تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التقديم و التأخير والانسجام الصوتي القرآني .



أ د خديجة إيكر
25-07-2012, 02:13 AM
الرتبة في النحو هي الموقع الأصلي الذي يجب أن يأخذه اللفظ داخل الجملة بالنسبة للألفاظ الأخرى المرتبطة به بعلائق نحوية تركيبية . فالأصل في الجملة الفعلية في اللغة العربية مثلا : فعل و فاعل ثم مفعول به، و الأصل في الجملة الإسمية مبتدأ ثم خبر ...وهكذا ، حيث تلعب الرتبة دورا أساسا في تحديد الوظائف النحوية في اللغة العربية .
غير أن هناك استثناءات تخرج فيها هذه الرتبة عن الأصل الموقعي إذا كان هناك ما هو أولى من احترام الرتبة . و بتعبيرآخر هناك عوامل تؤثر في البعد الموقعي للفظ ، فتكون سببا في الخروج عن الأصل ، لأن القواعد النحوية العربية تتسم بالمرونة ، ولولا مرونتها لجمدت التراكيب ولكانت اللغة على وتيرة واحدة ولانتفت الإبداعية داخل اللغة ، و لعل هذا كان من أسباب موت الكثير من اللغات ، و صمود العربية و إعجازها الذي استمدته من إعجاز القرآن الكريم .
لكنّ تجاوز القواعد الأصلية للألفاظ ـــ فيما يتعلق برتبة كل واحد منها ــ ينضبط بقواعد وضعها النحاة في منع أو إجازة تقديم وظيفة نحوية على أخرى :
- كمنعهم مثلا تقديم خبر إن و أخواتها على اسمها .
- ومنعهم تقديم الحال على عاملها إلا إذا كان فعلا متصرفا : إذ تعتبر جملة {قائما هذا زيد } غير مقبولة نحويا ، لأن عاملها ليس فعلا و ليس متصرفا .
- ومنعهم التصرف في الجملة التعجبية بتقديم أو تأخير لأن فعل التعجب غير متصرف ولا يصاغ منه مضارع و لا أمر ....إلى غير ذلك من الأمور التي قعّد لها النحاة في مسألة التقديم و التأخير.
و ظاهرة التقديم و التأخير إحدى الآليات التي وظفها القرآن الكريم لتحقيق انسجامه الصوتي ، كما تُعد مراعاة الفاصلة القرآنية من أهم العوامل التي يفسَّر بها عدول القرآن الكريم عن الأصل :
وسأمثل ببعض الآيات القرآنية التي وظفت فيها آلية التقديم و التأخير مراعاة للفاصلة :
* قال عز وجل : ( واجعلنا للمتقين إماما) الفرقان ٧٤ ، حيث أخر ما حقُّه التقديم وهو لفظ "إماما" الفاعل في المعنى أو المفعول الثاني لفعل "اجعلنا" حفاظا على فاصلة الألف الممدودة التي تطبع سورة الفرقان .
* وقال سبحانه أيضا : ( إن كنتم للرؤيا تعبرون ) يوسف٤٣ ، فنلاحظ تقديم المعمول "الرؤيا " على العامل " تعبرون " مراعاة لفاصلة النون الساكنة التي سارت عليها سورة يوسف كلها تقريبا .
* وقال تعالى : (والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى ) الأعلى ٤ ، "فأحوى" تعني "مخضرا"، و "الغثاء " هو ما يحمله السيل من أوراق الشجر اليابسة .فأُخر ما حقه التقديم وهو اخضرار النبات وقُدم ما حقه التأخير وهو اصفرار النبات و يُبسه .
هذه بعض الأمثلة عن ظاهرة التقديم و التأخير في القرآن الكريم كإحدى الآليات التي استخدمها القرآن الكريم ليخلق تلاؤما و تناسقا صوتيا يناسب الحدث والسياق و المقام، و يبلِّغ مضمون الرسالة و يحدث التأثير المقصود في المُتلَقِّي

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 08:40 PM
مع ان ذلك لا يلغي من التاخير او التقديم جمالية المعنى فيه وبلاغته
شكرا لما تتحفينا به من فوائد
فبوركت ايتها الكريمة
تحياتي
وحفظك المولى

ربيحة الرفاعي
26-07-2012, 02:02 AM
للتقديم والتاخير في مراتب الكلم أثر جمالي في بناء الجمل إضافة لدوره في التناسق الصوتي وإيقاع الجملة، وجاء في القرآن الكريم إعجازيا بما ينسجم وحقه في الترتيل عند القراءة

شكرا للموضوع القيم أيتها الكريمة
وأهلا بك في واحتك

تحاياي

أ د خديجة إيكر
26-07-2012, 02:08 AM
الشكر الجزيل لحضورك الطيب و إطلالتك الراقية .

دمت ، أستاذ عبد الرحيم صابر

أ د خديجة إيكر
26-07-2012, 02:11 AM
لمرورك دوماً بهاء وجمال

لك مني أجمل تحية

دومي و اسلمي ،أختي ربيحة الرفاعي .