المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إثبات الهلال بالحساب الفلكي



بهجت عبدالغني
15-07-2012, 09:09 PM
حكم إثبات الهلال بالحساب الفلكي في هذا العصر

أيام وسيثار الجدل مرة أخرى حول مشروعية إثبات هلال رمضان عن طريق الحساب الفلكي ، وتجاوز الطريقة التقليدية التي هي الرؤية بالعين .
فحديث ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) ( صحيح البخاري )
يشير إلى طريقة إثبات دخول شهر رمضان وخروجه ، وهي الرؤية بالعين ، لكن بعض العلماء قالوا بأن الرؤية بالعين هي وسيلة للتأكد من دخول الشهر وخروجه ، والغاية هي صوم رمضان كاملاً ، وإذا وجدت وسيلة أخرى غير الرؤية البصرية ، اقدر على تحقيق هدف الحديث ، وابعد عن احتمال الخطأ والوهم والكذب ، فيمكن الاعتماد عليها ، وخاصة بعد ما وجد علماء وخبراء فلكيون وجيولوجيون وفيزيائيون متخصصون ، وبعد أن بلغ العلم مبلغاً مكّن الإنسان أن يصعد إلى القمر نفسه ، وينزل على سطحه ، فلماذا الجمود في الوسيلة ، والإغفال عن هدف الحديث ؟

وقد تناول هذا الموضوع الشيخ مصطفى الزرقا في كتابه ( العقل والفقه في فهم الحديث النبوي ) ، وقد ذهب إلى إثبات الهلال بالحساب الفلكي العلمي القطعي .

وهذا نص كلامه :
إني لا أجد في اختلاف علماء الشريعة العصريين ما يدعو إلى الاستغراب أغرب من اختلافهم الشديد فيما لا يجوز فيه الاختلاف حول اعتماد الحساب الفلكي في عصرنا هذا؛ لتحديد حلول الشهر القمري لترتيب أحكامه الشرعية. نعم أؤكد على قصدي عصرنا هذا بالذات، ذلك لأنني لا أستبعد الموقف السلبي لعلماء سلفنا من عدم تعويلهم على الحساب الفلكي في هذا الموضوع، بل إنني لو كنت في عصرهم لقلت بقولهم، ولكني أستبعد كل الاستبعاد موقف السلبيين من رجال الشريعة في هذا العصر؛ الذي ارتاد علماؤه آفاق الفضاء الكوني، وأصبح أصغر إنجازاتهم النزول إلى القمر، ثم وضع أقمارًا صناعية في مدارات فلكية محددة حول الأرض لأغراض شتى علمية وعسكرية وتجسسية، ثم القيام برحلات فضائية متنوعة الأحداث، والخروف من مراكبها للسياحة في الفضاء خارج الغلاف الجوي الذي يغلف الأرض، وخارج نطاق الجاذبية الأرضية، ثم سحب بعض الأقمار الصناعية الدوارة لإصلاح ما يطرأ عليها من اختلال وهي في الفضاء.
إني على يقين أن علماء سلفنا الأولين، الذي لم يقبلوا اعتماد الحساب الفلكي للأسباب التي سأذكرها قريبًا -نقلاً عنهم- لو أنهم وُجدوا اليوم في عصرنا هذا، وشاهدوا ما وصل إليه علم الفلك من تطور وضبط مذهل لغيروا رأيهم، فإن الله قد آتاهم من سعة الأفق الفكري في فهم مقاصد الشريعة ما لم يؤت مثله أتباعهم المتأخرين، فإذا كان الرصد الفلكي وحساباته في الزمن الماضي، لم يكن له من الدقة والصدق ما يكفي للثقة به والتعويل عليه، فهل يصح أن ينسحب ذلك الحكم عليه إلى يومنا هذا؟
ولعل قائلاً يقول: إن عدم قبول الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد أوائل الشهور القمرية، ليس سببه الشك في صحة الحساب الفلكي ودقته، وإنما سببه أن الشريعة الإسلامية بلسان رسولها -صلى الله عليه وسلم- قد ربطت ميلاد الأهلة وحلول الشهور القمرية بالرؤية البصرية، وذلك بقول -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الثابت عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "صوموا لرؤيته -أي "الهلال- وأفطروا لرؤيته، فإذ غمَّ عليكم فاقدروا له".
وفي رواية ثابتة أيضًا: "فإن غُمَّ عليكم فأكلموا العدة ثلاثين".
وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم: "فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين"، وهي تفسير لمعنى التقدير المطلق الوارد في الرواية الأولى.
وفي رواية أخرى عند البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فصوموا ثلاثين يومًا".
فجميع الروايات الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن قد ربط فيها الصوم والإفطار برؤية الهلال الجديد. وإن القدر أو التقدير عندما تمتنع الرؤية البصرية لعارض يحجبها من غيم أو ضباب أو مانع آخر معناه: إكمال الشهر القائم -شعبان أو رمضان- ثلاثين يومًا، فلا يحكم بأنه تسع وعشرون إلا بالرؤية. وهذا من شؤون العبادات التي تبنى فيها الأحكام على النص تعبدًا دون نظر إلى العلل، ولا إعمال للأقيسة.
هذه حجة من لا يقبلون الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد أوائل الشهور القمرية، ولو بلغ الحساب الفلكي من الصحة والدقة مبلغ اليقين بتقدم وسائله العلمية.
ونحن نقول بدورنا: إن كل ذلك مسلم به لدينا، وهو معروف في قواعد الشريعة وأصول فقهها بشأن العبادات، ولا مجال للجدل فيه، ولكنه مفروض في النصوص التي تلقى إلينا مطلقة غير معللة، فإذا ورد النص نفسه معللاً بعلة جاءت معه من مصدره، فإن الأمر حينئذ يختلف، ويكون للعلة تأثيرها في فهم النص وارتباط الحكم بها وجودًا وعدمًا في التطبيق، ولو كان الموضوع من صميم العبادات، ولكي تتضح لنا الرؤية الصحيحة في الموضوع نقول: "إن هذا الحديث النبوي الشريف الآنف الذكر ليس هو النص الوحيد في الموضوع، بل هناك روايات أخرى ثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- توضِّح علة أمره باعتماد رؤية الهلال البصرية للعلم بحلول الشهر الجديد؛ الذي نيطت به التكاليف والأحكام، من صيام وغيره. فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمه -رضي الله عنها- في كتاب الصيام، باب الصوم لرؤية الهلال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا".
وأخرج أيضًا بعده عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة (أي: طواه) والشهر هكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين".
ومفاد هذا الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- أشار (أولاً) بكلتا يديه وبإصبعه العشر ثلاث مرات، وطوى في الثالثة إبهامه على راحته لتبقى الأصابع فيها تسعًا، لإفادة أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين يومًا، ثم كرر الإشارة ذاتها (ثانيًا) دون أن يطوي في المرة الثالثة شيئًا من أصابعه العشر، ليفيد أن الشهر قد يكون أيضًا ثلاثين يومًا؛ أي: أنه يكون تارة تسعًا وعشرين وتارة ثلاثين.
هكذا نقل النسائي تفسير هذا الحديث عن شعبة عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر. (رواه النسائي). وكذلك ليس هذا هو كل شيء من الروايات الواردة في هذا الموضوع، فالرواية التي أكملت الصورة، وأوضحت العلة، فارتبطت أجزاء ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن بعضها ببعض، هي ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي (واللفظ للبخاري) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا" يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين، وكلهم أوردوا ذلك في كتاب الصوم. وقد أخرجه أحمد عن ابن عمر.
فهذا الحديث النبوي هو عماد الخيمة، وبيت القصيد في موضوعنا هذا، فقد علل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره باعتماد رؤية الهلال رؤية بصرية لبدء الصوم والإفطار بأنه من أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فما من سبيل لديها لمعرفة حلول الشهر ونهايته إلا رؤية الهلال الجديد، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين. وهذا ما فهمه شراح الحديث من هذا النص. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "لا تكتب ولا نحسب" (بالنون فيهما)، والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته في تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم؛ لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضًا إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير.
أضاف ابن حجر بعد ذلك قائلاً: "واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً". وقد ناقش فضيلة الشيخ هذه العبارة لابن حجر في كتابه "العقل والفقه في فهم الحديث النبوي" فارجع إليه.

والعيني في "عمدة القارئ" قد علل تعليق الشارع الصوم بالرؤية أيضًا بعلة رفع الحرج في معاناة حساب التسيير كما نقلناه عن ابن حجر. ونقل العيني عن ابن بطال في هذا المقام قوله: "لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، إنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في عرفه ذلك الحساب وغيرهم".
وذكر القسطلاني في "إرشاد الساري شرح البخاري" مثل ما قال ابن بطال. وقال السندي في "حاشيته على سنن النسائي" يشرح كلمة (أمية) الواردة في الحديث بقوله: "أمية في عدم معرفة الكتابة والحساب، فلذلك ما كلفنا الله تعالى بحساب أهل النجوم، ولا بالشهور الشمسية الخفية، بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية..".
وواضح من هذا أن الأمر باعتماد رؤية الهلال ليس لأن رؤيته هي في ذاتها عبادة، أو أن فيها معنى التعبد، بل لأنها هي الوسيلة الممكنة الميسورة إذ ذاك، لمعرفة بدء الشهر القمري ونهايته لمن يكونون كذلك، أي: أميين لا علم لهم بالكتابة والحساب الفلكي.
ولازم هذا المفاد من مفهوم النص الشرعي نفسه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقومه العرب إذ ذاك لو كانوا من أهل العلم بالكتاب والحساب بحيث يستطيعون أن يرصدوا الأجرام الفلكية، ويضبطوا بالكتاب والحساب دوراتها المنتظمة التي نظمتها قدرة الله العليم القدير بصورة لا تختل، ولا تختلف، حتى يعرفوا مسبقًا بالحساب متى يهل بالهلال الجديد، فينتهي الشهر السابق ويبدأ اللاحق، لأمكنهم اعتماد الحساب الفلكي. وكذا كل من يصل لديهم هذا العلم من الدقة والانضباط إلى الدرجة التي يوثق بها ويطمئن إلى صحتها.
هذا حينئذ -ولا شك- أوثق وأضبط في إثبات الهلال من الاعتماد على شاهدين ليسا معصومين من الوهم وخداع البصر، ولا من الكذب لغرض أو مصلحة شخصية مستورة، مهما تحرينا للتحقق من عدالتهما الظاهرة التي توحي بصدقهما، وكذلك هو -أي طريق الحساب الفلكي- هو أوثق وأضبط من الاعتماد على شاهد واحد عندما يكون الجو غير صحو والرؤية عسيرة، كما عليه بعض المذاهب المعتبرة في هذا الحال.
وقد وجد من علماء السلف -حين كان الحساب الفلكي في حاله القديمة غير منضبط- من قال: إنَّ العالم بالحساب يعمل به لنفسه، قال بهذا مطرف بن عبد الله من التابعين، ونقله عنه الحطاب من المالكية في كتابه "مواهب الجليل". ونقل العلامة العيني الحنفي في كتابه "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" عن بعض الحساب الفلكي كما سبق بيانه، وذكر ذلك العلامة ابن عابدين أيضًا في رسائله.
وقال القشيري: إذا دلَّ الحساب على أن الهلال قد طلع من الأفق على وجه يرى لولا وجود المانع كالغيم مثلاً فهذا يقتضي الوجوب لوجود السبب الشرعي، وأن حقيقة الرؤية ليست مشروطة في اللزوم، فقد اتفقوا على أنَّ المحبوس في المطمورة إذا علم بإتمام العدة، أو بطريق الاجتهاد أن اليوم من رمضان وجب عليه الصوم.
ونقل القليوبي من الشافعية عن العبادي قوله: "إذا دل الحساب القطعي على عدم رؤية الهلال لم يقبل قول العدول برؤيته، وترد شهادتهم" ثم قال القليوبي: هذا ظاهر جلي، ولا يجوز الصوم حينئذ، وإن مخالفة ذلك معاندة ومكابرة.
وواضح أيضًا لكل ذي علم وفهم أن أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإتمام الشهر القائم ثلاثين حين يغم علينا الهلال بسبب ما حاجب للرؤية من غيم أو ضباب أو غيرهما ليس معناه أن الشهر القائم يكون في الواقع ثلاثين يومًا، بل قد يكون الهلال الجديد متولدًا وقابلاً للرؤية لو كان الجو صحوًا، وحينئذ: يكون اليوم التالي الذي اعتبرناه يوم الثلاثين الأخير من الشهر هو في الواقع أول يوم من الشهر الجديد الذي علينا أن نصومه أو نفطر فيه، ولكن لأننا لا نستطيع معرفة ذلك من طريق الرؤية البصرية التي حجبت، ولا نملك وسيلة سواها فإننا نكون معذورين شرعًا إذا أتممنا شعبان ثلاثين يومًا وكان هو في الواقع تسعة وعشرين، فلم نصم أول يوم من رمضان؛ إذ (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (بنص القرآن العظيم.
هذا تحليل الموضوع وفهمه عقلاً وفقهًا، وليس معنى إتمام الثلاثين حين انحجاب الرؤية أننا بهذا الإتمام نصل إلى معرفة واقع الأمر وحقيقته في نهاية الشهر السابق وبداية اللاحق، وأن نهاية السابق هي يوم الثلاثين.
وما دام من البدهيات أن رؤية الهلال الجديد ليست في ذاتها عبادة في الإسلام، وإنما هي وسيلة لمعرفة الوقت، وكانت الوسيلة الوحيدة الممكنة في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، وكانت أميتها هي العلة في الأمر بالاعتماد على العين الباصرة، وذلك بنص الحديث النبوي مصدر الحكم، فما الذي يمنع شرعًا أن نعتمد الحساب الفلكي اليقيني، الذي يعرفنا مسبقًا بموعد حلول الشهر الجديد، ولا يمكن أن يحجب علمنا حينئذٍ غيم ولا ضباب إلا ضباب العقول؟

سبب رفض العلماء المتقدمين لاعتماد الحساب:
من المسلم به أن الفقهاء وشراح الحديث يرفضون التعويل على الحساب لمعرفة بدايات الشهور القمرية ونهايتها للصيام والإفطار، ويقررون أن الشرع لم يكلفنا في مواقيت الصوم والعبادة بمعرفة حساب ولا كتابة، وإنما ربط التكليف في كل ذلك بعلامات واضحة يستوي في معرفتها الكاتبون والحاسبون وغيرهم، كما نقلناه سابقًا عن العيني والقسطلاني وابن بطال والسندي وسواهم. وأن الحكمة في هذا واضحة لاستمرار إمكان تطبيق الشريعة في كل زمان ومكان.
ولكن يحسن أن ننقل تعليلاتهم لهذا الرفض ليتبين سببه ومبناه، مما يظهر ارتباطه بما كانت عليه الحال في الماضي، ولا ينطبق على ما أصبح عليه أمر علم الفلك وحسابه في عصرنا هذا. فقد نقل ابن حجر أيضًا عن ابن بزيزة أن اعتبار الحساب هو "مذهب باطل، فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنه حَدس وتخمين، وليس فيه قطع ولا ظن غالب".
ويظهر من كلام ابن حجر وابن بزيزة أن العلة في عدم اعتماد الحساب هي أن هذا العلم في ذاك الزمن مجرد حدس وتخمين لا قطع فيه، وأن نتائجه مختلفة بين أهله فيؤدي ذلك إلى الاختلاف والنزاع بين المكلفين.
ونقل الزرقاني في شرحه على الموطأ عن النووي قوله: "إن عدم البناء على حساب المنجمين لأنه حدس وتخمين، وإنما يعتبر منه ما يعرفه به القبلة والوقت"؛ أي: إن مواقيت الصلاة فقط يعتبر فيها الحساب. وذكر ابن بطال ما يؤيد ذلك، فقال: "وهذا الحديث -أي: حديث "لا نكتب لا نحسب"- ناسخ لمراعاة النجوم بقوانين التعديل، وإنما المعول على رؤية الأهلة، وإنما لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانًا أو كالعيان، وأما ما غمض حتى لا يدرك إلا بالظنون، وبكشف الهيئات الغائبة عن الأبصار فقد نهينا عنه وعن تكلفه". قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في معرض احتجاجه لعدم جواز اعتماد الحساب: "إن الله سبحانه لم يجعل لمطلع الهلال حسابًا مستقيمًا.. ولم يضبطوا سيره إلا بالتعديل الذي يتفق الحساب على أنه غير مطرد، وإنما هو تقريب".
وقال في مكان آخر: "وهذا من الأسباب الموجبة لئلا يعمل بالكتاب والحساب في الأهلة".
وقد أكد هذا المعنى في موطن عديدة من الفصل الذي عقده في هذا الموضوع.
هذا، ويبدو من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه يعتبر اعتماد الحساب لمعرفة أوائل الشهور القمرية من قبيل عمل العرافين، وعمل المنجمين؛ الذين يربطون الحوادث في الأرض وطوالع الحظوظ بحركات النجوم واقتراناتها. فقد قال في أواخر الفصل الطويل الذي عقده في هذا الموضوع: "فالقول بالأحكام النجومية باطل عقلاً ومحرمًا شرعًا، وذلك أن حركة الفلك-وإن كان لها أثر- ليست مستقلة، بل تأثير الأرواح وغيرها من الملائكة أشد من تأثيره، وكذلك تأثير الأجسام الطبيعية التي في الأرض..".
ثم قال: "والعراف يعم المنجم وغيره إما لفظًا وإما معنى، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من اقتبس علمًا من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر" (رواه أبو داود في الطب 03905)، وابن ماجة في الأدب (3726)، وصححه النووي في "رياض الصالحين" رقم (1669)، والذهبي في "الكبائر"]، فقد تبين تحريم الأخذ بأحكام النجوم، وقد بينا من جهة العقل أن ذلك أيضًا متعذر في الغالب، وحذاق المنجمين يوافقون على ذلك، فتبين لهم أن قولهم في رؤية الهلال وفي الأحكام [مراده أحكام النجوم، أي : تأثير حركاتها في الحوادث والحظوظ] من باب واحدة يعلم بأدلة العقول امتناع ضبط ذلك، ويعلم بأدلة الشريعة تحريم ذلك..".
وقد اشتد شيخ الإسلام -رحمه الله- على من يقول باعتماد الحساب في الأهلة وشنع عليه، وقال: "فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون اتبع غير سبيل المؤمنين".

الرأي الذي أراه في هذا الموضوع:
يتضح من مجموع ما تقدم بيانه الأمور الأربعة التالية:
أولاً: أن النظر إلى جميع الأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في هذا الموضوع، وربط بعضها ببعض -وكلها واردة في الصوم والإفطار- يبرز العلة السببية في أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يعتمد المسلمون في بداية الشهر ونهايته رؤيته الهلال بالبصر لبداية شهر الصوم ونهايته، ويبيّن أن العلة هي كونهم أمة أمية لا تكتب لا تحسب، أي: ليس لديهم علم وحساب مضبوط يعرفون به متى يبدأ الشهر ومتى ينتهي، ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين يومًا، وتارة ثلاثين.
وهذا يدل بمفهومه أنه لم يتوافر العلم بالنظام الفلكي المحكم؛ الذي أقامه الله تعالى بصورة لا تختلف، وأصبح هذا العلم يوصلنا إلى معرفة يقينية بمواعيد ميلاد الهلال في كل شهر، وفي أي وقت بعد ولادته تمكن رؤيته بالعين الباصرة السليمة؛ إذا انتفت العوارض الجوية التي قد تحجب الرؤية، فحينئذ لا يوجد مانع شرعي من اعتماد هذا الحساب، والخروج بالمسلمين من مشكلة إثبات الهلال، ومن الفوضى التي أصبحت مخجلة، بل مذهلة، حيث يبلغ فرق الإثبات للصوم بين مختلف الأقطار الإسلامية ثلاثة أيام، كما يحصل في بعض الأعوام.
ثانيًا: أن الفقهاء الأوائل الذين نصوا على عدم جواز اعتماد الحساب في تحديد بداية الشهر القمري للصوم والإفطار، وسموه حساب التسيير، قالوا: إنه قائم على قانون التعديل، وهو ظني مبني على الحدس والتخمين (كما نقلناه عن العلامة ابن حجر وابن بطال وابن بزيزة والنووي والسندي والعيني والقسطلاني)، وكلهم قد بنوا على حالة هذا الحساب الذي كان في زمنهم، حيث لم يكن في وقتهم علم الفلك -الذي كان يسمى علم الهيئة، وعلم النجوم، أو علم التسيير أو التنجيم- قائمًا على رصد دقيق بوسائل محكمة؛ إذ لم تكن آنذاك المراصد المجهزة بالمكبرات من العدسات الزجاجية العظيمة التي تقرب الأبعاد الشاسعة إلى درجة يصعب على العقل تصورها، والتي تتبع حركات الكواكب والنجوم، وتسجلها بأجزاء من مئات أو آلاف الأجزاء من الثانية الواحدة، وتقارن بين دورتها بهذه الدقة؛ ولذا كانوا يسمونه علم التسيير الذي يقوم على قانون التعديل؛ حيث يأخذ المنجم الذي يحسب سير الكواكب عددًا من المواقيت السابقة، ويقوم بتعديلها بأخذ الوسطى منها، ويبني عليها حسابه، وهذا معنى قانون التعديل كما يشعر به كلامهم نفسه.
من هنا كان حسابهم حدسيًا وتخمينًا كما وصفه أولئك الفقهاء الذي نفوا جواز الاعتماد عليه، وإن كان بعضهم كالإمام النووي صرح بجواز اعتماد حسابهم لتحديد جهة القبلة ومواقيت الصلاة دون الصوم، مع أن الصلاة في حكم الإسلام أعظم خطورة من الصوم بإجماع الفقهاء، وأشد وجوبًا وتأكيدًا.
وقد نقلنا آنفًا كلام ابن بطال بأن "لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانًا أو كالعيان…"، وهذا ما يتسم به ما وصل إليه علم الفلك في عصرنا هذا من الدقة المتناهية الانضباط.
ثالثًا: إن الفقهاء الأوائل واجهوا أيضًا مشكلة خطيرة في عصرهم، وهي الاختلاط والارتباط الوثيق إذ ذاك في الماضي بين العرافة والتنجيم والكهانة والسحر من جهة، وبين حساب النجوم (بمعنى علم الفلك) من جهة أخرى. فيبدو أن كثيرًا من أهل حساب النجوم كانوا أيضًا يشتغلون بتلك الأمور الباطلة، التي نهت عنها الشريعة أشد النهي، فكان للقول باعتماد الحساب في الأهلة مفسدتان:
الأولى: أنه ظني من باب الحدس والتخمين مبني على طريقة التعديل التي بينّا معناها، فلا يعقل أن تترك به الرؤية بالعين الباصرة رغم ما قد يعتريها من عوارض واشتباهات.
الثانية: وهي الأشد خطورة والأدهى، وهي انسياق الناس إلى التعويل على أولئك المنجمين والعرافين الذين يحترفون الضحك على عقول الناس بأكاذيبهم، وترهاتهم، وشعوذاتهم.
وهذه المفسدة الثانية هي التفسير لهذا النكير الشديد الذي أطلقه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على من يلجؤون إلى الحساب، حساب النجوم في إهلال الأهلة بدلاً من الرؤية، واعتبارهم إياهم من الذين يتبعون غير سبيل المؤمنين، وذلك بدليل أنه صرح باعتبارهم من قبيل العرافين، والذين يربطون أحداث الأرض وطوالع الناس وحظوظهم بحركات النجوم، وسموا من أجل ذلك بالمنجمين، وذكر شاهدًا على ذلك الحديث النبوي الآنف الذكر، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "من اقتبس علمًا من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر".
فلا يعقل أن ينهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن علم يبين نظام الكون، وقدرة الله تعالى وحكمته وعلمه المحيط في إقامة الكون على نظام دقيق لا يختل، ويدخل في قوله تعالى في قرآنه العظيم: (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)، فليس لهذا الحديث النبوي محمل إلا على تلك الشعوذات والأمور الباطلة؛ التي خلط أولئك المنجمون بينها وبين الحساب الفلكي، الذي لم يكن قد نضج وبلغ في ذلك الوقت مرتبة العلم والثقة.
رابعًا: أما اليوم في عصرنا هذا الذي انفصل فيه منذ زمن طويل علم الفلك بمعناه الصحيح عن التنجيم بمعناه العرفي من الشعوذة، والكهانة، واستطلاع الحظوظ من حركات النجوم، وأصبح علم الفلك قائمًا على أسس من الرصد بالمراصد الحديثة، والأجهزة العملاقة التي تكتشف حركات الكواكب من مسافات السنين الضوئية، وبالحسابات الدقيقة المتيقنة التي تحدد تلك الحركات بجزء من مئات أو آلاف الأجزاء من الثانية، وأقيمت بناء عليه في الفضاء حول الأرض محطات ثابتة، وتستقبل مركبات تدور حول الأرض.. الخ.. فهل يمكن أن يشك بعد ذلك بصحته ويقين حساباته، وأن يقاس على ما كان عليه من البساطة والظنية والتعديل في الماضي زمن أسلافنا -رحمهم الله-؟

عبد الرحيم بيوم
15-07-2012, 11:28 PM
القائلون بالاخذ بالحساب الفلكي فريقان:
- قائل بوجوب الأخذ بالحساب الفلكي في إثبات بداية الشهر القمري وكذلك نهايته دون النظر إلى الرؤية .
- قائل بالأخذ بالحساب الفلكي في النفي لا في الإثبات ، أي في نفي الرؤية عند عدم جوازها فلكياً ، ولكن لا بد من الرؤية لإثبات دخول الشهر وذهابه.
فمن أيهما الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله

بهجت عبدالغني
16-07-2012, 07:32 PM
يقول الدكتور صلاح سلطان في مقالته ( ثبوت الهلال بالحساب الفلكي.. أحكام فقهية ومقاصد تربوية ودعوية ) على موقعه :
إن أهم الاجتهادات المعاصرة في رؤية الهلال:
1- يسود في منطقة الخليج ومنها السعودية المذهب الحنبلي وهو أن الرؤية لا بد أن تكون بصرية بالعين المجردة ويكفي فيها عدل واحد ذكر أو أنثى حر أو عبد.
2- هناك من يرى وجوب الأخذ بالحساب الفلكي فقط لأنه أضبط وأدق وأيسر على الناس في تحديد جداولهم ومواعيدهم ويميل إلى هذا أكثر علماء المجلس الفقهي لأمريكا الشمالية ، ومن قبل الشيخ المحدث أحمد شاكر والدكتور الفقيه الشيخ الزرقا وهم يأخذون بالحساب الفلكي في النفي والإثبات .
3- أخذ المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث برؤية وسطية وهي:
(أ) الأخذ بالرؤية البصرية عن طريق مرصد أو العين المجردة، ويصوم جميع المسلمين إذا ثبتت الرؤية بأحدهما.
(ب) يستثنى مما سبق مما لو نفى الحساب الفلكي القطعي أن يرى الهلال، وعليه فترد هذه الرؤية البصرية ، وقد أشار العلامة الشيخ القرضاوي إلى أنه وجد الإمام تقي الدين السبكي يرى ألا يؤخذ بشهادة الشهود إذا كان الحساب الفلكي ينفي إمكانية رؤية الهلال .


تحياتي ..

ربيحة الرفاعي
18-07-2012, 04:46 PM
أزفت ساعة الإعلان الرسمي العربي عن إطار العلاقات الرسمية بين أقطارنا بالموافقة والخالفة في رؤيته
ترى أي خطأ يكون في الاتفاق بالإجماع على الصوم في كل مكان معا ، إن توافق إثبات الهلال بالحساب الفلكي مع تحقق رؤيته في قطر واحد أيا ما كان، بما فيه التطبيق للأمر بالصوم لرؤيته ورفع الحرج عن من عاق أمر دون رؤيته في سمائه!

موضوع هام بتوقيت رائع

أهلا بك مفكرنا الكريم في واحتك

تحاياي

بهجت عبدالغني
18-07-2012, 05:49 PM
أزفت ساعة الإعلان الرسمي العربي عن إطار العلاقات الرسمية بين أقطارنا بالموافقة والخالفة في رؤيته
ترى أي خطأ يكون في الاتفاق بالإجماع على الصوم في كل مكان معا ، إن توافق إثبات الهلال بالحساب الفلكي مع تحقق رؤيته في قطر واحد أيا ما كان، بما فيه التطبيق للأمر بالصوم لرؤيته ورفع الحرج عن من عاق أمر دون رؤيته في سمائه!


فهمت من كلامك استاذتنا إنك تقولين بتوحيد الصوم في كل البلاد اذا ثبتت رؤية الهلال في قطر واحد ..
وحول هذا أيضاً هناك خلاف فقهي ..
ولكن هل يصوم الذي يعيش في أمريكا برؤية من يرى الهلال في السعودية مثلاً
والنهار عندنا ليل عندهم والعكس ..

رمضان مبارك

وتحياتي ..

بهجت عبدالغني
18-07-2012, 05:52 PM
بيان المشروع حول رؤية هلال رمضان

السبت 21 تموز/يوليو غرّة شهر رمضان المبارك باعتماد رؤية الهلال

في ظاهرة قليلة التكرار، بدأ جلّ الدول الإسلامية شهر شعبان في نفس اليوم، وبالتالي ستتحرى معظم دول العالم الإسلامي هلال شهر رمضان سوية يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر شعبان الموافق 19 تموز/يوليو، وفي هذا اليوم تستحيل رؤية هلال رمضان 1433 هـ من جميع المناطق الشمالية من العالم، وبعض المناطق الوسطى، وهذا يشمل العراق وبلاد الشام وجزءا من الجزيرة العربية، وذلك بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس، أما ما تبقى من مناطق العالم العربي فإن رؤية هلال شهر رمضان منها يوم الخميس غير ممكنة إطلاقا بسبب غروب القمر مع الشمس أو بعده بدقائق معدودة لا تسمح برؤية الهلال حتى باستخدام أكبر التلسكوبات الفلكية.

فالقمر يوم الخميس سيغيب قبل غروب الشمس بدقيقتين في بغداد، وقبل غروب الشمس بدقيقة في دمشق وبيروت، ومع غروب الشمس في القدس وعمّان وتونس والجزائر، وبعد غروب الشمس بدقيقة واحدة في الكويت، وبعدها بدقيقتين في المنامة والقاهرة وطرابلس، وبعدها بثلاث دقائق في الرياض والدوحة ومسقط والرباط، ورؤية الهلال في جميع هذه المناطق السابقة يمكن وصفها بالمستحيلة لأن القمر الذي يغيب بعد الشمس بدقيقتين ونصف، تكون الحافة السفلية لقرصه قد بدأت بالغروب قبل اكتمال غروب الحافة العليا للشمس، إذ أن قرص القمر يحتاج إلى حوالي دقيقتين ونصف ليغرب من حافته السفلى إلى العليا. في حين سيغيب القمر بعد الشمس بست دقائق في مكة المكرمة، وبعدها بثمان دقائق في صنعاء، وبعدها بـ 10 دقائق في الخرطوم وجيبوتي، وبعدها بـ 14 دقيقة في مقديشو، وبعدها بـ 19 دقيقة في موروني، ورؤية الهلال في جميع هذه المناطق السابقة غير ممكنة حتى باستخدام التلسكوب الفلكي. لكن رؤية الهلال يوم الخميس ممكنة بالتلسكوب من أقصى جنوب القارة الإفريقية ومن أمريكا الجنوبية فقط.

هذا ويناشد المشروع الإسلامي لرصد الأهلة المسؤولين في الدول الإسلامية التثبت الدقيق من الشهود إذا تقدموا للشهادة يوم الخميس، إذ لم يثبت من خلال المعايير وسجلات أرصاد الأهلة العالمية الممتدة منذ العهد البابلي وحتى يومنا هذا تسجيل رؤية للهلال سواء بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوب في مثل هذه الظروف الموجودة في العالم العربي يوم الخميس. ونرى أن الإعلان عن رؤيته في ذلك اليوم بمثابة تكرار الإعلان للعالم أننا نمتلك في منطقتنا من بصره أقوى وأفضل من أكبر التلسكوبات العالمية، وأن عليهم استخدام هؤلاء الشهود للأبحاث العلمية عوضا عن التلسكوبات الضخمة التي لا ترى الهلال الذي يرونه. ويأتي حرص المشروع على عدم قبول أي دعوى برؤية الهلال من منطقتنا يوم الخميس حتى لا نكون مهملين للعلم والعقل، الذين دعت شريعتنا الغراء إلى إعلاء أمرهما.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الفقهاء والفلكيين يرون أنه لا داعي لتحري الهلال بعد غروب شمس يوم الخميس من المناطق التي يغيب فيها القمر قبل الشمس، لأن القمر غير موجود في السماء وقتئذ، وعليه فإن رؤية الهلال مستحيلة في ذلك اليوم استحالة قاطعة من تلك المناطق، وهذا معروف مسبقا من خلال الحسابات العلمية القطعية، وقد كانت إحدى توصيات مؤتمر الإمارات الفلكي الثاني والذي حضره فقهاء ومتخذو قرار من العديد من الدول الإسلامية ما نصه: "إذا قرر علم الفلك أن الاقتران لا يحدث قبل غروب الشمس أو أن القمر يغرب قبل الشمس في اليوم التاسع والعشرين من الشهر فلا يدعا لتحري الهلال." وقد أقرّ الفقهاء أن لا تعارض بين هذه التوصية وبين سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بتحري الهلال، إذ أن هذه التوصية متعلقة فقط بالحالات التي نعلم فيها مسبقاً أن القمر غير موجود في السماء بناء على معطيات قطعية، وبالتالي فإن تحرّيه ونحن متأكدون أنه غير موجود هو تهميش للعقل والعلم. ومن بين الفقهاء الذين دعوا لمثل هذه التوصية حتى قبل انعقاد المؤتمر معالي الشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ومستشار الديوان الملكي هناك، إضافة إلى أن هذه التوصية معتمدة بطبيعة الحال في بعض الدول الإسلامية التي تعتمد رؤية الهلال أساسا لبدء الشهر الهجري.

وعلى الرغم من جميع هذه الحقائق فإنه إذا سارت الأمور هذا العام كما كانت تسير عليه في السنوات السابقة، فإن معظم الدول العربية ستبدأ صيامها يوم الجمعة. ففي بعض البلدان تقبل شهادة الشاهد حتى لو تعارضت مع معايير رؤية الهلال بحجة أنه لا يمكن ردّ شهادته والقمر موجود في السماء، وكثيراً ما تقدم الشهود بشهادتهم بالرؤية في مثل هذه الظروف. وفي بلدان أخرى، يبدأ الشهر إذا غرب القمر بعد غروب الشمس بغضّ النظر عن إمكانية رؤيته. وللأسف، وفي ظلّ إعلان هذه الدول ثبوت رؤية الهلال، فإن المعمول به في كثير من الدول الأخرى هو اتباع تلك الإعلانات لأسباب متعددة. ولكن جرت العادة أن لا تعلن سلطنة عُمان ولا المملكة المغربية رؤية الهلال بمثل هذه الظروف المستحيلة أو غير الممكنة، فهناك احترام واضح لعلم الفلك في هاتين الدولتين، ولم نشهد خلال السنوات الأخيرة الماضية أي إعلان مخالف للحقائق العلمية من قبلهما، وتجدر الإشارة إلى أن ليبيا قد أعلنت أنها أصبحت تولي رؤية الهلال أهمية حقيقية ولا تعلن بدء الشهر إلا برؤية حقيقية وفعلية للهلال. وبناء على هذا فمن المتوقّع أن تعلن كثيرٌ من الدول العربية شهر رمضان يوم الجمعة، أما سلطنة عُمان وليبيا والمغرب فالمتوقع أن تعلنه يوم السبت، وهذا الطرح متوقع إذا سارت تلك الدول على نفس النهج الذي اعتمدته طيلة السنوات السابقة بالنسبة لعُمان والمغرب، إلا أننا حقيقة نتمنى أن يتحسن الوضع في عالمنا العربي، وأن يصبح للعلم احترام أكبر، فإما أن يعلن أننا سنصوم يوم الجمعة لا لرؤية الهلال بل لوجود القمر في السماء بعد غروب الشمس أو أن يعلن بدء الصوم يوم السبت لعدم إمكانية رؤية الهلال يوم الخميس.

ولمعرفة نتائج رصد هلال شهر رمضان، يمكن زيارة موقع المشروع الإسلامي لرصد الأهلة على شبكة الإنترنت على العنوان (http://www.icoproject.org)، حيث أنشئ المشروع عام 1998م ويضم حاليا أكثر من 400 عضو من علماء ومهتمين برصد الأهلّة وحساب التقاويم. هذا ويشجع المشروع المهتمين في مختلف دول العالم على تحري الهلال و إرسال نتائج رصدهم إلى المشروع عن طريق موقعه على شبكة الإنترنت، حيث تنشر تباعا بعد تدقيقها وتمحيصها.

الموقعون على البيان (مرتبة حسب تاريخ وصول الموافقة على إضافة التوقيع):-
1- د.هيمن زين العابدين متولي / أستاذ الفلك وعلوم الفضاء بكلية العلوم - جامعة القاهرة – مصر.
2- الأستاذة بسمة ذياب / أمين سر المشروع الإسلامي لرصد الأهلة، الأردن.
3- أ.د. شرف القضاة / رئيس قسم أصول الدين في الجامعة الأردنية سابقا – الأردن.
4- الأستاذ شرف السفياني / نائب رئيس الجمعية الفلكية بجده – السعودية.
5- م. محمد بن سالم البوسعيدي / خبير المرصد الفلكي - شؤون البلاط السلطاني – سلطنة عُمان.
6- د.م. جلال الدين خانجي / خبير فلك شرعي ومدير جامعة إيبلا- حلب - سوريا.
7- م. عمار بن سالم الرواحي / الفلكي بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية – سلطنة عُمان.
8- أ.د. جمال ميموني / أستاذ الفلك في جامعة قسنطينة – قسنطينة – الجزائر.
9- م. محمد شوكت عودة / مدير مركز الفلك الدولي – الإمارات.
10- م. صخر سيف / جمعية الإمارات للفلك وعضو اللجنة الرسمية لتحري الهلال في دولة الإمارات.
11- م. منصور اشقيفة / مدير مكتب الفلك والمراصد في المركز الليبي للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء – ليبيا.
12- الأستاذ عدنان عبدالمنعم قاضي / باحث في علاقة علم الفلك بالمسائل الإسلامية - السعودية.
13- م. علي العمراوي / خبير في الفلك الشرعي وعضو الجمعية الفلكية المغربية – المملكة المغربية.
14- الأستاذ مروان الشويكي / خبير فلكي وأمين القبة الفلكية في سلطنة عُمان – سلطنة عُمان.
15- د. صبيح الساعدي / باحث فلكي وخبير بوزارة التربية والتعليم – سلطنة عُمان.
16- أ.د. عبد القادر عابد / خبير في الفلك الشرعي وعضو اللجنة الرسمية لإثبات الأهلة في الأردن.
17- السيد سليمان البوسعيدي / فلكي – شؤون البلاط السلطاني، سلطنة عُمان.
18- د. عبد الخالق الشدادي / أستاذ الفلك في جامعة محمد الخامس- الرباط – المملكة المغربية.
19- د. إلياس محمد فرنيني / أستاذ الفيزياء والفلك - جامعة الإمارات العربية المتحدة.
20- أ.د. حسن باصرة / رئيس قسم الفلك في جامعة الملك عبد العزيز في جدة – السعودية.
21- أ.د. علي الشكري / أستاذ الفيزياء والفلك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن – السعودية.
22- أ.د. نضال قسّوم / أستاذ الفلك في الجامعة الأمريكية في الشارقة – دولة الإمارات.
23- د. معاوية شداد / أستاذ الفلك في جامعة الخرطوم – السودان.



.................................................. .
من موقع :
المشروع الإسلامي لرصد الأهلة

كاملة بدارنه
18-07-2012, 06:19 PM
لا أدري لمّ يصرّ المسلمون على إرهاق أنفسهم وهدر الوقت في أمور سهّلها العلم كثيرا
المنطق يقول إنّ الحسابات الفلكيّة أكثر دقّة من العين المجرّدة، حيث يظهر للعين الهلال في بلد ما ولا يظهر في آخر بنفس الوقت
شكرا لك أستاذ بهجت على طرح القضيّة وأتمنّى أن يبدأ المسلمون جميعا صيامهم في اليوم نفسه
كلّ عام وأنتم سالمون وعلى طاعة الله مواظبون
تقديري وتحيّتي

ربيع بن المدني السملالي
19-07-2012, 12:42 AM
هسبريس

اعتبر المكتب الإعلامي لحزب التحرير، في نسخته المغربية، تأخر الدولة المغربية في إعلان بدء الصوم والفطر عن بقية البلاد الإسلامية "قرارا سياسيا وطنيا وليس عملا بحكم شرعي، مرده اختلاف المطالع وهو مخالف لما تدعيه من تمسك بالمذهب المالكي".

وقال بلاغ الحزب، وقد توصلت به هسبريس، إن المغاربة يتبادلون مع بداية كل شهر رمضان عبارات مثل: "هل شاهدت الشهر.. إنه ليوم أو يومين" و "نحن دَوما نأكل رأسه أو رجليه" و"ذَنْبُنا عليهم"، أي على من يعلن بدء الصوم والفطر.. فأصبح لأهل المغرب عَرَفَتان وصَوْمَان.. "وحجة الدولة في تأخير الصوم وتأخير الفطر وفي الاختلاف مع البلاد الإسلامية في إثبات أهلة الشهور ومنها ذو الحجة هو اختلاف المطالع" حسب تعبير الوثيقة.

وخاطب حزب التحرير المسلمين، عبر بيانه، معلنا كون إعلان بدء الصوم وبدء الفطر في المغرب "هو قرار سياسي لا علاقة له باختلاف المطالع".. وقال البيان ذاته: "إن اختلاف المطالع ظاهرة فلكية وسنة كونية لا علاقة لها بحدود وطنية وأنظمة سياسية حاكمة، بينما نجد أن إعلان دخول شهر رمضان وخروجه مرتبط بحدود الدولة الوطنية وهوى الحاكم، حتى أضحى لكل مِزْقَة من الأرض تسمى دولة رؤية وشهر".

"فالمسلمان في الدولة الوطنية الواحدة"، يضيف البيان قبل أن يسترسل، "يتوحد صومهما وإن بعدت بينهم المسافة، بينما المسلمان الجاران بالجنب يختلف صومهما لأن حدودا شائكة فرقت بينهما، فأهل وجدة شرقا يصومون مع أهل الكويرة في أقصى الجنوب، والمسلمان على طرف النقطة الحدودية جوج بغال لكل صومه لأن أحدهما مغربي والآخر جزائري".

وتساءل "التحرير" بأسلوب استنكاري: "هل مَطْلع الشهر تَوَحَّد بين وجدة والكويرة واخْتلَف بنفس المكان جوج بغال وعلى طول الحدود المغربية مع موريتانيا والجزائر؟!".. وأضاف أن "إعلان الصوم هو بحسب اختلاف الأوطان والتابعية السياسية وفي بعض البلاد بحسب التابعية المذهبية وليس بحسب اختلاف المطالع ولو ادعوا ذلك زورا وبهتانا".

وذهب حزب التحرير إلى أن "مسألة تأثير اختلاف المطالع على ثبوت الأهلة قد بحثها العلماء السابقون لأنه كان يستحيل واقعا أن يعلم المسلمون جميعهم في أطراف الخلافة الإسلامية بخبر دخول الشهر لقصور وسائل الاتصال حينها عن ذلك..

هناء يحي
19-07-2012, 02:39 AM
بارك الله فيك وجزاك عنا خيرا

بهجت عبدالغني
19-07-2012, 01:00 PM
الاستاذة الكريمة كاملة بدارنه
شكراً لك على مداخلتك
وتبقى الاشكالية مثلما قلت في الدول التي تبتعد عن بعضها مسافات كبيرة ، مثل السعودية وأمريكا
اما الدول القريبة مثل دول الوطن العربي فلا ارى داعياً لاختلافهم

تحياتي
وكل عام وانت بخير

بهجت عبدالغني
19-07-2012, 01:04 PM
إثبات شهر رمضان سياسياً كارثة
ومحظور شرعي خطير
وعندما كانت علاقة العراق مع السعودية متوترة ، كان العراق يخالف السعودية في اثبات الشهر بسبب خلافه السياسي
لكننا كنا نصوم ونفطر مع اعلان السعودية

أليس الأخذ بالحساب الفلكي ( القطعي ) يقطع الطريق اما هؤلاء المتلاعبين أيضاً ؟


الاخ العزيز ربيع
شكراً لك لمداخلتك المثرية
وجزاك ربي خيراً


تحياتي
وكل عام وانت بخير

لطيفة أسير
19-07-2012, 01:40 PM
موضوع قيم أخي بهجت
وجدل سنوي لم ولن يحسم خصوصا في الظروف الراهنة
أكرمكم الله وبارك فيكم

عبد الرحيم بيوم
19-07-2012, 01:51 PM
لكن باي القولين في الحساب الفلكي ناخذ؟

بهجت عبدالغني
19-07-2012, 04:38 PM
الاستاذة الكريمة لطيفة أسير
بارك الله فيك وجزاك ربي خيراً
وشكراً لحضورك هنا


تحياتي

بهجت عبدالغني
19-07-2012, 04:40 PM
لكن باي القولين في الحساب الفلكي ناخذ؟

اخي الكريم عبدالرحيم
حياك الله

لم أفهم قصدك .. فهل وضحته مشكوراً

تحياتي

ربيحة الرفاعي
20-07-2012, 12:12 AM
ولكن هل يصوم الذي يعيش في أمريكا برؤية من يرى الهلال في السعودية مثلاً
والنهار عندنا ليل عندهم والعكس ..

هي حلقة لا حيرة في تتابع نقاطها
والنهار عندنا يسبق نهارهم بساعات لا تجعلنا في يومين مختلفين وإن بدأ يومنا قبل يومهم كما يبدأ يوم دول الشرق الأقصى وأستراليا قبل يومنا
فإن صمنا فالأصل أن يكون اخوتنا في الشرق سبقونا بساعاتنا وأن يتبعنا بالصوم أخوتنا في الغرب بما يفصل بيننا من ساعات
وإذا كان سلفنا احتاج للرؤية في كل بقعة فلانعدام امكانية التواصل للإعلام بثبوتها بين كل أطراف العالم الاسلامي في أطار الساعات بين الرؤية ووجوب بدء الصوم، أما وقد بتنا نملك من الوسائل ما ننقل به خبر ثبوت الرؤية في لحظته، فأظن العقل يقول بتوحيد الصوم في كل البلاد بثبوت الرؤية في قطر واحد فالهلال لم يكن أحد الأطراف المعنية بتقسيم الحدود، ولعل في مداخلة الكريم ربيع بن المدني السملالي ما يغني عن مزيد تفصيل

موضوع فائق الأهمية
لا حرمت أجره مفكرنا الرائع

تحاياي

بهجت عبدالغني
21-07-2012, 11:16 AM
في العراق اعتمدوا الرأي الثالث الذي يقول نأخذ بالحساب الفلكي في النفي لا في الاثبات
حيث أعلن ديوان الوقف السني ان يوم السبت هو اول أيام رمضان
لأن علماء الفلك في العراق اجمعوا على ان الهلال يستحيل رؤيته في العراق يوم الخميس

أنا شخصياً صمت الجمعة مع الدول التي صامت هذا اليوم ..


شكراً لاثرائكم الموضوع


تحياتي ..

ربيحة الرفاعي
21-07-2012, 03:03 PM
أنا شخصياً صمت الجمعة مع الدول التي صامت هذا اليوم ..
كان هذا سؤالا طالما حيرني
الحسابات الفلكية أكدت استحالة رؤية الهلال، رغم أنه يكون هل ووجب الصيام ، فإذا أيقنت أن الهلال واحد ورؤيته في مواقع تعني ظهوره يقينا وإن لم تره الأعين، وعلمت أن دولتك لم تعلن ثبوت الرؤية لسبب سياسي، فهل يصح صومك إن صمت مع من صام، ومع أيهما تفطر إن اختلفا في هلال شوال أيضا..؟؟

شكرا لموضوعك الكريم وما أثار من حوار بناء

تحاياي

بهجت عبدالغني
22-07-2012, 05:41 PM
قضية اذا رأى بلد الهلال هل يلزم الصوم بقية البلدان أو لا ، فيها خلاف فقهي قديم
انا صمت ، بينما أخي لم يصم
فلا اشكال ، لأني أخذت بالرأي الذي يقول يلزم ، وانا شخصياً كثيراً ما اعتمد على المملكة السعودية ، لأني اعتقد انهم لا يدخلون السياسة في مسألة الصوم
بينما أخذ أخي بالرأي القائل لكل بلد رؤيته ..
والاشارة الى ان مخالفة العراق لم تكن لغرض سياسي ، وانما لاجماع اهل الفلك على استحالة الرؤية كما صرح رئيس ديوان الوقف السني بذلك ..
اما اذا عرف الانسان ان المخالفة سياسية فلا يأخذ بها ، كما كنا نفعل في السابق ..

دعائي وتحياتي ..

وليد عارف الرشيد
22-07-2012, 08:52 PM
بارك الله بك أخي الحبيب الأستاذ بهجت على اختيارك للموضوع المناسب في االوقت المناسب
سأجري مقارنة منطقية بسيطة : الرؤية أمر ظني فقد ورد أنه في زمن ما أثبت أحد الشهود رؤيته رغم أنه رأى شعرة من حاجبه .. والعلم الفلكي اليوم أصبح قطعيا يمكن تحديد بدايات الشهور ولمدد طويلة مسبقًا وإلا لما استطاعوا النفاذ والاعتماد على هذه الحسابات في كل تحركاتهم الفضائية فأراها قطعية الثبوت فهل نترك القطعي لنتبع الظني ؟؟؟ مجرد سؤال
سؤال آخر هل كانت جميع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ثابتة لكل العصور .. ألا توجد أحاديث مخصصة للزمن الذي قيلت فيه ؟؟؟ أيضًا اعتبروه سؤال جاهل يريد التعلم
محبتي وتقديري

بهجت عبدالغني
23-07-2012, 08:42 PM
استاذنا الحبيب وليد عارف الرشيد

الذين لا يأخذون بالحساب الفلكي حجتهم أنه ليس قطعياً ـ مع اننا نستخدم الحسابات في مواقيت الصلاة ـ
ويقولون ان النبي صلى الله عليه وسلم وجه امته الى الرؤية فلا نعدل الى سواها ، وهذا يأخذنا الى سؤالك الثاني ..
فالعلماء الذين قالوا باعتماد الحساب مطلقاً او اعتماده في النفي لا في الاثبات ، قالوا ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالرؤية لعدم وجود طريقة اخرى لاثبات الشهر ، حيث انه صلى الله عليه وسلم بيّن في احاديث اخرى بأن العرب أمة امية لا تكتب ولا تحسب ، وهذه هي علة اعتماد الرؤية ..
والسؤال المطروح اليوم :
اذا تعلم العرب الكتابة والحساب ، هل يمكن لهم حينها أن يعتمدوا الحساب ؟

على خلاف ..


تحياتي ودعائي ..

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 10:43 AM
القول بان الحسابات الفلكية قطعية ليس على عمومه بل لابد من التخصيص
فقد اكد الدكتور خالد صقر - وهو باحث أكاديمي ومحاضر بجامعة ماليزيا التكنولوجية - اكد في مداخلته في لقاء حواري على قناة دليل (كانت مداخلته في الدقيقة 64)
http://articulare.wordpress.com/2011/12/30/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D9%83%D9%8A/
الى التفريق بين حساب موقع القمر وبين حساب امكانية رؤية ذلك القمر من موقع جغرافي معين ونقل مترجما من موقع مركز المعلومات الفلكية التابع للبحرية الامريكية نقلا عن وكالة (ناسا) لابحاث الفضاء بانه "بالرغم من ان توقيت بداية الشهر القمري فلكيا يمكن حسابه بدقة جيدة الا ان هذا التوقيت يختلف عن بداية الشهر برؤية الهلال لان هذه الرؤية تعتمد على عمر القمر والوقت المار بعد بداية الشهر فلكيا وبالتالي فان حساب امكانية الرؤية سيعتمد على الكثير من العوامل ولن يمكن التنبؤ به بدقة... ان التنبؤ بموعد اول مشاهدة للهلال يشكل مشكلة علمية مثيرة لانه يتضمن العديد من العوامل الغير خطية والتي تؤثر كلها على امكانية تلك الرؤية".
وهذا المعنى هو ماشار اليه د. محمد بخيت المالكي في بحثه: "ملاحظات على أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي لهلال الشهر الإسلامي" حيث قال تحت عنوان دقة الحسابات الفلكية:
"من المهم أن نفرق في البداية بين نوعين من الحساب المتعلق بالهلال، النوع الأول هو حساب موقع القمر الحقيقي، و النوع الثاني هو حساب رؤية القمر:
1- حساب موقع القمر الحقيقي:- وهو حساب يعتمد على قوانين الجاذبية والتي هي سنة من سنن الله في كونه أذن سبحانه لخلقه بمعرفتها واستخدامها...
وتبعا لهذا القانون يُعرف موقع القمر بالنسبة للأرض بدقة عالية جدا (تصل نسبة الخطأ إلى زيادة أو نقص متر عن موقعه الحقيقي، وهي دقة تعد عالية جداً، حيث أن نصف قطر القمر يصل إلى حوالي 1738 كم. لكن هذا الموقع هو حقيقة مكان القمر، لا ما يراه الراصد بعينه. حيث أن ضوء الشمس يسقط على سطح القمر فيعكس صورة القمر في اتجاه الأرض فنرى القمر. لكن هذا الضوء القادم من القمر يعبر الغلاف الجوي الأرضي وتحدث له ظاهرة الانكسار، فينحرف الضوء عن مكانه الأصلي ويظهر القمر أعلى من حقيقة موقعه في السماء. وحسابات موقع القمر الحقيقي لا تعتمد أثر الانكسار، بل تحدد مكان القمر خارج الغلاف الجوي الأرضي بعيدا عن مؤثرات الغلاف الجوي. فحسابات موقع القمر الحقيقي تكون بالدقة أعلاه، لكن وكما نعلم أن الشارع أمرنا أن نرى الهلال كما يظهر في السماء لا كما هو على حقيقته، أي أننا مطالبين بما تراه العين المجردة وهي صورة الهلال الوهمية الناتجة بسبب أثر الانكسار الجوي أو غيرها، فيكون حساب موقع القمر الحقيقي غير صالح لحساب هلال أول الشهر، بالرغم من دقته العالية.
2- حساب رؤية القمر: وهذا النوع يعتمد على النوع الأول من الحساب، ولكن يُضيف أثار الانكسار وغيرها ما أمكن، فيقدر لنا موقع القمر كما يمكن أن يُرى بالعين المجردة، وهذا النوع من الحساب هو الذي يعتمده أكثر الحاسبين لحساب هلال أول الشهر. وهنا لا يمكن القول بأن الحسابات بدقة عالية كما سبق، حيث أن ظواهر الغلاف الجوي كثيرة ونحن نريد أن نقدر آثارها على امتداد البصر على الأفق، والذي يصل لراصد على سطح البحر لمسافة خمس كيلومترات.
فإذن سيكون حساب أثر الغلاف الجوي بدقة عالية من الأمور شبه المستحيلة، حيث لو افترضنا وجود عاصفة رملية على بعد خمسة كيلومترات عن الراصد للهلال فإنه لن يشعر بـها، وسيكون من الصعب إدخالها في حساباته للهلال، ومثل هذه العاصفة - أو ماشابه - يمكن أن تغير عوامل الرؤية وأثر الانكسار فيصبح الهلال أعلى مما تتوقعه الحسابات التي لم تأخذ أثر الانكسار في الحسبان، فيقال غرب الهلال في الوقت الفلاني، لكن وبسبب الظروف الجوية تكون هناك صورة وهمية للهلال لم تغرب بعد فيراه بعض رائي الهلال. فيقال لذلك أخطأ الحاسبون - ولا مشاحة في الاصطلاح -، لكن هذا ليس خطأ في الحساب بل هو نقص في الفرضيات الابتدائية للحساب، أي أن أثر هذه الظاهرة - العاصفة - لم يُؤخذ في الحسبان، فهو إذا نقص وليس خطأ، وعليه لا يمكن القول أننا اكتشفنا سنة الله في رؤية الهلال. وهناك دراسات كثيرة على عوامل الغلاف الجوي لحساب أدق لظواهره وأثرها في تغيير مواقع الأجرام السماوية، لكن غالبيتها تتفادى القرب من الأفق لصعوبة ذلك وكثرة العوامل المؤثرة".
وهو ما ذهب اليه ابن تيمية في زمانه مجموع الفتاوى (25/ 182و183و185)
"وليس لأحد منهم طريقة منضبطة أصلا بل أية طريقة سلكوها فإن الخطأ واقع فيها أيضا فإن الله سبحانه لم يجعل لمطلع الهلال حسابا مستقيما بل لا يمكن أن يكون إلى رؤيته طريق مطرد إلا الرؤية...
واعلم أن المحققين من أهل الحساب كلهم متفقون على أنه لا يمكن ضبط الرؤية بحساب بحيث يحكم بأنه يرى لا محالة أو لا يرى ألبتة على وجه مطرد وإنما قد يتفق ذلك أو لا يمكن بعض الأوقات...
فنقول الحاسب غاية ما يمكنه إذا صح حسابه أن يعرف مثلا أن القرصين اجتمعا في الساعة الفلانية وأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقها القمر إما بعشر درجات مثلا أو أقل أو أكثر... وهذا غاية معرفته وهي بتحديدكم بينهما من البعد في وقت معين في مكان معين . هذا الذي يضبطه بالحساب . أما كونه يرى أو لا يرى فهذا أمر حسي طبيعي ليس هو أمرا حسابيا رياضيا "

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 10:45 AM
يجب في تقرير هذه المسالة الاخذ بمراد الشرع
"فمن المعلوم أن دخول الشهر عند المسلمين هو من شؤون دينهم، لذا يجب أن يُقدم مفهوم الشرع على ما سواه، ومنه يجب أن تناقش النصوص الشرعية وعلى ضوء ما يُفهم منها تُقارن النتائج العلمية لبحث مسألة الهلال.
ومن الأدلة الشرعية على توقيت الهلال للمسلمين قوله تعالى: ((يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)) [البقرة: 189]. وصفة هذا التوقيت في قوله تعالى: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه)) [البقرة:185]. وفي الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري 2/229. وحيث أن النصوص واضحة المقاصد لا حاجة لتأويلها، فالأهلة مواقيت للناس أي يعرفون بـها أوقاتـهم، وصفة أو أسلوب هذه المعرفة هو بشهود الشهر (وتعريفه الشرعي هو رؤية بصرية لقوس القمر [الهلال] يغرب بعد الشمس في آخر الشهر الهجري) كما هو واضح من الأدلة، وكما هو معروف عند العرب زمان نبينا عليه الصلاة والتسليم. وعلى هذه النصوص وغيرها أجمع علماء الأمة على أن دخول الشهر وخروجه متعلق بالرؤية البصرية، ونجد فحوى هذا المعنى في كتب المتقدمين من سلف الأمة". [د. محمد بخيت المالكي]

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 10:47 AM
الرؤية للهلال مقصودة (رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب)
"فالرسول - صلى الله عليه وسلم - حصر ثبوت دخول الشهر بالرؤية كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "لاَ تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوْا الهِلاَلَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثُمَّ صُومُوا حتى تَرَوْا الهِلاَلَ أوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ"، وحصر دخول الشهر برؤية الهلال لا يعني أن الرؤية مجرد وسيلة ، بل يفيد منع أي طريقة أخرى غير الرؤية لثبوت الشهر ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أوتي جوامع الكلم ، فلو أراد أن الرؤية مجرد وسيلة لاتضح ذلك من كلامه جلياً ، كأن يقول : إذا دخل الشهر فصوموا ، أو إذا ثبت عندكم دخول الشهر فصوموا ، كما بُين ذلك في أوقات الصلوات ، فقد بُين أن وقت المغرب - مثلاً - يدخل بغروب الشمس ، ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا رأيتم أن الشمس غربت فصلوا ، فكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علق دخول الشهر برؤية الهلال بلفظ يفيد منع طريق آخر غيره وهو - صلى الله عليه وسلم - أوتي جوامع الكلم ، كل ذلك يرد دعوى أن رؤية الهلال مجرد وسيلة لدخول الشهر". [دخول الشهر القمري بين رؤية الهلال والحساب الفلكي لفهد بن علي الحسون]
قال القرافي رحمه الله في كتابه الفروق 2/ 298 في (الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلوات يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها وبين قاعدة الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب):
"والفرق وهو المطلوب هاهنا وهو عمدة السلف والخلف أن الله تعالى نصب زوال الشمس سبب وجوب الظهر
وكذلك بقية الأوقات لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس أي لأجله وكذلك قوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون قال المفسرون هذا خبر معناه الأمر بالصلوات الخمس في هذه الأوقات حين تمسون المغرب والعشاء وحين تصبحون الصبح وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر والصلاة تسمى سبحة ومنه سبحة الضحى أي صلاتها فالآية أمر بإيقاع هذه الصلوات في هذه الأوقات وغير ذلك من الكتاب والسنة الدال على أن نفس الوقت سبب فمن علم السبب بأي طريق كان لزمه حكمه فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات
وأما الأهلة فلم ينصب صاحب الشرع خروجها من الشعاع سببا للصوم بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم ويدل على أن صاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببا للصوم قوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ولم يقل لخروجه عن شعاع الشمس كما قال تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس"

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 10:50 AM
حديث (( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ))
قال الشيخ بكر ابو زيد رحمه الله في بحث له في حكم إثبات أول الشهر القمري
ثانيًا: نقض الاستدلال بمفهوم حديث: (( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب )) الحديث.
فقد علم في اللسان أن بساط المقال كبساط الحال له تأثير في الأحكام كما علم في مسائل من الإيمان والنذور والطلاق وغيرها، فقوله صلى الله عليه وسلم هنا: (( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب )) فقرنه بقول (( الشهر هكذا... )) أي مرة ثلاثين ومرة 29 -فهو محض- خبر من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته: أنها لا تحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب، إذ هو إما (30) يومًا أو (29) يومًا، ومرد معرفته بالرؤية للهلال أو بالإكمال، كما في الأحاديث المتقدمة المشعرة بالحصر في هذين السبيلين لا بكتاب ولا بحساب، فهذا خبر منه صلى الله عليه وسلم يتضمن نهيًا عن الاعتماد على الكتاب والحساب في أمر الهلال، وفطم للأمة عن الاعتماد عليه، إذ أغناهم بنصب الرؤية أو الإكمال دليلًا على أوائل الشهور، ولهذا نظائر في النصوص الخبرية كقوله صلى الله عليه وسلم: (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )) فهذا خبر يفيد صفة المسلم متضمنًا النهي عن إيذاء المسلم بلسان أو يد.
وهذا الظاهر في خبرية النص هو الذي يتفق مع الحقائق الشرعية والدلائل النصية من الأحاديث السابقة، إذًا فيتعين إبقاء النص على ظاهره في الخبرية، ولا يصرف عنها إلى العلية إلا بدليل وصرفه يؤدي إلى تعارض النصوص كما هو بيِّن.
وهذا معنى ما قرره المحققون من أهل العلم في توجيه هذا الحديث من أنه على ظاهره لا غير من عدم الاحتياج إلى الكتاب والحساب في أمر الهلال، قرر ذلك ابن تيمية في: الفتاوى 25/ - وابن العربي في: عارضة الأحوذي، وابن حجر في: الفتح: 4/ 122، وقال: فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلًا، ويوضحه قوله في الحديث الماضي: (( فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين )) ولم يقل : فسلوا أهل الحساب والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الخلاف والنزع عنهم..." اهـ. وابن بطال قال كما في: إرشاد أهل الملة:
"وقال ابن بطال وغيره معنى الحديث: أنا لم نكلف في معرفة مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة إنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم" اهـ.
والسبكي كما في العلم المنشور ص/ 9 قال:
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (( هكذا وهكذا وهكذا )) وإشارته تحقيق لاعتماد الأمر المحسوس الذي هو من أجلى الأمور، وفطم عن اعتماد الحساب في ذلك" اهـ.
قال ابن تيمية رحمه الله مجموع الفتاوى (25/ 173(
"فإن من كتب مسير الشمس والقمر بحروف " أبجد " ونحوها وحسب كم مضى من مسيرها ومتى يلتقيان ليلة الاستسرار ومتى يتقابلان ليلة الإبدار ونحو ذلك فليس في هذا الكتاب والحساب من الفائدة إلا ضبط المواقيت التي يحتاج الناس إليها في تحديد الحوادث والأعمال ونحو ذلك . كما فعل ذلك غيرنا من الأمم فضبطوا مواقيتهم بالكتاب والحساب كما يفعلونه بالجداول أو بحروف الجمل وكما يحسبون مسير الشمس والقمر : ويعدلون ذلك ويقومونه بالسير الأوسط حتى يتبين لهم وقت الاستسرار والإبدار وغير ذلك فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنا أيتها الأمة الأمية لا نكتب هذا الكتاب ولا نحسب هذا الحساب فعاد كلامه إلى نفي الحساب والكتاب فيما يتعلق بأيام الشهر الذي يستدل به على استسرار الهلال وطلوعه . وقد قدمنا فيما تقدم أن النفي وإن كان على إطلاقه يكون عاما فإذا كان في سياق الكلام ما يبين المقصود علم به المقصود أخاص هو أم عام ؟ فلما قرن ذلك بقوله : { الشهر ثلاثون } و { الشهر تسعة وعشرون } بين أن المراد به أنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب إذ هو تارة كذلك وتارة كذلك . والفارق بينهما هو الرؤية فقط ليس بينها فرق آخر من كتاب ولا حساب".

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 11:01 AM
ليس رفض الحساب لاجل ظنيته بل لانه ليس سببا منصبا من الشرع
قال القرافي:
"فلو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه مع أن حساب الأهلة والكسوفات والخسوفات قطعي...
[ثم قال بعد ذكره لم اخذ بالحساب في اوقات الصلاة دون الاهلة]
فلأجل هذا الفرق قال الفقهاء رحمهم الله تعالى إن كان هذا الحساب غير منضبط فلا عبرة به ، وإن كان منضبطا لكنه لم ينصبه صاحب الشرع سببا فلم يجب به صوم والحق من ترديد الفقهاء رحمهم الله هو القسم الثاني دون الأول".

ربيحة الرفاعي
25-07-2012, 04:00 PM
ليس رفض الحساب لاجل ظنيته بل لانه ليس سببا منصبا من الشرع
قال القرافي:
"فلو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه مع أن حساب الأهلة والكسوفات والخسوفات قطعي...
[ثم قال بعد ذكره لم اخذ بالحساب في اوقات الصلاة دون الاهلة]
فلأجل هذا الفرق قال الفقهاء رحمهم الله تعالى إن كان هذا الحساب غير منضبط فلا عبرة به ، وإن كان منضبطا لكنه لم ينصبه صاحب الشرع سببا فلم يجب به صوم والحق من ترديد الفقهاء رحمهم الله هو القسم الثاني دون الأول".

هذا قول يحسم الأمر فيما يتعلق بإثبات الهلال بالحسابات الفلكية
ولكن..
ماذا يكون الحال لو توافق ثبوت الرؤية في موقع من الأرض مع الحسابات الفلكية ، ألا يجب أن يلزم ذلك كل الدول المقسمة سياسيا باعتماد تلك الرؤية التي دعمتها الحسابات؟؟

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 05:58 PM
توحيد المطالع او الرؤية هذا مبحث اخر الخلاف فيه قديم بين الفقهاء
فلا علاقة له بالخلاف هنا
والراجح توحيد الرؤية فمتى رؤي وجب على المسلمين جميعا الصيام، كما كنت نشرت في ذلك بحثا للعلامة ابي الحسن المصري
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=58282
وتحياتي لك استاذتي الفاضلة

بهجت عبدالغني
25-07-2012, 07:38 PM
جزاك الله خيراً اخي الكريم عبدالرحيم
على هذه الاضافات المفيدة والقيمة

وأشير هنا الى ان الفلكيين يتكلمون عن رؤية الهلال او عدم رؤيته ، وليس حساب الموقع الحقيقي للقمر فقط ..
فقد جاء في موقع ( المشروع الإسلامي لرصد الأهلة ) :
سيحدث الاقتران المركزي (المحاق المركزي) يوم الخميس 19 تموز / يوليو 2012 في الساعة 04:24 بالتوقيت العالمي بمشيئة الله

إمكانية رؤية الهلال يوم الخميس 19 تموز / يوليو 2012 ويوم الجمعة 20 تموز / يوليو 2012 موضحة في الأشكال التالية باستخدام برنامج المواقيت الدقيقة باعتماد معيار عودة، بحيث:-

رؤية الهلال مستحيلة من المناطق الواقعة في اللون الأحمر بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس أو/و بسبب حصول الاقتران السطحي بعد غروب الشمس.
رؤية الهلال ممكنة باستخدام التلسكوب فقط من المناطق الواقعة في اللون الأزرق.
رؤية الهلال ممكنة باستخدام التلسكوب من المناطق الواقعة في اللون الزهري، ومن الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة في حالة صفاء الغلاف الجوي التام والرصد من قبل راصد متمرس.
رؤية الهلال ممكنة بالعين المجردة من المناطق الواقعة في اللون الأخضر.
رؤية الهلال غير ممكنة بالعين المجردة أو بالتلسكوب من المناطق غير الملونة، على الرغم من غروب القمر بعد غروب الشمس ومن حصول الاقتران السطحي قبل غروب الشمس، وذلك بسبب قلة إضاءة الهلال و/أو بسبب قربه من الأفق.
يرجى ملاحظة أن الأشكال أدناه تبين إمكانية رؤية الهلال في المناطق الواقعة بين خطي عرض 60 شمالا و60 جنوبا.

الخميس 19 تموز / يوليو 2012
http://www14.0zz0.com/2012/07/25/17/333945654.gif (http://www.0zz0.com)

فهم يتساءلون :
إذا كانت الرؤية في المناطق المشار إليها مستحيلة
كيف يقول القائل إنه رأى الهلال ؟


تحياتي ..

بهجت عبدالغني
25-07-2012, 07:39 PM
يقول الشيخ مصطفى الزرقا بعدما عرض كلام ابن حجر :

نحن مع الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في نفي تعليق الحكم والإفطار بالحساب أصلا، فخلود الشريعة وآخريتها يستلزمان عدم تعليق أحكامها بأسباب تتوقف معرفتها على علم قد يتوافر في زمان ومكان وقد يفقد، بل يجب أن تناط أحكامها التكليفية بأسباب تعرف بالحواس الطبيعية الموجودة مع الإنسان في كل زمان ومكان، ولا يجوز تعليق الحكم بالحساب ولو وجد وتوافر من يعرفونه، وبلغ من الدقة درجة اليقين، هذا كله ليس محل خلاف، ولكن نفي تعليق الحكم بالحساب لا يستلزم عدم جواز اعتماد الحساب إذا بلغ من الصحة درجة اليقين، أن يعتبر وسيلة أو مؤشرا يقينيا ينبؤنا: متى تكون الرؤية البصرية ممكنة في الأحوال الطبيعية، إذا عدمت الحواجز والعوائق الجوية والأرضية التي تحجب الرؤية البصرية، مع بقاء الرؤية البصرية على أنها هي الوسيلة الأصلية الأساسية التي يلجأ إليها في كل زمان أومكان لا يتوافر فيها علم الحساب الفلكي الذي يعطينا معرفة يقينية .
هذا محل الخلاف في الموضوع ، وليس محل الخلاف أن يربط الصوم والإفطار بالحساب ، ويحل محل الرؤية في الحكم بوجه عام ، فهذا لا نقول به ، ولا يقول به احد ولو توافر في الأزمنة والأمكنة علم الحساب الفلكي وتوافر الذين يتقنونه ، لأن ما يوجد بعد العدم قد يفقد بعد الوجود .
ولكن حين يوجد هذا العلم وتكون معطياته صحيحة يقينية هل يمتنع علينا أن نعتمده وسيلة توصلنا إلى المقصود بأيسر طريق ونقضي على الفوضى التي نعانيها .

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 07:49 PM
اذا قرات ما ذكرت من التفصيل في قطعية الحساب تبين لك ان ادعاءهم الجزم بامكانية الرؤية من عدمها خطأ
وما نشرته هو كلام لفلكيين فتامل بارك الله فيك ما مر
فهم يبنون الرؤية على موقع القمر
وهذا ما اراد الدكتور صقر والمالكي بيان الاختلاف بينهما من حيث القطعية
إذا خالف الحسابُ الرؤيةَ البصرية الشرعية فإن الفلكيين يضعون سبع احتمالات ذكرها د. محمد بخيت المالكي - دكتوراه في الفلك من جامعة جلاسكو- ومنها :
( الاحتمال السابع رؤية الهلال : وفي هذه الحالة ليس أمام الحاسبين إلا أن يقبلوا بأن هناك عوامل لم يضموها لحساباتهم الفلكية ، والأمر لا يسلم من الخطأ . وكما يعلم الجميع أن العلم قام على الملاحظة (مثل حركة القمر) ، ثم من مجموعة ملاحظات تُوضع نظرية حسابية معينة كقاعدة حسابية لهذه الملاحظات (الأرصاد) ، ومن هذه النظرية الحسابية نخرج بتوقعات لأرصاد مستقبلية (الهلال للأشهر اللاحقة) ، والتي نتأكد منها بأرصاد لاحقة، وأي خطأ في التوقعات الحسابية يؤدي لتصحيح للنظرية وهكذا تستمر الدورة التطويرية للنظريات. وفي حالتنا هذه إذا ناقضت الأرصاد الحسابات، فيكون علينا مراجعة وتصحيح حساباتنا والأخذ بالاعتبار العوامل التي قد نكون قد أهملناها ، والله أعلم .
ومن مكامن الخطأ المحتملة، آثار الغلاف الجوي بنسبة عالية - حيث أن حركة القمر خارج الغلاف الجوي مُتأكد من صحة حساباتها بدقة عالية كما ذكرنا سابقا - ، فقد يُؤثر الغلاف الجوي على شعاع ضوء القمر فيُظهر صورة القمر أعلى مما يتوقع الحاسبون ، حسب ظروف البلد الجوية ، بسبب ظاهرة الانكسار أو ظاهرة السراب ) ا.هـ

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 08:05 PM
اما ما نقلت من كلام الشيخ الزرقا رحمه فيرد فهمه ما نقلناه في:
الرؤية للهلال مقصودة (رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب)
وكلام ابن تيمية على حديث (( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ))
وكلام القرافي في ليس رفض الحساب لاجل ظنيته بل لانه ليس سببا منصبا من الشرع
لذلك فقوله "ولكن نفي تعليق الحكم بالحساب لا يستلزم عدم جواز اعتماد الحساب إذا بلغ من الصحة درجة اليقين"
اقوال العلماء المارة في المواضيع المشار اليها تخطئ فهمه، بل يقولون بعدم جواز اعتماده ولو كان قطعيا وكلام القرافي واضح في ذلك

بهجت عبدالغني
25-07-2012, 08:25 PM
أخي الحبيب عبدالرحيم
زادك الله علماً وتقوى

( وكلام القرافي في ليس رفض الحساب لاجل ظنيته بل لانه ليس سببا منصبا من الشرع )

سؤالي :
هل الشرع يريد منا صوم شهر رمضان أم يريد منا رؤية الهلال ؟


تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 08:35 PM
يريد منا صوم رمضان ونصب لنا سببا لصومنا ونفى ما عداه
وارجع ايها الكريم لكلام المالكي الذي ذكرته اولا في "يجب في تقرير هذه المسالة الاخذ بمراد الشرع"
وانما ينتظم سؤالك في مسالة الصلاة كما مر
وتحياتي لك

بهجت عبدالغني
26-07-2012, 02:20 PM
عفواً اخي الكريم .. تحملني قليلاً ، فإني اريد ان افهم الموضوع جيداً ..

قلت : يريد منا صوم رمضان ونصب لنا سببا لصومنا ونفى ما عداه
الحديث يقول ( لاَ تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوْا الهِلاَلَ )
اي لا تصوموا رمضان حتى تروا الهلال ، وهذا لا خلاف عليه
ولكن أين النفي لما عدا الرؤية ؟
فإن قيل ان الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الرؤية ولم يذكر شيئاً آخر
عدنا الى رأي من يقول بالحساب الفلكي ، وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرؤية لأنها كانت الطريقة الوحيدة السليمة في زمانه صلى الله عليه وسلم لإثبات الشهر ، حيث ان العرب حينها لم يكونوا يكتبون ولا يحسبون ..

ارجو ان تكون الفكرة واضحة ..


تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
26-07-2012, 06:46 PM
اذا قارنت بين مسالة الصلاة والصيام التي نقلت قول القرافي فيها تبين ان المشرع لما اراد في ايقاع الصلاة مجرد وقتها كانت النصوص دالة على أن نفس الوقت سبب فمن علم السبب بأي طريق كان لزمه حكمه فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات
اما الصيام فذكر فيه المشرع السبب وعينه برؤية الاهلة او الاكمال "فلم ينصب صاحب الشرع خروجها من الشعاع سببا للصوم بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم"
فدل على تعينه "وحصر دخول الشهر برؤية الهلال لا يعني أن الرؤية مجرد وسيلة ، بل يفيد منع أي طريقة أخرى غير الرؤية لثبوت الشهر ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أوتي جوامع الكلم ، فلو أراد أن الرؤية مجرد وسيلة لاتضح ذلك من كلامه جلياً ، كأن يقول : إذا دخل الشهر فصوموا". فهذا حصر من النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي نفي ما عداه، فلو لم يكن التعيين مرادا لما جاءت النصوص محددة بل ستاتي مطلقة كما في الصلاة
ويدل لحصره ويؤكده حديث (( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب )) وعلى هذا المعنى كان فهم العلماء لذا عد القول بعدم اعتماد الحساب اجماعا حكاه غير واحد منهم القرافي الذي نقلت كلامه
ولا باس ان اعيد نقل ما نقلت سابقا في هذا المعنى ولعلي اكتفي مما مر بكلام ابن تيمية رحمه الله في حديث (( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ))
"فإن من كتب مسير الشمس والقمر بحروف " أبجد " ونحوها وحسب كم مضى من مسيرها ومتى يلتقيان ليلة الاستسرار ومتى يتقابلان ليلة الإبدار ونحو ذلك فليس في هذا الكتاب والحساب من الفائدة إلا ضبط المواقيت التي يحتاج الناس إليها في تحديد الحوادث والأعمال ونحو ذلك . كما فعل ذلك غيرنا من الأمم فضبطوا مواقيتهم بالكتاب والحساب كما يفعلونه بالجداول أو بحروف الجمل وكما يحسبون مسير الشمس والقمر : ويعدلون ذلك ويقومونه بالسير الأوسط حتى يتبين لهم وقت الاستسرار والإبدار وغير ذلك فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنا أيتها الأمة الأمية لا نكتب هذا الكتاب ولا نحسب هذا الحساب فعاد كلامه إلى نفي الحساب والكتاب فيما يتعلق بأيام الشهر الذي يستدل به على استسرار الهلال وطلوعه . وقد قدمنا فيما تقدم أن النفي وإن كان على إطلاقه يكون عاما فإذا كان في سياق الكلام ما يبين المقصود علم به المقصود أخاص هو أم عام ؟ فلما قرن ذلك بقوله : { الشهر ثلاثون } و { الشهر تسعة وعشرون } بين أن المراد به أنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب إذ هو تارة كذلك وتارة كذلك . والفارق بينهما هو الرؤية فقط ليس بينها فرق آخر من كتاب ولا حساب".

بهجت عبدالغني
26-07-2012, 08:52 PM
شكراً لك اخي العزيز عبدالرحيم
على هذا الشرح المستفيض والاضاءات المفيدة
في هذا الحوار تكشف لي زوايا وجوانب لم أكن أعرفها
مما يدعوني الى مراجعة معلوماتي وقراءاتي حول الموضوع ثانية ..

جزاك ربي خيراً

ولا تنسانا من دعائك ..



تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
27-07-2012, 11:33 AM
والشكر لك موصول لحوارك الماتع
واعتذر عن تاخر ردودي بسبب مشكلة في النت يتقطع كثيرا
فتحياتي لك
وحفظك المولى ورعاك