المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دفع زكاة الفطر نقداً ..



بهجت عبدالغني
13-08-2012, 04:10 PM
دفع زكاة الفطر نقداً

دفع زكاة الفطر نقداً يحتل موقعاً في ثرانا الفقهي منذ القدم ، فقد ذهب الأحناف إلى جواز اخراج قيمة زكاة الفطر نقداً إذا كان انفع لحال الفقير ومحققاً لحاجته ومصلحته، والأقرب إلى روح التشريع ، بينما ذهب الجمهور ( المالكية والشافعية والحنابلة ) إلى وجوب إخراجها طعاماً وعدم جواز إخراجها نقداً .
وفي كل سنة في مثل هذه الأيام تثار هذه المسألة من جديد ، بين من يجوّز دفع الزكاة نقداً وبين مانع لذلك .
وحجة المانعين أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد الزكاة بأطعمة محددة ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ) . رواه البخاري
وأن القول بجواز إخراج الزكاة نقداً يخالف قول النبي ، وأنه ( لا اجتهاد في مورد النص ) .
ولكن مع ذلك فإن المانعين أنفسهم لا يلتزمون بأنواع الأطعمة التي ورد في النص ، وإنما يخرجون الأطعمة التي يأكلها الناس في الغالب فيما اصطلح عليه بـ ( غالب قوت البلد ) ، فيكونون هم أيضاً مجتهدون في مورد النص .
لكني لا أرى في كلتا الحالتين ( النقد ـ غالب قوت البلد ) ما يخالف النص ، لأنهما لو تأملت ليستا اجتهاداً يضاد النص وإنما اجتهاد في فهم النص واستحضار مقاصده.
وسوف اعرض المسألة في هذين الحوارين .
الحوار الأول مع من يخرج الزكاة من غالب القوت البلد .
ـ أنت تقول انه لا يجوز إخراج النقد ، لأن النقد لم يرد في النص ، ولا اجتهاد في مورد النص .
ـ نعم .
ـ وماذا تخرج أنت ؟
ـ الأرز .
ـ وهل الأرز مذكور في النص .
ـ لا .
ـ فكيف تخرجه وهو غير موجود ، وقد قلت لا اجتهاد بوجود النص .
ـ الحديث نص على الأطعمة الموجودة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه الأطعمة كانت انفع لفقرائهم ومحققة لمصلحتهم ، أما إذا التزمنا الأطعمة الموجودة في الحديث في هذا العصر ، فالفقير لا يستفيد منها شيئاً ، فلا أحد اليوم يأكل الشعير مثلاً هذه الأيام .
ـ إذن أنت اجتهد في فهم النص ومقاصده ، لتحقيق مصلحة الفقير وسد حاجاته .
ـ نعم .

الحوار الثاني مع من يخرج النقد بدل الطعام .
ـ أنت تخرج النقد ، لكن النص لم يذكر إخراجه ، وبذلك أنت تجتهد في مورد النص .
ـ أن النبي فرض زكاة الفطر طعاماً لندرة النقود آنذاك فكان إخراجها طعاما أيسر ، وكانت حاجات الناس في تلك العصور بسيطة سهلة ، بينما حاجات الناس اليوم اختلفت وتنوعت ، فلو أعطيت احدهم طعاماً لذهب وباعه ليشري في ثمنه أشياء أخرى يحتاجها ليوم العيد ، وكثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه في يومه أو غده بأقل من ثمنه ، فلا هو الذي انتفع بالطعام ولا هو الذي أخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل ، فإعطاء الفقير المال انفع له وابلغ في سد حاجاته ، ولا سيما فيما يتعلق باقتناء بعض حاجات اللباس والطعام ( مثل حلويات العيد ) ، وغير ذلك من الحاجات التي يكون الفقراء في أشد الشوق إليها ، والتي لا يمكن أن يعدوها ويحضروها إلا في وقت متسع كالعيد .
ـ إذن أنت اجتهد في فهم النص ومقاصده ، لتحقيق مصلحة الفقير وسد حاجاته .
ـ نعم .

فما الفرق بينهما ولكلاهما اجتهدا في فهو النص والمراد منه ، دون الجمود على ظاهره ، لأن الجمود في الحالتين معاً لا ينفع الفقير ولا يحقق مراد الشارع من إخراج زكاة الفطر .

وعلى جواز إخراج القيمة ذهب عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وعطاء وسفيان الثوري والأحناف . ( المغني ، ابن قدامة : 2 / 439 ) .
قال أبو يوسف ( رحمه الله تعالى ) : ( الدقيق أحب إلي من الحنطة والدراهم أحب إلى من الدقيق والحنطة لأن ذلك أقرب إلى دفع حاجة الفقير ) . ( بدائع الصنائع ، الكاساني : 2 / 212 ) .

هذا وقد توسط شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألة فأحسن فقال :
( والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه وإما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به.
مثل أن يبيع ثمر بستان أو زرعه بدراهم فهذا إخراج عُشْر الدراهم يجزيه ولا يكلف أن يشتري ثمراً أو حنطة فأنه قد يساوي الفقير بنفسه وقد نص أحمد علي جواز ذلك.
ومثل أن تجب عليه شاه في خمس من الإبل وليس عنده من يبيعه شاه فإخراج القيمة هنا كاف ولا يكلف السفر إلي المدينة أخرى ليشتري شاه ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها انفع للفقراء مجموع ) . ( الفتاوى 25 / 82 )

وأذكر عندما حدثت معركة الفلوجة الثانية وكانت في رمضان ، وخرج الناس من المدينة إلى البَر ، وسكنوا الخيام البسيطة ، قلت إذا أعطينا هؤلاء مثلاً زكاة الفطر نقداً ماذا سيستفيدون منه وهم يعيشون في صحراء لا محلات فيها ولا دكاكين لشراء الأطعمة والألبسة والحلويات ؟

ولذا أرى أن الأمر دائر في مجال الاجتهاد المسوغ ، الذي لا يفتح طريقاً للتبديع والتضليل ..


25 / رمضان / 1433

عبد الرحيم بيوم
13-08-2012, 05:37 PM
[CENTER]
ولكن مع ذلك فإن المانعين أنفسهم لا يلتزمون بأنواع الأطعمة التي ورد في النص ، وإنما يخرجون الأطعمة التي يأكلها الناس في الغالب فيما اصطلح عليه بـ ( غالب قوت البلد ) ، فيكونون هم أيضاً مجتهدون في مورد النص .
[/COLOR]
[SIZE="5"]
[B]اخرج البخاريمن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام وقال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر".
قال الشيخ العثيمين: "فقوله: «من طعام» فيه إشارة إلى العلة، وهي أنها طعام يؤكل ويطعم.
ويرجح هذا ويقويه... حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين»"(1).(3)
فاجتهادهم وعلتهم مبنية على فهم صحابيين
-------------------
(1) البخاري 1510
(2) ابوداود 1609
(3) الشرح الممتع 6/ 181

عبد الرحيم بيوم
13-08-2012, 06:29 PM
وعلى هذا الفهم بوب ابن خزيمة فقال:
"باب إخراج جميع الأطعمة في صدقة الفطر و الدليل على ضد قول من زعم أن الهليج و الفلوس جائز إخراجها في صدقة الفطر"
واورد من حديث ابن عباس أنه كان يقول : صدقة رمضان صاع من طعام من جاء ببر قبل منه و من جاء بشعير قبل منه و من جاء بتمر قبل منه و من جاء بسلت قبل منه و من جاء بزبيب قبل منه و أحسبه قال : و من جاء بسويق أو دقيق قبل منه .(1)
------------------------
(1) صحيح ابن خزيمة 4/ 89 ب396 ح2417

ربى يوسف
14-08-2012, 12:52 PM
الزكاة الآن بالغالب عندنا تدفع نقداً ..

ولا بأس بطعام ينتفع به الفقير ويحتاجه ..

بارك الله فيكم على التوضيح .. موضوع هام

عبد الرحيم بيوم
14-08-2012, 04:14 PM
ويؤيد هذا المعنى أيضا عموم لفظ ما أخرجه البيهقي من حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا "أدوا صاعا من طعام".(1)

--------
(1) السنن الكبرى للبيهقي 4/ 167 ط.الهندية. وحسنه الالباني في السلسلة الصحيحة 3 / 175 ح1179

ربيحة الرفاعي
14-08-2012, 07:40 PM
يستطيع الفقير أن يشتري بالنقد من الطعام ما يشتهيه
وسد حاجته مما لا يعرفه الغني عنه

أراه ما قلت أيها الكريم أمرا دائرا في مجال الاجتهاد المسوغ لا يفتح طريقاً للتبديع والتضليل ، والله تعالى أجل وأعلم

أهلا بك أيها الكريم في واحتك

تحاياي

عبد الرحيم بيوم
14-08-2012, 10:11 PM
الخلاف قديم ومحفوظ، فلا وجه لورود تبديع او تضليل

عبد الرحيم بيوم
14-08-2012, 10:45 PM
[CENTER]فقد ذهب الأحناف إلى جواز اخراج قيمة زكاة الفطر نقداً إذا كان انفع لحال الفقير ومحققاً لحاجته ومصلحته[/COLOR]

[SIZE="5"][B]لا اظن ان ما يتبادر من قولك هو قول الاحناف، فحقيقة قول أبي حنيفة "أنه لا فرق بين القيمة والعين"(1)
وفي رد المحتار على الدر المختار "ودفع القيمة أي الدراهم أفضل من دفع العين على المذهب المفتى به ... وهذا في السعة ، أما في الشدة فدفع العين أفضل كما لا يخفى".(2)
---------------------------
(1) تمام المنة ص379
(2) ج3 / 322

عبد الرحيم بيوم
14-08-2012, 11:19 PM
وهذا إجمال لمن قال بعدم إجزاء القيمة:
"وأمَّا جنسُ الواجبِ في الفطرةِ فهو طعامُ الادميين من تمرٍ أوْ بُرِّ أوْ رزٍّ أو زبيبٍ أوْ أقِطٍ أو غيرها من طعامِ بِني آدمَ، ففي الصحيحين من حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: فرضَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاةَ الفطر من رمضانَ صاعاً من تمرٍ أوْ صاعاً من شعيرٍ. وكانَ الشَّعيرُ يومَذَاك مِنْ طعامِهم كما قال أبو سعيدٍ الخدريُّ رضي الله عنه. كنا نُخْرِجُ يومَ الفطرِ في عهدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صاعاً من طعامٍ وكان طعامُنَا الشعيرَ والزبيبَ والأقِطَ والتمرَ. رواه البخاري.
فلا يُجزِئُ إخراجُ طعامِ البهائمِ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضَها طعمةً للمساكين لا للبهائم.
ولا يجزئُ إخراجُها من الثياب والفُرُش والأواني والأمتعةِ وغيرِهَا مما سوى طعام الآدميين لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضَها من الطعامِ فلا يُتَعَدَّى ما عيَّنَه الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولايُجزِئُ إخراجُ قيمةِ الطعامِ لأنَّ ذلك خلافُ ما أَمَرَ به رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد ثبتَ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قالَ: «مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»، وفي روايةٍ: «من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ»، رواه مسلم. وأصلُه في الصحيحين ومعنى رَدٌّ مردودٌ.
ولأنَّ إخراجَ القيمةِ مخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم حيث كانوا يخرجونَها صاعاً من طعامٍ، وقد قال النَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عليكم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعْدِي»
ولأن زكاةَ الفطرِ عبادةٌ مفروضةٌ مِن جنسٍ مُعيَّن فلا يجزئُ إخراجها من غير الجنسِ المعيَّن كما لا يُجْزئُ إخراجها في غير الوقتِ المعيَّنِ.
ولأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عيَّنَها من أجناسٍ مختلفةٍ وأقْيامُها مختلَفةٌ غالباً. فلو كانت القيمةُ معتبرةً لكان الواجبُ صاعاً من جنسٍ وما يقابلُ قيمتَه من الأجناس الأخْرَى.
ولأنَّ إخراج القيمةِ يُخْرِجُ الفطرةَ عن كَوْنِها شعيرةً ظاهرةً إلى كونها صدقةً خفيةً فإن إخراجَها صاعاً من طعامٍ يجعلُها ظاهرَةً بين المسلمينَ معلومةً للصغير والكبير يشاهدون كَيْلها وتوزِيعَها ويتعارفونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يُخْرِجها الإِنسانُ خفية بينه وبين الآخذ".(1)
--------------------
(1) مجالس شهر رمضان للشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله ص326

بهجت عبدالغني
15-08-2012, 04:19 PM
اخراج الطعام لا خلاف عليه عند الجميع ، وهو الذي فرضه النبي صلى الله عليه وسلم وعمله الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين
الخلاف وقع في جواز اخراج النقد بدل العين ..
والاجتهاد حاصل من الطرفين بوجود النص ، لكنهما اجتهادان لفهم النص وادراك مقاصده ، وليس لنقضه ومخالفته ..
والمجيزون يرون ان النقد اليوم هو أليق بالفقير وأصلح لحاله ، لأن صدقة الفطر وان كان فيها جانب تعبدي ففيها جانب معقول أيضاً ، وهو اغناء الفقير في يوم العيد ، لكيلا تظهر الفوارق بين ابناء الاسلام في هذا اليوم .
وهل يكتفي فقير اليوم بالطعام فقط وهو يرى ابناء الجيران بملابسهم الجديدة وألعابهم المتنوعة ويأكلون مما طالب لهم من الحلوى ، وهو لا يجد شيئاً لإسكات نظرات اولاده المتعطشة ؟
واذا قال قائل يمكن للفقير ان يأخذ الطعام ثم يبيعه ، ويأمن لأهله وأولاده ما يحتاجون .
أقول أليس في هذا عبء على الفقير ، وربما صرف من المال لأجرة السيارة لإيصال الطعام الى المشتري ، وقد يستغل المشتري هذا الفقير فيشتري منه بثمن بخس ، والنتيجة واحدة وهي ان الفقير يريد مالاً ..
يقول الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه ( كيف نتعامل مع السنة النبوية ) :
( فقد سمعتُ، ثُمَّ رأيتُ بنفسي أن الرَّجل يأتي عندهم إلى السوق في آخر رمضان، فيشتري القمح والشعير والتمر بمقدار ما عليه من زكاة الفطر، ويأخذه إلى الفقراء القاعدين في زاوية من السوق فيعطيهم إياه، وقد يكونون محترفين، وما إن يذهب حتى يقوم هؤلاء إلى البائع نفسه فيبيعونه ما أخذوا بثمن أدنى ممّا باع به الرجل الذي اشتراه من عنده؛ لأن الفقير الذي أخذ الأرزاق ليس محتاجًا إليها، بل هو محتاج إلى النقود، فتعود النتيجة عليه بالخسارة، ولو دفع المزكِّي قيمتها مباشرة إليه لحصل على نقود أكثر ) .

وقد روى البخاري معلقاً بصيغة الجزم أن معاذاً قال لأهل اليمن: ( ايتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ) .
قال الشيخ الالباني رحمه الله تعالى :
( قلت: في هذا الكلام إشعار بأن الأثر المذكور عن معاذ صحيح وليس كذلك فإنما علقه البخاري هكذا: "قال طاوس: قال معاذ ..." وهذا منقطع بين طاوس ومعاذ قال الحافظ في شرحه:
"هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس لكن طاوس لم يسمع من معاذ فهو منقطع فلا يغتر بقول من قال: "ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده" لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه وأما باقي الإسناد فلا؟ إلا أن إيراده له في معرض الاحتجاج به يقتضي قوته عنده".
ثم لو صح هذا الأثر لم يدل على قول أبي حنيفة أنه لا فرق بين القيمة والعين بل يدل لقول من يجوز إخراج القيمة مراعاة لمصلحة الفقراء والتيسير على الأغنياء وهو اختيار ابن تيمية قال في "الاختيارات": ( ثم ساق كلام شيخ الاسلام ابن تيمية المذكور سابقاً ) ) .
قال ابن حجر في ( فتح الباري ) :
( قال بن رشيد وافق البخاري في هذه المسألة ـ أي الأخذ بالقيمة ـ الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك الدليل ) .

وخلاصة ما وصلت اليه ان المسألة مما تحتمل الاجتهاد ، فلا تكون مدعاة لرمي من أجاز النقد بأنه خالف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه اجتهد في مورد النص ، فيكون بذلك اجتهاده باطلاً ، وإنما الامر هو محاولة لفقه الحديث وفهم المراد منه واكتشاف مقاصده ..


أخي الكريم عبدالرحيم
أشكر لك حضورك وتعليقاتك المفيدة

جزاك ربي الجنة


تحياتي ..

بهجت عبدالغني
15-08-2012, 04:22 PM
الأخت الكريمة ربى يوسف
أشكر لك حضورك وتفاعلك
بارك الله فيك ورزقك الجنة

خالص تحياتي ودعائي ..

بهجت عبدالغني
15-08-2012, 04:25 PM
يستطيع الفقير أن يشتري بالنقد من الطعام ما يشتهيه
وسد حاجته مما لا يعرفه الغني عنه



وعلى هذا مدار القول بجواز اعطاء النقد

استاذتنا الكريمة ربيحة الرفاعي
أشكر لك حضورك المتميز
وفقك الله وحفظك وأعلى قدرك

خالص دعائي وتحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
15-08-2012, 05:33 PM
- كان تعليقي الاول ردا على مساواتك بين القولين من حيث اجتهادهما فليسوا سواء ايها الكريم ايها الكريم فلم يجتهد الفريق المانع في مورد النص
لذلك اتيت بما يدل على اجتهادهم من فهم السلف للنص وقول ابي سعيد وابن عباس واضح
- واتيت بما يعضض فهمهم بما اخرجه البيهقي مرفوعا
- ثم اوضحت الخطأ الحاصل في تحريرك لمذهب الاحناف
- ثم اتبعته بسياق مجمل لادلة المانعين من كلام الشيخ العثيمين
- قضية اعتبار اغناء الفقير مستندها من الدليل ضعيف، اما الاتيان باعتبارات ونسبتها للشرع هكذا وجعلها علة نبني عليها الاحكام فهو بحاجة لدليل
وحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين»، دليل على العلة واضح للمانعين على أن إخراج زكاة الفطر طعاما مقصود للشارع. وهناك ايضا استدلال على العلة لطيف مر معناه في كلام الشيخ العثيمين قال الحافظ في الفتح "وكأن الأشياء التى ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل علي أن المعتبر والمراد إخراج هذا المقدر من أى جنس".(1) وهو ايراد قوي فتأمله
فأين مستند علة المجيزين؟
- قلت "وخلاصة ما وصلت اليه ان المسألة مما تحتمل الاجتهاد ، فلا تكون مدعاة لرمي من أجاز النقد بأنه خالف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه اجتهد في مورد النص ، فيكون بذلك اجتهاده باطلاً ، وإنما الامر هو محاولة لفقه الحديث وفهم المراد منه واكتشاف مقاصده"
ايها الكريم
لو كان هدفك من البحث اثبات ان المسألة خلافية فيكفي انها موردة في كتب الخلاف قديما
فهذه غاية واضحة لا لبس فيها ولا اشكال، فما الثمرة إذا؟
اما ان كان دافعك للطرح فهمك للخلاف هنا والردود على انه مدعاة للتضليل وما شابه فهو فهم لغير الواقع في خلاف العلم
فالحق لا يتعدد، وأحد القولين صحيح والاخر خطأ لاشك في ذلك
والمحاولة لفهم فقه النص لا بد ان تصير لأمرين اما صواب واما خطأ، وفي فهمك الخطأ تكون قد خالفت الحديث واوردت عليه ما لم يورده، فيسقط اجتهادك في مقابلة الراء الآخر
هكذا سير الخلاف في كل المسائل

تحياتي
--------------------
(1) الفتح 3/ 377 ط. دار طيبة

بهجت عبدالغني
15-08-2012, 09:30 PM
الزكاة مثلما قلت فيها جانب تعبدي وجانب معقول يمكن معرفة مقصدها
منه إغناء الفقير وسد خلته وعوزه وقضاء ما يحتاجه
فهل يختلف اثنان حول هذا المعنى للزكاة ؟
فكيف تقول إن ( قضية اعتبار إغناء الفقير مستندها من الدليل ضعيف ، أما الإتيان باعتبارات ونسبتها للشرع هكذا وجعلها علة نبني عليها الأحكام فهو بحاجة لدليل ) ؟
يقول الشيخ الألباني وهو لا يجيز إخراج النقد :
( فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين ) .

أخي الحبيب
المسألة خلافية منذ القديم ، ولا استطيع أن أحل اشكاليتها بجرة قلم ، ولست أريد أن اقنع طرفاً برأي الطرف الآخر .
وإنما غايتي ـ كم ذكرت سابقاً ـ التأكيد على أن المسألة محل نظر واجتهاد ، فلا تفتح طريقاً للتضليل والتبديع والتجريح ، وهي مما لا تفسد المودة بين المتنازعين .

أحدهم بعدما قيل له أن مذهب أبي حنيفة يجيز إخراج النقود ، قال : إن مذهب أبي حنيفة باطل !
وتقرأ لآخر قوله : مع أن الأحناف لم يقولوا بقول هؤلاء الضلال !
وتقرأ لآخر : حتى جاء هو ـ أي من يجيز النقد ـ وبعض من كان على شاكلته من المبتدعة والمقلدين ، من مشايخه الذين أخذ عنهم الفتوى ، ممن يبيحون لأنفسهم مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ، متمسكين بأدلة أوهى من بيت العنكبوت ، لنصرة المذهب أو الطريقة ، أو حفاظا على جاه أو منصب .

فتعجب !
أهكذا تُحل القضايا الفقهية ؟
أهكذا يدار الخلاف ؟

أما قولك ( فالحق لا يتعدد )
عليه خلاف بين العلماء قديم .
هل كل مجتهد مصيب أم لا ؟
فمن قائل كل مجتهد مصيب وقائل إن المصيب واحد فقط .



خالص دعائي وتحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
15-08-2012, 10:26 PM
يقول الشيخ الألباني وهو لا يجيز إخراج النقد :
( فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين ) .


هذا اقتطاع لكلام الشيخ لا ينبغي اذ فيه تلبيس، ولا اظنك صاحب هذا الفعل، وهذا كلامه بتمامه من سلسلة الهدى والنور الشريط 274:
"الذين يقولون بجواز إخراج صدقة الفطر نقودا هم مخطئون لأنهم يخالفون النص: حديث الرسول عليه السلام الذي يرويه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما قال :" فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط " فعين رسول الله هذه الفريضة التي فرضها الرسول عليه السلام ائتمارا بأمر ربه إليه ليس نقودا وإنما هو طعام مما يقتاته أهل البلد في ذلك الزمان فمعنى هذا الحديث أن المقصود به ليس هو الترفيه عن الناس الفقراء والمساكين يلبسوا الجديد والنظيف وو ... الخ وإنما هو إغنائهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم وفيما يليه من الأيام من بعد العيد . وحين أقول بعد العيد فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد أما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقا ، فعيد الفطر هو يوم واحد فقط وعيد الأضحى هو أربعة أيام فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر ثم ما بعد ذلك من أيام طالت أو قصرت .
فحينما يأتي انسان ويقول لا ، نخرج القيمة هذا أفضل للفقير ، هذا يخطئ مرتين :
المرة الأولى : أنه خالف النص والقضية تعبدية هذا أقل ما يقال .
لكن الناحية الثانية : خطيرة جدا لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة مش داري هو ولا عارف مصلحة الفقراء والمساكين ، كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأنه إخراج القيمة أفضل ، لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل وكان الإطعام هو البدل لأن الذي يملك النقود يعرف أن يتصرف بها حسب حاجته إن كان بحاجة إلى الطعام اشترى الطعام ،إن كان بحاجة إلى الشراب اشترى الشراب ، إن كان بحاجة إلى الثياب اشترى الثياب فلماذا عدل الشارع عن فرض القيمة أو فرض دراهم أو دنانير إلى فرض ما هو طعام إذن له غاية ، فلذلك حدد المفروض ألا وهو الطعام من هذه الأنواع المنصوصة في هذا الحديث وفي غيره ، فانحراف بعض الناس عن تطبيق النص إلى البديل الذي هو النقد هذا اتهام للشارع بأنه لم يحسن التشريع لأن تشريعهم أفضل وأنفع للفقير هذا لو قصده ، كفر به لكنهم لا يقصدون هذا الشيء ، لكنهم يتكلمون بكلام هو عين الخطأ ، إذن لا يجوز إلا إخراج ما نصّ عليه الشارع الحكيم وهو طعام على كل حال".
وفي السلسلة ايضا شريط317:
"هذه الصدقة ليس المقصود بها الا التوسعة على الفقراء في طعامهم فقط"
فسياق الكلام واضح

حفظك المولى

عبد الرحيم بيوم
15-08-2012, 10:30 PM
أما قولك ( فالحق لا يتعدد )
عليه خلاف بين العلماء قديم .
هل كل مجتهد مصيب أم لا ؟
فمن قائل كل مجتهد مصيب وقائل إن المصيب واحد فقط .


اريد هنا رايك انت
عندنا مسالة طرف يقول انها حلال والاخر يقول انها حرام
هل الحق معهما، هل يكون التحليل والتحريم وهما متناقضان كلاهما صواب؟

سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتراه من ذلك في سعة فقال:
"لا والله، حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابين جميعا؟ ما الحق والصواب إلا واحد".
قال الحافظ أبو عمر بعد سياقه لمسائل خلافية: "هذا كثير في كتب العلماء وكذلك اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من المخالفين وما رد فيه بعضهم على بعض لا يكاد يحيط به كتاب فضلا عن أن يجمع في باب وفيما ذكرنا منه دليل على ما عنه سكتنا وفي رجوع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض ورد بعضهم على بعض دليل واضح على أن اختلافهم عندهم خطأ وصواب ولذلك كان يقول كل واحد منهم جائز ما قلت أنت وجائز ما قلت أنا وكلانا نجم يهتدي به فلا علينا شيء من اختلافنا
والصواب مما اختلف فيه وتدافع وجه واحد ولو كان الصواب في وجهين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضا في اجتهادهم وقضائهم وفتواهم والنظر يأبى أن يكون الشيء وضده صوابا كله ولقد أحسن القائل:
إثبات ضدين معا في حال أقبح ما يأتي من المحال".
النقلان من جامع بيان العلم وفضله

عبد الرحيم بيوم
15-08-2012, 11:29 PM
ولا باس من اضافة نقل آخر لاثراء المسالة وهو من نفس الكتاب:
"- وقال أشهب: سمعت مالكا يقول: ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا، ما الحق والصواب إلا واحد.
قال أشهب: وبه يقول الليث.
- قال أبو عمر: الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله.
- قال المزني: يقال لمن جوز الاختلاف وزعم أن العالمين إذا اجتهدا في الحادثة فقال أحدهما: حلال، والآخر: حرام، فقد أدى كل واحد منهما جهده وما كلف وهو في اجتهاده مصيب الحق: أبأصل قلت هذا أم بقياس؟ فإن قال: بأصل.
قيل: كيف يكون أصلا، والكتاب أصل ينفي الخلاف؟!! وإن قال: قياس، قيل: كيف تكون الأصول تنفي الخلاف، ويجوز لك أن تقيس عليها جواز الخلاف؟! هذا ما لا يجوزه عاقل فضلا عن عالم.
ويقال له: أليس إذا ثبت حديثان مختلفان عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في معنى واحد أحله أحدهما وحرمه الآخر، وفي كتاب الله أو في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دليل على إثبات أحدهما ونفي الآخر: أليس يثبت الذي يثبته الدليل ويبطل الآخر ويبطل الحكم به، فإن خفي الدليل على أحدهما وأشكل الأمر فيهما وجب الوقوف، فإذا قال: نعم، ولا بد من نعم وإلا خالف جماعة العلماء قيل له: فلم لا تصنع هذا برأي العالمين المختلفين فيثبت منهما ما يثبته الدليل ويبطل ما أبطله الدليل.
- قال أبو عمر: ما ألزمه المزني عندي لازم، فلذلك ذكرته وأضفته إلى قائله، لأنه يقال: إن من بركة العلم أن تضيف الشيء إلى قائله".

بهجت عبدالغني
16-08-2012, 05:34 PM
أخذت من كلام الشيخ الألباني موضع الشاهد الذي كنا بصدد الحديث عنه وهو أن الزكاة فيها إغناء للفقير ، وقد ذكرت قبل اقتباس كلام الشيخ بأنه من الذين لا يجيزون إعطاء النقد حتى لا يتوهم القارئ خلاف ذلك .
ولذا لا أراني قد دلست ولست بحاجة إلى التدليس أصلاً ، فالمسألة واضحة ، وقد ذكرت كلام الشيخ من باب أن مسألة إغناء الفقير بالزكاة يقول به حتى من يرى إخراج الطعام فقط .

ويورد الشيخ حديث الرسول عليه السلام الذي يرويه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما قال :" فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط ".
ثم يقول الذي يقول بجواز النقد خالف النص والقضية تعبدية هذا أقل ما يقال .

فأتساءل :
إذا كانت القضية تعبدية محضة ، فكيف بالذي يعطي الأرز وهو غير وراد في النص ، وكيف يقول من يقول ( بغالب قوت البلد ) ، ولا تعليل في العبادات ، فإما التزام بما ورد في النص أو فهم للمراد منه ومقاصده ..
وكيف يجتهد معاوية رضي الله عنه في إخراج نصف صاع من القمح بدل صاع من تمر ، لأنه رأى أن قيمة نصف صاع من القمح يساوي قيمة صاع من التمر ، فأخذ الناس بذلك .
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ إِنِّى أُرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمَّا أَنَا فَلاَ أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ. رواه مسلم .
وفي شرح النووي لمسلم :
( وقال أشهب: لا تخرج إلا هذه الخمسة، وقاس مالك على الخمسة كل ما هو عيش أهل كل بلد من القطاني وغيرها ) .
فأشهب وقف على النص فلم يقل بجواز إخراج غير المنصوص ، بينما مالك قاس .
وهل يجوز لمالك أن يقيس في أمر تعبدي . إذ لا قياس في الأحكام التعبدية .

أما مسألة التصويب والتخطئة
فانا أرى أن كلاهما صواب ، الذي يخرج من غالب قوت البلد ، والذي يخرج النقد ، لأن المسألة تحتمل الاجتهاد وفيها سعة .
ونقرأ كثيراً أن للإمام احمد في المسألة أكثر من رأي .
والشافعي له مذهبان قديم في العراق وجديد في مصر .

وأنا أميل إلى رأي شيخ الإسلام ابن تيمية ، فالعدول عن الطعام إلى النقد يكون لمصلحة وحاجة ، وهو ما ذهب إليه الدكتور عبدالكريم زيدان في كتابه ( المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية ) ، إذ يقول :
( والراجح في المسألة أن إخراج القيمة في زكاة الفطر للحاجة والمصلحة أمر جائز لا سيما إذا كانت القيمة بالنقود: دراهم دنانير، والمدفوعة إليهم يسكنون المدن، فإن إعطاءهم نقوداً عوضاً عن حنطة أو شعير هو الأنفع لهم، ويمكَّنهم من سد حاجتهم بهذه النقود بسهولة ويسر إذ يستطيعون أن يشتروا بها ما يحتاجونه من قوت وغيره.
أما بغير حاجة ولا مصلحة راجحة، بل المصلحة في إعطاءهم الأصناف الواردة في الحديث الشريف، فلا يجوز الدفع بالقيمة كما لو كان أداء زكاة الفطر في البوادي والقرى النائية حيث الانتفاع وسد الحاجة بالأقوات أيسر من الانتفاع بالنقود. وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية دفع القيمة في الزكاة للحاجة والمصلحة، وترجيحه هذا ينسحب على زكاة الأموال وزكاة الأبدان ( زكاة الفطر ) . فأساس جواز الأداء بالقيمة هو الحاجة والمصلحة، وهذا الأساس يختلف باختلاف الظروف والأماكن وأحوال الناس، فعلى المزكي ملاحظة ذلك لأن رعاية المصلحة المشروعة لها اعتبار في شرع الإسلام ) .
ج1 ، ص468 .


خالص دعائي وتحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
16-08-2012, 06:55 PM
اذا كنت انت الناقل والمقتبس اخي الكريم فقد اخطات، فقد اقتبست الموضع الثاني الذي بني على كلامه الاول الذي تجاوزته:
"وإنما هو إغنائهم من الطعام والشراب في ذاك اليوم وفيما يليه من الأيام من بعد العيد . وحين أقول بعد العيد فإنما أعني أن يوم الفطر هو العيد أما اليوم الثاني والثالث فليسوا من العيد في شيء إطلاقا ، فعيد الفطر هو يوم واحد فقط وعيد الأضحى هو أربعة أيام فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر".
وليس صنيعك هنا جيدا لانه ادى الى نسبة قول له لا يقول به وسياق كلامه واضح في نفيه، فكيف تقول انك اقتبست الشاهد؟
لذلك ظننت انك كنت ناقلا عن غيرك ولم اظن ان تخطئ في اقتباسك هذا الخطأ
- ثم ان عمل معاوية له مستند وليس عملا بالقيمة بل فيه احاديث "مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم أصحها حديث عروة بن الزبير : " أن أسماء بنت أبي بكر كانت تخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أهلها - الحر منهم والمملوك - مدين من حنطة أو صاعا من تمر بالمد أو بالصاع الذي يقتاتون به " أخرجه الطحاوي واللفظ له وابن أبي شيبة وأحمد وسنده صحيح على شرط الشيخين وفي الباب آثار مرسلة ومسندة يقوي بعضها بعضا" [تمام المنة]
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام وقال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر" وحديث ابن عباس أنه كان يقول : صدقة رمضان صاع من طعام من جاء ببر قبل منه و من جاء بشعير قبل منه و من جاء بتمر قبل منه و من جاء بسلت قبل منه و من جاء بزبيب قبل منه و أحسبه قال : و من جاء بسويق أو دقيق قبل منه" وايضا قوله: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين»، دليل على العلة واضح للمانعين على أن إخراج زكاة الفطر طعاما مقصود للشارع، فهم سائرون ومتبعون للمقصود من الشارع ولا مجال لاعمال العقل لعلل غير واردة وهذا يشبه حوارنا عن اعتبار الرؤية دون الحساب الفلكي فلو اراد الشرع فتح باب العلة لكانت الفاظ نصوصه دالة على ذلك، فكيف والعلة والحكمة واضحة بينة بنص صحابيين لا مراء فيها، اضافة على ان المتامل في ايراد الحافظ في الفتح يتضح له عدول النصوص عن القيمة. ولا جواب للمجيزين عليه،
لذا سالتك سابقا اين مستند علتهم؟
- ليس وجود الخلاف المبني على اجتهاد مدعاة للسعة، كلا وهذا ما اوردت من اجله النقول
واوضح امرا هنا وهو: من يقول بالجواز يرى ان القولين صواب وهذا واضح لان الامرين جائزان عنده بخلاف المانع لانه كيف يعتبرهما صواب وهو يخطئ احدهما
اما اقوال الائمة فذلك مرتبط بتدوين مذهبهم، فهل يفتون السائل براين؟ هذا محال انما لاجتهادهم قد يقولون قولا ويروا خلافه بعد ذلك لذلك تجد من اتباعهم اجتهادا في تحرير قول المذهب المعتمد
- اما قول ابن تيمية فهو واضح في منعه للقيمة في مطلع فتواه وانما جوزها لحالات ضرورية. ولم يجعلها بدلا

وعيد مبارك اخي بهجت

بهجت عبدالغني
17-08-2012, 04:23 PM
أهنئك أخي الكريم والمسلمين جميعاً بالعيد المبارك
سائلاً الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا وقراءتنا القرآن
ويغفر ذنوبنا وتقصيرنا
.........................................

أين الخطأ أخي الكريم فيما نقلت من كلام الشيخ الألباني
أليس هو يقول إن المقصود من زكاة الفطر هو إغناء الفقير .
( فالمقصود بفرض صدقة الفطر من هذا الطعام المعهود في تلك الأيام هو إغناء الفقراء والمساكين في اليوم الأول من عيد الفطر ) .
صحيح انه يرى أن الإغناء يكون في الطعام ولا يكون في النقد ، وهو ما أشرت إليه في أول اقتباسي عنه عندما قلت :
( يقول الشيخ الألباني وهو لا يجيز إخراج النقد ) .
لكن المعنى واضح جداً ، هو يقول وجميع العلماء يقولون إن من مقاصد الزكاة إغناء الفقير وسد حاجاته ، أما كيف يكون الإغناء ، بالطعام أم بالنقد ؟ هنا حدث الخلاف .
فتأمل حفظك الله ..

أما الاستدلال بحديث عروة بن الزبير فقوي ، غير أني وجدت أحاديث تقول أن إخراج الحنطة لم يكن معهوداً في عصر النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن ابن عمر قال لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة . رواه ابن خزيمة في صحيحه . وقال الألباني : إسناده صحيح .
وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ . رواه البخاري في صحيحه .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : فرض النبي صلى الله عليه و سلم صدقة الفطر أو قال رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس به نصف صاع من بر . رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .
وفي صحيح ابن خزيمة أيضاً :
باب الدليل على أنهم أمروا نصف صاع حنطة إذا كان ذلك قيمة صاع تمر أو شعير والواجب على هذا الأصل أن يتصدق بآصع من حنطة في بعض الأزمان وبعض البلدان :
حدثنا بندار حدثنا يحيى حدثنا داود بن قيس عن عياض عن أبي سعيد الخدري قال لم نزل نخرج على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر وصاعاً من شعير وصاعاً من إقط فلم تزل حتى كان معاوية فقال أرى إن صاعا من سمراء الشام تعدل صاعي تمر فأخذ به الناس .
باب ذكر أول ما أحدث الأمر بنصف صاع حنطة وذكر أول من أحدثه :
حدثنا بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا داود ـ هو ابن قيس الفراء ـ عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري أنه قال : كنا نخرج زكاة الفطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من إقط أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية من الشام حاجا أو معتمرا ـ و هو يؤمئذ خليفة ـ فخطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم ذكر : زكاة الفطر فقال إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فكان أول من ذكر الناس بالمدين حينئذ .

ثم لماذا يقول أَبُو سَعِيدٍ الخدري : فَأَمَّا أَنَا فَلاَ أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ .
إذا كان إخراج مدين من الحنطة موجود في عهد النبي صلى الله عليه ، إلا لأنه علم أن إخراجه كان رأياً واجتهاداً من معاوية .

قلت :
( أين مستند علتهم ؟ )
أقول :
قل لي لماذا فرض الله الزكاة ؟

أما قولك :
(أما قول ابن تيمية فهو واضح في منعه للقيمة في مطلع فتواه وإنما جوزها لحالات ضرورية. ولم يجعلها بدلاً ) .
أقول :
لم يجزها ابن تيمية للضرورة ، بل للمصلحة والحاجة .
يقول : ( والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه وإما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به ) .
وإذا كانت المسألة تعبدية محضة ، كيف يجيز ابن تيمية القيمة إذا طلب الفقير من المزكي ذلك ؟
( ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها انفع للفقراء ) .
هل في القضايا التعبدية نأخذ برأي الناس ؟

نادية بوغرارة
17-08-2012, 04:24 PM
تذكرت وأنا أقرأ ما ورد في هذا الموضوع بعض الأساتذة الذين كرسوا جهدهم لتكريس عقلية فهم المقاصد من أمور ديننا ،

ولا شك أن فيها إنهاء مرضيا لكثير من الخلافات الفقهية .

ولكننا نرى كثيرا من الناس و منهم بعض المراجع الدينية والعلماء يأخذون بحرفية النص ولا يقبلون الإتيان بما يخالف ما ورد فيه ،

ولو أُعمل الفكر المقاصدي لوجدنا في النصوص متسعا ورحابة تشبه ديننا الحنيف ورسالته السمحاء وعالمية دعوته

وامتداد صلاحيتها في الزمان والمكان .

جزاكم الله خيرا وتقبل الله طاعاتكم .

بهجت عبدالغني
17-08-2012, 04:25 PM
أما مسألة التصويب والتخطئة
أقول ما هي الثمرة الواقعية من هذه المسألة ، إذا كان كل مجتهد يرى صواب رأيه الذي توصل إليه من خلال اجتهاده ؟
ثم هل كل من لا يرى اجتهاداً يخطئه ؟ بمعنى هل من اللازم عندما اختار اجتهاداً فقهياً وأميل إليه ، هل من اللازم أن أقول بخطأ الاجتهاد الآخر ؟
عن نافع عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم لنا لما رجع من الأحزاب ( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) . فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر للنبي صلى الله عليه و سلم فلم يعنف واحدا منهم
رواه البخاري في صحيحه .
فأقرّ النبي صلى الله عليه وسلم الاجتهادين ولم يقل لأحدهما أنك مخطئ .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
( قال السهيلي وغيره في هذا الحديث من الفقه أنه لا يعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية ولا على من استنبط من النص معنى يخصصه وفيه أن كل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب قال السهيلي ولا يستحيل أن يكون الشيء صواباً في حق إنسان وخطأ في حق غيره وإنما المحال أن يحكم في النازلة بحكمين متضادين في حق شخص واحد قال والأصل في ذلك أن الحظر والإباحة صفات أحكام لا أعيان قال فكل مجتهد وافق اجتهاده وجهاً من التأويل فهو مصيب انتهى . والمشهور أن الجمهور ذهبوا إلى أن المصيب في القطعيات واحد وخالف الجاحظ والعنبري وأما ما لا قطع فيه فقال الجمهور أيضاً المصيب واحد وقد ذكر ذلك الشافعي وقرره ونقل عن الأشعري أن كل مجتهد مصيب وأن حكم الله تابع لظن المجتهد وقال بعض الحنفية وبعض الشافعية هو مصيب باجتهاده وان لم يصب ما في نفس الأمر فهو مخطئ وله أجر واحد ) .

أما قولك :
( من يقول بالجواز يرى أن القولين صواب وهذا واضح لان الأمرين جائزان عنده بخلاف المانع لأنه كيف يعتبرهما صواب وهو يخطئ احدهما ) .
أقول :
أفلا يمكن أن يمنع دون أن يخطئ الآخر ؟
فيمكن لك مثلاً إذا سألك سائل عن زكاة الفطر هل يجوز إخراجه نقداً ، فتقول له :
أنا آخذ برأي الجمهور على أن زكاة الفطر تكون طعاماً ، أما القول بجواز النقد فلا آخذ به ، ولكن قال به الأحناف وأخذ به علماء معاصرون ، ولكل رأيه واجتهاده ، أما أنا فلا آخذ إلا برأي الجمهور .
ونحن نرى ذلك عند العلماء عندما يسألون ، يبسطون الآراء في المسألة ثم يقولون بالرأي الذي إليه يميلون دون أن يخطئوا الرأي الآخر ، بل ربما قال احدهم إن الأمر واسع ومن اخذ بالرأي الآخر فلا بأس .

أما قولك :
( إما أقوال الأئمة فذلك مرتبط بتدوين مذهبهم ، فهل يفتون السائل براثين ؟ هذا محال انما لاجتهادهم قد يقولون قولا ويروا خلافه بعد ذلك لذلك تجد من اتباعهم اجتهادا في تحرير قول المذهب المعتمد ) .
طبعاً يفتون السائل برأي واحد وهو الرأي الذي أدى إليه اجتهادهم .
ولكن ليس اختلاف رأي العالم نفسه في المسألة راجع إلى اكتشاف خلافه فقط ، بل لأن العالم قد يبني فتواه على مصلحة أو عرف أو سد ذريعة ، والفتوى يتغير بتغير الزمان والمكان والأعراف والعوائد .
والمثير للملاحظة أن الإمام احمد له في المسألة الواحدة ثلاثة أقوال أو خمسة .
فهل من المعقول أن الإمام احمد كان كلما رأي رأياً رأى خلافه ثم يرى خلاف الرأي الأخير وهكذا ..

حفظك المولى وأعلى قدرك ..

بهجت عبدالغني
17-08-2012, 04:29 PM
تذكرت وأنا أقرأ ما ورد في هذا الموضوع بعض الأساتذة الذين كرسوا جهدهم لتكريس عقلية فهم المقاصد من أمور ديننا ،
ولا شك أن فيها إنهاء مرضيا لكثير من الخلافات الفقهية .
ولكننا نرى كثيرا من الناس و منهم بعض المراجع الدينية والعلماء يأخذون بحرفية النص ولا يقبلون الإتيان بما يخالف ما ورد فيه ،
ولو أُعمل الفكر المقاصدي لوجدنا في النصوص متسعا ورحابة تشبه ديننا الحنيف ورسالته السمحاء .
جزاكم الله خيرا وتقبل الله طاعاتكم .


من أخبرك بما في نفسي أختي العزيزة نادية
حول هذا أدندن
وقد لخصت الفكرة بأسطر قليلة مفيدة

فلله درك

رزقك الله الحسنى وزيادة
وحفظك ورعاك


تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
18-08-2012, 01:19 AM
بالنسبة لنقلك من الفتح في قصة اختلاف الصحابة فقد أتبع الحافظ تلك النقول مباشرة بقوله : "ثم الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح. وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، فيستفاد منه عدم تأثيمه". فتح الباري(7/ 410)
وإن كان هذا المبحث ليس من صلب النقاش لكن لعلي انقل هنا ايها العزيز ما يفي فيه ويكفي ويزيل الاشكال من كتاب (الترخُّص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه):
"تصويب المجتهدين والخلاف فيها : هل كل مجتهد مصيب ، أو المصيب واحد ؟ فمن توسع في الأخذ برخص العلماء من غير ضابط ولا قيد ، يرى أن كل مجتهد مصيب فيما عند الله ، ومصيب في الحكم ، وليس هناك تحجير على تتبُّع مسائل الخلاف ، واستمع إلى ما يحكيه ابن المنيِّر حينما فاوض بعض مشايخ الشافعية في هذه المسألة فقال : (( وقال - أي الشيخ - : أي مانع يمنع من تتبع الرخص ونحن نقول : كل مجتهد مصيب ، إن المصيب واحد غير معين، والكل دين الله ، والعلماء أجمعون دعاة إلى الله ، حتى كان هذا الشيخ رحمه الله من غلبة شفقته على العامي إذا جاء يستفتيه - مثلاً - في حنث ينظر في واقعته ، فإن كان يحنث على مذهب الشافعي ، ولا يحنث على مذهب مالك ، قال لي : أفته أنت، يقصد بذلك التسهيل على المستفتي ورعاً ))(1)) .
ونقل الشاطبي عن بعض العلماء قولهم : (( كل مسألة ثبت لأحد من العلماء فيها القول بالجواز - شذّ عن الجماعة ، أو لا ، فالمسالة جائزة ))(2)) .
والحق الذي عليه الأئمة الأربعة وجمهورهم أن الحق من ذلك واحد من أقوالهم وأفعالهم ، والباقون مخطئون ، غير أنه معذور بخطئه(3)) ، للحديث الصحيح : (( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد ))(4)) .
ثم اختلف هؤلاء الأئمة - وهو اختلاف لا يقدح في أصل القاعدة - فيمن لم يصب الحكم الباطن : هل يقال : إنه مصيب في الظاهر ؟ فقيل : المخطئ في الحكم مخطئ في الاجتهاد ولا يطلق عليه اسم الإصابة بحال . وقيل : إنه مصيب في الظاهر ، لكونه أدى الواجب المقدور عليه من اجتهاده(5)) .
وتنازعوا أيضاً علامَ يؤجر المخطئ ؟ بين قائلٍ : إنه يؤجر على القصد إلى الصواب ، ولا يؤجر على الاجتهاد ، لأنه اجتهاد أفضى به إلى الخطأ ، وهو اختيار المزني .
وبين قائلٍ : إنه يؤجر عليه وعلى الاجتهاد معاً ، لأنه بذل ما في وسعه في طلب الحق ، والوقوف عليه(6)) .
وذهب الخطابي(7)) إلى أن المجتهد إذا أخطأ فلا يؤجر على الخطأ ، بل يوضع عنه الإثم فقط ، فجعل قوله ش : (( وله أجر واحد )) مجازاً عن وضع الإثم(8)) .
وشذَّ أبو علي بن أبي هريرة(9)) فقال : إن المخطئ آثم(10)) .
ولا يهولنّك ما ينسبه بعض المحققين - كالمازري(11)) والماوردي(12)) وغيرهما - إلى الجمهور من القول بأن كل مجتهد مصيب، وأن الحق في طرفين، فهؤلاء نظروا إلى وجوب العمل بما أدى إلى الاجتهاد ، لأن لله تعالى حكمين : أحدها : مطلوب بالاجتهاد ونصب عليه الدلائل والامارات . والثاني : وجوب العمل بما أدى إليه الاجتهاد ، وهذا متفق عليه ، فنظروا إلى هذا الحكم الثاني ، ولم ينظروا إلى الأول ، وهذا حق ، فالخلاف حينئذ لفظي(13)) .
أو أن يكون شقَّ عليهم ، فكرهوا أن يقال للمجتهد : إنه أخطأ لأن هذا اللفظ يستعمل في الذنب كما جاء في قراءة ابن عامر(14)
(( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خَطَأً كبيراً )) على وزن عَمَلاً ، والأكثرون يقرأون:(( خِطْأً )) على وزن:عِلْماً-وهذا خلاف المشهور ، لأن لفظ الخطأ يفارق العمد ، فهو من الرباعي أخطأ يخطئ ، أي : لم يصب الحق ، لا من الثلاث خطأ يخطأ فهو خاطئ أي : مذنب - فهم أرادوا أن كل مجتهد مصيب أي : مطيع لله ليس بآثم أو مذموم ، وهذا صحيح ، والخلاف أيضاً لفظي(15)) .
وأصل هذه المقالة - أي القول بأن كل مجتهد مصيب - بدعة ابتدعها المعتزلة، يقول أبو الطيب الطبري(16)) : (( وهم الأصل في هذه البدعة وقالوا ذلك لجهلهم بمعاني الفقه وطرقه الصحيحة الدالة على الحق ، الفاصلة بينه وبين ما عداه من الشبه الباطلة فقالوا : ليس فيها طريق أولى من طريق ، ولا أمارة أقوى من أمارة ، والجميع متكافؤن وكل من غلب على ظنه شيء حكم به فحكموا فيما لا يعلمون وليس من شأنهم وبسّطوا بذلك شبه نفاه القياس منهم ومن غيرهم الذين يقولون : لا يصح القياس والاجتهاد لأن ذلك إنما يصح من طريق تؤدي إلى العلم أو إلى الظن ، وليس في هذه الأصول ما يدل على حكم الحوادث علماً ولا ظناً ))(17)) .
ثم تلقفها عنهم أكثر الأشعرية كأبي الحسن(18)[87]) والباقلاني(19) والغزالي(20)) وغيرهم فقالوا مثل مقالة المعتزلة ، وزادوا عليه أن التكليف مشروط بالقدرة ، فتكليف المجتهد الإصابة لما لم ينصب عليه دليل قاطع تكليف بما لا يطاق ، فلا يقال : أخطأه(21)) لذلك قال أبو إسحاق الشيرازي(22)) لما بلغته مقالة أبي الحسن الأشعري : (( يقال : إن هذه بقية اعتزال بقي في أبي الحسن رحمه الله . هذا مذهب أصحابنا ، ومذهب هؤلاء ))(23)) .
وفي الجملة فقد دلت نصوص السنة الصحيحة على أن المصيب عند الله واحد في مسائل الحلال والحرام المختلف فيها ، ومن أظهرها : (( إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ، لا يعلمهن كثير من الناس )) يقول ابن رجب : (( كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن هذه المشتبهات ، من الناس من يعلمها ، وكثير منهم لا يعلمها ، فدخل فيمن لا يعلمها نوعان : أحدهما : من يتوقف فيها لاشتباهها عليه . والثاني : من يعتقدها على غير ما هي عليه . ودلّ الكلام على أن غير هؤلاء يعلمها ومراده أنه يعلمها على ماهي عليه في نفس الأمر من تحليل أو تحريم ، وهذا من أظهر الأدلة على أن المصيب عند الله في مسائل الحلال والحرام المشتبهة المختلف فيها واحد عند الله، وغيره ليس بعالم بها بمعنى أنه غير مصيب لحكم الله فيها في نفس الأمر وإن كان يعتقد فيها اعتقاداً يستند فيه إلى شبهة يظنها دليلاً ، ويكون مأجوراً على اجتهاده مغفوراً له خطؤه ))(24)) .
وكذلك الحديث الصحيح : (( إذا حاصرت أهل حصن فسألوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله فإنك لا تدري ما حكم الله فيهم ، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك ))(25)) فدلَّ الحديث على أن لله تعالى حكماً معيناً ، يصيبه من يصيبه ، ويخطئه من يخطئه .
ثم إن الصحابة رضي الله تعالى عنهم خطَّأ بعضهم بعضاً ، ونظر بعضهم في أقاويل بعض ، ولو كان قولهم كله صواباً عندهم لما فعلوا ذلك(26)) . وقال غير واحد من الصحابة كابن مسعود(27)) رضي الله عنه : (( أقول فيها برأيي فإن يكن صواباً فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ))(28)) .
ولهذه القاعدة - أي أن الحق في قول واحد - كان الأئمة ينكرون ويعذرون في مسائل الخلاف على حسب الأدلة".
----------------------
(1) انظر : البحر المحيط 6 / 324 .
(2) انظر : الاعتصام 2 / 354 .
(3) انظر : تيسير التحرير 4 / 202 ، شرح تنقيح الفصول ص 438 ، البحر المحيط 6 / 241 ، شرح الكوكب المنير 4 / 489 .
(4) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام ، باب أجر الحاكم ، رقم ( 7352 ) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه .
(5) انظر : البحر المحيط 6 / 245 ، مجموع الفتاوى 19 / 125 .
(6) انظر : الشرح الكبير 12 / 478 ، شرح الكوكب المنير 4 / 490 ، فواتح الرحموت
2 / 381 .
(7) هو أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي الشافعي، صاحب (( معالم السنن )) و(( غريب الحديث )) توفي سنة 388 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 4 / 472 ، الأعلام 2 / 273 .
(8) انظر : معالم السنن 4 / 249 ، فتح الباري 13 / 319 .
(9) هو أبو علي بن أبي هريرة الحسن بن الحسين الشافعي ، له (( شرح مختصر المزني )) توفي سنة 345 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 4 / 240 ، الأعلام 2 / 188 .
(10) انظر : الشرح الكبير 12 / 478 .
(11) هو محمد بن علي بن عمر المالكي المازري ، أبو عبد الله، صاحب: (( المعلم في شرح مسلم )) توفي سنة 536 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 5 / 186 ، الأعلام 6 / 277 .
(12) هو علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي صاحب (( الحاوي )) و(( الاقناع )) توفي سنة 450 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 5 / 218 ، الأعلام 4 / 327 .
(13) انظر: البحر المحيط 6 / 260، نفائس الأصول 9 / 4060، مجموع الفتاوى 20 / 28 .
(14) هو عبد الله بن عامر بن يزيد أبو عمران ، أحد القرّاء السبعة ، توفي سنة 118 هـ . انظر ترجمته في : شذرات الذهب 2 / 85 ، الأعلام 4 / 118 .
(15) انظر : مجموع الفتاوى 20 / 19 - 22 .
(16) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري الشافعي ، أبو الطيب ، له (( شرح مختصر المزني )) توفي سنة 450 هـ .
انظر ترجمته في شذرات الذهب 5 / 215 ، الأعلام 3 / 222 .
(17) انظر : شرح اللمع 2 / 1048 .
(18) هو علي بن إسماعيل بن أبي بشر البصري ، صاحب (( مقالات الإسلاميين )) و(( الإبانة عن أصول الديانة )) توفي سنة 324 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 4 / 129 ، الأعلام 4 / 263 .
(19) هو محمد بن الطيب بن محمد البصري المالكي ، القاضي أبو بكر ، صاحب (( الإبانة )) و(( إعجاز القرآن )) توفي سنة 403 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 5 / 20 ، الأعلام 6 / 176 .
(20) هو محمد بن محمد الغزالي الشافعي ، أبو حامد ، حجة الإسلام ، صاحب (( المستصفى )) و(( إحياء علوم الدين )) توفي سنة 505 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 5 / 18 ، الأعلام 7 / 22 .
(21) انظر : المستصفى 2 / 362 ، 363 ، مجموع الفتاوى 19 / 124 .
(22) هو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي ، جمال الدين ، صاحب (( اللمع )) و(( المهذب )) توفي سنة 446 هـ .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 5 / 323 ، الأعلام 1 / 51 .
(23) انظر : شرح اللمع 2 / 1048 .
(24) انظر : جامع العلوم والحكم ص 88 .
(25) هو جزء من حديث طويل أخرجه مسلم في كتاب الجهاد ، باب تأمير الإمام الأمراء ، عن سليمان بن بريدة عن أبيه .
(26) انظر : جامع بيان العلم وفضله 2 / 84 وقد عقد ابن البرّ فصلاً كاملاً نقل فيه آثار الصحابة .
(27) هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي ، أبو عبد الرحمن ، من فقهاء الصحابة ، توفي سنة 32 هـ .
انظر ترجمته في : أسد الغابة 3 / 381 ، الأعلام 4 / 137 .
(28) انظر : مجموع الفتاوى 20 / 24 .

عبد الرحيم بيوم
18-08-2012, 02:21 AM
قلت: "أما الاستدلال بحديث عروة بن الزبير فقوي ، غير أني وجدت أحاديث تقول أن إخراج الحنطة لم يكن معهوداً في عصر النبي صلى الله عليه وسلم".
لا زال قويا رغم ما اوردته، فزيادة من أضاف هي زيادة علم على من نفى فلا تردها، وفيما اتيتَ به من نصوص دليل فارجع لها فانها لم تتفق على الاصناف فمنهم من ذكر صنفين ومنهم من ذكر ثلاثة ومنهم أربعة.
- مالجواب على الايراد الذي اوردته من كلام الحافظ والعثيمين وازيد هنا من كلام النووي في المنهاج "ذكر أشياء قيمها مختلفة وأوجب في كل نوع منها صاعا فدل على أن المعتبر صاع ولا نظر إلى قيمته". وهو قوي في دفع اعتبار القيمة. فكيف اذا اضيف اليه ما يؤكد ذلك من اقوال ابن عباس وابي سعيد

تحياتي العطرة

عبد الرحيم بيوم
18-08-2012, 05:29 AM
تذكرت وأنا أقرأ ما ورد في هذا الموضوع بعض الأساتذة الذين كرسوا جهدهم لتكريس عقلية فهم المقاصد من أمور ديننا ،
ولا شك أن فيها إنهاء مرضيا لكثير من الخلافات الفقهية .
ولكننا نرى كثيرا من الناس و منهم بعض المراجع الدينية والعلماء يأخذون بحرفية النص ولا يقبلون الإتيان بما يخالف ما ورد فيه ،
ولو أُعمل الفكر المقاصدي لوجدنا في النصوص متسعا ورحابة تشبه ديننا الحنيف ورسالته السمحاء وعالمية دعوته
وامتداد صلاحيتها في الزمان والمكان .
جزاكم الله خيرا وتقبل الله طاعاتكم .
علم المقاصد ايتها الكريمة علم قديم، ليس وليد الان
ولم ادرك حقيقة ما الذي ذكرك هنا به وبحرفية النص
فمن نفى اخراج القيمة في زكاة الفطر هو الجمهور من مالك والشافعي واحمد، فهل افهم من كلامك انهم لا ياخذون بالمقاصد لاجل هذه المسالة وانهم حرفيون؟
وهل الشيخ الالباني وابن باز والعثيمين عندك حرفيون؟
فهذه فتاواهم شاهدة بنفي هذه التهمة عنهم
لكنهم لا يفتحون الباب على مصراعيه للتحسينات العقلية الغير مدعمة بنصوص الوحي
اما قولك: "ولا يقبلون الإتيان بما يخالف ما ورد فيه"
فهل احد يقبل بان يخالف ما ورد في النص؟

تحياتي الكريمة لمشاركتك
وحفظك المولى

نادية بوغرارة
18-08-2012, 01:44 PM
اما قولك: "ولا يقبلون الإتيان بما يخالف ما ورد فيه"
فهل احد يقبل بان يخالف ما ورد في النص؟

تحياتي الكريمة لمشاركتك
وحفظك المولى
========


بارك الله فيك وزادك علما .

معنى ما ذكرته ظننته واضحا من خلال سياق الكلام ، فبالطبع لا أعني الخروج على أحكام النصوص

وإنما التعامل معها بحسب الحالات والظروف ،وهذا ما يوحي للبعض بأنه خروج عن النص .

أما عن علم المقاصد فلا أحد يقول بكونه وليد الآن، بل نجد تأصيله منذ عهد الخلافة الراشدة ،

لكنه يدخل ضمن مجموعة العلوم شبه المعطلة ،والتي لا نرى تجلياتها عند طرح المسائل ،حيث يغلب النقل على العقل .

والله تعالى أعلم .

شكرا لك .

عبد الرحيم بيوم
18-08-2012, 02:19 PM
لو اضفت "ما يوحي" لكان واضحا، فهل اوحي لجمهور اهل العلم في هذه المسالة التي ذكّرتك بهذا العلم بما ذكرت؟
علم المقاصد ليس تعاملا مع النصوص بحسب الحالات والظروف فقط وليس متعلقا بتغليب النقل على العقل او العكس فهو من العلوم الاسلامية
وليس معطلا، واين هذا التعطيل المزعوم؟ ومن الاساتذة الذين كرسوا جهدهم؟ ومن يحق له استعمال المقاصد؟
لكن هناك من اصبح يدعيه ويتكلم فيه من اساتذة وليسوا بعلماء متمكنين فاتوا فيه بالعجائب واتكؤوا عليه للخروج بأراء شاذة.
وهل كان معطلا وقت نشوء هذا الخلاف؟
الحكم على سياق الخلاف والعلماء هكذا بجرة قلم لا ينبغي ايتها الفاضلة، لان في كلامك نقاطا اخرى لم ار توضيحك بشانها.

تحية لابنة بلدتي ومدينتي
وتقبل الله منا ومنك
وحفظك المولى

نادية بوغرارة
18-08-2012, 02:34 PM
لو اضفت "ما يوحي" لكان واضحا، فهل اوحي لجمهور اهل العلم في هذه المسالة التي ذكّرتك بهذا العلم بما ذكرت؟
علم المقاصد ليس تعاملا مع النصوص بحسب الحالات والظروف فقط وليس متعلقا بتعليق النقل على العقل او العكس فهو من العلوم الاسلامية
وليس معطلا، واين هذا التعطيل المزعوم؟ ومن الاساتذة الذين كرسوا جهدهم؟ ومن يحق له استعمال المقاصد؟
لكن هناك من اصبح يدعيه ويتكلم فيه من اساتذة وليسوا بعلماء متمكنين فاتوا فيه بالعجائب واتكؤوا عليه للخروج بأراء شاذة.
وهل كان معطلا وقت نشوء هذا الخلاف؟
الحكم على سياق الخلاف والعلماء هكذا بجرة قلم لا ينبغي ايتها الفاضلة، لان في كلامك نقاطا اخرى لم ار توضيحك بشانها.

تحية لابنة بلدتي ومدينتي
وتقبل الله منا ومنك
وحفظك المولى

=========

أسئلة كثيرة يحتاج بعضها إلى تفاصيل أكثر ، لا أزعم أنني مستعدة للخوض فيها هنا ، ولا أرى جدوى منه مادام ما أكتبه

يُنظر إليه على أنه جرّة قلم .

بارك الله لك في علمك وعملك .

الأخ عبد الرحيم صابر ،

أشكرك وصاحب الموضوع ، الأستاذ بهجت الرشيد .

عبد الرحيم بيوم
18-08-2012, 02:40 PM
نعم، اعتبرها جرة قلم لانها حكم على طائفة كبيرة بل جمهورهم بالحرفية وتعطيل العلم المقاصدي بلا حجة ولا بيان.
فلا ينبغي ذلك ايتها الكريمة
وتحياتي لك

بهجت عبدالغني
18-08-2012, 03:33 PM
أما علم المقاصد فقديم لا شك في ذلك
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أبرز المقاصديين ان صح التعبير ..
وكان هذا العلم حاضراً بقوة عند الصحابة والتابعين والعلماء والأصوليين في عصور الازدهار الحضاري
ولو سمحتم لي ان أضرب مثالاً كيف كان الصحابة يتعاملون مع النصوص بمقاصدها ..
ثبت في السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا ضمان على مؤتمن " .
ولكن عندما تغيرت الأخلاق وظهر الإهمال والتقصير ، ودخل في بعض النفوس حب الخيانة طمعاً في أموال الناس ، وكثرت الدعاوى ، قام الخلفاء الراشدون بتضمين الصناع .
قال الشاطبي في الاعتصام : " إن الخلفاء الراشدين قضوا بتضمين الصناع ، قال علي رضي الله عنه : ولا يصلح الناس إلا ذاك . ووجه المصلحة فيه أن الناس لهم حاجة إلى الصناع وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال والأغلب عليهم التفريط وترك الحفظ فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين إما ترك الاستصناع بالكلية وذلك شاق على الخلق وإما أن يعملوا ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع فتضيع الأموال ويقل الاحتراز وتتطرق الخيانة فكانت المصلحة التضمين " .
فتأملوا كيف كان الصحابة يتظرون في مقاصد النصوص ، ولو نظروا في ظاهره فقط لقالوا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يضمن فلا نضمنهم أيضاً ..

ولكن عندما دخلنا عصور الجمود والتقليد ونقل المتون والحواشي والهوامش دون الابداع ، صار هذا العلم غائباً في الفقه ، وهي نتيجة طبيعية لحالة الجمود تلك والمقولات التي كانت تنادي بإغلاق باب الاجتهاد ..
واليوم وبحمد الله تعالى نرى نشاطاً ملحوظاً في إحياء القراءة المقاصدية للنصوص وفق ضوابطها وشروطها ، قام بها ويقوم علماء كبار أمثال الشيخ ابن عاشور وعلال الفاسي واحمد الريسوني ونور الدين الخادمي ، وكلهم من بلدانكم ، من المغرب العربي ، وانتم أهل المقاصد ومنكم شيخ المقاصد الامام الشاطبي ..

أما اتهام العلماء بالحرفية وتعطيل مقاصد النصوص ، فهذا ما لم يقل به ولم يفعله أحد ، والعلماء منذ القديم يناظرون بعضهم البعض ويتناقشون ويردون على بعض ويستدرك آخرهم على أولهم ، دون اتهام أحد للآخر ..

ولذا قلت أن المسألة تحتمل الاجتهاد ، وان لا داعي للتضليل والتجريح كما يفعل البعض ، وهو غاية إيراد الموضوع وهدفه
أما الخلاف فقديم ..

دمتم بخير وعافية
فالحوار معكم ماتع
وكل عام وأنتم بألف خير


تحياتي ..

عبد الرحيم بيوم
18-08-2012, 04:44 PM
أما اتهام العلماء بالحرفية وتعطيل مقاصد النصوص ، فهذا ما لم يقل به ولم يفعله أحد ، والعلماء منذ القديم يناظرون بعضهم البعض ويتناقشون ويردون على بعض ويستدرك آخرهم على أولهم ، دون اتهام أحد للآخر ..
ولذا قلت أن المسألة تحتمل الاجتهاد ، وان لا داعي للتضليل والتجريح كما يفعل البعض ، وهو غاية إيراد الموضوع وهدفه
أما الخلاف فقديم ..

أتفق معك تماما، فهذا هو عين ما علقت من أجله لدفع التهمة
فليس كلما اختلفنا اتهم احد الفريقين بالجمود الفكري والحرفية ورد الاخر بالتمييع ووو
فما دام الخلاف جاريا على أصوله فهو خلاف معتبر وسائغ
دمت بخير وزادك ربي من فضله
تحياتي للجميع
وحفظكم المولى

ناديه محمد الجابي
26-07-2014, 10:19 AM
تذكرت وأنا أقرأ ما ورد في هذا الموضوع بعض الأساتذة الذين كرسوا جهدهم لتكريس عقلية فهم المقاصد من أمور ديننا ،

ولا شك أن فيها إنهاء مرضيا لكثير من الخلافات الفقهية .

ولكننا نرى كثيرا من الناس و منهم بعض المراجع الدينية والعلماء يأخذون بحرفية النص ولا يقبلون الإتيان بما يخالف ما ورد فيه ،

ولو أُعمل الفكر المقاصدي لوجدنا في النصوص متسعا ورحابة تشبه ديننا الحنيف ورسالته السمحاء وعالمية دعوته

وامتداد صلاحيتها في الزمان والمكان .

جزاكم الله خيرا وتقبل الله طاعاتكم .

أعتقد أن رأي الأخت نادية قد لخص ما نشعر به كلنا وما نعتقد
أنار الله حياتنا بطاعته واجتناب معصيته ووفقنا لمعرفته
موضوع شائك أخي بهجت ـ أثابك الباري ووفقك
وجعله في موازين حسناتك.

بهجت عبدالغني
29-07-2014, 01:51 PM
شكراً أستاذتنا نادية للمرور الكريم
وفقك ربي ورعاك



وتحاياي

فكير سهيل
03-08-2014, 03:38 PM
القضية قضية زكاة وهي ركن من اركان الدين..
فهل يصلح التحجج بمقاصد الشريعة, والورق -بكسر الراء- اي النقد كان موجودا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد فرض زكاة الفطر طعاما ولم يشر الى الاصناف الأخرى التي تخص زكاة الحول. فلو كانت جائزة لبين ذلك صلى الله عليه وسلم ولم يترك الامر مقيدا. قد يكون هذا الامر استدراكا على رب العالمين .
اما مسألة الاجتهاد في إخراج انواع اخرى من الطعام فاصناف الطعام كلها لا تخرج عن جنس الطعام وترك بعضها كالشعير يعود الى عدم استعمالها في بيئة معينة واخراجها يؤدي الى عدم استعمالها فتستبدل بالقوت الموجود في البلد والزمن فالمقصود الطعام.
اما النقد وهو اوسع فليس من جنس الطعام.
ثم الانسان يحاول الخروج من الخلاف ما أمكنه وهو أمر متيسر هنا و سبل الخير كثيرة وباب الصدقات مفتوح وواسع في مسألة النوع والزمن وزكاة الفطر تختص بالطعام .يمكن حينئذ للمسلم اخراج زكاة الفطر طعاما وبقية الصدقات نقدا ان شاء وهكذا يعين اخوانه على قضاء حوائجهم.

بهجت عبدالغني
23-08-2014, 03:56 PM
ويبقى الخلاف معتبراً في المسألة

أخي العزيز الأستاذ فكير سهيل
شكراً لمرورك وإضافتك القيمة


دعواتي وتحاياي

ناديه محمد الجابي
21-05-2020, 05:47 PM
المسألة التى نحن بصدد النقاش حولها تؤكد ولع الأمة بالصورة والشكل على حساب الروح والجوهر، فترى قطاعا من الناس يتقدمهم مجموعة من العلماء يرون إخراج الحبوب والطعام ولا يرون صحة غيره البتة حتى وإن تيقنوا من أنه ليس في مصلحة الفقير وباعثهم على ذلك هو: اتباع السنة. ومن عجيب ما قرأت رد أحد العلماء على الاحتجاج بتضرر الفقير وخسارته في علمية استبدال الحبوب بالمال قال: لعلها فرصة للفقير أن يتعلم التجارة ويربح!
فالمقصد من زكاة الفطرهو أن يشعر الفقير بفرحة العيد مثل الغني، والفقير اليوم يحتاج أن يشتري لأولاده الملابس الجديدة وهدايا العيد، ولا يصح فيها اليوم غير المال.
وأقول في ذلك الخلاف .. استفت قلبك.
:002::002: