تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بندول الليالي



د. سمير العمري
04-09-2012, 09:14 AM
أَمَا سَئِمَ الخَرَابُ مِنَ الغُرَابِ=وَآمِلَةُ الشَّرَابِ مِنَ السَّرَابِ؟
وَثَاكِلَةٌ تَنُوحُ عَلَى بَنِيهَا=وَقَدْ عَرَشُوا التَبَابَ عَلَى اليَبَابِ؟
لَقَدْ ظَمِئَتْ شِفَاهُ المَاءِ حَتَّى=تَسَوَّلَتِ اللُّعَابَ مِنَ الكِلابِ
وَأَوْجَسَتِ الجِبَالُ مِنَ الأَفَاعِي=فَخَرَّتْ وَهْيَ تَرْجُفُ فِي اضْطِرَابِ
وَشَأْسُ الرِّيحِ قَدْ ذَهَبَتْ جُذَاذًا=عَلَى وَجَلٍ مِنَ السُّبُلِ الصِّعَابِ
وَمَا فَتِئَ المُحَدِّقُ فِي الرَّزَايَا=يَفِرُّ مِنَ الغَرَائِبِ لاغْتِرَابِ
كَأَنَّ سَفِينَةَ العَرَبِ اسْتَقَرَّتْ=عَلَى الجُودِيِّ لَكِنْ بِانْقِلابِ
فَذَاكَ الشَّرْقُ تِنِّينٌ مَرِيدٌ=يَرُدُّ عَلَى الإِسَاءَةِ بِالعِقَابِ
وَذَاكَ الغَرْبُ غُولٌ مُسْتَخِفٌّ=يُلَوِّحُ بِالدِّرُوعِ وَبِالحِرَابِ
وَأُمَّتُنَا عَلَى الخَدَّينِ تَسْخُو=بِلَطْمٍ لا يَكِلُّ وَبِانْتِحَابِ
تُدَاسُ فَتَشْتَكِي أَغْلالَ عَجْزٍ=وَتُنْخَسُ فِي احْتِلابٍ واحْتِطَابِ
وَتَلْعَبُ وَهْيَ تُذْبَحُ فِي هَوَانٍ=وَتَصْخَبُ حِينَ تُنْصَحُ بِالسِّبَابِ
لَقَدْ هَرِمَتْ طُيُورُ الفَأْلِ فِينَا=وَأَخْلَدَتِ العُقُولُ إِلَى التَّغَابِي
وَصَارَ اليَأْسُ بَنْدُولَ اللَيَالِي=يُرَاوِحُ بَيْنَ نَأْيٍ وَاقْتِرَابِ
خَزَايَا رَغْمَ رَفْعِ الأَنْفِ كِبْرًا=عَرَايَا رَغْمَ بَهْرَجَةِ الثِّيَابِ
نُحَاصِرُ ظِلَّنَا إِنْ طَالَ عَنَّا=وَنَحْقِرُ طَلَّنَا أَسْرَى الجَنَابِ
وَنَحْلِبُ ضَرْعَنَا العَجْفَاءَ شَأْوًا=وَنَنْدُبُ مَجْدَنَا عِنْدَ الخِطَابِ
أَتَحْيَا أُمَّةٌ عَقَرَتْ بَنِيهَا=وَعَقَّتْ كُلَّ مُنْصَاعٍ وَآبِ؟
أَتَرْقَى أُمَّةٌ حَقَرَتْ نِسَاءً=فَلَمْ يَحْفَظْنَ فَاتِحَةَ الكِتَابِ؟
قَدِ اخْتَلَطَتْ عَلَى قَوْمِي الـمَعَانِي=فَمَا فَرَقُوا الضَّبَابَ مِنَ الرَّبَابِ
وَظَنُّوا اللَيْثَ يُؤْمَنُ مِثْلَ هِرٍّ=وَأَنَّ الكَلْبَ يَغْدُرُ كَالذِّئَابِ
يُقَدَّمُ فِي المَنَابِرِ كُلُّ عَيٍّ=وَفِي الإِعْلامِ إِمَّعَةٌ وَصَابِي
وَفِي هَرَجِ الخُطُوبِ كَلِيلُ رَأْيٍ=وَفِي حَرَجِ الحَوَادِثِ غَيْرُ عَابِي
وَأُغْمِدَ كُلُّ ذِي أَرَبٍ جَلِيلٍ=وَجَلْجَلَ بِالهَوَى عَبْدُ التَّصَابِي
وَذُو صَلَفٍ مَتَى سَمِعَ التَّنَادِي=إِلَى شَرَفٍ تَأَذَّنَ بِانْسْحِابِ
أَمِنْ دَلَجٍ نَغُضُّ عَلَى قَذَاةٍ؟=وَمِنْ نَفَجٍ نَخُوضُ بِلا حِسَابِ؟
فَمَاذَا لَو أَصَابْتْنَا اللَيَالِي=بِفِتْنَتِهَا تُؤَجِّجُ كُلَّ خَابِ؟
وَهَلْ يُجْدِي العِتَابُ لِمَنْ تَوَلَّى؟=وَمَنْ جَحَدَ المَوَدَّةَ فِي العِتَابِ
فَإِنَّ غَضَاضَةَ الأَهْوَاءِ تَسْبِي=وَتُشْغِلُ بِالرِّغَابِ عَنِ المُصَابِ
وَإِنَّ لِدَيْدَنِ الدَّهْرِ احْتِكَامٌ=وَإِنْ قَهَرَ الهُدَى قَانُونُ غَابِ
يَظَلُّ اللَيْثُ عِنْدَ الهِرِّ لَيْثًا=وَإِنْ وَثَبَا بِلا ظُفْرٍ وَنَابِ
وَلَيْسَ الصَّفْرُ كَالذَّهَبِ الـمُصَفَّى=وَلا الدِّيكُ المُزَرْكَشُ كَالعُقَابِ
وَإِنْ تَكُ نِعْمَةً أُتْرِفْتَ فِيهَا=وَلَمْ تَشْكُرْ فَتِلكَ يَدُ العَذَابِ
وَإِنْ لَمْ تَسْتَقِمْ أَخْلاقُ قَوْمٍ=عَلَى رَشَدٍ تَوَارَوا بِالحِجَابِ
عَسَى قَدَرٌ يُوَافِقُ صِدْقَ عَزْمٍ=فَيَصْلُحَ شَأْنُنَا بَعْدَ اسْتِلابِ
وَيَمْسَحُ دَمْعَةً لِلدَّهْرِ تَجْرِي=عَلَى أَهْلِ المُرُوءَةِ وَالصَّوَابِ
أَلا لَيْتَ الخِلالَ تَعُودُ نَهْرًا=فَأَرْشُفُ مِنْ مَعَانِيهَا العِذَابِ
وَتَزْدَهِرُ المَنَاقِبُ فِي رِجَالٍ=وَتَنْتَشِرُ المَحَبَّةُ فِي الشِّعَابِ
وَتَبْتَهِجُ الكَرَامَةُ فِي شُيُوخٍ=وَتَنْبَلِجُ الصَّرَامَةُ فِي شَبَابِ
دَأَبْتُ عَلَى التَّفَاؤُلِ رُغْمَ سُخْطِي=فَلَو دَأَبَ المُثَبِّطُ مِثْلَ دَابِي
أَحُضُّ عَلَى الفَضَائِلِ فِي يَقِينٍ=وَأَحْتَمِلُ التَّطَاوُلَ بِاحْتِسَابِ
وَأَصْفَحُ وَالوُجُودُ يَرُدُّ صَفْحِي=وَأَمْنَحُ وَالجُحُودُ يَسُدُّ بَابِي
وَلا أَؤْذِي الخَصِيمَ وَإِنْ تَجَنَّى=وَأَهْوَى الصَّادِقِينَ وَلا أُحَابِي
وَأَذْرَعُ شُرْفَةَ الأَيَّامِ شَوْقًا=إِلَى غَدِ أُمَّةٍ عَالِي القِبَابِ
وَكَمْ مِنْ هِمَّةٍ حَوْلِي لِصِيدٍ=تَوَافَقَ مَا بِهَا أَرَبًا وَمَا بِي
فَسَيفُ العَدْلِ بِالتَّسْدِيدِ مَاضٍ=وَسَيفُ العَذْلِ بِالتَّهْدِيدِ نَابِ
وَيَمُّ العُمْرِ لُجِّيٌّ أُجَاجٌ=وَفُلْكُ الصَبْرِ يَمْخُرُ فِي العُبَابِ
وَيَأْبَى الحُرُّ أَنْ يَحْيَا بِذُلٍّ=وَإِنْ صَبَّ الإِبَاءُ كُؤُوسَ صَابِ
وَلَكِنَّ الزَّمَانَ وَإِنْ تَأَنَّى=لَمُنْجِزُ وَعْد بَارِقَةِ السَّحَابِ
فَقَدْ يَأْتِي الأَمَانُ مِنِ ارْتِيَاعٍ=وَقَدْ يَأْتِي اليَقِينُ مِنِ ارْتِيَابِ
وَقَدْ يَلِدُ الحُفَاةُ بُنَاةَ مَجْدِ=وَقَدْ يَئِدُ المَآبُ أَسَى الغِيَابِ
وَقَدْ يَعِدُ المَثَابُ وِدَادَ حُرٍّ=فَيَطْمَعُ ذُو السَّجِيَّةِ فِي المَثَابِ
بِكُلِّ مُهَذَّبٍ سَمْحٍ نَبِيلٍ=وَفِيِّ العَهْدِ يُؤْلَفُ فِي اصْطِحَابِ
بِحُرٍّ مِنْ بَنِي الإِنْصَافِ بَحْرٍ=إِلَى الأَصْحَابِ مُنْبَسِطَ الرِّحَابِ
وَمُعْتَصِمٍ بِحَبْلِ اللهِ آوَى=إِلَيهِ الصِّدْقَ مُكْتَمِلَ النِّصَابِ
يَجُودُ فَلا يَعُقُّ الكَفَّ زِنْدٌ=وَلا يَرْضَى الدَّنِيَّةَ فِي الطِلابِ
وَيَرْعَى بِالسَّمَاحَةِ حِينَ يَمْضِي=وَيَسْعَى بِالمُرُوءَةِ فِي الإِيَابِ
أَبَا بَدْرٍ أَسَرْتَ النَّفْسَ حَتَّى=غَلَبْتَ بِرَوْحِهَا نَفْحَ الرَّوَابِي
وَأَكْرَمَ حُسْنُ رَدِّكَ نَسْحَ دُرِّي=فَكَانَ الصَّمْتُ أَبْلَغَ فِي الجَوَابِ
وَإِنِّي مَا ثَمِلْتُ بِخَمْرِ كَأسٍ=وَلَكِنْ بِالمَكَارِمِ فِي الصِّحَابِ
فَخُذْ مِنْ مُهْجَتِي مَا شِئْتَ حُبًّا=وَدَعْنِي فِي السُّلافَةِ قَدْرَ قَابِ
وَخَفِّفْ وَطْأةَ الإِبْهَارِ عَنِّي=فَإِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنِ الثَّوَابِ
لأَنِّي لَمْ أَجِدْ كَفَّ امْتِنَانٍ=تّفُضُّ التِّبرَ عَنْ نَفَضِ التُّرَابِ