أحدهم صاح من آخر الصف :
- إسمها خفاشة.
تعالت ضحكات زملائي، دق جرس الاستراحة وخرج الجميع يتراكضون صوب الساحة. لكن "رجاء" التي كانت تجلس بجانبي لم تضحك، ولم تركض. أعطتني منديلا ورقيا وأخذتْ آخرأ وجلسنا نجفف دمعاتنا.
أرادت رجاء أن تتقاسم معي قطعةَ رغيف أحضرتْها من الملجإ، رفضتُ الأكل وقلت لها:
- أنا لا أحب ذلك الأبله الذي سخر من أمي.
- ولا أنا أحبه.
- ماذا تتمنين له؟
- كل شيء سوى أن يموت والداه.
رأيته يلعب ويمرح بين الأطفال. لم أكن أحبه، لكنني لم أحقد عليه. تمنيت فقط أن يحسن معاملة أبويه، ويعترف بما أنعم الله عليه.

ربيحة الرفاعي
03-07-2012, 09:05 PM
جميلة وهادفة وتفيض بمشاعر مختلفة كلها نبيل
ما أجمل أن نمنح لأطفالنا مع المتعة شيئا من التربية والتوجيه بالحرف الجاد والنص الهادف

أهلا بك أديبنا الكريم في واحتك

تحاياي

أ د خديجة إيكر
03-07-2012, 09:54 PM
[ مبدع أنت ، أستاذ عبد المجيد برزاني

حكيٌ جميل موفّق ، دلالاته سامية .

بوركت و بورك يراعك

( رجائي أن تراجع الملون بالحمرة ففيه خطأ سهوتَ عنه عند الكتابة )

مع تحياتي
QUOTE=عبد المجيد برزاني;722530]
أحمد في المدرسة



...........................طابت أوقاتكم أخواتي وإخواني الأطفال. أنا أحمد. أحمد وكفى، لا تسألوني عن اسم والدي لأني لم أعرف لي والدا منذ كبرت. ولا أمي عرفتها. عمري تسع سنوات، وأطفال الملجأ والعاملون فيه هم كل عائلتي. أحيانا حين أخرج من المدرسة، ويتسابق التلاميذ إلى أحضان أمهاتهم أو أدرع آبائهم، ينتابني حزن عميق، أرفع عينيّ إلى السماء متسائلا إن كان والداي أحياء أتقصى أثرهم ( أثرهما )، أو أمواتا أقف على قبريهما أقرأ لهما الفاتحة وأدعو لهما بالجنة. لكني لا أجد جوابا، فأحزن كثيرا. وأحيانا تزورني أمي في المنام، تبتسم لي فأرى أسنانها الأكثر بياضا من فستانها الجميل، تأخذني في حضنها وتسافر بي عبر السحاب، تنزل بي في حديقة للألعاب، نتفسح ( نجولُ ، لأن تَفَسَّحَ عامية ، ومعناها في العربية : وَسَّع لشخصٍ في المجلس ) ، وتشتري لي كل ما أشتهيه من أصناف الحلوى. لكنها في كل مرة تذهب من دون أن تقول لي متى سترجع، أو حتى أن تعِدَني بالرجوع. وفي الصباح، لا أحد يصدقني عندما أقسم لهم أن ماما زارتني ليلا، إلا صديقتي "رجاء" لأن والدتها أيضا كانت تزورها من وقت لآخر في المنام. في المدرسة سألتني المعلمة، وهي تقرأ بإعجاب ما كتبتُه في مادة الإنشاء، إن كنتُ رأيتُ حديقةَ ألعاب في حياتي. فأجبتها :
- "نعم ذهبت إليها مع أمي ليلا" .
رمقتني بنظرة حائرة وسألتني ثانية :
- أمك ؟؟ وما اسم أمك .
ساد الصمت في القاعة، فقد كنت في كل مرة أنسى أن أسأل ماما عن اسمها. لكن أحدهم صاح من آخر الصف :
- إسمها ( اسمها) خفاشة.
تعالت ضحكات زملائي، دق جرس الاستراحة وخرج الجميع يتراكضون صوب الساحة. لكن "رجاء" التي كانت تجلس بجانبي لم تضحك، ولم تركض. أعطتني منديلا ورقيا وأخذتْ آخرأ ( آخر) وجلسنا نجفف دمعاتنا.
أرادت رجاء أن تتقاسم معي قطعةَ رغيف أحضرتْها من الملجإ، رفضتُ الأكل وقلت لها:
- أنا لا أحب ذلك الأبله الذي سخر من أمي.
- ولا أنا أحبه.
- ماذا تتمنين له؟
- كل شيء سوى أن يموت والداه.
رأيته يلعب ويمرح بين الأطفال. لم أكن أحبه، لكنني لم أحقد عليه. تمنيت فقط أن يحسن معاملة أبويه، ويعترف بما أنعم الله عليه.
[/QUOTE]

وليد عارف الرشيد
03-07-2012, 11:24 PM
إبداعٌ جديدٌ من إبداعاتك صديقي المبدع الجميل
قصة من طعم آخر أبكتني فمابالك الطفل ولكنها تلمع الصورة القاتمة لطفل الملجأ ثم تلمع صورة العلاقة الطفولية البريئة التي بتنا نكاد نفقدها
أحييك مبدعنا القدير وأترك لك مع المحبة التي تعلمها كثيرًا من الورد
وبالطبع سأقوم بنقل نسخة منها إلى صفحة المشروع

عبد المجيد برزاني
03-07-2012, 11:58 PM
جميلة وهادفة وتفيض بمشاعر مختلفة كلها نبل
ما أجمل أن نمنح لأطفالنا مع المتعة شيئا من التربية والتوجيه بالحرف الجاد والنص الهادف
أهلا بك أديبنا الكريم في واحتك
تحاياي

حياك الله أستاذتنا ربيحة :
مضاءة بكم هذه الواحة، وجميل التواجد بينكم.
شكرا لك.
كل المودة.

عبد المجيد برزاني
04-07-2012, 12:15 AM
[ مبدع أنت ، أستاذ عبد المجيد برزاني
حكيٌ جميل موفّق ، دلالاته سامية .
بوركت و بورك يراعك
( رجائي أن تراجع الملون بالحمرة ففيه خطأ سهوتَ عنه عند الكتابة )
مع تحياتي
QUOTE=عبد المجيد برزاني;722530]
أحمد في المدرسة


...........................طابت أوقاتكم أخواتي وإخواني الأطفال. أنا أحمد. أحمد وكفى، لا تسألوني عن اسم والدي لأني لم أعرف لي والدا منذ كبرت. ولا أمي عرفتها. عمري تسع سنوات، وأطفال الملجأ والعاملون فيه هم كل عائلتي. أحيانا حين أخرج من المدرسة، ويتسابق التلاميذ إلى أحضان أمهاتهم أو أدرع آبائهم، ينتابني حزن عميق، أرفع عينيّ إلى السماء متسائلا إن كان والداي أحياء أتقصى أثرهم ، أو أمواتا أقف على قبريهما أقرأ لهما الفاتحة وأدعو لهما بالجنة. لكني لا أجد جوابا، فأحزن كثيرا. وأحيانا تزورني أمي في المنام، تبتسم لي فأرى أسنانها الأكثر بياضا من فستانها الجميل، تأخذني في حضنها وتسافر بي عبر السحاب، تنزل بي في حديقة للألعاب، نتفسح، وتشتري لي كل ما أشتهيه من أصناف الحلوى. لكنها في كل مرة تذهب من دون أن تقول لي متى سترجع، أو حتى أن تعِدَني بالرجوع. وفي الصباح، لا أحد يصدقني عندما أقسم لهم أن ماما زارتني ليلا، إلا صديقتي "رجاء" لأن والدتها أيضا كانت تزورها من وقت لآخر في المنام. في المدرسة سألتني المعلمة، وهي تقرأ بإعجاب ما كتبتُه في مادة الإنشاء، إن كنتُ رأيتُ حديقةَ ألعاب في حياتي. فأجبتها :
- "نعم ذهبت إليها مع أمي ليلا" .
رمقتني بنظرة حائرة وسألتني ثانية :
- أمك ؟؟ وما اسم أمك .
ساد الصمت في القاعة، فقد كنت في كل مرة أنسى أن أسأل ماما عن اسمها. لكن أحدهم صاح من آخر الصف :
- إسمها خفاشة.
تعالت ضحكات زملائي، دق جرس الاستراحة وخرج الجميع يتراكضون صوب الساحة. لكن "رجاء" التي كانت تجلس بجانبي لم تضحك، ولم تركض. أعطتني منديلا ورقيا وأخذتْ آخرأ وجلسنا نجفف دمعاتنا.
أرادت رجاء أن تتقاسم معي قطعةَ رغيف أحضرتْها من الملجإ، رفضتُ الأكل وقلت لها:
- أنا لا أحب ذلك الأبله الذي سخر من أمي.
- ولا أنا أحبه.
- ماذا تتمنين له؟
- كل شيء سوى أن يموت والداه.
رأيته يلعب ويمرح بين الأطفال. لم أكن أحبه، لكنني لم أحقد عليه. تمنيت فقط أن يحسن معاملة أبويه، ويعترف بما أنعم الله عليه.
[/QUOTE]

طابت أوقاتك الأخت أ د خديجة :
أشكر لك انطباعك .
أختي أ د خديجة: كيف تقولين أن تفسح عامية، وتأتين لها في نفس الوقت بمعنى في اللغة؟؟؟
أختي جاء في معجم: اللغة العربية المعاصر -
.تفسَّحَ / تفسَّحَ لـ يتفسَّح ، تفسُّحًا ، فهو مُتفسِّح ، والمفعول مُتفسَّح له:

• تفسَّح الشَّخصُ
1 - تنزّه " تفسَّح في الحديقة " .

2 - توسَّع " { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا } " .
• تفسَّح المكانُ : اتَّسع " تفسَّحت الساحة بعد أن أزيلت الأنقاض " .
• تفسَّح له في المجلس : وسَّع له فيه " { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ } " .
وكما ترين أن تنزه أحد معاني تفسح.
والفسحة تعني من بين ما تعنيه النزهة.
أختي نكتب في إطار مشروع يتعلق بأدب الطفل.
حبذا لو تكرمت وشاركت معنا.
أعلم متيقنا أن نصوصك ستكون خالية من هفوات الرقن (انطباع).
تحاياي وكل التقدير.

فاطمة الشيباني
04-07-2012, 12:24 AM
أعجبتني كثيراَ
سأحكيها يوماَ ما على صغار عائلتي
أنت متمكن حقاَ
دمت بنقاء

عبد المجيد برزاني
04-07-2012, 10:39 PM
إبداعٌ جديدٌ من إبداعاتك صديقي المبدع الجميل
قصة من طعم آخر أبكتني فمابالك الطفل ولكنها تلمع الصورة القاتمة لطفل الملجأ ثم تلمع صورة العلاقة الطفولية البريئة التي بتنا نكاد نفقدها
أحييك مبدعنا القدير وأترك لك مع المحبة التي تعلمها كثيرًا من الورد
وبالطبع سأقوم بنقل نسخة منها إلى صفحة المشروع

أسعد الله أوقاتك صديقي المبدع وليد :
كنت وأنا أكتبها أستحضر كل أقراني الكهول الذين لا زالوا مثلي، يحملون بين جنباتهم الطفل الصغير الذي كانوه ذات صِباً.
وأكيد أن حضرتك واحد منهم.
محبتي وكل التقدير.

عبد المجيد برزاني
05-07-2012, 12:19 AM
أعجبتني كثيراَ
سأحكيها يوماَ ما على صغار عائلتي
أنت متمكن حقاَ
دمت بنقاء

شكرا فاطمة.
و سلمي لي على صغار عائلتك.
دمت بعافية.

ناديه محمد الجابي
08-02-2018, 07:53 PM
قصة انسانية مؤثرة ثرية بمحتواها، عميقة بمحمولها
نص رائع بإمتياز ـ هادف وتربوي من قاص ماهر
لا حرمك الله البهاء.
:0014::hat::0014:

محمد حمود الحميري
15-04-2018, 05:06 PM
قصة جميلة وهادفة ..
شكرًا لاهتمامك بجيل الغد يا صديقي .
تحياتي

أسيل أحمد
30-05-2020, 12:51 PM
قصة جميلة مؤثرة ـ عميقة وهادفة ، ورائعة المعاني
قص تربوي بحكي شائق ووصف رائع..
تحية لك أيها المبدع على هذه القصة الكثر من رائعة.