المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النافذة



سعاد محمود الامين
09-08-2012, 08:45 PM
(1)
النَافِذة

جَلس على الكُرسى. رجع به الى الخلف قليلاً. وأغمضَ عيّنيه مُنتشياً. مسحَ رأسه بكِلتا يديه، وابتسامة عريضة تعلو شفتيه، همس مُحدثاً نفسه: هاهى قد زيّنت نافذتها بصورتها البهِيّة.
سبقته أنامله على لوحة المفاتيح، تعزفُ لحن الحُبْ.والشَوق يعصِف به.
ـــ طَق..طَق..أين أنتِ ... لقد قَتلنى انتظاركِ... إنك لا تعلمى مِقدار حُبى لك...طَاق
ـــ كُنت مشغولة قليلا آسفة.
ـــ طَق..طَق.. وعدتينى اليوم بأن نتعارف أكثر فقد صِرت مَجنوناً بك...طَـــــــــــاق
ــ لقد تعارفنا مُنذ زمناً طويلاً ماذا تريد أكثر.
ـــ طَق..طَق.. اللقاء المُرتقب الذى وعدتِينى به.. أنا فى شوق إليك ياروحى...كما أُناشدك باسم حُبنا الكبير أن تكشفى لى عن اسمكِ الحقيقى...طَــــــــــــــ ـــــــــــــــاق
ـــ اسمى الحقيقى؟! ريم سعد أحمدالنور....
ـــ طراااااااااااااخ..
أغلق النافذة وقفز دفعةً واحدةً، مسرعاً نحو حُجرتها فوجدها تغطُـ فى نومٍ عميقٍ.








(2)
الرَاحل
لم تطاوعنى نفسِى على الإلتفات، حتى لا أرى مَضجع أبى العجوز خاليًا. حين ودَعنِى قائلًا:.
ـ وداعا يا ابنى إن عدت قد لاتجدنى حيًا. اسمع وصيتى الأخيرة.. إن أردت غَرس جِذورك فى أرضٍ غير أرضك، جَارهم مادمت فى جِوارهم.. البلاد بلاد الله.. التى توفر لك الخبز والكرامة هى مَوطِنك.
كانت دواخلى تصدر ضجيجًا عاليًا، متنوع العُصوف. عند المُنعطف حانت مِنى التفاته دون إرادتى طالما قاومتها، فرأيته مازال مُنحنيًا كادت عيّناه أن تخرجُ من مِحجريهما وهو يحاول جاهدًا أن يُتابعنى ابتعد. كِدت انبذ فكرةَ الرحيل.
هَدير مُحرك الطائرة عَلا صوته فوق صوت أحزانى،ـ ماكان ينبغى أن أتركه وهو فى هذا العمر الحرج ـ نظرتُ من النافذةِ الصغيرةِ تَرآي لى وجه بين السُحب البيضاء باسمًا.



(3)
ثَرثَرة
تَسللت آمنة خِلسةً الى جارتها دون أن تطرقُ الباب، خوفًا من أبوزيد الذى لايرغب فى زيارات النِسوة الصباحية. وجدت جارتها تَعد شاى الصباح لزوجها.بادرتها بالتحية وهمست لها بالخبر : زبيدة جارتنا تصرخ ليلة أمس لقد جاء زوجها مخمورًا وضربها ضربًا مبرحًا.
ردت عليها بتأفف: لماذا تصرخ.. لتفضحه فى الحى..ثم أردفت: أبوزيد زوجى يضربُنى ويصفعُنى ليلاً و نهاراً.. ولم يسمع صوتى أحد.. اللعنة عليها...المفضوحة(وبصقت على وجه الأرض.)
اندهشت آمنة، وفغرت فاها وهمست: زوجك يُمارس العُنف الجَسدى عليكِ وأنت تترأسى لجنة حماية الاسرة وتَنبذى العنف اللفظى والجسدى وتوجهى النساء و مازلت تعيشين معه؟!.
واسْتدركت الزوجة الفخ الذى وقعت فيه بذِلة لسانها. وأيقنت إنها ستكون ضَحيّة لثرثرةٍ صباحية. التفت فلم تَجد جارتها آمنة.وأصبحت المَقاعِدُ خاليةً.
(4)

الحَقِيبة
تَوترت أعصاب المَدينةُ، وإنهارت بِيئتها، إهتزّت أسلاك المنظمات فانتشروا يلتقطون أطفال الشوارع.
جاء بها الى أُسرتِها سَألها أمامهم: لماذا هَربت الى الشَارع؟
قالت: أنا خَجِلةٌ (صمتت)
ـ من الفقر؟
ـ لا من أبى..
دُهش الأب؟! ونَظر اليها عَابسًا، ولمعت عيناهُ واستدارتا فى مَحجريهما، كأنهما عيّنا صَقر يُريد الإنقضاض.
خافت وإنْزَوت وتَكوْرت فى جلستها كأنها تختبىء مِنُه.
قال مندوب المنظمة:أحكى...
ـ أبى يكْذِب... يُمثل أنه أعمى... ويُجبرنى على قيادتِه للتَسوّل فهربت.
كانت أعينهم لا تُفارق حَقيبة المندوب منذ قدومِه. فتحها أخرج منها أوراقِه البيضاء، المُزيّنة بترويسة المُنظمة الزرقاء. بدأ يشرح ويشرح الإندماج، إعادة التأهيل، المشاريع الصغيرة و..و... والأُُسرة تنتظر الحقيبة واذانهم تَطِن ششششششششششششششششششش. عندما إنتهى المندوب، التفت الى طفلة الشوارع ليُحادثُها، وجد مكانها خاليًا.
تمت

آمال المصري
09-08-2012, 10:41 PM
ومضات من الحياة صيغت بأسلوب سلس شائق وحرف ماتع جميل


أغلق النافذة وقفز دفعةً واحدةً، مسرعاً نحو حُجرتها فوجدها تغطُـ فى نومٍ عميقٍ.
نهاية مفتوحة للتأويل .. هل تظاهرت الزوجة بالنوم عندما اكتشف الزوج فعلتها ؟ أم هناك من اقتبس اسمها ليتخفى وراءه ؟ عموما الشابكة تعج بالغرائب التي تثير الدهشة والمواقف التي تتسبب في انهيار بعض البيوت إذا ماراعينا الله في تصرفاتنا وأقوالنا

لك حرف ماتع أخت سعاد عهدناه منك ومازلت أتمنى لو نُشرت فرادى لتنال الحق في القراءة والنقد
دام ألقك
وكل عام وأنت بخير
تحاياي

سعاد محمود الامين
10-08-2012, 06:51 PM
شكرا لك أيتها الأديبة.. حروفك تدفعنى دوما إلى ا لأمام شاكرة لك ومقدرة ودمت...

ربيحة الرفاعي
12-08-2012, 12:44 AM
ومضات قصية حيّة تستوحي الواقع وترسمه مرشدا

أهلا بك ايتها الكريمة في واحتك

تحاياي

سعاد محمود الامين
12-08-2012, 06:39 PM
الأستاذة ربيحة
شكرا على مرورك الذى يسعدنى دوما واتمنى أن أرى تعليقاتك على ما أكتب نقد أو توجيه ودمت

سعاد محمود الامين
17-12-2012, 02:33 PM
اتمنى ان تجد هذه النصوص حظها من القراءة والنقد والتوجيه ودمتم أعزائى الكرام

نداء غريب صبري
13-01-2013, 07:25 AM
قصص جميلة أختي سعاد

أمتعتني قراءتها وأعجبتني فكرتها

شكرا لك

بوركت

سعاد محمود الامين
13-01-2013, 07:18 PM
شكرا لك الاخت نداء على بعثك لنصوص العهد بها بعيدا يسعدنى ذلك ويعجبنى تعليقك دمت بخير

عبد السلام دغمش
13-01-2013, 08:25 PM
جميلةٌ هذه القصص أختي سعاد..سردٌ سلس ..ولغةٌ مباشرة..ومواضيع هادفة تناولت الفقر و الجهل و الغربة..
احييكِ

سعاد محمود الامين
14-01-2013, 01:28 AM
مرحبا الاديب عبد السلام
لقد ابتعث النص من جديد ووجد مكانه على المتصفح الاول شكرا للمرور والتعليق الذى اسعدنى ودمت بخير

كريمة سعيد
15-01-2013, 09:49 PM
قصص تحاكي ممارسات من الواقع بطريقة سلسة وجميلة
بورك النبض الراقي عزيزتي
خالص ودي وتقديري

عبد السلام هلالي
16-01-2013, 02:34 AM
أربعة مشاهد مختلفة من وقائع الحياة التقطتها لتقدميها لنا في قالب قصصي بلغة سهلة قريبة من الواقع و سرد سلس غير متكلف.
تحيتي وتقديري أختي سعاد.

سعاد محمود الامين
17-01-2013, 12:36 AM
الاديبة كريمة
تحية ندية
شكرا على الاطلالة والحروف البهية مروررك سرنى دمت بخير

سعاد محمود الامين
17-01-2013, 12:38 AM
الاديب عبد السلام هلالى
تحية عطرة
شكرا على تعليقك واتمنى ان اراى قلمك يزين متصفحى دائما لك تقديرى.

محمد الشرادي
20-01-2013, 12:11 AM
(1)
النَافِذة

جَلس على الكُرسى. رجع به الى الخلف قليلاً. وأغمضَ عيّنيه مُنتشياً. مسحَ رأسه بكِلتا يديه، وابتسامة عريضة تعلو شفتيه، همس مُحدثاً نفسه: هاهى قد زيّنت نافذتها بصورتها البهِيّة.
سبقته أنامله على لوحة المفاتيح، تعزفُ لحن الحُبْ.والشَوق يعصِف به.
ـــ طَق..طَق..أين أنتِ ... لقد قَتلنى انتظاركِ... إنك لا تعلمى مِقدار حُبى لك...طَاق
ـــ كُنت مشغولة قليلا آسفة.
ـــ طَق..طَق.. وعدتينى اليوم بأن نتعارف أكثر فقد صِرت مَجنوناً بك...طَـــــــــــاق
ــ لقد تعارفنا مُنذ زمناً طويلاً ماذا تريد أكثر.
ـــ طَق..طَق.. اللقاء المُرتقب الذى وعدتِينى به.. أنا فى شوق إليك ياروحى...كما أُناشدك باسم حُبنا الكبير أن تكشفى لى عن اسمكِ الحقيقى...طَــــــــــــــ ـــــــــــــــاق
ـــ اسمى الحقيقى؟! ريم سعد أحمدالنور....
ـــ طراااااااااااااخ..
أغلق النافذة وقفز دفعةً واحدةً، مسرعاً نحو حُجرتها فوجدها تغطُـ فى نومٍ عميقٍ.


أخ سعاد

لقطات واقعية...ترصد الواقع بفنية عالية. لكن الهم في كل ذلك هي الصياغة المشوقة التي أعطت للنصوص نكهة خاصة.
تحياتي





(2)
الرَاحل
لم تطاوعنى نفسِى على الإلتفات، حتى لا أرى مَضجع أبى العجوز خاليًا. حين ودَعنِى قائلًا:.
ـ وداعا يا ابنى إن عدت قد لاتجدنى حيًا. اسمع وصيتى الأخيرة.. إن أردت غَرس جِذورك فى أرضٍ غير أرضك، جَارهم مادمت فى جِوارهم.. البلاد بلاد الله.. التى توفر لك الخبز والكرامة هى مَوطِنك.
كانت دواخلى تصدر ضجيجًا عاليًا، متنوع العُصوف. عند المُنعطف حانت مِنى التفاته دون إرادتى طالما قاومتها، فرأيته مازال مُنحنيًا كادت عيّناه أن تخرجُ من مِحجريهما وهو يحاول جاهدًا أن يُتابعنى ابتعد. كِدت انبذ فكرةَ الرحيل.
هَدير مُحرك الطائرة عَلا صوته فوق صوت أحزانى،ـ ماكان ينبغى أن أتركه وهو فى هذا العمر الحرج ـ نظرتُ من النافذةِ الصغيرةِ تَرآي لى وجه بين السُحب البيضاء باسمًا.



(3)
ثَرثَرة
تَسللت آمنة خِلسةً الى جارتها دون أن تطرقُ الباب، خوفًا من أبوزيد الذى لايرغب فى زيارات النِسوة الصباحية. وجدت جارتها تَعد شاى الصباح لزوجها.بادرتها بالتحية وهمست لها بالخبر : زبيدة جارتنا تصرخ ليلة أمس لقد جاء زوجها مخمورًا وضربها ضربًا مبرحًا.
ردت عليها بتأفف: لماذا تصرخ.. لتفضحه فى الحى..ثم أردفت: أبوزيد زوجى يضربُنى ويصفعُنى ليلاً و نهاراً.. ولم يسمع صوتى أحد.. اللعنة عليها...المفضوحة(وبصقت على وجه الأرض.)
اندهشت آمنة، وفغرت فاها وهمست: زوجك يُمارس العُنف الجَسدى عليكِ وأنت تترأسى لجنة حماية الاسرة وتَنبذى العنف اللفظى والجسدى وتوجهى النساء و مازلت تعيشين معه؟!.
واسْتدركت الزوجة الفخ الذى وقعت فيه بذِلة لسانها. وأيقنت إنها ستكون ضَحيّة لثرثرةٍ صباحية. التفت فلم تَجد جارتها آمنة.وأصبحت المَقاعِدُ خاليةً.
(4)

الحَقِيبة
تَوترت أعصاب المَدينةُ، وإنهارت بِيئتها، إهتزّت أسلاك المنظمات فانتشروا يلتقطون أطفال الشوارع.
جاء بها الى أُسرتِها سَألها أمامهم: لماذا هَربت الى الشَارع؟
قالت: أنا خَجِلةٌ (صمتت)
ـ من الفقر؟
ـ لا من أبى..
دُهش الأب؟! ونَظر اليها عَابسًا، ولمعت عيناهُ واستدارتا فى مَحجريهما، كأنهما عيّنا صَقر يُريد الإنقضاض.
خافت وإنْزَوت وتَكوْرت فى جلستها كأنها تختبىء مِنُه.
قال مندوب المنظمة:أحكى...
ـ أبى يكْذِب... يُمثل أنه أعمى... ويُجبرنى على قيادتِه للتَسوّل فهربت.
كانت أعينهم لا تُفارق حَقيبة المندوب منذ قدومِه. فتحها أخرج منها أوراقِه البيضاء، المُزيّنة بترويسة المُنظمة الزرقاء. بدأ يشرح ويشرح الإندماج، إعادة التأهيل، المشاريع الصغيرة و..و... والأُُسرة تنتظر الحقيبة واذانهم تَطِن ششششششششششششششششششش. عندما إنتهى المندوب، التفت الى طفلة الشوارع ليُحادثُها، وجد مكانها خاليًا.
تمت

سعاد محمود الامين
21-01-2013, 11:15 AM
الأخ الأديب محمدالشرادى
تحية عطرة
دائما تأتى بالمختلف الجديد فى نصوصك حتى فى تعليقاتك التى تسعدنى.. وضعك لنصوصى هكذا سرنى كثيرا.. لك جزيل الشكر والامتنان..ودمت

خلود محمد جمعة
28-09-2014, 07:27 AM
النافذة
للعقل نوافذ نفتحها عندما نفتقر الى أكسجين المعرفة لتتغذى أرواحنا وهناك نوافذ تفتح على رياح خماسينية لو فتحت على حين سهو لوثت أرواحنا
الراحل
كثيفة وعميقة و مؤثرة بحرف أرق من النسيم
ثرثرة
المضحك المبكي حال تلك المرأة الذي لايختلف عن حال الكثيرين اللذين يعوضون نقضهم بكمال غيرهم وفي عمقهم غصة يبتلعونها وهم يرسمون الضحة الكاذبة على وجوههم
الحقيبة
مؤلمة لواقعيتها ولضياع الكثيرين بين كومة أوراق المنطق والقانون
تصوير للواقع بعين حرفك الحذق
كل التقدير

سعاد محمود الامين
28-09-2014, 05:10 PM
العزيزة خلود
حيّاك.ز
لكم يسعدني صيدك لنصوص قديمة.. لوكتبتها الآن لأختلفت كلية
..شكرا لك
سأغيب فترة وسافتقد تعليقاتك المبهرة
بوركت يا أنيقة الحرف يا أنت
إلى لقاء

ناديه محمد الجابي
28-09-2014, 06:14 PM
في قديمك كما في حديثك عزيزتي سعاد أجد المتعة بين حروفك
قصص مكثفة ونصوص تحمل الفكرة الجميلة والسرد الأخاذ الذي
يأسر الفكر والعقل والقلب .
مدهش ما حملت حروفك هنا من جمال وحس
دام لك الإبداع الزاخر بالحكمة والبهاء
ولك تقديري وودي. :001:

د.حسين جاسم
30-08-2015, 04:39 PM
مجموعة قصصية جميلة
أقترح على الإدارة أن تفصلها لتكون كلقصة منها في موضوع خاص بها
أحييك