تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة مقاصدية لا "حداثية" للقرآن .



أ د خديجة إيكر
23-07-2012, 03:15 PM
تردّدت في السنوات الأخيرة مصطلحات غريبة مثل" القراءات المعاصرة "أو" الجديدة " أو " الحداثية " أو " العلمانية " للقرآن الكريم تزعمها بعض الباطنيين الجددمن العرب كمحمد أركون ، ونصر حامد أبي زيد ، والمنصف بن عبد الجليل ، وعبدهالفيلالي الأنصاري ، ويوسف صديق ، ومحمد الشريف فرجاني ،وعبد المجيد الشرفي ، والطيب تيزيني ،وحسن حنفي ، ومحمد عابد الجابري وغيرهم .
وتتستر هذه القراءات بمناهج لسانية أو تاريخية أو أنتروبولوجية أوسوسيولوجية أو إبستمولوجية بغرض تحريف المعاني القرآنية و إخراج النصوص عما هو مُجمع عليه ، فضلا عن تناقضها مع الحقائق الشرعية و تعارضها مع مقاصد الشريعة الإسلامية . حيث يعمل أصحابها على مقاربة القرآن الكريم بمناهج لا تراعي خصوصياته، ولا تحفظ له فرادته وتمَيُّزه عن كتابات البشر.
إن هذه المناهج ما هي إلا امتداد للدراسات الاستشراقية التي يمثلها "نولدكه "في دراسته عن تاريخ القرآن الكريم ، حيث ادعى أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لها صلة وثيقة بنبوات العهد القديم ،كما ادعى أن القرآن الكريم مأخوذ عن المأثورات اليهودية و المسيحية .وما هؤلاء الذين تزعموا هذه القراءات المعاصرة للقرآن الكريم إلا تلامذة لكل من:"نولدكه"و "جون واسنبرو" و"كوك " و"كرون " و"لينغ "و "لوكسمبورج " وغيرهم.
إن كتاب الله يجب أن يُقرأ قراءة إيجابية مقاصدية تحفظ له خصوصياته وتحقق مقاصده ككتاب هداية ، نزل ليبين للناس صلاحهم في الحال و فلاحهم في المآل .لذلك فالقراءة التي لا تحترم هذه الخصوصيات للقرآن الكريم هي قراءة غير منطقية خاصة أنها كانت موجهة بخلفيات إيديولوجية و سياسية ،كما قامت بإسقاطات على القرآن الكريم ، مما بيين أن غرضها لم يكن دراسة القرآن الكريم ـــ كما يدّعي أقطابها ـــ بقدر ما كان التشكيك فيه عن طريق نزع القداسة عنه ، و التشكيك في تواتره ، ومعاملته كسائر النصوص البشرية .
إنّ المسلم مدعوّ إلى الاستفادة من المناهج الحديثة من لسانيات ، وعلم اجتماع ، وتاريخ معرفة و علم إناسة ، و لكن مع استعمالها جميعا استعمالا علميا يراعي خصوصيات القرآن الكريم ، دون خلفيات مسبقة وبهدف الوصول إلى الحقيقة و ليس بهدف آخر.علما أن الدين لله وأن المعرفة البشرية نسبية و أن اجتهاد الإنسان محدود بالزمان و المكان .بل إن تبني هذه المناهج الحديثة و الاستفادة منها وفق شروط علمية وموضوعية تمكِّننا من فهم تراثنا التفسيري واستيعابه ثم استبطانه وأخيرا الإبداع فيه عن طريق الإضافة العلمية ، واكتشاف نواحٍ جديدة من الإعجاز في القرآن الكريم.
و إذا كان القرآن الكريم ــرسالة الله إلى العباد ـــ مرتبطاً بمقصد جليل هو تحقيق هداية البشر، فإنه لا يمكن أن يكون مُشرَعا و مُباحاً لكل القراءات كيفما كانت ، لأنه لا يحتمل من القراءات إلا ما كان محققا لمقصد الوقوف على مضمون الرسالة الربانية ، والذي حدده علماء التفسير في تعريفهم للتفسير بقولهم: "هو علم يُبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالتُه على مراد الله تعالى، بقدر الطاقة البشرية " .

بهجت عبدالغني
23-07-2012, 08:05 PM
موضوع في غاية الروعة

وهؤلاء الباطنيون الجدد يريدون ان يعامل القرآن كما يعامل أي نتاج معرفي او ادبي آخر
مع أنهم لا يملكون ولا يتفقون على آلية محددة لقراءة النصوص ، فتراهم كل يوم يتبنون مدرسة جديدة ، على نهج اساتذتهم في الغرب .
وهم يريدون ضرب العقيدة والثوابت الاسلامية ، حتى لا يبقى من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه .
فتراهم مرة يطرحون شبهة تاريخية النص القرآني ، وبذلك يحولون القرآن الى كتاب تاريخي ظهر في فترة تاريخية معينة وان احكامه تصلح للفترة التي نزل فيها ، فيعطلون الحدود والتشريع ، بحجة انها لا تصلح لزماننا .
وتراهم ثانية يتمسكون بالقراءة المقاصدية او المصلحية حسب زعمهم ، فيميعون النصوص ويحرفون الكلم عن مواضعه ، ويفتحون النص لتأويلات من هبّ ودبّ دون مرجعية او ثوابت ، كما يفعل التفكيكيون .

أما القراءة المقاصدية الصحيحة فتمرّ من خلال ضوابط تلتزم بها ، وليس الامر متروكاً لأهواء البشر وشهواتهم ومصالحهم ..


شكراً استاذتنا الكريمة
لطرحك المميز ، وقراءتك الواعية ..

تقبل الله الطاعات وغفر الزلات


تحياتي ..

ربيحة الرفاعي
23-07-2012, 10:44 PM
وتتستر هذه القراءات بمناهج لسانية أو تاريخية أو أنتروبولوجية أوسوسيولوجية أو إبستمولوجية بغرض تحريف المعاني القرآنية و إخراج النصوص عما هو مُجمع عليه ، فضلا عن تناقضها مع الحقائق الشرعية و تعارضها مع مقاصد الشريعة الإسلامية . حيث يعمل أصحابها على مقاربة القرآن الكريم بمناهج لا تراعي خصوصياته، ولا تحفظ له فرادته وتمَيُّزه عن كتابات البشر.
...
و إذا كان القرآن الكريم ــرسالة الله إلى العباد ـــ مرتبطاً بمقصد جليل هو تحقيق هداية البشر، فإنه لا يمكن أن يكون مُشرَعا و مُباحاً لكل القراءات كيفما كانت ، لأنه لا يحتمل من القراءات إلا ما كان محققا لمقصد الوقوف على مضمون الرسالة الربانية ، والذي حدده علماء التفسير في تعريفهم للتفسير بقولهم: "هو علم يُبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالتُه على مراد الله تعالى، بقدر الطاقة البشرية " .[/SIZE][/FONT]

طرح رائع سلط الضوء بوعي على خطأ القراءة في النص القرآني بعيدا عن جلال مقصده اتباعا لنظريات وعناوين مغرضة ابتدعها معادون للإسلام باختلاف انتماءاتهم وتلقفها من بني جلدتنا من ديدنهم الضياع والتضييع يحرفون الكلم ويأولونه على غير دلالته ليس بمجرد خروج على خصوصية النص القرآني بل في محاولة لتجريده من خصوصيته

فكر نيّر ومقالة سامية الحرف والمقصد

دمت بإشراق

تحاياي

أ د خديجة إيكر
24-07-2012, 07:54 PM
أستاذ بهجت الرشيد ،
أشكر لك تواصلك و إضافاتك المفيدة
بورك حضورك الجميل

أ د خديجة إيكر
24-07-2012, 07:56 PM
أستاذة ربيحة الرفاعي
جزيت خيراً على المرور الكريم .
أسعدك الله في الدارين

ربيع بن المدني السملالي
24-07-2012, 09:09 PM
بارك الله في سعيك أستاذة خديجة ، وكثّر في الأمة من أمثالك

سعدت بك وتشرّفت كالعادة

دمت بخير وعافية

تحياتي وخالص الودّ

عبد الرحيم بيوم
28-07-2012, 01:29 PM
و إذا كان القرآن الكريم ــرسالة الله إلى العباد ـــ مرتبطاً بمقصد جليل هو تحقيق هداية البشر، فإنه لا يمكن أن يكون مُشرَعا و مُباحاً لكل القراءات كيفما كانت ، لأنه لا يحتمل من القراءات إلا ما كان محققا لمقصد الوقوف على مضمون الرسالة الربانية ، والذي حدده علماء التفسير في تعريفهم للتفسير بقولهم: "هو علم يُبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالتُه على مراد الله تعالى، بقدر الطاقة البشرية " .
صدقت، ليس مباحا للقراءات كيفما كانت
والا، فلم اصلت لتفسيره الاصول وقعدت له القواعد، واحيط تفسيره بجناب من التورع لدى السلف وخوف وعدم تجاسر عليه
موضوع يسلط الضوء بعموم على بعض ما يكاد للمعرفة الاسلامية االاصيلة
فتحياتي لك
وحفظك المولى

د. مختار محرم
28-07-2012, 03:34 PM
إن هذه المناهج ما هي إلا امتداد للدراسات الاستشراقية التي يمثلها "نولدكه "في دراسته عن تاريخ القرآن الكريم ، حيث ادعى أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لها صلة وثيقة بنبوات العهد القديم ،كما ادعى أن القرآن الكريم مأخوذ عن المأثورات اليهودية و المسيحية .وما هؤلاء الذين تزعموا هذه القراءات المعاصرة للقرآن الكريم إلا تلامذة لكل من:"نولدكه"و "جون واسنبرو" و"كوك " و"كرون " و"لينغ "و "لوكسمبورج " وغيرهم.

صدقت دكتورة خديجة وأحسنت الطرح وأحيي فيك تميزك بأسلوب رائع في طرح الفكرة وإيصالها بأقل جهد منك ومن القارئ ..
ويبقى كتاب الله هو معجزة الرسول الكبرى التي حاول أعداء الحق أن يلجوا إليه منذ بدايات الرسالة وعلى مر العصور وهم يحاولون أن يشككوا فيه أو أن يجعلوه نقطة خلاف بين المسلمين
لكنه يأبى إلا أن يكون نقطة اتفاق وإجماع كل طوائف الإسلام ومذاهبه
ويأبى الله إلا أن يصدق وعده إذا قال عز وجل (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ))
تقديري وخالص شكري لك
وجزاك الله خيرا

أ د خديجة إيكر
29-07-2012, 02:44 AM
الأخ ربيع بن المدني

الشكر موصول لك على عبورك البهيّ .

أ د خديجة إيكر
29-07-2012, 02:49 AM
شاكرة لك مرورك حُسن اطلاعك

أخي عبد الرحيم صابر

أ د خديجة إيكر
29-07-2012, 02:59 AM
لا حرمنا الله من مرورك و تعقيبك د / مختار محرم

تحية طيبة

معروف محمد آل جلول
29-07-2012, 03:38 AM
أ.د.المحترمة..خديجة أيكر..
شكر الله سعيك في توضيح ما آل إليه الانبهار العربي في المناهج النقدية الغربية الحديثة إلى درجة إقحامها إقحاما على العلوم الإنسانية عامة ..والقرآن خاصة..
إنّ المصادر الثقافية تختلف ،والمرجعيات تختلف ..وعليه فالدراسات تختلف..
هؤلاء يعتقدون أنّ القراءة التّفسيرية للقرآن الكريم من قبل المفسرين الأوائل تجاوزها الزمن ،وما عادت صالحة أو تقليدية على أيسر تقدير ..وهنا فعلا ضلوا السبيل ..
والعاقل حينما يتبصر الغرض من التفسير سيجد العبرة في فهم النّص القرآني الذي لا يحتمل أكثر من مداليله الواضحة البيّنة..
وكأنّ هؤلاء يقولون لنا أنّ اللغة التي كتب بها القرآن أو التفسير ما عدنا نستوعبها..وقد ذهب أمثالهم مذاهب شتى إلى درجة أن راحوا يفكرون في استبدال اللغة الفصحى بلهجات..
وهي كلها ضرب للقرآن والدين الإسلامي..
إذ المقبول ذهنيا هو التفسير بلغة العصر وألفاظها الجديدة المستوعبة من المصطلحات الجديدة والمبتكرات فقط..
ولكن المنهجية في طرق الموضوع وتبسيطه ،وترتيبه للمتلقي ضرورة حتى يسهل الاستيعاب بيسر ..
أما أن نقحم نظريات غربية لا تصلح أحيانا حتى على النصوص الأدبية العربية فقد أثبتت تطبيقاتها أنها محاولات فاشلة تضر ولا تنفع ..
من البنيوية إلى السيميائية إلى التلقي إلى التأويلية إلى النقد الثقافي ..كلها جزئية لاتصلح بتاتا للنص القرآني الكامل المتكامل فنيا ودلاليا..
وتبقى العبرة بفهم النص وتطبيقه ..وليس بإقحام مناهج غريبة عنه..
ولو كان في الأمر خير لجرب القراء للقرآن "نظرية النظم "لعبد القاهر الجرجاني..على الأقل تراعي الخصوصية البلاغية العربية ..
أشكرك على هذا الطرح الجريء ..
والحمد لله أنهم حاولوا ..
وأثبتت محاولاتهم فشلها الذريع..
بالغ تقديري..

أ د خديجة إيكر
29-07-2012, 04:43 PM
الأستاذ الفاضل معروف محمد آل جلول

تشرّفت بحضورك و بتعقيبك القيّم .

لك من الشكر أعمقه .