المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غربة المثقف ..ربما يكون الآتي أجمل..!!



د. سلطان الحريري
25-11-2004, 08:13 PM
خاطرة
غربة المثقف ..
ربما يكون الآتي أجمل..!!
كلماتي تنوء بحمل شعوريّ يتكدس في زوايا ذاكرتي المرهقة..فأبحث عن الضجيج فلا أجد سوى الصمت ، هو وحده الكفيل بحمل أمتعة شوقي التي أضجرها التنقل في مرافئ الأحلام..هناك حيث الألم يشرع أبوابه في داخلي.. والطفل في داخلي مازال الربيع باسما على شفتيه في صقيع من أمل..نعم الطفل وحده هو الذي يقيم في داخلي مدينة فاضلة ، ويقطع تذاكر الأمان!!
قال لي محاوري .. إنكم – معاشر المثقفين- تعيشون اغترابا عن كل شيء يحيط بكم..فقلت له: نعم إنه ديدن الغرباء الذين ينثرون أوقاتهم على الورق ، ويتحدون مع الغياب ، ويهبون قلوبهم وعودا بتهدئة الخاطر.. وتبقى المدينة الفاضلة سرابا يتابعونه ، فيقطعون المسافات ، ويقفون على أعتاب الشوق يتكئون على أحزانهم ، وصدق عظيم الشعراء حين قال:

وهكذا كنت في أهلي وفي وطني=إن النفيس غريب حيثما كانا
نعم إنه الاغتراب الذي يجعل طرقنا محفوفة بالأسئلة التي نعجز عن الإجابة عنها ، فالدنيا تحفظ في أوراقنا وديعة حياة نحفظها بأمانة ، وبقلب آمن لغد يكون أجمل ، ولكن يبقى وطننا بعيدا ، ويصبح السفر إليه وفيه موعدا للأحلام والأمنيات التي لا تتحقق...
وحين نريد أن نعيش الواقع بفصوله وحروفه وحكاياته ، نجد أن لأحلامنا بيوتا لا يسكنها إلا نحن ، فنحن نلقي( تعاويذ ولهٍ على الورق ، ونحيط أنفسنا بتمائم تبعد أشباح الواقع..) وتبقى الكلمة طائرتنا التي تقلنا عبر الأزمنة لنخترقها ، ونعيشها بنفوس تعانق الفراغ، ( فنغامر في شرف مروم ولا نقنع بما دون النجوم)..
وكنت أردد أمامه دائما عبارة :
سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!
لقد كنا ذات يوم نؤلف كلا واحدا..مات نصفه في واقعنا، فلم يعد لبوصلتنا جهات، ولاشيء في حاضرنا نعتز به، فهل ننبش القبور؟ أم ننتظر المستقبل الذي يتفلت من بين أصابعنا؟وما هي إلا الكتابة وحدها التي تذكرنا بنصفنا المجهول..!!
سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!
بحسبنا أن الجيل القادم سيزور أطلالنا ، فيتذكر أعماق الآهات التي كانت تربطنا بالحياة..سنكتب قبل أن ينهال على ملامحنا الغياب ، وسنفتح قلب الحرف قبل أن تطويه العتمة..ولن يبقى منا في النهاية سوى أرواح تلملمها عيون القادمين بعدنا..
سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!
عاد إلى السؤال مرة أخرى وأظنه لم يقتنع بكلامي: لماذا تهربون – معاشر المثقفين- من الواقع ؛ فأجبته : نحن لا نهرب من الواقع ، بل ننغمس في الأشياء التي تسكننا وتعبر بنا عبر نافذة الحلم، حتى لا نتمدد كظل مشروخ نعجز بعده عن لملمة أنفسنا..نسير مع الأحلام بأجنحة الواقع لعلنا نبتكر غدا يتسلل إلى ملامحنا، ولن نكون صنّاع تاريخ إلا إذا أصبح الظمأ عندنا أقوى من الارتواء، وإذا لم نفعل ذلك فإن الأيام ستمر في أحيائنا قلقة تنذرنا بالمؤقت فنحيا الواقع مرغمين ، ونحتار في أسباب ثباتنا عليه..
قهقه بضحكة طويلة ، وقال لي:
إنكم تضيعون أوقاتكم في كتابة مالا يقرأ ؛ فأصابني بالذهول ..فاستجمعت قواي ، وقلت له: إننا لا نضيع الوقت ، بل نسرق الوقت من الوقت، لنسيّج واقعنا بالحروف ، ونفتح صنابير الشوق على عالم نصنعه بالكلمة، ونزرع حقوله بالحروف( التي تنهض لعناق تفاصيل الروح في سعي لفضاء لا يحد و بين الوقت والوقت ننتظر..وبين الشوق والشوق ننتظر..وبين السؤال والسؤال ننتظر) وإذا كان الناس لا يقرؤون فلن نلوذ بعمق الصمت ، وسنبحث في الحياة عن موطئ قلم ، وسنقف دائما بين ( مستقر المعاني واحتشاد اللحظات الصادقة) ، وسنواصل السفر إلى مواطن الجمال الذي يغطيه السكون، وسنبقى نبحث عن سفر دائم داخل البوح إلى أن يتغير الزمن، وسنغزل من نسيج الخيال مشاعرا على الورق ، وحتى يأتي ذلك الحين...سنكتب ونكتب ونكتب ، فربما يكون الآتي أجمل!!!عض محدثي على شفتيه حنقا ، واستأذن بالانصراف..
ودعته وعدت إلى أوراقي..

حوراء آل بورنو
25-11-2004, 10:50 PM
أيها الكاتب المتفائل

و أنا سأعود إلى كلماتك المتفائلة ، و لكن بعد أن أفيق قليلا من وجع حركته حروفك .

نعيمه الهاشمي
26-11-2004, 08:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله

c0أستا العزيز د سلطان استوقفنى هنا حرفك


c0 أستا الفاضل مازلت افكر أو مازلت أجازف فى فهم العلاقى بين الانسان والغربة؟ وإلا اي مدى تصل هذه الغربة فى نفس المثقف؟ وهل للغربة وجه واحد أم عدة وجوه لكل وجه عالمه الخاص.
لعلك هنا تقصد غربة الروح التى يرافقها العزلة والصمت السرمدي
عندما ينفصل ألآنسان المثالى المثقف عن عالمه الواقعى ولا يجد فية ملاذه وأفكاره المثالية تنقطع أوتار الاتصال بينهما ليسكن ذاتة بفكره وقلمه لينسج واقعه الخاص على الورق صانعا دربا للفضيلةبالتحدي والمثابرة والارادة. وكصيادحريص ذكي ينتظر الغد الآتي بشغف الطفولة الحالمه بغدٍ جميل( وغد للناظرين قريب) .
عندما تنعدم مقايس الفضيلة وتتراجع القيم الأنسانية فى نفوس البشرية هناك من يصاهر ويختلط بهذا الواقع المشوة حفاظا على مصالحه الخااصة يرتبط بواقعه بلا مفهوم مقدس او رابط شرعي او معادلة, وهناك فى الطرف الآخر النادر من ينفصل تلقائياً عن واقعه المصطنع من الصدف العابرة المشوهة بزعفران الخطيئة كنفصال الماء والزيت والموت والحياة والنور والظلمات لان نفسه ترفض كل مناقض لسنن الحياة الطاهرة النقية.

وفى نهاية مراحل الغربة والاغتراب لابد ان يتجلى ضباب الأزمنة وتتصدع كلمات الحياة من قلوب مليئة بالنور والحياة
وتعود تتصدع وديان الحياة وتتفجر مارافي الاحلام الخضراء للبشرية

همسة )هل سمعت طبول الغد الجميل يرفرف من بعيد أنه يقترب(

c0أستا العزيز اسمح لى بهذه الثرثرة ودامك الله ألينا فكرك السديد

تلميذتك المستغربة عنود

عبدالله
28-11-2004, 09:10 PM
كلام جميل وأسلوب أجمل.

وهنا يظهر الفرق واضحا بين المحترفين والهواة.

د. سلطان الحريري
29-11-2004, 12:55 AM
الأخت العزيزة حرة:
أشكرك على رقي كلماتك ، وسأنتظرك بعد أن تفيقي من ذلك الوجع الذي حركته حروفي ، وإن كنت أريدها بلسما لا وجعا..
لك مني خالص الود والتقدير

د. سلطان الحريري
29-11-2004, 01:05 AM
الأخت العزيزة نعيمة الهاشمي:
شرف لي أن أرى حروفك في صفحتي المتواضعة ، وأن أرى هذا الفهم الدقيق لمعانيها ، وأراك قد رسمت الخطوط الواضحة لمسألة مهمة في شخصيات المبدعين ، ووقفت على أبواب الاغتراب الروحي والنفسي عندهم
وأتذكر وأنا أقرا ردك الرائع قول أحدهم:
بقلبي شيء ثقيل الثمار
ليوم قدوم هوادج عرس النهار
النهار
النها...ر
لماذا فؤادي يعدو غريبا
بكل محطات هذا الزمن؟؟
وأخيرا سأبقى أقول : سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!
لك خالص مودتي وتقديري

د. سلطان الحريري
29-11-2004, 01:11 AM
أخي الحبيب عبدالله:
كلمات قليلة وكل حرف فيها لا يقدر بثمن..لم أصل بعد أخي الحبيب إلى الاحتراف ، وما هي إلا خربشات قلم أحس بضيق الزمان ، وسأبقى هاويا ؛ لأنني أعيش الكلمة حبا لا يحد..فالكلمات عندي لم يكتمل عرسها معي، ولم يكتمل موجي بعد ليقود سفينتها..
يسعدني مرورك على ضفاف حروفي
ولك خالص الود والتقدير

حوراء آل بورنو
29-11-2004, 02:40 AM
أستاذنا الفاضل

تحية لقلم يرى شمس الحياة ستشرق من جديد

اعذرني إن بحت بوجعي أمام بلسم حروفك ، فما بوحها إلا أمام طبيب ، رجاء الشفاء من ألم يزور الحروف تترى ، بل حمى لا يفيق منها محبِّر إلا لرشف قطرات ماء .
أترى سيدي أن غربتنا داء لنا برء منه ! أروحك المتفائلة بغد جميل مشرق جمعت أعشاب الجبل و سقتنا عصارتها أملا في شفاء !!
لم أرى كل نقيع لن يزيل حمى ، و لن يطبب جرح ؟
ترى أن حروفي تصرخ ألما ؟ نعم سيدي
فقلمي أكثر الأقلام عجزا ، و أكبر وهنا ، و أعظمها خواء .
فما كنت يوما أريد له إلا جولة في ساحة حق ، فإذا به سيفا لا يعلم من فنون الحرف إلا حز رقبتي .

د.جمال مرسي
01-12-2004, 10:11 AM
أخي و صديقي الحبيب د. سلطان

و أنا .. دعني أردد معك هذه العبارة التي طالما كررتها لأنها و إن عبرت عما باخلك كمثقف واع فإنها تعبر أيضا عما بداخلنا و إن لن ننطق به :
( سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!! )
نعم اخي الكريم
سنظل نكتب و نكتب إلى آخر لحظة من لحظات الوجع .. فما قيمتنا و ما قيمة أمتنا بدون كتابها و مبدعيها و مفكريها .
ربما تنطلق الشرارة من حرف . من كلمة . من بيت شعر
و هل نملك إلا الكلمة الحرة الشريفة

و أذكر أني كتبت مرة مدافعا عن الشعر :


هو الشعر أرقى فنون الحياة=هو البحر دراتُهُ غاليهْ
هو البر إن أنت رُمتَ النجاةَ=هو العطر فاح بأياميهْ
حماسٌ و فخرٌ و كم من أريبٍ=يُسدد من ضربةٍ قاصيه
ببيتٍ من الشعر يُردي الطغاةَ=و يدحرُ من قوةٍ غازية

و هذا ينطبق على كل فنون الأدب الأخرى .

فلا يأس يا مثقفي الأمة و شرفاءها المخلصين
اكتبوا .. اكتبوا .. اكتبوا .. فربما يكون الآتي أجمل .

استاذي الجميل د. سلطان
منكم نتعلم كيف يكون الحرف تاجاً على هاماتنا نباهي به و نفخر .
دمت استاذا فاضلا و أخاً كريماً يا صاحبي ( ههههههه )

تقبل ود أخيك
د. جمال

لحظة صدق
01-12-2004, 11:02 PM
استاذى الفاضل

دكتور سلطان

هأنت تعود بعد طول غياب ووحشة
عودًا يليق بروحك النقيه

عودًا يليق بقلمك المرهف

بوح أحتل مساحة من الجمال .

. دائما ينابيعك العذبة ...

تغرقنا بمداد روعتك

التي لا تتوقف ... ولا تتعب

تماماً كما عهدتك

تكتب النقاء على صفحة الأفق

وتجبرنا أن نقرأه بلغة الشفافيع والإيحاء

كل الإعجاب والتقدير لقلمك

د مهــــــــــا

د. سلطان الحريري
05-12-2004, 12:29 AM
العزيزة حرة:
نحن معاشر الكتاب نتصور السعادة في كل ما نكتب ، وما نلبث أن نجده حلما أو سرابا ، وتعلمنا من غربتنا أننا نملك أشياء كثيرة ، ولكن ربما تفنينا الأشياء القليلة..
أشكر مرورك العطر مرة أخرى في صفحتي
لك مني خالص الود والتقدير

د. سلطان الحريري
05-12-2004, 12:34 AM
الحبيب الصديق الدكتور جمال:
سنبقى نكتب ونكتب ونلقي على الصفحات همومنا، ونتنفس جراحنا، وننصت حتى لصمتنا ، فربما يكون الآتي أجمل..
دائما تغمرني كلماتك الودودة بعطر من نوع خاص ، نعمصدقت أيها الحبيب في قولك:( ربما تنطلق الشرارة من حرف . من كلمة . من بيت شعر و هل نملك إلا الكلمة الحرة الشريفة)..فلله درك فقد اختصرت حروفي بكلمات..
لك أجمل الأمنيات يا صاحبي

د. سلطان الحريري
05-12-2004, 12:37 AM
العزيزة لحظة صدق:
عندما أقرأ ردودك على كلماتي أجد الكلمات تتكسر على أعتاب نقائك ، فكلماتك تتجاوز الحدود دون جواز سفر ، وحروفك تنقل الأرواح إلى جناتها..
لك مني خالص الود والتقدير

د. سمير العمري
21-12-2004, 11:33 PM
أخي الحبيب د. سلطان:

لعلي وقد أثارت كلماتك في النفس ما أثارت أبدأ بالتجاوز عن المسميات والمصطلحات في زمن ابتسرت فيه المعاني وانتهكت فيه معالم الكلمات. إن المثقفين في هذا العصر ما عاد يقصد بهم أمثالك من الشرفاء أصحاب الهمة العالية والذمة الوفية. الثقافة أخي أكبر وأعظم من أن نحددها في قيود أو نحيطها بحدود.
ثم إني أخذني حرفك المسافر غريباً إلى حلم بحياة أكمل وأمل أجمل وهذا لعمري دأب الكرام من أبناء آدم ممن يحمل هم الرقي بهذا الكون والسمو بالخلق والفكر والتصرفات. نعم ... مثلك أنا أسافر في حلم الحياة الأجمل أحمل حرفي كسيفي أجاهد غيايات الظلم وغمامات الظلام.
إن من يستهين بقيمة الحرف ودروه الريادي في قيادة البشرية إلى خيرها ما هو إلا جاهل جاحد. الكلمة هي ما نزل بها الروح الأمين وهي ذاتها ما نتعبد الله بها. الكلمة هي التي تبني الأمم وتخلق الأجيال. الكلمة هي الرسالة والمضمون لهذا الوجود وبدونها ما كان للحياة أن تستمر أو أن ترتقي أو أن تستقر.

عذراً ... لقد شغلني المعنى الكبير عن المبنى الرائع الذي شيده حرف متمكن وتسيده أسلوب ساحر لا يتأتى للكثير. ولقد جعلت ردي مباشراً احتراماً لحرفك المنير.


تحياتي ومحبتي
:os::tree::os:

د. سلطان الحريري
25-12-2004, 12:27 AM
الحبيب الدكتور سمير:
ليس هناك أجمل من مساحة أجدك فيها ، فأنت بحنكتك المعهوة تقوى على بعث ذلك الذي لم ينته يوما .. ذلك المسمى تفاؤلا..
نعم يا صاحبي إنه الحرف الذي يرفع فينا النفوس ، ويعلي فينا الأرواح .. وسنقول دائما : أحسن الله عزاءنا في تلك الأرواح من المبدعين التي قضت في غمضة عين ، ولن يلذ لنا عيش بعدهم إلا في بعث ما فينا من جذوة الكتابة..
فسنكتب ونكتب ونكتب .. فربما يكون الآتي أجمل
سعيد بمرورك من هنا ايها النقي..
دمت ودام نبضك

إسلام شمس الدين
28-01-2005, 04:37 PM
ونحن نأمل معك أن يكون الآتي أجمل
وياليتنا جميعاً نملك - مثلك - هذه المساحات الخضراء من التفاؤل

أستاذي ومعلمي وصديقي وأخي الحبيب د.سلطان
نكأت جرحاً نازفاً تحت أضلع الصمت ، فلم تعد الغربة فقط غربة المثقف ، وإنما باتت غربة الثقافة والفكر والأدب في زمن اختلطت فيه المفاهيم واختلت الموازين وتكالب الجهلاء فانتهكوا قدسية الحرف حتى أصبحت ساحة الكلمة حلاً لكل من هب ودب ، فما عدنا - نحن القراء - نميز المثقف من "المتثقف" ، فكل من أمسك قلماً أصبح كاتباً وأديباً وشاعراً ومفكراً وفيلسوفاً ، فانزوى المثقف الحقيقي حرصاً على قلمه واسمه وفكره ونفسه.

لا أريد أن أفسد نصك المشرق أستاذي العزيز ولكن علينا - حتى يصبح الآتي أجمل - أن نعيد الأمور إلى نصابها ، وأن نحرص على تنقيح ساحة الكلمة ممن اقتحموها من الأبواب الخلفية حتى اعتلوا ظهرها .

دمت لنا -أستاذي العزيز- أديباً ومعلماً وانساناً نقياً
وأعادك الله لنا سالماً ، فقد اشتقتُ إليك كثيراً
لك محبتي وتقديري:0014:
إسلام شمس الدين

د. سلطان الحريري
30-01-2005, 11:36 AM
الحبيب الغالي إسلام:
كم أسعد يا صاحبي بقراءاتك المتأنية ، وروعة ردودك التي عهدتها فيك ، وأنا من أكثر الناس الذين يعرفون فيك الحرص على نقاء الكلمة وأمانتها، وأذهب إلى ما ذهبت إليه في ردك الكريم .. ولذلك يجب أن نرفع أعلام التفاؤل ، وننحي جانبا رايات الحداد على عالم نعيشه ..
(وسنتستعير من فضاء الذهول فتنة الغياب .. فلعل الآتي يكون أجمل!!)
لك يا إسلام خالص المحبة والتقدير:001:

بندر الصاعدي
02-02-2005, 07:38 AM
سلام من الله عليك يا دكتور
بورك هذا القلم السلسل المنساب الذي تعكس أنبوبته بريق الصفاء والذي يكتب على صفحاتِ عقولنا لا على الورق فحسب , نعم يا دكتور .. إنك لا تكتب للأدب بلْ تكتب لأرباب الأدب وبسطائهِ , وللألباب والأثواب , تأخذ بناصية الفكرة وغرة الخاطر إلى الجمال والسموِّ , مراكبها المبادئ , وغذاؤها الصدق , وقبلتها سلامة النية وشرف الكلمة ..

لك التحية يا أستاذ

د. سلطان الحريري
06-02-2005, 06:25 PM
وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته أيها النقي ( بندر الصاعدي)
أخجلتني حروفك الرائعة ،( فدخلت بقلب موارب على الحديث نصفه الآخر صمت، لا ينصف ما بقدرتي من كلمات)..
أسعدني مرورك الكريم ، وأدعو الله تعالى أن نلتقي على صفاء الكلمة الصادقة دائما ، لنصنع عالما من الحب والخير والسلام..
لك مني خالص المحبة والتقدير

محمد حافظ
07-02-2005, 08:25 AM
الاديب من الادب والشاعر من الشعور والمثقف من الثقافة ... وحين تكون الامة بعيدة عن ثقافتها الاصيلة وحين تنزح الامة عن أدبها عن نثرها وشعرها ... حين تهجر الامة او تهجّر عن ماضيها الذي فيه مستقبلها ... فلا بد ان يعيش المفكر- المتمسك بحضارتها وعقيدتها - غربة ... حتى وان كان بين أهله وعشيرته ... فكيف اذا اقصي الى البعيد خارج بيئته ... لا بد ان يعيش غربته بين أهله ... ولكنها غربة الشعور ... ولا بد ان ينفصل عن مجتمعه ولكنه انفصال مشاعر ... يحس بما لا يحسون ويستشعر ما لا يبالون ... غربة تحفزه للعطاء ولانقاذ الامة ... غربة للبحث بلا تأثير من الواقع على العلاج ... فلا بد ان نعيش الغربة ان اعتقدنا اننا من الصفوة او من المفكرين او من المثقفين , لأن فكرنا مغيب عن حياة الامة , وهدفنا انتشال الامة وغايتنا قلب المجتمع ... فلا بد ان ننفصل عنه ذلك الانفصال المشاعري والا فحالنا حال القابلين بالمأساة والراضين عن الضيم .
أما القادم ... فالقادم قطعا أجمل ... والقادم حتما أجمل ...
سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!:0014:
سنفكر ..نكتب .. نعمل ....... فيقينا سيكون القادم أجمل .
<<<< عاد إلى السؤال مرة أخرى وأظنه لم يقتنع بكلامي: لماذا تهربون – معاشر المثقفين- من الواقع ؛ فأجبته : نحن لا نهرب من الواقع ، بل ننغمس في الأشياء التي تسكننا وتعبر بنا عبر نافذة الحلم، حتى لا نتمدد كظل مشروخ نعجز بعده عن لملمة أنفسنا..نسير مع الأحلام بأجنحة الواقع لعلنا نبتكر غدا يتسلل إلى ملامحنا، ولن نكون صنّاع تاريخ إلا إذا أصبح الظمأ عندنا أقوى من الارتواء، وإذا لم نفعل ذلك فإن الأيام ستمر في أحيائنا قلقة تنذرنا بالمؤقت فنحيا الواقع مرغمين ، ونحتار في أسباب ثباتنا عليه.. >>>> .
انه ليس تفائلا ... كما يحلوا للبعض وصفه ... وليس حلما كما يحلوا للكاتب رسمه ... انه الواقع الذي تراه عين البصير ... والحقيقة التي يدركها حس العاملين ... انها نتاج قريب لعمل الناهضين بالامة والعاملين لانتشالها من غياهب الجبت والطاغوت ... فلن تستمر غربة لغريب ولن تنقضي حياة المثقفين في الشتات ... ولكن شرط ان يلتصقوا بتاريخهم وان يتمسكوا بعقيدتهم وان يحملوا فكر حضارتهم وان يكون جزءا اصيلا من ثقافتهم ... فلا يبيعون فكرهم وعقيدتهم بمستورد ... ولا ينخدعون فهما زخرف في بلاد ناصبتهم عداءا عبر التاريخ ... ولا يصفقون ويتغنون بكل ما جاء به الشقر اصحاب العيون الزرقاء ... بل يبقون على اصل تاريخهم وحضارتهم وفكرهم وثقافتهم ...يؤصلونها ويجددونها – بارجاعها الى الفهم السليم – حينها ستنمحي الغربة ويزول الافتراق ويعم الالتحام والتواصل ... فالامة سائرة الى اصولها والامة ماضية الى أصيل حضارتها .. وما هي الا لحظات وستصل شاطيء العدل والعزة والرفعة ... ومن سيتخلف ستكتب عليه غربة الى اللاعودة ...

د. سلطان الحريري
07-02-2005, 09:40 AM
أخي الحبيب محمد حافظ:
تعدت الغربة على حاضرنا المتجهم، وليس لنا إلا ارتباط الأديب بقيم تراثه العظيمة ووحاضره بكل ما يحمله من تناقضات، وربما علينا أن نشكر لحظة اشتعال المواقف في عالمنا التي تجعلنا نخرج من غربتنا لنصنع عالما عظيما ..
ردك أيها الفاضل يستحق أن يكون في موضوع مستقل ، لأنه إضافة جديدة ومتألقة في عالم الغرباء ، كما يحلو لي أن أصفهم،..
أشكرك شكرا كبيرا على مرورك في عالمي
فلك مني خالص الود والتقدير

إدريس الشعشوعي
12-02-2005, 07:48 PM
الأستاذ د.الحريري قد وجدت هنا رباطة جأش و رباطا على ثغر الحرف الناصّع و الحلم النقيّ الهاجع خلف غيوم المجهول و خلف ضباب الخمول ... رباطاً مؤمنا محتسبا يتحدى ظلامات الواقع , و يتجاوز حسابات آنية يمتلأ بها الشارع , و غفلة فوضى كثير ضائع ... فالتحية كلّ التحية لقلم و قلب في رحلة الإيمان و الأمل الكبير المشرع خلف ضيق الممرات و زحمة الحسرات ...

تحياتي و تواجد خجول أمام احتراف باهر .. و حرف زاخر :0014:

بارعة
06-03-2005, 02:10 AM
كم أزهو فرحا حين أراني
أقرأ كلمات تجعلني
أهمس الحرف ليبدعني
أراني بين حروفكم أنتشي

يااااااااااااه

سيدي ..

" د/ سلطان الحـريري "

دعني أهمس حرفك
هو
ينشلني لعالم آخر أعجز أن أصلك
كم أنت مبدع بحرفك
أجد أعماقك
تزخر بما ينفعنا وينفعك
و
الحديث بين طرقات كتاباتك
يجذب القاريء ليكتبك
سلمك الله وحفظك

أعـــــــتذر
سيدي لخربشات قلمي
هو أرغمني
للبوح ولو بالقليل عن دواخلي


تقديري ,,

بارعـــــــه

د. سلطان الحريري
06-03-2005, 04:18 PM
أخي الحبيب شاعر:
عذرا أيها الشاعر الجميل عن تأخري في الرد عليك ، ولكن من يأتي متأخرا أفضل ممن لا يأتي أبدا..
أسعدني مرورك الكريم بين يدي نصي، وأسعدتني كلماتك العذبة بحق كلماتي.. سأنتظرك دائما على ضفاف الحرف ، فلحروفك طعم آخر..
لك خالص الود والتقدير

د. سلطان الحريري
06-03-2005, 04:23 PM
بارعة العزيزة:
رائعة كلماتك أيتها المبدعة، فوحدها ذائقة المبدعين هي التي تعيد تشكيلنا، فتصطفي حرائق الحرف ، تماما كما تقتفيه مواجع الغربة والمسافات والأمكنة الضالة في عالمنا..
تدفقي نبضا أيتها البارعة ..واعذريني ، فلم أطلع على حروفك من قبل ، ولكن ردك الراقي حفزني لذلك ، فانتظريني هناك على حافة الحلم ، وسأنتظرك على ضفاف حروفي مبدعة أعتز بها ..
لك خالص الود والتقدير

يسرى علي آل فنه
11-03-2005, 05:47 AM
أستاذي الفاضل :- د.سلطان الحريري
إنّ هذا الموضوع الرائع لا أراه إلا ثمرة نضره ومميزة من ثمار فكرك الراقي ، ربما أبحرت معه في تخيل إلي أي مدى قد يكون الآتي أجمل ، فأبصرتُ كل موجةٍ تنادي أختها ، وآمنت بأن بحر الحروف هذا و الذي يحمل الكثيرمن الخير والشر على حدٍ سواء لاغنى للحياة عنه بأي حال ، وأسلمتني الذاكرة بعدهاالى عبارة تقول
( لم يبقى من الحضارات إلا كتبها وفنونها)
فأحببت أن أضيف بأنّ الكتابة مكسب حضاري والكتّاب بإمكانهم أن يكونوا صنّاع حضارة ومؤرخيها أما التوجه الأمثل لفكرٍ راقٍ فهو مطلب يتبناه كل كاتبٍ حر يحترم عقول الآخرين ويسعى في سبيل خيره وخيرهم.تقبل مني وافر التقدير وجزيل الشكر فلقد استمتعت واستفدت من هذا الطرح الراقي ومن الاجابة على تساؤلات مخبئة في أعماقنا.

:0014:

د. سلطان الحريري
11-03-2005, 10:24 PM
العزيزة يسرى:
تعودت على روعة ردودك أيتها النقية..ولابد دائما من وجود غليان الأدب في عالم المغتربين.. دائما أبحث في ردودك عن سفر مؤقت إلى عالم الحرف النقي عندك ، في ثناء جميل ، وإضافات واعية ، وأدب جم ..
سأنتظرك دائما على ضفاف حروفي..
فلا تحرميني من مرورك
دمت مبدعة

خليل حلاوجي
24-09-2005, 10:42 AM
هناك علتان
تجعلنا دوما" .... أغراب
هناك أزمة ثقة بين المثقف اليوم برؤيته الناضجة
وبين الواقع الاليم الذي تحياه شعوبنا الحزينة
هو لديه حل ولديه ترياق
ولكن الواقع واهله
عصيان على ادويته
لذا نحن مساكين والله مساكين
العلة الثانية
ان بعض ثقافتنا هي نتاج ثقافة مزورة
منذ ان خطف السلطان بسيفه حقوقنا
فصار السيف حق في التحريم والتحليل
وعند البعض ان سفاهة السلطان شىء من شرعة القرآن ... ووا أسفي
وتنهد معي ياأستاذي
بمن يثق الانسان فيما ينوبه ..... ومن أين للحر الكريم صحاب
وقد صار هذا الناس ألا أقلهم ..... ذئاب على أجسادهن ثياب
الى الله اشكو أننا بمنازل ..... تحّكم في آسادهن كلاب

امتعنا بالمزيد ياءيها .... السلطان
وأطفىء لنا حرائق الاحزان
الساكنة جوفنا
دعواتي

سحر الليالي
24-09-2005, 08:36 PM
أستاذي العزيز .دسلطان:

هاأنا اعود مجدداً

لأصغى واتذوق .. وارتشف الحرف الرقيق وبكل مافيه من جمال ...

حضور يعزف لنا على وتر النقاء..

ليطرب أنظارنا بااصدق واعذب لحن...

معاني لا تحجبها السحب..

وقلمك يذرف غزارة تملا السدود..

أجد قلبي يصر على حجز مقعد في مسرحك الرقيق !!

دام كتاباتك بهذا الجمـــال ..

ونتشوق لمزيد من رهائمك الرقراقه...

فسلمت تلك الانامل أيها الفارس المبدع..

وتقبل اعجابي هنا بسلسبيلك المنصهر..ودمت ودام حرفك نابض خفاق

د. سلطان الحريري
24-09-2005, 10:13 PM
الحبيب خليل حلاوجي:
صدقت فيما قلت ؛ فالساحة ملبدة بغيوم سوداء ، وليس لنا إلا الصمود ، والصمود وحده هو الكفيل بنقل بضاعتنا إلى من عقوا تاريخهم.
لا نريد أن ننكسر ؛ فيضيع الصواب ويركبنا الهجر، وسنرتمي فوق بطاح ردتنا على واقع مرير..
فربما كان الآتي أجمل
دمت سامقا

د. سلطان الحريري
24-09-2005, 10:23 PM
بورك قلمك الذي خط كلماتك العذبة يا سحر الليالي..
مشاركتي المتواضعة شرفت بقراءتك ، وسنبقى نكتب ونكتب ونكتب ؛ حتى نوقظ قوما جعلوا الذل رسالة ، ويظنون أنهم يخدعون الشمس ، ولكن لا سبيل لهم إليها..
مرة أخرى أكرر شكري وعرفاني لكلمات كثرت قليلي ..
دمت نقية

ليال
29-09-2005, 01:14 AM
ربما كان قدر المثقف صاحب الحس المرهف أن يكون في تعاطيه مع تداعيات المشاعر كما نواعير حماةٍ الشهيرة المنتصبة بكل شموخ الزمن على ضفاف نهر العاص، ذلك أنها لا تكاد تسكب أحمالها من الماء حتى ترفعها من جديد، وهي على ذلك الحال، في عناق سرمدي مع الماء ممتد على مر العصور وستظل باقية عليه حتى يرث الله الأرض بمن عليها،إنه عناق الخير والنماء والخصب .
لتهنىء بأفكارك السليمة ومبادئك الراسخة ايها الفاضل ، ولتتذكر دوماً أن الفرق بين المثقف صاحب الرسالة المنتفح على واسع الآفاق وبين من سواه من محدودي الأفق من عامة الناس، كالفرق بين الساقية التي تحمل النماء والخصب إلى ابعد منطقة في الأرض وبين الثور الذي يقضي يومه يدور معصوب العينين حول محورها.
تحدثت يا سيدي عن غربةالمثقف، واقول لك ان المثقف الباحث عن القيمة في كل ما يحيط به وعن جوهر الأشياء ،يصعب عليه ان يسكن أو يستكين في وطن جغرافي واحد لأنه هو نفسه مسكون بآلاف الأوطان ففي داخله وطن للحب وآخر للحرب وهناك وطن للأمل وآخر للألم ... وعليه هو ان يكون السفير الناطق بلسان هذه الأوطان جميعاً يتحدث بما تمليه عليه ويحمل رسالاتها لكل من ألقى السمع وهو شهيد أنه كما ذكرت قدر المثقف صاحب الرسالة في كل زمان ومكان..افيكون مستغرباً بعد ذلك أن يكتب ويكتب ويكتب..حتى ولو لم يكن الغد أجمل!!!
خالص التحية والتقدير

د. سلطان الحريري
29-09-2005, 02:47 AM
كم أنت رائعة أيها الفاضلة ليال، وأنت تسكبين فوق حروفي حروفا أنعشت ميت ما كتبت، بل فاقت ما كتبت ، بما تحمله من وعي وحكمة ودراية بدور المثقف في إعادة صياغة تاريخ الأمة ..
نعم أخيتي : إنه كما أشرت ؛ فالمثقف هو نفسه مسكون بآلاف الأوطان ففي داخله وطن للحب وآخر للحرب وهناك وطن للأمل وآخر للألم ...
دمت بخير أيتها النقية، وشكرا لمرورك في عالمي ..

النورس
29-09-2005, 06:19 PM
مؤلم هذا البوح تصطخب فيه لواعجنا , وتشعل النهار في أغنيات الطفولة , وجه يغني الطفولة في محافل الرجال , و يحكي للرجال سر أغنيات الطفولة , والبقايا أمل في ملامح القدوم..


تتهادى الكتابة من رحم قصيدة الزمن ..ذلك الممتد في عيوننا واقع يدمي كبد الحقيقة ..يصب فيها حرقة الاكتشاف , وممارسة الاقتناع ..
تضعنا في دائرة استفهام مقلمة ببقايا نزف , واشتعال قصيدة ..نبحث فيها عن بقايا الفجر , وقوافيه المسافرة ..يمتزج فيها حداء الرعاة , وأهازيج الرحيل تسكننا قصيدة ثم نسكن الحنين ,والخوف منها , وبها , وإليها ..
مهمة الشعر أن يكون شعرا , والكتابة أن تكون ممارسة للدخول في عوالم الآخرين , والسفر فيهم ..اكتشاف الموجودات ..صنع الحوار بين متعلقات النفس وخباياها ..
نرى فيها ـ بالكتابة ...بالشعر ـ ما لا يراه الآخرون ..في الآخرين ..وهما (ممارسة طبيعية للحياة) إنها اللوعة الممتعة ,والتوجس الجميل ..الاغتراب الأبدي الذي يبدأ بالفطام منذ أن تحس حاجتك للقلم ,ورائحة الحبر , وبياض الأوراق ..ترتدي لها رداء كلون الفجر , وروحا كابتسامة الشهيد , وبراءة كالطفولة ومرارة كالرحيل ..
حبر مجنون تتفتق عنه أصابعك عندما تبدأ بالثرثرة ..
تعشق فيها الجموح , والتخطي إلى مدارات الآخر ***..
ترسم أمامك معالم قصيدة باكية من محاجر طفل ..تختال فيه رغبة بكاء في وقت لا يمنحك الاختيار .


شكر من عمق الأعماق يا دكتور
دمت مرتديا رداءا كلون الفجر

أسماء حرمة الله
30-09-2005, 05:05 AM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

تحية قطفتُها من مدائن البنفسج

الأخ المبدع د. سلطـان،

وأنا أقرأ كلماتك، اشتعلتْ بي كل شموع الوجع..لأنك تحدّثتَ سيدي عن واقع أليمٍ يحيانا قبل أن نحياه..

"سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!"
بهذا أيضا أخبرني اليمامُ صباحا حين زارني، كان هو الآخر غير راضٍ عن أحلامٍ اغتيلتْ قبل الولادة، وعن لوحات جميلة شُوّهت لمجرد أن الواقع هذا لايعترف بالأحلام المشروعة، بالأحلام التي ترنو إلى بناء مدينة فاضلة تهدي الرحيقَ للمعذبين..لايعترف بالكلمة الحرة يراعاً زنبقيا ينفض عن مرايا الروح فصول الخريف والشتاء..لايعترف بالنَّوْر الذي سيكتب مرةً أخرى بمداد رحيقه ربيعاً قادماً حتما..مادامت الغايةُ جمالَ الكون والعقل والقلب..ومادامت الغايةُ سفراً روحيا إلى بلادِ الكشْف.. بهذا أيضا أخبرني البحرُ حين نفاهُ الملحُ عن زمنِ الأحلام..

"سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!"
تذكرتُ هنا أيضا ماسمعتُه من قبلُ من أحدهم وقد جعلني أرثي لحاله لأن فاقدَ الحلم فاقدٌ للغد: -الأحلامُ لاتصنع الواقع بل تصنع الوهم-..
كيف لنا أن نعيش دون أحلام ترسم لنا خطوطَ خطونا القادم..وترسم لنا لوحاتِ الزمن الجميل المطرّز بنقاء الورد ورحيق القلوب المُحِبة ..كيف لنا ألاّ نحلم بغد آخر تشرق فيه قلوب خضراء لاتتقنُ لغةَ الرماد..كيف لنا ألاّ ننتظر الغد الأجمل ليحمل لنا باقات من الورد والأمل والبسمة..الغدُ هو زمنٌ نحرس إطلالتَه بشوق، وقد وعدنا وعدَ الأحبة بأنه لابدّ عائدٌ إلينا..حتى وإن أزهرَت بهذا الزمن الأقنعةُ وتعرضت الفضيلة للقذف والهجر..لاأظن المدينة الفاضلة منقوشة بعقولنا وقلوبنا وحسب، وماأظنها حلماً يترقرقُ على صفحات الماء فقط، بل هي هذا الغدُ الذي لن نملّ أو نكلّ من انتظاره بمحطة أنفاسنا، وبمرافئ صدورنا وهي تخفق شوقا للقائه وتوْقاً لدخول أبوابه..
كيف لنا أن نبني بيتا دون تصميم؟ إذاً فكيف لنا أن نخطو دون حلم؟ الأحلامُ هي اللبنةُ الأولى للبناء.."وأولُ الغيث قطــر.."

"سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!"
أجل سنكتب..ونكتب ونكتب..الكتابةُ هي يراعُ الخلاص، هي الناي الذي يغني لكل العقول والقلوب لحونَ الأمل، ويعِدُ غربتنا التي احتلّت كل الحنايا وبنتْ لنا وطنا آخرَ يسكننا منزويا هو الآخر، بكسرِ القيود والأغلال لتحلّق كالحمام الأبيض، يحمل في طوقه الياسمين وزهر الأوركيد وقصائدَ المحبة والسلام والفضيلة لكل البشر..الكتابةُ هي الجندي الذي يدافع عن وطنِ المعاني الجميلة والقيم والمبادئ التي يحاول الكثيرون تشويهها..وقد غدت المصالح الشخصية عطرَ خطوهم..ولونَ شدوهم..
الكتابةُ هي سفرٌ لامتناهٍ إلى جزر جديدة، لنقرأها على مهل ونؤلف بيننا وبينها علاقةَ تآلُف وكشف فنصبح بذلك هوية واحدة..هويةَ اليراع نفسِه..
الكتابةُ هي تطهيرٌ لكل الآلام المترسبة ببقايانا وهي أيضا رائحةُ البرتقال التي توحّدنا والضوء..
ستظل الكلمةُ هي وردةَ الروح النقية التي لن تغادر المرافئ انتظاراً لزمنِ النعناع، زمنٍ يُورقُ فيه النُّور، حتى وإن غرقنا في غربةٍ مخملية أو حتى إن غرقتْ هي فينا..الغربةُ تعيشنا كل يوم، بل كل حين بل كلّما جنّ الألمُ بمدائن قلوبنا، ونحن مضرّجون بخيبات الأمل وبواقع غارق في الغياب وغارق في السبات ومستسلمٍ للوحات مشوهة كادت تخنق أنفاسَ الأمل المسافر إلينا..

"سنكتب ونكتب ونكتب ..فربما يكون الآتي أجمل!!"
اغتال الصمتُ أوردةَ الفؤاد وهو يرى الأحلامَ تُجلَدُ وتُنْفى..ولكن صوتا من بعيد أكاد أراه لايفارقُ إشراقةَ الشمس:
قوافلُ الأمل تشق طريقها إلى الغد الأجمل بالرغم من قساوة السفر وعثراته..وبالرغم من لظى المكان والزمان أيضا..
سيكون هناك غدٌ أجمل بإذن الله، وسنكتب ونكتب ونكتب...مادامت الأنفاسُ تزرعنا فينا من جديد..وتعيد للوردِ لونَه المفقود..
...........
شكرا لك سيدي على هذه الومضة التي حفرتَها بأقصى الروح
دمتَ رحيقا
وتقبّل مني ألف باقة من الورد والمطر
تحياتي وتقديري
......

د. سلطان الحريري
01-10-2005, 11:54 PM
شكرا لك أيها النورس الجميل .. دائما تسابقني إلى الحضور في حضرة المعاني ، أسعدتني كلماتك العميقة، وأراك عشت النص كما عشته؛ عالما من الغربة الحقيقة التي يعيشها كل مثقف في أيام الناس هذه..
سنكتب أيها النقي ، ولن تمل أقلامنا، وسنكسر حاجز الصمت في زمن لا يعرف غير الثرثرة..
دمت جميلا كما أنت

د. سلطان الحريري
01-10-2005, 11:58 PM
سافرت يا أسماء في حروفك سفر الغريب الذي يبحث عن شاطئ يرسو عليه.. فوجدتك تبحرين نحو شاطئ جميل ، ورأيت حرفك يسابق حرفي ، ويتفوق عليه ..
نعم أيتها المبدعة ستكون الكتابة رسالتنا التي نسعى لتعميقها، ولتكن أقلامنا أجنحة نطير بها إلى عالم الغد ؛ فربما يكون الآتي أجمل!!
القديرة أسماء:
بعد قراءتي الثانية لردك أترك إعحابي بما كتبه قلمك رهين حروفك الجميلة..
دمت مبدعة أشرف بمرورها في عالمي