تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التربية على القناعة



عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 11:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربي ومولاي وكفى
والصلاة والسلام على الخليل المصطفى

اخترت اليوم وانتقيت لكم معاشر الآباء والأمهات موضوعا أراه مهما وخلقا أظنه ركيزة في بناء رجل الغد وفتاة المستقبل
وتربية غفل عنها الكثير خاصة في الأوساط المترفة ولو نوعا ما
ألا وهو خلق القناعة
وأرجو أن أكون قد وفقت في الإختيار

التربية على القناعة

لقد ازدادت مطالبنا وتحولت الكماليات في حياتنا إلى ضروريات
وانعكس ذلك على أبنائنا فتلك لديها سبعا من الدمى وتلح في طلب دمية كلما رأت واحدة
وذاك لديه عشرات السيارات ويبكي حزنا لأنه لم يحصل على السيارة التي أعجبته في محل الألعاب أو على النسخة الجديدة من الألعاب الالكترونية
إنها ظاهرة سيئة ومؤشر خطير لمن أراد لأبنائه حياة سعيدة
فيجب أن ننتبه إلى ذلك
لأن شعور الإنسان بالحرمان والافتقار على الرغم من امتلاكه لأشياء كثيرة يفسد على الإنسان عيشه وينغص عليه حياته
على العكس من الإنسان الذي يفرح بما لديه من النعم ويقدرها ويشعر بالاكتفاء حتى وإن كانت قليلة
وهو ما نسميه القناعة
وقديما قالوا القناعة كنز لا يفنى
فما هي القناعة؟
وهل هي مرادفة للزهد؟
القناعة تفسر بالرضا أحيانا ، وتتضمن التسليم ، وهو شعور سار يجعل الشخص يحس بأنه يمتلك الكفاية ومن ثم يزول الشعور بالافتقار والحاجة فيصبح قانعا
أما الزهد فيدل على قلة الرغبة في متاع الدنيا، والزهيد القليل .
ونكتفي هنا بالقناعة التي هي أقل درجة من الزهد

فالقناعة سلوك متعلم يكتسبه الإنسان من البيئة المحيطة به
ومن أبرز المؤثرات في تعليم الطفل القناعة ما يلي :
1) القدوة فإذا كان الأبوان لا يتصفان بالقناعة
ويستكثران من شراء مالا حاجة إليه
فكيف سيكون حال الأبناء
كثيرا مانرى عائلات تخرج للتسوق ، فتغريهم المطاعم وقد لا يكونوا جائعين
فيجلسون للطعام ويطلبون ألوانا منه ثم يقومون عنه بعد تذوق اليسير
فما أحوجنا إلى تطبيق مبدأ سيدنا عمر “أوَ كلما اشتهيت اشتريت”.
2) الاهتمام بتنمية الجانب الإيماني ليدرك الطفل أن هناك أمورا هي أهم بكثير من جميع الموجودات في الدنيا
وهي نعمة الإسلام فإذا كان الإنسان قد خلق للعبادة فمن حاز أجل النعم هو المسلم
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يملك الكثير ولكنه كان أسعد الناس
لقد كان يدرك أن الحياة لا تقاس بما يمتلكه الإنسان فيها ، بل بالامتنان للموجد سبحانه بما أنعم به من آلاء ، أولها نعمة الإسلام ، وبأن ما عنده خير وأبقى .
3) القراءة مع الأبناء في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبار الصالحين للتعرف على نماذج للزهد والقناعة .
4) التقليل من تأثير المغريات التي تسهم فيها القنوات الفضائية بما تتضمنه من برامج وإعلانات تشجع على الشراء والاقتناء ، فتحديد ما يشاهده الأبناء من قنوات وبرامج مهم إذا أردنا لبذور القناعة أن تنمو.
5) تعليم القناعة من خلال دروس الحرمان – لا يقصد به الحرمان من الضروريات – التي تنمي الإيمان وتقويه ، على العكس من الحياة المرفهة التي لا يبذل فيها الإنسان جهدا لتحصيل مبتغاه .
6) الاهتمام بنوع الصحبة التي يجتمع بها الأبناء فأهل الترف واللهو يقضون على براعم القناعة لدى الأبناء ويجرونهم لكثير من المغريات التي تزيد عن حاجتهم .
7) تعليم الأبناء أن ينظروا إلى الناس وفقا لخصالهم وأعمالهم لا لممتلكاتهم ونفقاتهم ، وأن الحياة البسيطة يمكن أن تكون ممتعة إذا توفر لصاحبها الرضا والمحبة ، والحياة المرفهة يمكن أن تكون تعيسة إذا فقدت العلاقات الطيبة ، وأن ينظروا إلى من هو دونهم وليس إلى من هو فوقهم .
8) التدريب على الامتنان فهو سبيل إلى القناعة ، فعند القيام بنزهة قد يصرح بعض الأبناء بأنه لم يستمتع لأنه كان يريد أن يبقى مدة أطول أو لأن صديقه فلان لم يحضر أو لعدم توفر كذا وكذا مما يحب ، لا بد أن يتعلم الامتنان ويمكن أن يتم ذلك بتهيئة الأبناء مسبقا ” سيأخذنا بابا إلى الحديقة سيبذل جهده لكي نكون سعداء أحيانا نفضل البقاء أكثر ويجعلنا هذا ننسي الوقت الممتع الذي قضيناه وننظر إلى الشيء الذي لم يحصل فنرجع إلى البيت بالنكد بدلا من الفرح ، أريد اليوم أن أرى من هو الفائز الذي يرجع بالسعادة والشكر لوالده على النزهة الجميلة ولا يلتفت لما فاته .
9) الانتباه عند تشجيع الأبناء على الفوز والمنافسة حتى لا يأتي ذلك على حساب “أحب لأخيك ما تحب لنفسك” ، إن من دروس القناعة أن تقبل مشاركة الآخرين في الخير وتقنع بنصيبك غير متطلع إلى ما فاتك مما فاز به الآخرون .
10) أن يفهم أبناؤنا معنى كيف تكون الدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا ، فلا يخرج بنا الفرح بما أوتينا إلى الفخر ، ولا نتطلع إلى ما ليس في أيدينا ، ولا نأسى على مافاتنا .
11) التدريب على التعامل مع المال وهو من الأمور المهمة في هذا الإطار ، حيث يعطى الابن مصروفا يدخره وينفق منه ليشعر بمسؤوليته وتحكمه في شراء ما يحتاجه .
12) أن يعلم أبناؤنا أن الظروف اليومية ليست دائما مواتية فقد لا يتوفر فيها كثير مما نحب ، فلا بد من القناعة لمواجهة الظروف المعيشية المختلفة .
أحيانا يلجأ بعض الآباء إلى تلبية جميع رغبات الأبناء بحجة إشباعهم حتى لا يتطلعون إلى مالدى الآخرين والحق أن القناعة لا تنبع من امتلاك ما يعجب أو حدوث ما يسعد ، فكم رأينا من أناس يقولون لو حصلت على كذا أو فعلت كذا أو أصبحت كذا لكنت أسعد الناس ولكنه ما أن يحصل على ما يريد حتى يبدأ من جديد ، وهذا من طبائع النفس البشرية مالم تخضع للتهذيب يقول الشاعر :
والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا ترد إلى قليل تقنع
إذن فمن أراد أن يترك أبناؤه أغنياء فليعلمهم القناعة ، فقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله “ليس الغنى عن كثرة العَرَض ولكن الغنى غنى النفس” ، وصدق المثل القائل القناعة كنز لا يفنى .


منقول

بابيه أمال
25-07-2012, 06:06 PM
نعم في زمن المادة هذا، أعان الله الآباء على تربية أبناءهم لترك صورة الحياة بحميع ألوانها واضحة أمام أنظارهم بما يضمن عيشها بكل الوعي المتاح..
ومع كثرة مطبات الحياة، أظن صار لزاما على كل زوجين أخذ دروس مكثفة في إدارة الحياة الزوجية قبل أن يفكرا في الإتيان ولو بطفل واحد..

الأخ عبد الرحيم
شكرا للموضوع القيم والرئيسي للحياة.

عبد الرحيم بيوم
25-07-2012, 08:09 PM
وشكرا على المرور الجميل المثري
فتحياتي لك اختي الكريمة بابيه
وحفظك المولى

ربيحة الرفاعي
26-07-2012, 01:25 AM
رائع
نصائح لو وعاها الآباء والمربون لتحقق للأمة جيل يسمو بها ويغير حالها

جزاك الله خيرا فاضلنا

تحاياي

أ د خديجة إيكر
26-07-2012, 02:37 AM
أما المعادلة الصعبة فهي الجمع بين الترفّه ، و الاستقامة و الإحساس بالفقير المحروم .

بورك العطاء والمعطي

ربيع بن المدني السملالي
26-07-2012, 04:39 PM
موضوع مهم ورائع

دمت في رعاية الله أخي عبد الرحيم

تحياتي

عبد الرحيم بيوم
28-07-2012, 10:52 AM
رائع
نصائح لو وعاها الآباء والمربون لتحقق للأمة جيل يسمو بها ويغير حالها

جزاك الله خيرا فاضلنا

تحاياي


وجزيت بالخيرات والبركات استاذتي ربيحة
ونتمنى بل نامل ذلك الجيل
تحياتي لك
وحفظك المولى

احمد خلف
28-07-2012, 02:34 PM
الغنى في النفوس والفقر فيها *** إن تجزت فقل ما يجزيها
علل النفس بالقنوع والا *** طلبت منك فوق ما يكفيها
ليس فيها مضى ولا في الذي لم *** يأت من لذة لمستحليها
إنما أنت طول عمرك ما عمر ** ت بالساعة التي أنت فيها

د. مختار محرم
28-07-2012, 03:56 PM
أستاذي القدير عبد الرحيم ..
مقالة أثَّرت وستغير في من يمر من هنا إن شاء الله ..
وأشهد أن كلماتك قد حملت رسالة ..
أسأل الله أن يرزقنا الذرية الصالحة وأن يعننا على تنشئتها
وبارك الله فيك أيها المربي الفاضل

بهجت عبدالغني
28-07-2012, 10:44 PM
والنبي صلى الله عليكم وسلم قال :
( وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا ) صحيح البخاري

لقد تحول الانسان الى ماكنة استهلاك عملاقة
يهضم كل شيء يرمى إليه ، يحتاجه او لا يحتاجه ، ينفعه أو يضره .. لا فرق ..
والاعلانات البرّاقة كل يوم تعمي الابصار والبصائر ، تثير النهم والمزيد في النفوس
والعجيب أن الاستهلاك يزداد في شهر رمضان الذي من المفترض أن يكون شهر التخفف من الماديات والتزود بالايمان والروحانيات ..

ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ..


الاخ الحبيب عبدالرحيم
بارك الله فيك وجزاك خيراً
على هذا الاختيار الموفق ..


تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
29-07-2012, 10:54 AM
أما المعادلة الصعبة فهي الجمع بين الترفّه ، و الاستقامة و الإحساس بالفقير المحروم .

بورك العطاء والمعطي

لن تكون صعبة اختي خديجة اذا ضبط "الترفه" لكي لا ينفلت الى الزهو بالدنيا والركون لها
تحياتي لتعليقك الجميل
وحفظك المولى

عبد الرحيم بيوم
30-07-2012, 06:19 PM
موضوع مهم ورائع

دمت في رعاية الله أخي عبد الرحيم

تحياتي

ودمت في حفظه ورعايته
تحياتي لك اخي الحبيب

عبد الرحيم بيوم
07-08-2012, 01:29 PM
الغنى في النفوس والفقر فيها *** إن تجزت فقل ما يجزيها
علل النفس بالقنوع والا *** طلبت منك فوق ما يكفيها
ليس فيها مضى ولا في الذي لم *** يأت من لذة لمستحليها
إنما أنت طول عمرك ما عمر ** ت بالساعة التي أنت فيها


اثراء واضافة جميلة
احييك اخي احمد
وحفظك المولى

عبد الرحيم بيوم
09-08-2012, 12:22 PM
أستاذي القدير عبد الرحيم ..
مقالة أثَّرت وستغير في من يمر من هنا إن شاء الله ..
وأشهد أن كلماتك قد حملت رسالة ..
أسأل الله أن يرزقنا الذرية الصالحة وأن يعننا على تنشئتها
وبارك الله فيك أيها المربي الفاضل

وفيك بارك ربي ايها الكريم
تحياتي لك
وحفظك المولى

عبد الرحيم بيوم
11-08-2012, 05:28 PM
والنبي صلى الله عليكم وسلم قال :
( وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا ) صحيح البخاري

لقد تحول الانسان الى ماكنة استهلاك عملاقة
يهضم كل شيء يرمى إليه ، يحتاجه او لا يحتاجه ، ينفعه أو يضره .. لا فرق ..
والاعلانات البرّاقة كل يوم تعمي الابصار والبصائر ، تثير النهم والمزيد في النفوس
والعجيب أن الاستهلاك يزداد في شهر رمضان الذي من المفترض أن يكون شهر التخفف من الماديات والتزود بالايمان والروحانيات ..

ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ..

الاخ الحبيب عبدالرحيم
بارك الله فيك وجزاك خيراً
على هذا الاختيار الموفق ..


تحياتي ..


صدقت وربي
لكن نأمل ان يتغير الحال
بتكوين جيل على الهدي الاقوم
تحياتي لك على التعليق الجميل
وحفظك المولى

نداء غريب صبري
01-03-2014, 04:10 PM
إن لم نرب أولادنا على القناعة قتلناهم بالطمع
فالانسان لا يكتفي ومهما نال يطلب المزيد

موضوع هام ومفيد للمربين

شكرا لك أخي

بوركت

عبد الرحيم بيوم
02-03-2014, 08:32 PM
وبورك مرورك اختي نداء
حفظك المولى

براءة الجودي
04-03-2014, 07:42 AM
موضوع رائع
جعله الله في موازين حسناتك

عبد الرحيم بيوم
12-03-2014, 08:48 PM
اللهم امين
وسعدت بمرورك اختي براءة

ناديه محمد الجابي
29-10-2022, 05:39 PM
القناعة خصلة مرغوبة جدًا ومحبوبة، إذ تنمّ عن حسن الخلق وعزّة النّفس،
وهي نقيض الطمع بما لدى الغير أو الحسد للآخرين على ما يملكون.
كما أنّ القناعة ليست من الصّفات السّهلة التحقيق، وإنّما تحتاج للكثير من النموّ والوعي الداخليّ.
فالإنسان القنوع ينظر إلى النصف الممتلئ من كأسه ويمتنّ لوجوده مهما كثرت النّواقص،
وبالتالي فإنّ قناعته تمنحه السّعادة والإستقرار والسّلام الداخليّ. ولأنّ كلًّا من السّعادة والإستقرار الداخليّ
هي أوّل وأهم ما يسعى الإنسان إليه في حياته؛ فالقناعة وحدها من يضع هذا الكنز بين يديّ صاحبها.
وطبعًا، القناعة التي نتحدث عنها لا تعني أبدًا الإكتفاء بما تملك والبقاء في المكان، بل الإمتنان لما تملك
والسّعي إلى تحسينه وتطويره بعقل منفتح ونفس مرتاحة دون تحمّل الأثقال السلبيّة بعبء التّنافس وترقّب إنجازات الآخرين وآرائهم.
كما أنّ القناعة ليست نقيض الإجتهاد أبدًا بل عرّابة له، وتساعد على تقليل الضّغط المصاحب للسير في طريق النّجاح
الذي غالبًا ما يكون شائكًا ومتعبًا؛ فقناعتك بأنّك لن تنال إلّا ما فيه الخير لك سيخفّف من ألم عدم الوصول
كما سيخفّف عليك تعب منتصف الطريق وسيعطيك الدافع للاستمرار.
بارك الله فيك ـ موضوع مفيد وهام .
:005::hat::005:

أسيل أحمد
01-12-2022, 08:48 AM
قال علي بن أبي طالب:
أفادتني القناعة كل عز ** وهل عز أعز من القناعة
فصيرها لنفسك رأس مال ** وصير بعدها التقوى بضاعة
تحز ربحا وتغنى عن بخل ** وتنعم في الجنان بصبر ساعة

وقال أيضا:
إذا المرء لم يرض ما أمكنه ** ولم يأت من أمره أحسنه
وأعجب بالعجب فاقتاده ** وتاه به التيه فاستحسنه
فدعه فقد ساء تدبيره ** سيضحك يوما ويبكي سنه

وقال أيضا:
فاقنع ففي بعض القناعة راحة ** واليأس مما فات فهو المطلب

شكرا لك على موضوع رائع ، قدرنا الله على تربية أبنائنا على مبدأ القناعة والرضا فتزهو لهم الأيام.
تحياتي وتقديري.