مشاهدة النسخة كاملة : عشر ذي الحجّة
أحلام أحمد
06-10-2012, 03:05 AM
http://im26.gulfup.com/USDP1.gif
(وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍّ عميق)
أيام قلائل وتهب نسمات عشر ذي الحجة وأسأل الله العلي الكريم أن يمنّ علينا ببلوغها والتزوّد من الطاعات فيها
....
سأضع في هذا المتصفح بعض المقالات الخاصة بهذه المناسبة العظيمة
لنتذكّر معا فضائل هذه الأيام
وأرجو الله أن يكتب لكل المسلمين تأدية هذه الفريضة
وأن يمنّ على الحجاج بالعودة إلى ديارهم سالمين غانمين فرحين بجائزة:
(من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه)
وجائزة:
(والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)
الجميل في هذه الأيام أن الكل رابح سواء من ذهب إلى مكة لتأدية الفريضة ومن لم يتمكّن من الحج
لأن التجارة هذه المرة مع الله -عزّ وجلّ-
فاللهم لا تحرمنا من الأجر والثواب
http://im15.gulfup.com/Lihm1.jpg
و
كل عام وأمة لا إله إلا الله محمد رسول الله بخير ورفعة وعزّة
أحلام أحمد
06-10-2012, 03:25 AM
عشر ذي الحجة
فضائلها والأعمال المستحبة فيها
http://im27.gulfup.com/JEiJ2.png
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … وبعد:
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه
بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
فضل عشر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.
3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]
4- أن فيها يوم عرفة :
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0
5- أن فيها يوم النحر :
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
6- اجتماع أمهات العبادة فيها :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).
فضل العمل في عشر ذي الحجة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرت له الأعمال فقال: ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشرـ قالوا: يا رسول الله، الجهاد في سبيل الله؟ فأكبره. فقال: ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله، ثم تكون مهجة نفسه فيه) [رواه أحمد وحسن إسناده الألباني].
فدل هذان الحديثان وغيرهما على أن كل عمل صالح يقع في أيام عشر ذي الحجة أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده. ودل الحديثان أيضاً على أن العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله، وأن الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.
من الأعمال المستحبة في عشر ذي الحجة
إذا تبين لك أخي المسلم فضل العمل في عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، وأن هذه المواسم نعمة وفضل من الله على عباده، وفرصة عظيمة يجب اغتنامها، إذ تبين لك كل هذا، فحري بك أن تخص هذه العشر بمزيد عناية واهتمام، وأن تحرص على مجاهدة نفسك بالطاعة فيها، وأن تكثر من أوجه الخير وأنواع الطاعات، فقد كان هذا هو حال السلف الصالح في مثل هذه المواسم، يقول أبو ثمان النهدي: كانوا ـ أي السلف ـ يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم.
ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام ما يلي:
1- أداء مناسك الحج والعمرة:
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2- الصيام :
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
3- الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].
4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
5- الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].
وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صيد الفوائد
يُتبـــــع
عبد الرحيم بيوم
06-10-2012, 09:55 AM
شكر الله لك اختي الكريمة احلام
ووفقك المولى
وللمسلم في سائر العام مواسم يتلوا بعضها بعضا على مراحل زمنية لحكمة ربانية
فهو سبحانه يعلم من خلق
فجعلها مواسم للتزود بالخيرات واعداد العدة وأخذ الزاد لقطع مرحلة زمنية توصل للموسم التالي
فلا يزال المؤمن متنقلا وهو مستمسك بمدرج العبودية ترتقي به مواسم الخير حتى يوافيه اليقين
وسنتابعك ان شاء الله
تحياتي لك
وحفظك المولى
أحلام أحمد
07-10-2012, 12:58 AM
شكر الله لك اختي الكريمة احلام
ووفقك المولى
وللمسلم في سائر العام مواسم يتلوا بعضها بعضا على مراحل زمنية لحكمة ربانية
فهو سبحانه يعلم من خلق
فجعلها مواسم للتزود بالخيرات واعداد العدة وأخذ الزاد لقطع مرحلة زمنية توصل للموسم التالي
فلا يزال المؤمن متنقلا وهو مستمسك بمدرج العبودية ترتقي به مواسم الخير حتى يوافيه اليقين
وسنتابعك ان شاء الله
تحياتي لك
وحفظك المولى
حيّاك الله أيها الكريم
معك حقّ فيما قلته فالمواسم الدينية تتتالى كلٌّ حسب وقته وزمنه
ومن رحمة الله بنا أنه وزّعها على مدار العام
والسعيد هو مَنْ وفّقه الله للنهل منها
والتعيس هو مَنْ حُرم الاستفادة منها
وما نحن هنا إلا للتذكير بها
أسأل الله -عزّ وجلّ- ألا يحرمنا ثوابها وأجرها
وأن يُحسن عاقبتنا في الأمور كلها
....
أخي الفاضل عبدالرحيم
جزاك الله خيرا على دعواتك الطيّبة -طيّب الله أيامك-
ولك مثلما دعوت لي
تُسعدني متابعتك الجميلة
وتقبّل شكري وتقديري :001:
أحلام أحمد
07-10-2012, 01:56 AM
حتى لا نخسر العشر
عادل بن عبد العزيز المحلاوي
http://im24.gulfup.com/6lKt1.gif
مع علو شأن هذه العشر ومكانتها السامقة في الشرع المُطهّر , وعظمة ثواب العمل الصالح فيها , و أنه أكثر ثواباً من وقوعه في غيره من الأيام , ومع ذا نرى ضعفاً عند جمهور المسلمين , وتكاسلاً عن العمل الصالح , وانصرافاً عن الجد والاجتهاد , وتباطؤا عن الاندفاع له , ولاشك أن لهذا أسباباً سأذكر بعضها في هذا المقال , حتى نبتعد عنها , ونغتنم هذا الموسم أعظم اغتنام , فمن هذه الأسباب:
الذنوب والمعاصي:
فكم حرمت الذنوب من طاعة , وكم حالت بين العبد وبين قربة , أليس كثير من المسلمين قد عرفوا فضلها, وتبينت لهم مكانتها فلم هذا التكاسل عن العمل الصالح ؟
إن الجواب معروف : وهو الذنوب والمعاصي الحائلة بين العبد وبين رحمة الله (ومن رحمته التوفيق للعمل الصالح )
وقد نزلت بك عشر مباركة , فجدد التوبة فيها للتأهل لطاعة الله تعالى , واعلم أن للذنوب أثرأ كبيرا في الحرمان.
جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله , وقال له يا أبا سعيد : أجهز طهوري لقيام الليل فلا أقوم ! فقال له الحسن : قيدتك ذنوبك .
فالذنوب سبب لكل حرمان من الطاعة فالحذر الحذر منها , وتأمّل في حال المستقيمين على الطاعة , كيف أنهم بين صوم وصلاة وذكر ودعاء , وأنت محروم من هذا الخير , ولو فتشت لعلمت أنما أُتيت من قِبل نفسك , فجدد التوبة اليوم وانظر إلى الأثر العظيم لها .
الجهل بفضل الموسم:
مع انتشار الخير ووصوله لأصقاع الدنيا , بفضل الله بما سخر من وسائل الإعلام إلا أنه تبقى طائفة من المسلمين في جهل كبير عن فضل هذه الموسم , أو أنهم لم يعرفوا قدر هذا الموسم حق المعرفة , فلذا حصل التفريط منهم , وهنا يأتي واجب الدعاة إلى الله في مساجدهم عن طريق الخطب والدروس والمحاضرات للتنويه بفضل هذا الموسم وعظيم مكانته عند الله تعالى حتى تندفع النفوس لفعل الخير في هذا الموسم المبارك (ومن دلّ على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه)
طول الأمل:
إن من أعظم الأمور المُهلكة للمرء طول الأمل , واستبعاد الموت , مما يجعل الإنسان يُسوّف في العمل الصالح , ولا يُسارع إليه , ويظن أنه بإمكانه التعويض فيهلك أيما هلاك , ويفرّط في مواسم الخير , ولو نظر نظرة إنصاف وعدل لوجد أن الأمر أسرع من كل شئ , قال عون بن عبد الله رحمه الله: ( كم من مستقبل يوماً لا يستكمله ! ومنتظر غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره)
وإذا تأملت في سيرة السلف العطرة وجدت عندهم من قصر الأمل ما يجعلهم يُبادرون الأوقات كلها في الطاعة , فضلاً عن مواسم الخير.
قال معروف لرجل صلّ بنا الظّهر , فقال :إن صليت بكم الظهر لم أصلّ بكم العصر , فقال :وكأنك تؤمّل أن تعيش إلى العصر, نعوذ بالله من طول الأمل .
هذا سعيد بن جبير كان إذا دخلت عليه العشر لا يكاد يُقدر عليه من شدة اجتهاده واغتنامه لها .
تذكّر ياصاحب الأمل الطويل أن أمر حياتك وموتك ليس بيدك وإنما هو بيد الله تعالى , وكم تعرف ممن كان يعيش في صحة وعافية خطفه الموت على حين غِرّه , فاحمد الله أن بلغت هذا الموسم , وجد واجتهد في العمل الصالح
ندرة المعين:
إنه مع وجود الخير في المجتمع , وكثرة الطائعين من أتباع هذا الدين العظيم , إلا أن الانصراف عن الطاعة في هذا الموسم هو السمة البارزة لجمهور المسلمين , وللإجماع أثره في فعل الطاعة ولذا جاءت نصوص الشرع بالأمر بالجماعة لكثير من الطاعات مما يكون سبباً لتسهيلها , ولذا من النصح في البيوت وللأهل التعاون على الطاعة , ومن النصح للمسلمين المعاونة على الطاعة ونشر الخير بينهم , تأمل في حال من سبق وكيف كانوا يتعاونون على الطاعة .
عن أبي عثمان النهدي قال تضيفت أبا هريرة سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا يصلّي هذا ثم يوقظ هذا ويصلّي هذا ثم يوقظ هذا ( سير أعلام النبلاء 2/609 )
وكان الحسن بن صالح وأخوه عليّ و أمهما يتعاونون على العبادة بالليل وبالنهار قياما وصياما فلما ماتت أمهما تعاونا على القيام والصيام عنهما وعن أمهما فلما مات علي قام الحسن عن نفسه وعنهما وكان يقال للحسن حية الوادي يعني لا ينام بالليل . ( أنظر حلية الأولياء 7/ 328)
فاجتمع أنت وأهل بيتك على الطاعة , وان سمت همتك فكن عوناً لأهل حيّك لتعينهم على الطاعة هذا الموسم المبارك .
كثرة الفتن والصوارف :
كم تصرف الفتن المسلمين هذه الأيام عن اغتنام مواسم الخير , ولعلي أن أذكر أشدها سبباً في صرفهم وهي ( وسائل الإعلام )بجميع قنواتها , فلذا يجب على العاقل أن يكون ناصحاً لنفسه وأن يحذّر من خطرها وشرّها عليه , خصوصاً في هذا الموسم.
اترك كثيراً من مباحاتها اليوم للتفرغ للطاعة والقربة , فهي أيام قليلة تُوشك أن تنقضي سريعا
يُتبــــع
عبد الرحيم بيوم
07-10-2012, 01:52 PM
الذنوب والمعاصي:
فكم حرمت الذنوب من طاعة , وكم حالت بين العبد وبين قربة , أليس كثير من المسلمين قد عرفوا فضلها, وتبينت لهم مكانتها فلم هذا التكاسل عن العمل الصالح ؟
إن الجواب معروف : وهو الذنوب والمعاصي الحائلة بين العبد وبين رحمة الله (ومن رحمته التوفيق للعمل الصالح )
وقد نزلت بك عشر مباركة , فجدد التوبة فيها للتأهل لطاعة الله تعالى , واعلم أن للذنوب أثرأ كبيرا في الحرمان.
جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله , وقال له يا أبا سعيد : أجهز طهوري لقيام الليل فلا أقوم ! فقال له الحسن : قيدتك ذنوبك .
فالذنوب سبب لكل حرمان من الطاعة فالحذر الحذر منها , وتأمّل في حال المستقيمين على الطاعة , كيف أنهم بين صوم وصلاة وذكر ودعاء , وأنت محروم من هذا الخير , ولو فتشت لعلمت أنما أُتيت من قِبل نفسك , فجدد التوبة اليوم وانظر إلى الأثر العظيم لها .
فالسيئة تلد أختها إذا لم تعقبها توبة
{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]
كما ان الحسنة تلد أختها
{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76]
فيا عبد الله لا زال باب جهادك الحق مفتوحا
ولتتأمل معي قول الحق
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت: 69]
تحياتي لك
أحلام أحمد
07-10-2012, 10:16 PM
فالسيئة تلد أختها إذا لم تعقبها توبة
{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]
كما ان الحسنة تلد أختها
{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76]
فيا عبد الله لا زال باب جهادك الحق مفتوحا
ولتتأمل معي قول الحق
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت: 69]
تحياتي لك
نعم أيها الكريم
فالمرء إن لم يتدارك نفسه بالعزم والإنابة إلى الله ولم يتعهّد نفسه بالتوبة الصادقة فلن ينجو من براثن الذنوب
ومن رحمة الله بنا أن باب التوبة يظل مفتوحا للمرء طالما ظلّ على قيد الحياة مالم تطلع الشمس من مغربها
وعلى المرء ألا يركن إلى نفسه اليائسة وألا يقنط من رحمة الله
(قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)
أسأل الله لنا جميعا حسن الخاتمة
وأن يمنّ علينا بتتابع الحسنات بعد السيئات
(وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا)
وألا يكتبنا من الغافلين
....
جزاك الله خيرا على التعليق والإضافة :001:
أحلام أحمد
07-10-2012, 10:32 PM
نسيت أن أقول:
إن هذا المتصفح ليس ملكا لي
فإن شاء الأخ الكريم عبد الرحيم صابر أو أي عضو آخر كريم إضافة شيء فالموضوع ملكٌ للجميع
وتسرّني أي إضافة
تنويه
إن ما يجعلني بطيئة في الإضافات هو أنني لجأت إلى متصفح (انترنت اكسبلور) وليس متصفح (الفاير فوكس) الذي تعوّدت عليه
والسبب أنني أُواجه مشكلة فيه تتمثّل في تعطّل شيء ما جعل (الماوس) غير قادر على التعامل مع أيقونات الصندوق الماسي
وإلى أن تُحلّ المشكلة سأظل بطيئة كالسلحفاة :008:
و
للجميع تقديري الكبير :0014:
أحلام أحمد
09-10-2012, 12:46 AM
من أخطائنا في عشر ذي الحجة
محمد بن راشد الغفيلي
http://im13.gulfup.com/23BM1.gif
تمهيد:
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وبعد:
فنحن في موسم فاضل من مواسم الله (تعالى)، ألا وهــو(عشر ذي الحجة)، فيه من الأعمال والنوافل ما يتقرب بها العبد إلى الله (تعالـى) لـعـلـه أن تصـيـبه نفحة من نفحاته (تعالى)، فيسعد به في الدارين، سعادة يأمن بها من الموت وشدتــه، والقبر وظلمته، والصراط وزلته.
و(عشر ذي الحجة) موسم فيه كثير من العبادات المتنوعة التي يمـتــاز بها عن غيره، قال الحافظ في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولايتأتى ذلك في غيره) (1).
لهذا رأيت تنبيه إخواني القراء إلى الأخطاء التي قد تقع من بعضهم في هذا الموسم؛ رغبة في معرفتها وتجنبها.. والله الموفق.
أولاً: أخطاء عامة:
1- مرور عشر ذي الحجة عند بعض العامة دون أن يعيرها أي اهتمام، وهذا خطأ بيِّن؛ لما لها من الفضل العظيم عند الله (سبحانه وتعالى) عن غيرها من الأيام، فقد صح عنه أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر).
2- عدم الاكتراث بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد فيها:
وهــــذا الخطأ يقع فيه العامة والخاصة إلا من رحم الله (تعالى)، فالواجب على المسلم أن يبدأ بالتكبير حال دخول عشر ذي الحجة، وينتهي بنهاية أيام التشريق، لقوله (تعالى): ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ....)) [الحج: 28].
والأيام المعلومات: العشر، والمعدودات: أيام التشريق، قاله ابن عباس (رضي الله عنهما) (2).
قال الإمام البخاري: (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكـبـر الناس بتكبيرهما) (3)، وذلك بشرط ألا يكون التكبير جماعيّاً، ولا تمايل فيه ولا رقص، ولا مصحوباً بموسيقى أو بزيادة أذكار لم ترد في السنة أو بها شركيات، أو يكون به صفات لم ترد عن الرسول.
3- جهر النساء بالتكبير والتهليل، لأنه لم يرد عن أمهات المؤمنين أنهن كبّرن بأصوات ظاهرة ومسموعة للجميع، فالواجب الحذر من مثل هذا الخطأ وغيره.
4- أنه أحدث في هذا الزمن زيادات في صيغ التكبير، وهذا خطأ؛ وأصح ما ورد فيه: ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان: قال: كبروا الله: الله أكبر، الله أكبر كبيراً، ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهما [اخرجه جعفر الفريابي في كتاب العيدين ] ـ وهو قول الشافعي ـ وزاد: (ولله الحمد)، وقيل: يكبر ثلاثاً ويزيد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك لــه)، وقيل: يكبر ثنتين، بعدهما: لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، جاء ذلك عن عمر، وعن ابن مسعود بنحوه، وبه قال أحمد وإسحاق(4).
وبهذا نخلص إلى أن هناك صيغتين صحيحتين للتكبير، هما:
ـ الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد.
ـ الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً.
وما ورد في بعض كتب المذاهب مثل المجموع ـ على جلالة قدر مصنفه ـ من زيادات على تلك الصيغة فهي غير صحيحة، أو لعلها وردت في غير العشر الأواخر.
5- صيام أيام التشريق، وهذا منهي عنه، كما ورد عن الرسول؛ لأنها أيام عيد، وهي أيام أكل وشـــــرب، لقوله (5): (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق: عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب) (6).
6- صيام يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك في عشر ذي الحجة وعليه قضاء رمضان، وهذا خطأ يجب التنبه إليه؛ لأن القضاء فرض والصيام في العشر سنّة، ولا يجوز أن تقدم السنة على الفرض.
فمن بقي عليه من أيام رمضان وجب صيام ما عليه، ثم يَشْرع بصيام ما أراد من التطوع.
وأما الذين يجـمـعـــون القضاء في العشر مع يومي الاثنين والخميس لينالوا الأجور ـ كما يقولون ـ فإن هذا قـول لا دليل عليه يركن إليه، ولم يقل به أحد من الصحابة فيما نعلم، ولو صح فيه نص مـــــن الآثار لنقل إلينا، والخلط بين العبادات أمره ليس بالهين الذي استهان به أكثر العامة(*).
ثانياً: أخطاء في يوم عرفة:
1- من الأخطاء: عدم صـيـامـه، علماً بأنه من أفضل الأيام في هذه العشر، وهذا خطأ يقع فيه كثير ممن لم يوفق لعمل الخير، فقد ورد عن أبي قتادة الأنصاري (رضي الله عنه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسـلـم- سـئـل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)(7)، وهذا لمن لم يحج؛ لنهيه عن صوم يوم عرفة بعرفات.
2- قلة الدعاء في يوم عرفة عند أغلب الناس والغفلة عنه عند بعضهم، وهذا خطأ عظيم؛ حيث يُفوِّتُ الشخص على نفسه مزية الدعاء يوم عرفة، فإن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (خَيْرُ الدّعَاء دعاء يَوْم عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلتُ أنا والنّبِيّونَ مِنْ قَبْلي: لا إلَه إلا الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ، وَلَهُ الحَمدُ، وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَديرٌ) (8).
قال ابن عبد البر: (وفيه من الفقه: أن دعـــــاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، وفي فضل يوم عرفة دليل على أن للأيام بعضها فضلاً على بعض؛ إلا أن ذلك لا يُدْرَكُ إلا بالتوفيق، والذي أدركنا من ذلك التوفيق الصحيح: فضل يوم الجمعة، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة؛ وجـــاء فـي يوم الاثنين ويوم الخميس ما جاء؛ وليس شيء من هذا يدرك بقياس، ولا فيه للنظر مدخـل، وفي الحديث أيضاً: دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب، وفيه أيضاً أن أفـضـــــل الـذكـــر: لا إله إلا الله...)(9).
ثالثاً: أخطاء في يوم النحر:
1- عدم الخروج إلى مصلى العيد، بل تجد بعض الناس لا يخرج إلى المصلى، خاصة منهم الشباب، وهذا خطأ؛ لأن هذا اليوم هو من أعظم الأيام، لحديث عبد الله بن قرط (رضي الله عنه) عن النبير قال: (إن أعظم الأيام عند الله (تعالى) يوم النحر، ثم يوم القر)(10)، يعني: اليوم الذي بعده.
2- وإذا مـــــا خرج بعضهم خرج بثياب رثة، بحجة أنه سيحلق ويقص أظافره ويتطيب ويستحم بعد ذبح أضحيته، وهذا خطأ، فينبغي للمسلم أن يتأسى بالرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهيئة حسنة وبألبسة جديدة ذات رائحة زكية، لما ورد عن ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثـيـابــــه فـي الـعـيدين، وقد صح الاغتسال قبل العيد عند بعض السلف من الصحابة والتابعين(11).
3- الأكل قبل صلاة العيد، وهذا مخالف للمشروع، حيث يسن في عيد الأضحى ألا يأكل إلا من أضحيته، لما ورد عن عـبــد الله بن بريدة عن أبيه، قال: كان الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي.
قال ابن قيم الجوزية: (وأما في عيد الأضحى، فكان لا يَطْعَمُ حتى يَرجِعَ من المصلى فيأكل من أضحيته)(12).
4- عدم تأدية صلاة العيد في المصلى، بحجة أنها سنة، وهذا حق، لكن لا ينبغي لمسلم تركها وهو قادر عليها، بل هي من شعائر الإسلام فلزم إظهارها من الجميع كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، ومن تركها بدون عذر فقد أخطأ خطأً عظيماً.
5- التساهل في عدم سماع الخطبة، فينبغي للمسلم أن يستمع للخطبة لما في هذا من الفضل العظيم.
6- التساهل في الذهاب والإياب، وهذا خطأ؛ فكان من سنته أن يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر.
7- الـتـسـاهــــل بترك تهنئة الناس في العيد، وهذا خطأ؛ فالزيارات وتجمع العوائل مع بعضها، والتهنئة فيما بينهم.. من الأمور المستحبة شرعاً، كأن يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منّا ومنكم، ونحو ذلك من العبارات التي لا محذور فيها.
8ـ اعتقاد بعض الناس زيارة المقبرة للسلام على والد أو قريب متوفى، وهذا خطأ عـظـيـم، فزيــــارة المقابر في هذا اليوم الفاضل ـ بزعمهم أنهم يعايدون الموتى ـ من البدع المحدثة في الإسلام؛ فإن هذا الصنيع لم يكن يفعله أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهم أسبق الناس إلى كل خير، وقد قال الرسول الله -صلى الله عـلـيـه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (13)، أي: مردود عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله): قوله: (لا تتخذوا قبري عيداً)(14) قال: (العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائداً، إما لعود السنة أو لعودة الأسبوع أو الشهر ونحـو ذلك)، وعلى هـذا: إذا اعتاد الإنسان أن يزور الـمـقـبرة في يوم العيد من كل سنة بعـد صلاة العيد وقـع في الأمر المنهي عنه(15)؛ حيث جعل الـمقـبرة عيداً يعود إليه كل سنة، فيكون فعله هذا مبتدعاً محدثاً؛ لأن الرسول لم يشرعـه لنا ولا أمـرنــــا بفـعله، فاتخاذه قربة مخالفة له.
والله نسأل للجميع التوفيق والسداد.
المصدر:مجلة البيان - العدد 112 ذو الحجة 1417 هـ
الهوامش:
1) فتح الباري، م4، جـ5، ص 137.
2) صحيح البخاري؛ في كتاب العيدين؛ باب فضل العمل في أيام التشريق، وانظر: فتح الباري، جـ5، ص133 وما بعدها.
3) صحيح البخاري، جـ 1، ص 329.
4) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، م4، جـ5، ص 139.
5) انظر: صحيح سنن أبي داود، ح/2113.
6) المرجع السابق، ح/2114.
*) ذكر الكاتب في أصل المقال تنبيهات على أخطاء تقع من المضحي لم نذكرها؛ لأنه سبق للمجلة أن نشرت مقالاً عن أحكام الأضحية في العدد 100؛ وذلك رغبة في الاختصار.
-البيان-
7) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، ح/1162.
8) أخرجه مالك في الموطأ، جـ1، ص 422، ح/246، والترمذي: انظر: صحيح سنن الترمذي، ح/2837.
9) التمهيد، جـ6، ص 41 ـ42.
10) أخرجه أبو داود بإسناد جيد، قاله الألباني في المشكاة، ح/2643.
11) انظر: فتح الباري، م4، جـ5، ص 112، والمغني لابن قدامة، جـ2، ص 370.
12) زاد المعاد، جـ1، ص 441 فصل: في هديه في العيدين.
13) أخرجه مسلم، ح/1718 في كتاب الأقضية.
14) رواه أبو داود بلفظ: (لا تجعلوا)، انظر سنن أبي داود، ح/1796.
15) انظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية، 3/289، والمدخل لابن الحاج، 1/286، وانظر: أحكام الجنائز وبدعها، للألباني، ص 258.
عصام ميره
09-10-2012, 01:00 AM
أتابع وأسجل إعجابي ..
وأعلم أن لديك المزيد والمزيد ..
نتمنى أن نتعلم منك حسن التنسيق بهذه الصورة الرائعة ..
(أخت سيبويه ) ..
لك كل التحية
أحلام أحمد
09-10-2012, 01:00 AM
وبهذا نخلص إلى أن هناك صيغتين صحيحتين للتكبير، هما:
ـ الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد.
ـ الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً.
س سؤال:
هل يعني هذا أن صيغ تكبيرات العيد التي تعوّدنا سماعها منذ الصغر قد لحقها شيء من الزيادة...؟؟؟!!!:008:
http://www.youtube.com/watch?v=GEYG4f-P1Us&feature=related
أحلام أحمد
09-10-2012, 01:33 AM
أتابع وأسجل إعجابي ..
وأعلم أن لديك المزيد والمزيد ..
نتمنى أن نتعلم منك حسن التنسيق بهذه الصورة الرائعة ..
(أخت سيبويه ) ..
لك كل التحية
حيّاك الله أيها الكريم
تُسعدني رؤية حروفك الجميلة
وأنا من أتعلّم منك رسم الحرف وتلوينه
دائما تُخجلني متابعتك وتُشعرني بتقصيري نحو مواضيعك الجميلة
لكن ثق أنني سأجعل لك يوما خاصا أُعنونه باسمك للرد على كل مواضيعك
وأرجو أن تُذكّرني بذلك إن نسيت -كعادتي- D:
أما أخت سيبوية فقد خفتت أضواؤها في ظل هذه الكوكبة الجميلة هنا
وأظنني سأعتزل تنبيهات سيبويه :008:
...
أخي الفاضل عصام
تشرّفت بجميل مرورك
وتقبّل شكري وتقديري :001:
عبد الرحيم بيوم
09-10-2012, 09:52 AM
احببت التنبيه لامرين:
- الاول: وقت التكبير المنقول عن السلف ليس باطلاق في كل العشر
- الثاني: أن صيغ التكبير فيها سعة
قال أبو الحسن في فتاويه:
" في عيد الفطر يبدأ التكبير عند الغدو إل المصلى , وينتهي بقيام الإمام للصلاة، وهذا ما ثبت من فعل ابن عمر ، وهو أولى من غيره ، وقد قال ابن المنذر في "الأوسط" (4/249-251) : " فأما سائر الأخبار عن الأوائل فدالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة " اهـ .
وهو فعل صحابي ، ولم يصح غيره عن غيره...
وأما عيد الأضحى : فقد ثبت عن بعض الصحابة - وهو قول أكثر أهل العلم - أن التكبير من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ،... فينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق ، وأيام التشريق ثلاثة بعد النحر...
ولم ترد هيئة محدودة عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إنما ورد عن بعض الصحابة مثل قول ابن عباس : الله أكبر كبيرًا ، الله أكبر كبيرًا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد . أخرجه ابن أبي شيبة برقم (5645، 5654) وسنده صحيح .
وقول سلمان : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرًا . وفيه زيادة فيها ثناء على الله - عز وجل - . أخرجه البيهقي في "الكبرى" (3/316) وفي "فضائل الأوقات" ص (424) برقم (227) وسنده صحيح , وانظر كلام الحافظ في "الفتح" (2/462) .
وقول إبراهيم النخعي : كانوا يكبرون يوم عرفة ، وأحدهم مستقبل القبلة ، في دبر الصلاة : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد . أخرجه ابن أبي شيبة رقم (5649) وسنده صحيح ، وسواء كان ذلك من فعل الصحابة أو فعل التابعين ؛ فإنه يدل على أن الأمر في ذلك واسع ، لكن الوقوف على ما ثبت عن الصحابة أولى ، والله أعلم .
وقد وسع في ذلك جماعة من الأئمة , انظر كلام أحمد في "سؤالات أبي داود" (1/61) و"سؤالات عبدالله" ص (128) و"سؤالات ابن هاني" (1/93) وانظر "الأم" (1/401) و"الأوسط" لابن المنذر (4/303-305) و"المجموع" للنووي (5/39، 40) و"المغني" (2/256) و"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (24/220) وغيرها ، والله أعلم ."
http://www.sulaymani.net/index.php/2010-11-18-19-57-50/2010-11-18-20-24-37/235-2009-07-17-18-51-27
أحلام أحمد
09-10-2012, 11:04 PM
أخي الكريم عبد الرحيم
تُسعدني متابعتك الجميلة
وأشكرك على تعقيبك وردك على تساؤلي
.....
الكاتب محمد راشد يقول:
فالواجب على المسلم أن يبدأ بالتكبير حال دخول عشر ذي الحجة، وينتهي بنهاية أيام التشريق،لقوله (تعالى): ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ....)) [الحج: 28].
والأيام المعلومات: العشر، والمعدودات: أيام التشريق، قاله ابن عباس (رضي الله عنهما)
قال الإمام البخاري: (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكـبـر الناس بتكبيرهما)
وأنت تقول في استدلالك:
وأما عيد الأضحى : فقد ثبت عن بعض الصحابة - وهو قول أكثر أهل العلم - أن التكبير من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ،... فينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق ، وأيام التشريق ثلاثة بعد النحر...
هذا يعني أن هناك اتفاق في وقت انتهاء التكبيرات واختلاف في وقت بدايتها
لكننا في بلادنا العربية والاسلامية لا نسمع أصوات التكبير إلا في العيد وأيام التشريق
وأما في باقي أيام الحج فلا نسمع إلا أصوات التلبية
فعلى من يقع اللوم....؟؟؟!!!
أحلام أحمد
10-10-2012, 01:34 AM
إحـرام قـلـب
يسري صابر فنجر
http://im30.gulfup.com/ZPO21.png
إن للقلب إحراماً كإحرام الجسد ، وإحرام القلب يشترك فيه الحاج وغيره فيتزيّا كل مسلم بالإخلاص لكل عمل ، كذلك إحرام القلب له محظورات منها:
الرياء والسمعة والحسد والضغينة ...الخ.
وهذه نفحات العشر الأول من ذي الحجة قد أهلّت ومواسم طاعات قد أقبلت
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ "
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " .
والعمل الصالح يشترك فيه الحاج وغيره وشرط قبول العمل يشترك فيهما الحاج وغيره
"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك:2)
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه" قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"
؟.فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل ، وإذا كان صوابا ، ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.
والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة
وينبغي أن يسأل المسلم نفسه سؤالين قبل الفعل : لمَ أفعل ، وكيف أفعل ،
فالأول سؤال عن الإخلاص ، والثاني سؤال عن الاتباع ،
وقد كثر سؤال الحجيج عن مميزات الحملات من أكل وشرب وراحة وقليل من سأل عن: لمَ أحج ؟ وكيف أحج؟
ومَن طلب الإخلاص رجا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم الخلاص.
كذلك يشترك الحاج وغيره في معنى التلبية لبيك اللهم لبيك إجابة يارب لك بعد إجابة وطاعة لك بعدها طاعة، ويشتركا أيضاً في التكبير والتحميد والتهليل
قال تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ"(البقرة: من الآية203)
وقال سبحانه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ "(الحج: من الآية28)
قال ابن عباس رضي الله عنها:
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
ذكر ابن رجب اللطائف : أنه رأى بعض الصالحين الحجاج في وقت خروجهم فوقف يبكي ويقول : واضعفاه وينشد على أثر ذلك :
فقلت دعوني واتباعي ركابكم *** أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد
ثم تنفس وقال : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت ، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت !
يا حسرة مَن انقطع عن العمل الصالح في هذه العشر
يا حسرة مَن فتحت له الدنيا أسواقها وشهواتها فانغمس وضيّع مواسم العبادة فيها
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة فما منها عوض ولا لها قيمة
المبادرة المبادرة بالعمل،والعجل العجل قبل هجوم الأجل
قبل أن يندم المفرط على ما فعل
قبل أن يسأل الرجعة فيعمل صالحا فلا يُجاب إلى ما سأل
قبل أن يحول الموت بين المؤمّل وبلوغ الأمل
قبل أن يصير المرء مُرتهنا في حفرته بما قدم من عمل
ليس للميت في قبره *** فطر ولا أضحى و لا عشر
ناء عن الأهل على قربه *** كذاك من مسكنه القبر
اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يُتبـــــع
عبد الرحيم بيوم
10-10-2012, 09:46 AM
أخي الكريم عبد الرحيم
تُسعدني متابعتك الجميلة
وأشكرك على تعقيبك وردك على تساؤلي
هذا يعني أن هناك اتفاق في وقت انتهاء التكبيرات واختلاف في وقت بدايتها
لكننا في بلادنا العربية والاسلامية لا نسمع أصوات التكبير إلا في العيد وأيام التشريق
وأما في باقي أيام الحج فلا نسمع إلا أصوات التلبية
فعلى من يقع اللوم....؟؟؟!!!
اردت بتعليقي ان انبه الى ان الذكر الماثور بتلك الصيغ لا يبدأ في العشر كلها بل له بداية جرى عليها الصحابة واثر ابي هريرة وابن عمر مقطوع
وانما يستحب في العشر الذكر مطلقا كما يستحب باقي العبادات
أحلام أحمد
14-10-2012, 01:56 AM
اردت بتعليقي ان انبه الى ان الذكر الماثور بتلك الصيغ لا يبدأ في العشر كلها بل له بداية جرى عليها الصحابة واثر ابي هريرة وابن عمر مقطوع
وانما يستحب في العشر الذكر مطلقا كما يستحب باقي العبادات
أشكرك على جميل توضيحك
وجزاك الله خيرا يا أخي الكريم
أحلام أحمد
14-10-2012, 03:12 AM
أقبلت تعدو ... فاستعدوا ...
حسين سعيد الحسنية
http://im29.gulfup.com/L4wL1.png
وبسمتها بين الثنايا تلوح،مبتهجة بذلك السعي وجميلة بتلك الروح،خفقات صدرها تكاد تهز كل أطراف الجسد،ونقاء نفسها نار أطفأت حبات البرد
اقتربت تقول ..
أنا قادمة بكل جمال الأرض , وعنفوان الحب , وشوق اللقاء
اقتربت ...
محملة بصدق لا غش فيه،وبولاء لا خيانة بعده،وبحنين لا صخب فيه ولا اضطراب
اقتربت ...
وهي لا تريد إلا من يحبها , ولا تبتغي إلا من يعمل لأجلها , ولا تطرب إلا لمن يشتري ودها
اقتربت ...
وهمسات هواها تنادي عشاق السهر , ونجوم ليلها ترقب كل قادم من سفر , ودموع عينيها بين خوف مقلق وبين داع للحذر .
اقتربت ....
متزينة بنجوم أحبت ليلها , وبشعاع شمس أبدع في شكلها , وبطلوع فجر نور وصلها ودلالها .
اقتربت ...
كضيف غالى جمع بين طول الغربة ومكانة المنزلة , وكمسافر يبحث عن أمن الوطن بعد تجدد المشكلة , وكفقير وجد مأوى يضمه بعد ذل المسألة .
اقتربت ....
فافتحي يا صدورنا أسوار ضلوعك , وارسمي يا أعيننا أنواع بهجتك , واشرعي يا ألسن الإيمان بحمد ربك .
اقتربت ...
بتهليل وتكبير , وتسبيح وتمجيد , وتبتل وخضوع , ودعاء ودموع , وعطاء متزايد في الأجور , ومغفرة ورحمة من رب غفور .
اقتربت ...
منا أيام شهر فضيل , فيا عباد الله ... ما هي الأيام وقشيب اللفظ لا يسعف , وجميل الفعل تهادي ليخبر ...
أقبلت عشر ذي الحجة تعدو ... فاستعدوا ...
أقبلت عشر ذي الحجة ومن أجلها لكم هذه الوقفات :-
الوقفة الأولى :
ما أجل نعمة الله علينا , وما أرحمه بنا , سبحانه وتعالى يوم أن جعل لنا مواسم لطاعته , وأوقات نتعرض لنفحاته فيها , يرفع الله لنا بها الدرجات , ويضاعف الحسنات ويكفر عن السيئات " َإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا" إبراهيم 34 .
والعبد المؤمن يتنقل بين تلك المواسم والأوقات وكله رجاء أن يقبل منه ربه ما قدم يوم أن جد وأجتهد وعلم وعمل وأخلص وأصدق , وهو على يقين أنه متى ما قدم ذلك فله الجنة قال تعالى:"وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" سورة النساء (124) .
وقال تعالى"وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا" طه(112).
ويندرج تحت هذه النعمة الربانية تجديد العهد بربه ذلك أن الإنسان تصيبه الغفلة وتؤثر فيه الفتن , ويسلبه الشيطان كل خير , فتأتي هذه المواسم فيئوب ويتوب ويرجع ويعود , بنفس مقبلة , ودمعة هاطلة , وتوبة صادقة , فلك الحمد يا ربنا على ما أنعمت به علينا ولك الحمد أولاً وأخراً ولك الحمد من قبل ومن بعد .
الوقفة الثانية :
هذه العشر فرصة عظيمة في هذه الحياة , ومكسب وفير في هذه الدنيا , والمؤمن مطالب بأن يكون نهّازاً للفرص , حريصاً على اغتنامها وكسبها , جاداً في طلب ما تحمله من خير ونعمة , وهذه العشر قد تجلّى خيرها وفضلها في قول الحبيب عليه الصلاة والسلام : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني العشر, قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ , قال : " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " رواه البخاري . وتعود هذه الأفضلية الرفيعة لما فيها من عبادات متنوعة وقرابين للرب مختلفة قال أبن حجر في الفتح : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصدقة والصيام والحج ولا يتأتى ذلك في غيره " أ . هـ كلام أبن حجر .
ويتجلّى فضل هذه الأيام أيضاً كونها أفضل أيام الدنيا فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " .
فهي دعوة لك أخي المؤمن بأن تستعد في الاستقبال وأن يرى الله منك تجاهها خير الحال , وأعلم بأنها أيام تذهب من عمرك سريعاً , وتأخذ منك كثيراً فالله الله في البدار, وخذ الكتاب بقوة , فإنك وإن عشتها هذا العام , قد لا تكون ممن يعيشها في العام القادم .
الوقفة الثالثة:
اجعل من هذه العشر يا عبد الله منعطف خير في حياتك , ونظر إلى ما تقدمه لله الآن وكيف أنت عند نهايتها , ممن المهم جداً أن تكون أقرب إلى الله عند نهايتها منك عند بدايتها , ويلزم أن يظهر على وجهك وعلى عملك وعلى قلبك تأثرك بها , وإلا فما الفائدة إذاً أن تمر عليك هذه العشر الفضليات ولا تصنع منك رجل عابد منيباً خاشعاً لله تعالى . ولا بد أيضاً أن تتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً وذلك بتغيير نمط حياتك السلبي , أو مضاعفة ما كنت تفعله من عبادات صالحة , أو أن تكسر روتين حياتك المعتاد بما يصلح من القول العمل . قال تعالى "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ"الحجر(99) .
الوقفة الرابعة:
فما دمنا مقدمين على استقبال هذه العشر المباركات , فإنه الكثير منا يجهل كيفية هذا الاستقبال , وإيضاح لهذا الاشكال فأقول على المؤمن أن يخطط ويعمل على استقبال كل دقيقة في أفضل أيام الدنيا , وعليه أيضاً أن يعد البرامج ويرسم الجداول التي تعينه على ذلك الاستثمار الإيماني الرائع , فالعشر ميدان للأعمال الصالحات بدون استثناء , وهي أي الأعمال الصالحات بحاجة إلى تنسيق مسبق , وتخطيط دقيق تعين العبد المؤمن على أدائها جميعا والظفر بأجرها من قبل رب العالمين .
الوقفة الخامسة:
خصائص عشرة ذي الحجة:
لهذه الأيام العشر خصائص أذكر منها :-
1- إن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم قال تعالى : وَالْفَجْرِ{1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ{2} الفجر (1- 2 ) , ولا شك أن قسم الله تعالى بها يبين شرفها وفضلها , وجمهور المفسرين على أنها في الآيات عشر ذي الحجة وقال أبن كثير رحمه الله وهو الصحيح .
2- أن الله سبحانه وتعالى سماها في كتابه " الأيام المعلومات " وشرع فيها ذكرى على الخصوص قال تعالى \" َويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... " الحج(28) وقد ذكر بعض المفسرين أن الأيام المعلومات هي العشر الأولى من ذي الحجة .
3- أن الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله تعالى فيها من غيرها عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشرة فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد " رواه أحمد .
4- أن فيها يوم ( التروية ) وهو اليوم الثامن منها والذي تبدأ فيه أعمال الحج .
5- إن فيها يوم ( عرفة ) , وهو يوم عظيم ويعد من مفاخر الإسلام , وله فضائل عظيمة , لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها , ويوم العتق من النار , ويوم المباهاة , فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة ...الحديث رواه مسلم .
6- أن فيه ( ليلة جمع ) وهي ليلة مزدلفة التي يبيت فيها الحاج ليلة العاشر من ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .
7- أن فيها فريضة الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام .
8- أن فيها ( يوم النحر ) وهو اليوم العاشر من ذي الحجة الذي يعد أعظم أيام الدنيا كما روي عن عبد الله أبن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر , ثم القر" رواه أبو داود .
9- أن الله جعلها ميقاتاً للتقرب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج , وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين .
10- أنها أفضل من الأيام العشر الأخيرة من رمضان لما أورده شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله فقد سئل عن ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟؟
فأجاب " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان , والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " أ. هـ كلامه رحمه الله .
الوقفة السادسة:
هناك من الأعمال المستحب فعلها في هذه العشر , ويجب التنبيه عليها ومنها :-
1- ضرورة التوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه , والإقلاع عن الذنوب والمعاصي , والإقبال على فعل الصالحات .
2- أداء الصلوات الخمس في أوقاتها فهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً , وعلى المؤمن أن يحافظ عليها جماعة مع المسلمين , وأن يكثر من النوافل في هذه العشر فإنها من أفضل القربات .
3- الصيام سواء صيام تسع ذي الحجة جميعها أو بعضها وبالأخص يوم عرفة , روى مسلم عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صيام يوم عرفة , أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " وعن حفصة قالت : أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء , والعشر , وثلاث من كل شهر وركعتين قبل الغداة \" رواه أحمد والنسائي .
4- العمرة والحج هما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة .
5- التكبير والتحميد والتهليل والذكر قال تعالى : " َويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ... " الحج(28) ويجهر به الرجال ،وتسرّ به النساء .
والتكبير نوعان:
أ*- المطلق وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار , ويبدأ من أول شهر ذي الحجة ويستمر إلى آخر أيام التشريق .
ب*- المقيد وهو الذي يكون عقب الصلوات والمختار أنه عقب كل صلاة أياً كانت ويبدأ من صبح عرفة إلى صلاة عصر أخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وقد أستحب العلماء كثرة الذكر في العشر لحديث أبن عمر رضي الله عنهما عن أحمد رحمه الله وفيه " فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد " ، وذكر البخاري رحمه الله عن أبن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبرون فيكبروا الناس بتكبيرهم
الوقفة السابعة:
وهي رسالة أوجهها لمن أراد فريضة الحج وهو عازم أيضاً هذا العام على تأخيرها مع استطاعته وقدرته البدنية والمالية وأقول له : إلى متى التسويف والتأجيل ؟
إلى متى وأنت بين اغترارك بالدنيا وبين طول الأمل ؟
ألا ترى ملك الموت يقتلع أرواح من بجانبك من اهلك وصحبك ؟
أتضمن العيش إلى عامك القادم وأنت صحيح معافى وذو جدة ؟
احذر يا أخي أن تؤخر الحج , والله والله في العزم من الآن على أن تكون من حجاج بيت الله الحرام من هذا العام .
أسأل الله العلي القدير أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , وأن يهدينا جميعاً سبل الرشاد وأخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
يُتبـــــــــع
حسنية تدركيت
14-10-2012, 01:26 PM
فضل عشر ذي الحجة والعمل الصالح فيها
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
الخطبة الأولى
الحمدُ لله الذي فضَّل بعض الأيام على بعض، وخصَّها بأجناس من الطاعة من النفل والفرض.
أحمده سبحانه على بالغ نعمته، فأسأله تبارك اسمه أن يمن علينا بعفوه وعافيته، ومغفرته ورحمته.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا معبود بحق سواه، الذي خلق الجن والإنس لعبادته، وأمر أن لا تعبدوا إلا إياه.
وأشهدُ أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، وأمينه على وحيه، وسفيره إلى عباده، في تبليغ وبيان هداه ودينه.
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الأمة من بعده في استباق الخيرات، والسبق إلى المغفرة والرضوان والجنات.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله كما وصيتم، وأطيعوه سبحانه كما أمرتم، وتوبوا إليه واستغفروه من سائر ما اقترفتم، واغتنموا مواسم الطاعات في استباق الخيرات، واجتناب المنهيات، تسبقوا إلى المغفرة والجنات، ورضوان رب الأرض والسماوات، كما هديتم وبشرتم في محكم الآيات، فإن الفرص لا تدوم، وإن الصوارف عن الخير يبتلى بها كل جهول ظلام، وإن الآجال مخبأة ولا تأتي إلا بغتة، والبقاء للحي القيوم، ألا وإن الله تبارك وتعالى قد امتن عليكم بمواسم خير، وفرص بِر، يغتنمها أولوا الألباب، فيما يطمعون أن يدخلهم الله به الجنة بغير حساب، والله يرزق من يشاء بغير حساب، وما يذكر إلا أولوا الألباب.
أيها الناس:
لعلَّ من حكمة تفضيل الله تعالى بعض الأيام على بعض، بمزيد عمل وفضل، أن تتجدد الرغبة في العمل الصالح، وأن يتبين فضل العمل والزمن لمريد المتجر الرابح، وأن يتميز مستبقوا الخيرات، من أهل الغفلة والركون إلى الشهوات، ليتبين فضل الله تعالى على من يشاء، وعدله جل وعلا فيمن يشاء، فإن الله تعالى يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ويؤت الحكمة من يشاء وهو الخلاق العليم.
عبادَ الله:
إن أيام عشر ذي الحجة من أيام الله العظيمة، ومواسم الطاعات المباركة، والفرص الكريمة التي يغتنمها أهل الحزم، وأولوا العزم في الإتجار مع الرب الغفور، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].
عبادَ الله:
إن عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي شرع الله فيها ذكره في محكم الآيات: ﴿ لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر))، وفي سنن الدارمي بإسناد حسن عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى))، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر)) رواه البزار وأبو يعلى وصححه الألباني.
أيها المسلمون:
لو تواطأ محكم التنزيل العظيم، وما صح عن الرسول الكريم، وما ثبت عن الصحابة والتابعين على إثبات فضل عشر ذي الحجة، وما ادخل الله تبارك وتعالى فيها من الخير لهذه الأمة، وأن العمل الصالح فيها أحب وأفضل وأزكى وأعظم أجراً عند الله عز وجل منه في سائر أيام العام، وأن العمل الصالح فيها وإن كان مفضولاً فهو أعظم أجراً وأكرم أثراً من العمل الفاضل في غيرها، وإنما فضلت هذه الأيام على غيرها بتفضيل الله لها، وهو تعالى أحكم في تفضيله، وأعلم حيث يجعل فصله، فإنه تعالى يجتبي ما يشاء، ويؤت الحكمة من يشاء، ويختص بفضله ورحمته من يشاء، ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، ولا يسأل عما يفصل، وكان الله واسعاً حكيماً.
أيها المسلمون:
ومما يدل على فضلها، وعظم شأنها، وكريم ما ادخر الله تبارك وتعالى لعباده من الكرامة فيها، أن الله تبارك وتعالى أقسم بلياليها، وجمع أمهات الطاعات فيها، من التوحيد والصلاة والصدقة والصوم والحج، وجعلها سبحانه من أيام أشهر الحج، ومن أيام الأشهر الحرم، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، وهما يمان عظيمان من أيام الإسلام، ويوم الأضحى أو النحر هو يوم النسك العام الذي يشترك فيه الحجاج والعمار وأهل الأمصار، بالتقرب إليه سبحانه بالهدي والأضاحي، مغيظين للمنافقين والكفار، فهي أيام عظام يوحد فيها ذو العظمة والجلال، بالأقوال والأفعال والأموال والأحوال، فهنيئاً لمن وفقه الله للتقرب إليها فيها بصالح وأزكى الأعمال.
معشر المسلمين:
إن أعظم وأوجب وأحب ما تقرب به المسلم في هذه العشر أداء فرائض الطاعات، فإنه قد ثبت في الحديث القدسي الصحيح أن الله تبارك وتعالى يقول: ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه))، فالتقرب إلى الله تعالى بفرائض الطاعات، كالصلاة، والزكاة، وقضاء الصوم الواجب من رمضان، أو نذر، وكذلك أداء فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلاً، ومثل ذلك بر الوالدين، والتوبة من كبائر الذنوب المعلومة، مثل: الكذب، والزنا، والربا، وشرب الخمر، ومظالم الخلق، فالتوبة النصوح من هذه الذنوب وأمثالها أوجب وأحق، قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].
معشر المسلمين:
ومن جليل العمل الصالح في أيام العشر، ذكر الله تعالى، لقوله سبحانه: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وفي المسند وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام عشر ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل)) وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43]، وقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، فأكثروا ذكر الله تعالى، واجهروا به في مساجدكم، وأسواقكم، ومنتدياتكم، وملتقياتكم، فإن الذكر والجهر به في هذه الأيام، شعيرة وخصلة مبرورة، وسنة مأثورة، باتت في كثير من المجتمعات الأمصار مهجورة، فتعاونوا على تجديدها.
أيها المسلمون:
ومن جليل العمل الصالح، وأسباب الفوز بالمتجر الرابح، صيام ما تيسر من هذه العشر، فإن الصوم زينة العمل، وقد اختصه الله تعالى لنفسه، وأدخر ثوابه عنده، ففي الحديث القدسي الصحيح قال تعالى: ((كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((عليك بالصوم فإنه لا مثل له)) وفي رواية: ((لا عدل له))، وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عرفة، فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والآتية))، وفي سنن أبي داود وغيره عن إحدى أمهات المؤمنين: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يصوم هذه العشر)) صححه الألباني، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صام يوماً في سبيل الله - أي مبتغياً به وجهه أو مرابطاً في سبيله - باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) متفق عليه.
أيها المؤمنون:
وكما تصدق الله تبارك وتعالى عليكم بموسم الخير، وشرع لكم أنواعاً من خصال البر، وعظم لكم المثوبة والأجر، فتصدقوا في هذه العشر، فإن الصدقة تمحو الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء، ويضاعف لكم ما أنفقتم، ويخلف الله لكم، ويبارك فيما أبقيتم، ألا وإن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، وإن الله تبارك وتعالى يربي الصدقة بعدل ثمرة من الكسب الطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، حتى تكون مثل الجبل العظيم، فصدقوا بالصدقة في هذه الأيام إيمانكم بربكم، واحتسابكم ثواب صدقتكم، وصدقوا بصدقتكم ودكم لمحاويجكم وفقرائكم، وخوفكم من ربكم، يوماً عبوساً قمطريراً، يقيكم الله شر ذلكم اليوم، ويلقيكم نضرة وسروراً، ويجزكم بما صبرتم جنة وحريراً.
معشر المؤمنين:
ألا وإن صلة الرحم، والإهداء إلى القريب والجار، والإحسان إلى مستحقه، وغير ذلكم من وجوه الإحسان والإنفاق الذي يبتغى فيه وجه الله تعالى وتتحرى فيه سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - من نفيس الطاعات، وجليل القربات، والفاضل من الأعمال الصالحات، فإن صلة الرحم صلة من الله تعالى بالخير للواصل، ومحبة في الأهل، ومثراة في المال، ومنشأة في الأثر، ألا وإن كل معروف صدقة، وكل نفقة يبتغى بها وجه الله فهي صدقة، ورفعة ودرجة، وأنهما تقي مصارع السوء، وتنال بها المغفرة والجنة، فإن امرأة سقت كلباً فغفر لها، ورجل نحى شوكاً عن طريق المسلمين فأدخل به الجنة، ورجل أحسن إلى جاره فأحسن الله إليه، ورجل كان يداين الناس ويتجاوز عن المعسر، فتجاوز الله عنه.
معشر المؤمنين:
ومن لم يحج وهو مستطيع فليبادر هذا العام لأداء حجة الإسلام، لقول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله كتب عليكم الحج فحجوا))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام))، ولما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((بادروا إلى الحج، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له))، وقوله: ((حجوا قبل أن لا تحجوا))، وقول عمر رضي الله عنه: ((لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى أهل هذه الأمصار، فمن وجدوا عنده جدة أي استطاعه ولم يحج فليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين)).
أمة الإسلام:
ومن من الله تبارك وتعالى عليه بأداء فريضة الحج والعمرة، فليستزد في هذه العشر من نافلتهما، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كهيئته يوم ولدته أمه))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة))، ألا وإن الحج والعمرة من أعظم أسباب العتق من النار، والفوز بالجنة دار الأخيار، فابتغوا مثوبة الله وفضله في الحج، واعلموا أن أحب الحج إلى الله العج والثج، أي ما تحقق فيه رفع الصوت بالتلبية ونحر الهدي قراناً أو تمتعاً، تقبل الله منكم.
أمة الإيمان:
ومن نفيس العمل الصالح في هذه العشر الأضحية، قال تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر:2]، وقال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج:34]، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: ((ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين))، وفي المسند وغيره بإسناد حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة عشر سنين يضحي))، وقال: ((ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون))، والذبح يوم النحر من ملة إبراهيم عليه السلام، وسنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الأنعام:90]، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم)).
الخطبة الثانية
الحمد لله الحميد المجيد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه من كل ذنب واستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله ربكم، وتأسوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولكم، واتبعوا سبيل صالح سلفكم تلحقوا بهم في العلم والزكاء والاهتداء، وما وعدوا به من المغفرة والرضا، وجنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك جزاء من تزكى.
عباد الله:
بحسب حظ العامل من الإخلاص لله تعالى في القصد والنية، وإتباعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأداء والكيفية يكمل الأجر، ويحط الوزر، ويرتفع الذكر، ويبارك في الأثر. قال تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة:112]، فإسلام الوجه لله هو ابتغاء وجهه ومرضاته، والإحسان هو إتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أداء العمل وكيفياته، ومما يدخل في ذلكم من السنن في عشر ذي الحجة أمور:
الأول: أن يجهر المسلمون بالذكر والتكبير المطلق من أول يوم من ذي الحجة إلى نهاية اليوم الثالث عشر منه، قائلين: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، في كل مكان وحال يشرع فيه الذكر، من المساجد والبيوت والطرق والأسواق ومواقع العمل، رفعاً للذكر، وتجديداً للسنة، وتذكيراً للغافل، وتعليماً للجاهل، وتنشيطاً للمتكاسل.
الثاني: من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئاً حتى يذبح أضحيته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)) رواه مسلم، وفي لفظ: ((فلا يمسن من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي)).
الثالث: أن يتذكر المضحي قول الله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، فيختار من الأضحية أكملها خلقة، وأجملها صورة، وأسلمها من العيوب القادحة، وأغلاها ثمناً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر باستعظام الأضاحي واستحسانها، واستشراف القرن والأذن -أي للتأكد من سلامتها- ومراعاة السن أن يكون جذعاً من الشأن، أو ثنياً من المعز، وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبش أبيض أقرن، ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويطأ في سواد، ويبرك في سواد، أي فيه سواد في هذه المواضع.
ربيحة الرفاعي
14-10-2012, 06:58 PM
متابعون لهذا الهطول المبارك، والحوار الإيجابي الدائر على هامشه
ونفحة الإيمان الطيبة التي يبعث في أيام مباركة نسأل الله للأمة فيها الخير ولنا العفو والمغفرة
أهلا بكم في واحة الخير
تحاياي
عبد الرحيم بيوم
14-10-2012, 10:07 PM
أيام العشر... ونفحات الخير
كتبه/ زين العابدين كامل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن سعادة المؤمن أن يعرف شرف زمانه ووظائف المواسم الفاضلة، وللمؤمن في كل وقت عبودية علمًا وعملاً.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته. فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة؛ فموت هذا خير من حياته".
وقال ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل".
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالاً) (رواه أحمد والبزار، وصححه الألباني).
واعلم أن كل نَفس من أنفاس العمر جوهرة ثمينة، تستطيع أن تشتري بها كنزًا لا يفنى أبد الآباد، فكل يوم تعيشه هو غنيمة، بل كل لحظة من لحظات عمرك هي غنيمة؛ لأنك لو تاجرت بها مع الله -عز وجل- لربحت أعظم الأرباح.
ولقد عني القرآن والسنة بالوقت من نواحٍ شتى وبصور عديدة، فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة بأجزاء منه، مثل: الليل، والنهار، والفجر، والضحى، والعصر، كما في قوله -تعالى-: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى . وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) (الليل:1-2)، (وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:1-2)، (وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) (الضحى:1-2)، (وَالْعَصْرِ . إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر:1-2). ومعروف أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه دلَّ ذلك على أهميته وعظمته؛ وليلفت الأنظار إليه وينبه على جليل منفعته.
وجاءت السنة الصحيحة لتؤكد على أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرر أن الإنسان مسؤول عنه يوم القيامة، فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). ومن هذه الأوقات الفاضلة:
العشر الأول من ذي الحجة:
أولاً: أقسم الله بها القرآن العظيم، قال الله -تعالى-: (وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ . وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (الفجر:1-3).
ثانيًا: قال -تعالى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج:28). وجمهور العلماءِ على أن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة على أحد القولين في التفسير، منهم: ابن عمر، وابن عباس، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، والنَخعي، وهو قول أبي حنيفةَ، والشافعي، وأحمد في المشهورِ عنه. والقول الثاني: يوم النحر وثلاثة أيام بعده. وقال البخاري: "وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيْامِ الْعَشْرِ، فَيُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا".
ثالثًا: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشَرَةِ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) (رواه البخاري).
وفي رواية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ) (رواه أحمد، وحسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الشيخ أحمد شاكر).
وعن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الأَضْحَى). قِيلَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: (وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ). قال: "وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ" (رواه الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني).
رابعًا: عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ" (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
وقال النووي -رحمه الله-: "يستحب صيام هذه الأيام استحبابًا شديدًا، وأما ما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَصُمْ الْعَشْرَ قَطُّ"، فيجاب عليه بأن المثبِت يقدم على النافي، ويحمل حديث عائشة أيضًا على أن المقصود أنه لم يصم العشر كاملة أو عدم مواظبته على ذلك، ولا شك أن الصيام من جملة الأعمال الصالحة التي لا تحتاج إلى دليل خاص، فالقول بعدم المشروعية أو البدعية هو قول بعيد -والله أعلم-".
خامسًا: ومن الأيام الفاضلة في العشر: "يوم عرفة" وما أدراك ما يوم عرفة؟! روى مسلم وغيره أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ).
ولما كان عيد النحر أكبر العيدين وأفضلهما ويجتمع فيه شرف المكان والزمان لأهل الموسم كانت لهم فيه معه أعياد قبله وبعده، فقبله يوم عرفة وبعده أيام التشريق، وكل هذه الأعياد أعياد لأهل الموسم خاصة ولغيرهم أيضًا كما في حديث عقبة بن عامر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، ولهذا لا يشرع لأهل الموسم صوم يوم عرفة؛ لأنه أول أعيادهم وأكبر مجامعهم، وقد أفطره النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرفة والناس ينظرون إليه.
ويوم عرفة هو يوم كمال الدين وإتمام النعمة: عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلا، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) (المائدة:3)، قَالَ عُمَرُ: "قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ" (متفق عليه).
ويوم عرفة هو يوم العتق من النيران: عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ؟) (رواه مسلم).
يوم عرفة هو اليوم المشهود الذي أقسم الله به: قال الله -تعالى-: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ . وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ . وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) (البروج:1-3).
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اليَوْمُ المَوْعُودُ يَوْمُ القِيَامَةِ، وَاليَوْمُ المَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).
وتأمل أحوال الصالحين في يوم عرفة ما بين خوفهم من الله، ورجائهم في الله: رؤي الفضيل -رحمه الله- يوم عرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة حتى إذا كادت الشمس تغرب قبض على لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: "واسوأتاه منك وإن غفرت"، ثم انقلب مع الناس.
وعن عبد الله بن المبارك -رحمه الله- قال: "جِئْتُ إلَى سُفْيَانَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَهُوَ جَاثٍ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلانِ فَبَكَيْتُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقُلْتُ: مَنْ أَسْوَأُ هَذَا الْجَمْعِ حَالاً؟ قَالَ: الَّذِي يَظُنُّ أَنَّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لا يُغْفَرَ لَهُمْ".
وعن الفضيل -رحمه الله-: أَنَّهُ نَظَرَ إلَى بُكَاءِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ هَؤُلاءِ صَارُوا إلَى رَجُلٍ فَسَأَلُوهُ دَانِقًا أَكَانَ يَرُدُّهُمْ؟ قَالُوا: لا قَالَ وَاَللَّهِ لَلْمَغْفِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ أَهْوَنُ مِنْ إجَابَةِ رَجُلٍ بِدَانِقٍ".
أيها المسلمون...
من فاته التجرد من الملابس بالإحرام؛ فليزهد في الدنيا وليترك الحرام.
ومن فاته أن يلبي بلسانه؛ فليلزم وليلب بجنانه.
ومن فاته أن يطوف ببيت الرحمن؛ فليطف بقلبه في رياض القرآن.
ومن فاته السعي والمبيت بمنى؛ فليسع في الخير وليبت طائعًا ها هنا.
ومن فاته الوقوف بعرفة؛ فليقم لله بحقه الذي عرفه.
ومن فاته الذبح بمنى؛ فليذبح هواه ها هنا وقد نال المنى.
ومن فاته رمي الجمار؛ فليعص شيطانه وليُزل عن كاهله الأوزار.
ومن فاته الذكر والدعاء بالمشعر الحرام؛ فعليه بهما بالسحر والناس نيام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أحلام أحمد
15-10-2012, 02:00 AM
معشر المسلمين:
ومن جليل العمل الصالح في أيام العشر، ذكر الله تعالى، لقوله سبحانه: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وفي المسند وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام عشر ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل)) وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43]، وقال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، فأكثروا ذكر الله تعالى، واجهروا به في مساجدكم، وأسواقكم، ومنتدياتكم، وملتقياتكم، فإن الذكر والجهر به في هذه الأيام، شعيرة وخصلة مبرورة، وسنة مأثورة، باتت في كثير من المجتمعات الأمصار مهجورة، فتعاونوا على تجديدها.
حيّاكِ الله أيتها الكريمة
انتقاء جميل لخطبة عظيمة المعاني
أسأل الله أن يكتب للخطيب أجر كتابتها ولك أجر نقلها
...
ما أحوجنا حقا إلى إحياء سنن الرسول المهجورة بالتذكير والعمل بها
فهذا أقل واجب نقوم به نحو رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام
.....
أُخيتي الكريمة حسنية
جُزيتِ خيرا ومرحبا بحروفك الجميلة هنا
وتقبّلي شكري وتقديري :001:
أحلام أحمد
15-10-2012, 02:14 AM
متابعون لهذا الهطول المبارك، والحوار الإيجابي الدائر على هامشه
ونفحة الإيمان الطيبة التي يبعث في أيام مباركة نسأل الله للأمة فيها الخير ولنا العفو والمغفرة
أهلا بكم في واحة الخير
تحاياي
حيّاكِ الله أيتها الكريمة
متابعتك الجميلة شرف لنا يا غالية
وحروفك المميّزة لا غنى لمتصفحنا عنها
أؤمّن على دعواتك الكريمة وأسأل الله ألا يحرمنا أجرها
....
أُخيتي الحبيبة ربيحة
أسعدني مرورك العطر
وتقبّلي شكري وتقديري :001:
أحلام أحمد
15-10-2012, 02:27 AM
أيها المسلمون...
من فاته التجرد من الملابس بالإحرام؛ فليزهد في الدنيا وليترك الحرام.
ومن فاته أن يلبي بلسانه؛ فليلزم وليلب بجنانه.
ومن فاته أن يطوف ببيت الرحمن؛ فليطف بقلبه في رياض القرآن.
ومن فاته السعي والمبيت بمنى؛ فليسع في الخير وليبت طائعًا ها هنا.
ومن فاته الوقوف بعرفة؛ فليقم لله بحقه الذي عرفه.
ومن فاته الذبح بمنى؛ فليذبح هواه ها هنا وقد نال المنى.
ومن فاته رمي الجمار؛ فليعص شيطانه وليُزل عن كاهله الأوزار.
ومن فاته الذكر والدعاء بالمشعر الحرام؛ فعليه بهما بالسحر والناس نيام.
أخي الكريم عبدالرحيم
انتقاء مميّز جعله الله في ميزان حسناتك وحسنات كاتبه
وخاتمة الموضوع حزينة جدا ومؤثرة إلى أقصى حد :008:
وهي خاتمة أراد أن يقول فيها إن الكل سيجد الفرصة المناسبة لغفران الذنوب سواء أحرم بالحج أم لم يُحرم
ولا عذر للمرء بعد ذلك إن ضاعت منه فرص عمل الصالحات
أسأل الله ألا يحرمنا في هذه الأيام من الخير والأجر والثواب
.....
جزاك الله خيرا على جميل الإضافة
وتقبّل شكري وتقديري :001:
أحلام أحمد
15-10-2012, 03:02 AM
خواطر من عرفات
أحمد بن محمد حسبو
http://im16.gulfup.com/lJx31.jpg
عرفات يا رمز الأمة، والرسالة!
عرفات كم وقفت بساحك جموع، وسالت على ثراك دموع، وتعارف على راحتيك الناس، وذابت في محيطك الأجناس، وبورك منكسر ورُدَّ شديد المراس. كم تعانقت فوقك قلوب، وفرجت على ثراك كروب، ومحيت أوزار وذنوب. كم امتزجت فيك دموع المذنبين، وتعانقت أصوات المستغفرين، وتوحدت رغبات الراغبين.. كم تجردت فيك النيات، وسالت على جنباتك العبرات، وخشع أهل الأرض لخالق الأرض والسموات.
أيها المسلمون: كم تغلي قلوب أعدائكم حقداً!! وكم عضَّوا أناملهم غيظاً وحسداً!!
(مَا يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ولا المُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ)
[البقرة 105].
هم يريدون أن يقطعوا دابر الدين كي تخور القوى، ويُتَبع الهوى، وتَعُمُّ البلوى. كي لا يعز دين، ولا يقوى يقين، ولا يتم تمكين.
كيف يُضْحِي بأسنا بيننا شديداً. وأملنا في العودة إلى المنبع الرائق بعيداً.
أيها الأحباب:
إن الذي أمركم بالتلبية فلبيتم، وبالحج فحججتم، وبالوقوف هنا فوقفتم هو الذي قال:
(وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم) [الأنفال 60].
وتسلحوا لهم بالتقوى فمن أراد غنى بغير مال، وعزاً بغير جاه، ومهابة بغير سلطان فليتق الله.
فإن الله -عز وجل- يأبى أن يذل إلا من عصاه.
وتذكروا جيداً وصية نبيكم منذ ألف وأربعمائة عام يوم النحر في منى وهو يقول ويقرر، ويوصي ويحذر:
(فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم. ألا هل بلغت؟)
قالوا: نعم، قال:
(اللهم اشهد. فليُبلّغ الشاهد الغائب فربّ مُبلّغ أوعى من سامع. فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) رواه البخاري.
فاذكروا ذلك جيداً ،واعلموا أن الأمة التي تعمل بالمعاصي وتحيد عن أمر الله تسقط وتنهار، ولستم والله أفضل من سعد بن أبي وقاص -بطل القادسية المبشر بالجنة، السابق إلى الإسلام- ومع كل ذلك هذه وصية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- له وهو متأهب للمسير إلى القادسية حيث قال له:
(يا سعد...لا يغرنك من الله أن قيل خال رسول الله وصاحب رسول الله. فإن الله -عز وجل- لا يمحو السيء بالسيء، ولكنه يمحو السيئة بالحسنة، يا سعد! إن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته. فالناس جميعاً شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء. الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالتقوى، ويدركون ما عنده بالطاعة)
فكونوا -رحمكم الله- على المؤمنين قلوباً صافية، وعلى أعداء دينكم أسوداً ضارية.
أنسيتم أيها الأحباب غضبة رسولكم حيث أقسم ألا يبيت اليهود بالمدينة وقد أنجز ذلك، أنسيتم غضبة الهادئ الوديع الساكن أبي بكر حين زمجر وقال:
(والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه).
أنسيتم غضبة نور الدين حينما وقع الأقصى أسيراً في أيدي الصليبية فظل حزيناً عابساً ولما سأله سائل: (لم لا تضحك؟) قال:
(أستحي من الله أن أبتسم والأقصى أسير في أيدي الأعداء!!)
والآن أيها الأحباب متى تُحَركُنا مصاحف تُحرق، ومساجد تُهْدَم، وأعراض تُنْتَهَك، وأطفال أطهار يداسون بالأقدام، ودموع في عين القدس وكشمير والبوسنة والهرسك وارتيريا والصومال وغيرها.*
رُبَّ وامعتصماهُ انطلقت *** مِلءَ أفواهِ الصبايا اليُتَّمِ
لامستْ أسماعَهُمْ لكنَّها *** لم تلامِسْ نخْوةَ المعتصم
نريدها أمة جادة في القول والعمل، إن قالت فبعلم، وإن سالمت فبعلم، وإن حاربت فبعلم، وإن قررت فبعلم، ليست عابثة، ولا لاهية، ولا غافلة. يقول يحيي بن معاذ -رحمه الله-:
(القلوب كالقدور تغلي في الصدور، ومغارفها ألسنتها. انتظر الرجل حتى يتكلم فإن لسانه يغترف لك مما في قلبه، من بين حلو وحامض وعذب ومالح. يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه).
روى البخاري عن عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- قال:
(وفدت في وفد على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فجعل يدعو رجلاً رجلاً ويُسميهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال بلى!! أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، فقال عدي: فلا أبالي إذاً).
فهذا رصيده وهذا مناط فخره، ورأس ماله، وقوام شخصيته.
إن الهمم العالية لا ترضى بالدنيء ولا تقنع إلا بمعالي الأمور:
قلت للصقر وهو في الجو عالٍ *** اهبط الأرضَ فالهواء جديبُ
قال لي الصقر: في جناحي وعزمي *** وعنانِ السماءِ مرعىً خصيبُ
وهذا المرعى لا شك يجهله الأرضيون، حيث ثقلة الأرض ومطامع الأرض. وتصورات الأرض، ثقلة الخوف على الحياة، والخوف على المال، والخوف على اللذائذ، والمصالح والمتاع، ثقلة الدعة والراحة والاستقرار:
أتُسبى المسلمات بكل ثغرٍ *** وعيش المسلمين إذن يطيبُ؟
أما لله والإسلام حقُّ *** يدافع عنه شبانٌ وشيبُ؟
فقل لذوي البصائر حيث كانوا *** أجيبوا اللهَ وَيْحَكُمُ أَجِيبوا
..........
*هذه الخواطر كُتبت قبل ثورة سوريا المجيدة
والآن هذا هو الحج الثاني الذي يمر على سوريا الجريحة فلا تنسوها من الدعاء
:008::008::008::008::008:
يتبـــــــــــع
آمال المصري
15-10-2012, 10:21 PM
ملف رائع لتلك الأيام المباركة
أعادها الله على الجميع بالخير
للتثبيت حتى عودة الحجيج من عرفة
بوركت أخت أحلام ودام العطاء
تحاياي
أحلام أحمد
16-10-2012, 02:21 PM
ملف رائع لتلك الأيام المباركة
أعادها الله على الجميع بالخير
للتثبيت حتى عودة الحجيج من عرفة
بوركت أخت أحلام ودام العطاء
تحاياي
حيّاكِ الله أيتها الكريمة
لا يكتمل جمال أي متصفح بدون حروفك الجميلة مثلك
بارك الله لك في أيام عمرك
ورزقنا وإيّاك العمل الصالح في هذه الأيام الفضيلة
أؤمّن على دعواتك الطيبة
وشكرا لك على تثبيت الموضوع يا غالية
ثبّتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
....
أُخيتي الحبيبة آمال
أسعدني مرورك المميّز
وتقبّلي شكري وتقديري :001:
عبد الرحيم بيوم
17-10-2012, 12:02 PM
متابعون لما يوضع هنا ويجمل به ويزين هذا الموضوع
فتابعي اختي الفاضلة
أحلام أحمد
17-10-2012, 08:37 PM
متابعون لما يوضع هنا ويجمل به ويزين هذا الموضوع
فتابعي اختي الفاضلة
جزاك الله خيرا على جميل متابعتك
لك من الشكر أوفاه ومن التقدير أعلاه :001:
أحلام أحمد
17-10-2012, 09:27 PM
أهلي في الواحة الغرّاء
أُهنّيء نفسي وإيّاكم بحلول هذه العشر الفضيلة
وأرجو الله عزّ وجلّ ألا يحرمنا أجر العمل الصالح فيها
و
http://im13.gulfup.com/hrg71.png
أحلام أحمد
17-10-2012, 09:51 PM
ابدأ صفحة جديدة مع الله في خير أيام الله
الشيخ محمد بن حسين بن يعقوب
http://im19.gulfup.com/3tq010.gif
{وَالْفَجْرِ (1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5)}
* انتبه أخي في الله *
إنها أعظم فرصة في حياتك ..
إنها صفحة جديدة مع الله ..
إنها أفضل أيام الله ..
تخيّل أنها أفضل من العشر الأواخر من رمضان !!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام»، يعني أيام العشر ، قالوا : يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال « ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء » .
انظر كيف يتعجب الصحابة حتى قالوا: ولا الجهاد ؟!!
إنها فرصة هائلة ..
فرصة لبدء صفحة جديدة مع الله ..
فرصة لكسب حسنات لا حصر لها تعوض ما فات من الذنوب..
فرصة لكسب حسنات تعادل من أنفق كل ماله وحياته وروحه في الجهاد ..
فرصة لتجديد الشحن الإيماني في قلبك..
ماذا أعددت لهذه العشر وماذا ستصنع ؟؟
إذا كان الأمر بالخطورة التي ذكرتها لك :-
فلابد من تصور واضح لمشروعات محددة تقوم بها لتكون في نهاية العشر من الفائزين ..
دعك من الارتجال والاتكال وحدد هدفك ..
إليك هذه المشاريع ، لا أعرضها عليك عرضًا .. وإنما أفرضها عليك فرضًا...
افعلها كلها ولو هذه المرة الواحدة في حياتك :
• مشروع ختم القرآن
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً}
[الإسراء :82] ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف » ..
لابد من ختمة كاملة في هذه العشر على الأقل .. بدون فصال ..
وأنت تتلو القرآن .. أنزل آيات القرآن على قلبك دواء ..
ابحث عن دواء لقلبك في القرآن .. فتأمل كل آية .. وتأمل كل كلمة .. وتأمل كل حرف ..
ولكي تختم القرآن في هذه العشرة أيام عليك أن تقرأ ثلاثة أجزاء يوميًا ..
ولكي تتحفز أبشرك :
أن ثلاثة أجزاء على حساب الحرف بعشرة حسنات تعادل نصف مليون حسنة يوميًا ..
هيا انطلق .. نصف مليون حسنة مكسب يومي صافي من القرآن فقط ..
ثم مفاجأة أخرى أنه في هذه الأيام المباركة تضاعف الحسنات ..
قرآن .. وملايين .. هيا .. هيا ..
• مشروع وليمة لكل صلاة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نُزُلا في الجنة كلما غدا أو راح »
والنُزُل هو الوليمة التي تعد للضيف ..
تعال معي .. أعطيك مشروع الوليمة :
أن تخرج من بيتك قبل الأذان بخمس دقائق فقط بعد أن تتوضأ في بيتك ..
ثم تخرج إلى المسجد وتردد الأذان في المسجد ، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، والدعاء له صلى الله عليه وسلم بالوسيلة والفضيلة ، ثم صلاة السنة القبلية بسكينة وحضور قلب ثم جلست تدعو الله لأن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة .
وما أحلاك لو اصطفاك ربك واجتباك ودمعت عيناك...
ثم صليت في الصف الأول علي يمين الإمام وقرت عينك بتلك الصلاة فجلست قرير العين تستغفر الله وتشكره وتذكره ، ثم صليت السنة البعدية بعد أن قلت أذكار الصلاة ، إذا فعلت ذلك :
فإليك الثمرات :
ثواب تساقط ذنوبك أثناء الوضوء .
كل خطوة للمسجد ترفع درجة وتحط خطيئة .
ثواب ترديد الأذان مغفرة للذنوب .
ثواب الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم نوال شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثواب صلاة السنة القبلية .
ثواب انتظار الصلاة فكأنك في صلاة .
ثواب الدعاء بين الأذان والإقامة .
ثواب تكبيرة الإحرام ، صلاة الجماعة ، الصف الأول ، ميمنة الصف .
ثواب أذكار الصلاة ، والسنة البعدية ، وثواب المكث في المسجد ، و..... و...... .
بالله عليكم .. أليست وليمة ؟!!.. بالله عليكم من يضيعها وهو يستطيعها .. ماذا تسمونه ؟!
• مشروع الذكر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير » ..
فأعظم كلمات الذكر عموما في هذه الأيام : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وهن الباقيات الصالحات ، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لكل كلمة منها شجرة في الجنة ، وأن ثواب كل كلمة منها عند الله كجبل أحد ..
وإنني أعتقد أيها الأحبة أنه كما أن رمضان دورة تربوية مكثفة في القرآن ، فالعشر الأوائل دورة تربوية مكثفة في الذكر ..
وتقول لي : ومتى أقول هذه الكلمات ؟؟
أقول لك : عوّد نفسك .. عوّد نفسك .. عوّد نفسك ..
أثناء سيرك في الطريق لأي مشوار .
وأنت مستلق على السرير قبل النوم .
أثناء الكلام اقطع كلامك واذكرها ، وأثناء الأكل .
أن تذهب للمسجد مبكرا وتنهمك في هذا الذكر حتى تقام الصلاة .
إذا التزمت وتعوّدت ما قلته لك لن تقل يوميا غالبا على حسب ظني ذكرك عن ألف مرة ، مما يعني 4000 شجرة في الجنة يوميا ، هل تعلم أنك لو واظبت على هذا في الأيام العشرة كلها كيف ستكون حديقتك في الجنة ؟؟
هل تتخيل 100 ألف فدان في الجنة تملكها في عشرة أيام !! أليست هذه فرصة المغبون من يضيعها ؟!!
• مشروع الصيام
عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس )
( صحيح أبي داود 2129)
فصم هذه التسعة كلها اياك أن تضيع منها يوما واحدا ..
وإن ثبطك البطالون وقالوا لك : الحديث ضعيف فالحديث العام :
« من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا »
ومع فضيلة هذه الأيام ، على كل حال .. أنت الكسبان!!
• مشروع الحج والعمرة
وفر 50 ألف جنيه .. وخذ 50 ألف حسنة ..
بل أكثر مما طلعت عليه الشمس ..
من خلال المكث في المسجد بعد صلاة الفجر حتى الشروق ثم صلاة ركعتين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة » .
وفي هذه الجلسة :
* تلاوة قرآن
* أذكار الصباح
* تجديد التوبة
* الدعاء في خفاء
* العفو عن أصحاب المظالم لديك
* طلب العفو من الله
* عبادات جديدة
• مشروع قناطير الفردوس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين »
فإذا قمت الليل بألف آية فلك في كل ليلة قناطير جديدة من الجنة ، وإذا كنت من العاجزين وقمت بمائة آية كتبت من القانتين .
• مشروع الأخوة في الله
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى » ، قالوا : يارسول الله تخبرنا من هم ؟ قال « هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فو الله إن وجوههم لنور وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس وقرأ هذه الآية { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } » .
فأقترح عليك على الأقل مرة واحدة في الأيام العشر تدعو فيها أصحابك للإفطار عندك ، وقبل المغرب بنصف ساعة الذكر والدعاء ، وبعد الإفطار نصف ساعة التذكير والاستماع للقرآن أو مشاهدة اسطوانة تذكر بالله ، ثم تهدي إليهم إذا استطعت ما عندك من كتب وشرائط ، واكسب :
ثواب تفطير صائم .
ثواب الدعوة إلى الله .
ثواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ثواب الإعانة على خير .
ثواب التثبيت للمترددين .
• مشروع صلة الأرحام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام »
وقال صلى الله عليه وسلم :
« الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله »
فاحرص على :
كل يوم نصف ساعة على الأقل أو ما تيسر من الوقت أي عمل تبر به والديك .
زيارة لأحد الأقارب .
أبسط إكرام للجيران .
سرور تدخله على مسلم .
• مشروع يوم عرفة
أولا : أيها الأخ الحبيب .. هل تدرك خطورة هذا اليوم ؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده » .
إذن احسبها معي : صيام 12 ساعة = مغفرة 24 شهر
حبيبي .. احسبها معي مرة أخرى : اليوم 24 ساعة ، إذن كل ساعة في اليوم = مغفرة شهر
يعني كل 60 دقيقة = 60 يوم
إذن : كل دقيقة = يوم
فهل هناك عاقل يضيع دقيقة واحدة في هذا اليوم ، ماذا ستفعل ؟؟
الذهاب إلى المسجد قبل الفجر بنصف ساعة والابتهال إلى الله أن يوفقك في هذا اليوم ويعصمك.
نية الصيام .
نية الاعتكاف فلا تخرج من المسجد أبدا إلا عند الغروب .
الاجتهاد في الدعاء والذكر .
• مشروع يوم العيد
اعلم أن يوم العيد هو أفضل أيام السنة على الإطلاق ، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : « أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر » ، خطتك :
ابدأ بصلاة العيد وكن بشوشا سعيدا في وجوه المسلمين .
صلة الرحم : الوالدين ، الأقارب ، الأصحاب .
الأضحية ، ستقول : إنها غالية الثمن ، اشترك أنت وأصحابك في ذبح شاة حسب الإمكانيات المادية .
• لا تنس هذه الفرصة الذهبية
بناء بيت في الجنة كل يوم إن صليت 12 ركعة من النوافل فقط ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بني الله له بيتا في الجنة »
وفي 10 أيام = عشرة بيوت في الجنة .
اقرأ سورة الإخلاص 10 مرات كل يوم يبني الله لك قصرا في الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني له بها قصر في الجنة »
فنكون قد أعددنا لك الحديقة ، وبنينا لك الفيلات ..
لا تنس إدخال البهجة على أسرة فقيرة تذهب إليها قبل العيد : نقود ، لحوم ، ملابس .
حاول تحقيق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعل في اليوم الواحد : صيام ، اتباع جنازة ، عيادة مريض ، صدقة ، تفتح لك أبواب الجنة جميعها .
• للمشغولين فقط
بعد كل هذه الفرص التي ذكرتها لك لا أظن أن أحدا سيعتذر لي أنه مشغول جدا ولن يستطيع ، ولكني لن أحرم أمثال هؤلاء من الأجر ، مثل الذين يرتبطون بامتحانات نصف العام ..
لا أطلب منك إلا نصف ساعة في المسجد قبل كل صلاة أو بعدها ، وساعة قبل الفجر لكي تفعل الآتي :
في النصف ساعة التي قبل كل صلاة تلاوة القرآن والذكر .
الصيام يوميا ، ولك دعوة مستجابة عند كل إفطار .
قيام الليل في الساعة التي قبل الفجر .
* لا تحرم نفسك الخير *
لا .. لا .. لا ..
• تذكر كل ساعة في هذه الأيام بل كل دقيقة ، بالحساب فعلا كل دقيقة تساوي مغفرة يوم قضاه الإنسان من أوله لآخره في معصية الله لم يضيع فيه دقيقة واحدة من المعصية ، أي 86400 معصية في يوم تمحى بدقيقة واحدة في هذه الأيام المباركة ، فلا تضيع دقيقة من أغلى كنزفي حياة المؤمن .. في أفضل أيام الله ..
يتبــــــــــــــع
أحلام أحمد
22-10-2012, 09:35 PM
معاني العقيدة من خلال فريضة الحج
الشيخ د.عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
http://im18.gulfup.com/eTwv1.jpg
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والـســـلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ـ نبينا محمد ـ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: ففي الحج معان عظيمة، وحكم بالغة، ومنافع كثيرة، كـمـا قال - سبحانه -:((ليشهدوا منافع لهم))[الحج: 28]، وهنا سنورد جملة مـن معاني العقيدة ومسائل أصول الدين من خلال هذه الفريضة:
أولاً: التسليم والانقياد لشرع الله - تعالى -:
كم نحتاج ـ أخي القارئ ـ إلى ترويض عقولنا ونفوسنا كي تنقاد لشرع الله - تعالى - بكل تسليم وخضوع، كما قال - سبحانه -: ((فلا وربك لا يؤمـنـون حتى يحكموك فـيـمـا شـجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما))[النساء: 65].
فالحج خير مثال لتحقيق هذا التسليم، فإنّ تنقّل الحجّاج بين الـشاعر، وطوافهم حول البيت العتيق، وتقبيلهم للحجر الأسود، ورمي الجمار... وغيره كـثـيـر: كل ذلك أمثلة حيّة لتحقيق هذا الانقياد لشرع الله - تعالى - وقبول حكم الله - عز وجل - بـكـل انـشـــراح صدر، وطمأنينة قلب.
لقد دعا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- فقالا: ((ربنا واجعلنا مـسـلـمـيـن لـك ومــن ذريـتـنــا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))[البقرة: 128].
لقد دعوا لنفسيهما، وذريتهما بالإسلام، الذي حقـيقـته خضوع القلب وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح.
ورضي الله عـن الفاروق عمر إذ يقـول عن الحجـر الأسود:
(إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبّلك ما قبّلتك)(1)
يقول الحافظ ابن حجر:
(وفي قول عمر هذا التسليم للشارع فـي أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع الـنـبــي -صلى الله عليه وسلم- فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه)(2)
ويقــول قوام السنة إسماعيل الأصفهاني - رحمه الله -: (ومن مذهب أهل السنة: أن كل ما سمـعـه المرء من الآثار(3) مما لم يبلغه عقله، فعليه التسليم والتصديق والتفويض والرضا، لا يتصرف في شيء منها برأيه وهواه) (4)
ويقول ابن القيم - رحمه الله -:
إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم، وعـــــدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع، ولهذا لم يحك الله - سبحانه - عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما، ونـهـاهـــا عنه، وبلغها عن ربها، بل انقادتْ، وسلمتْ، وأذعنت، وما عرفت من الحكمة عرفته، ومــــا خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وإيمانها واستسلامها بسبب عدم معرفته، وقد كانت هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولاً ومعارف وعلوماً لا تسأل نبيها لِمَ أمر الله بذلك؟ ولِمَ نـهـى عـــــــن ذلك؟ ولِمَ فعل ذلك؟ لعلمهم أن ذلك مضاد للإيمان والاستسلام(5)
ثانياً: إقامة التوحيد:
إن هذه الشعيرة العظيمة قائمة على تجريد اـتوحيد لله وحده لا شريك له؛ قال - سبحانه -: ((وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شـيـئـا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود))[الحج: 26].
وحذّر - سبحانه - من الشرك ونجاسته، فقال - عز وجل -: ((فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور * حنفاء لله غير مشركين به))[الحج: 3031].
بل من أجل تحقيق التوحيد لله وحده، والكفر بالطاغوت، شُرع للحاج أن يستهل حجه بالتلبية قائلاً:
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
ومن أجل تحقيق التوحيد شُرع للحاج أن يقرأ في ركعتي الطواف ـ بعد الفاتحة ـ بسورتي الإخلاص (قل هو الله أحد)، و(قل يا أيها الكافرون)، كما كان يفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم-
كما شَرعَ الله - تعالى - التهليل عند صعود الصفا والمروة، فيستحب للحاج والمعتمر أن يستقـبل القبلة ـ عند صعوده الصفا والمروة ـ ويحمد الله ويكبّره ويقول:
لا إلــــه إلا الله، والله أكـبـر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويمـيـت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
ومن أجل تحقيق التوحيد أيضاً كان خير دعاء يوم عرفة أن يقال:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير.
وفي مناسك الحج وشعائره تربيةٌ للأمة على إفراد الله - سبحانه - بالدعاء والسـؤال والطلب، والرغبة إليه، والاعتماد عليه، والاستغناء عن الناس، والتعفف عن سؤالهم، والافتقار إليهم؛ فالدعاء مشروع في الطواف والسعي، وأثناء الوقوف بعرفة، وعند المشعر الحرام، وفي مزدلفة، كما يشرع الدعاء وإطالته بعد الفراغ من رمي الجمرة الصغرى والوسطى في أيام التشريق.
ثالثاً: تعظيم شعائر الله - تعالى - وحرماته:
قال الله - تعالى - ـ بعد أن ذكر أحكاماً عن الحج ـ: ((ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه))[الحج: 30].
والحرمات الـمـقـصودة هاهنا أعمال الحج المشار إليها في قوله - تعالى -: ((ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم))[الحج: 29](6)
وقـال - سبحانه -: ((ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)) [الحج: 32]، فتعظيم مناسك الحج عموماً من تقوى القلوب(7)
وتعظيم شعائر الله - تعالى - يكون بإجلالها بالقلب ومحبتها، وتكميل العبودية فيها؛ يقول ابن القيم - رحمه الله -:
وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت(8)
ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
(لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة [يعني: الكعبة] حق تعظيمها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا)(9)
رابعاً: محبّة الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
إن محبّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أجل أعمال القلوب، وأفضل شعب الإيمان، ومحبة الرسول تستوجب متابعته والتزام هديه، وإن التأسّي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثـنـــاء القـيـام بمناسك الحج سبب في نيل محبته، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -:
(خذوا عني مـنـاسـكـكم)، وفي اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - تحقيق لمحبّة الله - تعالى -؛ كما قال - سبحانه -:
((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله))[آل عمران: 31].
خامساً: تحقيق الولاء بين المؤمنين والبراءة من المشركين:
كم هو محزن حقاً تفرّق المسلمين شيعاً وأحزاباً.. وتمزّقهم إلى دول متعددة ومتناحرة.. وقد غلبتْ عليهم الـنـعــــرات الجاهلية المختلفة، وإن فريضة الحج أعظم علاج لهذا التفرق والتشرذم، فالحج يجمع الشمل، وينمي الولاء والحب والنصرة بين المؤمنين، وإذا كان المسلمون يجمعهم مصدر واحد في التلقي ـ الكتاب والسنة ـ وقبلتهم واحدة، فهم في الحج يزدادون صلة واقتراباً، حيث يجمعهم لباس واحد، ومكان واحد، وزمان واحد، ويؤدون جميعاً مناسك واحدة.
كما أن فـي الحج أنواعاً من صور الولاء للمؤمنين: حيث الحج مدرسة لتعليم السخاء والإنفاق، وبذل الـمعروف أياً كان، سواء أكان تعليم جاهل، أو هداية تائه، أو إطعام جائع، أو إرواء غليل، أو مساعدة ملهوف.
وفي المقابل: ففي الحج ترسيخ لعقيدة البراء من المشركين ومخالفتهم؛ يقول ابن القيم:
استقرّت الشريعة على قصد مخالفة المشركين لا سيما في المناسك.(10)
لقد لبّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد، خلافاً للمشركين في تلبيتهم الشركية، وأفاض من عرفات مخـالـفـاً لقريش حيث كانوا يفيضون من طرف الحرم، كما أفاض من عرفات بعد غروب الشمس مخالفاً أهل الشرك الذين يدفعون قبل غروبها.
ولما كان أهل الشرك يدفعون من المشعر الحرام (مزدلفة) بعد طلوع الشمس، فخالفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- فدفع قبل أن تطلع الشمس.
وأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - عـوائـد الجاهلية ورسومها كما في خطبته في حجة الوداع، حيث قال:
(كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع)(11)
يقول ابن تيمية:
وهذا يدخل فيه ما كانوا عليه من العادات والعبادات، مثل: دعواهم يا لفلان، ويا لفلان، ومثل أعيادهم، وغير ذلك من أمورهم(12)
سادساً: تذكّر اليوم الآخر واستحضاره:
فإن الحاج إذا فارق وطنه وتحمّل عناء السفر: فعليه أن يتذكّر خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة وأهوالها.
وإذا لبس المحرم ملابس الإحرام: فعليه أن يتذكر لبس كفنه، وأنه سيلقى ربه على زيّ مخالف لزيّ أهل الدنيا.
وإذا وقـف بعرفة: فـليتذكّر ما يشاهده من ازدحام الخلق وارتفاع أصواتهم واختلاف لغاتهم، موقف القيامة واجتماع الأمم في ذلك الموطن(13)
قـال ابن القيم:
فلله ذاك الموقف الأعظم الذي///كموقف يوم العرض، بل ذاك أعظم
نسأل الله - تعالى - أن يتقبّل منّا ومن المسلمين صالح الأعمال، وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب تقبيل الحجر.
(2) فتح الباري، جـ3ص463.
(3) أي: الآثار الصحيحة.
(4) الحجة في بيان المحجة، جـ2 ص435.
(5) الصواعق المرسلة، م4، ص1560، 1561.
(6) انظر: تفسير ابن عطية، جـ4 ص120.
(7) انظر: تفسير الطبري، جـ17 ص157.
(8) مدارج السالكين، جـ1 ص495.
(9) أخرجه ابن ماجة: كتاب المناسك، باب فضل مكة، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن؛ انظر: فتح الباري، جـ3 ص449.
(10) تهذيب سنن أبي داود، جـ3 ص309.
(11) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ح/147.
(12) اقتضاء الصراط المستقيم، جـ1 ص301.
(13) انظر: مختصر منهاج القاصدين، ص48.
يُتبــــع
أحلام أحمد
22-10-2012, 11:57 PM
رسالة إلى حاج
صالح بن علي أبو عرَّاد
http://im14.gulfup.com/3Go81.jpg
أيها الحاج الكريم
يا ضيفاً من ضيوف الرحمن
يا من لبَّيت النداء الخالد لخليل الرحمن -عليه السلام -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الحج من أكثر العبادات تحقيقاً لمعنى العبودية الحقة لله -سبحانه وتعالى- ، كما أنه عبادة تزكّي النفس البشرية من العداوة والبغضاء والشح والإيذاء يوم يهرع المسلم ببدنه لإجابة النداء الخالد مخلفاً وراءه المال والأبناء، والأهل والأصدقـاء، قاصداً بيت الله الحرام ليؤدي هذه الفريضة امتـثالاً لقوله -تعالى-:
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(آل عمران: من الآية 97)
واقتداءً بهدي وسنة سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- الذي صح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال:
سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:
"من حجَّ فلم يرفث، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أُمه " (البخاري، الحديث رقم 1521، ص 247).
وهنا أوجّه هذه الرسالة لكل حاجٍ مسلمٍ مؤملاً أن ينفع الله بها، وأن تكون من باب التذكير الذي قال فيه الحق -سبحانه وتعالى-:
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات: 55)،وأقول مستعيناً بالله وحده:
***يا من شددت الرحال إلى بلد الله الحرام وتركت الأهل والأبناء، والديار والأوطان، وتجشّمت المتاعب والصعاب حتى تصل إلى حرم الله الآمن، اخلص النية لله -تعالى - في حجك، واقصد به وجه الله ومرضاته، وكن متبعاً لهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- في قولك وفعلك ونسكك، ولا تتردد في سؤال أهل العلم الموثوقين عما أشكل عليك؛ حتى تكون على بيّنةٍ من أمرك، ويكون حجّك صحيحاً إن شاء الله -تعالى-
قال -سبحانه-:
(فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل: من الآية 43).
***يا من قصدت بيت الله - تعالى - وحرمه الآمن لا تؤذِ غيرك من حجاج بيت الله الحرام بالقول أو بالفعل، واحذر من مزاحمتهم أو مضايقتهم وبخاصةٍ متى كنت قوي البنية مكتمل الصحة والعافية، فإن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قد حذّر من إيذاء الناس فقال:
" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " (البخاري، الحديث رقم 4، ص 5). وعليك -بارك الله فيك- بضبط النفس والجوارح، ومحاولة كظم الغيظ، و الحرص على تجنب الجدال مع الآخرين عملاً بقوله -تعالى-:
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة: من الآية 83)
***يا من أكرمك الله بإدراك هذه المناسبة العظيمة، والوصول إلى هذه البقاع المقدسة؛ تذكّر أنك في موسمٍ عظيمٍ، وأيامٍ مباركةٍ يُضاعف الله -تعالى- فيها الأجر والثواب لمن عمروا أوقاتهم بالطاعات وشغلوها بالعمل الصالح الذي شرعه الله -تعالى- لعباده
وتذكّر أنه قد روي عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ (يعني أيامَ العشر). قالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء " (ابن حبان، ج 3، الحديث رقم 324، ص 30).
***يا من أجبت النداء الخالد، ولبّيت دعوة أبينا إبراهيم -عليه السلام- عليك بالسكينة والوقار في كل شأنك، وترفّق بإخوانك الحجاج أثناء الطواف والسعي، وعند رمي الجمرات ونحر الهدي والأضاحي، وأثناء التنقل بين المشاعر. وإياك أن تؤذي غيرك من الحجاج بقولٍ أو فعلٍ وبخاصةٍ عند استلام الحجر الأسود، وكن مع الناس لطيفاً يكن الله بك رحيماً
قال - تعالى -:
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (الأحزاب: 58).
وأعلم غفر الله لي ولك أنه لا يلزم الحاج أو المعتمر استلام الحجر الأسود وتقبيله، ويكفيه الإشارة إليه بيده والتكبير متى كان الزحام شديداً.
***يا من جعلت قدوتك في كيفية القيام بالعبادات وأداء الشعائر والمناسك ما جاء به سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- ؛ إياك أن تقع في بعض البدع التي يقع فيها كثير من الحجاج -عن جهلٍ منهم- فلا تخص كل شوطٍ من الطواف أو السعي بأذكارٍ مخصوصةٍ أو أدعيةٍ معينة لأن هذا أمرٌ لا أصل له، وعليك الإكثار من الدعاء في طوافك وسعيك بما تيسر، أو الانشغال بذكر الله -تعالى- تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً واستغفاراً ونحو ذلك، أو قراءة وترتيل القرآن الكريم. وأعلم أنه ليس لعرفة دعاءٌ مخصوص، ولا للمشعر الحرام بمزدلفة بل على الحاج أن يدعو بما تيسر، وما أُثِرَ عن نبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- من الأدعية الثابتة الصحيحة الجامعة للخير.
***يا من تبتغي بحجك وأداء مناسكك وجه الله -تعالى- ومرضاته؛ اعلم أن تقبيل الركن اليماني من الكعبة الشريفة أثناء الطواف بها خطأٌ لا ينبغي لأنه يُستلم باليد اليمنى فقط، ولا يُقبّل مثلما يُقبّل الحجر الأسود؛ فلا تفعل ذلك عند طوافك، ولا تُزاحم غيرك لاستلامه متى كان ذلك شاقاً عليك. وامضِ في طوافك دون إشارة أو تكبير عنده.
***يا من تحرص على تمام عملك وترجو قبوله كاملاً غير منقوص؛ لا تُبقِ كتفك اليمنى مكشوفةً عند الإحرام؛ فهذا خطأ يقع فيه كثير من الحُجاج الذين يجهلون أن كشف الكتف اليمنى لا يُشرع للحاج أو المُعتمر إلا في طواف القدوم، ويُسمى (الاضطباع) فإذا ما انتهى الطواف فإن على الحاج أو المعتمر أن يُعيد رداءه على كتفيه وصدره وأن يُكمل باقي نسكه.
***يا من تعرف لبيت الله الحرام قدره ومنـزلته؛ إياك وبعض أفعال الجُهال كرفع الصوت بالذكر، أو الدعاء بشكلٍ جماعيٍ مزعج يُشوش على الآخرين، أو لمس جدار الكعبة وثيابها أثناء الطواف، أو رمي الجمرات بالحجارة الكبيرة والقوارير والنعال ونحو ذلك من الأفعال التي لم تثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام.
***يا من قصدت بحجك طاعة الله -تعالى- ومرضاته جل في علاه لا تُخطئ في فهم معنى التعجل الذي قال فيه -تعالى-:
(فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة: من الآية 203).
لأن المراد باليومين الحادي عشر والثاني عشر، وليس يوم العيد ويومٍ بعده كما يُخطئ كثير من الحجاج في فهم ذلك جهلاً.
وأعلم -تقبّل الله مني ومنك- أن من تأخّر إلى اليوم الثالث عشر فرمى الجمار بعد زوال الشمس ثم نفر فإنه يكون قد أتى بالأفضل والأكمل، وجنّب نفسه مشقة الزحام والعناء.
***يا من تحرص على الحج المبرور والسعي المشكور والتجارة التي لا تبور؛ إحذر المبالغة في الاهتمام بأمور الدنيا، وصرف الوقت الطويل في شؤونها كالبيع والشراء، والتجوّل في الأسواق، والانشغال بشراء الهدايا، ونحو ذلك مما يُضيع وقتك، ويحرمك فضل هذه الأيام الكريمة وثوابها العظيم، والتي لا تدري هل ستعود إليها أم لا؟!
ثم تذَّكر - أخي الكريم - أنك في بلد الله الحرام الذي تُضاعف فيه الحسنات بالأعمال الصالحة، كما تُضاعف فيه السيئات باقتراف المعاصي والآثام؛ فلا تدع الفرصة تفوتك، واغتنم فترة وجودك في هذه الرحاب الطاهرة والبقاع المقدسة في الإكثار من صالح الأعمال والأقوال كأداء الفرائض، والإكثار من النوافل، والانشغال بتلاوة القرآن الكريم، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحرص على الصدقة، والإحسان إلى الغير، ومساعدة المحتاج، وإرشاد الضال، ونحو ذلك من أعمال البر وأفعال الخير.
***يا من أكرمك الله - تعالى - بإتمام مناسك الحج، وأداء شعائره كاملةً غير منقوصة؛ لا تنسَ أن تحمد الله -جل في عُلاه- على أن وفقك لإتمام حجك، وأن تشكره -سبحانه- أن يسر لك ذلك، وعليك أن تسأل الله -تعالى- أن يكون عملاً صالحاً مقبولاً.
وختاماً
أسأل الله -تعالى- لنا ولكم حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً، وأن يهدينا جميعاً إلى خير القول وصالح العمل، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يُتبـــــــــــــــع
أحلام أحمد
23-10-2012, 12:46 AM
إمساك المُضحّي عن ظفره وشعره في العشر
خالد بن سعود البليهد
http://im13.gulfup.com/3N1o1.jpg
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد
فيشرع لمن أراد أن يُضحّي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يُمسك عن ظفره وشعره وبشرته حتى يضحي لحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يُضحّي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يُضحّي). رواه مسلم .
وفي رواية:
(ولا من بشرته)
والنهي عن ذلك يشمل شعر الرأس والعانة والشارب والإبط وغيره من جميع شعور الجسم وكذلك يشمل أظافر اليدين والرجلين وجميع البشرة خلافا لمن خصه بشعر الرأس أوغيره.
والصحيح أن هذا الإمساك سنة ليس بواجب لأنه تابع لأمر مسنون وهو الأضحية
فيكون سنة كحكم المتبوع ولأنه من باب التعظيم المسنون بدليل أنه لم يؤمر بالإمساك عن غير الظفر والشعر.قال الخطابي:
(وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب كما يحرمان على المحرم فدلَّ ذلك أنه على سبيل الندب والاستحباب, دون الحتم والإيجاب).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُمسك عن شيء في إهدائه والهدي نسك مثل نسك الأضحية في التقرب لله بالذبح بل آكد لتعلقها بالحرم فهما جنس واحد فلو كان واجبا لأمسك في حال تقرّبه بالهدي فدل على أنه غير لازم كما استدل الشافعي بذلك.
قالت عائشة رضي الله عنها:
(فتلت قلائد بدن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم قلّدها وأشعرها وأهداها فما حرم عليه شيء كان أحل له).
وفي رواية:
(ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم).
ولأنه لا يمكن إلزام الناس بأمر والتشديد عليهم وتأثيمهم بحديث مختلف في ثبوته ودلالته
فالحديث أعله الدارقطني بالوقف وأشار مسلم لعلته واستشكل متنه الأئمة كالليث وابن مهدي وغيرهما
والقول بالكراهة قول وسط بين من يحرمه وهم قلة كأحمد وبين من يبيحه وهم أكثر الفقهاء كمالك وأبي حنيفة.
وفيه توسعة على الخلق لا سيما من احتاج لذلك وشق عليه تركه. وهو قول الشافعي ووجه عند الحنابلة وقال في الإنصاف لما حكى الكراهة:
(قلت وهو أولى وأطلق أحمد الكراهة).
فعلى هذا يكره للمضحي أخذ ظفره وشعره ولا يأثم بذلك لكن لا ينبغي له فعل ذلك إلا عند الحاجة اتباعا للحديث وآثار الصحابة.
وتبتدئ مدة الإمساك عند تحقق دخول العشر
وبلوغ ذلك لمن أراد أن يُضحّي ويتحقق الدخول برؤية هلال ذي الحجة أوإكمال عدة ذي القعدة ثلاثين لقوله صلى الله عليه وسلم:
(من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي)
ولا يلزم الإمساك قبل ذلك من باب الاحتياط لأن ذلك من التكلف المنهي عنه شرعا وتكليف زائد لم يثبت في الشرع فلا يمسك مثلا قبل غروب ليلة الثلاثين ولا في غيرها وإنما يمسك إذا ثبت عنده دخول شهر ذي الحجة في أي وقت ولو كان متأخرا.
وهذا الحكم خاص بالشخص العازم على شراء الأضحية من ماله فقط
سواء تولّى الذبح بنفسه أو بنائبه ولا يثبت في باقي أهل بيته ممن يُضحّى عنهم لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خصّه بالمُضحّي ولأنه لم يُنقل أنه أمر أهله بذلك
ولا يمسك الوكيل الذي وكّل بذبح الأضحية
ولا يتعلق الحكم به لأنه غير مخاطب به.
ومن كان مترددا عند دخول العشر في ذبح الأضحية
لم يثبت له الحكم ولم يشرع له الإمساك لأنه غير عازم على الأضحية
فإن عزم في أثناء العشر
أمسك لما بقي ولا شيء عليه فيما مضى من المدة لأنه لم يكن مكلفا حينئذ.
وإذا كان الانسان ناويا للأضحية في أول العشر ثم حلق شيئا من ظفره أو شعره أو جلده
كان مخالفا للأولى بفعله على الصحيح وليس عليه كفارة لأنه لم يرد في الشرع تعيين كفارة لذلك
قال ابن قدامة:
(ولا فدية فيه إجماعاً سواء فعله عمداً أو نسياناً)
أما إذا أخذ شيئا من شعره ناسيا أو جاهلا أو مضطرا
فلا كراهة فيه وأضحيته صحيحة لا يتأثر حكمها بذلك.
ولا يشرع للمضحي أن يمسك عن شيء آخر غير ظفره وشعره وجلده ولا ينهى عن الطيب أو مباشرة النساء أو غيره لأنه لم يرد
وما شاع عن بعض العامة تحريم النساء وغيره على المضحي قياسا على المحرم بالحج قول محدث ليس له أصل في الشرع ولا علاقة في الأحكام بين المضحي والمحرم بالحج.
ولم يرد في السنة الصحيحة ذكر للحكمة من النهي عن قص الأظفار والشعور على المضحي
وقد حاول بعض الفقهاء التماس الحكمة فمنهم من قال نهي المضحي عن ذلك تشبيها بالمحرم بالحج فكما شارك المحرم في ذبح القربان ناسب أن يشاركه في شيء من خصائص الإحرام
وقال بعضهم الحكمة توفير الشعر والظفر ليأخذه مع الأضحية فيكون ذلك من تمام الأضحية عند الله
وقيل لتشمل المغفرة والعتق من النار جميع أجزائه
وأصل الحكمة
التعبد لله بالإمساك وتعظيم الله وإظهار التذلل له
والله أعلم.
يُتبــــع
أحلام أحمد
23-10-2012, 01:48 AM
أطفالنا وعشر ذي الحجة
عادل بن سعد الخوفي
http://im13.gulfup.com/lJLD1.png
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء عن ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
"أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ: مَاذَا أَدَّبْتَهُ، وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ"[1]
وقال بعض العلماء:
"اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَسْأَل الْوَالِدَ عَنْ وَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْل أَنْ يَسْأَل الْوَلَدَ عَنْ وَالِدِهِ" [2]
لقد كان دَيدَنُ السلف الصالح في تربيتهم لأولادهم:
بناء معتقدهم، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتحصينهم ضد الشهوات والشبهات، وتأهيلهم للأعمال الجليلة، والواجبات الشرعية، والسلوكيات الحميدة، وقد وردت النصوص في تأكيد ذلك وبيانه. جاء عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ:
"أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتي حَوْلَ الْمَدِينَةِ "مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ). فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ". [3]
هكذا كانوا، وهكذا ينبغي لنا أن نكون مع أطفالنا في خير أيام الدنيا؛ عشر ذي الحجة، يقول صلى الله عليه وسلم:
"ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة" قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". [4]
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن، من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". [5]
قال الإمام ابن حجر:
"الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِهِ لِاجْتِمَاعِ الْفَضْلَيْنِ فِيهِ". [6]
فهل ترى من النَّجابة في شيء أن نُفوِّتَ أياماً عظيمة كهذه الأيام دون أن ننقش من آثارها على أولادنا، فيشب أحدهم وقد اعتاد القيام بشعائر الإسلام، وتمرَّس على واجباته ومستحباته، ونشأ وقد وقَرَ في قلبه عظمة ما نُعظِّمه، وصارت أعظم الأشياء عنده ما نعتقده، متين المعتقد، سليم القلب، طاهر اللسان، شاباً صالحاً، وعضواً نافعاً في المجتمع؟!
إننا لنُحَقِّقَ هذه الخِصال مع أطفالنا في أعظم الأيام عند الله، ينبغي أن تكون لنا خُطوات أسرية إيمانية مدروسة، نستجلبُ بها رحمة الكريم المنَّان، ونؤكِّد فيها التقارب معهم، ونرسم أهدافاً سامية يسعى الجميع إلى تحقيقها في دنياه لعمارة آخرته وبنائها.
الخطوة الأولى (لفت الانتباه):
وذلك بطباعة حديث الإمام البخاري، وحديث الإمام أحمد، وقول الإمام ابن حجر -رحمهم الله- التي ذُكرت مطلع هذا المقال، بصورة واضحة، وتعليقها في غرفة الجلوس، أو في مكان بارز في البيت؛ ليتمكن الجميع من قراءتها.. ولو أمكن إعلان جائزة مناسبة لمن يحفظها من أفراد الأسرة، لكان هذا جميلاً.
الخطوة الثانية ( التهيئة النفسية):
حيث تجتمع الأسرة في حلقة حول الأب، أو غيره من أفراد الأسرة، لبيان عظمة هذه الأيام العشر، فقد ذكرها الله -تعالى- في كتابه:
(وَالْفَجْر وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [7]
وجاءت الأحاديث وأقوال السلف في فضلها [8] ، وأنها أعظم أيام الدنيا، وقد حثَّ نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على العمل الصالح فيها، وأمر بكثرة التهليل والتكبير، ثم فيها يوم عرفة، ويوم النحر، واجتمعت فيها أمهات العبادة: الحج، والصدقة، والصيام، والصلاة. [9] .
يتم عرض هذا كله بأسلوب مشوِّق يتناسب مع الفئة العمرية لأفراد الأسرة، وبمزيد من المراعاة لفُهُوم الأطفال فيها.
الخطوة الثالثة (التعرّف إلى أَعْمال العَشر):
دلَّت النصوص من الكتاب والسنَّة وأقوال أهل العلم على استحباب الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه العشر، ومن ذلك:
أولاً:
أداء الصلوات المفروضة على وجهها الأكمل، بأدائها على وقتها، والتبكير لها، وإتمام ركوعها وسجودها، وتحقيق خشوعها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
"سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا". [10]
ثانياً:
التقرب إلى الله بالإكثار من قراءة القرآن، والصدقات، وإعانة المحتاجين، والتوبة والاستغفار، وصلاة النوافل، وأداء السنن الرواتب، وصلاة الضحى، والوتر، وقيام الليل، فقد جاء عن سعيد بن جبير قال:
"لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر". [11] ، كناية عن القراءة والقيام.
ثالثاً:
صيام ما تيسر من أيام هذه العشر؛ فهو داخل في جنس الأعمال الصالحة، وآكدها صيام يوم عرفة لغير الحاج، قال صلى الله عليه وسلم:
"صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ". [12]
رابعاً:
الإكثار من التهليل، والتكبير، والتحميد، لقوله صلى الله عليه وسلم:
"فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". [13] ، كما أنه يُستحَبّ التكبير المطلق في البيت، والسوق، والعمل، إلا ما دلَّت النصوص على كراهة الذكر فيه، قال تعالى:
(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ). [14]
وصفته: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد) [15] ،"قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ ... وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا" [16]
خامساً:
ومن أعظم الأعمال في هذه العشر حج بيت الله الحرام، وقصد بيته لأداء المناسك لمن تيسر له، قال صلى الله عليه وسلم:
"الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة". [17]
وقال صلى الله عليه وسلم:
"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". [18] .
سادساً:
ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر المباركة؛ ذبح الأضاحي تقرباً لله، فإنه:
"صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمّى وكبّر، ووضع رجله على صِفَاحِهِما". [19]
الخطوة الرابعة (الجانب التطبيقي التربوي):
1- تشجيع الأطفال على حفظ الذكر المطلق في أيام العشر، وكذا حفظ شيء من نصوص فضائل الأعمال فيها، من خلال إعلان مسابقة لذلك وجوائز حسية ومعنوية، فإن لذلك أثره الكبير في صياغة عقلية الطفل واهتماماته في المستقبل، قال إبراهيم بن أدهم: "قال لي أبي: يا بني، اطلبِ الحديث، فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم. فطلبت الحديث على هذا". [20]
2- اعتياد الصغير للعبادة سبب في محبتها وإلْفها، فتكون سهلة ميسورة حين كِبَره، كيف وهو يرى والديه جعلا أعمال العشر برامج تطبيقية عملية في حياتهم، يذكِّرون بالصلاة على وقتها، ويُرَدِّدُون على مسمعه كلمات الأذان، ويُرَطِّبُون أسماعه بترداد التكبير المطلق، ويصطحبونه لإيصال الصدقات وإعانة المحتاجين، يُعَرِّفونه بالسنن الرواتب وأجورها، ويُعوِّدونه صيام جزء – ولو يسيراً جداً – من اليوم.
3- الجلسات الحوارية الأسرية الهادئة لها أثرها البالغ في حياة الطفل، ولو كانت إحداها في شرح معاني مفردات التهليل والتحميد والتكبير، وشيء من دلالات أسماء الله وصفاته، وبيان الحكمة من الصلاة، والصوم، وإعانة المحتاجين، وأثر أيام العشر، ويوم عرفة على العباد، لكان في ذلك ترسيخ لمحبة الله سبحانه، وتعظيمه، وتوقيره، وقدره حق قدره، وترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب في أن ترتبط نفس الطفل بمولاه سبحانه، وتنمو روحه وتَسْلَمُ فِطرتَه، ويبقى مستظلاً بظلها، يعيش معناها في كِبَره شيئاً فشيئاً.
4- استثمار المزايا العظيمة التي ذكرها صلى الله عليه وسلم للعمل الصالح في هذه الأيام العشر، لتبيان أن الله جعلها أمام عبيده؛ ليتقربوا إليه، فتزيد حسناتهم، وتُحطّ سيئاتهم، فيفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض. ما أنها تدل على محبة الله لعباده المؤمنين، وأن قَدْرَ الموَحِّد عند الله عظيماً؛ فلا يجوز تخويفه، أو رفع السلاح في وجهه، أو التنابز معه بالألقاب الفاحشة، فقد نظر ابن عمر -رضي الله عنه- يوماً إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك". [21]
5- في الأضحية إحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام، وفيها تذكير بقصَّة الفداء والتضحية والتقرب إلى الله، وفيها هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد، وحين إلقاء الوالدين على أطفالهم قصة نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل؛ إذ أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يُسمَّى بعيد الأضحى، يذبح فيه المسلمون الذبائح تقربًا إلى الله، وتخليدًا لهذه الذكرى، تبقى هذه القصة مؤثرة في عقولهم ووجدانهم، يعيشون حياة أبطالها، يستمعون بشغفٍ إليها، ويتقمَّصون ما فيها من حِكَم أو دلالات، وينسجون لنفوسهم خيالات واسعة بين أحداثها، فيؤمنوا بما دلَّت عليه، وتفتح لهم ملكة التفكير للتعبير والإبداع النافع.
أطفالنا، أكبادنا تمشي على الأرض، أمانة في أعناقنا، يتعلَّمون خلال سِنِيِّ حياتهم مَعَنا ما يُعينهم على القيام بأدوارهم المستقبلية، تارة بالتقليد والمحاكاة، وتارة بالمحاولة والخطأ، وتارة بما اعتادوا عليه؛ فإنه من المعروف أن الطفل يتأثر بوالديه، وهذا الأثر يبقى لفترة طويلة، قد تمتد طوال عمره، وقِيَم الوالدين والأخوة تنتقل للأطفال بصورة مباشرة بحسب مجريات الحياة اليومية ومستجداتها، ولذا فعلى الوالدين إشباع أطفالهم بمنظومة قيمية، ومعرفية، وروحانية، ومهارية؛ تجعلهم مؤمنين بربهم، صالحين في أنفسهم، بَنَّائين في مجتمعهم.
----------------------------------
[1] : تحفة المودود لابن القيم رحمه الله. ص 137
[2] : تحفة المودود لابن القيم رحمه الله. ص 139
[3] : رواه مسلم رحمه الله.
[4] : رواه البخاري رحمه الله.
[5] : أخرجه الإمام أحمد. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
[6] : فتح الباري، ج: 2 ص: 534.
[7] : سورة الفجر: 1/2، قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير:" وهو الصحيح" تفسير ابن كثير8/413.
[8] : حديث الإمام البخاري، وحديث الإمام أحمد، وقول الإمام ابن حجز -رحمهم الله- التي ذُكرت مطلع هذا المقال.
[9] : نيل الأوطار.
[10] : متفق عليه.
[11] : سير أعلام النبلاء.
[12] : رواه مسلم رحمه الله.
[13] : أخرجه الإمام أحمد. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
[14] : سورة الحج: 28.
[15] : قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في اللقاء الشهري "يسن للإنسان في عشر ذي الحجة أن يكثر من التكبير فيقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وبعض العلماء يقول: تكبر ثلاثاً فتقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، والأمر في هذا واسع".
[16] : ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه.
[17] : متفق عليه.
[18] : متفق عليه.
[19] : رواه البخاري ومسلم.
[20] : شرف أصحاب الحديث.
[21] : رواه الإمام الترمذي، وحسنه (2032).
يُتبـــــع
أحلام أحمد
23-10-2012, 03:18 AM
مشاعر حاج جديد
سمير بن علي بن محمد غياث
http://im27.gulfup.com/foj71.jpg
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، رب الأرض والسماوات، واهب الخيرات والأعطيات، والصلاة والسلام على سيد البريات، المؤيد من ربه بالآيات البينات، محمد وعلى آله وصحبه ملء اللحظات والأوقات.
أما بعد:
فإن الحج آية من آيات الله -تعالى- الدالة على صدق دينه، وشريف رسالته، وعظيم منهجه.
لقد حججت عام 1431هـ وهي أول حجة لي، أسأل من ربي -تعالى- أن يجعلها حجاً مبروراً، وسعياً إليه مشكوراً، وأن يزدني من فضله -سبحانه-، وأن يجزي خيراً من يسّر لي أمر هذه الحجة.
حججت هذا العام.. فرأيت وشاهدت، وعايشت وصاحبت، وذقت وأحسست بما لا قدرة لهذا القلم على صياغته، ولا معرفة لهذه الحروف بلسانه ولغته!
نعم:
تلك المشاعر لا لسان بلاغة///يصف الذي قد بات في أحشائها
كلا ولا هذي الحروف تحيطها///علماً ولا الأقلام من أصدائها
أفسر ماذا، والهوى لا يُفسّر؟!
إنها المشاعر.. مخبئات القلوب، ومكنونات الأفئدة..
إنها مشاعر حاج جديد لأول مرة تدبّ قدماه على حصباء تلك المناسك العظيمة.. وبين تلك المشاعر المقدسة.. وهناك التقت المشاعر بالمشاعر.. فلا تسل عن المشاعر!!
نعم: لقد مشيت في تلك المشاعر المقدسة.. التي مشت فيها أقدام خير نبي وأعظم مرسل من ربه -عليه الصلاة والسلام- - حبيب القلوب، وزمزم الأدواء!
حججت هذا العام..فرأيت:
أن الحج عبادة تدعو البشرية بندائها المميز إلى إخلاص العبادة للخالق وحده، وتحثهم على توحيده، وترشدهم إلى التسليم له جل في علاه:
لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك
حججت في هذا العام.. فرأيت:
أن الحج كتاب مفتوح.. كلٌ يقرأه بلغته؛ فحروفه واضحة كالشمس.. يقرؤها الأمي كما يقرؤها المتعلم.. والمرأة كما يقرؤها الرجل.. لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى.
حججت في هذا العام.. فتعلّمت:
أن من أراد أن يكتسب خُلق الصبر فعليه بالحج..
• لأنك في الحج قد حظر الشارع الحكيم عليك أموراً لا بد أن تصبر عنها إلى الأجل المعلوم.
• ولأنك في الحج ستؤذيك حرارة الشمس، وتقلقلك برودة الليل إن كان -شتاء-
• ولأنك في الحج قد يقرصك الجوع، ويطاردك الظمأ.
• ولأنك في الحج قد تجد من يؤذيك بسبٍ، أو يعيّرك بسخرية! أو يدفعك في زحام شديد؛ فالناس يأتون من أجناس مختلفة، وأعراق متباينة، وبطبائع وعادات متفاوتة فلا بد من الصبر..
• ولأنك في الحج قد تجد من يدوسك بقدمه متعمداً.. ثم يكفهر في وجهك!
وقد تجد من يدوسك بقدمه مخطئاً.. فيُربّت على كتفك بيده، ويعتذر بلسانه، ويبتسم لك بفمه؛ لتسامحه بقلبك فما عليك إلا أن تُطفئ حرارة تلك ببرودة هذه، وتصبر.. وتتذكّر:
( فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)
حججت في هذا العام.. فتعلّمت:
أن الحج يسوق المسلم سوقاً حثيثاً إلى التواضع لعباد الله...
لأن الكل هنا بثوب واحد.. لا تميّز بين الملك والمملوك، ولا الرئيس والمرؤوس، ولا العالِم والجاهل، مناسك الجميع واحدة.. ليس للملوك والرؤساء ووجهاء الناس مناسك، ولغيرهم مناسك أخرى! لا.. لا...
( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ). (1)
تمشي وسط مئات الآلاف من الحجيج.. لا يؤبه لك!! وأنت في بلدك العالِم المحترم.. أو المفكّر الفذّ.. أو الخطيب المُصْقَع(2).. أو.. أو.. فتتعلّم هناك -في الحج- أنك مهما بلغت في الدنيا من الشرف.. فأنت عبدٌ للهِ.. ضعيفٌ صغيرٌ مسكينٌ.. واحدٌ بين ملايين من العباد.. فترفّقْ بنفسك رويداً رويداً.. واخفضْ جناحك للمؤمنين.
حججت في هذا العام.. فتعلمت:
أنه لا بد لك في حجك من رفيق صالح ناصح.. يُعينك على الطاعة، يكون لك معه لحظات تأمل في هذه العبادة وأسرارها.. يُنبّهك إن أخطأت، ويُذكّرك إن نسيت.
وختاماً أقول:
هذا شيء يسير سرقته من مشاعري فبثثته! وسأراودها علها تأذن للقلم أن يصوغها..
وإلا فقد شاهدت في الحج مناظرا وأشياء تستهوي دموعاً بحرقة
وتستمطر الكلمات في مدح خالقٍ له أذعنت كل النواصي وذلّت
ولعل فيما قاله ابن داود شيء من تلك المشاعر وأشواق العودة إلى تلك المشاعر، حيث يقول عن الكعبة المشرفة:
يا ربة الستر هل لي نحو مغناكِ///مِن عودة أجتلي فيها محياكِ
أم هل سبيلٍ إلى لقياكِ ثانية///لمغرم ما مُناه غير لقياكِ
له نوازعُ شوقٍ بات يضرمها///بين الجوانح والأحشاء ذكراكِ
لم ينس طيبَ لياليكِ التي سلفت///وكيف ينساكِ صبٌّ بات يهواكِ!
يا ربة الخال كم قد طَلَّ فيكِ دم///فما أجلَّ بعَرْض البِيد قتلاكِ(3)
أسرْتِ بالحسن ألباب الأنام فما///أعز في ذل ذاك الأسر أسراك
ماذا عساها ترى تنأى الديارُ بنا///لو كنتِ في مسقط الشِّعرى لجيناك
ولو تحجبتِ بالسُّمر الذوابل عن///زوار ربعك يا سَمْرا لزرناك
تهتكت فيك أستار الهوى ولهاً///لما بدا من خلال الستر معناك
يا هل ترى يسمح الدهر المشت بما///أرجوه من قرب مغناك لمضناك
وأجتلي من محياك الجميل ضحى///ما بات يحكيه لي من حسنكِ الحاكي
من بعد خط رحالي في حمى أرَجِ الـ///أرجاء بالمصطفى الهادي الرضي الزاكي(4)
خير الخلائق طراً عند خالقه///وخاتم الرسل ماحي كلَّ إشراك
سبّاق غايات أقصى الفضل والشرف الـ///أعلى وراقي العلى من غير إدراك
محمد ذي المقال الصادق الحسَن الـ///مصدوق في القول مُقْصِي كل أفّاك
يا نفس إن بلَّغتكِ العيسُ حجرتَه///وصافحت يمنَ ذاك الربع يمناك
وقمتِ بين يديه للسلام على///أقدامِ ذلك تذري الدمع عيناك
عساك أن ترزقي عطفاً عليك فإن///رزقت ذاك فيا والله بشراك
وليهنك السعد إذ حطت رحالك في///ربع به لم تزل تحدي مطاياك
فثم أندى الورى كفاً وأعظمهم///جاهاً وأرحبهم صدراً لملقاك
وآحر قلباه مِن شوق لرؤيته///فقد تقادم عهد الشيِّق الشاكي
بالله يا نفس كوني لي مساعدة///حاشاك أن تخذليني اليوم حاشاك
وجددي العزم في ذا العام واجتهدي///عسى بذلك تخبو نار أحشاك
فإن حرمت لقاه تلك معذرة///وإن ظفرتِ به يا حسن مسعاك
صلّى عليه إله العرش ما قطعت///كواكب الأفق ليلاً برج أفلاك(5)
ـــــــــــــــــــــــ
[1] سورة البقرة: (199).
(2) قيل: هو من رَفْعِ الصَّوْتِ، وقيل يذهب في كل صُقْعٍ من الكلام أَي ناحية. لسان العرب: (8/ 201).
(3) الطل هنا: هَدَرُ الدَّمِ أو أن لا يُثْأرَ به. انظر القاموس والتاج وغيرهما.
(4)الأَرجُ: - محرّكةً -: نَفْحَةُ الرِّيحِ الطَّيّبَة. تاج العروس من جواهر القاموس: (5/ 402).
(5) أعيان العصر وأعوان النصر: (2/ 50) في ترجمة علي بن داود، نجم الدين القحفازي، الحنفي. وقد حذفت منها بعض الأبيات التي فيها مبالغة غير مشروعة.
يُتبـــــــــع
عبد الرحيم بيوم
23-10-2012, 11:04 AM
3- الجلسات الحوارية الأسرية الهادئة لها أثرها البالغ في حياة الطفل، ولو كانت إحداها في شرح معاني مفردات التهليل والتحميد والتكبير، وشيء من دلالات أسماء الله وصفاته، وبيان الحكمة من الصلاة، والصوم، وإعانة المحتاجين، وأثر أيام العشر، ويوم عرفة على العباد، لكان في ذلك ترسيخ لمحبة الله سبحانه، وتعظيمه، وتوقيره، وقدره حق قدره، وترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب في أن ترتبط نفس الطفل بمولاه سبحانه، وتنمو روحه وتَسْلَمُ فِطرتَه، ويبقى مستظلاً بظلها، يعيش معناها في كِبَره شيئاً فشيئاً.
ما أجمل هذه النقطة المضيئة في الجو الأسري
والتي تفقدها غالب الأسر الا من رحم الله
ما زلنا متابعين لبديع الاختيار وجميل التنسيق
تحياتي
وحفظك المولى
أحلام أحمد
23-10-2012, 11:57 PM
ما أجمل هذه النقطة المضيئة في الجو الأسري
والتي تفقدها غالب الأسر الا من رحم الله
ما زلنا متابعين لبديع الاختيار وجميل التنسيق
تحياتي
وحفظك المولى
معك حق يا أخي الكريم
فأغلب الأسر المسلمة -للأسف- باتت منشغلة عن تربية أبنائها التربية الإسلامية الصحيحة
ولا أحد يُفيق من سباته العميق إلا حينما تحدث مشكلة ما تُزعزع أركان البيت
حينئذ يتنبّه الأهل إلى الخطأ الذي ارتكبوه ولكن بعد فوات الأوان
....
أخي الكريم عبدالرحيم
متابعتك الجميلة تمنحني دافعا لأُكمل ما بدأته
ولا أملك إلا أن أقول لك:
جزاك الله خيرا
وجعل متابعتك هذه في ميزان حسناتك
وشكرا لك
أحلام أحمد
24-10-2012, 01:03 AM
يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)
موقع مناسك
http://im19.gulfup.com/cCzi1.jpg
يوم التروية الثامن من ذي الحجة، هو أحد أيام العشر الفاضلة، التي أقسم بها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم إذ قال:
{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (سورة الفجر:1-2)
والعمل فيها أفضل من العمل في غيرها، كما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما العمل في أيام أفضل منها في هذه)) (يعني عشر ذي الحجة)، قالوا: ولا الجهاد؟ قال:
((ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه، وماله فلم يرجع بشيء)) رواه البخاري برقم (916)
وفي هذا اليوم يبدأ الحجاج بالاستعداد لهذا النسك العظيم ، ويتأهبون فيه للوقوف غداً بين يدي الله الكريم، في يوم المغفرة والمباهاة والعتق من النيران.
معنى يوم التروية
معنى التروية ذكرها صاحب المصباح المنير، قال:
"ويوم التروية ثامن ذي الحجة من ذلك؛ لأن الماء كان قليلاً بمنى فكانوا يرتوون من الماء لمِا بعد
وروى البعير الماء يرويه، من باب: رمى حمله فهو راوية، الهاء فيه للمبالغة
ثم أُطلقت الراوية على كل دابة يُستقى الماء عليها
ومنه يقال: رويت الحديث إذا حملته، ونقلته، ويُعدَّى بالتضعيف، فيقال: رويت زيداً الحديث، ويبنى للمفعول فيقال: روينا الحديث"[1]
فهذا سبب لتسميته بيوم التروية وهو قوي
وهناك سبب آخر يذكره بعضهم، يقول مصطفى السيوطي الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-:
"سُمّي الثامن بذلك ، لأنهم كانوا يتروون فيه الماء لما بعده، أو لأن إبراهيم أصبح يتروّى فيه في أمر الرؤيا"[2]
أعمال يوم التروية:
1-إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة اُستحب للذين أحلّوا بعد العمرة وهم المتمتعون أو من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين أن يُحرموا بالحج ضحى من مساكنهم وكذلك من أراد الحج من أهل مكة.
أما القارن والمفرد الذين لم يُحلّوا من إحرامهم فهم باقون على إحرامهم الأول.
لقول جابر رضي الله عنه في صفة حجّ النبي -صلى الله عليه وسلم-:
"فحلّ الناس كلهم وقصّروا إلا النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه هدي ، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلّوا بالحج" مسلم (2137)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- :
"فإذا كان يوم التروية أحرم وأهلّ بالحج، فيفعل كما فعل عند الميقات، وإن شاء أحرم من مكة، وإن شاء من خارج مكة هذا هو الصواب.
وأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أحرموا كما أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من البطحاء، والسُّنّة أن يُحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، وكذلك المكي يحرم من أهله"[3]
2- يُستحب لمن يريد الإحرام الاغتسال والتنظف والتطيّب وأن يفعل ما فعل عند إحرامه من الميقات.
3- ينوي الحج بقلبه ويلبّي قائلاً:
لبّيك حجاً
وإن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال:
فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني
وإذا كان حاجاً عن غيره نوى بقلبه الحجّ عن غيره، ثم قال:
لبّيك حجّاً عن فلان أو عن فلانة أو عن أم فلان إن كانت أنثى ثم يستمر في التلبية
" لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك "
وإن زاد:لبّيك إله الحق لبّيك، فحسن لثبوت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
4- يُستحب للحجّاج التوجّه إلى منى ضحى اليوم الثامن قبل الزوال والإكثار من التلبية.
5- يُصلّي الحاج بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر التاسع قصراً بلا جمع، إلا المغرب والفجر فلا يُقصران؛ لقول جابر رضي الله عنه:
(وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس) رواه مسلم (2137)
ويقصر الحجاج من أهل مكة الصلاة بمنى، فلا فرق بينهم وبين غيرهم من الحجاج
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى بالناس من أهل مكة وغيرهم قصراً ولم يأمرهم بالإتمام ولو كان واجبا عليهم لبيّنه لهم.
6- يُستحب للحاج أن يبيت بمنى ليلة عرفة لفعله -صلى الله عليه وسلم-
فإذا صلّى فجر اليوم التاسع مكث حتى تطلع الشمس
فإذا طلعت سار من منى إلى عرفات ملبّياً أو مكبّراً لقول أنس رضي الله عنه:
"كان يُهلّ منا المهلّ فلا يُنكر عليه، ويُكبّر منا المكبّر فلا يُنكر عليه" رواه البخاري (1549) بلفظه، ومسلم (2254)،
وقد أقرّهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك
لكن الأفضل لزوم التلبية لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لازمها.
7- ماتم ذكره من أعمال اليوم الثامن يُسنّ للحاج فعلها تأسّياً بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وليست واجبة
فلو قدم إلى عرفة يوم التاسع مباشرة جاز ، لكن لابد أن يقف بعرفة محرماً ، سواء أحرم يوم الثامن أو قبله أو بعده
قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-:
"ثم يخرج إلى منى من كان بمكة محرماً يوم التروية والأفضل أن يكون خروجه قبل الزوال فيصلّي بها الظهر وبقية الأوقات إلى الفجر ويبيت ليلة التاسع لقول جابر رضي الله عنه:
(وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس) رواه مسلم (2137)
وليس ذلك واجباً بل سنّة وكذلك الإحرام يوم التروية ليس واجباً فلو أحرم بالحج قبله أو بعده جاز ذلك، وهذا المبيت بمنى ليلة التاسع وأداء الصلوات الخمس فيها سنة وليس بواجب"[4].
اللهم اهدنا وسددنا، وألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، و الحمد لله رب العالمين.
-------------------------
[1] المصباح المنير للمقري الفيومي (1/ 246).
[2] مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (2/410).
[3] مجموع الفتاوى (26/128-129).
[4] الملخص الفقهي (1/242).
http://www.youtube.com/watch?v=aM7tSqeo-wo&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=B5QRfunV290&feature=related
يٌتبـــــــــع
أحلام أحمد
24-10-2012, 01:47 AM
فضل يوم عرفة
د. راشد بن معيض العدواني
http://im19.gulfup.com/RXsm1.jpg
إن الليالي والأيام، والشهور والأعوام، تمضي سريعا، وتنقضي سريعا؛ هي محط الآجال؛ ومقادير الأعمال فاضل الله بينها فجعل منها: مواسم للخيرات، وأزمنة للطاعات، تزداد فيها الحسنات، وتكفر فيها السيئات، ومن تلك الأزمنة العظيمة القدر الكثيرة الأجر يوم عرفة تظافرت النصوص من الكتاب والسنة على فضله وسأوردها لك أخي القارئ حتى يسهل حفظها وتذكرها :
1- يوم عرفة أحد أيام الأشهر الحرم
قال الله -عز وجل- :
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [سورة التوبة : 39]
والأشهر الحرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب
ويوم عرفه من أيام ذي الحجة
2- يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج
قال الله -عز وجل- :
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [سورة البقرة : 197]
وأشهر الحج هي : شوال ، ذو القعدة ، ذو الحجة.
3- يوم عرفة أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه
قال الله -عز وجل- :
(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [سورة الحج:28].
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :
الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة.
4- يوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبّها على عظم فضلها وعلو قدرها
قال الله -عز وجل- :
(وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [سورة الفجر:2].
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح.
5- يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
(ما من عمل أزكى عند الله -عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله -عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله -عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الدارمي وحسن إسناده الشيخ محمد الألباني في كتابه إرواء الغليل.
6- يوم عرفة أكمل الله فيه الملّة، وأتمّ به النعمة
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- :
إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال:
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ سورة المائدة:5]
قال عمر -رضي الله عنه- :
قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
7- صيام يوم عرفة :
فقد جاء الفضل في صيام هذا اليوم على أنه أحد أيام تسع ذي الحجة التي حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على صيامها
عن هنيدة بن خالد -رضي الله عنه- عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت :
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر:أول اثنين من الشهر وخميسين) صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود.
كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل عن صيام يوم عرفة :
(يُكفّر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم في الصحيح
وهذا لغير الحاج
وأما الحاج فلا يُسنّ له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.
8- أنه يوم العيد لأهل الموقف
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ) رواه أبو داود وصححه الألباني .
9- عظم الدعاء يوم عرفة
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(خير الدعاء دعاء يوم عرفة ) صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة
قال ابن عبد البر -رحمه الله- :
وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.
10- كثرة العتق من النار في يوم عرفة
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
( ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم في الصحيح.
11- مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
( إن الله يُباهي بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصحح إسناده الألباني .
12- التكبير:
فقد ذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين :
التكبير المقيّد
الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة
قال ابن حجر -رحمه الله- :
ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث
وأصح ما ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود -رضي الله عنهم- أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى) .
وأما التكبير المطلق
فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يُكبّرون ويُكبّر الناس بتكبيرهما
والمقصود تذكير الناس ليكبّروا فرادى لا جماعة .
13- فيه ركن الحج العظيم
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(الحجّ عرفة) متفق عليه.
هذا ما تيّسر جمعه سائلا الله أن يتقبل منا ومن المسلمين أعمالهم وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
http://www.youtube.com/watch?v=U0z2pj-z7e0&feature=related
يُتبــــــع
أحلام أحمد
26-10-2012, 02:26 AM
يوم عرفة .. يوم إكمال الدين
شبكة الإسلام اليوم
http://im13.gulfup.com/fWQy1.png
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فيوم عرفة من الأيام الفاضلة، تُجاب فيه الدعوات، وتُقال العثرات، ويُباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يوم عظَّم الله أمره، ورفع على الأيام قدره.
وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.
ويوم كهذا -أخي الحاج- حريّ بك أن تتعرّف على فضائله، وما ميّزه الله به على غيره من الأيام، وتعرف كيف كان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه؟
نسأل الله أن يُعتق رقابنا من النار في هذا اليوم العظيم.
فضائل يوم عرفة
1- أنّه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ رجلاً من اليهود قال له:
يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: أي آية؟ قال:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]
قال عمر:
قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
2-أنه يوم عيد لأهل الموقف :
قال صلى الله عليه وسلم:
«يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب» [رواه أهل السّنن]
وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: "نزلت -أي آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ}- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد".
3- أنّه يوم أقسم الله به:
والعظيم لا يُقسم إلاّ بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى:
{وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3]
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
«اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة..» [رواه الترمذي وحسنه الألباني]، وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله:
{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3]
قال ابن عباس:
"الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة" وهو قول عكرمة والضحاك.
4- أنّ صيامه يكفّر سنتين:
فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن صوم يوم عرفة فقال:
«يكفّر السنة الماضية والسنة القابلة» [رواه مسلم].
وهذا إنّما يُستحب لغير الحاج
أمّا الحاج فلا يُسنّ له صيام يوم عرفة؛ لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك صومه، وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.
5- أنّه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم:
فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-:
«إنّ الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان -يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا {إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172-173]» [رواه أحمد وصححه الألباني].
فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق!
6- أنّه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النّار والمباهاة بأهل الموقف:
ففي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلّى الله عليه وسلم- قال:
«ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنّه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟».
وعن ابن عمر أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
«إنّ الله تعالى يُباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً» [رواه أحمد وصححه الألباني].
وينبغي على الحاج أن يُحافظ على الأسباب التي يُرجى بها العتق والمغفرة ومنها:
***حفظ جوارحه عن المحرمات في ذلك اليوم:
فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي -صلّى الله عليه وسلم-:
«ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له» [رواه أحمد].
***الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم:
فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال:
«كنا مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل… » [رواه مسلم].
***الإكثار من الدعاء بالمعفرة والعتق في هذا اليوم، فإنّه يرجى إجابة الدعاء فيه:
فإنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
«خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
فعلى المسلم أن يتفرّغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدعُ لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، ولا يتعدّى في عدائه، ولا يستبطئ الإجابة، ويلحّ في الدعاء، فطوبى لعبد فقه الدعاء في يوم الدعاء.
***لتحذر -أخي الحاج- من الذنوب التي تمنع المغفرة في هذا اليوم، كالإصرار على الكبائر والاختيال والكذب والنميمة والغيبة وغيرها، إذ كيف تطمع في العتق من النار وأنت مصر على الكبائر والذنوب؟! وكيف ترجو المغفرة وأنت تُبارز الله بالمعاصي في هذا اليوم العظيم؟!
***من آداب الدعاء في هذا اليوم أن يقف الحاج مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، متضرّعاً إلى ربّه معترفاً بتقصيره في حقه، عازماً على التوبة الصادقة.
هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم عرفة
قال ابن القيم -رحمه الله-:
"لما طلعت شمس يوم التاسع سار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من منى إلى عرفة، وكان معه أصحابه منهم الملبّي ومنهم المكبّر، وهو يسمع ذلك ولا يُنكر على هؤلاء ولا على هؤلاء، فنزل بنمرة حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحلت، ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عرنة، فخطب النّاس وهو على راحلته خطبة عظيمة قرر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرّمات التي اتفقت الملل على تحريمها.
وخطب -صلى الله عليه وسلم- خطبة واحدة، لم تكن خطبتين، فلمّا أتمها أمر بلالاً فأذن، ثم أقام الصلاة، فصلّى الظهر ركعتين أسرّ فيهما بالقراءة، ثم أقام فصلّى العصر ركعتين أيضاً ومعه أهل مكة وصلّوا بصلاته قصراً وجمعاً بلا ريب، ولم يأمرهم بالإتمام، ولا بترك الجمع.
فلما فرغ من صلاته ركب حتى أتى الموقف، فوقف في ذيل الجبل عند الصخرات، واستقبل القبلة، وجعل جلّ المشاة بين يديه، وكان على بعيره، فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس، وأمر النّاس أن يرفعوا عن بطن عرنة، وأخبر أنّ عرفة لا تختص بموقفه ذلك، بل قال:
«وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف».
وأرسل إلى النّاس أن يكونوا على مشاعرهم ويقفوا بها، فإنّها من إرث أبيهم إبراهيم، وهنالك أقبل ناس على أهل نجد، فسألوه عن الحج فقال:
«الحج عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع تم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه»
وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره، وأخبرهم أنّ خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
فلما غربت الشمس، واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة أفاض إلى عرفة، وأردف أسامة بن زيد خلفه، وأفاض بالسكينة، وضمّ إليه زمام ناقته، حتى إنّ رأسها ليصيب طرف رحله وهو يقول:
«يا أيّها النّاس، عليكم السكينة، فإنّ البر ليس بالإيضاع» أي: ليس بالإسراع.
وكان -صلّى الله عليه وسلم- يُلبّي في مسيره ذلك، ولم يقطع التلبية
فلما كان في أثناء الطريق نزل -صلوات الله وسلامه عليه- فبال، وتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقال له أسامة: الصلاة يا رسول الله، فقال:
«الصلاة- أو المصلى- أمامك».
ثم سار حتى أتى المزدلفة، فتوضأ وضوء الصلاة، ثم أمر بالأذان فأذّن المؤذن، ثم قام فصلّى المغرب قبل حطّ الرحال وتبريك الجمال
فلما حطوا رحالهم أمر فأُقيمت الصلاة، ثم صلّى عشاء الآخرة بإقامة بلا أذان، ولم يصلّ بينهما شيئاً ثم نام حتى أصبح، ولم يُحي تلك الليلة، ولا صحّ عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء".
من أحوال السلف بعرفة
أمّا عن أحوال السلف الصالح بعرفة فقد كانت تتنوع :
فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء:
وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما:
اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي.
وقال الآخر:
ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أنّي فيهم!.
ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء:
قال عبدالله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.
العبد بين حالين
إذا ظهر لك -أخي الحاج- حال السلف الصالح في هذا اليوم، فاعلم أنّه يجب أن يكون حالك بين خوف صادق ورجاء محمود كما كان حالهم.
والخوف الصادق:
هو الذي يحول بين صاحبه وبين حرمات الله -تعالى-، فإذا زاد عن ذلك خيف منه اليأس والقنوط.
والرجاء المحمود:
هو رجاء عبد عمل بطاعة الله على نور وبصيرة من الله، فهو راجٍ لثواب الله، أو عبد أذنب ذنباً ثم تاب منه ورجع إلى الله، فهو راجٍ لمغفرته وعفوه.
قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218].
فينبغي عليك أخي الحاج أن تجمع في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم المبارك بين الأمرين: الخوف والرجاء؛ فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه.
هنيئاً لمن وقف بعرفة
فهنيئاً لك -أخي الحاج- يا من رزقك الله الوقوف بعرفة بجوار قوم يجارون الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب أخلص الله من التوبة وصدقه، وهارب لجأ إلى باب الله وطرقه، فكم هنالك من مستوجب للنّار أنقذه الله وأعتقه، ومن أعسر الأوزار فكّه وأطلقه وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويُباهي بجمعهم أهل السماء، ويدنو ثم يقول: «ما أراد هؤلاء؟» لقد قطعنا عند وصولهم الحرمان، وأعطاهم نهاية سؤالهم الرحمن.
وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.youtube.com/watch?v=ZgeOynLyWpw&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=5yuNwcEmfkU&feature=relmfu
يُتبـــع
أحلام أحمد
26-10-2012, 03:33 AM
عرفـــــــــــــــات
الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-
http://im13.gulfup.com/bCbX1.gif
﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 27 - 29].
هنالك ينكشف الغطاء، وتنفتّح أبواب السماء، فيتوجّه الحجّاج إلى الله بقلوب انزاحت عنها ظلمة الأهواء والشهوات، وأشرقت عليها الأنوار، فسمت حتى رأت الأرض ومن عليها ذرة صغيرة تحملها رياح القدرة، ثم سمت حتى سمعت تسبيح الملائكة بألسنة الطاعة، ثم سمت حتى تدبرت القرآن غضّاً غريضاً، كأنما نزل به الوحي أمس، وسمعت النداء من جانب القدس:
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
فأجابت:
لبيك اللهم لبيك
فرددت بطاح عرفات، وأرجاء الحرم، ورددت السماوات السبع والأرضون السبع لبيك اللهم لبيك
هنالك تتنفس الإنسانية التي خنقها دخان البارود، وعلامات الحدود، وسيّد ومسود، وعبد ومسيود، وتحيا في عرفات حيث لا كبير ولا صغير، ولا عظيم ولا حقير، ولا مأمور ولا أمير، ولا غني ولا فقير.
هنالك تتحقق المثل العليا التي لم يعرفها الغرب إلا في أدمغة الفلاسفة وبطون الأسفار، فتزول الشرور، وترتفع الأحقاد، وتعمّ المساواة، ويسود السلام، ويجتمع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم في صعيد واحد، لباسهم واحد، يتوجهون إلى ربّ واحد، ويُؤمنون بنبي واحد، ويدينون بدين واحد، ويصيحون بلسان واحد:
لبيك اللهم لبيك
هنالك تظهر المعجزة الباقية، فتُطوى الأرض ثم تُؤخذ من أطرافها، حتى تُوضع كلها في عرفات، فتلتقي شطآن أفريقيا بسواحل آسيا، ومدن أوروبا بأكواخ السودان، ونهر الكنج بنهر النيل، وجبال طوروس بجبال البلوز، فيعرف المسلم أن وطنه أوسع من أن تحدّه على الأرض جبال أو بحار، أو مرقه ألوان على المصور فوق ألوان، أو تفرقه في السياسة خرق تتميز من خرق، وأعلام تختلف عن أعلام.
ذلك لأن وطن المسلم في القرآن، لا في التراب ولا الحجار، ولا في البحيرات والأنهار، ولا في الجبال والبحار:
(إنما المؤمنون إخوة)
لا (إنما المصريون...)، ولا: (إنما الشاميون... )، ولا (إنما العراقيون... ).
هنالك يتفقّد الإخوة إخوتهم، فيُعين القوي الضعيف، ويُعطي الغني الفقير، ويُساعد العزيز الذليل، فلا ينصرفون من الحج إلا وهم أقوياء أغنياء أعزاء.
هناك يذكر المسلم كيف مرّ سيد العالم -صلّى الله عليه وسلم- بهذه البطاح مُهاجراً إلى الله، تاركاً بلده التي نشأ فيها، وقومه الذين رُبّي فيهم
وكيف جاء حتى وقف على الحزورة فنظر إلى مكة وقال:
(إنك لأحبّ بلاد الله إلى الله، وإنك لأحبّ بلاد الله إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)
فيستقبل هذه الصحراء الهائلة، وليس معه إلا الصديق الأمين يتلفّت كلما سار ليتزوّد بنظرةٍ من مكة حتى غابت عن الأنظار، فانطلقا يؤمان الغار.
هل علمت هذه البطاح أن هذا الرجل الفرد سيقف وحده في وجه العالم كله، يصرع باطله بقوة الحق ويُواجهه بنور الإسلام، ويهدي ضلالته بهدي القرآن
خرج من مكة مستخفياً، وسيعود إليها بعشرة آلاف من الأبطال، فتفتح له مكة أبوابها وتتهاوى عند قديمه أسيادها تعتو له الجزيرة، ثم يخضع لدينه نصف المعمورة
هل علمت هذه البطاح أن هؤلاء النفر الذين هربوا من جبروت قريش وسلطانها، سيعزّون حتى تدين لهم قريش، ثم يعزّون حتى يرثوا كسرى وقيصر في أرضيهما، ثم يعزّون حتى يرثوا الأرض ومن عليها، وسيكثرون حتى يبلغوا أربعمائة مليون، وسيتفرّقون في الأرض داعين مجاهدين فاتحين، ثم يجتمعون في عرفات حاجّين مُنيبين مُلبّين:
لبّيك اللهم لبيك
هنالك وقف سيد العالم -صلّى الله عليه وسلم- في حجّة الوداع يُعلن حقوق الإنسان، ويُقرر مبادئ السلام وينشر الأخوة والعدالة والمساواة بين الناس قبل أن تنشرها فرنسا بألف عام.
أيها الناس:
اسمعوا مني أُبيّن لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
أيها الناس:
إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
ألا هل بلغت؟
اللهم فاشهد
أيها الناس:
إنما المؤمنون إخوة، لا يحلّ لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه
ألا هل بلغت؟
اللهم اشهد
أيها الناس:
إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربيّ فضلٌ على عجمي إلا بالتقوى
ألا هل بلغت؟
اللهم اشهد
وهنالك وقف يُعلن انتهاء الرسالة الكبرى التي بعثه الله بها إلى الناس كافة، ويتلو قوله -جل وعز-:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
ويبعث صحابته ليحملوا هذه الرسالة إلى آخر الأرض، ثم يحملوها إلى آخر الزمان.
فحملوها فأنشأوا بها هذه الحضارة التي استظلّ بظلّها الشرق، ويستظلُّ بظلها الغرب.
في عرفات تتجلى عظمة الإسلام، دين الحرية والمساواة والعلم والحضارة
ومن عرفات يسمع المسلمون داعي الله يدعو:
حي على الصلاة!
حي على الفلاح!
فيُجيبون:
لبيك اللهم لبيك
وينطلقون ليعملوا للآخرة كأنهم يموتون غداً، ويعملوا للدنيا كأنهم يعيشون أبداً
فلتفسد الأرض، ولتطغ الشرور، وليعصف الحديد، ولينفجر البارود، ولتغص الإنسانية في حمأة الرذيلة إلى العنق
فإنه لا خوف على الفضيلة ولا على الحق ولا على السلام، ما دام في الأرض عرفــــــات
وما دام في الجو هذا الصوت القدسي المجلجل:
لبيك اللهم لبيك
http://www.youtube.com/watch?v=GzjuoVvP7aA
يُتبـــــــــــع
أحلام أحمد
26-10-2012, 03:41 AM
http://im20.gulfup.com/fpb63.gif
أحلام أحمد
26-10-2012, 04:12 AM
أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك
صيـــد الفوائد
http://im18.gulfup.com/zy061.jpg
أخي الحبيب:
نُحييك بتحية الإسلام ونقول لك:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ونهنئك مقدماً بقدوم عيد الأضحى المبارك ونقول لك:
تقبّل الله منا ومنك، ونرجو أن تقبل منا هذه الرسالة التي نسأل الله -عز وجل- أن تكون نافعة لك ولجميع المسلمين في كل مكان.
أخي المسلم:
الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم-
لذا أحببنا أن نذكّرك ببعض الأمور التي يُستحب فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها لك في نقاط هي:
التكبيــــــــــر:
يُشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال -تعالى-:
((واذكروا الله في أيام معدودات)).
وصفته أن تقول:
(الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)
وجهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات إعلان بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
ذبح الأضحية:
ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله -صلى عليه وسلم-:
"من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح"رواه البخاري ومسلم
ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
"كل أيام التشريق ذبح". انظر: السلسلة الصحيحة برقم 2476.
الاغتسال والتطيّب للرجال:
ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيُشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبّرج ولا تطيّب
فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيّب أمام الرجال.
الأكل من الأضحية:
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته. زاد المعاد 1/ 441.
الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً إن تيّسر:
والسنة الصلاة في مصلّى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيُصلّى في المسجد لفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- .
الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة:
والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن صلاة العيد واجبة لقوله -تعالى-:
((فصلّ لربك وانحر))
ولا تسقط إلا بعذر
والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيَّض والعواتق، وتعتزل الحيَّض المصلى.
مخالفة الطريق:
يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- .
التهنئة بالعيد:
لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:
***التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص يقول التكبير.
***اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.
***أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يُضحّي من أراد الأضحية لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك.
***الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله-تعالى -:
((ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)) الأنعام: 141.
وختاماً:
لا تنسَ أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام -أيام عشر ذي الحجة- عملا ًصالحاً خالصاً لوجهه الكريم.
وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.youtube.com/watch?v=I-2HiyxbhFY&list=PLA8F299C78878BF7D&index=1&feature=plpp_video
يُتبـــــــــــــــــــع
عبد الرحيم بيوم
26-10-2012, 08:36 AM
بورك العطاء والمتابعة
استمتعنا حقا بهذه النقول الماتعة
تحياتي لك وتقبل الله منا ومنك
أحلام أحمد
27-10-2012, 12:38 AM
بورك العطاء والمتابعة
استمتعنا حقا بهذه النقول الماتعة
تحياتي لك وتقبل الله منا ومنك
آميـــــــــــــــــن
تقبّل الله منّا أجمعين
ومنحنا المقدرة على دوام الأعمال الصالحة
وأعاد علينا هذه المناسبة العظيمة وبلادنا الإسلامية في حال أحسن
....
متّعك الله بالصحة والعافية
وبُورك المُتابع والمُساند
أشكرك أيها الكريم
وجزاك الله خيرا
أحلام أحمد
27-10-2012, 01:46 AM
فضل يوم النحر( يوم العيد ):
مناسك
http://im28.gulfup.com/9WIz1.png
لقد فضّل الله يوم النحر بأن جعله يوماً من أيامه المشهودة، وهو عيد من أعياد المسلمين، كما جاء في حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(يومُ عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهلُ الإسلام …)[1]
وهو أعظم أيام العام عند الله تعالى، كما جاء في حديث عبد الله بن قُرْط -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(إن أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر، ثم يوم القَرِّ)[2]
ويوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر؛ لأن الناس يقرون بمنى.
فهو أفضل أيام العام؛ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"أفضل أيام العام هو يوم النحر وقد قال بعضهم: يوم عرفة
والأول هو الصحيح لأن فيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره:
كالوقوف بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة وحدها، والنحر، والحلق، وطواف الإفاضة، فإن فعل هذه فيه أفضل بالسنّة واتفاق العلماء"[3]
ويقول ابن القيم -رحمه الله-:
"فخير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر"[4]
وقد جاءت تسميته بـِ: "يوم الحج الأكبر" في كتاب الله وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-
يقول الله -تعالى-:
{وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} (سورة التوبة 3)
وجاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف يوم النحر في الحجة التي حجّ فيها، فقال:
(أي يوم هذا؟)
فقالوا: يوم النحر
فقال:
(هذا يوم الحج الأكبر)[5].
في هذا اليوم المشهود يتقرّب العباد إلى ربهم بإراقة دماء الأضاحي والهدي، وهذا من أفضل القربات، وأجلّ الطاعات، فقد قرن الله الذبح بالصلاة، قال -تعالى-:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (سورة الكوثر:2)
وقال -جل وعلا-:
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأنعام:161، 162).
أعمال الحاج يوم العيد:
- يدفع الحجاج من مزدلفة إلى منى بعد فجر يوم العيد إذا أسفر الصبح جداً قبل أن تشرق الشمس، ويجوز للضعفة وأصحاب الحاجات الدفع بعد منتصف ليلة النحر. فإذا وصل الحاج إلى منى فإنه يقوم بأعمال عديدة في هذا اليوم. وسيكون حديثنا عن أعمال الحجاج في هذا اليوم تبعاً لنسك كل حاج.
أولا: المتمتع:
وهو من تمتع بالعمرة إلى الحج ، فجاء بالعمرة كاملة في أشهر الحج ثم تحلل منها، ثم أحرم بالحج بعدها.
أعمال المتمتع يوم العيد هي:
أولا:
رمي جمرة العقبة الكبرى -وهي الجمرة التي تلي مكة في منتهى منى- بسبع حصيات مكبّراً مع كل حصاة، ومقدار الحصاة مثل حصى الخذف؛ لحديث جابر في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(ثم سلك الطريق التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف) رواه مسلم(2137)
وحكم رميها واجب، ويجبر تركه بدم، وهذا قول الجمهور.
ثانيا:
نحر الهدي أو ذبحه، ويجوز أن ينحر في أي مكان آخر من منى أو في مكة، لحديث جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر؛ فانحروا في رحالكم...) رواه مسلم(2138).
ثالثا:
حلق الشعر أو تقصيره، والحلق أفضل. والمرأة تأخذ من شعرها قدر أنملة.
رابعا:
طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج؛ قال تعالى:
{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (سورة الحج: 29).
ويجوز تأخيره إلى اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر أو مع طواف الوداع
لكن السُّنة أن يطوفه يوم العيد ضحى.
خامساً:
السعي، وهو ركن من أركان الحج، وهو سبعة أشواط، ويجوز تأخيره لليوم التالي، أو الذي يليه، أو مع طواف الوداع.
سادساً :
الرجوع إلى منى والمبيت بها ليلة الحادي عشر
والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق واجب من واجبات الحج
والسنة أن يبيت الليل كله، فإن شق عليه، فالضابط في ذلك أن يبقي في منى أكثر الليل
فإن فعل ذلك فقد أدى الواجب سواءً كان من أول الليل أو من آخره.
ثانيا: القارن
وهو من أحرم في نسكه بالجمع بين الحج والعمرة، أو أدخل الحج على العمرة. أو أدخل العمرة على الحج في بعض أقوال أهل العلم.
أعمال القارن يوم العيد هي:
أولاً:
رمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات مكبراً مع كل حصاة.
ثانياً:
نحر الهدي أو ذبحه، ويستثنى من ذلك سكان الحرم، فلا هدي عليهم.
ثالثاً:
حلق الشعر أو تقصيره، والحلق أفضل ، والمرأة تقصر من شعرها قدر أنملة.
رابعاً:
طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، ويجوز تأخيره إلى اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر أو مع طواف الوداع.
خامساً:
السعي إن لم يسع مع طواف القدوم. فإن كان قد سعى مع طواف القدوم فلا سعي عليه.
سادساً:
الرجوع إلى منى والمبيت بها ليلة الحادي عشر. والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق واجب من واجبات الحج. والسنة أن يبيت الليل كله، فإن شق عليه، فالضابط في ذلك أن يبقي في منى أكثر الليل، فإن فعل ذلك فقد أدى الواجب سواءً كان من أول الليل أو من آخره.
ثالثا: المفرد:
وهو من أحرم بالحج وحده.
أعمال المفرد يوم العيد هي:
أولاً:
رمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات مكبراً مع كل حصاة.
ثانياً:
حلق الشعر أو تقصيره، والحلق أفضل، والمرأة تقصر من شعرها قدر أنملة.
ثالثاً:
طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج ، ويجوز تأخير طواف الإفاضة إلى اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر أو مع طواف الوداع.
رابعاً:
السعي إن لم يسع مع طواف القدوم. فإن كان قد سعى مع طواف القدوم فلا سعي عليه.
خامسا:
الرجوع إلى منى والمبيت بها ليلة الحادي عشر. والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق واجب من واجبات الحج. والسنة أن يبيت الليل كله، فإن شق عليه، فالضابط في ذلك أن يبقي في منى أكثر الليل، فإن فعل ذلك فقد أدى الواجب سواءً كان من أول الليل أو من آخره.
ترتيب أعمال الحج يوم العيد:
الأفضل ترتيب أعمال يوم العيد كما يلي:
1- الرمي
2- ذبح الهدي
3- الحلق أو التقصير
4- الطواف
5- السعي.
هذا هو السنة، وهو الأفضل تأسيا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فإن أخلّ بالترتيب، وقدَّم بعضها على بعض، فلا حرج
فعن عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه: فقال رجل لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال: (( اذبح ولا حرج )) فجاء آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، قال: (( ارم ولا حرج )) فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج "رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-:
" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال لا حرج " رواه البخاري 2306 .
يقول العلامة ابن باز -رحمه الله-:
"السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات، يبدأ برمي جمرة العقبة وهي التي تلي مكة، ويرميها بسبع حصيات كل حصاة على حدة يكبر مع كل حصاة، ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل. ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. فإنه رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف عليه الصلاة والسلام .هذا الترتيب هو الأفضل الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج، أو نحر قبل أن يرمي، أو أفاض قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه. فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن من قدم أو أخر، فقال: (لا حرج لا حرج)"[6]
بم يكون التحلل؟
التحلل هو خلع الإحرام، ولبس المخيط من الثياب.
ويكون التحلل الأول:
بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير، فيحل له كل محظورات الإحرام إلا النساء. وهذا قول الجمهور.
وقيل يكون بعد رمي جمرة العقبة فقط، باعتبار أن الحلق ليس نسكاً وهذا خلاف الراجح.والأحوط ما ذهب إليه الجمهور.
التحلل الثاني:
ويكون بعد طواف الإفاضة؛ بالنسبة للمفرد والقارن إذا كانا قد أتيا بالسعي عند القدوم، وأما المتمتع يكون بعد طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، ويحل للجميع كل محظورات الإحرام حتى النساء.
فهذا لمن قام بأعمال يوم النحر على الترتيب الوارد في السنة ، وحيث إنه يجوز التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر ، فإن التحلل يكون بفعل ثلاثة أمور ، من فعل اثنين منها حلّ التحلل الأول، إذا رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف وسعى إن كان عليه سعي، أو طاف وسعى وحلق أو قصر. ويحصل التحلل الثاني بفعل الثلاثة: برمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة وسعي الحج.
وقت رمي جمرة العقبة:
اتفق العلماء على أن أفضل وقت لرمي جمرة العقبة بعد طلوع شمس يوم النحر إلى الزوال، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر :
"رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس " رواه مسلم (2290 )
فمن رماها من طلوع الشمس إلى الزوال فقد أصاب سنتها ووقتها المختار.
واختلفوا في أول وقت رميها على أقوال:
الأول:
يبدأ وقت جواز الرمي، من بعد نصف الليل الأول من ليلة النحر وبه قال الشافعي وأحمد. وذلك لما روته عائشة رضي الله عنها قالت:
"استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أن تدفع قبله، وكانت ثبطة، أي ثقيلة، فأذن لها" (رواه البخاري(1568) ومسلم(2271)
وقولها أيضاً رضي الله عنها:
" أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني عندها " رواه أبوداود[7]
قال النووي -رحمه الله-:
"قال الشافعي والأصحاب: السنة تقديم الضعفاء من النساء وغيرهم من مزدلفة قبل طلوع الفجر بعد نصف الليل إلى منى ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس.."[8]
فلما كان منتصف الليل وقت للدفع من مزدلفة، فكان وقتاً للرمي، كبعد طلوع الشمس، وما ورد من الرمي بعد طلوع الشمس هو للاستحباب، وهذا وقت الجواز جمعاً للأحاديث.
الثاني:
يبدأ وقت الرمي بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، وبه قال أبو حنيفة ومالك وإسحاق وابن المنذر، ورواية عن الإمام أحمد. ومما استدلوا به حديث ابن عباس رضي اله عنهما:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر، فرموا الجمرة مع الفجر" رواه أحمد.
الثالث:
يبدأ من طلوع الشمس يوم العيد، ولا يجوز قبل ذلك، وبه قال مجاهد والنخعي، والثوري، وابن حزم[9]
ودليلهم ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بضعفة أهله فأمرهم ألا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس"[10]
الرابع:
أول وقته للضعفة من طلوع الفجر، ولغيرهم من بعد طلوع الشمس، قال به جماعة من أهل العلم، واختاره ابن القيم رحمه الله والشنقيطي[11]
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد طلوع الشمس كما في حديث جابر الطويل، وقال:
(لتأخذوا مناسككم) رواه مسلم(2286)
والإذن إنما هو للنساء والضعفة
يقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-:
"وقت الرمي بالنسبة لجمرة العقبة يوم العيد يكون لأهل القدرة والنشاط من طلوع الشمس يوم العيد، ولغيرهم من الضعفاء ومن لا يستطيع مزاحمة الناس من الصغار والنساء يكون وقت الرمي في حقهم من آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترتقب غروب القمر ليلة العيد فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى ورمت الجمرة، أما آخره فإنه إلى غروب الشمس من يوم العيد، وإذا كان زحام أو كان بعيداً عن الجمرات وأحب أن يؤخره إلى الليل فلا حرج عليه في ذلك، ولكنه لا يؤخره إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر"[12]
واختلفوا في آخر وقت رمي جمرة العقبة على أقوال:
الأول:
غروب شمس يوم النحر، وهو قول الثوري، ومالك ووجه عند الشافعية.
قال ابن عبدالبر -رحمه الله-:
"أجمع أهل العلم على أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها، وإن لم يكن مستحباً لها"[13]
الثاني:
طلوع فجر اليوم الثاني، وهو قول أبي حنيفة، ووجه عند الشافعية أيضاً.
الثالث:
يمتد إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو قول الحنابلة والمشهور عند الشافعية، وهو الذي ذكره الشافعي رحمه الله في الأم[14]
إلا أنه عند أحمد: إذا أخر الرمي إلى أيام التشريق فإنه لا يرميها إلا بعد الزوال.
وقد أفتى جمع من أهل العلم، ومنهم الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله بجواز الرمي وليلاً
والدليل على ذلك عدم ورود الدليل المانع
والأصل التوسعة على الناس فيما لم يرد فيه نص صحيح صريح ولاسيما مع شدة الزحام
وقد تقرر في القواعد أن رفع الحرج أصل من أصول الشريعة
وما خيّر -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً، ولا إثم في الرمي ليلاً إذ لا دليل يمنعه، والأصل عدم المنع .
لذا فإنه لا بأس بتأخير الرمي إلى قبيل الفجر من يوم الحادي عشر
والراجح جواز الرمي ليلاً
وأن وقت رمي جمرة العقبة يمتد إلى طلوع الفجر من يوم الحادي عشر، فمن رماها في هذا الوقت فقد أصاب النسك.
ويستدل عليه أيضاً بحديث:
(رميت بعد ما أمسيت) فقال: (لا حرج) رواه البخاري(1608).
وكذلك فإن من أخر رمي جمرة العقبة إلى الليل ورماها فإن رميه هذا أداء لا رمي قضاء على الصحيح من أقوال أهل العلم
لأن القضاء فعل العبادة بعد خروج وقتها، والليل وقت للرمي، فالرمي في الليل رمي في الوقت لا رمي خارج الوقت فيكون أداءً لا قضاء والله ربنا أعلى وأعلم"[15].
وقت نحر الهدي وذبحه:
الصحيح في ذلك أن وقت ذبح الهدي هو وقت ذبح الأضحية
فيبدأ وقت الذبح من بعد صلاة العيد أو بقدرها لمن لم يصلِّ، ويستمر إلى غروب شمس ليلة الثالث عشر من ذي الحجة
وكلما بدّر بذبحه كان أفضل وأنفع للفقراء والمحتاجين
فالأفضل ذبحه يوم العيد، ثم اليوم الحادي عشر وهكذا
وقد قال بعض أهل العلم بجواز ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم العيد، وهذا قول ضعيف لا دليل عليه
بل الدليل على عكس ذلك تماماً فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يذبح هديه قبل يوم العيد، مع أن الحاجة ماسة وداعية إلى ذبحه، لأنه قال:
"لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت"رواه البخاري (1541) ومسلم(2122).
وهذا الحديث دليل على أنه لا يجوز ذبح الهدي قبل يوم العيد وقبل الصلاة، ولو كان ذلك جائزاً لذبحه النبي -صلى الله عليه وسلم- وحلّ من إحرامه
فلما لم يفعل ذلك عُلم أن ذبح الهدي قبل صلاة العيد لا يجوز ولا يُجزئ.
مكان نحر الهدي:
ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن نحر الهدي لابد أن يكون داخل الحرم في مكة أو منى أو مزدلفة، سواء كان هدي تطوع أو هدي تمتع أو قران؛ لقوله تعالى:
{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} سورة الحج(33)
والمراد بذلك: الحرم كله، كما ذكر المفسرون، وقال صلى الله عليه وسلم:
(نحرت هاهنا ومنى كلها منحر) رواه مسلم (1218).
وفي رواية:
(كل فجاج مكة طريق ومنحر)[16]
وعن عطاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:
"مناحر البدن بمكة، ولكنها نزهت عن الدماء، ومنى من مكة"[17].
وعلى هذا فلا ينحر هديه في عرفة أو غيرها من الحل؛ لأنها خارج الحرم، فلا يُجزئ على المشهور عند أهل العلم
وبعض الناس قد يغفل عن ذلك، فينبغي التنبّه له.
أما الهدي لفعل محظور -كحلق الرأس- فهذا يجوز أن يكون في محل فعل المحظور ويجوز أن يكون في الحرم
لأن ما جاز في الحلّ جاز في الحرم إلا جزاء الصيد، فلابد أن يكون في الحرم؛ لقوله تعالى:
{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (سورة المائدة(95).
وأما هدي الاحصار -وهو وجود مانع من الوصول إلى البيت- فإنه يذبحه في مكان الإحصار؛ لقوله تعالى:
{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (سورة البقرة(196)
لكن لو أراد نقله إلى مساكين الحرم فلا بأس.
مكان تفريق لحم الهدي:
يُفرّق لحم الهدي داخل حدود الحرم
ثم إن كان هدي تمتع أو قران أو تطوع فله أن يأكل منه ويُهدي ويتصدّق على مساكين الحرم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أكل من لحم الهدي، كما في حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم
ولأنه دم نسك فهو بمنزلة الأضاحي
فإن أرسل منه إلى الفقراء في العالم الإسلامي فهذا عمل مشكور وجهد طيب.
وإن كان لترك واجب -على القول به- فإنه يتصدّق بجميع لحمه على مساكين الحرم، ولا يأكل منه شيئاً[18].
الاشتراك في الهدي:
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال:
(خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهلّين بالحج، فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) رواه مسلم(2323).
وهذا دليل على جواز الاشتراك في الإبل البقر، فالواحدة منها تُجزيء عن سبعة، وسواء كان الهدي هدي تطوع أو واجباً كهدي التمتع والقران
أما الشاة الواحدة فلا يجوز الاشتراك فيها، وقد نقل النووي الإجماع على ذلك[19].
يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-:
"وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- ذبح هدي العمرة عند المروة، وهدي القران بمنى، وكذلك كان ابن عمر يفعل، ولم ينحر هديه -صلى الله عليه وسلم- قط إلا بعد أن حلّ، ولم ينحره قبل يوم العيد، ولا أحد من الصحابة البتة، ولم ينحره أيضاً إلا بعد طلوع الشمس، وبعد الرمي، فهي أربعة أمور مرتبة يوم النحر"[20].
تقبّل الله من الحجاج حجهم وهديهم، ومن أهل الأمصار صلاتهم ودعاءهم وأضحيتهم، والحمد لله رب العالمين.
----------------------------
[1] رواه أبو داود (2066) والترمذي (704) والنسائي (2954)، وهو في صحيح أبي داود، برقم(2090).
[2] رواه أبو داود (1502) وهو في صحيح أبي داود، رقم(1549) وفي المشكاة (2643).
[3] مجموع الفتاوى (25/ 288) بتصرف يسير.
[4] زاد المعاد (1/54).
[5] رواه أبو داوود (1945) وصححه الألباني في صحيح أبي داود، رقم(1700) )
[6] مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (17/ 347-348).
[7] قال النووي في المجموع ( 8 / 175 ) : رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم .
[8] المجموع (8/125).
[9] انظر: مختصر اختلاف العلماء ( 2/154 ) نهاية المحتاج ( 3/298)، حلية العلماء ( 3/342)، هداية السالك ( 3/1094)، الهداية ( 1/103)، المستوعب ( 4/243)، رؤوس المسائل الخلافية ( 2/634)، ا الإفصاح ( 4/66)، المبسوط ( 4/21) بدائع الصنائع ( 2/137 )، ، إرشاد السالك ( 1/301) الشرح الصغير ( 2/367)، المغني مع الشرح ( 3/449) . المحلى ( 7/176 )
[10] قال النووي: رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم بأسانيد صحيحة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[11] انظر: فتاوى شيخ الإسلام ( 6/135)، زاد المعاد ( 472.471) أضواء البيان ( 5/276) .
[12] فتاوى الحج من أركان الإسلام، ص(48) لابن عثيمين.
[13] التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد(7/268).
[14] انظر: رسالة: "رمي الجمرات دراسة فقهية". وكذلك: مختصر اختلاف العلماء (2/156)، بداية المجتهد ( 1/378) المجموع ( 8/141، 179، 181) . البناية ( 3/717)، بدائع الصنائع ( 3/1121)، المغني مع الشرح الكبير (3/479)، الأم ( 2/214).
[15] تبصير الناسك بأحكام المناسك (138- 139). بتصرف
[16] رواه أبو داود (1937) وابن ماجة (3048) وأحمد (22/381). وقال الألباني: "الحديث بمجموع طرقه صحيح، ولاسيما وله شاهد من حديث ابن عباس أنه كان ينحر بمكة" انظر السلسلة الصحية حديث رقم (2464).
[17] أخرجه البيهقي (5/239) وإسناده صحيح.
[18] ينظر: مسائل يكثر السؤال عنها في الحج، ص(20- 21).
[19] انظر: شرح النووي على مسلم (9/437) ونيل الأوطار(5/104).
[20] زاد المعاد(2/315).
http://www.youtube.com/watch?v=GEYG4f-P1Us&feature=related
يُتبـــــــــــع
أحلام أحمد
27-10-2012, 01:53 AM
إهداء خاص
:008::008::008::008::008:
http://www.youtube.com/watch?v=rtTqZ83MtNo&feature=related
أحلام أحمد
27-10-2012, 03:09 AM
بدع الحج و العمرة و الزيارة
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-
http://im27.gulfup.com/FYtI2.jpg
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-:
"اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كُفيتم، عليكم بالأمر العتيق".
وقد رأيت أن أُلحق بالكتاب ذيلاً أسرد فيه بدع الحجّ، وزيارة المدينة المنورة، وبيت المقدس -رده الله وسائر بلاد المسلمين إليهم وألهمهم العمل بأحكام دينهم- ؛ لأن كثيراً من الناس لا يعرفونها فيقعون فيها، فأحببت أن أزيدهم نصحاً ببيانها والتحذير منها، ذلك لأن العمل لا يقبله الله -تبارك وتعالى- إلا إذا توفّر فيه شرطان اثنان:
الأول:
أن يكون خالصاً لوجهه عز وجل.
والآخر:
أن يكون صالحاً، ولا يكون صالحاً إلا إذا كان موافقاً للسنة غير مخالف لها
ومن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة لم يشرّعها لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله، ولم يتقرّب هو بها إلى الله بفعله فهي مخالفة لسنته، لأن السنة على قسمين:
سنة فعلية
و
سنة تركية
فما تركه -صلى الله عليه وسلم- من تلك العبادات فمن السنة تركها
ألا ترى مثلاً، أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونه ذكراً وتعظيماً لله -عز وجل- لم يجز التقرب به إلى الله -عز وجل-
وما ذلك إلا لكونه سنة تركها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وقد فهم هذا المعنى أصحابه -صلى الله عليه وسلم- فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيراً عاماً كما هو مذكور في موضعه، حتى قال حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-:
"كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تعبدوها".
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-:
"اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق".
فهنيئاً لمن وفقه الله للإخلاص له في عبادته، واتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يُخالطها ببدعة، إذاً فليبشّر بتقبّل الله -عز وجل- لطاعته، وإدخاله إياه في جنته.
جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
واعلم أن مرجع البدع المشار إليها إلى أمور:
الأول:
أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها ولا نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا يجوز العمل به عندنا على ما بينته في مقدمة [صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم]، وهو مذهب جماعة من أهل العلم كابن تيمية وغيره.
الثاني:
أحاديث موضوعة، أو لا أصل لها، خفي أمرها على بعض الفقهاء، فبنوا عليها أحكاماً هي من صميم البدع و محدثات الأمور!.
الثالث:
اجتهادات واستحسانات صدرت من بعض الفقهاء، خاصة المتأخرين منهم، لم يدعموها بأي دليل شرعي، بل ساقوها مساق المسلمات من الأمور، حتى صارت سنناً تتبع!، ولا يخفى على المتبصر في دينه، أن ذلك مما لا يسوغ اتباعه، إذ لا شرع إلا ما شرعه الله تعالى، وحسب المستحسن -إن كان مجتهداًـ أن يجوز له هو العمل بما استحسنه، وأن لا يؤاخذه الله به، أما أن يتخذ الناس ذلك شريعة وسنة فلا، ثم لا.فكيف وبعضها مخالف للسنة العملية كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى؟
الرابع:
عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع، ولا يشهد لها عقل، وإن عمل بها بعض الجهال واتخذوها شرعة لهم، ولم يعدموا من يؤيدهم، ولو قي بعض ذلك ممن يدعي أنه من أهل العلم، ويتزيّا بزيهم.
ثم ليعلم أن هذه البدع ليست خطورتها في نسبة واحدة، بل هي على درجات، فبعضها شرك وكفر صريح كما سترى، وبعضها دون ذلك
ولكن يجب أن يعلم أن أصغر بدعة يأتي الرجل بها في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة، فليس في البدع ـكما يتوهم بعضهمـ ما وهو في رتبة المكروه فقط، كيف ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
« كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» أي صاحبها.
وقد حقق هذا أتم تحقيق الإمام الشاطبي -رحمه الله- في كتابه العظيم (الاعتصام) ولذلك فأمر البدعة خطير جداً، لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه، ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم
وحسبك دليلاً على خطورة البدعة قوله -صلى الله عليه وسلم-:
« إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة، حتى يدع بدعته» [رواه الطبراني والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) وغيرهما بسند صحيح، وحسنه المنذري].
وأختم هذه الكلمة بنصيحة أقدّمها إلى القرّاء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين، وهو الشيخ حسن بن علي البَرْبَهاري من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله المتوفى سنة (329)
قال -رحمه الله تعالى-:
"واحذر من صغار المحدثات، فإن صغار البدع تعود حتى تصير كباراً
وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطيع المخرج منها، فعظمت، وصارت ديناً يدان به، فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن، ولا تدخل في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء؟ فإن أصبت أثراً عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيء، فتسقط في النار.
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً ونصدقاً مسلماً، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد كذبهم، وكفى بهذا فرقة وطعناً عليهم، فهو مبتدع ضال مضل، محدث في الإسلام ما ليس فيه".
قلت: ورحم الله الإمام مالك حيث قال:
"لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذ ديناً، لا يكون اليوم ديناً".
وصلذى الله على نبينا القائل:
« ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله، ويقربكم إلى النار، إلا وقد نهيتكم عنه».
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
بدع ما قبل الإحرام:
1 ـ الإمساك عن السفر في شهر صفر، وترك ابتداء الأعمال فيه من النكاح والبناء وغيره.
2 ـ ترك السفر في محاق الشهر، وإذا كان القمر في العقرب.
3 ـ ترك تنظيف البيت وكنسه عقب السفر المسافر.
4 ـ صلاة ركعتين حين الخروج إلى الحج، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُ*ونَ}، وفي الثانية (الإخلاص) فإذا فرغ قال: "اللهم بك انتشرت، وإليك توجهت...." ، ويقرأ آية الكرسي، وسورة الإخلاص، المعوذتين وغير ذلك مما جاء في بعض الكتب الفقهية.
5 ـ صلاة أربع ركعات.
6 ـ قراءة المريد للحج إذا خرج من منزله آخر سورة (آل عمران) وآية الكرسي و أنا أنزلناه و (أم الكتاب)، بزعم أن فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة.
7 ـ الجهر بالذكر والتكبير عند تشييع الحجاج وقدومهم.
8 ـ الأذان عند توديعهم.
9 ـ المحمل والاحتفال بكسوة الكعبة
[وقد قضي على هذه البدعة والحمد لله منذ سنين، ولكن لا يزال في مكانها البدعة التي بعدها، وفي الباجوري على ابن القاسم [(1/ 41)]:
ويحرم التفرج على المحمل المعروف، وكسوة مقام إبراهيم ونحوه].
10 ـ توديع الحجاج من قبل بعض الدول بالموسيقى!.
11 ـ السفر وحده أنسا بالله تعالى كما يزعم بعض الصوفية!.
12 ـ السفر من غير زاد لتصحيح دعوى التوكل!.
13 ـ السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين.
14 ـ عقد الرجل على المرأة المتزوجة إذا عزمت على الحج، وليس معها مَحْرَم، يعقد عليها ليكون معها كمحرم [وهذا و الذي بعده من أخبث البدع لما فيه من الاحتيال على الشرع والتعرض للوقوع في الفحشاء كما لا يخفى].
15 ـ مؤاخاة المرأة للرجل الأجنبي ليصير بزعمهما محرماً لها، ثم تعامله كما تعامل محارمها.
16 ـ سفر المرأة مع عصبة من النساء الثقات ـ بزعمهن ـ بدون محرم، ومثله أن يكون مع إحداهن محرم، فيزعمن أنه محرم عليهن جميعاً!.
17 ـ أخذ المكس -أي ضريبة الجمارك- من الحجاج القاصدين لأداء فريضة الحج.
18 ـ صلاة المسافر ركعتين كلما نزل منزلاً، وقوله: اللهم أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.
19 ـ قراءة المسافر في كل منزل ينزله سورة الإخلاص، إحدى عشرة مرة وآية الكرسي مرة، وآية {وَمَا قَدَرُ*وا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِ*هِ} مرة.
20 ـ الأكل من فَحاً -يعني البصل- كل أرض يأتيها المسافر.
21 ـ قصد بقعة يرجو الخير بقصدها، ولم تستحب الشريعة ذلك، مثل المواضع التي يقال: إن فيها أثر النبي صلى الله عليه وسلم، كما يقال في صخرة بيت المقدس، ومسجد القدم قبليّ دمشق، وكذلك مشاهد الأنبياء والصالحين [وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه رأى الناس في حجته يبتدرون إلى مكان، فقال: "ما هذا؟" فقيل: "مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال: "هكذا هلك أصحاب الكتاب، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له منكم فيها الصلاة فليصل، وإلا فلا يصل"].
22 ـ شهر السلاح عند قدوم تبوك.
بدع الإحرام والتلبية وغيرها:
23 ـ اتخاذ نعل خاصة بشروط معينة معروفة في بعض الكتب.
24 ـ الإحرام قبل الميقات.
25 ـ الاضطباع عند الإحرام.
26 ـ التلفظ بالنية.
27 ـ الحج صامتاً لا يتكلم.
28 ـ التلبية جماعة في صوت واحد.
29 ـ التكبير والتهليل بدل التلبية.
30 ـ القول بعد التلبية:
"اللهم إني أريد الحج فيسره لي وأعني على أداء فرضه وتقبله مني، اللهم إني نويت أداء فريضتك في الحج، فاجعلني من الذين استجابوا لك.....".
31 ـ قصد المساجد التي بمكة، وما حولها، غير المسجد الحرام، كالمسجد الذي تحت الصفا، وما في سفح أبي قبيس، ومسجد المولد، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي -صلى الله عليه وسلم-.
32 ـ قصد الجبال والبقاع التي حول مكة، مثل جبل حراء، والجبل الذي عند منى، الذي يقال: إنه كان فيه الفداء، ونحو ذلك.
33 ـ قصد الصلاة في مسجد عائشة بـ (التنعيم).
34 ـ التصلب أمام البيت
[وهو فيما يبدو مسح الوجه والصدر باليدين على الوجه التصليب].
بدع الطواف:
35 ـ الغسل للطواف.
36 ـ لبس الطائف الجورب أو نحوه لئلا يطأ على ذرق الحمام، وتغطية يديه لئلا يمس امرأة.
37 ـ صلاة المحرم إذا دخل المسجد الحرام تحية المسجد
[وإنما تحيته الطواف، ثم الصلاة خلف المقام كما تقدم عنه -صلى الله عليه وسلم- من فعله. وانظر القواعد النورانية لابن تيمية (101)].
38 ـ قوله:
نويت بطوافي هذا الأسبوع كذا كذا.
39 ـ رفع اليدين عند استلام الحجر كما يرفع للصلاة.
40 ـ التصويت بتقبيل الحجر الأسود.
41 ـ المزاحمة على تقبيله، ومسابقة الإمام بالتسليم في الصلاة لتقبيله.
42 ـ تشمير نحو ذيله عند استلام الحجر أو الركن اليماني.
43 ـ قولهم عند استلام الحجر: اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك.
44 ـ القول عند استلام الحجر: اللهم إني أعوذ بك من الكبر والفاقة، مراتب الخزي في الدنيا والآخرة.
45 ـ وضع اليمنى على اليسرى حال الطواف.
46 ـ القول قبالة باب الكعبة:
اللهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك، والأمن أمنك، وهذا مقام العائد بك من النار، مشيراً إلى مقام إبراهيم - عليه السلام -.
47 ـ الدعاء عند الركن العراقي:
اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك، والشقاق والنفاق، وسوء الأخلاق، وسوء المنقلب في المال والأهل والولد.
48 ـ الدعاء تحت الميزاب:
اللهم أظلني في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك... إلخ.
49 ـ الدعاء في الرَّمَل:
اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور، يا عزيز يا غفور.
50 ـ وفي الأشواط الأربعة الباقية:
رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم.
51 ـ تقبيل الركن اليماني.
52 ـ تقبيل الركنين الشاميين والمقام واستلامهما.
53 ـ التمسح بحيطان الكعبة والمقام.
54 ـ التبّرك بالعروة الوثقى:
وهو موضع عال من جدار البيت المقابل لباب البيت، تزعم العامة أن من ناله بيده، فقد استمسك بالعروة الوثقى.
55 ـ مسمار في وسط البيت
سموه سرَة الدنيا، يكشف أحدهم عن سرته ويتبطح بها على ذلك الموضع، حتى يكون واضعاً سرته على سرة الدنيا.
56 ـ قصد الطواف تحت المطر، بزعم أن من فعل ذلك غفر له ما سلف من ذنبه.
57 ـ التبّرك بالمطر النازل من ميزاب الرحمة من الكعبة.
58 ـ ترك الطواف بالثوب القذر.
59 ـ إفراغ الحاج سؤره من ماء زمزم في البئر وقوله:
اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً، وعلماً نافعاً، وشفاء من كل داء..
60 ـ اغتسال البعض من زمزم.
61 ـ اهتمامهم بزمزمة لحاهم، وزمزمة ما معهم من النقود والثياب لتحل بها البركة.
62 ـ ما ذكر في بعض كتب أنه يتنفس في شرب ماء زمزم مرات، ويرفع بصره في كل مرة وينظر إلى البيت!
بدع السعي بين الصفا والمروة:
63 ـ الوضوء لأجل المشي بين الصفا والمروة بزعم أن من فعل ذلك كتب له بكل قدم سبعون ألف درجة!
64 ـ الصعود على الصفا حتى يلصق بالجدار.
65 ـ الدعاء في هبوطه من الصفا:
اللهم استعملني بسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من مضلات الفتن، برحمتك يا أرحم الراحمين.
66 ـ القول في السعي:
رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأغر الأكرم، اللهم اجعله حجاً مبروراً، أو عمرة مبرورة، وذنباً مغفوراً، الله أكبر ثلاثاً... إلخ
[نعم قد صح منه موقوفاً على ابن مسعود وابن عمر: رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم كما تقدم (الفقرة 55 ص 28)].
67 ـ السعي أربعة عشرة شوطاً بحيث يختم على الصفا.
68 ـ تكرار السعي في الحج أو العمرة.
69 ـ صلاة ركعتين بعد الفراغ من السعي.
70 ـ استمرارهم في السعي بين الصفا والمروة، وقد أقيمت الصلاة حتى تفوتهم صلاة الجماعة.
71 ـ التزام دعاء معين إذا أتى مِنى كالذي في [الإحياء]
"اللهم هذه منِى فامنن علي بما مننت به على أوليائك وأهل طاعتك".
وإذا خرج منها: "اللهم اجعلها خير غدوة غدوتها قط" الخ...
بدع عرفة:
72 ـ الوقوف على جبل عرفة في اليوم الثامن ساعة من الزمن احتياطاً خشية الغلط في الهلال.
73 ـ إيقاد الشمع الكثير ليلة عرفة بمنى.
74 ـ الدعاء ليلة عرفة بعشر كلمات ألف مرة:
سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الذي في الأرض موطئه، سبحان الذي في البحر سبيله... الخ.
75 ـ رحيلهم في اليوم الثامن من مكة إلى عرفة رحلة واحدة.
76 ـ الرحيل من منى إلى عرفة ليلاً.
77 ـ إيقاد النيران والشموع على جبل عرفات ليلة عرفة.
78 ـ الاغتسال ليوم عرفة.
79 ـ قوله إذا قرب من عرفات، ووقع بصره على جبل الرحمة:
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
80 ـ قصد الرواح إلى عرفات قبل دخول وقت الوقوف بانتصاف يوم عرفة.
81 ـ التهليل على عرفات مئة مرة، ثم قراءة سورة الإخلاص مئة مرة، ثم الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- يزيد في آخرها:
"وعلينا معهم مئة مرة".
82 ـ السكوت على عرفات وترك الدعاء.
83 ـ الصعود إلى جبل الرحمة في عرفات.
84 ـ دخول القبة التي على جبل الرحمة، ويسمونها: قبة آدم، والصلاة فيها، والطواف بها كطوافهم بالبيت.
85 ـ اعتقاد أن الله تعالى ينزل عشية عرفة على جمل أورق، يصافح الركبان، ويعانق المشاة.
86 ـ خطبة الإمام في عرفة خطبتين يفصل بينهما بجلسة كما في الجمعة.
87 ـ صلاة الظهر والعصر قبل الخطبة.
88 ـ الأذان للظهر والعصر في عرفة قبل أن ينتهي الخطيب من خطبته.
89 ـ قول الإمام لأهل مكة بعد فراغه من الصلاة في عرفة: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
90 ـ التطوع بين صلاة الظهر والعصر في عرفة.
91 ـ تعيين ذكر أو دعاء خاص بعرفة، كدعاء الخضر عليه السلام الذي أورده في [الإحياء] وأوله:
"يا من لا يشغله شأن عن شأن، ولا سمع عن سمع..." وغيره من الأدعية، وبعضها يبلغ خمس صفحات من قياس كتابنا هذا!
92 ـ إفاضة البعض قبل غروب الشمس.
93 ـ ما استفاض على ألسنة العوام أن وقفة عرفة يوم الجمعة تعدل اثنتين وسبعين حجة!
94- التعريف الذي يفعله بعض الناس من قصد الاجتماع عشية يوم عرفة في الجوامع، أو في مكان خارج البلد، فيدعون، ويذكرون، مع رفع الصوت الشديد، والخطب والأشعار، ويتشبهون بأهل عرفة.
بدع المزدلفة:
95 ـ الإيضاع -الإسراع- وقت الدافع من عرفة إلى مزدلفة.
96 ـ الاغتسال للمبيت بمزدلفة.
97 ـ استحباب نزول الراكب؛ ليدخل مزدلفة ماشياً توقيراً للحرم.
98 ـ التزام الدعاء بقوله إذا بلغ مزدلفة:
اللهم إن هذه مزدلفة جمعت فيها ألسنة مختلفة، نسألك حوائج مؤتنفة.. الخ ما في [الإحياء].
99 ـ ترك المبادرة إلى صلاة المغرب فور النزول في المزدلفة، والانشغال عن ذلك بلقط الحصى.
100 ـ صلاة سنة المغرب بين الصلاتين، أو جمعها إلى سنة العشاء والوتر بعد الفريضتين كما يقول الغزالي.
101 ـ زيادة الوقيد ليلة النحر و بالمشعر الحرام.
102 ـ إحياء هذه الليلة.
103 ـ الوقوف بالمزدلفة بدون بيات.
104 ـ التزام الدعاء إذا انتهى إلى المشعر الحرام بقوله:
اللهم بحق المشعر الحرام، والبيت الحرام، والركن والمقام، أبلغ روح محمد منا التحية والسلام، وأدخلنا دار السلام يا ذا الجلال و الإكرام "
هذا الدعاء مع كونه محدثاً ففيه ما يخالف السنة، وهو التوسل إلى الله بحق المشعر الحرام والبيت....، وإنما يتوسل إليه تعالى بأسمائه وصفاته، وقد نص الحنفية على كراهية القول: اللهم إني أسألك بحق المشعر الحرام... الخ كما في حاشية ابن عابدين وغيرها وانظر كتابنا التوسل: أنواعه وأحكامه".
105 ـ [قول الباجوري (318)]:
ويسن أخذ الحصى الذي يرميه يوم النحر من المزدلفة وهي سبع والباقي من الجمرات تؤخذ من وادي محسِّر.
بدع الرمي:
106 ـ الغسل لرمي الجمار.
107 ـ غسل الحصيات قبل الرمي.
108 ـ التسبيح أو غيره من الذكر مكان التكبير.
109 ـ الزيادة على التكبير قولهم:
رغماً للشيطان وحزبه، اللهم اجعل حجي مبروراً، وسعيي مشكوراً، وذنبي مغفوراً، اللهم إيماناً بكتابك، واتباعاً لسنة نبيك.
110 ـ قول بعض المتأخرين:ويسن أن يقول مع كل حصاة عند الرمي
: بسم الله، والله أكبر، صدق الله وعده... إلى قوله { وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.
111 ـ التزام كيفيات معينة للرمي كقول بعضهم:
يضع طرف إبهامه اليمنى على وسط السبابة، ويضع الحصاة على ظهر الإبهام كأنه عاقد سبعين فيرميها. وقال آخر:
يحلق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه كأنه عاقد عشرة.
112 ـ تحديد موقف الرامي: أن يكون بينه وبين المرمى خمسة أذرع فصاعداً.
113 ـ رمي الجمرات بالنعال وغيرها.
بدع الذبح والحلق:
114 ـ الرغبة عن ذبح الواجب من الهدي إلى التصدق بثمنه، بزعم أن لحمه يذهب في التراب لكثرته، ولا يستفيد منها إلا القليل!
[وهذا من أخبث البدع لما فيه من تعطيل الشرع المنصوص عليه في الكتاب والسنة بمجرد الرأي! مع أن المسؤول عن عدم الاستفادة التامة منها إنما هم الحجاج أنفسهم، لأنهم لا يلتزمون في الذبح توجيهات الشارع الحكيم كما هو مبين في (الأصل) (ص 87 ـ 88)].
115 ـ ذبح بعضهم هدي التمتع بمكة قبل يوم النحر.
116 ـ البدء بالحلق بيسار رأس المحلوق.
117 ـ الاقتصار على حلق ربع الرأس.
118 ـ قول الغزالي في [الإحياء]: والسنة أن يستقبل القبلة في الحق.
119 ـ الدعاء عند الحلق بقوله:
الحمد لله على ما هدانا، وأنعم علينا، اللهم هذه ناصيتي بيدك فتقبل مني،... الخ.
120 ـ الطواف بالمساجد التي عند الجمرات.
121 ـ استحباب صلاة العيد بمنى يوم النحر.
122 ـ ترك المتمتع السعي بعد طواف الإفاضة.
بدع متنوعة:
123 ـ الاحتفال بكسوة الكعبة.
124 ـ كسوة مقام إبراهيم.
125 ـ رابط الخرق بالمقام والمنبر لقضاء الحاجات.
126 ـ كتابة الحجاج أسماءهم على عمد وحيطان الكعبة وتوصيتهم بعضهم بذلك.
127 ـ استباحتهم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام ومقاومتهم للمصلي الذي يدفعهم.
128 ـ مناداتهم لمن حج بـ (الحاج).
129 ـ الخروج من مكة لعمرة تطوع.
130 ـ الخروج من المسجد الحرام بعد الطواف الوداع على القهقرى.
131 ـ تبييض بيت الحجاج بالبياض (الجير) ونقشه بالصور، وكتب اسم الحاج وتاريخ حجه عليه.
بدع الزيارة في المدينة المنورة:
هذا، ولما كان من السنة شد الرحل إلى زيارة المسجد النبوي الكريم والمسجد الأقصى -أعاده الله إلى المسلمين قريباًـ لما ورد في ذلك من الفضل والأجر وكان الناس عادة يزورونهما قبل الحج أو بعده، وكان الكثير منهم يرتكبون في سبيل ذلك العديد من المحدثات والبدع المعروفة عند أهل العلم، رأيت من تمام الفائدة أن أسرد ما وقفت عليه منها تبليغاً وتحذيراً، فأقول:
132 ـ قصد قبره -صلى الله عليه وسلم- بالسفر "
والسنة قصد المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
« لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد...» الحديث
فإذا وصل إليه وصلي التحية زار قبره -صلى الله عليه وسلم-".
ويجب أن يُعلم أن شد الرحل لزيارة قبره -عليه الصلاة والسلام- وغيره شيء، والزيارة بدون شد الرحل شيء آخر، خلافاً لما شاع عند المتأخرين، وفيهم بعض الدكاترة، من الخلط بينهما، ونسبتهم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- خصوصاً، والسلفيين عموماً؛ أنهم ينكرون مشروعية زيارة قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهو إفك مبين.
وراجع التفصيل إن شئت في ردنا على الدكتور البوطي الذي نشر تباعاً في مقالات متسلسلة في مجلة التمدن الإسلامية.
ثم صدرت في رسالة خاصة بعنوان: دفاع عن الحديث النبوي... ، وقد أعيد طبعها بالأوفست قريباً والحمد لله.
133 ـ إرسال العرائض مع الحجاج والزوار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتحميلهم سلامهم إليه.
134 ـ الاغتسال قبل دخول المدينة المنورة.
135 ـ القول إذا وقع بصره على حيطان المدينة:
اللهم هذا حرم رسولك، فاجعله لي وقاية من النار، وأماناً من العذاب وسوء الحساب.
136 ـ القول عند دخول المدينة:
بسم الله وعلى ملة رسول الله:
{ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء من الآية: 80].
137 ـ إبقاء القبر النبوي في مسجده.
138 ـ زيارة قبره صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة في مسجده.
139 ـ استقبال بعضهم القبر بغاية الخشوع واضعاً يمينه على يساره كما يفعل في الصلاة، فريباً منه أو بعيداً عند دخول المسجد أو الخروج منه.
140 ـ قصد استقبال القبر أثناء الدعاء.
141 ـ قصد القبر للدعاء عنده رجاء الإجابة.
142 ـ التوسل به -صلى الله عليه وسلم- إلى الله في الدعاء.
143 ـ طلب الشفاعة وغيرها منه.
144 ـ قول ابن الحاج في [(المدخل) (1/ 159)] أن من الأدب: أن لا يذكر حوائجه ومغفرة ذنوبه بلسانه عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لأنه أعلم منه بحوائجه ومصالحه!!
145 ـ قوله أيضاً [(1/ 264)]:
لا فرق بين موته عليه السلام وحياته في مشاهدته لأمته، ومعرفته بأحوالهم ونياتهم، وتحسراتهم وخواطرهم!!
146 ـ وضعهم اليد تبركاً على شباك حُجْر قبره -صلى الله عليه وسلم- وحلف بعضهم بذلك بقوله:
وحق الذي وضعت يدك شباكه، وقلت: الشفاعة يا رسول الله!!
147 ـ وتقبيل القبر أو استلامه أو ما يجاور القبر من عود ونحوه "وقد أحسن الغزالي رحمه الله تعالى حين أنكر التقبيل المذكور، وقال [(1/ 244)]: "إنه عادة النصارى واليهود. فهل من معتبر؟!.".
148 ـ التزام صورة خاصة في زيارته -صلى الله عليه وسلم- ، وزيارة صاحبيه
والتقيد بسلام ودعاء خاص، مثل قول الغزالي:
"يقف عند وجهه -صلى الله عليه وسلم- ويستدبر القبلة، ويستقبل جدار القبر.... ويقول:
السلام عليك يا رسول الله..." فذكر سلاماً طويلاً، ثم صلاة ودعاء نحو ذلك في الطول قريباً من ثلاث صفحات "
والمشروع هو:
السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، كما كان ابن عمر يفعل، فإن زاد شيئاً يسيراً مما يلهمه ولا يلتزمه، فلا بأس عليه إن شاء الله تعالى".
149 ـ قصد الصلاة تجاه قبره.
150 ـ الجلوس عند القبر وحوله للتلاوة والذكر.
151 ـ قصد القبر النبوي للسلام عليه دبر كل صلاة
[وهذا مع كونه بدعة وغلواً في الدين، ومخالفاً لقوله -عليه الصلاة والسلام-:
« لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني»
فإنه سبب لتضييع سنن كثيرة، وفضائل غزيرة، ألا وهي الأذكار، والأوراد بعد السلام، فإنهم يتركونها ويبادرون إلى هذه البدعة
فرحم الله من قال:
"ما أُحدثت بدعة إلا وأميتت سنة"].
152 ـ قصد أهل المدينة زيارة القبر النبوي كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه.
153 ـ رفع الصوت عقب الصلاة بقولهم:
السلام عليك يا رسول الله.
154 ـ تبركهم بما يسقط مع المطر من قطع الدهان الأخضر من قبة القبر النبوي!
155 ـ تقربهم بأكل التمر الصيحاني في الروضة الشريفة بين المنبر والقبر.
156 ـ قطعهم من شعورهم، ورميها في القنديل الكبير القريب من التربية النبوية.
157 ـ مسح البعض بأيديهم النخلتين النحاسيتين الموضوعتين في المسجد غربي المنبر
[ولا فائدة مطلقاً من هاتين النخلتين، وإنما وضعتا للزينة، ولفتنة الناس، وقد أزيلتا أخيراً والحمد لله].
158 ـ التزام الكثيرين الصلاة في المسجد القديم وإعراضهم عن الصفوف الأولى التي في زيادة عمر وغيره.
159 ـ التزام زوار المدينة الإقامة فيها أسبوع حتى يتمكنوا من الصلاة في المسجد النبوي أربعين صلاة، لتكتب لهم براءة من النفاق، وبراءة من النار [والحديث الوارد في ذلك ضعيف لا تقوم به حجة، وقد بينت علته في [السلسلة الضعيفة ـ 364] فلا يجوز العمل به؛ لأنه تشريع، لا سيما وقد يتحرج من ذلك بعض الحجاج كما علمت ذلك بنفسي، ظناً منهم أن الوارد فيه ثابت صحيح، وقد تفوته بعض الصلوات فيه، فيقع في الحرج وقد أراحه الله منه].
160 - قصد شيء من المساجد والمزارات التي بالمدينة وما حولها، بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مسجد قُباء.
161- تلقين من يعرفون بــ"المزوِّرين" جماعات الحجاج بعض الأذكار والأوراد عند الحجرة أو بعيداً عنها بالأصوات المرتفعة، وإعادة هؤلاء ما لُقنوا بأصوات أشد منها.
162- زيارة البقيع كل يوم، والصلاة في مسجد فاطمة رضي الله عنها.
163- تخصيص يوم الخميس لزيارة شهداء أحد.
164- ربط الخرق بالنافذة المطلة على أرض الشهداء.
165- التبرك بالاغتسال في البركة التي كانت بجانب قبورهم.
166- الخروج من المسجد النبوي على القهقرى عند الوداع.
بدع بيت المقدس:
167 - قصد زيارة بيت المقدس مع الحج وقولهم:
قدّس الله حجتك.
168 - الطواف بقبة الصخرة تشبهاً بالطواف بالكعبة.
169 - تعظيم الصخرة بأي نوع من أنواع التعظيم، كالتمسح بها وتقبيلها، وسوق الغنم إليها لذبحها هناك، والتعريف بها عشية عرفة، والبناء عليها وغير ذلك.
170- زعمه أن هناك على الصخرة أثر قدم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأثر عمامته، ومنهم من يظن أنه موضع قدم الرب سبحانه وتعالى.
171 - زيارتهم المكان الذي يزعمون أنه مهد عيسى عليه السلام.
172 - زعمهم أن هناك الصراط والميزان، وأن السور الذي يضرب به بين الجنة والنار هو ذلك الحائط المبني شرقي المسجد.
174 - تعظيم السلسلة أو موضعها.
175 - الصلاة عند قبر إبراهيم الخليل عليه السلام.
176 - الاجتماع في موسم الحج لإنشاد الغناء، والضرب بالدف في المسجد الأقصى.
وهذا آخر ما تيسر جمعه من بدع الحج والزيارة، أسأله تبارك وتعالى أن يجعل ذلك عوناً للمسلمين على اقتفاء أثر سيد المرسلين، والاهتداء بهديه.
و "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك"
http://www.youtube.com/watch?v=H4DBvJGQO8s&feature=related
يُتبـــع
أحلام أحمد
28-10-2012, 12:02 AM
هنا تُسكب العبرات
أبو مسلم وليد برجاس
http://im15.gulfup.com/cgPf1.jpg
هنا السماوات تبدو قرب طالبها///هنا الرحاب فضاء حين يُلتمس
هنا الطهارة تحيا في أماكنها///لا الطيب يبلى ولا الأصداء تندرس
هنا تُسكب العبرات
هنا مهبط الوحى ومحضن النور ومهبط الرسالة
هنا مهوى القلوب.. ومفزع الأفئدة..هنا أطهر بقعة تحن إليها النفوس المؤمنة
هنا طهر القلوب.. وغسل الأفئدة من الذنوب
هنا قرب الأحبة من بيت علام الغيوب
هنا تربّى محمد -صلى الله عليه وسلم-...هنا دعا وجاهد فى سبيله
هنا كان الصحابة -رضوان الله عليهم- خير جيل تربى على يد خليله
هنا تُسكب العبرات
هنا ماضينا وسؤددنا...هنا مجدنا وتاريخنا وعزتنا
هنا الكعبة المشرفة
زادها الله بهاء وجمالا...وتشريفا ومهابة...وأمنا وإجلالا
سوادها من سواد المقل...بناها من هو خير الملل
هى أرض السلام....وقبلة الأنام
هنا تسمع الدعوات...وتلهج الألسن والمهج بالتلبيات
بأجمل نشيد...وأعظم تمجيد لك يارب العبيد
لبيك اللهم لبيك ..لبيك لا شريك لك لبيك ..إن الحمد والنعمة لك والملك.. لاشريك لك
فهل ترى يردّهم خائبين... بعد أن تجرّدوا من زينة الدنيا ذليلين خاشعين
هجرت الخلق طراً في هواك///وأيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطّعتني في الحب إرباً///لما حنّ الفؤاد إلى سواكا
هنا تُسكب العبرات
في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(أفضل الأعمال إيمان بالله و رسوله ، ثم جهاد في سبيل الله ، ثم حجّ مبرور)
قيل للحسن: الحج المبرور جزاؤه الجنة ؟
قال : آية ذلك : أن يرجع زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة
و قيل له : جزاء الحج المغفرة ؟
قال : آية ذلك : أن يدع سيء ما كان عليه من العمل
استلام الحجر الأسود
هو أن لا يعود إلى معصية
قال ابن عباس -رضي الله عنهما- :
أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن استلمه و صافحه فكأنما صافح الله و قبل يمينه
فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما
من تكرر منه نقض العهد أيُوثق بمعاهدته؟!
علامة القبول
أن تصل بعد الطاعة إلى رضا المعبود ، وعلامة الصدود أن تبعد -بالمعصية- عن المقصود
وللحسنة أولاد .. وللسيئة أولاد
ما أحسن الحسنة بعد الحسنة و أقبح السيئة بعد الحسنة
ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها
النكسة أصعب من المرض الأول
ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة
كان الإمام أحمد يدعو ويقول :
اللهم أعزّني بطاعتك ، ولا تذلّني بمعصيتك .
ألا إنما التقوى هي العزّ والكرم///وحبّك للدنيا هو الذل والسقم
و ليس على عبد تقي نقيصة///إذا حقق التقوى و إن حاك أو حجم
أعظم يوم
و قد رُوي : أن الله -تعالى- يقول لهم يوم عرفة :
(أفيضوا مغفوراً لكم ولمن شفعتم فيه)
و روى الإمام أحمد بإسناده عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال :
(إن الحاج ليشفع في أربعمائة بيت من قومه ويُبارك في أربعين من أمهات البعير الذي يحمله،ويخرج من خطاياه كيوم ولدته أمه،فإذا رجع من الحج المبرور رجع وذنبه مغفور ودعاؤه مستجاب)
زمان تقضى وعيش مضى///بنفــسى والله تلك العـهود
ألا قـل لزوار دار الحبيب///هنيئاً لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضاً///فنحن عطـاش وأنتم ورود
لقاء الأحباب لقاح الألباب...وأخبار تلك الديار أحلى عند المحبين من الأسمار
أرواح القبول تفوح من المقبولين...وأنوار الوصول تلوح على الواصلين
هل تدعو إلى بيتك إلا من تحب؟!
حجّ عليّ بن الموفق ستين حجة فقال :
فلما كان بعد ذلك جلست في الحجر أفكّر في حالي و كثرة تردادي إلى ذلك المكان و لا أدري هل قُبل مني حجّي أم رد ؟!!
ثم نمت فرأيت في منامي قائلاً يقول لي : هل تدعو إلى بيتك إلا من تحب قال : فاستيقظت و قد سُرّي عني
ما كل من حجّ قُبل///ولا كل من صلّى وصل
حجّ رجل فتُوفّي في الطريق في رجوعه...فدفنه أصحابه و نسوا الفأس في قبره فنبشوه ليأخذوا الفأس فإذا عنقه و يداه قد جمعت في حلقة الفأس
فردوا عليه التراب ثم رجعوا إلى أهله فسألوهم عن حاله ؟
فقالوا :صحب رجلاً فأخذ ماله فكان يحج منه :
إذا حججت بمالٍ أصله سحت///فما حججت و لكن حجّت العير
لا يقبل الله إلا كل صالحة///ما كل من حج بيت الله مبرور
القدوم على الله تعالى
قدوم الحاج يذكر بالقدوم على الله تعالى
قدم مسافر فيما مضى على أهله فسروا به
و هناك امرأة من الصالحات فبكت و قالت : أذكرني هذا بقدومه القدوم على الله -عز وجل- ، فمن مسرور و مثبور .
قال بعض الملوك لأبي حازم : كيف القدوم على الله تعالى ؟
فقال أبو حازم : أما قدوم الطائع على الله تعالى فكقدوم الغائب على أهله المشتاقين إليه ،وأما قدوم العاصي فكقدوم العبد الآبق على سيده الغضبان .
لعلك غضبان و قلبي غافل///سلام على الدارين إن كنت راضيا
قال عليّ -رضي الله عنه- :
تتلقاهم الملائكة على أبواب الجنة : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين
وتلقى كل غلمان صاحبهم يطيفون به فعل الولدان بالحميم جاء من الغيبة: أبشر فقد أعدّ الله لك من الكرامة كذا وكذا
وينطلق غلام من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين
فيقول : هذا فلان باسمه في الدنيا
فيقلن : أنت رأيته ؟
فيقول : نعم ، فيستخفهن الفرح حتى يخرجن إلى أسكفة الباب
قال أبو سليمان الداراني
تبعث الحوراء من الحور الوصيف من وصائفها فتقول :
ويحك انظر ما فعل بولي الله ؟
فتستبطئه فتبعث وصيفاً آخر ، فيأتي الأول فيقول : تركته عند الميزان ، و يأتي الثاني فيقول : تركته عند الصراط ، و يأتي الثالث فيقول:
قد دخل باب الجنة فيستخفها الفرح فتقف على باب الجنة فإذا أتاها اعتنقه فيدخل خياشيمه من ريحها ما لا يخرج أبدا .
شيشاني في الستين يحج على متن دراجة هوائية !!
اذهب إلى الحج يا محمود.. كيف يا أماه؟ فأجابتني "لديك دراجة والله معك"
كانت هذه الرؤيا المبرر الرئيسي الذي جعل المواطن الشيشاني "دزانار محمود علي" -63 عامًا- يقرر الذهاب بدراجته لأداء فريضة الحج هذا العام، قاطعًا 12 ألف كم، عبر خلالها 13 دولة حتى وصل إلى مكة.
نصب خيمته أمام سفارة المملكة العربية السعودية للحصول على تأشيرة دخول للأراضي المقدسة.
"تعجب موظفو القنصلية وظنوا أنيّ مختل؛ لأنني خططت للذهاب إلى المملكة العربية السعودية بالدراجة"
(اصدق الله يصدقك)
وبعد 18 يومًا من الإصرار منحوني التأشيرة وواصلت رحلتي إلى الجنوب إلى أن وصلت إلى إيران".
وقال:
لم يكن بحوزتي تأشيرة لدخول العراق
لذا تعرّض لي الجنود الأمريكيون بالضرب ودمروا دراجتي وألقوها على الأرض بقوة ووصفوني بـ(خنزير روسي)
قلت لهم إنني لست روسيًّا، بل مسلمًا فأخذوا مني جواز سفري وصوَّروا علامة الصليب على غلافه
وتم إجباره على العودة إلى إيران ليواصل رحلته إلى جورجيا عبر أرمينيا وبعدها غادر إلى تركيا
بيد أن تعرضه لهجوم من ذئبين في أحد الجبال التركية كان أكبر المصاعب التي تغلب عليها بإرادته القوية وبصبره وبدعواه إلى الله أن يحقق أمنيته بتأدية فريضة الحج وفقا لقوله.
وكان إذا غلبه النعاس، كما يضيف، افترش الأرض متوجها إلى القبلة حتى إذا ما جاءته المنية "مات على نيته".
بقي لمدة ثلاثة أيام دون طعام مكتفيا بالماء رغم قيام كل الأشخاص الذين قابلهم في رحلته بمساعدته،
ولكن رحمة الله واسعة حيث منّ عليه بحبة جوز سقطت من فم طائر وجدها ألذ وجبة في حياته وأكثرها إشباعا على الإطلاق في حين رفض أي مساعدة مالية من أحد طلبا لمرضاة الله -عز وجل- بحسب قوله
ثم وصل إلى سوريا والأردن
وأخيرًا وصل إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج في رحلة قطع خلالها المسن الشيشاني 12ألف كم بدل مناً 5 آلاف كم، وهي المسافة بين مكة المكرمة ومدينة جروزني
وبمجرد أن نزل الأراضي المقدسة نسي عناء السفر وانشغل بروحانيات الأراضي المقدسة
وقال لوكالة الأنباء الفرنسية:
سألت الله المغفرة لأمي ولعائلتي والحرية لبلدي الشيشان
مؤكدًا لهم أن الرحلة جاءت استجابة لرغبة أمه التي جاءته في المنام
إذا هَبَّتْ رياحُـك فاغتنمها///فعقبى كـلِّ خافقـة سكـون
ولا تَغْفُل عن الإحسان فيها///فما تدري السكون متى يكون
يحج ماشيا من غرب إفريقيا الى الكعبة سيرا !!!
الشيخ الحاج عثمان دابو -رحمة الله– من جمهورية جامبيا في أقصى الغرب الإفريقي ، تجاوز الثمانين من عمره ،
يحّدثنا عن رحلته الطويلة قبل خمسين عاماً إلى البيت العتيق ، ماشياً على قدميه مع أربعة من صحبه من بانجول إلى مكة قاطعين قارة إفريقيا من غربها إلى شرقها ، لم يركبوا فيها إلا فترات يسيرة متقطعة على بعض الدواب ، إلى أن وصلوا إلى البحر الأحمر ثم ركبوا السفينة إلى ميناء جدة.
رحلة مليئـة بالعجائب و المواقف الغريبة التي لو دوّنت لكانت من أكثر كتب الرحلات إثارة و عبرة، استمرت الرحلة أكثر من سنتين، ينزلون أحياناً في بعض المدن للتكسب و الراحة و التزود لنفقات الرحلة، ثم يواصلون المسير.
أصابهم في طريقهم من المشقة و الضيق و الكرب ما الله به عليم
فكم من ليلة باتوا فيها على الجوع حتى كادوا يهلكون...وكم من ليلة طاردتهم السباع، وفارقهم لذيذ النوم
وكم من ليلة أحاط بهم الخوف من كل مكان...فقطاع الطرق يعرضون للمسافرين في كل واد
تسأله: أليس حج البيت الحرام فرض على المستطيع وأنتم في ذلك الوقت غير مستطيعين؟!
قال: نعم ولكننا تذكرنا ذات يوم قصة إبراهيم الخليل –عليه الصلاة والسلام– عندما ذهب بأهله إلى وادٍ غير ذي زرع عند بيت الله المحرّم
فقال أحدنا : نحن الآن شباب أقوياء أصحاء فما عذرنا عند الله –تعالى– إن نحن قصّرنا في المسير إلى بيته المحرم، خاصة أننا نظن أن الأيام لن تزيدنا إلا ضعفاً، فلماذا التأخير؟!
خرج الخمسة من دورهم، وليس معهم إلا قوت يكفيهم لأسبوع واحد فقط
رب ليل بكيت منه فلما///صرت في غـيره بكيت عليه
قال الشيخ عثمان: لدغت ذات ليلة في أثناء السفر، فأصابتني حمّى شديدة و شممت رائحة الموت تسري في عروقي
فكان أصحابي يذهبون للعمل، و أمكث تحت ظل شجرة إلى أن يأتوا في آخر النهار، فكان الشيطان يوسوس في صدري:
أما كان الأولى لك أن تبقى في أرضك؟!
لماذا تكلف نفسك ما لا تطيق؟!
ألم يُفرض الله الحجّ على المستطيع فقط؟!
فثقلت نفسي وكدت أضعف
فلما جاء أصحابي نظر أحدهم إلى وجهي وسألني عن حالي، فالتفت عنه ومسحت دمعة غلبتني، فكأنه أحس ما بي! فقال: قم فتوضأ و صلّ، ولن تجد إلا خيراً بإذن الله
(واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) [البقرة: ٤٥ ، ٤٦ ].
فانشرح صدري، و أذهب الله عني الحزن، ولله الحمد.
كان الشوق للوصول إلى الحرمين الشريفين يحدوهم في كل أحوالهم، ويخفف عنهم آلام السفر ومشاق الطريق ومخاطره
مات واحد منهم في الطريق،ثم مات الثانى،ثم الثالث الذى مات في عرض البحر
واللطيف في أمره أن وصيته لصاحبيه قال لهما فيها:
إذا وصلتما إلى المسجد الحرام، فأخبرا الله –تعالى– شوقي للقائه، واسألاه أن يجمعني ووالدتي في الجنة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-
يعلو على الموت من تسمو إرادته///وفي عزيمته صدق وإيمان
قال الشيخ عثمان:
لما مات صاحبنا الثالث نزلني همّ شديد وغمّ عظيم
وكان ذلك أشد ما لاقيت في رحلتي؛ فقد كان أكثرنا صبراً وقوة
وخشيت أن أموت قبل أن أنعم بالوصول إلى المسجد الحرام، فكنت أحسب الأيام والساعات على أحر من الجمر
فلما وصلنا إلى جدة مرضت مرضاً شديداً وخشيت أن أموت قبل أن أصل إلى مكة المكرمة، فأوصيت صاحبي أنني إذا مت أن يكفناني في إحرامي،
ويقربني قدر طاقته إلى مكة، لعل الله أن يضاعف لي الأجر، ويقبلني في الصالحين.
أنا الفقـير إلى ربّ البريات///أنـا المسيكين في مجـموع حالاتـي
أنـا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي///والخير إن يأتنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعـة///ولا عن النفس لي دفـع المضراتِ
مكثنا في جدة أياماً، ثم واصلنا طريقنا إلى مكة
كانت أنفاسي تتسارع والبشر يملأ وجهي، والشوق يهزني ويشدني إلى أن وصلنا إلى المسجد الحرام
وسكت الشيخ قليلاً .. وأخذ يكفكف عبراته، وأقسم بالله -تعالى- أنه لم ير لذة في حياته كتلك اللذة التي غمرت قلبه لما رأى الكعبة المشرفة
ثم قال: لما رأيت الكعبة سجدت لله شكراً، وأخذت أبكي من شدة الرهبة والهيبة كما يبكي الأطفال، فما أشرفه من بيت وأعظمه من مكان
ثم تذكّرت أصحابي الذين لم يتيسر لهم الوصول إلى المسجد الحرام، فحمدت الله –تعالى– على نعمته وفضله عليّ، ثم سألته –سبحانه– أن يكتب خطواتهم وألا يحرمهم الأجر، وأن يجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
إقبال جاد على الطاعة، وإقبال لا يعرض عليه التكاسل أو التسويف، إقبال تهون فيه الآلام والأكدار
إقبال تتساقط تحته كافة العراقيل والعقبات.. إقبال بهمة صادقة وعزيمة عالية تنبع من قلب متعلق بمحبة الله والامتثال لأمره
فسبحان القائل:
( وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) [الحج : ٢٧ ].
تأمّل في حال كثير من المسلمين ممن تحققت فيهم الشروط الشرعية الموجبة لحج بيت الله الحرام، ومع ذلك يسوّفون عن الحج متباطئين
ألا يتذكر أولئك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(من أراد الحج فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة)
فقيراً جئتُ بابك يا إلهي///ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ
غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي///وأطمعُ منك في الفضلِ الكبيرِ
إلهي ما سألتُ سواك عونا///فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ
إلهي ما سألتُ سواك عفوا///فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ
إلهي ما سألتُ سواك هديا///فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ
إذا لم أستعن بك يا الهي///فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ
صفحة بيضاء
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال:
(من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)
اللهم ارزقنا حجا مبرورا لا رياء فيه ولا سمعة
فاضت بي الأشواق،أضناني الحنين///نحو المدينة دار خير المرسلين
http://www.youtube.com/watch?v=yhQjLZ23BvU
http://www.youtube.com/watch?v=xWzAflnj9EY&feature=related
يُتبــــــــــــــــــع
أحلام أحمد
28-10-2012, 02:19 AM
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
محمد مصطفى المقرئ
http://im30.gulfup.com/VHep1.jpg
أريد ليسمع المسلم منها ما ينبغي أن يقرأه بين أكنافها، وما يستشعره في أجوائها، وما يحسه من موجات مترددة مبثوثة بينه وبينها
بل أريد ليدرك المسلم ما أودعه الله في المشاعر من معان وأسرار، وما أفاضه عليها من مؤثرات تجلو النفس كما يجلو الليلَ النهارُ.
أريد لتقف على ما لو أُذن لها أن تتكلم لتكلمت به، بل أريد لأشنِّف آذانك بمقالاتها فيَّ وفيك، وفي الأمة، وفيما يلفنا من نوازل الحال..
أريد ـ بل أرجو ـ أن أبلغك ذلك ـ أيها القـارئ الكريم ـ ولو لم تتكلّم المشاعر بكلمة واحدة؛ فكيف إذا استنطقتها لك، وأسمعتك ما عساها قائلته؟!
ولعلك تعجب وتتساءل:
ولكن هل تتكلم الجمادات؟ ألها منطق وبيان؟ أتفصح عن معان قائمة بها ـ أو في غيرها ـ؟
وهل يكون لإفصاحها دلالات مفهومة معقولة؟
ثم هل يمكن أن يدرك بنو آدم هذه الدلالات، ويستفيدوا من تلكم المعاني؟
أمَّا كونها تتكلم أو لا.. فذلك في علم الله - جل وعلا -، وإن كان أصل تكلمها غيرَ ممتنع عليه، لقوله -عز وجل - فيما حكاه عن أشباه الجمادات: وَقَالُوا لِـجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت: 21].
قال الحافظ ابن كثير:
«أي فهو لا يُخالف ولا يُمانع وإليه ترجعون»(1).
وقال الطاهر بن عاشور:
«وقولهم (الذي أنطق كل شيء) تمجيد لله - تعالى -، ولا علاقة له بالاعتذار، والمعنى:
الذي أنطق كل شيء له نطق من الحيوان، واختلاف دلالة أصواتها على وجدانها، فعموم آية كُلَّ شَيْءٍ مخصوص بالعرف»(2).
وقال فخر الدين الرازي: «ومعناه أن القادر على خلقكم وإنطاقكم في المرة الأولى حالما كنتم في الدنيا، ثم على خلقكم وإنطاقكم في المرة الثانية، وهي حال القيامة والبعث؛ كيف يستبعد منه إنطاق الجوارح والأعضاء؟ »(1).
فالله - تعالى - قادر على أن يُنطِق كلَّ شيءٍ (من الجماد وغيره)، ولا وجه لاستحالة ذلك وامتناعه، ولا سيما مع ثبوت وقوعه من بعضها.
وليس إمكان تكلم المشاعر من عدمه يهمنا هنا في شيء، وإنما المقصود إثبات أن لها منطقاً وبياناً يتمثل في المعاني القائمة بها، وهي إشارات وأمارات تَقُومُ بكل شيء، «وتلك الأمارات تسمى شهادات، كما يقال: يشهد هذا العالم بتغيرات أحواله على حدوثه»(2).
وقد ثبت تكلم بعض الجمادات، بل وصدور أفعال عنها تدل على عقلانيتها، وأنها ذات مشاعر وأحاسيس، كتسليم الحجر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وسعي الشجرة إليه ومثولها بين يديه، وحنين الجذع إليه، وقد خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - جبل أحد فقال:
«اثبت أحد؛ فإنما عليك نبي، وصدّيق، وشهيدان»(3).
فلو أُذن للمشاعر المقدسة أن تتكلم؛ لوافتنا بكثير من تلكم المعاني القائمة بها، بل والقائمة بغيرها، وهي معان تتضمن كثيراً من حِكم الشعائر المرتبطة بتلك المشاعر.
وإن الوقوف على تلكم الحِكَم ـ وهن غايات نافعات غاليات ـ لهو مقصود رئيس لما أُمرنا به من تعبد ونسك، وما نُدبنا إليه من خشوع وتفكر، وخاصة عند المشاعر المحرمات، وحول المقدسات المباركات.
فلولا تدبرنا هذه الإشارات النافعات، وهاتيك اللطائف المرققات.. (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32].
فيا أمة الإسلام..!
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
إخال الكعبة (بيت الله الحرام) تهتف بجموع الطائفين والقائمين حولها، الراكعين الساجدين في حرمها.. تقول:
أيها المسلمون الآتون من كل فج عميق!
هذه قبلتكم قبلة واحدة، وإن هذه أمتكم أمة واحدة؛ فبأي مقتضى شرعي تنازعتم؟
وبأي موجب علمي تخالفتم؟
وبأي منطق عقلي تفرقتم، وأنتم هنا حولي تجتمعون، بل وحيثما كنتم فإليَّ تتوجهون، وشطري تيمِّمون؟!
أما علمتم أن في مخالفتكم ما أمرتم به من الاعتصام بحبل الله جميعاً ذهابَ ريحكم؟ وقد قال - تعالى - :
(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].
وأن فيها ضياع هيبتكم، وتسلط عدوكم عليكم، ولا يسلط الله عليكم عدواً حتى تكونوا أنتم المتسلطين على أنفسكم.
فإن هذه الأمة المرحومة قد خصّها الله أن لا ينتصر عليها عدوٌ من غيرها، ولكن يُهلك بعضهم بعضاً ويظلم بعضهم بعضاً
ففي الحديث الصحيح الذي يرويه ثوبان - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:
«وإني سألتُ ربي لأمتي أنْ لا يهلكَها بسَنَةٍ عامة، وأن لا يُسلِّط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيحَ بيضتهم، وإنَّ ربي قال: يا محمدُ، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرد، وإنِّي أعطيتك لأمتك أن لا أهلكَهم بسَنة عامة، وأن لا أسلِّطَ عليهم عدواً من سوى أنفسِهِمْ يستبيح بيضتهم، ولو اجتمعَ عليهم مَنْ بأقطارها ـ أو قال: مَنْ بين أقطارها ـ، حتى يكون بعضُهم يُهلك بعضاً، ويسبي بعضُهم بعضاً»(4).
وواضح من الحديث:
أن هذه الأمة المختارة لا تزال في عصمة من غلبة عدوها عليها ما بقيت متحدة مجتمعة
حتى إذا صار بأسها بينها، يقتل بعضها بعضاً؛ سُلط عليها عدوٌ من غيرها فاستباح حرماتِها!!
أيها الماثلون بين يدي الله، الميمِّمون شطري:
لقد آن لكم أن تتحركوا كأمة.. أن تتفاعلوا مع قضاياكم كأمة.. أن تواجهوا عدوكم كأمة … كما أنكم تجتمعون عندي كأمة، وتتوجهون إليَّ كأمة، واعلموا أنه ليس لتحرككم أحزاباً من جدوى تستنقذكم مما هو نازل بكم..
(إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) [الصف: 4].
أيها المسلمون المقدِّسون لحرمتي:
أما إن حرمتي عند الله لعظيمة، وإن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمتي
وإنكم إن حرَّمتموني حقاً؛ حَرَّمتم دم المسلم وصنتم حرمته، ولتترستم بقلوبكم وأرواحكم وفلذات أكبادكم دون أن يُخلص إليها أو تهلكون
فكيف إذا كان منكم من يستبيحها، أو يعين عليها ولو بشطر كلمة؟!
وأَرْدَفَتْ: أما إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
فكأني بها تردد أصداء نداء النبي - صلى الله عليه وسلم - (في حجة الوداع)، تُرَجِّعه اليوم من وراء أربعة عشر قرناً أو يزيد.
ثم بصوت متهجد جعل يرتفع شيئاً فشيئاً، مدويّاً يلف أركان الوادي المبارك، تُأوِّبه جبالُ مكة وشعابها، تصرخ الكعبة بالجموع وكأنها منذر جيش:
أيها المُحْرِمونَ المُحَرِّمونَ لأكنافي:
ألستم تُسألون عن أكناف شقيقي الأقصى بالوادي المقدس؟!
إن أكنافه تستباح هناك.. فأزيلوا عنه دنس المعتدين ورجس الغاصبين..
أجل يا أتباع الخليل - عليه السلام -، وهو الذي استجاب لربه إذ قال له:
(وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج: 26]
وإن تحريم الحرمات لا يتجزأ..
(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ) [الحج: 30].
ويزداد صوت الكعبة تهجداً وارتفاعاً؛ بينما يتعالى نحيب الجموع وبكاؤها
وتنهمر دموعهم تفيض بها مآقيهم فتسيل أودية بقدرها، وتسري في الأبدان قشعريرة خشوع خاصة نادرة، ويغمر الأجواءَ عبق من الإيمان والجلال
وفي هذه اللحظات تمطر السماء من رحماتها، فيتعانق البكاءان في مشهد جنائزي حزين
وفي خلفية المشهد تبرز صورة الأقصى تتوسط صفحة الأفق، وقد أقبل مضرّجاً في دمه
وحوله يظهر مستشهدون يلتفون به، وهم يبسطون أيديهم بأرواحهم على أكفهم، يتلقون عنه سهام العدوان والغدر معاً، وبصدور عارية وأيد خاوية، فيكتمل المشهد ـ وقد توسطه المسجدان (الحرام والأقصى) ـ
دموع منهمرة هنا، ودماء منسكبة هناك.. وشتان شتان.
لكني أريت جموعاً انطلقت تجأر إلى ربها، مختنقة بالبكاء، تكاد تغص بدموعها، وقد بدوا في ملابس إحرامهم وكأنهم متلفعون بأكفانهم تهيئاً للقاء الموت، يقولون:
لبيك اللهم لبيك.. ثم لبيك فلسطين لبيك.. لبيك كلَّ موضع لنا فيه حرمة لبيك.
وأضافت الكعبة: و«إنما الحج جهاد كل ضعيف» كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1).
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
هُيئ إليَّ الحجرُ الأسود يهمس في آذان مستلميه ومُقبِّليه، يقول
أما إني سفير الجنة إليكم أهل الأرض لو تعلمون، أتعجبون؟!
فارجعوا إلى ما ثبت عن نبي الإسلام العظيم ـ عليه صلوات وتسليمات الرحيم الكريم ـ:
«الحجر الأسود من الجنة»(2).
أجل أنا مجرد حجر من أحجارها، وهناك فيها أصل موطني.. فيا مستلمي ومقبلي! ألا تحب أن تقطن في موطني؟!
فحيّ عَلى جناتِ عَدنٍ فإنها///منازلُك الأُولى وفيها المخيمُ
ولكننا سبيُ العدوِّ فهلْ ترى///نعود إلى أوطاننا ونسلمُ؟
وأيُّ اغتراب فوق غربتنا التي///لها أضحتْ الأعداء فينا تحكمُ؟
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى///وشَطَّتْ به أوطانه..ليس يَنعمُ
فمِنْ أجل ذا لا يَنعمُ العبد ساعة///مِنَ العمر،إلا بعد ما يتألمُ(3)
وأردف الحجر: يا عبد الله!
أتدري أنك باستلامي تبايع على طاعة الله - جل وعلا -؟!
( إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْـجَنَّةَ) [التوبة: 111]..
فلا ألفينك ـ أيها المبايع ـ من
(الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْـخَاسِرُونَ) [البقرة: 27]
وكن من
(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْـمِيثَاقَ) [الرعد: 20].
ثم جعل يرتّل ـ وبصوت ملائكي مجلجل ـ:
(فَمَن نَّكَثَ فَإنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح: 10].
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
هُيئ إليَّ الملتزم ـ كذلك ـ يُسِر إلى كل ملتصق به ضام له، يقول: أهو طلب القرب حباً وشوقاً للبيت ولرب البيت؟
فإن يكن ذا فإن للحب برهاناً قطعياً، ودليلاً ساطعاً جلياً..
(قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران: 31].
تعصي الإله وأنت تزعم حبّه///هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته///إن المُحبّ لمن يُحبّ مطيع
فحيهلا إن كنت ذا همة فقد///حدا بك حادي الشوق فاطْوِ المراحلا
وقل لمنادي حبهم ورضاهم///إذا ما دعا: لبيك ألفاً كواملا
ذلك بينما الجموع تردد: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
كأني بمقام إبراهيم -عليه السلام- وقف في القائمين حوله واعظاً ـوالناس ينصتون في خشوع-:
يا أيها الناس! اعبدوا الله ولا تشركوا به أحداً
أسلموا له وحده، وانقادوا إليه وحده، وتحاكموا إليه وحده، واركنوا إليه وحده، وتوكلوا عليه وحده..
(وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْـمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْـمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج: 78].
واعلموا أن الولاء والبراء هو معقد الإيمان الأكبر، فالزموا مقام الخليل ولاء وبراء، كما لزمتموه شعيرة ونسكاً:
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إلاَّ قَوْلَ إبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإلَيْكَ أَنَبْنَا وَإلَيْكَ الْـمَصِيرُ) [الممتحنة: 4]..
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّـمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْـحَمِيدُ) [الممتحنة: 6].
واستطرد قائلاً:
ألا إن قيامكم مقام إبراهيم برهان منكم بذلتموه، فهو حُجة لكم أو عليكم
ألا فتخيروا لأنفسكم.. ملّة أبيكم إبراهيم، أو ملل المتألهين الطاغين، كالنمرود في عصره، وكأشباهه في عصركم
فإن شئتم أن تستبينوا أي السبيلين تسلكون؛ فانظروا في أي المعسكرين أنتم، وفي أي الخندقين تخندقتم!!
ألا وإن الكلمة، مجرد الكلمة، تقولونها نصرة للأمة أو لأعدائها؛ فيصل في اختياركم
فليحذر امرؤ على نفسه، وليدَعْ قول الزور والعمل به؛ فإن الله قد قرن النهي عنه بالنهي عن رجس الأوثان (وخاصة في حقكم أيها الحجيج)..فقال -جل وعلا -:
(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج: 30 - 31].
ثم بدا لي «المقام» وكأنه يردد نداء الخليل -عليه السلام- امتثالاً لأمر ربه -جل وعلا-:
(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْـحَجِّ) [الحج: 27]
قال: ربّ! وما يبلغ صوتي؟
قال: أذِّن وعليَّ البلاغ(1)
فأردف المقام: فأَذِّنوا ـ أيها الناس ـ في الناس بالحج
بل أذِّنوا بشرائع الإسلام كافة، أذِّنوا في الناس بنصرة الدين، وبمعاداة المشركين
خذوا بأسباب الغلبة والتمكين، وإن لم تكافئ أسباب المعتدين، عليكم المستطاع، وعلى الله ما لا يُستطاع.
ثم طفق المقام يردد:
لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون..
وضجّت الجموع تستغيث ربها.. وامتدت الأكف ضارعة إلى بارئها:
اللهم منزلَ الكتاب، مجريَ السحاب، هازمَ الأحزاب.. اهزمهم وانصرنا عليهم.
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
خِلْتُ جبلَي الصفا والمروة يتناوبان الوعظ والتذكير ـيخطبان في الساعين بينهماـ:
يقول الصفا:
ألا فتذكروا أن التي أنشأت أصل هذا السعي هاجر -عليها السلام-؛ ذلك حينما أخذتها الشفقة برضيعها وهو يصرخ جوعاً وعطشاً، وأرادت أن ترد عنه الهلاك الذي يحدق به....
فتوجهت إلى الله ربها ورب كل شيء، موقنة أنه -جل وعلا- لا يُضيّعها
وهو ما أكّدته لإبراهيم -عليه السلام-؛ ذلك حين أجابها أن نعم؛ إذ سألته: آلله أمرك بهذا؟ أي بتركي هنا وحدي ورضيعي، وقد أزمع أن يهاجر استجابة لأمر الله.
قالت المروة:
ففيم سعيكم - أيها الناس - إن لم يقابله سعي في إغاثة أطفال المسلمين الذين يتضورون جوعاً، ويتوجعون مرضاً، ويعانون عرياً وبرداً وتشريداً وضياعاً، وتسحق عظامهم الدبابات والصواريخ، وتُطمر جثثهم تحت الهدم والتدمير، ومن ينجُ منهم من ذلك كله؛ يعش مهدداً مستضعفاً مذعوراً.. يخاف أن يتخطفه الناس..
ويتمدد موضع السعي فيما بين الجبلين، حتى يضما بين كنفيهما خريطة الوطن الإسلامي كله، فإذا هي المذابح والمظالم والأهوال، وأمة جسدها ممدد تكاد الدماء تغطيه؛ بينما عدوها يتهيأ للإجهاز عليها
فاللهـم ارفـع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا!
قال الصفا:
وأنتنَّ إماءَ الله نساءَ المسلمين:
أما لكُنَّ في هاجر مثلٌ وقدوة، وأنتنَّ تتمثلن فعلها في سعيكن بيني وبين المروة؟
فكيف يستقيم أن تكون إحداكن حائلاً دون زوجها وإجابة أمر ربها، ومهما يكن من أمر تعتذرن به؛ فإنه لن يكون أعظم من الحال التي تُركت عليها هاجرُ ورضيعُها.
أيتها المقتديات بهاجر -عليها السلام-:
ألا فانظرن كيف لو كانت هاجر بينكنّ، في زمانكنّ.. كيف يكون شأنها في توفية حق ربها، وحق أمَّتها، وحق زوجها، وحق ولدها، وحق نفسها؟
كيف يكون اعتزازها بدينها، واحترامها لذاتيتها، والتزامها بهويتها، وتمسكها بعقيدتها؟
كيف يكون اعتدادها بانتمائها.. في همومها، واهتماماتها، وهيئتها، وأنماط حياتها؟
كنّ ـ يرحمكن الله ـ كما لو كانت هاجر بينكنّ؛ فإنها أولى بكنَّ وأنتنَّ بها أولى.
قال المروة ـ وقد توجه بحديثه إلى العموم ـ:
وإن سعيكم هذا ـ أيها الناس ـ غير مُغنٍ لكم عن سعيٍ هناك
حيث الذب عن الأعراض، وحماية المقدسات، وصون دين الأمة وقد استُهدفت منابعه، وحفظ عقيدتها وقد اتُخذت غرضاً..
فلا إخالكم ـ أيها المسلمون ـ إلا متزودين من هنا لهناك؛ وإلا فما أفادكم السعيُ شيئاً، اللهم إلا إبراء ذممكم من نسككم هـذا،
ولكنها ـ والذي نفسي بيده ـ تبقى مشغولة بما هو أولى وأوجـب
قـال - تعالى - :
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْـحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْـمَسْجِدِ الْـحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ) [التوبة: 19].
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
أريت بصيرتي ترمق الجمار الثلاث، تردد:
ارموا عباد الله.. ارجموا مواضع إبليس حين ظهر لأبيكم إبراهيم -عليه السلام- يريد أن يفتنه
ارجموه وأكّدوا عداوتكم له ولحزبه
ارجموه لتستحضروا أنكم لا تزالون أبداً في معركة معه.
ارموا عباد الله
ارجموا عدوكم لينكص ويخسأ، فإنه لم يزل يقطع عليكم كل خير، وقد توعدكم أن يقعد لكم طريقكم إلى الله، كما حكى الله - تعالى - مقولته ـ لعنه الله ـ:
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْـمُسْتَقِيمَ) [الأعراف: 16].
قلت: قال ابن جرير:
«يقول: لأجلسن لبني آدم صراطك المستقيم؛ يعني: طريقك القويم، وذلك دين الله الحق، وهو الإسلام وشرائعه.
وإنما معنى الكلام: لأصدن بني آدم عن عبادتك وطاعتك، ولأغوينهم كما أغويتني، ولأضلنهم كما أضللتني»(1).
فأردفت الجمرات:
واعلموا أنه ـ لعنه الله ـ كما قعد بالصراط كله؛ قعد بكل باب من الخير مترصداً يتربص بكم، وقد نصب لكم شباكه على كل طريق يحسبكم سالكيها
وفي الحديث:
«إن الشيطان قعد لابن آدم بأطراقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء آبائك؟ فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول، فعصاه وهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد، وهو جهاد النفس والمال، فقال: تقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال؟ قال: فعصاه فجاهد»(2).
ألا فارجموه طرداً له.. وقطعاً لأمله.. وإرغاماً لأنفه.. وقصماً لظهره... وذلك كله مرهون بمخالفتكم لأمره، وكفركم بوحيه، ورفضكم لوسواسه، وتحصّنكم من أزِّه، واعتصامكم ـ بالله ـ من نزغه.
وأضافت الجمرات:
ارموا عباد الله.. ولا يفتننكم الشيطان أنكم قضيتم مناسككم؛ فإن من عباد الله من يرمي ما لعله أكثر قبولاً عند الله من حصياتكم
ولعل حجراً واحداً في يد طفل يرمي به يهود: أثقل عند الله - تعالى - ـ من أحجاركم كلها، وأوجع لحزب إبليس من حصياتكم جميعها!!
ارموا عباد الله.. ارموا؛ فإن القوة الرمي..
«ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي»(3)
وإلا فلن تفهموا هذه حتى تصنعوا تلك!!
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
تمثلت عرفة (جبل الرحمة) وقد بدا كعرصات القيامة!! والناس فوقه في ازدحام منشغلون، وهم ـ على اختلاف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم ـ واقفون موقفاً واحداً.. إنهم ساعتئذ ـ رغم الضراعة والابتهال.. رغم الاستغاثة والدعاء.. رغم البكاء والنحيب.. رغم الاستغفار والندم ـ وجلون خائفون مترددون بين الرد والقبول!! وإنهم عما قليل ينصرفون، وقد انفض الموقف العظيم، وتفرق الناس زمراً وأفراداً، والله أعلم بمنازلهم، غير أن التوبة معروضة بعد، مفتوح بابها أمام المستدركين.. وليس ذلك يكـون يـوم الحـشر الأعظـم، فأدرك ـ يا عبد الله ـ اليوم ما لا سعة لك فيه غداً.
ألا إن الفقيه كل الفقه لمن يفقه هذا المعنى فيتمثله بكل جوارحه، ويستغرق فيه بكل كيانه، وتتلبس به مشاعره وأحاسيسه
فإذا هو راغب عن كل مبهج في الحياة، مقبل على عبادة ربه لا مطلب له سواه
وفي الحديث الصحيح يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«الحاجُّ: الأشعثُ التَّفِلُ»(4)
وهو الذي قد فرغ قلبه مستغرقاً في عبادة ربه.. حتى ليكاد يقال له: (ولا تنس نصيبك من الدنيا)
بينما يحتاج غيره أن يقال له: ولا تنس نصيبك من الآخرة!!
وبدت عرفة لي ـ وكأنها لا تريد أن يُفَوِّت فرصة كهذه، وقد لحظت خشوعاً وإخباتاً يلفّ المكان ومن فيه، ولمست رقة في القلوب تحكيها العيون الدامعة المغرورقة ـ تقول:
أيها الناس:
عما قليل تضعون عنكم ثياب إحرامكم، ثم ما منكم أحد إلا وستوضع عليه أكفان تضاهيها، غير أنه لا يَلبسُها بل يُلبسَها، ولا يملك أبداً أن يضعها..
وليؤتين بكل مُكَفَّنٍ إلى المسجد محمولاً مجبوراً، وقد كان يأتيه ـ أو لا يأتيه ـ طوعاً مختارا
(إن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) [مريم: 93]
وكلٌّ مفض إلى ما قدم.. غير أنه لا حج لمن لا صلاة له!!
أيها الماثلون في الموقف العظيم فوقي:
أتدرون أن جبالاً دوني لا نصيب لها من قـداستي، ولا ارتباط لها بشعيرة أو نسك مثلي
أتدرون أن فوقها الآن متنسكين عابدين، ربما لا تبلغ أجورُكم أجورَهم؛ ذلك أنكم تتنسكون آمنين، وهم يخافون أن يتخطفهم الناس
وأنكم تتعبدون متنعمين، وتراهم على الجمر قابضين
وأنكم ترابطون لياليَ وأياماً راغدين، وهم يقضون حياتهم مرابطين.
فيا حجيج بيت الله الحرام:
أفقهتم بما سبقكم هؤلاء؟ ولمَ كان وقوفهم بجبالهم ربما يفوق موقفكم هذا؟
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِـحٌ إنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْـمُحْسِنِينَ) [التوبة: 120].
أيها الحجيج الملبُّون رغباً ورهباً:
بشراكم اليوم وأنتم تودعونني...بشراكم فلن تغادروا إلا وقد أجيب دعاؤكم، وأعطيتم سؤلكم
فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«الحُجَّاج والعُمَّار وفْدُ الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم»(1)
وكان حقاً على الكريم أن يكرم زائره؛ فكيف بضيف دُعيَ فأجاب؟
لو تكلّمت المشاعر.. فماذا عساها قائلة؟
سيق الهدي فكأني به يمتد امتداد التاريخ، ليغوص بالخاطر في أعماقه آلاف السنين، ومضحون لا يُحصون عدداً يسوقونه فداءً وتضحية.. كلهم يقتدي بأبي الأنبياء إبراهيم - عليه السلام -.
أتحسبون أن حكمة الأضحية تقف عند اللحم والدم؟
(لَن يَنَالَ اللَّهَ لُـحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْـمُحْسِنِينَ) [الحج: 37]
إنما هي حسن النية، وسداد التوجه، وصدق العزيمة
وما اللحم والدم إلا لتجديد روح الفداء في نفوس المؤمنين، ولتنشيط حب التضحية في قلوب السالكين
وكذلك كان درس الخليل إبراهيم - عليه السلام -، فإنه لما استسلم وإسماعيل - عليهما السلام - لأمر الله - جل وعلا - :
(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) [الصافات: 103]
وعلم الله صدق توجههما للتضحية ـ على جسامتها ـ
(وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَا إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْـمُحْسِنِينَ (105) إنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْـمُبِينُ) [الصافات: 104 - 106]
وهو اختبار كبير نجح فيه النبيان الكريمان وبكل جدارة، فعافاهما الله - تعالى - من الذبح
ونقلهما إلى سنة الهَدي
(وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصافات: 107]
ليبقى ذلك خطاً واصلاً بين أتباع الحنيفية، وبين التضحية في أسمى معانيها وأبلغها
وليكون هذا الخط سبيلاً يمدهم بمزيد من جرعات إكسير روح الفداء؛ لأنه لا عزة لهم بدونها..
إن أمة نضبت بها روح الفداء ///ماتت وما يغني هشيم أو غثاء
فالأرض قفر إن حبست مياهها///ويموت حق لا تروِّيه الدماء
أيها السائقون الهَدي:
ترى كم يقع ترتيبكم في «طابور» المضحِّين؟
وكم من مسافة بينكم وبين عجوز تتقدمكم بالملايين؛
ذلك حين تجلس تنصت إلى وليدها يتلو عليها وصيته الأخيرة، قبل أن يغادرها بلحظات، تعرف أنها لن تراه ثانية في هذه الحياة، ويصبح فؤادها فارغاً؟!
وكم من مسافة بينكم وبين عروس تتجهز لليلة عمرها، فإذا بها تتحول عن سعادة الدهر لتتجهز للحظة استشهادها؟!
وكم من مسافة بينكم وبين طفل يواجه دبابة بحجر، ويتصدى لمجنزرة بنبل صغير؟!
وكم من مسافة بينكم وبين شيخ فان، يعرض عليه الغاصبون أموالاً طائلة ليترك بيته وأرضه في فلسطين، فيجيب بحكمة بليغة تختزل البراهين كلها في كلمات.. يقول:
يمكنني أن أعطيكم البيت لو جئتموني بأمر يسير: وثيقة تنازل عنه،
وقد وقَّع عليها المسلمون جميعاً، ليس في هذا الجيل وحسب، بل في كل أجيال المسلمين إلى يوم القيامة؟!
ويبقى الشيخ وأمثاله من الصادقين الصابرين رغم الهدم والحصار!!
وبعد..
أيها المسلمون حجيج بيت الله الحرام:
ألا ناشدتكم الله! أن تكونوا طليعة الأمة إلى تغيير ما بنا
عودوا إلينا كما ولدتكم أمهاتكم
وفي الحديث الصحيح:
«من حج لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه»(2)
وقد أمركم الله - جل وعلا - أن تجمعوا إلى الحج استغفاراً وتوبة، فقال:
(فَإذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْـمَشْعَرِ الْـحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَـمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 198 - 199]
أي لتستقبلوا أيامكم بصفحة جديدة بيضاء، نزع منها كل ما أسلفتم، حتى عدتم كيوم وُلدتم.
عباد الله:
ناشدتكم الله! أن لا تنسوا الأمة من دعائكم.. ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة..
ادعوا الله.. فإن الدعاء والبلاء بين السماء والأرض يعتلجان؛ لعل الله يرفع بدعائكم البلاء قبل أن ينزل..
ادعوا للأمة من أقصاها إلى أقصاها؛ فإن الأمة كلها في شدة وبلاء
نعم.. وخصوا المستضعفين من أصحاب النوازل الكبار بمزيد من الدعاء.. في فلسطين، وفي العراق، وفي الشيشان، وفي أفغانستان، وفي جوجارات بالهند، وفي كشمير.. وفي كل مكان، وما من مكان إلا ولنا فيه مستضعفون يتلمسون عندكم الدعاء.
عباد الله:
ناشدتكم الله! ـ وقد منَّ عليكم بما عدتم به كيوم وُلدتم ـ أن لا تسوِّدوا صفحاتكم فيما تستقبلون بمساخط الله
ألا فأقلِعوا عن كل مُحرَّم، وذَرُوا كل مخالفة، والتصقوا بكل فضيلة
فإنه بمجموع مخالفاتنا، وبمجمل تهاوننا نزل بالأمة ما نزل
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وصلّى الله وسلمّ وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
----------------
(1) تفسير القرآن العظيم: (4/66).
(2) التحرير والتنوير: (11/268).
(1) التفسير الكبير: (14/118).
(2) التفسير الكبير: (14/117).
(3) أخرجه البخاري، رقم 3675.
(4) رواه مسلم في صحيحه، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، (2/2215)، حديث رقم: (2889)، والمراد بالبيضة: جماعتهم وأصلهم، والبيضة ـ أيضاً ـ: العز والملك.
(1) حسن: رواه ابن ماجه، عن أم سلمة، وانظر الضعيفة: (3519)، وصحيح الجامع: (3171).
(2) صحيح: رواه الإمام أحمد عن أنس، والنسائي عن ابن عباس. وانظر: صحيح الجامع: (3174).
(3) مدارج السالكين، لابن قيم الجوزية، والأبيات له: (3/210).
(1) الأثر رواه ابن جرير في جامع البيان: (10/ 6162) برقم: (18935)، وهو عند الحاكم في المستدرك: (2/ 388، 389)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(1) جامع البيان: (5/ 3648).
(2) رواه أحمد: (3/ 483)، والنسائي: (6/ 21، 22)، وابن حبان: (4593 ـ الإحسان)، والطبراني في «الكبير»: (7 / 138) برقم (6558) من حديث سبرة بن أبي فاكه - رضي الله عنه -.
(3) صحيح رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وانظر «فقه السيرة» بتحقيق الألباني: (224)، والإرواء: (1500)، ومختصر مسلم: (1101)، وصحيح الجامع: (1219).
(4) حسن: رواه الترمذي عن ابن عمر، وانظر: المشكاة: (2527)، وصحيح الجامع: (3167).
(1) حسن: رواه البزار عن جابر، وانظر: الصحيحة: (1820)، وصحيح الجامع: (3173).
(2) رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه، وانظر: المشكاة: (2507)، وصحيح الجامع: (6197).
http://www.youtube.com/watch?v=0NFB3txtBM0&feature=related
http://im16.gulfup.com/Cekl1.gif
انتــــــهى بحمـــد الله
http://im19.gulfup.com/iq0S1.jpg
أحلام أحمد
28-10-2012, 02:22 AM
وأخيــــــــــــــــــرا
أتممت عملا أرجو أن يتقبّله الله عزّ وجلّ
فهذا أبسط شيء أفعله من أجل هذه العشر النفيسة
http://im19.gulfup.com/RE2v5.png
ولا أنسى أن أتقدّم بالشكر والتقدير لأخي الفاضل عبد الرحيم صابر على صبره على طول موضوعي وعلى متابعته الدائمة وإضافاته الجميلة وتعقيبه المستمر
ولأخي الكريم عصام ميره على جميل تشجيعه
ولأخواتي الحبيبات
حسنية تدركيت على إضافتها الجميلة
ربيحة الرفاعي على إطلالتها الجميلة
آمال المصري على دعمها الجميل بتثبيت الموضوع
ولهم جميعا أقول:
جزاكم الله خيرا وجعل مروركم ومتابعتكم ودعمكم في ميزان حسناتكم إن شاء الله :0014:
وتقبّل الله منا ومنكم
وجزى الله خيرا كل من نقلت له مقالة هنا وجعل ما كتبوه شاهدا لهم
وشكرا لكل من مرّ على الموضوع حتى لو لم يضع حرفا
وشكرا لكل زوار المنتدى
ولحجاج بيت الله الحرام أقول:
http://im16.gulfup.com/lrEq1.gif
ولكل من يدعو بهذا الدعاء
http://im19.gulfup.com/iZrO2.gif
أقول:آمييييييييين
و
http://im19.gulfup.com/ZMgX3.gif
عبد الرحيم بيوم
04-11-2012, 10:13 AM
أحسنت ايتها الفاضلة
احسنت الانتقاء والاختيار
احسنت التنسيق وجمالية المظهر
واحسنت الترتيب والمتابعة
جعل ربي هذا العمل في حسناتك وتقبله منه
فقد سعدنا ونحن نجول بين هذه الصفحات ونأخذ زاد التقوى من تلك الكلمات
فتحياتي لك
وسعداء بوجودك بيننا في واحتك
حفظك ربي ورعاك
أحلام أحمد
19-01-2013, 11:35 AM
أحسنت ايتها الفاضلة
احسنت الانتقاء والاختيار
احسنت التنسيق وجمالية المظهر
واحسنت الترتيب والمتابعة
جعل ربي هذا العمل في حسناتك وتقبله منه
فقد سعدنا ونحن نجول بين هذه الصفحات ونأخذ زاد التقوى من تلك الكلمات
فتحياتي لك
وسعداء بوجودك بيننا في واحتك
حفظك ربي ورعاك
آمييييييييييييييييييييين وحسناتك يا أخي الكريم
إن كان هناك من يستحق الثناء فهو أنت
فمتابعتك الجميلة وثناؤك الدائم وتعليقاتك الكريمة كان لها الفضل بعد الله في استمرار موضوعي
أسأل الله أن يُعيد هذه المناسبة علينا أجمعين ونحن في أمن وسلام وخير ورخاء
.....
أعتذر منك أيها الكريم لتأخر ردي عليك
وأدعو لك بسعادة الدارين
....
وسعداء بوجودك بيننا في واحتك
أنا أكثر سعادة بوجودي ضمن هذه الكوكبة الجميلة وفي هذه الواحة التي نتفيأ ظلالها
وأتمنى أن نمنحها ما تستحق مقابل السعادة التي منحتنا إياها بانضمامنا إليها
وأسأل الله ألا يحرمنا أجر ما ننشره على صفحاتها
وألا يحرمنا من نعيم الجنة التي نسعى إلى نيلها
....
أشكرك على ثنائك الجميل أيها الأخ الفاضل
جزاك الله خيرا على دعواتك الكريمة ولك مثلها
و
http://im18.gulfup.com/PsAd2.gif
عبد الرحيم بيوم
12-10-2013, 12:50 PM
تجولت مستمتعا برياضك مرة اخرى بعد عام مضى
فما اسرع الايام بنا
كانني كنت بالامس هنا
فآثرت رفع هذه المختارات الرائقة للمناسبة
تحياتي لك
وبوركت
أحلام أحمد
13-10-2013, 09:15 PM
تجولت مستمتعا برياضك مرة اخرى بعد عام مضى
فما اسرع الايام بنا
كانني كنت بالامس هنا
فآثرت رفع هذه المختارات الرائقة للمناسبة
تحياتي لك
وبوركت
حيّاك الله أخي الكريم عبد الرحيم
حقا ما أسرع مرور الأيام :008:
كأنني كنت أكتبه بالأمس
لكن هناك فارقا كبيرا بين الأمس واليوم
بالأمس كان عبد الرحيم صابر مشرفا على هذا القسم يُتابع كل جديد فيه ويُثني على هذا وذاك
واليوم هو كالزائر الذي لا نراه إلا نادرا
...
أتعلم أنني تذكّرت هذا الموضوع مع بداية العشر
لكنني لم أُحبّذ رفع موضوع يخصني
فشكرا لك على ما فعلته
وأرجو أن يستفيد منه من يمر عليه
....
جزاك الله خيرا على دعوتك الطيّبة ولك مثلها
ودعواتي الصادقة بأن يكتب لك الله أداء فريضة الحج أنت ووالدتك وجميع أهلك
سهّل الله لجميع المسلمين أداء هذا الفرض وأتمّه عليهم بالخير والبركة
....
سلمت يمينك أيها الفاضل
ولك كثير تقديري وامتناني :001:
أحلام أحمد
13-10-2013, 09:40 PM
للتذكيــــــــر:
غدا بإذن الله هو التاسع من ذي الحجّة
يوم عرفة
http://im35.gulfup.com/s4F5U.jpg
http://im40.gulfup.com/hMABo.gif
http://im35.gulfup.com/vwQgy.jpg
http://im40.gulfup.com/hMABo.gif
http://im35.gulfup.com/zAvg2.jpg
تقبّل الله منّا ومنكم
نداء غريب صبري
14-10-2013, 12:15 AM
صوم يوم عرفة
يحيى بن موسى الزهراني
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وعظيم فضلك يا أكرم الأكرمين . . . أما بعد :
فإننا سوف نستقبل بعد أيام قلائل ، يوماً عظيماً من أيام الله تعالى ، يوماً مشهوداً ، ألا وهو يوم عرفة ، وبعده سيقدم يوم عيد الأضحى المبارك ، وهو يوم الحج الأكبر ، ويوم النحر ، ولكلٍ من اليومين أحكام تخصه ، ولعلنا نتطرق إلى بعض تلك الأحكام المهمة التي تهم المسلم ، ويريد تحريها ، ومعرفة أحكامها ، حتى تكون عبادته لربه تبارك وتعالى على بصيرة وهدى ونور ، وأعظم ما فيهما من أحكام ، الأحكام التي تتعلق بالصيام ، فأقول بادئ ذي بدء ، للصيام فوائد ومزايا كثيرة ، ينبغي للمسلم تتبعها وتقصيها ، حتى يعمل بها ، ففي صيام التطوع من الفضيلة ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز بقوله : " فمن تطوع خيراً فهو خير له " [ البقرة ] ، وقوله جل شأنه : " وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " [ الحج ] فكل إنسان يحتاج إلى فعل الخير والعمل الصالح تقرباً إلى الله وتعبداً له وزيادة في الأجر والثواب فعطاء الله لا ممسك له ، وثوابه لا حدود له ، فعلى المسلم أن يكثر من فعل الخير والعمل الصالح يرجو بذلك أحد أمرين :
الأول : التقرب إلى الله بفعل الخير :
فصيام التطوع من الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى ، وهو من أجلها على الإطلاق كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : الصيام أفضل ما تطوع به ، لأنه لا يدخله الرياء ، والرياء كما تعلمون محبط للأعمال مدخل للنيران والعياذ بالله ، فالعبد مأمور بالإخلاص ولهذا قال الله تبارك وتعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " [ البينة ] ، وقال تعالى : " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً " [ الفرقان ] ، وقال الله تعالى : " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً " [ الإسراء ] ، وقال جل وعلا : " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " [ هود ] ، وقال صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : " أنا خير الشركاء من عمل لي عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك " [ رواه الإمام أحمد ] ، فانظر هل سينفعك ذلك الإنسان إذا وضعت في قبرك ويوم محشرك . ولهذا كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة " [ رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1313 ] .
فعموماً فصوم النافلة له مزايا عديدة من أعظمها أنه يباعد وجه صاحبه عن النار ، ويحجبه منها ويحاج صومه عنه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً " [ متفق عليه ] ، وكثرة الصوم دليل على محبة الله للعبد ، ويالها من منزلة عالية ومكانة رفيعة يحظى بها العبد عند ربه فما أن يكثر من الصيام إلا ويحبه ربه ، ومن أحبه ربه وضع له القبول الأرض وفي السماء ، قال صلى الله عليه وسلم : " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " . والفضائل كثيرة ونكتفي بما ذكرنا لأن المقام ليس مقام ذكر لفضائل ومزايا الصيام وإنما هو لغرض آخر .
الثاني : جبر الخلل الحاصل في العبادة :
فالإنسان لا يخلوا من خطأ ونقص ومعصية ، فكانت النوافل تكمل الناقص من الفرائض ومن ذلك الصوم ، فهناك مكروهات كثيرة قد يقع فيها صائم الفريضة تنقص أجر صومه ، فشرعت النافلة لسد ذلك النقص وترقيع ذلك الخلل .
فكل ابن آدم خطاء ، والكل يجوز عليه الذنب والخطيئة ، فشرع التطوع لجبر ذلك النقص ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة " [ رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند ] ، فالمسلم يسعى لزيادة الأجر ، وتحصيل المثوبة من الله تعالى ، ولا يتأتى ذلك إلا بفعل الواجبات والإكثار من المستحبات ، ومنها الصوم المستحب ، مثل صوم يوم عرفة . وهناك أيام وأشهر رغب النبي صلى الله عليه وسلم في تحري صيامها لما فيها من أجر ومثوبة ، وهي من صوم التطوع . ومن ذلك :
فضل صوم يوم عرفه :
وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ، وقد أجمع العلماء على أن صوم يوم عرفة أفضل الصيام في الأيام ، وفضل صيام ذلك اليوم ، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " [ رواه مسلم ] . فصومه رفعة في الدرجات ، وتكثير للحسنات ، وتكفير للسيئات .
ماذا يكفر صوم يوم عرفة :
فعموماً لا ينبغي صيام يوم عرفة للحاج أما غير الحاج فيستحب له صيامه لما فيه من الأجر العظيم وهو تكفير سنة قبله وسنة بعده . والمقصود بذلك التكفير ، تكفير الصغائر دون الكبائر ، وتكفير الصغائر مشروطاً بترك الكبائر ، قال الله تعالى : " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " [ النساء ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينها إذا اجتنبت الكبائر " [ رواه مسلم ] .
صوم يوم عرفة للحاج :
فيستحب صيام يوم عرفه لغير الحاج أما الحاج فعليه أن يتفرغ للعبادة والدعاء ولا ينشغل فكره وقلبه بالطعام والشراب وتجهيز ذلك ، فيأخذ منه جُل الوقت ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة " [ رواه أحمد وابن ماجة وفي صحته نظر ] ، وأيضاً مثله عند الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات " ، ويعضدهما حديث : " أن الناس شكوا في صومه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسل إليه بقدح من لبن فشربه ضحى يوم عرفة والناس ينظرون " [ رواه البخاري ومسلم ] .
فعندما شك الناس في صوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة جاءه قدح لبن فشربه حتى يرى الناس أنه لم يصم ، وقال بعض العلماء أن صيام يوم عرفة للحاج محرم ، لأن النهي في الحدث السابق للتحريم ، وكره صيامه آخرين ، قال ابن القيم رحمه الله : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إفطار يوم عرفة بعرفة . انتهى .
وقال المنذري : اختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة ، قال ابن عمر : لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، وأنا لا أصومه . ولفظه عند عبدالرزاق : " حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصم يوم عرفة ، وحججت مع أبي بكر فلم يصمه ، وحججت مع عمر فلم يصمه ، وحججت مع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ، ولا آمر به ، ولا أنهى عنه " [ 4/285 ] .
وقال عطاء : من أفطر يوم عرفة ليتقوى به على الدعاء كان له مثل اجر الصائم . [ مصنف عبد الرزاق 4/284 ] .
وقال الساعاتي في الفتح الرباني : وممن ذهب إلى استحباب الفطر لمن بعرفة الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري ، والجمهور ، وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين ، وقال : هو أعدل الأقوال عندي .
صوم التطوع لمن عليه قضاء :
اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في حكم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان .
فذهب الحنفية إلى جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان من غير كراهة ، لكون القضاء لا يجب على الفور ، قال ابن عابدين : ولو كان الوجوب على الفور لكره ، لأنه يكون تأخيرا للواجب عن وقته الضيق .
وذهب المالكية والشافعية إلى الجواز مع الكراهة ، لنا يلزم من تأخير الواجب ، قال الدسوقى : يكره التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب ، كالمنذور والقضاء والكفارة .سواء كان صوم التطوع الذي قدمه على الصوم الواجب غير مؤكد ، أو كان مؤكداً ، كعاشوراء وتاسع ذي الحجة على الراجح .
وذهب الحنابلة إلى حرمة التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان ، وعدم صحة التطوع حينئذ ولو اتسع الوقت للقضاء ، ولا بد من أن يبدأ بالفرض حتى يقضيه ، وإن كان عليه نذر صامه بعد الفرض أيضا، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله وسلم قال (( من صام تطوعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه )) [ رواه أحمد ] ، وقياساً على الحج . في عدم جواز أن يحج عن غيره أو تطوعاً قبل حج الفريضة . [ الموسوعة الفقهية 28 / 100 ] .
وهذا سؤال ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
هل يجوز للشخص أن يشرك النية في عمل واحد أو لعمل واحد ، فمثلاً يكون عليه قضاء يوم من شهر رمضان وجاء عليه يوم وقفة عرفة ، فهل يجوز أن ينوي صيام القضاء والنافلة في هذا اليوم وتكون نيته أداء القضاء ونية أخرى للنافلة ؟
الجواب : لا حرج أن يصوم يوم عرفة عن القضاء ويجزئه عن القضاء ولكن لا يحص له مع ذلك فضل صوم عرفة ، لعدم الدليل على ذلك . لكن الأفضل للإنسان أن يقضي ما عليه من الصوم في غير يوم عرفة ، ليجمع بين فضيلتين ، فضيلة القضاء ، وفضيلة صوم يوم عرفة . [ 10/397 – 398 ] .
فأقول : من صام يوم عرفة بقصد التطوع وعليه أيام من رمضان فصيامه صحيح ، والمشروع له ألا يؤخر القضاء لأنه لا يدري ما يعرض له من نوائب الدهر ، فنفس الإنسان بيد الله لا يدري متى يأتيه أجله المحتوم ، فليبادر بالقضاء قبل التطوع ، لأن القضاء حق لله تعالى ، لا تبرأ به ذمة المسلم ، فالأحوط له أن يبادر بالقضاء ثم يتطوع بعد ذلك بما شاء ، قال صلى الله عليه وسلم : " اقضوا الله فالله أحق بالوفاء " [ رواه أحمد بسند صحيح ] وقال عليه الصلاة والسلام : " فدين الله أحق بالقضاء " [ رواه مسلم ، انظر مسلم بشرح النووي 7/266 ] .
يوم عرفة ويوم الجمعة :
إذا وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء يوم جمعة جاز إفراده بالصوم ، والنهي الوارد عن إفراد صوم يوم الجمعة بدون سبب ولكونه يوم جمعة ، أي تعظيماً له أو ما شابه ذلك ، أما من صامه لأمر آخر رغب فيه الشرع وحث عليه فليس بممنوع ، بل مشروع ولو أفرده بالصوم ، ولو صام يوماً قبله بالنسبة ليوم عرفة كان أفضل ، عملاً بالحديثين السابقين ، أما صيام يوم بعده فلا يمكن لأن اليوم الذي بعده يوم عيد النحر وهو محرم صيامه لجميع المسلمين حجاجاً كانوا أم غير حجاج لحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نهى عن صوم يومين : يوم الفطر ويوم النحر " [ متفق عليه ] ، وروى أبو عبيد مولى ابن الأزهر قال : " شهدت العيد مع عمر بن الخطاب ، فجاء فصلى ، ثم انصرف فخطب الناس ، فقال : إن هذين يومين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما ؟ يوم فطركم من صيامكم ، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم " [ رواه البخاري ومسلم ] ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه وتحريمه .
وقد أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين ، نقل الإجماع عنهم ابن حزم فقال : " وأجمعوا أن صيام يوم الفطر ، ويوم النحر لا يجوز : [ مراتب الإجماع ص72 ] . وقال ابن هبيرة : " وأجمعوا على أن يوم العيدين حرام صومهما ، وأنهما لا يجزئان إن صامهما لا عن فرض ولا نذر ولا قضاء ولا كفارة ولا تطوع " [ الإفصاح 3/174 ] . وقال ابن قدامة : أجمع أهل العلم على أن صوم يومي العيدين منهي عنه ، محرم في التطوع والنذر المطلق ، والقضاء والكفارة .
وكذلك لا يجوز صيام التطوع كالاثنين والخميس أو أيام البيض إذا وافقت أيام التشريق ، وهي الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من ذي الحجة ، لحديث نبيشة الهذلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله " [ رواه مسلم وغيره ] ، ولم يرخص في صيامها إلا للحاج المتمتع والقارن الذي لم يجد قيمة الهدي فإنه يصوم عشرة أيام ، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، لحديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما : " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي " [ رواه البخاري ] وقولهما لم يرخص القول : للنبي صلى الله عليه وسلم والأمر وعدم الترخيص له بعد الله تبارك وتعالى .
صلاة العيد وصلاة الجمعة :
قال صلى الله عليه وسلم : " قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمِّعون " ، فالسنة حضور العيد والجمعة معاً في ذلك اليوم ، لأنه يوم جمعة فالأفضل حضور الصلاتين جميعاً ، هذه هي السنة ويظهر ذلك واضحاً جلياً وظاهراً بيناً في قوله عليه الصلاة والسلام : " وإنا مجمِّعون " أي أنه سيجمع بين حضور الصلاتين ، لأن صلاة العيد ، فرض كفاية ، وقيل فرض عين وهذا ما ذهب إليه بعض العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ذوات الخدور والحيض بحضور صلاة العيد وأن يجتنبن المصلى فقالوا : هذا دليل على وجوبها على الأعيان ، لكن جماهير العلماء على أنها فرض كفاية ، لكن أقول : لا ينبغي للمسلم المؤمن الحق الذي يرجو رحمة الله ويخشى عقابه أن يفرط في مثل هذه الشعيرة العظيمة التي هي رمز وشعار من شعارات المسلمين ، فهب أنك لم تحضر لصلاة العيد وكانت فرض عين ، وسألك الله عن عدم حضورك لها ، فيا أخي المسلم ويا أختي المسلمة حافظوا على هذه العبادة العظيمة ، واهتموا بها وعظموها بتعظيم الله لها .
فإذا وافق يوم العيد يوم جمعة ، فالصحيح أن من حضر صلاة العيد أجزأته من الجمعة فتسقط عنه صلاة الجمعة ، ويصليها ظهراً في بيته ، أما من فاتته صلاة العيد لعذر من مرض ونحوه فيجب عليه وجوباً أن يصلي الجمعة ، وأما إمام الجمعة فتجب في حقه الصلاتين ، صلاة العيد ، وصلاة الجمعة . لأنها لا تقوم إلا به .
نسأل الله تعالى بفضله ومنه وكرمه أن يوفقنا جميعاً للعمل الصالح ، والعلم النافع ، وأن يفقهنا في ديننا ، وأن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن يزيدنا علماً ، وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، إنه سبحانه خير مسؤول وخير مأمول ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ، والحمد لله رب العالمين
أحلام أحمد
15-10-2013, 12:42 AM
فضل صوم يوم عرفه :
وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ، وقد أجمع العلماء على أن صوم يوم عرفة أفضل الصيام في الأيام ، وفضل صيام ذلك اليوم ، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " [ رواه مسلم ] . فصومه رفعة في الدرجات ، وتكثير للحسنات ، وتكفير للسيئات .
حيّاك الله أُخيتي الحبيبة نداء
أسأل الله أن يتقبّل منّا جميعا صيام هذا اليوم الفضيل
وأن يُعيد على الجميع هذه المناسبة العظيمة وقد تحسّنت ظروف عالمنا العربي
وأن يسود الأمان والاستقرار كافة بلادنا التي عانت من ويلات الثورات
....
جزاك الله خيرا على جميل منقولك
جعله الله في ميزان حسناتك
ولك كثير تقديري وامتناني :001:
أحلام أحمد
15-10-2013, 12:55 AM
إلى حُجّاج بيت الله الحرام
http://im38.gulfup.com/L1EFC.gif
00000
http://im38.gulfup.com/8tdgw.jpg
00000
http://im39.gulfup.com/vVlH7.jpg
أسيل أحمد
05-07-2022, 11:11 AM
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام -أيام عشر ذي الحجة- عملا ًصالحاً خالصاً لوجهه الكريم.
وصلّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بارك الله فيك أيتها الجميلة القلب والروح
ما أجمل وأشمل وأمتع ماقدمت ـ بوركت جهودك وجعل موضوعك الرائع في ميزان حسناتك
وتقبل الله منك ـ وعيدك سعيد مبارك أينما كنت ـ وجزاك الله الفردوس الأعلى من الجنان.
ناديه محمد الجابي
31-05-2025, 09:08 PM
أهلي في الواحة الغرّاء
أُهنّيء نفسي وإيّاكم بحلول هذه العشر الفضيلة
وأرجو الله عزّ وجلّ ألا يحرمنا أجر العمل الصالح فيها
و
http://im13.gulfup.com/hrg71.png
بارك الله فيك أيتها الرائعة على ملف شامل كامل منسق بديع
بورك في قلمك وأبارك جهودك على هذا الموضوع الرائع
أثابك الله ونفع بك ـ سلمت يمينك وأتم نعمته عليك
وجزاك الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب.
:0014::pr::pr::0014:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir