مشاهدة النسخة كاملة : ** رمضانيات / وجبات لا تُفطر **
نادية بوغرارة
06-08-2012, 01:05 PM
السلام عليكم
هذه الصفحات لنقل دروس رمضانية أحببت أن يشاركني في فوائدها الأحبة في واحة الخير .
أرجو أن تنال استحسانكم .
http://islam-call.com/Image/b43f2c64c2caf3fa2e397b9a41c15fc3.gif
نادية بوغرارة
06-08-2012, 01:08 PM
رمضان وانطلاق مشروع النهضة
د. عبد الرحمن البر
أخرج البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»،
وأخرج مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال:
«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».
ها نحن ندخل شهر رمضان الذي اتصلت فيه الأرض بالسماء، وجعله الله مبدأً لخير الدنيا كلها حين اختاره لإنزال القرآن الكريم فيه على أطهر قلب عاش في هذه الحياة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي كان الصالحون إذا أقبل عليهم نادى بعضهم بعضًا:
رمضان أقبل قُمْ بنا يا صاحِ *** فهذا أوانُ تَبَتُّلٍ وصلاحِ
واغنمْ ثوابَ صيامِه وقيامِه *** تسعدْ بخير دائمٍ وفـلاحِ
رمضان شهر القرآن:
جعل الله شهر رمضان شهر التغيير من الأسوأ إلى الأفضل، ومن الحسن إلى الأحسن، وجعل فيه أعظم الأعطيات الإلهية، وأوَّلها: نزول القرآن
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، القرآن الذي غيَّر وجهَ الدنيا، وبيَّض وجهَ الحياة، وجعل الله فيه صلاحَ الناس في معاشهم ومعادهم، فأصلح به النفوس الفاسدة، وهدى به القلوب الضالة، ووحَّد به هذه الأمة المتفرقة، ورقّق به القلوب القاسية، فصارت خير أمة أخرجت للناس، وحوَّل به العربَ من رعاة بقر إلى رعاة للبشر، ومن عباد حجر وصنم إلى دعاة لسائر الأمم.
وما أحوجنا إلى العودة لهذا الكتاب العزيز، واستمداد أسباب العز والفلاح ومناهج الخير والصلاح لأنفسنا ولأمتنا، واستلهام أسباب النجاح لنهضتنا من آياته البينات
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
رمضان شهر الانتصارات:
في هذا الشهر الكريم حدثت غزوة بدر، التي كانت فرقانًا بين الحق والباطل، فبعد أن ظن الكفار أنهم قاب قوسين أو أدنى من الإنهاء والإجهاز على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى دعوة الإسلام، كانت النتيجة الفاصلة، حيث هزم الله أبا جهل وجيشه ونصر محمدًا صلى الله عليه وسلم وحزبه. وأحدث ذلك تغييرًا عظيمًا في الجزيرة العربية، أدرك معه الناس أنهم أمام قوة عظيمة مؤيَّدة من الله، ليست قوة عادية وليسوا بشرًا عاديين، ولكنهم بشر مؤيدون من السماء.
ثم كان هذا الشهر الكريم شهر الفتح المبين الأعظم، فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، الذي كان محطة تحول عجيب في حياة العرب، كما جاء عند البخاري:
"كَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ الْفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهْوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ"،
ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وقال الله تعالى:
{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1-3].
وفي شهر رمضان الكريم أيضًا نصر الله المسلمين في عين جالوت في 25 رمضان بعد سقوط جيوش بغداد بسنتين، حين قام الدعاة يذكِّرون الناس بالله ويحضُّونهم على أن يلتزموا بأخلاق الصيام، وخرجوا إلى عين جالوت لملاقاة التتار، فنصر الله المسلمين، وكانت هزيمة مدوية، من نتائجها العجيبة فيما بعد: أن التتار بدءوا يدخلون في الإسلام، ولأوَّل مرة، يدخل الجيش المنتصر في دين الشعب المغلوب، وعادت دولة الإسلام مرة أخرى لتتبوأ مكان الصدارة.
وفي العاشر من رمضان سنة 1393هـ الموافق 6 أكتوبر1973م، رأينا كيف نصر الله المسلمين لما علت صيحات "الله أكبر" في رمضان. وهذه كله مؤشرات على أننا إذا أقبلنا على الله في شهر رمضان، جاءنا الحق جل وعلا بالخير العميم، والنصر المبين، وبدَّل حالنا إلى أحسن حال.
نحن إذن في حاجة إلى أن نقف مع أنفسنا في هذا الشهر الكريم، إذا كنا نريد العزة والنصر والمجد وسعة الرزق، ونريد من الحق جل وعلا أن يكون معنا،
فإن رمضان فرصتنا المواتية لنغيِّر حالنا، ليغير الله ما بنا، فالله تعالى يقول:
{إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
وهذا أول رمضان في عصرنا الحديث يأتي على الأمة وهي تملك قرارها وتمسك بنفسها زمام أمرها، وفي ظل عهد جديد فيه حاكم جاء بإرادة شعبية حرة، ويملك برنامجًا عمليًّا متميزًا للنهضة، فضلاً عن إرادة صادقة في التغيير للأفضل، وهو ما يوجب علينا نحن الشعب الحر أن نتجاوب معه لإحداث التغيير المنشود، ومواجهة كل أسباب الإحباط التي يروجها المرجفون، وتخطي كل العوائق التي يضعها المبطلون.
لئن كان شهر رمضان الكريم شهر الانتصارات على مدار التاريخ في ميدان المعركة مع العدو الخارجي؛ فإنه أيضًا شهر الانتصار للإرادة القوية والعزيمة الماضية على أهواء النفس وعلى أصحاب إرادة الفساد، وتلك هي معركتنا الآن، ولدينا بفضل الله كل أسباب الانتصار فيها، ولعله من توفيق الله أن تكون بداية هذه المعركة في النفس والمجتمع متزامنة مع الشهر الكريم، حيث تنشرح الصدور للخير، وتتهيأ النفوس للإقبال على الله، وتمتلئ المساجد بالذاكرين ولا تغادر المصاحف أكفّ المؤمنين، ولا تنقطع عن الدعاء والرجاء ألسنة الموحدين، وبهذا يتم البناء الروحي الذي هو أساس بناء النهضات.
شرع الله الصيام لتحقيق التغيير:
فلنذكر أن الله شرع الصيام لنحقق به التقوى، فأنت لا تصوم لمجرد الجوع والعطش، إنما أراد الله أن يُرقِّق قلبَك، وأن تَرِقَّ نفسُك، وأراد أن تتصل به:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
وإذا حلت التقوى في القلوب تبدلت أحوال الناس، وتوجَّه كل إنسان إلى الحق وإلى فعل الخير وأداء الواجب من غير رقيب ولا حسيب ولا شرطيّ، وإذا خلا بنفسه علم أن الله مُطّلع عليه.
إذا خلوت الدهر يومًا فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليَّ رقيـب
ولا تحسبن الله يغفـل ساعـة *** ولا أن ما تخفيه عنـه يغيـب
إذا امتلأت القلوب بهذه التقوى فلن يطلب الموظف رشوة كي يحقق لك مصلحتك؛ لأنه يخاف من الله، ومن كان عنده مصلحة لأحد من الخلق فسيبادر بتنفيذها لأهلها؛ لأن المتقي لله يحاسب نفسه، وهذا ما يريد الله أن يعلمنا إياه في هذا الشهر الكريم.
هذا الشهر فرصة لترتقي بنفسك وتغيِّر من أحوالك، وفرصة أيها الأحبة لنجدد هذا العهد مع الله، فرصة لمن عنده خلق رديءٌ أن يصلحه، وكلنا عيوب وكل بني آدم خطّاء.
هذا الشهر فرصة لمن اعتاد أن يأكل حرامًا أو طعامًا فيه شبهة ليرجع إلى الله ويحفظ بطنه من الحرام، ويذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما صححه الحاكم:
«إن الله أَبَى عليَّ أن يُدخل الجنة لحمًا نبت من سحت فالنار أولى به».
فالصيام الذي يحقق غايته وثمرته، هو الذي يغيِّر حياتك، ويغير عاداتك، ويغير أخلاقك، لا مجرد الجوع والعطش، فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري:
«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
إننا في عهدنا الجديد في حاجة إلى تنمية أخلاق النهضة، لننطلق نحو المستقبل الزاهر اللائق بأمة القرآن في ظل حكم رشيد يقدم مصلحة الأمة على كل المصالح الشخصية والحزبية، فهل ننطلق مع انطلاق شهر رمضان الكريم في التعاون في عملية البناء والنهوض؟
نادية بوغرارة
06-08-2012, 01:15 PM
رمضان وبناء الأمة
د. راغب السرجاني
تعيش الأمة الإسلامية لحظات عظيمة من السعادة؛ لأنها تقترب من حدث جليل، ألا وهو قدوم شهر رمضان المبارك.
هذا الحدث يفيض عليها كل عام باليمن والبركات والخير والرحمة، حدث ينتظره الكبير والصغير، ينتظره الرجل والمرأة،
وينتظره الغني والفقير، ألقى الله عز وجل محبته في قلوب المؤمنين جميعًا حتى في قلوب الأطفال الذين لا يعرفون صيامًا ولا قيامًا.
لننظر إلى وصف النبي لهذا الشهر المبارك الذي قال فيه:
"قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ..."[1]؛
لندرك أن فرص عمل الخير ودخول الجنة والنجاة من النار والانتصار على الشياطين، فرصٌ كبيرة جدًّا في رمضان. ثم منَّ الله على هؤلاء الصائمين بهدية لا مثيل لها،
ألا وهي ليلة القدر، فقال رسول الله :
"فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"[2].
فكان رمضان شهرًا تُبنى فيه النفوس، وركنًا من أركان الإسلام الخمسة التي اختارها الله سبحانه من كل أبواب الإسلام الضخمة ومناحيه الواسعة وجعلها أعمدة للإسلام، من هذه الأعمدة رمضان.
إذن فشهر رمضان ليس مجرَّد شهر يمر على المسلمين ليسعدوا به لحظات ويحزنوا لفراقه لحظات ثم ننتظره العام القادم؛ فشهر رمضان عمود من الأعمدة التي تحمل الإسلام. فتخيَّل معي أن هذا العمود غير موجود، أو تخيل أن هذا العمود مغشوش أو هش. تخيل أن به خللاً في التصميم أو خللاً في التطبيق، ماذا ستكون النتيجة؟ سينهار البناء بالكُلِّيَّة، عمود واحد فقط ينهار من أجله البناء، نعم ينهار البناء الضخم بالكلية.
إذن الأمر في غاية الأهمية إن كنا نريد بناءً قويًّا صُلبًا لهذه الأمة، فلا بُدَّ أن يكون أساسه متينًا، ومن ثَمَّ لا بُدَّ أن يكون صيام رمضان على أعلى درجات الإتقان؛ حتى يحمل فوقه صرح الإسلام العظيم الرائع.
بهذه العزيمة وبهذا الفكر ومن هذا المنطلق نريد أن ندخل إلى رمضان، نريد أن ينتهي رمضان وقد أصبحنا مؤهَّلين لحمل الصرح العظيم والأمانة الكبيرة.
فالقضية ليست قضية صيام فقط، ولكنها قضية بناء أمة، أو قل: بناء خير أمة؛ كيف يبني رمضان أمة الإسلام؟
ولكي نفهم الأمر من بدايته فلنراجع جزئية تاريخية لطيفة، وهي متى فرض رمضان على المسلمين، وإذا عرفنا هذه النقطة فسنعرف دور رمضان في بناء أمة المسلمين.
فُرض رمضان على المسلمين في شهر شعبان سنة 2 هجرية، بالضبط في 2 من شعبان سنة 2 هجرية.
لما راجعتُ الأحداث التي وقعت في هذا الشهر بالذات شهر شعبان سنة 2 هجرية، اكتشفتُ شيئًا عجيبًا جدًّا،
اكتشفت أنه قد حدث في هذا الشهر أمور كثيرة من أعظم الأمور التي مرت في تاريخ المسلمين،
أذكر أربعة أمور في غاية الأهمية حدثت كلها في شهر شعبان سنة 2 هجرية؛
أوَّلها: فرض الصيام في رمضان.
وثانيها: فرض الزكاة، وكانت مفروضة في مكة ولكن دون تحديد للنصاب والأحكام المختصة بها، فحُدِّد ذلك في شعبان سنة 2 هجرية.
وثالثها: فرض القتال على المسلمين بعد أن كان مأذونًا به فقط، فقال الله عز وجل:
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا} [البقرة: 190].
رابعها: تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في النصف من شعبان سنة 2 هجرية،
وكل هذه الأحداث في غاية الأهمية، حدثت كلها في شهر واحد، في شهر شعبان سنة 2 هجرية،
لماذا؟ لأنه في الشهر القادم، شهر رمضان 2 هجرية سيحدث أمر مُهِمٌّ جِدًّا يحتاج إلى كثير إعداد،
وإلى عظيم تربية، ستحدث غزوة بدر الكبرى في 17 من رمضان سنة 2 هجرية.
إذن هذه الأمور الأربعة هي لإعداد الجيش المجاهد الذي يخوض المعركة الفاصلة. هذه الأمور الأربعة شرعت لبناء الأمة المجاهدة،
الأمة التي يُرجى لها أن تنتصر على غيرها من الأمم، الأمة التي تقود غيرها لا تُقاد بغيرها، الأمة التي تسود غيرها، ولا يسودها غيرها، من هذه الأمور الإعدادية البنائية الأربعة.
فأي شيء يفعله صيام رمضان في إعداد الجيش المجاهد أو في إعداد الأمة المجاهدة؟ يمكننا حصر ما يفعله في ثلاثة أشياء هي: تنقية، وتميز، وتربية.
فتنقية الصف المسلم من كل شائبة تصيبه من أهم عوامل بناء الأمة، فلا بد من انتقاء المسلمين الصالحين للثبات والجهاد،
لا بُدَّ من انتقاء المسلمين الصالحين لدخول بدر الكبرى، والصالحين أيضًا لدخول ما شابه بدر الكبرى.
أما التميُّز فشيء عظيم أن يشعر المسلمون به، وجميل أن يشعر المسلمون بالهويَّة الإسلامية،
فالمسلمون في السنة الأولى من الهجرة، وفي المدينة المنورة كانوا يصومون يوم عاشوراء مع اليهود،
وكان فرضًا على المسلمين كما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"قدم النبي فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: (مَا هَذَا?) قالوا: هذا يومٌ نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. فقال رسول الله :
(فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ). فصامه وأمر بصيامه"[3].
فلما فُرض شهر رمضان قال: "مَنْ شَاءَ صَامَهُ -أي يوم عاشوراء- وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ"[4].
ولكن بعد فرض صيام رمضان تميزت الأمة الإسلامية عن غيرها؛ لأنها صامت شهرًا خاصًّا بها، فمن المؤكد أنها ستشعر بالعزة لهذا التميز.
وفي نفس الشهر أيضًا، شهر شعبان سنة 2 هجرية، ستتحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وهذا تميُّز جديد، قبلة واحدة لكل المسلمين، وليست لأحدٍ إلا للمسلمين.
إن هذا الشعور بالتميز والهوية الإسلامية أداة حتمية من أدوات النصر والتمكين، فالأمة التي تشعر بأنها تبع لغيرها أمةٌ لا تسود ولا تقوم.
وأخيرًا تأتي التربية، فالصف المسلم يحتاج لنوع خاصٍّ جدًّا من التربية، ورمضان يقوم بهذه المهمة؛
فلن يستطيع أحد أن يُجاهد أو يُضحي أو يثبت إلا إذا أخذ قسطًا من التربية. رمضان يربي فينا سبعة أخلاق؛
يربي فينا الاستجابة الكاملة لأوامر الله عز وجل بصرف النظر عن حكمة الأمر، كما يربي فينا التحكم في الشهوات التي تصرف
في مكانها الصحيح الذي أراده الله عز وجل، التحكم في الأعصاب والقدرة على كظم الغيظ. ويربينا أيضًا على الإنفاق في سبيل الله،
كما يربينا على شعور عظيم هو شعور الوحدة والأخوة والألفة بين كل المسلمين في كل بقاع الأرض، الشعور بآلام الغير ومشاكل الآخرين.
وأخيرًا إن رمضان يربي فينا أمرًا مهمًّا جدًّا، هذا الأمر هو لب الصيام، وهو الغاية الرئيسية منه، رمضان يربي فينا "التقوى".
هكذا يجب أن نعيش ونحيا مع رمضان؛ لنبي أنفسنا وأمتنا من جديد.
=======
[1] رواه أحمد (7148، 9493)، وصححه شعيب الأرناءوط.
[2] الحديث السابق نفسه.
[3] البخاري: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (1900).
[4] البخاري: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (1898)، ومسلم: كتاب الصيام، باب صوم يوم عاشوراء (1125).
نادية بوغرارة
06-08-2012, 01:19 PM
رمضان شهر الثورة
نزار رمضان
رمضان شهر الثورة على العادات القبيحة،
قال : "عليكم بهذا السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك"[1].
شهر الثورة على كسل النفس؛
ففي الصحيحين من حديث عائشة: "كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره".
شهر الثورة على هيجان الشهوة
"فمن لم يستطع منكم الباءة فعليه بالصوم؛ فإن الصوم له وجاء".
شهر الثورة على ماديات النفس،
قال رسول الله : "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
شهر الثورة على النمطية بالحياة
"إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي".
شهر الثورة على هدر الوقت
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
شهر الثورة على حب الذات
"من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء"[2].
شهر الثورة على الأنانية؛
ففي الصحيحين من حديث عائشة: "كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله".
شهر الثورة على الانعزالية،
قال : "طهرة الصائمين طعمة المساكين". شهر الثورة على اللامبالاة "اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم"[3].
شهر الثورة على إهمال الروح
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].
شهر الثورة على قطع الأرحام،
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي يقول:
"فإذا كانت ليلة القدر يأمر الله تعالى جبريل فيهبط في كبكبة من الملائكة إلى الأرض ومعه لواء أخضر،
فيركزه على ظهر الكعبة وله ستمائة جناح منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر،
فينشرهما تلك الليلة فيجاوزان المشرق والمغرب، فيبعث جبريل الملائكة في هذه الأمة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر ويصافحونهم،
ويؤمِّنون على دعائهم حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر نادى جبريل عليه السلام: يا معشر الملائكة، الرحيل الرحيل.
فيقولون: يا جبريل، ما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول:
إن الله تعالى نظر إليهم وعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة. فقالوا: ومن هؤلاء الأربعة؟
قال: مدمن خمر، وعاق لوالديه، وقاطع الرحم، ومشاحن"[4].
شهر الثورة على الفقر "اغنوهم في هذا اليوم عن الطواف". شهر الثورة على الاستهلاك؛
سئل الرسول أي الصدقة أعظم أجرًا؟ فقال: "أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان".
شهر الثورة على جفاف العلاقات الزوجية
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187].
شهر الثورة على فرقة الشعوب
"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته". شهر الثورة على حب الظهور، شهر الثورة على الرياء؛
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي".
شهر الثورة على المعسرين
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
شهر الثورة على الشقاق
"لأن أمشي مع أخي في حاجة حتى أثبتها له، أحب إليَّ من أن أعتكف في مسجدي هذا شهرًا". شهر الثورة على الخلاف، خرج النبي ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم".
شهر الثورة على السلبية،
قال الرسول : "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"[5].
شهر الثورة على إلف الطبيعة،
قال النبي : "إذا رأيتم الهلال فصوموا"[6].
شهر الثورة على الغضب
"وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".
شهر الثورة على المفاهيم المغلوطة
"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ".
شهر الثورة على الدنيا
"لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ".
شهر الثورة على الدعة
"تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ".
=======
[1] رواه أحمد والنسائي.
[2] رواه الترمذي.
[3] أخرجه البيهقي والدارقطني.
[4] انظر: ضعيف الترغيب والترهيب رقم (594)، وقال الألباني: موضوع.
[5] رواه البخاري.
[6] صحيح البخاري.
نادية بوغرارة
06-08-2012, 01:27 PM
رمضان غيرني
د. خالد بن صالح الصغير
الكثيرون منا من يربط التغيير عنده بحدثٍ ما!
كرمضان على سبيل المثال وهذا شيء جميل، إلا أن غير الجميل فيه هو أنه قد يتخطى ذلك الشيء ويبقى الحال من المحال، ويرجع الوضع إلى أسوأ مما كان عليه في السابق!
كنت يومًا عند أحد الأصدقاء، فقال لي: كيف أتغير فقد مللت نفسي وحياتي؟
قلت له: إن رمضان على الأبواب؛ فالتغيير فيه فرصة أكثر من غيره، فأنت فيه تكون حالتك اليوم هي مختلفة عن الأمس،
فتغيُّرك فيه وتقبلك للوضع الجديد والتكيف عليه، هو دليل على قدرة الشخص على التغيير، فلماذا يشتكي البعض منا بأنهم لا يستطيعون التغيير إذن، في حين نجدهم في رمضان يتقبلونه بصدرٍ رحب؟!
إذن فنحن نمتلك القدرة على تغيير أنفسنا، والتكيف على الأوضاع الجديدة الجيدة.
ويبقى السؤال الأهم: لماذا لا نسارع بفعل ذلك التغيير؟
ونستعد له بدءًا من رمضان؛ ليكون لنا فيه انطلاقة قوية، وتغيير نحو الأفضل، وإيجابية أمثل.
إن هناك فئة من الناس لا يريدون التغيير، فهذا لا اختلاف عليهم فقد حدَّدوا ما يريدون من البداية، والجدال معهم هو مضيعة للوقت على حد زعمهم!
وكأني بلسان حالهم يقول: لأنني وُلدتُ في الماء لا تخلف أقدامي آثارًا في الوحل!
وأشدهم تشاؤمًا من يقول: بأن الزمن يتقدم والمشكلة تتأزم!
فهؤلاء قد خفي عليهم بأن من ليس لديهم أهداف, هو محكوم عليهم للأبد أن يعملوا لمن لديهم أهداف!
أما حقيقة ما يحيِّرنا هم من يريدون أن يتغيروا عاجلاً غير آجل، ولم يبذلوا له أي أسباب تعينهم على ما أرادوه، أو أنهم يريدون أن يصبحوا أو يمسوا وقد تغيروا فجأةً. وهذا بالطبع لا يمكن أن يكون؛ لأنهم نسوا أو تناسوا أنهم عاشوا سنواتٍ طويلة يصادمون بأنفسهم كل تغييرٍ ممكن لديهم!
وفي كلتا الحالتين لا بد لهم أن يعلموا أن التغيير واقع لا محالة، إما للأفضل كما نريده ونتمناه،
وإما للأسوأ وهو ما نرفضه ونحاربه؛ فالتغيير يحدث فينا ومن حولنا شئنا أم أبينا، فلو لاحظنا الزمان مثلاً وما فيه من أيام،
فهو يتغير ما بين فجرٍ وظهر وعصر ومغرب وعشاء، وما بين نهار وليل، حتى الشهر يتغير فيه القمر من أوَّله عن وسطه وآخره،
والسنة تتغير فيها الفصول ما بين صيفٍ وشتاء، وخريفٍ وربيع، وحتى أشكالنا هي أيضًا تتغير مع مرور الزمن، كذلك العمل، الأهل،
الأصدقاء صفاتهم طباعهم نوعياتهم، فكل ما حولنا يتغير تدريجيًّا، حتى العمر الذي هو حياة الإنسان نفسه يتغير.
إذن التغيير هو موجود في الكون منذ بدء الخليقة وحتى اليوم وسيستمر، ويبقى علينا أن نفهم أنه يأتي بشكل ٍ بطيءٍ وتدريجي،
أما نحن فعكس ذلك تمامًا فنريد التغيير أن يكون مباشرًا سريعًا قويًّا فعّالاً، فهذا لا يمكن أن يكون،
وكأننا بذلك نحاول أن نقف أمام أهدافنا وطموحاتنا بهذه الاشتراطات المستحيلة الصعبة، فعندما يقرِّر الواحد منا أن يتغير فإنه يريد التغيير أن يحدث في لحظاتٍ بسيطة وسريعةٍ!
فنقول له: ما هكذا تورد الإبل يا سعد؟
فقبل أن تبدأ بما عزمت عليه لا بد لك أن تتفهم معنى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
فالتغيير أولاً يبدأ من الداخل بالأقوال، ومنها ينطلق كقاعدةٍ أساسيةٍ له، ومن ثَمَّ ينعكس على الخارج فتدعمها الأفعال،
فالنظرة الداخلية التشاؤمية للحياة والإحباطات تتسرب من الداخل إلى الخارج فتظهر على جميع تعاملاته من خلال العمل،
وعلاقات الشخص بالآخرين، ومواقفه الحياتية اليومية؛ فتجد الواحد منهم -وهو مثال بسيط يتكرر علينا شبه يومي-
عندما تسلم عليه قد لا يرد السلام، أو قد يرد وهو غير مبتسم، أو أنه قد يسبِّب لك مشكلة بسبب أنك ألقيت السلام عليه!
فهذا وأمثاله ممن يعكسون لنا ما بدواخلهم من تراكمات محبطة ومشبعة بالتشاؤم تجاه الآخرين بشكلٍ خاص، وللحياة بشكل عام!
فقدرتك على الرد بأسلوب إيجابيّ يساعدك على كسب إيجابيات كثيرة، ويمنحك الفرصة للدخول لعالم الإيجابية والتفاؤل،
والله قد دعانا للتفاؤل والايجابية بقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186].
وأيضًا مما يدفعك للأمام وطلبك للتغيير هو أنه ليس لديك إلا حياة واحدة فقط، غير قابلة للتعويض،
ولا تحتمل التأجيل ولا التردد، أو حتى تضييع الأوقات؛ فالعمر والزمن يتسابقان فينا، وكأنهما يريدان أن يتخلصا منا وبأسرع وقتٍ ممكن!
قد يقول لي قائل: كيف تقول: إن التغيير يبدأ من الداخل؟ ما الطريقة وكيف؟
فأقول: إن التغيير يكون بأحد أمرين: إمّا أن يكون للأفضل ومن ثَم يغيِّر الله ما حولنا للأفضل،
وإمّا أن يكون للأسوأ فيتحول ما حولنا ويكون كحالنا، وكأنه يبادلنا نفس الشعور!
إن ممارستك لتحطيمك ذاتك الداخلية وكثرة التفكير السلبي وملء العقل بالأفكار السوداء غير المحببة،
ورسم أشياء توهميَّة خيالية لا أساس لها من الصحة، هي -في الحقيقة- من يمنع تقدمك ولو بخطواتٍ بسيطةٍ نحو الأمام،
قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53].
أما لو تغير هذا التفكير لديك وأصبح إيجابيًّا بمعنى أن تتحدث مع نفسك بالكلمات الراقية القوية الإيجابية الفعالة، كما في قوله تعالى:
{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} [الحج: 24].
فهي تعتبر بمنزلة الوقود الداخلي الذي يشعل فيك الحماس والدافعية نحو تحقيق الذات والنجاحات.
ولذلك يقول المثل الإنجليزي: "التكرار أم المهارات"، بمعنى تكرار الكلمات والمواقف يبرمج عقلك الباطن على ما تريده،
فإذا أردت اكتساب عادة جديدة، أو إحلال عادة إيجابية محل أخرى سلبية، فعلينا أن نفكر بها، وأن نطبقها مراتٍ ومرات حتى تصبح عادةً عندنا..
ألا تلاحظ أن قطرات الماء حينما تجتمع معًا تشكل في النهاية بحرًا.
وكان (جيم كون) يقول: "فإذا أصبحت كما تريد اجتذبت إليك من تريد". أما غاندي فكان يقول: "إذا أردت التغيير كن أنت التغيير".
وبعد هذا كله أعتبرك قد خطوت خطوةً ليست بالهينة نحو الأمام، وهذه الخطوة سيتبعها العديد من الخطوات في قادم الأيام، قد تكون ثقيلة في بداية الأمر، إلا أنها سرعان ما تتسابق الخُطَا، وتتسع الدائرة لدينا تجاه الأفضل، يقول علي بن أبي طالب : "لو تعلقت همة أحدكم بالثُّريا لنالها".
دعني أضرب لك مثالاً حيًّا من خلاله يتبين لك أن التغيير يكون تدريجيًّا ومستمرًّا لكي يعطي نتائج فعّالة،
فلو وضعت أمامك قطعة من اللحم الكبيرة وطلبت منك أن تأكلها دفعة واحدة، فهل تستطيع فعل ذلك؟
بالتأكيد لا.
إذن ما الحل لها؟
الحل الأفضل لها هو أن تبدأ بتقطيعها إلى قطع ٍ صغيرةٍ تستطيع من خلالها مضغها ومن ثَم بعلها،
وبالتالي تجد نفسك قد التهمتها كُلَّها وأنت مستمتع بها دون أي ضرر، مجرد مسألة وقتٍ وصبر وينتهي كل شيء.
فالبداية بسيطة وتستطيع تطبيقها دون أدنى أي مجهودٍ يذكر، وهي أن تجعل مفهوم:
"أنا إيجابي، أنا متفائل، أنا ناجح، أنا مبدع، أنا أستطيع"، وغيرها من الألفاظ الإيجابية هي لصيقة لك لا تنفك عنك بترديدها وبتكرارها،
وبالتكرار يثبت الأمر، بمعنى أنك تكررها في أي لحظةٍ من اللحظات وفي سائر الأوقات، حتى تتعود عليها وتصبح شعارًا لك،
فعندها تكون إيجابيًّا، بل ودائم البحث عن الإيجابية، وأكثر تفاؤلاً في الأمور؛ مما يعني أنك ستجد الكثير من الخيارات في كثيرٍ من المواقف الحياتية
التي قد تأتيك أو تفاجئك يوميًّا، وقد تقف عندها ولا تتعداها بسبب أنها لا ينفع معها أي شيء!
نعم إنها السلبية التي قد طغت عليك، وأبعدتك عن التمتع بالأشياء على حقيقتها.
وبالتالي إن كنت متفائلاً ستكون أكثر تحكمًا في استجابتك لوقائع الأحداث، وتستطيع أن تختار ما شئت مما وضعته من خيارات بدون تردد،
أو خوف، أو قلق، أو شك، أو حتى اضطراب في الشخصية. يقول هلمستر: "إن ما تضعه في ذهنك، سواء كان سلبيًّا أو إيجابيًّا ستجنيه في النهاية".
فلا بد لنا هنا من تحذيرٍ مهم مما يسمى بالقاتل الداخلي؛ فهو يجعلك فاقد للأمل، ويشعرك بعدم الكفاءة، ويضع أمامك الحواجز والصعوبات،
مثل: (أنا خجول - أنا ضعيف - أنا لا أستطيع - أنا غبي - أنا لا أفهم)، وغيرها من هذه الألفاظ المدمرة للنفس، فتحدثك السلبي مع نفسك
بشكل مستمر يرسل إشارات سلبية للعقل الباطني، فتصبح جزءًا من حياتك، ثم يؤثر هذا الحديث النفسي السلبي على تصرفاتك الخارجية،
ولتعلم أن ألد أعدائك إليك هي نفسك التي بين جنبيك!
فدعوني أذكر لكم هذه التجربة، التي قد توضح شيئًا مما نقوله:
أجرى بعض العلماء تجربة على ضفدعة، فقاموا بوضعها في إناء به ماء يغلي، فقفزت الضفدعة عدة قفزات سريعة تمكنها من الخروج
من هذا الجحيم التي وضعت فيه. لكن العلماء عندما وضعوا الضفدعة في إناء به ماء درجة حرارته عادية، ثم أخذوا في رفع درجة حرارة الماء
تدريجيًّا وتسخينه إلى أن وصل إلى درجة الغليان، وجدوا أن الضفدعة ظلت في الماء حتى أتى عليها تمامًا، وماتت دون أن تحاول أدنى محاولة للخروج من الماء المغليّ!
العلماء فسروا هذا بأن الجهاز العصبي للضفدعة لا يستجيب إلا للتغيرات الحادة والسريعة، أما التغيرات البطيئة على المدى الطويل فإن الجهاز العصبي للضفدعة لا يستجيب لها!
تمامًا كما هو حال الحياة معنا؛ فالتغيرات المحيطة بنا تغيرات بطيئة تكاد تكون مملة في مجملها ولكنها تغييرات مهمًّة وحاسمة في معظمها،
ثم قارنْ بين حياتك السابقة ولنقلْ قبل ثلاث سنين وحالك الآن؟
ماذا اكتشتفت؟ وماذا اكتشتفتِ؟
هل اكتشفت الفروقات الكبيرة بين الأمس واليوم؟
هل شعرت بأن صغائر الأمور هي في حقيقتها أمور جلل، وأن معظم النار من مستصغر الشرر؟!
هل عرفت أن كل ما هو موجود في هذه الحياة قد بدأ صغيرًا ثم كبر بعد ذلك تدريجيًّا؟
إذن ماذا تنتظر؟
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ *** وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الْكِرَامِ الْمَكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِي عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا *** وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ
وختامًا أستطيع أن أقول لكم:
قد بينت شيئًا بسيطًا من بدايات التغيير التي أعتبرها مهمَّة، وهي المنطلق للكثير من الناجحين؛
فمشوار 1000 ميل يبدأ بخطوةٍ واحدة صغيرة كما يقولون؛ فعن إبراهيم الحربي أنه كان يقول عن الإمام أحمد بن حنبل:
"لقد صحبته عشرين سنة، صيفًا وشتاءً، حرًّا وبردًا، ليلاً ونهارًا، فما لقيته في يومٍ إلا وهو زائد عليه بالأمس".
فلماذا إذن لا نرفع لأنفسنا شعارًا في رمضان هذه السنة، ونجدده في كل سنة؟
بدلاً من أن يقول لنا قائل: عندما انتهيت من بناء سفينتي، جفَّ البحر!
أما أنا فهذا شعاري، رمضان غيَّرني!
نعم، رمضان غيرني ورفعني من أحط الدركات إلى أعلى الدرجات، ومن الدنوّ إلى هامات العلو والسمو.
وتذكر أنه لا يستطيع أحد العودة إلى الماضي والبدء من جديد، بل يستطيع كل واحد منا أن يبدأ الآن ويصنع لنفسه نهاية جديدة سعيدة.
http://islam-call.com/Image/4191a0f6dfda13182a734a52b6dc796c.gif
نادية بوغرارة
06-08-2012, 04:02 PM
أولادنا في رمضان
عزة محمد حسن
بوَّب البخاري في صحيحه عن الربيع بنت مُعوِّذ قالت:
"كنا نصوم ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار".
العهن: أي الصوف.
وقال العلماء: وهو ليس بواجب، ولكن ليتمرن الطفل عليه، وقاسوه على الصلاة، والأمر بها:
"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر".
فما هو دورك أيتها الأم مع أولادك في رمضان؟
1- عند الاستعداد لاستقبال الشهر يجب الاهتمام بإظهار الفرحة وتزيين البيت؛ ليشعر الأولاد بأهمية الزائر الجديد.
2- لتكن لك جلسة مع أولادك في بداية رمضان -ويفضل أن يحضرها الوالد-، وحدثيهم عن فضل الشهر الكريم وأبواب الجنة المفتوحة، وأنه فرصة لكل واحد أن يزيد حسناته ويتقرب إلى الله، وانزلي لمستواهم في التفكير، وحدثيهم بما يفهمونه هم عن حب الله وطاعته.
3- ضعي معهم نظامًا لليوم وقواعد للاستفادة من الوقت كله، مثلاً صممي معهم جدولاً للأعمال اليومية المطلوب أداؤها من مذاكرة
وأداء واجبات، ونظميها حسب المواعيد الجديدة في رمضان.
4- حددي للعبادات التي تريدين تعويدهم عليها أوقاتًا محددة في الجدول مثل الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن والأذكار
والصلاة في المسجد، وكذلك الأخلاق والسلوكيات مثل العفو وعدم التشاجر أو التلفظ بألفاظ سيئة.. وهكذا.
وفي نهاية كل يوم يتحدث كل واحد منا ما فعل من خير في يومه، وهل وقع في محظور أم لا؟
5- قولي لهم بأنك أنت أيضًا تريدين الاستفادة من رمضان؛ لذلك يجب عليهم مساعدتك في أعمال المنزل حتى تأخذي
ثواب رمضان أنتِ أيضًا، وحددي لكل منهم أعمالاً واضحة يستطيع أداءها، وأهمها تنظيم غرفهم وملابسهم وكتبهم وكل ما يخصهم.
6- أما الصوم فعليك بالتدرج مع الصغير عدة ساعات، ثم عدة أيام.
واجعلي مكافأة عن كل يوم يصومه، وعن أول شهر يصومه كاملاً. أما الأطفال الذين لا يصومون، فاجعلي وجبتيهم الأساسيتين: الإفطار والسحور؛ ليسمعوا الدعاء ويشاركوا الكبار فرحتهم، وراعي الفروق بين الأولاد في التحمل.
7- اهتمي بالبنات، وخاصة القريبات من البلوغ، وعلميهن فقه الصيام.
8- اهتمي بابنك المراهق في مرحلة البلوغ، وحاولي أن تعقدي صداقة معه تقوم على الثقة والتقدير بجانب العطف والحنان.
9- وفي رياض القرآن اجعلي للطفل الذي يحسن القراءة وردًا يوميًّا، وليقرأه من المصحف، ويستمع إلى قراءتك، واجعليه يقلدك ما استطاع.
ويمكن أن يقرأ مقرر المدرسة، ولكن عليك أن تحددي مكانه من المصحف، فهذا يشبع الإثارة عنده ويزيد رغبته في تقليد الكبار.
ولماذا لا يحفظ قدرًا ولو يسيرًا من القرآن في رمضان؟
10- عودي طفلك على الجود في رمضان، وأن يدخر من مصروفه لذلك، واروي لهم بعض القصص حول الصدقة مثل: ليته كان كاملاً.
11- اصطحبي -أنت والوالد- طفلك إلى صلاة القيام وصلاة الفجر، واهتمي بمحافظتهم على الصلوات الخمس.
12- أفهمي ابنك وابنتك أن الصيام لا يصلح بدون الخلق الحسن.
13- هل ستتركين ابنك فريسة للتليفزيون؟! حاولي توظيفه جيدًا واهتمي بالشروط الصحية للمشاهدة.
14- وأخيرًا استعيني بالله وتوجهي إليه بالدعاء أن يتقبل الصيام والقيام، وأن نخرج من رمضان بحال أفضل مما دخلنا بها.
عبد الرحيم بيوم
07-08-2012, 03:05 PM
فالصيام الذي يحقق غايته وثمرته، هو الذي يغيِّر حياتك، ويغير عاداتك، ويغير أخلاقك، لا مجرد الجوع والعطش، فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
رمضان يربي فينا سبعة أخلاق؛ يربي فينا الاستجابة الكاملة لأوامر الله عز وجل بصرف النظر عن حكمة الأمر، كما يربي فينا التحكم في الشهوات التي تصرف في مكانها الصحيح الذي أراده الله عز وجل، التحكم في الأعصاب والقدرة على كظم الغيظ. ويربينا أيضًا على الإنفاق في سبيل الله، كما يربينا على شعور عظيم هو شعور الوحدة والأخوة والألفة بين كل المسلمين في كل بقاع الأرض، الشعور بآلام الغير ومشاكل الآخرين.
كنت يومًا عند أحد الأصدقاء، فقال لي: كيف أتغير فقد مللت نفسي وحياتي؟
قلت له: إن رمضان على الأبواب؛ فالتغيير فيه فرصة أكثر من غيره، فأنت فيه تكون حالتك اليوم هي مختلفة عن الأمس،
فتغيُّرك فيه وتقبلك للوضع الجديد والتكيف عليه، هو دليل على قدرة الشخص على التغيير، فلماذا يشتكي البعض منا بأنهم لا يستطيعون التغيير إذن، في حين نجدهم في رمضان يتقبلونه بصدرٍ رحب؟!
12- أفهمي ابنك وابنتك أن الصيام لا يصلح بدون الخلق الحسن.
13- هل ستتركين ابنك فريسة للتليفزيون؟! حاولي توظيفه جيدًا واهتمي بالشروط الصحية للمشاهدة.
جميل ما نقلت وبديع ما اخترت
دروس تربوية وفوائد مهمة
ولا زال من هذا الشهر المبارك بقية للتوبة والاوبة
تحياتي لك اختي الكريمة نادية
وحفظك المولى ورعاك
نادية بوغرارة
07-08-2012, 04:34 PM
جميل ما نقلت وبديع ما اخترت
دروس تربوية وفوائد مهمة
ولا زال من هذا الشهر المبارك بقية للتوبة والاوبة
تحياتي لك اختي الكريمة نادية
وحفظك المولى ورعاك
============
زيارة تهللت لها الصفحات ،
شكرا لك يا أخي عبد الرحيم .
ربيحة الرفاعي
08-08-2012, 10:24 PM
لله أنت من نحلة تقع على أروع الزهر لتختار أطيب الرحيق
وجبات رمضانية دسمة عظيمة النفع لا حرمت أجر اختيارها ونشرها هنا لتعم الفائدة
أهلا بك أديبتنا الكريمة في واحتك
تحاياي
عصام ميره
10-08-2012, 11:49 AM
وجبات لاتفطر ** !!!
أظن أنها تفطر أختنا الكريمة ..
هناك مائدة عامرة شهية بمالذ وطاب ..
وهنا وجبات دسمة ..
ماأسعد المسلم الذي يفطر على مثل هذه الموائد ويتناول مثل هذه الوجبات ..
رمضان كريم ... والله أكرم
نادية بوغرارة
10-08-2012, 02:35 PM
أكثر من 30 أسلوبا لتربية الأسرة في رمضان
قد يكون مر بك رمضانات كثيرة وازددت فيها إيمانًا، وتمنيت أن يكون لأسرتك نصيب من هذه التربية الإيمانية،
لا تتوقف عند نهاية شهر الصوم فقط، بل تمتد لتكون منهج حياة. وربما تألمت للأوقات المهدرة خلال شهر العبادة،
للأطفال من إخوة وأبناء وحتى النساء، وربما أنت.
نحن هنا ننثر أمامك عقدًا من الأفكار التربوية للأسرة تستفيد منها، ثم تزيد عليها، وربما كان بعضها يصلح للأب،
وبعضها يصلح للإخوة، وبعضها للأبناء. ستلاحظ أن أكثر الأفكار الأولى تناسب الآباء، وأكثر الأفكار الأخيرة تناسب الإخوان ...
أفكار تربية الأسرة في رمضان:
1- قبل كل شيء:
ضع أهدافًا لك وللأسرة، وعلقها في مكان بارز في المنزل؛ لتبقى عالقة في الذهن يحرص أفراد الأسرة على الوصول إليها،
مثلاً: يكون ضمن الأهداف ختم القرآن ثلاث مرات، أو قراءة كتاب في التفسير،
أو إنهاء جزء من القرآن خلال جلسات تفسيرية وتربوية، أو قراءة كذا وكذا من الكتب، وهكذا.
2- مع الاستمرار بتذكير أفراد الأسرة بثواب الأعمال، فلا تنس المحفزات المادية والعبارات التشجيعية،
وما أجمل أن توضع الجوائز المراد توزيعها في يوم العيد لمن أتم برامجه بنجاح في مكان بارز أمام مرأى الجميع!
3- قبل دخول الشهر، جهز الوسائل التي تريد استخدامها خلال الشهر، من أشرطة ومطويات وكتيبات،
وكذلك ما تريد تصويره أو إعداده من أوراق ونحوها، ليدخل الشهر وأنت على استعداد، فلا يضيع جزء منه في الإعداد.
4- هيئ أفراد الأسرة لرمضان قبل دخوله بالتحفيز والتشجيع، والترقب ومزيد من الشوق.
5- علق جدولاً في المنزل يحتوي على البرنامج اليومي المقترح، واحرص على ألاّ يكون الجدول مثاليًّا يصعب تطبيقه،
بل يكون مرنًا قابلاً للعوارض المختلفة من دعوات إفطار ونحوها، وإذا كان البرنامج موحدًا بين أفراد الأسرة، فإن هذا مما يدفع الجميع للتفاعل معه.
6- اجعل ضمن الأوراق المعلقة ورقةً أو صحيفةً حائطيةً يكتب فيها أسماء أفراد الأسرة بصورة أفقية،
واكتب أسماء السور أو الكتب أو غيرها أعلى الورقة بصورة عمودية، بحيث يتم تظليل الجزء الذي تم إنجازه في الصحيفة وتظهر المنافسة بجلاء.
7- لا تنس مراعاة الفروق الفردية بين أفراد الأسرة، فليس بالضرورة ما يصلح لأحد الأفراد يصلح للآخر،
ولا مانع من أن تحفز أحد أبنائك على الحفظ، وآخر على التلاوة، وربما تحفز أمك على حفظ بعض قصار السور، وربما بعض الصغار.
8- إذا كنت تريد من ربة المنزل التفاعل معك فلا تشغلها بطلب التنويع في الأكل، واحرص على إيجاد برامج تناسبها في مطبخها،
كسماع الأشرطة وإذاعة القرآن ونحو ذلك، وذكّرها بأنها في خدمتها لهؤلاء الصائمين على أجر كبير.
9- ما أجمل أن تصطحب أبناءك معك لصلاة التراويح! وتنتقي لهم من المساجد ما يتميز بحسن صوت إمامه،
وخشوعه، وتدبره للآيات، وكثرة المصلين، ونحو ذلك، فيرون هناك أقرانهم ويتلذذون بالعبادة.
10- عوّد أبناءك أو إخوانك على إلقاء الكلمات في المنزل، سواء كانت مكتوبةً أو محفوظةً،
ولو كانت قصيرة, واجعل وقتًا للمنبر، يستمع فيه الجميع إلى الخطيب -ابنك أو أخاك-، فسوف يتعودون على الجرأة في الخطابة
ومحادثة الآخرين، فضلاً عن الفوائد من الكلمات الملقاة.
11- اجعل للأعمال الإغاثية جزءًا من وقتك، ولو ليومين أو ثلاثة، أو حتى يوم واحد، تعمل الأسرة جاهدة لإطعام فقراء الحي،
أو التعاون مع الجمعية الخيرية، أو التعاون مع مشاريع تفطير الصائمين، وتقوم البنات بإعداد الوجبات لذلك، ومن كان عنده فضل مال يتبرع ولو بريال.
12- ما أروعه من يوم ذلك الذي سوف تجتمع فيه بأبنائك في المسجد معتكفين!
متفرغين للعبادة، دون كثرة أحاديث تذهب لذة الاعتكاف. يكفيك يوم واحد على الأقل (24 ساعة).
13- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور التي ينبغي أن تكون منك على بال،
وذلك من خلال النصائح المباشرة بالأسلوب الحسن، ومن خلال توزيع المطويات ونحوها على الآخرين، وحينها ستزرع في نفوس أبنائك معاني عظيمة في هذا الجانب.
14- من الأساليب التربوية الناجعة: إقامة رحلة جماعية للأسرة إلى بلد الله الحرام مكة المكرمة، والتخطيط لها وكيفية قضائها وقضاء الطريق أمر مطلوب، وحين يوافق وقت الرحلة العشر الأخيرة فينبغي ألا يفوت الاعتكاف في الحرم، وفق ما سبق ذكره حول الاعتكاف.
15- ومن المقترحات أيضًا: إقامة درس تربوي في التفسير بصفة يومية بعد الفجر أو الوقت المناسب للأسرة،
يفتح المجال فيه للجميع بأن يشاركوا بالبحوث أحيانًا أو الأسئلة أو الدروس، أو الاستنباطات التفسيرية من الآيات؛ لأن من شأن هذا أن ينمي ملكة التأمل لديهم.
16- ما أجمل أن يقترح على جميع أفراد الأسرة بأن يتبنى كل واحد منهم تعديل سلوك معين لديه،
إما تغيير سلوك خاطئ أو تطوير سلوك حسن أو المداومة على عبادة من العبادات.
17- كذلك نقترح إقامة مسابقات ترفيهية وثقافية للشباب واختيار الوقت المناسب الذي يخلو من العبادات لطرد الملل أولاً،
ولإبعادهم عن الأجواء غير الصحية مثل مشاهدة التلفاز ونحوه.
18- كتابة لوحات معبرة وإيحائية وآيات قرآنية وأحاديث نبوية بخط جميل وصورة معبرة وطريقة جذابة، تعلق في أماكن متفرقة بالمنزل،
مثلا: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه...)
ويوضع خط تحت (إيمانًا واحتسابًا) للتذكير بالإخلاص، ومثلاً: (اجعل رمضان انطلاقة جديدة لحياة سعيدة)،
أو (اجعل رمضان هذا العام مختلفًا)، ولك حرية اختيار الألفاظ المناسبة.
19- جرب أن تضع على باب غرفة شقيقتك بطاقة تهنئة مع هدية كتيب أذكار، منذ متى لم تفاجئ أختك بهدية؟
20- ألم تفكر بعد في كبيرات السن (والدتك أو عمتك...)؟! ما نصيبهن من التعليم، آية الكرسي مثلاً،
أو قصار السور أو غيرهن، أو حتى بعض الأذكار الشرعية، وصفة الوضوء والصلاة.
21- ما أورع أن تهدي الخادمة أو السائق هدية، سجادة صلاة مثلاً، أو مصحفًا مفسرًا بلغته،
وأن تسمح للسائق بالذهاب ولو ساعة في الأسبوع لمكتب توعية الجاليات لحضور برامج دعوية هناك.
22- أقنع إحدى محارمك بالمنزل أن تعقد حلقة تعليم قصيرة للخادمة.
23- وفر في المنزل ما يشعر بخصوصية الشهر وأهمية استغلاله، مثل: حاملات المصاحف، جدول متابعة القراءة في القرآن...
24- جرب سهرةً تاريخيةً مع أفراد الأسرة، حيث تطالع وتقرأ عليهم إحدى الغزوات الشهيرة والمثيرة،
أو وصفًا للجنة والنار ويوم القيامة، وحاورهم، ولا تنس الوقوف على مواطن العبرة.
25- اعمل مسابقة في قراءة كتاب شائق ومفيد بين إخوانك أو أبنائك، ونقترح: كتاب (صور من حياة الصحابة) لعبد الرحمن رأفت الباشا، والفائز من ينتهي من السلسلة أولاً. واجعل جائزة الجميع وجبة عشاء من أحد مطاعم الوجبات السريعة مثلاً، صدقني لن ينسوا هذه الليلة العذبة.
26- اسأل والدك عن المقرئ الذي يحب سماع تلاوته، ثم قم بوضع هدية في سيارته تحتوي هذا الشريط.
27- ماذا لو استضافت الأسرة بعض المساكين في البيت وفطرتهم، لينكسر الكبر من النفوس، وترق القلوب، ونتعلم الشعور بالجسد الواحد.
28- قم بحملة تبرعات للأسرة فيما زاد على الحاجة، مثلاً: قم بتوعية الأسرة بحال الفقراء والمحتاجين في الداخل والخارج،
وأرهم صورًا مؤثرةً، ثم اقترح التصدق بملابس عيد العام الماضي، ليفرح بها آخرون.
29- أشغل الصغار ببعض المهارات الفنية والمسلية عن التلفاز، اجلب إليهم كراسات التلوين التي تحتوي رسومًا إسلامية،
افتح لهم جهاز الحاسب واجلب برامج مناسبة ومسابقات شائقة.
30- حاول إشعال روح التنافس للمشاركة في برامج إذاعة القرآن الكريم أو قناة المجد، والتفاعل مع مسابقاتها المفيدة.
31- جميل أن تتبنى بنفسك نيابةً عن أسرتك إيصال زكاة الفطر لمستحقيها، كوِّن فريق عمل من الصغار،
اجمعوا الزكوات، اكتبوا قائمة بالمستحقين، وزِّع الفريق إلى مجموعات، ولينطلق كل فريق على بركة الله.
المصدر: موقع صيد الفوائد.
عايد راشد احمد
10-08-2012, 03:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله
مائدة عامرة باطيب واشهي الاصناف
تنوع وتعدد في فضل هدا الشهر الكريم علينا وكيف كرمه المولي عز وجل
جهد رائع وكعادتك ننتفع منك بمواضيع لها ثقل ديني واخلاقي
بوركت استاذتنا وبوركت الجهد الطيب
تقبلي مروري وتحياتي
نادية بوغرارة
10-08-2012, 03:50 PM
رمضان الأخير !!
د. راغب السرجاني
كثيرًا ما تضيع منا الأيام الأولى في رمضان؛ لأننا لم نحسن الاستعداد لها، فلا نشعر بقيمة الصيام، ولا بحلاوة القرآن،
ولا بخشوع القيام.. وهذه لحظات غالية، وأوقات فريدة ينبغي للمسلمة الواعية أو المسلم الفاهم ألاَّ يفرِّط فيها أبدًا.
ويسعى الخطباء والدعاة والعلماء والمتحدثون أن يضعوا برامج في شعبان؛ لشحذ الهمم، وتنشيط الكسالى،
مثل الإكثار من الصيام وقراءة القرآن والقيام لدخول رمضان. وقد تعوَّدنا على هذه الأمور، فلا تضيع منا دون انتباه..
وهذا -لا شك- شيء طيب.. بل رائع.. فاللاعب الذي لا يقوم بعملية الإحماء والتدريب قبل المباراة لا يمكن أن يستمر فيها بلياقة جيدة.
وهكذا أيضًا المسلم والمسلمة الذي "يُفاجَأ" برمضان
فإنه لا يُحسِن استخدام كل أوقاته، واستغلال كل لحظاته.
لكني أرى أن الأهم من ذلك، والذي قد نغفله كثيرًا، هو الاستعداد "ذهنيًّا" لهذا الشهر الكريم.. بمعنى أن تكون مترقبًا له،
منتظرًا إياه، مشتاقًا لأيامه ولياليه.. تَعُدُّ الساعات التي تفصل بينك وبينه، وتخشى كثيرًا ألاَّ تبلغه!
هذه الحالة الشعورية صعبة، ولكن الذي يصل إليها قبل رمضان يستمتع حقيقةً بهذا الشهر الكريم.. بل ويستفيد -مع المتعة- بكل لحظة من لحظاته.
وقد وجدتُ أنه من أسهل الطرق للوصول إلى هذه الحالة الشعورية الفريدة أن تتخيل بقوَّة أن رمضان القادم هو "رمضانك الأخير" في هذه الدنيا!!
إن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم أوصانا أن نُكثِر من ذكر الموت، فقال: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ"[1].
ولم يحدِّد لنا وردًا معينًا لتذكُّرِه، فلم يقُلْ مثلاً: تذكروه في كل يوم مرة، أو في كل أسبوع مرة، أو أكثر من ذلك أو أقل،
ولكنه ترك الأمر لنا، نتفاوت فيه حسب درجة إيماننا؛ فبينما لا يتذكر بعضُنا الموت إلا عند رؤية الموتى، أو عيادة المرضى،
أو عند المواعظ والدروس، تجد أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول:
"إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ".
وقد قال هذه الكلمات الواعية تعليقًا على حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم:
"كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ"[2].
وفي إشارة من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى تذكُّر الموتى كل يومين قال:
"مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ"[3].
رمضان الأخير مطلب نبوي
إذن افتراض أن رمضان القادم هو رمضان الأخير افتراض واقعي جدًّا، ومحاولة الوصول إلى هذا الإحساس هو مطلب نبويٌّ،
والمشاهدات العملية تؤكِّد هذا وترسِّخه.. فكم من أصحابٍ ومعارفَ كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور!
والموت يأتي بغتةً، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى:
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
[المؤمنون: 99، 100].
فالعودة من الموت مستحيلة، وكل الذين يموتون يتمنون العودة، إنْ كان مسيئًا ليتوبَ، وإن كان مُحسِنًا ليستزيد!
فماذا لو مِتنا في آخر رمضان المقبل؟! إننا -على كل الأحوال- سنتمنَّى العودة لصيام رمضان بشكل جديد، يكون أكثر نفعًا في قبورنا وآخرتنا..
فلنتخيَّلْ أننا عُدْنا إلى الحياة، وأخذنا فرصة أخيرة لتجميل حياتنا في هذا الشهر الأخير، ولتعويض ما فاتنا خلال العمر الطويل،
ولتثقيل ميزان الحسنات، ولحسن الاستعداد للقاء الملك الجبَّار.
هذا هو الشعور الذي معه ينجح إعدادنا وعملنا بإذن الله في هذا الشهر الكريم.. وليس هذا تشاؤمًا كما يظنُّ البعض،
بل إن هذه نظرة دافعة للعمل، ودافعة -في نفس الوقت- للبذل والتضحية والعطاء والإبداع..
ولقد حقَّق المسلمون فتوحات عسكرية كثيرة، ودانت لهم الأرض بكاملها بسبب هذه النظرة المرتقِبة للموت، الجاهزة دومًا للقاء الله عز وجل.
وما أروع الكلمات التي قالها سيف الله المسلول خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لزعيم الفرس هُرمز
عندما وصف الجيش الإسلامي المتَّجِه إلى بلاد فارس فقال: "جئتك برجالٍ يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة"[4]!!
ولقد حقق هؤلاء الرجال الذين يحبون الموت كل مجدٍ، وحازوا كل شرفٍ.. ومات بعضهم شهيدًا،
وعاش أكثرهم ممكَّنًا في الأرض، مالكًا للدنيا، ولكن لم تكن الدنيا أبدًا في قلوبهم.. كيف وهم يوقنون أن الموت سيكون غدًا أو بعد غدٍ؟!
أعمال رمضان الأخير
والآن ماذا أفعل لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير؟!
لو أني أعلم ذلك ما أضعتُ فريضة فرضها الله عليَّ أبدًا، بل ولاجْتهدتُ في تجميلها وتحسينها، فلا أصلي صلواتي إلا في المسجد،
ولا ينطلق ذهني هنا وهناك أثناء الصلاة، بل أخشع فيها تمام الخشوع، ولا أنقرها نقر الغراب، بل أطوِّل فيها، بل أستمتع بها.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ"[5].
ولو أني أعلم أن هذا هو "رمضاني الأخير" لحرصت على الحفاظ على صيامي من أن يُنقصِه شيءٌ؛
فرُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. بل أحتسب كل لحظة من لحظاته في سبيل الله،
فأنا أجاهد نفسي والشيطان والدنيا بهذا الصيام.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[6].
ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير، لحرصت على صلاة القيام في مسجد يمتِّعني فيه القارئ بآيات الله عز وجل،
فيتجول بين صفحات المصحف من أوَّله إلى آخره.. وأنا أتدبَّرُ معه وأتفهَّم.. بل إنني أعود بعد صلاة القيام الطويلة إلى بيتي مشتاقًا إلى كلام ربي،
فأفتح المصحف وأستزيد، وأصلي التهجد وأستزيد، وبين الفجر والشروق أستزيد.. إنه كلام ربي..
وكان عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- يفتح المصحف ويضعه فوق عينيه ويبكي، ويقول:
"كلام ربي.. كلام ربي"[7].
ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما تجرأت على معصية، ولا فتحت الجرائد والمجلات أبحث ملهوفًا عن مواعيد التمثيليات
والأفلام والبرامج الساقطة.. إن لحظات العمر صارت معدودة، وليس معقولاً أن أدمِّر ما أبني، وأن أحطم ما أشيد..
هذا صرحي الضخم الذي بنيته في رمضان من صيام وقيام وقرآن وصدقة.. كيف أهدمه بنظرة حرام، أو بكلمة فاسدة، أو بضحكة ماجنة؟!
إنني في رمضان الأخير لا أقبل بوقت ضائع، ولا بنوم طويل، فكيف أقبل بلحظات معاصي وذنوب، وخطايا وآثام؟! إن هذا ليس من العقل في شيء.
ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما كنزتُ المال لنفسي أو لورثتي، بل نظرت إلى ما ينفعني عند ربي،
ولبحثت بكل طاقتي عن فقيرٍ محتاج، أو طالب علم مسكين، أو شاب يطلب العفاف ولا يستطيعه، أو مسلمٍ في ضائقة،
أو غير ذلك من أصناف المحتاجين والملهوفين.. ولوقفت إلى جوار هؤلاء بمالي ولو كان قليلاً، فهذا هو الذي يبقى لي، أما الذي أحتفظ به فهو الذي يفنى!
رمضان وأمتنا الجريحة
ولو أني أعلم أن هذا رمضاني الأخير ما نسيت أُمَّتي؛ فجراحها كثيرة، وأزماتها عديدة، وكيف أقابل ربي ولست مهمومًا بأمتي؟!
فلسطين محاصَرة.. والعراق محتلَّة.. وأفغانستان كذلك.. واضطهاد في الشيشان، وبطش في كشمير،
وتفتيت في السودان، وتدمير في الصومال.. ووحوش الأرض تنهش المسلمين.. والمسلمون في غفلة!
ماذا سأقول لربي وأنا أقابله غدًا؟!
هل ينفع عندها عذرٌ أنني كنت مشغولاً بمتابعة مباراة رياضية، أو مهمومًا بأخبار فنية، أو حتى مشغولاًَ بنفسي وأسرتي؟!
أين شعور الأمة الواحدة؟!
هل أتداعى بالحُمَّى والسهر لما يحدث من جراح للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!
وحتى -والله- لو كنت مشغولاً بصلاتي وقيامي، هل يَقبل ربي عذري أنني نسيت رجالاً تُقتَّل، ونساءً تُغتَصب، وأطفالاً تُشرَّد، وديارًا تُدمَّر،
وأراضي تُجرَّف، وحُرمات تُنتَهك؟!
رمضان وفقه الرسول
لقد أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بالفطر وهم يتَّجِهون إلى مكة ليفتحوها بعد خيانة قريش وبني بكر..
إن الصيام يُؤخَّر، والجهاد لا يُؤخَّر..
ليس هذا فقهي أو فقهك، إنما هو فقه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا كان يجب أن يكون رمضاني الأخير، بل هكذا يجب أن يكون عمري كله.. وماذا لو عشت بعد رمضان؟!
هل أقبل أن يراني الله عز وجل في شوال أو رجب لاهيًا ضائعًا تافهًا؟!
وما أروع الوصية التي أوصى بها أبو بكر الصديق أبا عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهما- وهو يودِّعه في رحلته الجهادية إلى الشام.
. قال أبو بكر:
"يا أبا عبيدة، اعمل صالحًا، وعش مجاهدًا، ولتتوفَّ شهيدًا"[8].
يا الله! ما أعظمها من وصية! وما أعمقه من فهم!
فلا يكفي العمل الصالح بل احرص على ذروة سنام الإسلام.. الجهاد في سبيل الله.. في كل ميادين الحياة..
جهاد في المعركة مع أعداء المسلمين.. وجهاد باللسان مع سلطان جائر.. وجهاد بالقرآن مع أصحاب الشبهات..
وجهاد بالدعوة مع الغافلين عن دين الله.. وجهاد للنفس والهوى والشيطان.. وجهاد على الطاعة والعبادة، وجهاد عن المعصية والشهوة.
إنها حياة المجاهد..
وشتَّان بين من جاهد لحظة ولحظتين، وبين من عاش حياته مجاهدًا!
ثم إنه لا يكفي الجهاد!!
بل علينا بالموت شهداء!
وكيف نموت شهداء ونحن لا نختار موعد موتتنا، ولا مكانها، ولا طريقتها؟!
إننا لا نحتاج إلى كثير كلام لشرح هذا المعنى الدقيق، بل يكفي أن نشير إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتضح المقصود..
قال صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ"[9].
ولتلحظْ -أخي المسلم، وأختي المسلمة- كلمة "بصدق" التي ذكرها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم..
فالله عز وجل مطَّلعٌ على قلوبنا، مُدرِك لنيَّاتنا، عليمٌ بأحوالنا.
أمتي الحبيبة..
ليست النائحة كالثكلى!
إننا في رمضاننا الأخير لا نتكلف الطاعة، بل نعلم أن طاعة الرحمن هي سبيلنا إلى الجنة،
وأن الله عز وجل لا تنفعه طاعة، ولا تضرُّه معصية، وأننا نحن المستفيدون من عملنا وجهادنا وشهادتنا.
فيا أمتي، العملَ العملَ.. والجهادَ الجهاد.. والصدقَ الصدق؛ فما بقي من عمر الدنيا أقل مما ذهب منها، والكيِّس ما دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
وأسأل الله عز وجل أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
==========
[1] رواه النسائي (1824)، والترمذي (2307)، وابن ماجه (4258)، وأحمد (7912)، وقال الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (1210) في صحيح الجامع.
[2] البخاري: كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" (6053).
[3] البخاري: كتاب الوصايا، باب الوصايا وقول النبي صلى الله عليه وسلم "وصية الرجل مكتوبة عنده" (2587)، ومسلم: كتاب الوصية (1627).
[4] ابن الجوزي: المنتظم في التاريخ 4/101، الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/554.
[5] رواه النسائي (3939)، وأحمد (14069)، وقال الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (3124) في صحيح الجامع.
[6] البخاري: كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتسابًا من الإيمان (38)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (760).
[7] الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 10/320.
[8] أبو الربيع الكلاعي: الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء 3/118.
[9] مسلم: كتاب الإمارة، باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله تعالى (1909)، والنسائي (3162)، وابن ماجه (2797).
بهجت عبدالغني
11-08-2012, 04:06 PM
ومن أجمل دروس رمضان وأهمها
أن الإنسان فيه يكتشف نفسه وقدراته
الإنسان الذي يظل لإحدى عشر شهراً يقول لكل شيء
لا أستطيع .. لا أستطيع .. لا أستطيع
وإذا جاء رمضان تحول إلى رجل أسطوري في العمل والمقاومة
نادية بوغرارة
15-08-2012, 05:48 PM
فتوح المسلمين في فرنسا سنة 102هـ
د. عبد العزيز بن راشد العبيدي
بعد أن استقر المسلمون في الأندلس، بدأت غزواتهم تتجه نحو الشمال فيما وراء جبال البرانس الفاصلة بين الأندلس وفرنسا،
وتولى قيادة الجيوش الإسلامية آنذاك عدد من القادة المسلمين الذين تفرغوا للجهاد في سبيل الله، فمات أكثرهم في ساحات القتال، رحمهم الله.
بدأت الفتوح في تلك المناطق في عهد عبد العزيز بن موسى بن نصير، الذي تولى الأندلس بعد رحيل والده، ولم تحدد المصادر التاريخية مدنًا أو نواحي معينة فتحها.
وتوالى الولاة على الأندلس، حتى إذا تولى السمح بن مالك الخولاني اتجه نحو الجهاد في جنوب فرنسا، والحقيقة أن هذا الوالي كان من أفاضل عرب أفريقية،
ولاّه الخليفة عمر بن عبد العزيز ولاية الأندلس؛ لما عُرف عنه من الأمانة وحسن الخلق، وذلك في شهر رمضان سنة مائة هجرية، وطلب منه تنظيم البلاد وضبط أموالها،
فسار في ذلك سيرة حسنة.
وفي عهده نشطت حركة الفتوح فيما وراء جبال البرانس، الفاصلة بين الأندلس وفرنسا؛ لأنه كان رجلاً وثيق الإيمان جمَّ النشاط، فانطلق بجيشه في عام اثنين ومائة وفتح إقليم "سبتمانيا"، وهي المنطقة الساحلية التي تمتد من البرانس غربًا إلى مصبّ نهر الرون شرقًا، وتتصل بما يُعرف اليوم بالريفيرا الإيطالية. كما أنها تطل على البحر الأبيض جنوب فرنسا، وكانت تشمل سبعة أقسام إدارية وعاصمتها "أربونة"، وقد استولى "السمح" على هذه العاصمة بعد شهر من الحصار، واتخذها مركزًا وقاعدة لعملياته الحربية في فرنسا، ولا يزال يوجد بهذه المدينة شارع يُنسب إليه ويُعرف بشارع السمح.
انطلق السمح بعد ذلك يفتح كل المدن التي بطريقه حتى وصل إلى طُولوشة عاصمة أكويتانيا فحاصرها، غير أنها قاومت الحصار حتى وصلتها الإمدادات، وعلى رأسها حاكم الإقليم الدوق أود الفرنجي، فتجمع للنصارى جيشٌ كبير يفوق جيش المسلمين عددًا وتجهيزًا، فوقف السمح في جنوده يحمِّسهم ويشدُّ من أزرهم ويقرأ قول الله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160].
وحدثت معركة عنيفة بين المسلمين والنصارى أواخر سنة اثنتين ومائة هجرية، واشتد القتال بين الجانبين، وصبر المسلمون صبرًا كريمًا، وأصاب قائدهم سهمٌ قاتل فاستشهد في يوم عرفة،
وفتَّ ذلك في عضد الجند فتراجعوا عن طولوشة، واستطاع واحد من قادته وهو عبد الرحمن الغافقي الارتداد بهم إلى أربونة بعد أن قُتل منهم عدد كبير.
خلف السمح على ولاية الأندلس عنبسة بن سُحيم الكلبي، وواصل الغزو في فرنسا الجنوبية، فسار على الساحل حتى وصل إلى "قرقشونة" فحاصرها
وشدد عليها الحصار حتى نزل أهلها على شروطه، فتنازلوا له عن البلد ونصف الإقليم المحيط به، وتعهدوا برد أسرى المسلمين الذين كانوا عندهم،
وبأن يدفعوا الجزية ويلتزموا بأحكام أهل الذمة من محاربة من حاربه المسلمون ومسالمة من سالموه، وأخذ منهم "عنبسة" بعض الرهائن وأرسلها على برشلونة.
وواصل عنبسة -رحمه الله- سيره، ووجد الطريق أمامه خالية، فسار مسرعًا دون أن يلقي مقاومة وصعد حتى أدرك نهر الساءون، فاستولى على أوتون،
واستمر في زحفه الظافر، فقذف الله في قلوب الكفار الرعب فلم يتصدَّ أحد منهم للمسلمين إلا لطلب الصلح، واجتاح المسلمون مدينة أوزه، وفيين، وفالنسي،
ووصلوا إلى مدينة ليون التي يسميها العرب "حصن لودون"، كذلك زحفوا على مدينة ماسون، وشالون، ووصلوا إلى مدينة "سانس" عاصمة إقليم "يوند"
على بُعد ثلاثين كيلو مترًا فقط جنوبيّ باريس، وقد تصدت هذه المدينة للزحف الإسلامي، فكانت آخر ما وصل إليه المسلمون.
ويبدو أن القائد المسلم عنبسة بن سُحيم قد أدرك بعد هذا التقدم الظافر الذي جعله يقترب من باريس أنه توغل في قلب فرنسا أكثر مما ينبغي،
فقد طالت خطوط العودة، فخشي أن تُقطع عليه بعد أن ابتعد مسافة ألف ميل شماليّ قرطبة، كما أن أحوال الأندلس قد بدأت تتغير بظهور العصبيات المختلفة؛
مما دعاه إلى العودة بعد هذا النصر العظيم.
وقد أثارت هذه الفتوح المخاوف في نواحي فرنسا، وارتاعت معظم الدوقيات، وشعرت مملكة الفرنج أنها أمام خطر حقيقي،
وبدا واضحًا أن الحملة المقبلة ستكون حملة حاسمة.
والحقيقة أن أحوال الأندلس في ذلك الوقت قد أثرت كثيرًا على هذه الفتوح الإسلامية، ولولاها لما توقف "عنبسة" عن فتوحه الموفقة تلك.
وفي طريق العودة داهمت جيش المسلمين جموع كبيرة من الفرنجة، وجرح عنبسة بجروح بليغة تُوُفِّي على إثرها في شهر شعبان سنة سبع ومائة هجرية،
بعد أن نشر الرعب في نواحي فرنسا، ووصل برايات الإسلام إلى قلب أوربا الغربية، وكفاه ذلك فخرًا حيث لم يدرك هذا الشأو بعد ذلك قائد مسلم آخر.
وهناك أمران يحسن أن نقف عندهما وقفة سريعة:
أمَّا الأول فهو ما ورد في بعض الكتب الغريبة التي كُتبت عن هذه الفتوح، ووصفتها بأنها غارات للتخريب والتدمير،
ونسبت للمسلمين حرق بعض الكنائس والأديرة.
وهذا في الحقيقة لا يسنُدُه دليل ولا برهان؛ لأنه بمقارنة المسلمين بالشعوب التي كانت تسود فرنسا في ذلك الوقت
من فرنج وقوط غربيين وشرقيين وغيرهم، يتبين أن المسلمين كانوا أعظمهم حضارة وأبعدهم عن النهب والتدمير،
ومهما بحثنا في مصادر ذلك العصر، فلن نجد بين من ظهروا على مسرح الحوادث فيه رجالاً نستطيع مقارنتهم بالسمح بن مالك أو بعنسبة - رحمهما الله.
وقد فتح المسلمون قبل ذلك مصر وأفريقية والأندلس، وكلها غاصَّة بالكنائس والأديرة،
فما نُقل عنهم أنهم دمروا أو خربوا شيئًا منها، فمن العجب أن ينقلب حالهم بعد عبورهم إلى فرنسا فيتحولوا إلى همجٍ مخربين، إنه لزعم باطل لا يدفعه إلا حقد دفين.
وأما الأمر الثاني:
فيتعلق بأحوال المسلمين في الأندلس، وكيف أثَّرت فرقتهم واختلافهم على هذه الفتوح فتسببت في توقفها.
إن المسلمين لن ينتصروا ولن يظهروا على عدوِّهم إلا بالاتحاد والتآزر والتعاون، والتاريخ أمامنا كتاب مفتوح، فهل نقرأ فيه؟ بل هل نتعظ بعد القراءة؟
لقد كانت فتوح ترتفع لها هامات المسلمين عزًّا وكبرياء، حرَّكها إيمان بالله وتمسُّك بشرعه وتطبيق لمنهجه في الحياة،
فكان عاقبتها النصر والتمكين في الأرض، وهذه سُنَّة الله -سبحانه وتعالى- أوضحها في كتابه المجيد.
======
المصادر والمراجع:
1- المقري: نفح الطيب جـ1.
2- حسين مؤنس: فجر الأندلس.
3- أحمد مختار العبادي: تاريخ المغرب والأندلس.
4- إبراهيم علي طرخان: المسلمون في أوربا.
.
نادية بوغرارة
15-08-2012, 05:52 PM
العشر الأواخر من رمضان
د. محمد العريفي
ما تبقى من ليالي رمضان أفضل مما مضى؛ ولهذا كان رسول الله (إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)
متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. وفي رواية مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره).
وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه:
أحدها: أنه كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة،
وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن.
وثانيها: أنه يحيي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات.
وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر؛ حرصًا على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة.
ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.
وعليه، فاغتنم بقية شهرك فيما يقرِّبك إلى ربك، وبالتزوُّد لآخرتك من خلال قيامك بما يلي:
1- الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات،
وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كان يفعل.
قال الثوري: أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.
وليحرص على أن يصلي القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة، يقول النبي : "إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". رواه أهل السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح.
2- اجتهد في تحري ليلة القدر في هذه العشر، فقد قال الله تعالى:
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
ومقدارها بالسنين ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر. قال النخعي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.
وقال : "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر ما تقدم من ذنبه"[1].
وقوله : (إيمانًا) أي إيمانًا بالله وتصديقًا بما رتب على قيامها من الثواب، و(احتسابًا) للأجر والثواب.
وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي : "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[2].
وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع؛ لقول النبي : "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"[3].
وهي في السبع الأواخر أقرب؛ لقوله : "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي"[4].
وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين؛ لحديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- أنه قال:
(والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين)[5].
وهذه الليلة لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل في الليالي تبعًا لمشيئة الله وحكمته.
قال ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل.. ا.هـ. قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها.. ا.هـ.
وعليه، فاجتهد في قيام هذه العشر جميعًا وكثرة الأعمال الصالحة فيها، وستظفر بها يقينًا بإذن الله عز وجل.
والأجر المرتب على قيامها حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم؛ لأن النبي لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر.
3- احرص على الاعتكاف في هذه العشر. والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة.
وقد فعله النبي وفعله أزواجه من بعده؛ ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النبي يعتكف العشر الأواخر
من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده). ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال،
كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين.
قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أن الاعتكاف مسنون.
والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبي يفعل، لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز. قال في الإنصاف:
أقله إذا كان تطوعًا أو نذرًا مطلقًا ما يسمى به معتكفًا لابثًا. وقال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس لوقته حد محدود في أصح أقوال أهل العلم.
وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة، وأن يحاسب نفسه، وينظر فيما قدم لآخرته،
وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ويقلل من الخلطة بالخلق. قال ابن رجب: ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس،
حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية.
====
[1] متفق عليه.
[2] متفق عليه.
[3] رواه البخاري.
[4] رواه مسلم.
[5] رواه مسلم.
نادية بوغرارة
15-08-2012, 05:55 PM
النفحات الإلهية في العشر الأواخر
د. محمد موسى الشريف
نحن في شهر كثيرٌ خيره، عظيم بره، جزيلة بركته، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى،
وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم، والشهر شهر القرآن والخير،
وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد، لا نظير له ولا مثيل.
وقد خُصَّ هذا الشهر العظيم بميزة ليست لغيره من الشهور، وهي أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمنُّ الله -تعالى- بها على عباده بالعتق من النار،
وها نحن الآن في هذه الأيام المباركات، فحق لنا أن نستغلها أحسن استغلال، وهذا عن طريق ما يلي:
- الاعتكاف في أحد الحرمين أو في أي مسجد من المساجد إن لم يتيسر الاعتكاف في الحرمين؛
فالاعتكاف له أهمية كبرى في انجماع المرء على ربه، والكف عن كثير من المشاغل التي لا تكاد تنتهي،
فمتى اعتكف المرء انكفّ عن كثيرٍ من مشاغله، وهذا مشاهد معروف، فإن لم يتيسر للمرء الاعتكاف الكامل،
فالمجاورة في أحد الحرمين أو المكث ساعات طويلة فيهما أو في أحد المساجد.
- إحياء الليل كله أو أكثره بالصلاة والذكر؛ فالنبي كان إذا دخل العشر أيقظ أهله وأحيا ليله وشد المئزر،
كناية عن عدم قربانه النساء . وإحياء الليل فرصة كبيرة لمن كان مشغولاً في شئون حياته -وأكثر الناس كذلك-
ولا يتمكن من قيام الليل، ولا يستطيعه، فلا أقل من أن يكثر الناس في العشر الأواخر القيام وإحياء الليل.
والعجيب أن بعض الصالحين يكون في أحد الحرمين ثم لا يصلي مع الناس إلا ثماني ركعات مستندًا إلى بعض الأدلة،
وقد نسي أن الصحابة والسلف صلوا صلاة طويلة كثيرٌ عدد ركعاتها،
وهم الصدر الأول الذين عرفوا الإسلام وطبقوا تعاليمه أحسن التطبيق،
فما كان ليخفى عليهم حال النبي ولا تأويل أحاديثه الشريفة، وحملها على أقرب المحامل وأحسن التأويلات.
- ولا ننسى أن في العشر الأواخر ليلة هي أعظم ليالي العام على الإطلاق، وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛
بمعنى أنه لو عبد المرء ربه 84 سنة مُجِدًّا مواصلاً، فإصابة ليلة القدر خير من عبادة تلك السنوات الطوال،
فما أعظم هذا الفضل الإلهي الذي من حرمه حُرم خيرًا كثيرًا!! والمفرط فيه فد فرط في شيءٍ عظيم.
وقد اتفقت كلمة أكثر علماء المسلمين أن هذه الليلة في الوتر من العشر الأواخر،
وبعض العلماء يذهب إلى أنها في ليلة السابع والعشرين، وقد كان أبيُّ بن كعب يقسم أنها ليلة السابع والعشرين، كما في صحيح مسلم.
- الإكثار من قراءة القرآن وتدبره وتفهّمه، والإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى، فهذه الأيام محل ذلك ولا شك.
- والعجب أنه مع هذا الفضل العظيم والأجر الكريم يعمد الناس إلى قضاء إجازتهم التي توافق العشر الأواخر في الخارج،
فيُحرمون من خير كثير. وليت شعري ما الذي سيصنعونه في الخارج إلا قضاء الأوقات في التنزه والترويح في وقتٍ ليس للترويح فيه نصيب،
بل هو خالص للعبادة والنسك. فلله كم يفوتهم بسبب سوء تصرفهم، وضعف رأيهم في صنيعهم!!
فالعاقل من وجَّه قدراته وأوقاته للاستفادة القصوى من أيام السعد هذه.
- ولا ينبغي أن ننسى في هذه العشر أن لنا إخوانًا في خنادق الجهاد والعدو قد أحاط بهم وتربص،
ونزلت بهم نوازل عظيمة، فلا ينبغي أن ننساهم ولو بدعاء خالص صادر من قلب مقبل على الله تعالى،
وصدقة نكون نحن أول من يغنم أجرها. ولا ننسى كذلك الفقراء والمساكين، خاصة وأن العيد مقبل عليهم.
أسأل الله -تعالى- التوفيق في هذه العشر، وحسن استغلال الأوقات،
والتجاوز عن السيئات، وإقالة العثرات، إنه ولي ذلك والقادر عليه،
وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
نادية بوغرارة
15-08-2012, 05:58 PM
نزلت بك عشر مباركة
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
من رحمة الله بالعباد وهو الغني عنهم أن جعل أفضل أيام رمضان آخره؛ إذ النفوس تنشط عند قرب النهاية،
وتستدرك ما فاتها رغبةً في التعويض، والعشر الأواخر هي خاتمة مسك رمضان،
وهي كواسطة العقد للشهر لما لها من المزايا والفضائل التي ليست لغيرها.
ولذا كان رسول الله يحتفي بها احتفاءً عظيمًا، ويعظمها تعظيمًا جليلاً،
وما ذاك إلا لعلمه بفضلها وعظيم منزلتها عند الله -تعالى- وهو أعلم الخلق بالله وبشرعه المطهر.
لماذا نستغل العشر ؟
إن المؤمن يعلم أن هذه المواسم عظيمة، والنفحات فيها كريمة؛ ولذا فهو يغتنمها، ويرى أن من الغبن البين تضييع هذه المواسم،
وتفويت هذه الأيام، وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيام، فأي موسم نغتنم؟! وإن لم نفرغ الوقت الآن للعبادة، فأي وقت نفرغه لها؟!
لقد كان رسول الهدى -عليه الصلاة والسلام- يُعطي هذه الأيام عناية خاصة ويجتهد في العمل فيها أكثر من غيرها؛
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي r كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"،
"وكان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها،
وفي المسند عنها قالت: "كان النبي يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر".
أيها الناصح لنفسك: تذكر أنها عشر ليال فقط تمر كطيف زائر في المنام، تنقضي سريعًا،
وتغادرنا كلمح البصر، فليكن استقصارك المدة معينًا لك على اغتنامها.
- تذكر أنها لن تعود إلا بعد عام كامل، لا ندري ما الله صانع فيه، وعلى من تعود، وكلنا يعلم يقينًا أن من أهل هذه العشر من لا يكون من أهلها في العام القادم، أطال الله في أعمارنا على طاعته.
وهذه سنة الله في خلقه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30].
وكم أهلكنا الشيطان بالتسويف وتأجيل العمل الصالح! فها هي العشر قد نزلت بنا، أبعد هذا نسوِّف ونُؤجل؟!
- تذكر أن غدًا تُوَفَّى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساءوا فبئس ما صنعوا.
- تذكر أن فيها ليلة القدر التي عظّمها الله، وأنزل فيها كتابه،
وأعلى شأن العبادة فيها، فـ"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان).
والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
فلو قُدِر لعابد أن يعبد ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، وقام موفَّق هذه الليلة وقُبلت منه،
لكان عمل هذا الموفَّق خير من ذاك العابد، فما أعلى قدر هذه الليلة! وما أشد تفرطنا فيها! وكم يتألم المرء لحاله وحال إخوانه
وهم يفرطون في هذه الليالي وقد أضاعوها باللهو واللعب والتسكع في الأسواق، أو في توافه الأمور!!
- تذكر أنك متأسيًا بخير الخلق محمد ، وقد تقدم بعض هديه خلال العشر، فاجعله حاملاً لك لاغتنام هذه الليالي الفاضلة.
أعمال يجتهد فيها الصادقون خلال العشر:
- القيام في هذه الليالي، وفضل قيامها قد جاءت به النصوص المعلومة، واجتهادات السلف يعلمها كل مطلع على أحوالهم،
بل ومن عباد زماننا من سار على هديهم.
يذكر أحد الإخوة أن رجلاً معروفًا في مسجد النبي يصلي التراويح مع الإمام ثم يتنفل بالصلاة إلى صلاة القيام،
ثم يصلي مع الجماعة صلاة القيام ثم يصلي إلى قبيل الفجر، هذا ديدنه كل عام.
أرأيت الهمة؟! هل عرفت كم نحن كسالى؟!
ومن مشايخنا من يختم القرآن في هذه العشر كل ليلتين مرة في صلاة القيام.
ويبقى الأمر المهم، ما الذي جعلهم يقومون وننام؟ وينشطون ونكسل؟ إنه الإيمان واليقين بموعود الله الذي وعد به أهل القيام، ولهذه الليالي مزايا على غيرها، أضف إلى اللذة التي تذوقوها حتى آثروا القيام.
وما أجمل ما قاله بعض العلماء عن لذة المناجاة، حيث قال: لذة المناجاة ليست من الدنيا إنما هي من الجنة، أظهرها الله تعالى لأوليائه لا يجدها سواهم.
ولتعلم -يا رعاك الله- أن البعد عن الذنوب والمعاصي أثر في التوفيق للطاعة، فالطاعة شرف ورحمة من الرحمن لا ينالها إلا أهل طاعته.
فلندع عنا التواني والكسل، ولنسعَ للجد في العمل، فعمَّا قليل نرحل، وبعد أيام نغادر هذه الدنيا، ونخلفها وراءنا ظهريًّا، فلماذا التسويف؟!
- اغتنمها في الدعاء؛ فدعاء ليلة القدر مستجاب، تذكر حاجتك لربك ومولاك، فمن يغفر الذنوب إلا هو؟ ومن يُثيب على العمل الصالح إلا الكريم سبحانه؟ ومن ييسر العسير، ويحقق المطلوب ويجبر المكسور إلا صاحب الفضل والجود؟
فاغتنم هذه الفرصة، فرُبَّ دعوة صادقة منك يكتب الله لك رضاه عنك إلى أن تلقاه، ولا تنسى الدعاء لإخوانك فهو من علامات سلامة القلب، وأيضًا الدعاء للمسلمين من الولاة والعامة، ولا تحتقر دعوة؛ فرُبَّ دعوةٍ يكون فيها الخير لأمتك.
ساعات السحر
- في هذه العشر كثير من الناس يكونون مستيقظين هذه الساعة، وهو وقت شريف مبارك، وتعجب ممن يُمضون هذه الساعة
في الأحاديث الجانبية، أو لا يرتبون قضاء حاجتهم الضرورية قبل هذا الوقت، فينشغلون بها عن اغتنامه.
أما الذين عرفوا قيمة هذه الساعة وعلو منزلتها فلا تجدهم إلا منكسرين ومخبتين فيها، قد خلا كل واحد منهم بربه يطرح ببابه حاجته،
ويسأله مطلوبه، ويستغفره ذنبه، ألا ما أجلها من ساعة! وما أعظمه من وقت! فأين المغتنمون له؟!
- احرص على اعتكاف العشر كلها -دون التفريط بواجب من حق أهل وولد- فإن لم تستطع فلا أقل من الليالي أو ليالي الوتر،
فقد كان هذا هديه -عليه الصلاة والسلام- في هذه العشر، ويُشرع للأخت المسلمة أن تعتكف كالرجال إذا تهيأت لها الأسباب، وأمنت على نفسها، أو على الأقل الليالي.
ومن بشائر الخير ما نراه من كثرة المعتكفين والمعتكفات في الحرمين وفي مساجد الأحياء في مدن وقرى العالم الإسلامي، ولتحرص على اغتنام هذا الوقت بالطاعة، وملئه بما ينفع، ومجاهدة النفس على ذلك.
- أوصيك أخي بتطهير قلبك، فهذه أيام الطهارة والتسامح والتجرد لله تعالى، واجعل حظ النفوس جانبًا،
فأنت ترجو المغفرة، وتأمل عفو ربك، وليكن شعارك (العفو عن الناس وعمَّن ظلمك).
واجعل هذا من أرجى أعمالك هذه الليالي، ولله در ابن رجب في لطيفته يوم قال تعليقًا على حديث عائشة
"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني"، إذ يقول: من طمع في مغفرة الله وعفوه فليعف عن الناس؛ فإن الجزاء من جنس العمل.
- اجعل بعض مالك للصدقة ولا تحتقر القليل فهو عند الله عظيم مع صدق النية، وتذكر أن المال غادٍ ورائح،
وما تنفقه باق لك، وأنت ترجو قبول دعائك هذه الليالي، وللصدقة أثرها في قبول الدعاء والإثابة على العمل، ومن أحسن إلى عباد الله أحسن الله إليه.
أسأل الله لي ولكم القبول، وأن يعاملنا بفضله وإحسانه.
نادية بوغرارة
15-08-2012, 06:00 PM
أطفالنا في العشر الأواخر
منقول ..
http://islamstory.com/uploads/image/articles/745/6551_image002.jpg
من المهم جدًّا أن يشعر أبناؤنا أن رمضان جاء ليقوِّي إرادتنا، ويحرِّرنا من الضعف..
أيتها الأم الحنون، ازرعي في طفلك هذه التعليمات وطبقيها؛ كي يدرك العشر الأواخر وفضلها ويقوم بالعبادة،
ثم ليعتاد عليها في سني حياته المقبلة، وهي كالتالي:
1- قبل دخول موعد العشر الأواخر حدِّثيهم عن فضلها، وعن مضاعفة الحسنات فيها،
وناقشيهم في الأخطاء التي وقعوا فيها في العشر الأواخر الماضية.
2- اصحبيه إلى صلاة التراويح ليعايش روح العشر الأواخر ورمضان من صغره،
ويمكن أن يشارك في صلاة الركعات الأربع الأولى فقط.
3- حددي للعبادات أوقاتًا محددة في جدول أعمال أطفالك، (مثل: الصلاة في وقتها/ الصلاة في المسجد/
قراءة ورد ثابت من القرآن/ الأذكار... وهكذا). وراجعي أداءهم في نهاية كل يوم؛ لتحفيزهم معنويًّا وماديًّا.
4- إذا كان أطفالك صغارًا فلا تنسي أن تشركهم معك في عباداتك، كلٌّ حسب طاقته.. يقول ابن القيم:
"فإن العزائم والهمم سريعة الانقباض، والله يعاقب من فتح له بابًا من الخير فلم ينتهزه؛ فإنه يحول بينه وبين إرادته".
5- اجعلي له وقتًا خاصًّا لقراءة القرآن لا يضيعه أبدًا. وتحددين له فيه مقدارًا مناسبًا للتلاوة قابلة للزيادة وليس النقصان!!
اعلمي أنك إن فعلت ذلك غرست في طفلك أن رمضان والعشر الأواخر موسم للقربات، وسيستمر ما غرسته فيه عندما يكبر،
فتكونين شريكة كل أجرٍ سيحصده مستقبلاً.
نادية بوغرارة
15-08-2012, 06:05 PM
رمضان .. منجم الكنوز الثمينة
د. علي عمر بادحدح
المنجم يرتبط في الأذهان باستخراج بعض خيرات الأرض وحصول النعمة والثراء، والغالب أن يكون المنجم مختصًّا بنوع واحد من تلك الخيرات،
فكيف إذا احتوى أكثر من نوع، وكلُّها غالية الثمن، نفيسة القيمة، عظيمة النفع؟!
وكيف إذا كان استخراج تلك الكنوز سهلاً ميسورًا لكل أحدٍ دون حاجة لتخصص دقيق، ولا جهد كبير؟!
لا شك أن الجميع سيكونون حريصين على أن يكون لهم النصيب الأعظم من كنوز المنجم الثمينة.
المنجم أمام عينيك، وتحت قدميك، وبين يديك، وهو طوع أمرك، ورهن إشارتك، ألست تراه؟ ألا تبدو لك كنوزه المتنوعة؟
ألا تغريك ثروته الغالية؟ انتبه.. ما لك؟!! ألا تُبصر الجموع الغفيرة تُقبل عليه وتأخذ منه؟ ألم يتكرر هذا المشهد أمامك كثيرًا؟!
إنه منجمُ.. لا، لن أسمِّيه لك، بل سأنتقل إلى عرض بعض كنوزه فذلك أولى وأجدى.
كنز الفضائل والخصائص:
مغفرة: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
تكفير: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، تكفرها الصلاة والصيام والصدقة" (متفق عليه).
وقاية: "الصيام جنة، وحصن حصين من النار" (رواه أحمد).
مثوبة: "الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها" (رواه البخاري).
خصوصية: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم" (متفق عليه).
شفاعة: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" (رواه أحمد).
فرحة: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه" (رواه مسلم).
تفرُّد: "عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له" (رواه النسائي).
كنز القرآن والتلاوة:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]،
عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله قال:
"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أيْ رب، إني منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه. ويقول القرآن:
أيْ رب، منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفَّعان" (رواه أحمد).
كنز الصلاة والقيام:
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]،
عن أبي هريرة عن رسول الله : "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).
كنز الذكر والدعاء:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]،
عن أبي هريرة، عن رسول الله قال: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم" (رواه الترمذي).
كنز الجود والإنفاق:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان النبي أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل،
وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة" (متفق عليه).
كنز الإرادة والصبر:
"من حكم الصيام وفوائده العظيمة تقوية الإرادة في النفوس، تلك الركيزة العظيمة التي عمل رجال الاجتماع وأصحاب التنظيم العسكري على تقويتها في المجتمع هذا الزمان، وقد سبقهم الدين الإسلامي على ذلك منذ أربعة عشر قرنًا تقريبًا، وما أحوج المسلم إلى أن يكون قوي الإرادة صادق العزيمة!"[1].
"الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهي الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء،
ويعفُّ وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه في ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية،
يتكرر ذلك نحو خمس عشرة ساعة أو أكثر في كل يوم، وتسعة وعشرين يومًا أو ثلاثين في كل عام،
فأيُّ مدرسة تقوم بتربية الإرادة الإنسانية وتعليم الصبر الجميل، كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجباريًّا للمسلمين في رمضان،
وتطوعًا في غير رمضان؟!"[2].
كنز القوة والحرية:
"صوم رمضان من هذا الوجه إن هو إلا منهاج يتدرب به المرء على تحرير نفسه، والانسحاب بها من أَسْر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا ما شاء الله في ملكوت الحياة الحق، ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة؛ فالحرية الصحيحة لا يذوقها ولا يقدرها إلا من حيي هذه الحياة"[3].
"فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق من سجن جسده،
وتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته، ويتشبه بالملائكة"[4].
كنز الرحمة والمساواة:
"رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية، وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر،
بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغني بألم الجوع ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له:
أنا جوعان. ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي -على غناه- رغيفًا من الخبز أو كأسًا من الماء"[5].
"فقرٌ إجباريٌ يراد به إشعار الإنسانية بطريقة عملية واضحة كلَّ الوضوح، أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها،
وأنها إنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يَتعاطَفُون بإحساس الألم الواحد، لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة"، "ويجعل الناس فيه سواءً: ليس لجميعهم إلا شعور واحد وحس واحد وطبيعة واحدة، ويُحكِم الأمر فيحول بين هذا البطن وبين المادة"[6].
كنز الخلق والسلوك:
"المقصود منه السمو بالنفس إلى المستوى الملائكي، وصون الحواس عن الشرور والآثام، فالكف عن الطعام والشراب
ما هو إلا وسيلة إلى كف اللسان عن السب والشتم والصخب، وإلى كف اليد عن الأذى، وإلى كف البصر عن النظرة الخائنة،
وإلى كف السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة والقول المنكر"[7].
"فألزمه -سبحانه- الصوم حتى إذا جاع وظمئ ذلّت نفسه، وانصدع كبره وفخره، وأحس أنه -مهما أوتي- فهو مسكين تُقعده
اللقمة إذا فُقدت، وتُضعفه جرعة الماء إذا مُنعت، هنالك يُطامن من غروره، ويعترف بفضل الله عليه حتى في كسرة الخبز ورشفة البحر،
ومتى عرف الله خافه، ومتى خافه استقام على الطريقة، وسار على الجادة، وترك ما كان فيه من بغي واستطالة وعلو في الأرض بغير الحق،
وآثر رضوان الله على ترضية نفسه، وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية"[8].
وخذ أخيرًا هذه الكلمات الجامعة: "للصوم فوائد: رفع الدرجات، وتكفير الخطيئات، وكسر الشهوات، وتكثير الصدقات،
وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات"[9].
ثم ماذا أيها الأخ الحبيب؟ دونك الكنوز تتلألأ، والثروة تتهيأ، فماذا أنت فاعل؟
إليك هذه الومضات:
- أخلص نيتك، واستحضر عزيمتك، وزكِّ نفسك، وطهِّر قلبك، وأجِّج أشواقك، وأعلن أفراحك.
- بادر بالتوبة، وأكثر من الاستغفار، وتحلَّ بالإنابة، واذرف دموع الندامة، واستعد لموسم النقاء بغسل الذنوب.
- احرص في الصلوات على التبكير وإدراك التكبير، والمواظبة على الرواتب، والاستكثار من الرغائب.
- خذ حظك من قيام الليل، ودعاء القنوت، وطول القيام والسجود، وارفع دعاء الأسحار، واملأ الثلث الأخير بالاستغفار.
- أدمن التلاوة، ورطِّب لسانك بالقرآن، وانهل من مائدة الرحمن، ونوِّر الليالي بالتجويد، وعطّر الأيام بالترتيل.
- صِلْ رحمك، وزر أقاربك، واعف عمن أخطأ، وتجاوز عمن هفا، واجمع أهل حي، وتقرب من جيرانك،
وكرر اللقاء بإخوانك، وخص بمزيد من الود والحب والوصل أهلك وزوجك وأبناءك.
- اجعل لنفسك مع أهل بيتك برنامجًا إيمانيًّا لاغتنام الكنوز الثمينة؛ فجلسة للتلاوة، ولقاء للتاريخ، ورحلة للعمرة،
ووقت للقيام، وحلقة للذكر، وفرصة للدرس، ولا تنسَ أن في الوقت بركة.
- احسب زكاتك، واجمع من زكاة أهلك وأقاربك، واستعن بإخوانك على وضعها في مصارفها، وتوصيلها لمستحقيها،
واحرص على أن تُبادر وتُنافس في الإنفاق فهذا ميدان السباق.
- تذكر إخوانك المسلمين المضطهدين والمشردين والمظلومين في العراق وفلسطين وغيرهما، لا تنسهم من دعواتك وزكواتك،
وعرِّف بأحوالهم، وبيِّن مكر وجرم أعدائهم، واكشف زيف الدعاوى المتعلقة بقضاياهم.
====
[1] مقالات الإسلاميين في شهر رمضانص402- مقال: من حكم الصوم، لعبد الرحمن الدوسري.
[2]د. يوسف القرضاوي: العبادة في الإسلام ص265.
[3]مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص393- مقال: بين يدي رمضان، لحسن الهضيبي.
[4]د. يوسف القرضاوي: العبادة في الإسلام ص264.
[5]علي الطنطاوي: مع الناس.
[6]الرافعي: وحي القلم 2/67.
[7]مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص238- مقال:خلق الصائم، لعبد الوهاب خلاف.
[8]مقالات الإسلاميين في شهر رمضان ص243 -مقال: رمضان والصيام، لمحمد الزرقاني.
[9] العز بن عبد السلام: مقاصد الصوم ص10.
نادية بوغرارة
15-08-2012, 06:10 PM
قبل أن يرحل رمضان
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
http://islamstory.com/uploads/image/articles/745/6583_image002.jpg
دع البكاء على الأطلال والدار *** واذكر لمن بات من خل ومن جار
وذر الدموع نحيبًا وابك من أسف *** على فـراق ليال ذات أنـوار
على ليال لشهر الصوم ما جعلت *** إلا لتمحيـص آثــام وأوزار
يا لائمي في البكاء زدني به كلفًا *** واسمع غريب أحاديـث وأخبار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانـت القاري
وداعًا يا شهر رمضان!
وداعًا يا شهر الخيرات والإحسان!
وداعًا يا ضيفنا الراحل!
مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل عشر تجاورنا اليوم، وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء،
ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق: "يا شهر رمضان تَرَفَّق، دموع المحبين تَدَفّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقَّق،
عسى وقفة للوداع تُطفِئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرّق، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق،
عسى أسير الأوزار يُطلق، عسى من استوجب النار يُعتق". فما أحرانا بتدبُّر قوله: وفعل يطفئ حرارة الوداع!!
أيها الشباب، قبل أن تُشيعوا ضيفكم الميمون عودوا إلى أنفسكم -حفظكم الله- وتأملوا ماذا قدّمتم بين يديه؟
وما هي الأسرار التي بينكم وبين ربكم في أيام شهركم وسيرحل بها رمضان؟ هاتفني شاب في رمضان بعد سماع إحدى
المواعظ وحدثني في الهاتف حديثًا طويلاً، أذكر من قوله: أشعر من حديثكم أنكم تشعرون بفقد الشهر
وتتحسّرون على فوات أيامه! فلماذا أنا لا أشعر بذلك؟ وبعد حديث طويل عن سر فقْد الفرحة في قلب من يحاورني،
قال لي: عفوًا أخي، في شهر رمضان أسررت المعصية، وتجاهلت الطاعة،
وكم هي المرات التي لا أشهد فيها صلاة التراويح، وإن شهدتها فصورة بلا معنى، وحركات بلا روح، القرآن عهدي به
من زمن بعيد وقد حاولت أن أمد يدي إليه مع جملة الذاكرين، لكن نفسي حبستني عن الاستمرار، وها أنا ما زلت في بدايته إلى اليوم.
أما المعصية فتدفعني لها نفسي دفعًا حتى إنني واقعت أنواعًا من المعاصي مرارًا في شهر رمضان، فعيني تخطّت ستار المعروف،
واجتالت في حرمات الله تعالى، وأذني أبتْ إلا أن تتجاوز حدها الشرعي، فانتهكت ما حرم الله، ونفسي التي بين جنبيّ جاهدتها كثيرًا
فكابرت ومانعت واستعصت علىّ، بل ما زالت بي حتى أوقعتني في الفاحشة... وما زال يحدِّث حتى انْهَار باكيًا، واستعبر أمامي في البكاء،
وأخذ يردد أثناء حديثه: أخشى أن لا أكون ممن غفر الله لهم أو تقبّل منهم، أخشى أن يختم الله لي بخاتمة السوء! فأصبح أسير أحزاني!
أنا لست وحيدًا في طريق اليأس، فكثير من الشباب أمثالي. فما زلت به أخفف عنه هذه الآلام حتى عاد يسمع حديثي من جديد، فقلت له:
أخي الشاب، ما زال في الأمل فسحة، وفي الوقت بقيَّة، والعبرة بالخواتيم. وأنا وإياك نشهد هذه العشر المباركة،
فهل يمكن أن تضع يدي في يدك وتعاهدني على المسير؟ فقال: أي والله مسير يعيد لي الفرحة والبسمة في حياتي من جديد لِمَ لا أقبل به؟
ولم لا أعيشه وقد عشت كل معاني الحرمان في المعصية والدأب عليها؟
فقلت له: أقبلْ -حفظك الله- إلى حديثٍ، أرعني سمعك، وجُدْ عليَّ بشيء من وقتك، فعندي سر السعادة التي تنتظرها،
عندي لك قول الله تعالى:
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
دواء للمنكسرين من أمثالك، لكن بشرطها الوحيد: التوبة الصادقة التي رأيت من آثارها أثر الدموع بين عينيك.
وعندي لك قول رسولك : "لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة،
فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته،
فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح"[1].
إذن لم يبق عليك -حفظك الله- إلا الإقبال على ما بقي من شهرك؛ إذ هذه الأيام هي الخاتمة،
وهي سر الشهر وأفضل أيامه على الإطلاق، فهذا رسول الله تقول عنه عائشة رضي الله عنها:
"كان النبي إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدّ وشدّ المئزر". ولك في رسول الله أسوة حسنة. هذه الليلة العظيمة التي قال فيها رسول الله :
"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[2].
وقد أخبر الله عن هذه الليلة أنها خير من ألف شهر في كتابه المبين، فقال تعالى:
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3].
وأخبر رسول الهدى أن هذه الليلة في ليالي العشر، حين قال : "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان".
أقبلْ على عشر رمضان -حفظك الله- بكل جهدك وقوتك، واحرص على أن يكون ختام شهرك ختامًا حيًّا مباركًا تُزوّد فيها بالطاعات،
احرصْ على الفريضة مع الإمام، واللهَ اللهَ أن يشهد الله عليك أو حتى أحد من خلقه تخلُّفًا عن الجماعة بنوم أو كسل، الزم النافلة القبلية والبعدية،
واحرصْ على أداء صلاة التراويح والقيام مع جموع المسلمين، ولازم فيها دعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني؛
فهي وصية رسول الله لأم المؤمنين. أكثرْ من قراءة القرآن، ونوِّع في القراءة ما بين حدرٍ وترتيل، ولتكن عنايتك بالتدبُّر
لآيات القرآن الكريم؛ فإن في ذلك خيرًا كثيرًا. قُمْ برعايتك والديك، وقبِّل رأسهما كل مساء، والزمهما بالطاعة والبر؛
فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان. صِلْ أرحامك وتعاهد جيرانك؛ فإن ذلك من خلق المسلم.
وإنني إذ أدعوك إلى التمعُّن في هذه الأحاديث إنما أدعوك للتحرر من الكسل، واستقبال الآخرة، والإقبال على عشر رمضان الأخيرة،
ففيها -بإذن الله تعالى- سر السعادة المرتقبة التي تبحث عنها، وإنما حين أقرر لك أن هذا هو طريق السعادة آمل منك أن تجرِّب هذا الطريق،
ولن تجد أجمل منه ولا أسعد على وجه هذه الحياة! وهؤلاء الذين تراهم في مجتمعك تبرق أسارير وجوههم بالاستقامة هم كانوا مثل
ما أنت فيه الآن من الحيرة والاضطراب والهمّ والغمّ، وخاضوا هذه التجربة في بداية حياتهم، وحينما وجدوا المفقود والسر الغائب
في حياتهم قرروا التوبة، وهم اليوم -وكل يوم- يرددون قول القائل: والله إنها لتمر بي ساعات يرقص فيها القلب فرحًا من ذكر الله.
ويلهجون بقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
وفقك الله، وسدد خطاك، وعلى طريق الخير بإذن الله تعالى نلقاك.
====
[1]متفق عليه من حديث أنس.
[2]متفق عليه من حديث أبي هريرة.
عصام ميره
15-08-2012, 11:31 PM
وداع رمضان ... وزكاة الفطر
كنَّا قبلَ مدَّة نتحدَّث عن قدومِ رمضان، واستبشارِ المسلمين بفضائله، وعظيمِ قدْره، وضرورة اغتنام نفحاته، وها نحن اليومَ نتحدَّثُ عن وداعه، وسرعة انصرامه، فهل استجبْنا لداعي الخير الذي علمناه رمضان؟ والله - تعالى - يقول: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} [الشورى: 47]، إنَّما هي الأعمار تفنَى، والأيام يشد بعضها في بعض.
تَمُرُّ بِنَا الْأَيَّامُ تَتْرَى وَإِنَّمَا نُسَاقُ إِلَى الْآجَالِ وَالْعَيْنُ تَنْظُرُ
فَلاَ عَائِدٌ ذَاكَ الشَّبَابُ الَّذِي مَضَى وَلاَ زَائِلٌ هَذَا الْمَشِيبُ الْمَكَدَّرُ
عصام ميره
15-08-2012, 11:33 PM
صيام التطوع
1- إن كان رمضانُ دُربةً على الصيام، فهلاَّ التزمتَ بصيام التطوُّع، الذي بَيَّنَ
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عظيمَ فضله، وجزيلَ الجزاء عليه؟ من ذلك:
• صيام ستَّة من شوال، التي تُعتَبر بمثابة النفل الذي يَجبُر النقصَ الذي قد يحصل في الفريضة؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدَّهْر))؛ مسلم، سواء كانت في أوَّل شوال، أم في آخره، متتابعةً أم متفرِّقة، وإن كان التتابعُ أفضل.
• ومن ذلك صوم الاثنين والخميس، حيث تُعرَض الأعمالُ على الله – تعالى - قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تُعرَض الأعمالُ في كلِّ يوم خميس واثنين، فيغفر الله - عزَّ وجلَّ - في ذلك اليوم لكلِّ امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلاَّ امرَأً كانتْ بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: ارْكُوا (أخِّروا) هذين حتى يَصطلحَا، ارْكُوا هذين حتى يصطلحَا))؛ مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تُعرَض الأعمالُ يومَ الاثنين والخميس، فأحبُّ أن يُعرضَ عملي وأنا صائم))؛ صحيح سنن الترمذي.
• ومن ذلك صيام الأيَّام البِيض، التي جعلها الرسول ُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كصيام الدهر، والتي لم يكن رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَدَعُ صيامَها في سفر أو حضر.
• ومن ذلك صيامُ معظم شعبان.
• ومِن ذلك صيام العشر الأوائل من ذي الحجَّة، التي تعتبر أفضلَ أيام السَّنة على الإطلاق، حيث يكون العملُ الصالح فيها أحبَّ إلى الله - عز وجل.
• ومن ذلك صيام يوم عرفة لغير الحاجِّ؛ لأنَّه يكفِّر صغائرَ ذنوب سنتين: ماضية وقادمة.
• ومن ذلك صيامُ يوم عاشوراء؛ لأنَّه يُكفِّر سَنةً ماضية.
فليس الصيام خاصًّا برمضان، بل هو تدريبٌ لصيام هذه المناسبات وغيرها؛ قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أحَبُّ الصلاة إلى الله صلاةُ داود - عليه السلام - وأحبُّ الصيام إلى الله صيامُ داود، وكان ينام نِصفَ اللَّيل، ويقوم ثُلُثَه، وينام سُدُسَه، ويصوم يومًا، ويُفطر يومًا))؛ متفق عليه.
ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما من عبدٍ يصوم يومًا في سبيل الله، إلاَّ باعَدَ الله بذلك اليومِ وجهَه عن النار سبعين خريفًا))؛ متفق عليه.
عصام ميره
15-08-2012, 11:35 PM
البذل والعطاء
2- وإن تعودتَ في رمضان على البَذْل والعطاء، وتفطير الصائمين، والتصدُّق على المحتاجين، فهلاَّ بقيت على هذا العهد بعدَ رمضان، فأطعمتَ الجِياع، وكسوتَ العراة، وواسيتَ المرضى؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهدِ في سبيل الله، أو القائم الليل، والصائم النهار))؛ متفق عليه.
عصام ميره
15-08-2012, 11:36 PM
قيام الليل
3- وإذا تعودتَ في رمضان قيام اللَّيْل، واستمتعتَ بما شرَّفك الله به من الوقوف بين يده، فهلاَّ حافظتَ على هذا الشرف خارجَ رمضان.
عن سهل بن سعد - رضي الله عنهما - قال: جاء جبريل إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((يا محمد، عشْ ما شئتَ فإنَّك ميِّت، واعملْ ما شئتَ فإنَّك مجزِيٌّ به، وأحببْ مَن شئتَ فإنك مفارِقُه، واعلم أنَّ شرفَ المؤمن قيامُ الليل، وعزَّه استغناؤه عن الناس))؛ رواه الطبراني في الأوسط، وهو في صحيح الترغيب.
عصام ميره
15-08-2012, 11:37 PM
ارتياد المساجد
4- وإذا تعودتَ في رمضان ارتيادَ المساجد، وحضورَ الجماعة، فهلاَّ واظبت على الطريقة بعدَ رمضان، ورسولنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُبشِّرنا ويقول: ((ما تَوطَّن رجلٌ مسلِم المساجدَ للصلاة والذِّكْر، إلاَّ تَبشبَش الله له (تلقَّاه ببرِّه وكرمه) كما يتبشبش أهلُ الغائب بغائبهم إذا قَدِم عليهم))؛ صحيح سنن ابن ماجه.
فإذا واظبتَ على الصلاة في الجماعة، جَعَل الله لك من الحِفْظ والصيانة والأجر ما لا يظفرُ به إلاَّ محبٌّ لربه، عالم بقدره؛ يقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صلَّى البَرْدَين (الفجر والعصر) دَخَل الجنة))؛ متفق عليه، ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صَلَّى الصبحَ فهو في ذِمَّة الله (ضمانه وأمانه وحفظه))؛ مسلم، وفي حديث آخر: ((مَن صلَّى الصبح في جماعة، فهو في ذمَّة الله))؛ صحيح الترغيب.
ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صلَّى العِشاءَ في جماعة، فكأنَّما قام نِصفَ اللَّيْل، ومَن صلَّى الصبحَ في جماعة، فكأنَّما صلَّى الليل كلَّه))؛ مسلم.
عصام ميره
15-08-2012, 11:40 PM
5- هل سألتَ نفسك - ورمضان ولَّى - هل أنت من المسرورين، أم من المحرومين؟ هل صنتَ صيامك، وجَوَّدت قيامك؟
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَنْ تَنَالَ قَبُولَهُ حَتَّى تَكُونَ تَصُومُهُ وَتَصُونُهُ
قال الحسن البصريُّ - رحمه الله -: "إنَّ الله جعل رمضان مضمارًا لخلقه، يستبقون فيه إلى مرضاتِه، فسبق قوم ففازوا، وتخلَّف آخرون فخابوا، فالعجبُ من اللاَّعب الضاحِك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسِنون، ويخسر فيه المبطلون!".
أَيُّ شَهْرٍ قَدْ تَوَلَّى يَا عِبَادَ اللَّهِ عَنَّا
حُقَّ أَنْ نَبْكِي عَلَيْهِ بِدِمَاءٍ لَوْ عَقَلْنَا
ثُمَّ لاَ نَعْلَمُ أَنَّا قَدْ قُبِلْنَا أَمْ حُرِمْنَا
لَيْتَ شِعْرِي مَنْ هُوَ الْمَحْـ ـرُومُ وَالْمَطْرُودُ مِنَّا
فإن آنستَ من نفسك أنَّك كنتَ مقصِّرًا، فلا تحزن، فأمامَك ليلةٌ أخرى وتر، هي ليلة التاسع والعِشرين، فاغتنِمْها بكثرة الصلاة والدُّعاء، وقراءة القرآن ليلاً ونهارًا، والتحصُّن من الوقوع فيما يخدش في صومِك وقيامك، والله يتولاَّك ويرعاك، و{هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104].
عصام ميره
15-08-2012, 11:42 PM
زكاة الفطر
1- زكاةُ الفِطر واجبةٌ على مَن له كفايةٌ يومَ العيد، ولذلك يُخرجها الفقيرُ ولو كان يأخذها من غيره، إذا اكتفى في هذا اليوم.
2- وشُرِعت نشرًا للمحبَّة والإخاء بين الناس، وإدخالاً للسرور عليهم، وتزكية للبدن، وتطهيرًا له ممَّا قد يكون الصائم قد ارتكبَه من خلل في رمضان.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "فَرَض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ الفِطر طُهرةً للصائم من اللغوِّ والرفث، وطُعمةً للمساكين"؛ صحيح سنن أبي داود.
3- ويؤدِّيها عن نفسه، وعمَّن يُنفِق عليه؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أَمَر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بصَدقةِ الفِطر عن الصغير والكبير والحرِّ والعبدِ ممَّن تمونون"؛ رواه الدارقطني، وهو حديث حسن، ويدخل في ذلك الجنين في بطن أمِّه، والمطلَّقة رجعيًّا إذا كانتْ في عدتها، والخَدَم غير المأجورين.
4- وهي صاع (أربعة أمداد) من غالب قُوتِ أهل البلد، وهذا هو الأصل، وقد يعدل عنه لإخراجها نقدًا إذا كان ذلك أنفعَ للفقير، ومقدارُها الذي نصَّ عليه المجلس العلمي بمدينتنا هو: 14 درهمًا.
5- أفضل أوقاتها: بعدَ غروب الشَّمس من آخِرِ يوم من رمضان، إلى حين خروج الإمام لصلاة العيد، والأفضل أن تؤدَّى صباحَ العيد، قبلَ الصلاة، فإذا أُخرجت بعدَ الصلاة صارتْ صدقة من الصدقات؛ لحديث ابن عبَّاس السابق: ((مَن أدَّاها قبلَ الصلاة، فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدَّاها بعدَ الصلاة، فهي صدقة من الصدقات))، وعند المالكية أنَّ مَن أخَّرها بغير عُذر فهو آثم، غير أنَّه يُرخَّص في تقديمها بيوم أو يومين؛ لقول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "وكانوا يُعطُون قبلَ الفِطر بيوم أو يومين"؛ أخرجه البخاري.
ولا تنسوا - رحمكم الله - أن تغتسلوا وتتطيبوا قبلَ الخروج لصلاة العيد، والجهرَ بالتكبير من غروب شمس ليلةِ العيد حتى يصعدَ الإمامُ المنبر، ويُستحبُّ الخروج مشيًا، وأن يخرجَ من طريق، ويرجعَ من طريق آخَرَ؛ تكثيرًا للأجْر، يقول سعيد بن جُبير: "سُنَّة العيد ثلاث: المشي، والاغتسال، والأكل قبلَ الخروج"، ويَحسُن أن يكونَ الأكلُ تمرات وترًا؛ لِمَا رواه البخاري عن أنس قال: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يغدو يومَ الفِطر حتى يأكلَ تمراتٍ، ويأكلهن وترًا".
فإذا وصلتَ المُصلَّى، فاجلسْ دون صلاةِ ركعتَين؛ لأنَّه ليس بمسجد، وأكثِروا من الدُّعاء واجتنابِ المعاصي، قال أحد السلف: "كلُّ يومٍ لا يُعصَى اللهُ فيه فهو عيد".
عصام ميره
15-08-2012, 11:44 PM
بِالأَمْسِ أَقْبَلَ مُشْرِقَ المِيلادِ شَهْرُ التُّقَاةِ وَقِبْلَةُ العُبَّادِ
فِي مَوْكِبِ الأَفْرَاحِ حَطَّ رِحَالَهُ وَأَقَامَ فِي بِشْرٍ وَفِي إِسْعَادِ
حُلْمٌ يَمُرُّ وَفُرْصَةٌ مَرْغُوبَةٌ كَالطَّيْفِ لا كَبَقِيَّةِ الآمَادِ
وَاليَوْمَ شَدَّ إِلَى الرَّحِيلِ مَتَاعَهُ قَدْ زَوَّدَ الدُّنْيَا بِخَيْرِ الزَّادِ
لا أَوْحَشَ الرَّحْمَنُ مِنْكَ مَنَازِلاً خَيْرَ اللَّيَالِي بَيْنَ كُلِّ مَعَادِ
رَمَضَانُ تَأْتِي وَالوُجُودُ مُعَرِّسٌ وَتَجِيءُ إِثْرَكَ بَهْجَةُ الأَعْيَادِ
وَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى الرَّحِيلِ فَإِنَّمَا حُزْنُ الفِرَاقِ يَحِزُّ فِي الأَكْبَادِ
................
خَلِيلَيَّ شَهْرُ الصَّوْمِ زُمَّتْ مَطَايَاهُ وَسَارَتْ وُفُودُ العَاشِقِينَ بِمَسْرَاهُ
فَيَا شَهْرُ لا تَبْعَدْ لَكَ الخَيْرُ كُلُّهُ وَأَنْتَ رَبِيعُ الوَصْلِ يَا طِيبَ مَرْعَاهُ
مَسَاجِدُنَا مَعْمُورَةٌ فِي نَهَارِهِ وَفِي لَيْلِهِ وَاللَّيْلُ يُحْمَدُ مَسْرَاهُ
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ شَهْرَ قِيَامِنَا وَشَهْرَ تَلاقِينَا بِدَهْرٍ أَضَعْنَاهُ
عصام ميره
15-08-2012, 11:48 PM
ها هو رمضان يوشكُ أن ينتهي، هذا الضيف الكريم يوشك أن يرحلَ عنَّا، من الناس مَن أحسنَ وفادته، ومِن الناس مَن أكرمَ زيارته، ومِن الناس مَن أجملَ ضيافته، ومن الناس مَن رحلَ عنه رمضانُ وهو يحملُ له أسوءَ الذكريات.
إعلانات رمضان قبل الرحيل:
ها هو رمضان يوشك على الرحيل، يُعْلنُ فينا أنَّ كلَّ شيءٍ إلى فوات، وكلَّ جمْعٍ إلى شتات، وكلَّ حَيٍّ إلى مَوات، وأنَّ الله - عز وجل - يجمعُ الناس كلَّ الناس ليومٍ لا ريبَ فيه؛ ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9].
إنَّ هذا الشهر الكريم يُعلن فينا أنه لا قيمةَ إلا بالإيمان، ولا نجاة إلا بالتقوى، ولا فوزَ إلا بالطاعة، ولا يَنال الدرجات العُلا إلا رجلٌ مُجاهِد ينصرُ العقيدةَ، ويَحْمي الحقَّ، ويجابه الباطلَ، إذا قُرِئ عليه القرآن يستمع، وإذا نُودِي بالإيمان فإنه يُلبِّي؛﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].
﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران : 193].
يوشكُ رمضان على الرحيل وقد ضربَ الله - عز وجل - لنا طريقًا إليه نسلكُه، ونتعبَّدُ إلى الله فيه؛ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].
وهناك حبْلٌ طرفُه بأيديكم والطرف الأخر بيد الله؛ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].
حبلُ الله المتين، وصراطُه المستقيم، ودستوره الحكيم، ونوره المبين، مَن قال به صدقَ، ومَن عمل به أُجِر، ومَن حَكَمَ به عدل، ومَن تركَه مِن جبَّارٍ قصمَه الله ولا يبالي، القرآن الذي أُنزل في شهر رمضان هدًى للناس وبيِّناتٍ من الهدى والفُرقان؛ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
القرآن مجْدُ الأُمَّة، وعِزُّ الأُمَّة، ومكانة الأُمَّة؛ ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء : 10].
كتابٌ فيه مجدُكم، فيه عِزُّكم، فيه كرامتُكم، فيه حياتُكم، فيه تاريخُ أُمَّتكم، فلماذا نركنُ إلى الذِّلَّة وبأيدينا العِزَّة؟ ولماذا نسلُك طريقًا مُعوجًّا ولدينا طريقٌ مستقيمٌ.
احْترسْ؛ إياك أن تعبدَ رمضانَ:
يوشكُ رمضانُ على الانتهاء، فمن كان يعبدُ رمضان، فإنَّ رمضان يوشكُ على الانتهاء، ومَن كانَ يعبدُ الله، فإنَّ اللهَ حَيٌّ لا يموت؛ ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96].
الذين صبروا على الطاعة، صبروا على العبادة، صبروا على الصيام، صبروا على القيام، صبروا على تلاوة القرآن، صبروا لا صبر الاستسلام، إنما صبرُ الاستعلاء، لا صبر القعود، إنما صبرُ النهوض، لا صبر الخمول والكسل، إنما صبرُ النشاط والعمل؛ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]؛ أي: يغرفُ لهم من الحسنات غرْفًا.
الاستقامة المنشودة:
استقيموا على الطاعة، الإمام يدعوكم في اليوم خمسَ مرات في الصلوات: استقيموا يرحمكم الله، هل تستقيم هنا فقط؟ كلاَّ، تستقيم في بيتك، تستقيمُ في عملك، تستقيم في سفرك، في يُسْرك وعُسْرك، في صحَّتك و مَرضك، في حِلِّك وترحالك، في قوَّتك وضَعفك، في غِنَاك وفقْرك، تستقيم على منهج الله، وعلى سُنَّة رسول الله، فالله - عز وجل - فتحَ لنا بابَه واستضافنا في بيته، وشرَّفنا بالمثول بين يديه، تلتقي وجوهُنا فتلتقي في الحياة آمالُنا، تتصافح أيدينا فتتصافح قلوبُنا، تستقيم صفوفُنا فتستقيم في دنيا الناس مناهجُنا، تتوحَّد قِبْلتُنا فتتوحَّد غايتُنا، نعبدُ ربًّا واحدًا، ونقرأ كتابًا واحدًا، ونتبعُ رسولاً واحدًا، ونتَّجه إلى قِبْلة واحدة، وصدقَ الله إذ يقول: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]؛ أي وحدة أفضلُ من هذه الوحدة؟! الإسلام جمَعَنا من شتاتٍ، وأحيانًا مِن مَوات، وهَدانا من ضلالة، وعَلَّمَنا من جَهَالة، فلِمَ نفرِّطُ فيه؟ ولِمَ لا نستقيم على أمره؟!
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود : 112]، اسْتقمْ كما أُمِرْتَ، إنها الأمانة، إنَّه طريقٌ طويل، وعبادات مُستمرَّة، تعبدُ ربَّك ليس في المسجد فقط، وليس اليوم فقط، وإنَّما في كلِّ مكانٍ تطؤه بقدمك، وتحياه بروحك، لا يصحُّ أنْ ننتقيَ من العبادات فنأخذ ونترك، وإنَّما الإسلام منهجُ حياة شاملٌ لكلِّ زمانٍ وكلِّ مكان؛ ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].
الاستقامة على أمْرِ الله وعلى طاعة الله في رمضان وبعد رمضان، العبد عند قُدومه على ربِّه وقتَ الاحْتضار يحيطه البعيدُ والقريب، الحبيبُ والطبيب، الأخ والصديق، لكن هل يستطيعُ أحدٌ أن يضيفَ إلى عُمره شيئًا؟ أو أن يزيدَ من رِزْقه شيئًا؟ أو يعيدَ رُوحَه التي سُلِبَتْ؟ كلاَّ؛ يقول الله - عز وجل-: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 83 - 87].
في وقت الاحْتضار يحتاجُ المحتضَرُ إلى مَن يثبِّته عند الموت، ومَن يُطَمْئِنه على ما خَلَّفَ، ومَن يبشِّره بما هو قادمٌ إليه، المؤمن المستقيم على أمْرِ الله يبعثُ الله له ملائكةً كِرامًا تُثَبِّته عند السؤال، وتُطَمْئنه على الأولاد، وتبشِّره بما هو آت؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]. بل إنَّ الملائكةَ لتأخذ العبدَ المستقيم على أمرِ الله مِن يَديْه وتُدْخِله الجنة، وتُهَنِّئه بالفوز بالجنَّة والنجاة من النار؛ ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد : 23 - 24].
ما أجمل العبادةَ، وما ألذَّ الطاعة! مَن جرَّب لذَّة الطاعة هل يعود إلى مَرارة العِصْيان؟ كيف؟! تنتهي آلام العبادة ويَبْقى عند الله أجْرُها، وتنتهي لذَّةُ المعْصية ويبقى عند الله وِزْرُها، هل نعود إلى الضلال بعد الهُدى؟ هل نعود إلى الظلام بعد النور؟ كلاَّ!! وإنما يجبُ أن نستقيمَ على أمرِ الله.
العودة إلى الصفر الممقوت:
ضربَ الله مثلاً في القرآن لامرأة حَمْقَاء كانت في مكان بين مكة والطائف،كانت تغزلُ الصوفَ، وكان معها فِرَقُ عملٍ من النساء والفَتَيَات،كُنَّ يَغْزِلْنَ معَها، وكانتْ تصنعُ شيئًا من الصوف عجيبًا وجميلاً، كانت تغزلُ حتى إذا انتصفَ النهار فكَّتْ ما غَزَلته، ونقضتْ ما صنعتْه، أعادتْه كما كان، وكأنَّ شيئًا لم يكنْ؛ ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92].
الذي كان يتلو القرآن ثم يهجرُه بعد رمضان، فقد نَقَضَ غزله، والذي وَصَلَ رحِمَه ثم قَطَعَه بعد رمضان، فقد نَقَضَ غَزْله، هذه الوجوه التي سجدتْ لله في رمضان يجبُ ألاَّ تتَّجه لغير الله بعد رمضان، هذه العيون التي بكتْ من خشية الله في رمضان يجبُ ألاَّ تنظرَ إلى الحرام بعد رمضان، لا تتتبَّع النظرات الخائنة، وإنما تنظر إلى عجيبِ صُنْع الله، هذه البطون التي صامتْ عن الحلال في رمضان، يجبُ ألاَّ تقترفَ الحرام بعد رمضان، هذه الأقدامُ التي سعتْ إلى بيوت الله في رمضان، يجبُ ألا تسعى في الفساد والإفساد في الأرض بعد انقضاء رمضان، هذه اليد التي كانتْ مَمرًّا لعطاء الله؛ تنفقُ وتُعْطي في رمضان، لا يجبُ أن تبطشَ وتسرقَ وتختلسَ بعد رمضان.
إعلان آخر مميز:
يوشكُ رمضان على الانتهاء، وهو يُعلِّمنا أنَّ القلبَ المعمور بالإيمان، المنساق إلى الحقِّ، المنطلق إلى الصواب - لا يخرجُ منه إلا ما ينفعُ البلاد والعبادَ، لا يخرجُ منه إلا ما يُعبِّدُ الطريق إلى الله، لا يخرج منه إلا ما يرعى العهود، الذين يتعاونون في رمضان على البرِّ والتقوى، يجمعون الزكوات، ويوزعونها على الفقراء والمساكين، يُقيمون تكافلاً لأفْراد المجتمع غير القادرين، فيمثِّلون حَلَقة الوصْل بيْن الأغنياء والفقراء، إنَّهم يَبْغون الأجْرَ من الله، يَعتزون بإسلامهم، ويفرحون بطاعة ربِّهم، فيرفع الله أعمالَهم، ويصعد إلى الله كَلمُهم الطيِّبُ؛ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10].
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدْخله على قلبِ مسلمٍ، تكشف عنه كربه أو تطرُد عنه جوعًا، أو تقْضي عنه دَيْنًا))؛ حسن صحيح.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نفَّس عن مُؤْمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا، نفَّس اللهُ عنه كُرْبة من كُرَب يومِ القيامة، ومَن سَتَرَ مسلمًا، سترَه الله في الدنيا والآخرة، ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبدِ ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن سَلَكَ طريقًا يلتمسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ الله له به طريقًا إلى الجنَّة، وما اجْتمعَ قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم، إلاَّ حفَّتهم الملائكة، ونزلتْ عليهم السكِينة، وغشيتهم الرحمة، وذَكَرَهم الله فيمن عندَه، ومن أبْطأ به عملُه، لم يُسْرِعْ به نَسَبُه))؛ رواه مسلم.
طوبَى لهؤلاء! هل أنتَ منهم؟
فطوبَى لشابٍّ نشأ في عبادة ربِّه طاعة لله، وطوبَى لرجلٍ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضتْ عيناه، وطوبَى لفتاة أُمِرَتْ بالحجاب فقالتْ: لبَّيك يا الله، وطوبَى لامْرأة أطاعتْ زوجَها، وصامتْ شهرَها، وصلَّتْ خمْسَها حُبًّا في الله، وطُوبَى لِمَن أطْعمَ أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورَحِمَ أيتامًا، ووَصَلَ أرحامًا، ونَصَرَ مظلومًا.
أخوَّة الإسلام والتكافل:
الإسلام جمعَكم فلماذا تتفرَّقون؟ الإسلام وحَّدكم فلماذا تتشتَّتون؟ الإسلام وجَّهكم إلى الطريق المستقيم فلماذا تَحيدون؟ وهذه الأخوَّة التي نحياها في هذا الشهر الكريم، لماذا نتخلَّى عنها بعد رمضان؟! إنَّ الله يحبُّها؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].
ورسولُ الله أَمَرَنا بها؛ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يَظْلِمه ولا يُسْلِمه، مَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فَرَّج عن مسلمٍ كُرْبة، فرَّجَ الله عنه بها كُرْبة مِن كُرَب يوم القيامة، ومَن سَتَر مُسْلمًا سَتَرَه الله يوم القيامة))؛ رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود.
هذا الإخاء يجبُ أن يُنَمَّى بعد رمضان بالحبِّ والعطاء، بالبذْل والوفاء، بالتعاون على البرِّ والتقوى، لا على الإثْم والعُدوان.
نعمة من الله عظيمة أنْ بَلَغْتُم رمضانَ؛ فاشكروا الله؛ غيرُكم تمنَّوا ذلك لكنْ حِيلَ بينهم وبين ما يشتهون، جاء أجلُهم، وانقضتْ أعمارُهم، وانقطعتْ أرزاقُهم، كم ماتَ من الآباء والأجْداد! كم ماتَ من الأبناء والأحْفاد! كم مِن صديقٍ شيَّعْناه! وكم من قريبٍ ودَّعْناه! وكم مِن حبيبٍ في قبره وضعناه! وكم من عزيزٍ تحت الثرى واريناه! كانوا يتمنون أنْ يبلغوا رمضانَ لكنْ: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19].
يا من بلغْتُم رمضانَ، هل أدَّيْتُم حقَّه؟ هل صُمْتُم إيمانًا واحْتسابًا؟ هل قُمْتُم إيمانًا واحتسابًا؟ هل عِشْتُم ليلَةَ القَدْر كما ينبغي؟
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه، ومَن قَامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه، ومَن قَامَ ليلة القدْر إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه))؛ مُتفق عليه.
ليله القدْر:
تخلَّصْ من ذنوبك وأضفْ إلى عُمرك ما يقاربُ ثلاثة وثمانين عامًا من العبادة والطاعة، واستمتعْ مع الملائكة المُكرَّمين الذين لا يعصون الله ما أمرَهم ويفعلون ما يُؤْمَرون، وكُنْ في هذه الليلة - ليلة القدر - مع الروح جبريل - عليه السلام - أمين وحي السماء وشديد القوى، وتَنَسَّمِ السلام الحقيقيَّ الذي لا فزعَ فيه ولا قلق فيه ولا خوف معه، إنها ليلة القدْرِ؛ يقول الله - عزَّ وجلَّ-: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].
((مَن قامَ ليلة القدْر إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذَنْبه))؛ مُتفق عليه.
اللهمَّ اجعلْ رمضان شاهدًا لنا لا علينا، اللهمَّ كما سلمته لنا تسلَّمه منا مُتَقبَّلاً، اللهمَّ ارْزقْنا الإخْلاصَ في القول والعمل، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مَبْلغ عِلْمنا.
عصام ميره
16-08-2012, 12:06 AM
يا من أسأت الاستقبال.. أحسن الوداع
معَ إعلانِ رؤية الهلال تهللت الوجوهُ وانشرحت الصدورُ.. حتى المُقصِّر شعر بالراحة, إذ لعل تقصيرَه سيتقلص في ليالي رمضان المباركة, أو لعل البركة تدركه بأعمال من حوله من أهل الصلاح!
ومن فورها عُمّرت المساجد, وعلا صوتُ الحق, وشرع كلُّ إمام في صلاة القيام، وبدأت المسابقة..
علت في المساجد سورةُ البقرة مُعلنة بدايةَ السباق واستعداد العُبَّاد..
فيا لسعادة الخاشعين بهذا الجو الإيماني, ويا لهناء المتقين بأيامه!
بدأ رمضان وبدأت معه الهمم تناطح السحاب, يعزم أحدُهم أن يختم كلَّ ثلاث، وآخرُ على ختمة كل أربعة، ومن يعرف من نفسه ضعفًا لعله قرر أن يختم كل أسبوع!
كيف لا وهو شهر علو الهمة؟!
كيف لا وبدخوله تتغير النفوس وتقوى العزائم؟!
كيف لا وهو إذا تكرر في العام المُقبل فقد لا يدركونه هم؟!
ويعزم آخر على عدم التفريط في صلاة الجماعة, ويحرص أشد الحرص عليها.
كيف لا يفعل وهو يرجو العتق فيه من النيران مع كل ليلة يتجدد فيها الأمل؟!
بدأت أيامُه المباركة، وبدأت الدروسُ التهذيبية للنفوس, تغيرت المعاملاتُ وتغيرت الكلمات, فكلٌ ينتقي كلماتِه التي سيقولها, حفاظًا على ثواب صيامه, وإن طرأ على خاطره شيء فكّر فيه واستبدل به ما هو أليق بمثل هذا الشهر المبارك..
حتى الأطفال علت هممُهم وزادت, يرجون الأجر من الله! ينظرون إلى الكبار ولسان حالهم: لن تسبقونا إلى الله! فهذا طفل في الخامسة يعزم على صوم أيامه ومرافقة أبيه في صلاة القيام؛ يريد ألا يضيع الحسنات ولا يفوت الفرص, وهو في هذا العمر..
وتمضي أيامُه المباركة، وتتسابق سويعاتُه العطرة، ثم ما أسرعَ انقضاءَ كل ما كانت له مدة وفناء كل ما كانت له عدة, ومع مرور الأيام, ومع ما جبلت عليه النفوس البشرية من سرعة الملل وضعف الهمم, تعتاد النفسُ تلك الأجواءَ، ولا تستشعر عظمتها, ويركن القلب إلى الدعة وتطلب النفس راحتها!
بعد أن ذاق في سجوده حلاوةَ الإيمان، وبعد أن استشعر سعادتَه في ختم القرآن أكثر من مرة, وبعد أن حرَصت نفسُه على العبادة وراقب لسانَه وجنّبه الزلل, تركن نفسُه وتميل إلى ما تميل إليه كل نفس بشرية.
سبحان الله!
لا يصبر الكثيرُ على ثلاثين يومًا!
أين ما كان من حالنا عند استقبال شهرنا؟
أين المساجدُ التي كانت عامرةً حتى لا يكاد الرجل يجد له مكانًا إن تأخر؟!
أين الهممُ وأين العزائم؟!
أين الطاعاتُ والقربات؟!
أين محاسبة النفس ومراقبة الأفعال؟!
فترت الهممُ، وتناقص العدد, ولم يبق إلا ثلة من أصحاب القلوب الحية..
يعلمون أنهم يحيون شهرًا ليس كسائر الشهور!
يعلمون أن دقائقَه غالية ليست كالدقائق!
بل يعلمون أن الله تفضل عليهم وأعانهم على حسن استقباله وحسن استغلاله.
ويُشفِقون من انقضاء لياليه دون تحصيل الأجر!
يخشَون فواتَ الثواب واستحقاقَ العقاب.
ولا يخشى ذلك إلا أصحابُ القلوب الحية.
هُرعوا إلى ربهم، وعلموا قيمةَ شهرهم, وزاد خوفُهم بمرور أيامه ولياليه, ولسان حالهم يقول:
يا شهر رمضان ترفَّقْ..!
دموعُ المحبين تدفّق..!
قلوبُهم من الفراق تشقّق..!
عسى وقفةٌ للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرَق..!
عسى توبةٌ وإقلاعٌ يرقع من الصيام ما تخرّق..!
عسى مُنقطِعٌ عن ركب المقبولين يلحق..!
عسى من استوجب النارَ يعتق..!قد يقول قائل: فات الأوانُ وأدلج المدلجون!
لا والله ما فات, وبابُ التوبة مفتوحٌ ينادي على من يرغب بصدق ويعزم بجد.
لا تقل فات الأوان!
ولو بقي في هذا الشهر المبارك دقيقة, فما يدريك لعله أن يُكتب عتقُ رقبتك من النار في هذه الدقيقة..؟
ثم ما بقي إلا خيرُ الأيام وأشرف الليالي, وما يدريك لعلك توافق ليلةَ القدر فتفوز بخيري الدنيا والآخرة؛ فمن حرم خيرَها فقد حرم.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه.
فلا تضيع الوقت وإن ضيعت وفرطت في بداية الشهر..
وإن أسأتَ وتعديت في أوله.. فأحسن واصدُق في آخره.
اجعل من هذه الليالي القليلة مطيتَك إلى الجِنان ممتطيًا جوادَ الهمة، مُسابقًا إخوانَك بفرس الجد، فعسى أن تكون ممن قيل فيهم: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
لا تظن أن ختمَ القرآن في هذه الليالي صعبٌ وشاق، ولا تحسبن الوقتَ ضيقًا, لا والله, فمن السلف من كان يختم القرآن في ليلة, ومن الخلف من أهل الخير والصلاح من يفعل ذلك، ومنهم من يختم في ثلاث, فلِم لا تكون منهم؟
لم تحرم نفسَك الأجرَ وتضيع الثواب؟ وتظن أن الوقت قد فات وأن من سبق قد سبق, وتذكَّر قول رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: ((إن العبدَ ليعملُ عملَ أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم)), رواه البخاري.
فاللهَ نسأل أن يحسن خواتيمَنا, وأن يجعلنا ممن أُعتقت رقابُهم في هذا الشهر المبارك, وأن يعيننا على حسن توديعه، ويغفر لنا ما فرّطنا فيه, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عصام ميره
16-08-2012, 12:11 AM
معجزة الصيام
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}... (آل عمران : 102).
يقول تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}... (البقرة : 184)، وهنا تتضح وتتجلى المعجزة العظمى لمحمد صلى الله عليه وسلم في تشريع الصوم :
المعجزة الأولى
ضرورة الصوم لكل إنسان:
حيث يعتبر العلماء اليوم الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها.
وأي إنسان أو حيوان إذا لم يصم فإنه معرض للإصابة بالأمراض المختلفة، وأن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، يقول ماك فادون من علماء الصحة الأمريكيين (إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعلـه كالمريض فتثقلـه ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وذهبت عنه حتى يصفو صفاءً تاماً و يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مدة لا تزيد عن 20 يوماً بعد الإفطار. لكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد لـه بهما من قبل).
ومن أهم الفوائد الصحية للصيام:
1 - راحة الجسم و إصلاح أعطابه.
2- امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء والتي يؤدي طول مكثها إلى تحولـها لنفايات سامة.
3- تحسين وظيفة الـهضم، والامتصاص.
4- تستعيد أجهزة الإطراح والإفراغ نشاطها وقوتها وتتحسن وظيفتها في تنقية الجسم، مما يؤدي إلى ضبط الثوابت الحيوية في الدم وسوائل البدن. ولذا نرى الإجماع الطبي على ضرورة إجراء الفحوص الدموية والمفحوص صائماً. فإذا حصل أن عاملاً من هذه الثوابت في غير مستواه فإنه يدل على خلل ما.
5- تحليل المواد الزائدة والترسبات المختلفة داخل الأنسجة المريضة.
6- إعادة الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن.
7- تقوية الإدراك وتوقد الذهن.
8- تجَميل وتنظيف الجلد، يقول الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الإنسان ذلك المجهول (إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام،..إن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد. وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا).
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}... (البقرة:183).
المعجزة الثانية
الصوم هو الخير والصحة للإنسان أو المعفاة الكاملة بدنياً ونفسياً وروحياً:
يقول هالبروك Holbrook: (ليس الصوم بلعبة سحرية عابرة، بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة جيدة).
ويقول الدكتور ليك Liek: (يوفر الجسم بفضل الصوم الجهد، والطاقة المخصصة للـهضم، ويدخرها لنشاطات أخرى، ذات أولوية وأهمية قصوى : كالتئام الجروح، ومحاربة الأمراض).
ويقول توم برنز: (فعلى الرغم من إنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر، وأشعر بانصراف ذاتي عن النزوات والعواطف السلبية كالحسد والغيرة وحب التسلط، كما تنصرف نفسي عن أمور علقت بها مثل الخوف والارتباك والشعور بالملل).
والصيام وقاية للجسم من الحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها.
كما يخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويعطي غدة البنكرياس فرصة للراحة، والتي تفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفروزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر.
وقد أقيمـت دور للعلاج في شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر باتباع نظام الصيام لفترة تزيد من(عشر- عشرين) ساعة ودون أية عقاقير كيميائية، ثم يتناول المريض وجبات خفيفـة جدا، وذلك لمدة أربعة أسابيع متوالية. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة في علاج مرضى السكر.
والصيام وقاية من التخمة، وأفضل طبيب تخسيس وأرخصهم على الإطلاق، والصيام وقاية من الأمراض الجلدية، حيث يقلل الصيام نسبة الماء في الدم فتقل نسبته في الجلد مما يعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض الجرثومية، والصيام وقاية من داء الملوك 'النقرس'، والصيام وقاية من جلطة القلب والمخ، والصيام وقاية من آلام المفاصل، والصيام مشرط جراحي يزيل الخلايا التالفة.
إن الصيام هو مفتاح الصحة، ومن الأمراض التي أثبت الصوم فاعلية في علاجها: الشقيقة (الصداع النصفي)، والربو القصبي، والأمراض الالتهابية، وأمراض الغدد الصم وضعف الخصوبة، والبدانة، وداء السكري إذا لم يمض على الإصابة أكثر من 5 سنوات، حيث تصاب غدة البنكرياس بالتلف، وبالتالي لا يفيد الصوم في تنشيط الغدة وزيادة فعاليتها، وعلاج ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول.
ويتفق الباحثون على أهمية الصوم الحيوية حيث أن تخزين المواد الضرورية في البدن من فيتامينات وحوامض أمينيه يجب ألا يستمر زمناً طويلاً، فهي مواد تفقد حيويتها مع طول مدة التخزين، لذا يجب إخراجها من مخازنها واستخدامها قبل أن تفسد، إن الصيام يمنح الجهاز الـهضمي وسائر الأجهزة والغدد.
الراحة الفسيولوجية التي تجعل الجسد يحصل على فرصة للتجدد، فتعود الوظائف نشطة، ويصبح الدم أصفى، وأغنى بكريات الدم الأكثر شبابًا، وهذا التجدد يظهر أولاً على سطح الجلد فتصير البشرة أنقى، وتختفي البقع والتجاعيد، أما العيون فإنها تغدو أكثر صفاءً وبريقًا. ولقد أشارت تجارب اثنين من علماء الفسيولجيا بجامعة شيكاغو أن الصوم لمدة أسبوعين يكفى لتجديد أنسجة إنسان في عمر الأربعين، بحيث تبدو مماثلة لأنسجة شاب في السابعة عشرة من عمره. يقول تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}... (البقرة : 184).
المعجزة الثالثة
أقل فترة للصوم شهر واحداً في العام:
أكد البروفيسور نيكولايف بيلوي من موسكو في كتابه 'الجوع من أجل الصحة' 1976 (أن على كل إنسان أن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة أربعة أسابيع كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته) قال تعلى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}... (البقرة: 185).
المعجزة الرابعة
في تحديد زمن الصوم اليومي من طلوع الفجر إلى غياب الشمس:
زمن الصيام الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في وقت الإفطار وقد أثبت البحث العلمي أن الفترة المناسبة للصوم يجب أن تكون مابين 12-18 ساعة وبعدها يبدأ مخزون السكر في الجسم وفي تحليل البروتين.
وقد سجل درينيك Dreanik ومساعدوه عامـ 1964م، عدداً من المضاعفات الخطيرة من جراء الوصال في الصيام لأكثر من 31 يوماً. وتتضح هنا المعجزة النبوية بالنهي عن الوصال في الصوم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والوصال قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني).
المعجزة الخامسة
أهمية وجبتي الإفطار والسحور للصائم:
فقد أثبت البحث العلمي أهمية وجبتي الإفطار والسحور في إمداد الجسم بالأحماض الدهنية والأمينية، وبدونهما يتحلل الدهن في جسم الإنسان بكميات كبيرة مما يؤ دي إلى إلى تشمع الكبد وإلحاق أضرار خطيرة بجسم الإنسان.قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور).
المعجزة السادسة
الصوم بالامتناع عن الطعام والشراب والجماع أمان من الأخطار الصحية:
فقد أثبتت الأبحاث الطبية أن الامتناع عن الطعام فقط يعرض الإنسان على مخاطر عديدة أهمها: اختلال نسبة الأملاح والسوائل في الجسم مم يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة وقد تصل هذه الأخطار على الوفاة، ويؤدي الجماع إلى فقد 76 كيلو سعر حراري قد تلحق الأذى بالإنسان وهو صائم.
المعجزة السابعة
الرخصة للمريض والمسافر لليسر وعدم المشقة:
بين ألن سوري Alain Saury أن قيمة الصوم في تجديد حيوية الجسم ونشاطه ولو كان في حالة المرض، وأورد حالات عدد من المسنين، تجاوزت أعمارهم السبعين، استطاعوا بفضل الصوم استرجاع نشاطهم وحيويتهم الجسمانية والنفسانية حتى أن عدداً منهم استطاع العودة إلى مزاولة عملـه الصناعي أو الزراعي كما كان يفعل في السابق نسبياً. فالرخصة في الصوم للمريض والمسافر مرتبطة بالمشقة قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}... (البقرة : 185).
المعجزة الثامنة
أهمية صيام ستة أيام من شوال وثلاثة أيام من كل شهر:
الصيام هو الوسيلة الوحيدة الفعالة لطرد السموم المتراكمة في الجسم، حيث تنظف القناة الـهضمية تمامًا من جراثيمها خلال أسبوع واحد من الصوم، وتستمر عملية التنظيف لإخراج الفضلات والسموم المتراكمة في الأنسجة عبر اللعاب، والعصارة المعدية، والعصارة الصفراء، وعصارة البنكرياس، والأمعاء، والمخاط، والبول، والعرق، وتقل كمية العصارة ودرجة حموضتها كثيرًا مع الصوم، يقول الدكتور محمد سعيد البوطي: (أن الصيام الحق يمنع تراكم المواد
السمّية الضارة كحمض البول والبولة وفوسفات الأمونياك والمنغنيزا في الدم وما تؤهب إليه من تراكمات مؤذية في المفاصل، والكلى ــ الحصى البولية ــ
ويقي من داء الملوك ــ النقرس ــ). وقد أثبت الأبحاث الطبية أن الصيام ليوم واحد يطهر الجسم من الفضلات والسموم المتراكمة لعشرة أيام (أي أن الإنسان يحتاج كل سنة لصيام 36 يوماً).
ومن هنا نرى الحكمة من أن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لنا بصيام ستة أيام من شوال حتى تكتمل عملية التنظيف يقول صلى الله عليه وسلم: فيما رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر).
كما يكشف العلم الحديث عن حكمة لصيام الأيام البيض، فقد أخرج البخاري في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. والمراد بالأيام البيض (13، 14، 15) من كل شهر عربي. وسميت بالبيض لأن لياليها بيضاء من شدة ضوء القمر عند اكتمالـه.
وقد كشف العلم الحديث في الأعوام الأخيرة أن القمر يسبب في الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، زيادة التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة تصيب بعض الناس بمرض الجنون القمري.
المعجزة التاسعة
لماذا الإفطار على التمر؟:
فلقد كان رسول اللـه صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، وهذا الـهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر المـوجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة ويصل إلى الدم في دقائق معدودة، ويعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد.
أما لو أفطر الإنسان بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا كي يتم هضمها وتحويل جزء منها إلى سكر فلا يشعر الإنسان بالشبـع، ويستمر في ملء معدته فوق طاقتها توهما منه أنه مازال جائعا، ويفقد الصيام هنا خاصيته المدهشة في جلب الصحة والعافية والرشاقة.
إن هذا التشريع المحكم الذي يتضمن أسراراً لأدق الاكتشافات الطبية والذي نزل به القرآن في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها يدل على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}... (الفرقان : 6).
كما يشهد لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من عند الله، وصدق الله القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}... (فصلت : 53).
عصام ميره
16-08-2012, 12:25 AM
http://im13.gulfup.com/2012-08-16/134506932152.jpg (http://www.gulfup.com/show/Xs6etstx0wkgk8)
ناديه محمد الجابي
10-03-2024, 08:59 PM
أكثر من 30 أسلوبا لتربية الأسرة في رمضان
قد يكون مر بك رمضانات كثيرة وازددت فيها إيمانًا، وتمنيت أن يكون لأسرتك نصيب من هذه التربية الإيمانية،
لا تتوقف عند نهاية شهر الصوم فقط، بل تمتد لتكون منهج حياة. وربما تألمت للأوقات المهدرة خلال شهر العبادة،
للأطفال من إخوة وأبناء وحتى النساء، وربما أنت.
نحن هنا ننثر أمامك عقدًا من الأفكار التربوية للأسرة تستفيد منها، ثم تزيد عليها، وربما كان بعضها يصلح للأب،
وبعضها يصلح للإخوة، وبعضها للأبناء. ستلاحظ أن أكثر الأفكار الأولى تناسب الآباء، وأكثر الأفكار الأخيرة تناسب الإخوان ...
أفكار تربية الأسرة في رمضان:
1- قبل كل شيء:
ضع أهدافًا لك وللأسرة، وعلقها في مكان بارز في المنزل؛ لتبقى عالقة في الذهن يحرص أفراد الأسرة على الوصول إليها،
مثلاً: يكون ضمن الأهداف ختم القرآن ثلاث مرات، أو قراءة كتاب في التفسير،
أو إنهاء جزء من القرآن خلال جلسات تفسيرية وتربوية، أو قراءة كذا وكذا من الكتب، وهكذا.
2- مع الاستمرار بتذكير أفراد الأسرة بثواب الأعمال، فلا تنس المحفزات المادية والعبارات التشجيعية،
وما أجمل أن توضع الجوائز المراد توزيعها في يوم العيد لمن أتم برامجه بنجاح في مكان بارز أمام مرأى الجميع!
3- قبل دخول الشهر، جهز الوسائل التي تريد استخدامها خلال الشهر، من أشرطة ومطويات وكتيبات،
وكذلك ما تريد تصويره أو إعداده من أوراق ونحوها، ليدخل الشهر وأنت على استعداد، فلا يضيع جزء منه في الإعداد.
4- هيئ أفراد الأسرة لرمضان قبل دخوله بالتحفيز والتشجيع، والترقب ومزيد من الشوق.
5- علق جدولاً في المنزل يحتوي على البرنامج اليومي المقترح، واحرص على ألاّ يكون الجدول مثاليًّا يصعب تطبيقه،
بل يكون مرنًا قابلاً للعوارض المختلفة من دعوات إفطار ونحوها، وإذا كان البرنامج موحدًا بين أفراد الأسرة، فإن هذا مما يدفع الجميع للتفاعل معه.
6- اجعل ضمن الأوراق المعلقة ورقةً أو صحيفةً حائطيةً يكتب فيها أسماء أفراد الأسرة بصورة أفقية،
واكتب أسماء السور أو الكتب أو غيرها أعلى الورقة بصورة عمودية، بحيث يتم تظليل الجزء الذي تم إنجازه في الصحيفة وتظهر المنافسة بجلاء.
7- لا تنس مراعاة الفروق الفردية بين أفراد الأسرة، فليس بالضرورة ما يصلح لأحد الأفراد يصلح للآخر،
ولا مانع من أن تحفز أحد أبنائك على الحفظ، وآخر على التلاوة، وربما تحفز أمك على حفظ بعض قصار السور، وربما بعض الصغار.
8- إذا كنت تريد من ربة المنزل التفاعل معك فلا تشغلها بطلب التنويع في الأكل، واحرص على إيجاد برامج تناسبها في مطبخها،
كسماع الأشرطة وإذاعة القرآن ونحو ذلك، وذكّرها بأنها في خدمتها لهؤلاء الصائمين على أجر كبير.
9- ما أجمل أن تصطحب أبناءك معك لصلاة التراويح! وتنتقي لهم من المساجد ما يتميز بحسن صوت إمامه،
وخشوعه، وتدبره للآيات، وكثرة المصلين، ونحو ذلك، فيرون هناك أقرانهم ويتلذذون بالعبادة.
10- عوّد أبناءك أو إخوانك على إلقاء الكلمات في المنزل، سواء كانت مكتوبةً أو محفوظةً،
ولو كانت قصيرة, واجعل وقتًا للمنبر، يستمع فيه الجميع إلى الخطيب -ابنك أو أخاك-، فسوف يتعودون على الجرأة في الخطابة
ومحادثة الآخرين، فضلاً عن الفوائد من الكلمات الملقاة.
11- اجعل للأعمال الإغاثية جزءًا من وقتك، ولو ليومين أو ثلاثة، أو حتى يوم واحد، تعمل الأسرة جاهدة لإطعام فقراء الحي،
أو التعاون مع الجمعية الخيرية، أو التعاون مع مشاريع تفطير الصائمين، وتقوم البنات بإعداد الوجبات لذلك، ومن كان عنده فضل مال يتبرع ولو بريال.
12- ما أروعه من يوم ذلك الذي سوف تجتمع فيه بأبنائك في المسجد معتكفين!
متفرغين للعبادة، دون كثرة أحاديث تذهب لذة الاعتكاف. يكفيك يوم واحد على الأقل (24 ساعة).
13- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور التي ينبغي أن تكون منك على بال،
وذلك من خلال النصائح المباشرة بالأسلوب الحسن، ومن خلال توزيع المطويات ونحوها على الآخرين، وحينها ستزرع في نفوس أبنائك معاني عظيمة في هذا الجانب.
14- من الأساليب التربوية الناجعة: إقامة رحلة جماعية للأسرة إلى بلد الله الحرام مكة المكرمة، والتخطيط لها وكيفية قضائها وقضاء الطريق أمر مطلوب، وحين يوافق وقت الرحلة العشر الأخيرة فينبغي ألا يفوت الاعتكاف في الحرم، وفق ما سبق ذكره حول الاعتكاف.
15- ومن المقترحات أيضًا: إقامة درس تربوي في التفسير بصفة يومية بعد الفجر أو الوقت المناسب للأسرة،
يفتح المجال فيه للجميع بأن يشاركوا بالبحوث أحيانًا أو الأسئلة أو الدروس، أو الاستنباطات التفسيرية من الآيات؛ لأن من شأن هذا أن ينمي ملكة التأمل لديهم.
16- ما أجمل أن يقترح على جميع أفراد الأسرة بأن يتبنى كل واحد منهم تعديل سلوك معين لديه،
إما تغيير سلوك خاطئ أو تطوير سلوك حسن أو المداومة على عبادة من العبادات.
17- كذلك نقترح إقامة مسابقات ترفيهية وثقافية للشباب واختيار الوقت المناسب الذي يخلو من العبادات لطرد الملل أولاً،
ولإبعادهم عن الأجواء غير الصحية مثل مشاهدة التلفاز ونحوه.
18- كتابة لوحات معبرة وإيحائية وآيات قرآنية وأحاديث نبوية بخط جميل وصورة معبرة وطريقة جذابة، تعلق في أماكن متفرقة بالمنزل،
مثلا: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه...)
ويوضع خط تحت (إيمانًا واحتسابًا) للتذكير بالإخلاص، ومثلاً: (اجعل رمضان انطلاقة جديدة لحياة سعيدة)،
أو (اجعل رمضان هذا العام مختلفًا)، ولك حرية اختيار الألفاظ المناسبة.
19- جرب أن تضع على باب غرفة شقيقتك بطاقة تهنئة مع هدية كتيب أذكار، منذ متى لم تفاجئ أختك بهدية؟
20- ألم تفكر بعد في كبيرات السن (والدتك أو عمتك...)؟! ما نصيبهن من التعليم، آية الكرسي مثلاً،
أو قصار السور أو غيرهن، أو حتى بعض الأذكار الشرعية، وصفة الوضوء والصلاة.
21- ما أورع أن تهدي الخادمة أو السائق هدية، سجادة صلاة مثلاً، أو مصحفًا مفسرًا بلغته،
وأن تسمح للسائق بالذهاب ولو ساعة في الأسبوع لمكتب توعية الجاليات لحضور برامج دعوية هناك.
22- أقنع إحدى محارمك بالمنزل أن تعقد حلقة تعليم قصيرة للخادمة.
23- وفر في المنزل ما يشعر بخصوصية الشهر وأهمية استغلاله، مثل: حاملات المصاحف، جدول متابعة القراءة في القرآن...
24- جرب سهرةً تاريخيةً مع أفراد الأسرة، حيث تطالع وتقرأ عليهم إحدى الغزوات الشهيرة والمثيرة،
أو وصفًا للجنة والنار ويوم القيامة، وحاورهم، ولا تنس الوقوف على مواطن العبرة.
25- اعمل مسابقة في قراءة كتاب شائق ومفيد بين إخوانك أو أبنائك، ونقترح: كتاب (صور من حياة الصحابة) لعبد الرحمن رأفت الباشا، والفائز من ينتهي من السلسلة أولاً. واجعل جائزة الجميع وجبة عشاء من أحد مطاعم الوجبات السريعة مثلاً، صدقني لن ينسوا هذه الليلة العذبة.
26- اسأل والدك عن المقرئ الذي يحب سماع تلاوته، ثم قم بوضع هدية في سيارته تحتوي هذا الشريط.
27- ماذا لو استضافت الأسرة بعض المساكين في البيت وفطرتهم، لينكسر الكبر من النفوس، وترق القلوب، ونتعلم الشعور بالجسد الواحد.
28- قم بحملة تبرعات للأسرة فيما زاد على الحاجة، مثلاً: قم بتوعية الأسرة بحال الفقراء والمحتاجين في الداخل والخارج،
وأرهم صورًا مؤثرةً، ثم اقترح التصدق بملابس عيد العام الماضي، ليفرح بها آخرون.
29- أشغل الصغار ببعض المهارات الفنية والمسلية عن التلفاز، اجلب إليهم كراسات التلوين التي تحتوي رسومًا إسلامية،
افتح لهم جهاز الحاسب واجلب برامج مناسبة ومسابقات شائقة.
30- حاول إشعال روح التنافس للمشاركة في برامج إذاعة القرآن الكريم أو قناة المجد، والتفاعل مع مسابقاتها المفيدة.
31- جميل أن تتبنى بنفسك نيابةً عن أسرتك إيصال زكاة الفطر لمستحقيها، كوِّن فريق عمل من الصغار،
اجمعوا الزكوات، اكتبوا قائمة بالمستحقين، وزِّع الفريق إلى مجموعات، ولينطلق كل فريق على بركة الله.
المصدر: موقع صيد الفوائد.
وجبات غنية ودسمة وشهية، وكنوز قيمة أسأل الله أن يجزيك بها الجنة
مبارك عليكم شهر المغفرة والرضوان
شهر العتق من النيران
أبلغكم الله رمضان
وألبسكم حلل الغفران
وملأ قلوبكم بالإيمان
وأعتقكم من النيران.
:tree::001::tree:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir