المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لـيـتـني ما عـدت ..؟



الفرحان بوعزة
30-09-2012, 12:46 PM
.. بكت ، حبست شهقتها في حلقها ، خسرت دموعاً كثيرة ، وما لها غير البكاء . في الصباح عبأوا الكؤوس بالحليب ، تناولوا الحلوى الغنية بالدهنيات ، شربوا القهوة على مهل . تمتموا، وشوشوا ، تغامزوا وضحكوا . رافقوها إلى الطريق التي تؤدي إلى المدينة ..
وقفت على طريق متآكلة الحواشي ، تنتظر وتنتظر ، حشرات طائرة تشوش على تفكيرها ، تبعدها بيدها ، فتؤجج حركتها أكثر .
طريق تتلوى بين الأحراش والفيافي ، يتناسل الخوف من زفتها الهرم ، حقائبها الحمراء لا زالت جاثمة على صخرة فائضة . كلما سمعت هديراً نبض قلبها ، خفت حركتها ، تقف على أصابعها ، تتطاول بعنقها ، تستل نفساً عميقاً من جوفها ، يتدلى رأسها على صدرها النافر واليأس يأكل منها .
سافر عقلها بعيداً ، تاه قلبها ، توزع فكرها بين البقاء والرحيل . فضفضت ذاكرتها ، ما انتشلت منها إلا جليد كراهية مقيتة . بالأمس قاموا ، شتتوا ملابسها ، أحرقوا الفائض منها ، قالـوا : سافري ، ابتعدي ، اختاري بلداً غير هذا ، اشتري لنفسك كرامة ..
عن بعد ، عنت حافلة تنهب الطريق ، بمقدمتها تخرق الرياح ، بعجلاتها تسف التراب ، تناثر الغبار في كل الاتجاهات . آنذاك ، تأكدت أنها سقطت في حضن النسيان والتهميش ، فـتيقنت أن كل الأمكنة تنكرت لها ، كل القلوب تتمنى أن يكون الموت رفيقاً لها .. رجعت إلى المنزل ، ما بقي في ذاكرتها سوى صورة بيت تهزه الهواجس . بجنون غير مرتقب ، كسرت قفل البيت ، رمت حقائبها وسطه ..
نظروا في استغراب ، ما قالوا شيئاً ، عرفوا أنها تقود الموت بنفسها ، أشعلت النار في ستائر منتوفة الحواشي ، تصاعد اللهيب ، دخان أسود عفرها ، أغلقت عليها الباب . اختلط الرماد بالعظام ، فأقاموا في بطونهم وليمة ..

محمد مشعل الكَريشي
30-09-2012, 03:46 PM
احتاج لان اقرأها اكثر من مرة ففيها من الابداع ماينتفع منه مثلي...
اقف اولا فأسجل اعجابي بهذا النص الفاخر وهذه الانسيابية المذهلة ...
دمت بخير لك ودي استاذي الاديب الفرحان بوعزة...

آمال المصري
30-09-2012, 06:12 PM
ماذا أقول ؟ هل أراحتهم واستراحت ؟
أراها قُتلت مرتين : مرة بالمدينة ومالاقته من هؤلاء القوم والتي لم تجد لها بينهم مكان
ومرة حين العودة لتحتمي بمن عادت إليهم وقد تدلت رأسها على صدرها إذلالاً ويأسا علهم يحتضنوا ماتبقى من شتاتها فأنكروها
ولكن كانت سكينهم حادة على غير ما سمعنا وعرفنا
عادت أو لم تعد فالنتيجة واحدة إذا شعر الإنسان بكراهية المجتمع وغلق جميع الأبواب في وجهه فهو ميت حتما
المشكلة موجودة وانتباذ الأهل لأبنائهم وبناتهم موجود للأسف في العديد من المجتمعات
كان النص سامقا لغةً وتعابيرًا وصياغة وكان متين الحبكة مدهش الخاتمة المباغتة
مؤلم موجع بجمال أخاذ
دام ألقك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

الفرحان بوعزة
01-10-2012, 09:55 AM
احتاج لان اقرأها اكثر من مرة ففيها من الابداع ماينتفع منه مثلي...
اقف اولا فأسجل اعجابي بهذا النص الفاخر وهذه الانسيابية المذهلة ...
دمت بخير لك ودي استاذي الاديب الفرحان بوعزة...
********************
شكراً لك أخي محمد ..المبدع المتألق على تواصلك المتميز .. اهتمام أعتز به ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة .

الفرحان بوعزة
01-10-2012, 10:03 AM
ماذا أقول ؟ هل أراحتهم واستراحت ؟
أراها قُتلت مرتين : مرة بالمدينة ومالاقته من هؤلاء القوم والتي لم تجد لها بينهم مكان
ومرة حين العودة لتحتمي بمن عادت إليهم وقد تدلت رأسها على صدرها إذلالاً ويأسا علهم يحتضنوا ماتبقى من شتاتها فأنكروها
ولكن كانت سكينهم حادة على غير ما سمعنا وعرفنا
عادت أو لم تعد فالنتيجة واحدة إذا شعر الإنسان بكراهية المجتمع وغلق جميع الأبواب في وجهه فهو ميت حتما
المشكلة موجودة وانتباذ الأهل لأبنائهم وبناتهم موجود للأسف في العديد من المجتمعات
كان النص سامقا لغةً وتعابيرًا وصياغة وكان متين الحبكة مدهش الخاتمة المباغتة
مؤلم موجع بجمال أخاذ
دام ألقك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
*******************************
أعتز بهذا التحليل المعمق كعادتك أختي آمال .. تذكرت البيت القائل :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على المرء من وقع الحسام المهند
شكراً أختي الفاضلة على كلمتك الطيبة ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة

محمد مشعل الكَريشي
01-10-2012, 03:09 PM
ألهَمتني نصاً ...سميته الأرث المسروق

الفرحان بوعزة
01-10-2012, 06:25 PM
ألهَمتني نصاً ...سميته الأرث المسروق
***************************
أتمنى أن أقرأ هذا النص الجميل قريباً إن شاء الله .. وأن أكون في المستوى المطلوب للتعليق عليه ..
دمت مبدعاً متألقاً أخي محمد ..
محبتي الخالصة ..
الفرحان بوعزة ..

نداء غريب صبري
17-10-2012, 02:44 PM
أشفق على الذين تنبذهم الأماكن والناس
أشفق علينا ونحن لا نجد من ننتمي له فيرعى انتماءنا

قصة رائعة محبوكة بمهارة
قراءتها أمتعتني

شكرا لك اخي

بوركت

الفرحان بوعزة
17-10-2012, 06:20 PM
أشفق على الذين تنبذهم الأماكن والناس
أشفق علينا ونحن لا نجد من ننتمي لها فيرعى انتماءنا
قصة رائعة محبوكة بمهارة
قراءتها أمتعتني
شكرا لك اخي
بوركت
*********************************
الأخت المبدعة المتألقة .. نداء غريب .. تحية طيبة ..
شكراً على قراءتك وتفاعلك الدائم مع نصوصي السردية ..
دمت مبدعة متألقة وقارئة متميزة ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

ربيحة الرفاعي
22-10-2012, 11:07 PM
أجزم أني كنت هنا من قبل
ووضعت ردي على هذه الرائعة
كثيرة الخطايا أجهزتنا القديمة هذه، ولعلها جديرة بالتخلص منها ...
و
أظنها ذات الفكرة التي راودتهم ليحرصوا بتلك الصورة على الخلاص منها، لكنها كانت روحا ونفسا وعاطفة، وقتلها قبل اشتعال الحريق ما يلقى وجودها من رفض ...
المبدع الفرحان بوعزة
نص يليق بأن ينثر حرفه يراعك

أهلا بك ف يواحتك

تحاياي

الفرحان بوعزة
23-10-2012, 12:44 AM
أجزم أني كنت هنا من قبل
ووضعت ردي على هذه الرائعة
كثيرة الخطايا أجهزتنا القديمة هذه، ولعلها جديرة بالتخلص منها ...
وأظنها ذات الفكرة التي راودتهم ليحرصوا بتلك الصورة على الخلاص منها، لكنها كانت روحا ونفسا وعاطفة، وقتلها قبل اشتعال الحريق ما يلقى وجودها من رفض ...
المبدع الفرحان بوعزة
نص يليق بأن ينثر حرفه يراعك
أهلا بك ف يواحتك
تحاياي
****************************
المبدعة المتألقة .. ربيحة .. تحية طيبة ..
شكراً على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ..
قراءة أعتز بها .. سررت باهتمامك النبيل ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..

كاملة بدارنه
23-10-2012, 10:16 PM
تصاعد اللهيب ، دخان أسود عفرها ، أغلقت عليها الباب . اختلط الرماد بالعظام ، فأقاموا في بطونهم وليمة ..
يبدو أنّه لم يبق أمامها سوى القتل الجسديّ بعد القتل النّفسيّ والرّوحيّ..
قصّة رائعة السّرد بتسارع الأحداث بلغة تعجّ بالحركة حتّى صمت الموت في النّهاية ، وكذلك اللغة التّصويريّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

الفرحان بوعزة
24-10-2012, 06:02 PM
يبدو أنّه لم يبق أمامها سوى القتل الجسديّ بعد القتل النّفسيّ والرّوحيّ..
قصّة رائعة السّرد بتسارع الأحداث بلغة تعجّ بالحركة حتّى صمت الموت في النّهاية ، وكذلك اللغة التّصويريّة
بوركت
تقديري وتحيّتي
******************************
شكراً لك .. أختي .. المبدعة المتميزة .. كاملة بدارنــــــــــه .. على تواصلك المتواصل مع نصوصي السردية المتواضعة ..
اهتمام نبيل أفتخر به ..
مودتي الخالصة ..
الفرحان بوعزة ..

د. سمير العمري
03-08-2014, 06:28 PM
تلك التي تحمل الحقائب الحمراء ولم يبق من ملابسها ما لا يكاد يسترها تستحق أن تطرد وأن تنكر ، ولن تجد لها مكانا في أي قلب أو مسكن.

اشتغال رائع على الحالة النفسية بإسهاب شارح يوصلنا إلى مضمون النص بخاتمة شارحة فلا فض فوك!

تقديري

ناديه محمد الجابي
03-08-2014, 10:53 PM
هى صورة دقيقة لمرأة تشعر باليأس والفشل بعد شعورها
إنها منبوذة وغير مرغوب في وجودها ـ وإنها قد سقطت
في حضن النسيان والتهميش ، وأن كل الأماكن تتنكر لها
وأن كل من حولها يتآمر عليها ويتمنى لها الموت فتقدم على قتل نفسها.
يعجبني في كتاباتك مقدرتك على التغلغل داخل النفس البشرية نافذا إلى
الأعماق ـ تضئ الشخصية الإنسانية من الداخل بالإهتمام بالإنفعالات النفسية
وتأثير المحيط الخارجي على الشخصية.
أسلوب متميز وإبداع فيه رسالة
شكرا لك.

الفرحان بوعزة
04-08-2014, 11:12 AM
تلك التي تحمل الحقائب الحمراء ولم يبق من ملابسها ما لا يكاد يسترها تستحق أن تطرد وأن تنكر ، ولن تجد لها مكانا في أي قلب أو مسكن.
اشتغال رائع على الحالة النفسية بإسهاب شارح يوصلنا إلى مضمون النص بخاتمة شارحة فلا فض فوك!
تقديري

أخي الفاضل : الدكتور سمير .. تحية طيبة .. شكراً على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ..
وشكراً على تواصلك الدائم ومحاورة نصوصي السردية من جديد ..
محبتي وتقديري ..
الفرحان بوعزة ..

الفرحان بوعزة
04-08-2014, 11:17 AM
هى صورة دقيقة لمرأة تشعر باليأس والفشل بعد شعورها
إنها منبوذة وغير مرغوب في وجودها ـ وإنها قد سقطت
في حضن النسيان والتهميش ، وأن كل الأماكن تتنكر لها
وأن كل من حولها يتآمر عليها ويتمنى لها الموت فتقدم على قتل نفسها.
يعجبني في كتاباتك مقدرتك على التغلغل داخل النفس البشرية نافذا إلى
الأعماق ـ تضئ الشخصية الإنسانية من الداخل بالإهتمام بالإنفعالات النفسية
وتأثير المحيط الخارجي على الشخصية.
أسلوب متميز وإبداع فيه رسالة
شكرا لك.

فعلا ،المحبة من العواطف الإنسانية السامية ،
فإذا فقدها الإنسان من أقرب الناس إليه فقد كل شيء ..
شكراً على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع .. أختي المبدعة المتألقة ..نادية ..
مودتي وتقديري ..
الفرحان بوعزة ..

خلود محمد جمعة
08-09-2014, 07:36 AM
ربما هي من ابتدأت بنبذ أخلاقها فنبذها المجتمع الى أن انتهت بحقيبة فارغة من كل المشاعر
وقد المجتمع بضبابية رؤيته قد همشها الى درجة النبذ
ضاقت عليها نفسها فاختارت مجبرة ان تنهي المسرحية على طريقتها
تتوغل في التفاصيل و الحالة النفسية وتأخذنا في مدرات رائعة
دام البهاء يتحفنا
تقديري

الفرحان بوعزة
08-09-2014, 05:45 PM
ربما هي من ابتدأت بنبذ أخلاقها فنبذها المجتمع الى أن انتهت بحقيبة فارغة من كل المشاعر
وقد المجتمع بضبابية رؤيته قد همشها الى درجة النبذ
ضاقت عليها نفسها فاختارت مجبرة ان تنهي المسرحية على طريقتها
تتوغل في التفاصيل و الحالة النفسية وتأخذنا في مدرات رائعة
دام البهاء يتحفنا
تقديري

عادت ولم تجد ترحيباً ، تنكر الأهل لها ، فلم تطق صبراً ،رغم أن النص لم يكشف عن السبب بصراحة ..
لكن ربما ارتكبت عدة سيئات في حياتها وهم يعرفون ..
شكراً لك أختي المبدعة المتألقة .. خلود .. على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ،
قراءتك الذكية تدفعني لقراءة النص عدة مرات لا ككاتب له بل كقارئ جديد له ..
شكراً على اهتمامك النبيل وكلمتك الطيبة ..
محبتي وتقديري .. الفرحان بوعزة ..

رويدة القحطاني
23-09-2014, 11:30 PM
لو لم يقيموا لموتها الولائم في بطونهم لفهمت أنا المنحى الغريب الذي نحته بعض الردود، لكن الخاتمة تكشف جشعهم وخستهم، والنص لم يشر فيها لشر أو تسيب أخلاقي، وقد عدت إليه ثانية بعد الردود التي أدانتها فلم أجد في النص مفاتيح تؤشر لمثل ذلك
أما القصة فرائعة وإنه لجميل حظي يوقعني الليلة عل ما اقرأ من الروائع

الفرحان بوعزة
24-09-2014, 01:59 PM
لو لم يقيموا لموتها الولائم في بطونهم لفهمت أنا المنحى الغريب الذي نحته بعض الردود، لكن الخاتمة تكشف جشعهم وخستهم، والنص لم يشر فيها لشر أو تسيب أخلاقي، وقد عدت إليه ثانية بعد الردود التي أدانتها فلم أجد في النص مفاتيح تؤشر لمثل ذلك
أما القصة فرائعة وإنه لجميل حظي يوقعني الليلة عل ما اقرأ من الروائع

فعلا أختي الكريمة ..رويدة لم يقوموا بأي شيء يؤدي البطلة ، ولكنهم كانوا يعملون في صمت ،
استفزاز صامت وحركات تنم على الرفض واللامبالاة والتهميش ..
شكراً لك على تواصلك القيم ومتابعة نصوصي السردية المتواضعة ..
شكراً على اهتمامك النبيل .. اهتمام أعتز به ..
مودتي وتقديري / الفرحان بوعزة ..