د. توفيق حلمي
22-09-2012, 10:45 PM
بَلِ الرَّسُولُ أيَا شِعْرِي لَهُ أدَبِي = فَاقْرِضْ قَرِيضَكَ فِي المُخْتَارِ وَانْتَخِبِ
وَثَمِّنِ الحَرْفَ فِي مِحْرَابِ سِيرَتِهِ = وَلا تَخُطَّ سِوَى المَنْقُوشِ بِالذَّهَبِ
وَطَهِّرِ الثَّغْرَ بِالتَّعْوِيذِ مُسْتَبِقًا = وَابْدَأْ بِقَوْلِكَ بِاسْمِ اللهِ وَاحْتَسِبِ
سَلِّمْ عَلَيْهِ وَرَدِّدْ دَعْوَةً فُرِضَتْ = بِأنْ يُصَلِّي عَلِيْهِ اللهُ فِي الحُجُبِ
وَارْجِعْ لِغَارِ حِرَاْءٍ فِي ذُرَى جَبَلٍ = جِوَارِ مَكَّةَ وَاعْجَبْ أيَّمَا عَجَبِ
يَخَافُ وَحْشَتَهُ فِي الصُّبْحِ قَسْوَرَةٌ = وَفِي الظَّلَامِ يُصِيِبُ الأُسْدَ بِالرُعُبِ
فَكَيْفَ بِاللهِ يَشْتَاقُ الأمِيِنُ لَهُ = يُقِيمُ فَرْدًا لِشَهْرٍ غَيْرَ مُضْطَرِبِ
أكَانَ ذَلِكَ أمْرًا مِنْ لَدُنْ صَمَدٍ = أوْحَاهُ لِلمُصْطَفَى يَقْوَى عَلَى السَّبَبِ
فَأىُّ قَلْبٍ جَسُورٍ كَانَ يَحْمِلُهُ = بَيْنَ الجَوَانِحِ أوْ بَأْسٍ لِمُطَّلِبِ
وَأىُّ هَوْلٍ يَخَالُ المَرْءُ مَشْهَدَهُ = مَتَى يُشَاهِدْهُ ذَاكَ القَلْبُ يَرْتَعِبِ
لا شَكَّ أمْرٌ عَظِيِمٌ لا نَظِيِرَ لَهُ = وَوَاقِعٌ رَأىَ عَيْنٍ دُونَمَا رِيَبِ
فَاسْتَحْضِرِ الليْلَةَ الكُبْرَى لِتَشْهَدَهُ = وَانْظُرْ شَدِيِدَ القُوَى يَدْنُو مِنَ السُّحُبِ
يَحِلُّ فِي الغَارِ وَالمَحْمُودُ مُعْتِكِفٌ = وَالليْلُ يَسْجِي بِدَاجِيهِ عَلَى الشُّعَبِ
وَلَيْسَ يُسْمَعُ غَيْرُ الصَّمْتِ مُطْبَقِهِ = وَلَيْسَ شَيْئًا يَرَاهُ المَرْءُ عَنْ كَثَبِ
(اقْرَأْ) تُدَوِّي فَتُرْدِي الصَّمْتَ تَصْرَعُهُ = يَا هَوْلَ لَحْظَةِ تَكْلِيفٍ لِمُحْتَجِبِ
يَا لَهْفَ قَلْبِي عَلَى المَبْعُوثِ مُرْتَجِفًا = وَالرُّوُحُ يُجْهِدُهُ بِالضَّمِّ وَالطَّلَبِ
يَرْتَجُّ مِنْ فَزَعٍ مَا كَانَ أفْزَعَهُ = وَلَيْسَ مِنْ مَنْفَذٍ فِي الغَارِ لِلْهَرَبِ
يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنْ رَوْعِ حَادِثَةٍ = إْنْ شَابَ مِنْ هَوْلِهَا الضِّرْغَامُ لَمْ أَعَبِ
كَيْفَ اسْتَقَامَ لَه رَدٌّ لِيَنْطِقَهُ = فِي مَوْقِفٍ يَسْلُبُ الألبَابَ بِالرَّهَبِ
أجَابَ بِالنَّفْيِ تِلْوَ النَّفَيِ رَدَّدَ (مَا = أنَا بِقَارِئِ) صِدْقًا لَيْس بِالكَذِبِ
فَكَيْفَ يَقْرَأُ أُمِّيُّ بِلا قَلَمٍ = وَكَيْفَ يَقْرَأُ رَسْمَ الحَرْفِ فِي الكُتِبِ
سُبْحَانَ رَبِّي فَقَدْ شَاءَتْ مَشِيئَتُهُ = أنْ يُنْزِلَ الذِّكْرَ يُوحِيهِ لِمُنْتَخَبِ
وَكَمْ مَعَانٍ إذَا أبْصَرْتَ تُبْصِرُهَا = مُضِيئَةٌ فِي سَمَاءِ الفَهْمِ كَالشُّهِبِ
إقْرَأ بِقَلْبِكَ يَا أُمِّيُّ مُحْكَمَهُ = فَلِيْسَ ذَاكَ كِتَابًا كَانَ لِلْعَرَبِ
لَكِنَّهُ مُنْزَلٌ لِلنَّاسِ كُلِّهِمِ= مَهْمَا اللِسَانُ وَمَهْمَا كَانَ مِنْ نَسَبِ
وَفِيهِ نَهْجٌ وَتَوْحِيِدٌ لِذِي كَرَمٍ = وَمِنْهُ فِقْهٌ وَأحْكَامٌ لِمُنْتَسِبِ
لَهُ بِنَاءٌ عَلَى خَمْسٍ تُثَبِّتُهُ = إنْ تَقْوَ يَقْوَ وإنْ لَمْ تَقْوَ يَغْتَرِبِ
وَالخَمْسُ أوَّلُهَا (لَا) فَهْىَ تُفْرِدُهُ = بِلا شَرِيكٍ لَهُ مَا كَانَ فِي النُّصُبِ
فَأوَّلُ الدِّينِ نَفْيٌ فِيهِ مَعْرِفَةٌ = بِمَا نَفَيْتَ وَتَسْتَثْنِيهِ فَلْتُجِبِ
يُدْرِيكِ قُرآنُهُ عَنْ كُلِّ مَا زَعَمُوا = وَكُلِّ شِرْكٍ بِهِ فِي سَالِفِ الحِقَبِ
فِالعِلْمُ فَرْضٌ عَلَيْنَا وَهْوَ مَدْرَجُنَا = إلَى اليَقِينِ وَلَيْسَ الدِّينُ بِاللَّقَبِ
إنَّ الشَّهَادَةَ بَابٌ لَيْسَ يَطْرِقُهُ = إلا المُخَيَّرُ بَينَ القَصْرِ والخَرِبِ
فَتِلْكَ قَاعِدَةٌ مِنْ حَوْلِهَا أُسُسٌ = يُبْنَى عَلَيْهَا بِنَاءُ الدِّينِ بِالنُّجُبِ
تُعْلِي طَوَابِقُهُ صَرْحاً لِمُجْتَمَعٍ = يَقُيمُ دُنْيَا بِهِا الإيمَانُ كَالعَصَبِ
فَيُعْبَدُ اللهَ فِي قَولٍ وَفِي عَمَلٍ = لَوْ يُجْدِبُ الفِعْلُ لا قَوْلٌ لِذي جَدَبِ
حَضَارَةٌ تَبْتَغِي وَجْهًا لِخَالِقِهَا = تُطِيِعُ أحْكَامَهُ طَوْعًا وَبِالرَّحَبِ
وَأقَسَطُ العَدْلِ إعْلاءٌ لِمَنْهَجِهِ = بِالعِلْمِ وَالفَهْمِ وَالإقْدَامِ والغَلَبِ
للهِ آيَاتُهُ فِي الخَلْقِ مَاثِلَةً = فَالآيُ فِي خَلْقِهِ ذِكْرٌ لِمُجْتَلِبِ
فَاقْرَأْ بِقَلْبِكَ ذِكْرًا بِتَّ تُبْصِرُهُ = وَانْبِضْ لِعَقْلِكَ بِالإيمَانِ وَاقْتَرِبِ
وَاحْيِ النَّبِيَّ بِأنْ تَحْيَا بِسُنَّتِهِ = وَاتْبَعْ صَوَابًا بِهَا إنْ تَتَّبِعْ تُصِبِ
وَاعْلَمْ جِهَادًا لَهُ مَا كَانَ أجْهَدُهُ = وَكَيْفَ أبْلَغَ بالإجْهَادِ والتَّعَبِ
فَصَرْحُ مَنْهَجِنَا بِالعَزْمِ نَرْفَعُهُ = وَلَيْسَ بِالضَّعْفِ أوْ بِالْلَهِوِ والْلَعِبِ
وَلَيسَ عَزْمًا سَقِيمَ العُسْرِ نَفْرِضُهُ = وَلَيْسَ ضَعْفًا سَدِيدَ اليُسْرِ إنْ نَثُبِ
فَذاكَ دِينٌ بِهِ الإحْسَاسُ أرْهَفُهُ = خَوْفًا مِنَ النَّار أوْ قَطَفًا مِنَ العِنَبِ
مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَبْكِي العَيْنُ وَاجِفَةً = اكْرِمْ بِمَنْ ذَرَفَتْ وَانْعِمْ بِمُنْتَحِبِ
وَهَلْ لَنَا أُسْوَةٌ كَالرَّوْضِ مُزْهِرَةً = سِوَى الرَّسُولِ رِيَاضٌ بِالثَرَى خَصِبِ
يَعْدُوُ مِنَ الغَارِ مَشْدُوهًا وَمُرْتَعِدًا = إلَى خَدِيجَةَ يَرْجُو الأمنَ فِي القُرَبِ
فَزَمَّلَتْهُ بِقَلْبٍ بَاتَ يُدْفِئُهُ = سُبْحَانَ وَاهِبِهِ العَلاَّمِ بِالغِيَبِ
وِتَبْدَأُ الدَّعْوَةُ الغَرَّاْءُ يَدْعَمُهَا = خَوْفٌ فحُبُّ فَإيِمَانٌ لَدَى النُّخَبِ
وَيَخْرُجُ الدَّينُ مِنْ سِرٍّ إلَى عَلَنٍ = يَخُوُضُ حَرْبًا وَحَتَّى الآنَ مِنْ لَهَبِ
يَرَدُّ هُودًا وصُلْبَانًا ومَنْ مَعَهُمْ = وَمُشْرِكِينَ وَأنْجَاسًا بِمُنْتَشِبِ
لَكِنَّهُ الحَّقُّ لَمْ يَمْحَقْهُ بَاطِلُهُمْ = فَهُمْ جَمِيعًا كَمَا حَمَّالَةِ الحَطَبِ
واللهُ أكْبَرُ أضْحَتْ فِي دِيَارِهِمِ = لَهَا المَسَاجِدُ رَغْمَ الحَرْبِ والنُّوَبِ
فَكَمْ حَمَلْتَ رَسُولَ اللهِ مِنْ ألَمٍ = وَأنْتَ تَدْعُو إلَى الإسْلامِ فِي دَأَبِ
أبْلَغْتَ دِينًا قَوِيمًا بَاتَ مُنْتِشِرًا = فِي سَائرِ الأرْضِ لَمْ يَخْلِطْ وَلَمْ يَذُبِ
مَازَالَ فِينَا صَحِيِحُ الدِّيِنِ نَحْفَظُهُ = وإنْ شَرَدْنَا قَلِيلًا عَنْهُ بِالْحِزَبِ
نَعُوُدُ يَوْمًا إلَى الرَّحْمَنِ نُشْهِدُهُ = فاشْفَعْ لَنَا عِنْدَهُ وانْظُرْ بِلا عَتَبِ
أنْتَ الرَّسُولُ إلَى الأحْيَاءِ كُلِّهُمِ = أنْتَ الشَّفِيعُ لِمَنْ مَاتُوا بِمِنْقَلَبِ
هَذَا قَصِيِدِي رَسُولَ اللهِ أبْذُلُهُ = فَإنْ رَضِيتَ فَقَدْ أسْمُو إلَى الرُّتَبِ
إلا فَتَصْفَحُ بِالأخْلاقِ أعْظَمُهَا = إلا فَتَسْألُ غُفْرَانًا لِمُرْتَكِبِ
صَلَّى عَلَيْكَ مَلِيكُ العَرِشِ أحْمَدُهُ = عَلَى مُحَمَّدِ وَالإسْلامِ وَالنَّسَبِ
وَثَمِّنِ الحَرْفَ فِي مِحْرَابِ سِيرَتِهِ = وَلا تَخُطَّ سِوَى المَنْقُوشِ بِالذَّهَبِ
وَطَهِّرِ الثَّغْرَ بِالتَّعْوِيذِ مُسْتَبِقًا = وَابْدَأْ بِقَوْلِكَ بِاسْمِ اللهِ وَاحْتَسِبِ
سَلِّمْ عَلَيْهِ وَرَدِّدْ دَعْوَةً فُرِضَتْ = بِأنْ يُصَلِّي عَلِيْهِ اللهُ فِي الحُجُبِ
وَارْجِعْ لِغَارِ حِرَاْءٍ فِي ذُرَى جَبَلٍ = جِوَارِ مَكَّةَ وَاعْجَبْ أيَّمَا عَجَبِ
يَخَافُ وَحْشَتَهُ فِي الصُّبْحِ قَسْوَرَةٌ = وَفِي الظَّلَامِ يُصِيِبُ الأُسْدَ بِالرُعُبِ
فَكَيْفَ بِاللهِ يَشْتَاقُ الأمِيِنُ لَهُ = يُقِيمُ فَرْدًا لِشَهْرٍ غَيْرَ مُضْطَرِبِ
أكَانَ ذَلِكَ أمْرًا مِنْ لَدُنْ صَمَدٍ = أوْحَاهُ لِلمُصْطَفَى يَقْوَى عَلَى السَّبَبِ
فَأىُّ قَلْبٍ جَسُورٍ كَانَ يَحْمِلُهُ = بَيْنَ الجَوَانِحِ أوْ بَأْسٍ لِمُطَّلِبِ
وَأىُّ هَوْلٍ يَخَالُ المَرْءُ مَشْهَدَهُ = مَتَى يُشَاهِدْهُ ذَاكَ القَلْبُ يَرْتَعِبِ
لا شَكَّ أمْرٌ عَظِيِمٌ لا نَظِيِرَ لَهُ = وَوَاقِعٌ رَأىَ عَيْنٍ دُونَمَا رِيَبِ
فَاسْتَحْضِرِ الليْلَةَ الكُبْرَى لِتَشْهَدَهُ = وَانْظُرْ شَدِيِدَ القُوَى يَدْنُو مِنَ السُّحُبِ
يَحِلُّ فِي الغَارِ وَالمَحْمُودُ مُعْتِكِفٌ = وَالليْلُ يَسْجِي بِدَاجِيهِ عَلَى الشُّعَبِ
وَلَيْسَ يُسْمَعُ غَيْرُ الصَّمْتِ مُطْبَقِهِ = وَلَيْسَ شَيْئًا يَرَاهُ المَرْءُ عَنْ كَثَبِ
(اقْرَأْ) تُدَوِّي فَتُرْدِي الصَّمْتَ تَصْرَعُهُ = يَا هَوْلَ لَحْظَةِ تَكْلِيفٍ لِمُحْتَجِبِ
يَا لَهْفَ قَلْبِي عَلَى المَبْعُوثِ مُرْتَجِفًا = وَالرُّوُحُ يُجْهِدُهُ بِالضَّمِّ وَالطَّلَبِ
يَرْتَجُّ مِنْ فَزَعٍ مَا كَانَ أفْزَعَهُ = وَلَيْسَ مِنْ مَنْفَذٍ فِي الغَارِ لِلْهَرَبِ
يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنْ رَوْعِ حَادِثَةٍ = إْنْ شَابَ مِنْ هَوْلِهَا الضِّرْغَامُ لَمْ أَعَبِ
كَيْفَ اسْتَقَامَ لَه رَدٌّ لِيَنْطِقَهُ = فِي مَوْقِفٍ يَسْلُبُ الألبَابَ بِالرَّهَبِ
أجَابَ بِالنَّفْيِ تِلْوَ النَّفَيِ رَدَّدَ (مَا = أنَا بِقَارِئِ) صِدْقًا لَيْس بِالكَذِبِ
فَكَيْفَ يَقْرَأُ أُمِّيُّ بِلا قَلَمٍ = وَكَيْفَ يَقْرَأُ رَسْمَ الحَرْفِ فِي الكُتِبِ
سُبْحَانَ رَبِّي فَقَدْ شَاءَتْ مَشِيئَتُهُ = أنْ يُنْزِلَ الذِّكْرَ يُوحِيهِ لِمُنْتَخَبِ
وَكَمْ مَعَانٍ إذَا أبْصَرْتَ تُبْصِرُهَا = مُضِيئَةٌ فِي سَمَاءِ الفَهْمِ كَالشُّهِبِ
إقْرَأ بِقَلْبِكَ يَا أُمِّيُّ مُحْكَمَهُ = فَلِيْسَ ذَاكَ كِتَابًا كَانَ لِلْعَرَبِ
لَكِنَّهُ مُنْزَلٌ لِلنَّاسِ كُلِّهِمِ= مَهْمَا اللِسَانُ وَمَهْمَا كَانَ مِنْ نَسَبِ
وَفِيهِ نَهْجٌ وَتَوْحِيِدٌ لِذِي كَرَمٍ = وَمِنْهُ فِقْهٌ وَأحْكَامٌ لِمُنْتَسِبِ
لَهُ بِنَاءٌ عَلَى خَمْسٍ تُثَبِّتُهُ = إنْ تَقْوَ يَقْوَ وإنْ لَمْ تَقْوَ يَغْتَرِبِ
وَالخَمْسُ أوَّلُهَا (لَا) فَهْىَ تُفْرِدُهُ = بِلا شَرِيكٍ لَهُ مَا كَانَ فِي النُّصُبِ
فَأوَّلُ الدِّينِ نَفْيٌ فِيهِ مَعْرِفَةٌ = بِمَا نَفَيْتَ وَتَسْتَثْنِيهِ فَلْتُجِبِ
يُدْرِيكِ قُرآنُهُ عَنْ كُلِّ مَا زَعَمُوا = وَكُلِّ شِرْكٍ بِهِ فِي سَالِفِ الحِقَبِ
فِالعِلْمُ فَرْضٌ عَلَيْنَا وَهْوَ مَدْرَجُنَا = إلَى اليَقِينِ وَلَيْسَ الدِّينُ بِاللَّقَبِ
إنَّ الشَّهَادَةَ بَابٌ لَيْسَ يَطْرِقُهُ = إلا المُخَيَّرُ بَينَ القَصْرِ والخَرِبِ
فَتِلْكَ قَاعِدَةٌ مِنْ حَوْلِهَا أُسُسٌ = يُبْنَى عَلَيْهَا بِنَاءُ الدِّينِ بِالنُّجُبِ
تُعْلِي طَوَابِقُهُ صَرْحاً لِمُجْتَمَعٍ = يَقُيمُ دُنْيَا بِهِا الإيمَانُ كَالعَصَبِ
فَيُعْبَدُ اللهَ فِي قَولٍ وَفِي عَمَلٍ = لَوْ يُجْدِبُ الفِعْلُ لا قَوْلٌ لِذي جَدَبِ
حَضَارَةٌ تَبْتَغِي وَجْهًا لِخَالِقِهَا = تُطِيِعُ أحْكَامَهُ طَوْعًا وَبِالرَّحَبِ
وَأقَسَطُ العَدْلِ إعْلاءٌ لِمَنْهَجِهِ = بِالعِلْمِ وَالفَهْمِ وَالإقْدَامِ والغَلَبِ
للهِ آيَاتُهُ فِي الخَلْقِ مَاثِلَةً = فَالآيُ فِي خَلْقِهِ ذِكْرٌ لِمُجْتَلِبِ
فَاقْرَأْ بِقَلْبِكَ ذِكْرًا بِتَّ تُبْصِرُهُ = وَانْبِضْ لِعَقْلِكَ بِالإيمَانِ وَاقْتَرِبِ
وَاحْيِ النَّبِيَّ بِأنْ تَحْيَا بِسُنَّتِهِ = وَاتْبَعْ صَوَابًا بِهَا إنْ تَتَّبِعْ تُصِبِ
وَاعْلَمْ جِهَادًا لَهُ مَا كَانَ أجْهَدُهُ = وَكَيْفَ أبْلَغَ بالإجْهَادِ والتَّعَبِ
فَصَرْحُ مَنْهَجِنَا بِالعَزْمِ نَرْفَعُهُ = وَلَيْسَ بِالضَّعْفِ أوْ بِالْلَهِوِ والْلَعِبِ
وَلَيسَ عَزْمًا سَقِيمَ العُسْرِ نَفْرِضُهُ = وَلَيْسَ ضَعْفًا سَدِيدَ اليُسْرِ إنْ نَثُبِ
فَذاكَ دِينٌ بِهِ الإحْسَاسُ أرْهَفُهُ = خَوْفًا مِنَ النَّار أوْ قَطَفًا مِنَ العِنَبِ
مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تَبْكِي العَيْنُ وَاجِفَةً = اكْرِمْ بِمَنْ ذَرَفَتْ وَانْعِمْ بِمُنْتَحِبِ
وَهَلْ لَنَا أُسْوَةٌ كَالرَّوْضِ مُزْهِرَةً = سِوَى الرَّسُولِ رِيَاضٌ بِالثَرَى خَصِبِ
يَعْدُوُ مِنَ الغَارِ مَشْدُوهًا وَمُرْتَعِدًا = إلَى خَدِيجَةَ يَرْجُو الأمنَ فِي القُرَبِ
فَزَمَّلَتْهُ بِقَلْبٍ بَاتَ يُدْفِئُهُ = سُبْحَانَ وَاهِبِهِ العَلاَّمِ بِالغِيَبِ
وِتَبْدَأُ الدَّعْوَةُ الغَرَّاْءُ يَدْعَمُهَا = خَوْفٌ فحُبُّ فَإيِمَانٌ لَدَى النُّخَبِ
وَيَخْرُجُ الدَّينُ مِنْ سِرٍّ إلَى عَلَنٍ = يَخُوُضُ حَرْبًا وَحَتَّى الآنَ مِنْ لَهَبِ
يَرَدُّ هُودًا وصُلْبَانًا ومَنْ مَعَهُمْ = وَمُشْرِكِينَ وَأنْجَاسًا بِمُنْتَشِبِ
لَكِنَّهُ الحَّقُّ لَمْ يَمْحَقْهُ بَاطِلُهُمْ = فَهُمْ جَمِيعًا كَمَا حَمَّالَةِ الحَطَبِ
واللهُ أكْبَرُ أضْحَتْ فِي دِيَارِهِمِ = لَهَا المَسَاجِدُ رَغْمَ الحَرْبِ والنُّوَبِ
فَكَمْ حَمَلْتَ رَسُولَ اللهِ مِنْ ألَمٍ = وَأنْتَ تَدْعُو إلَى الإسْلامِ فِي دَأَبِ
أبْلَغْتَ دِينًا قَوِيمًا بَاتَ مُنْتِشِرًا = فِي سَائرِ الأرْضِ لَمْ يَخْلِطْ وَلَمْ يَذُبِ
مَازَالَ فِينَا صَحِيِحُ الدِّيِنِ نَحْفَظُهُ = وإنْ شَرَدْنَا قَلِيلًا عَنْهُ بِالْحِزَبِ
نَعُوُدُ يَوْمًا إلَى الرَّحْمَنِ نُشْهِدُهُ = فاشْفَعْ لَنَا عِنْدَهُ وانْظُرْ بِلا عَتَبِ
أنْتَ الرَّسُولُ إلَى الأحْيَاءِ كُلِّهُمِ = أنْتَ الشَّفِيعُ لِمَنْ مَاتُوا بِمِنْقَلَبِ
هَذَا قَصِيِدِي رَسُولَ اللهِ أبْذُلُهُ = فَإنْ رَضِيتَ فَقَدْ أسْمُو إلَى الرُّتَبِ
إلا فَتَصْفَحُ بِالأخْلاقِ أعْظَمُهَا = إلا فَتَسْألُ غُفْرَانًا لِمُرْتَكِبِ
صَلَّى عَلَيْكَ مَلِيكُ العَرِشِ أحْمَدُهُ = عَلَى مُحَمَّدِ وَالإسْلامِ وَالنَّسَبِ