مسعد حجازى
01-12-2004, 10:54 PM
إلى عمرو إسماعيل والنخبة المستنيرة
بقلم : مسعد حجازى ـ كندا / تورنتو
كاتب وصحفى مصرى – كندى
أشكرك يا دكتور عمرو على تعليقك على مقالى ـ أين ذهبت فؤادة ؟!
ـ وأشكرك أكثر على شجاعتك فى تناول الكثير من القضايا التى تعتبر
من المحرمات فى مجتمعاتنا العربية ... لقد رميت يا أخى الفاضل
بكثير من الأحجار في المياه الراكدة في العقل العربى عساه أن يتحرك
، ويتحرر من قوالبه الجامدة المتحجرة ليفكر ويتأمل فى أحواله اولا
وأحوال غيره من خلق الله كى يتحقق بالفعل وجوده على خريطة
العالم ويصبح بحق "فاعل" مرفوع الرأس والكرامة لا "مفعول به"
.. دائما منصوب .
وشكرى إليك أيها الأخ الكريم هو فى ذات الوقت شكر وإعتزاز وتقدير
لكل عقل عربى واع ومستنير من النخبة العربية المثقفة أينما وجدت
سواء فى هذا المنتدى الراقى ... فى داخل عالما العربى أو خارجه ..
نخبة تدرك مسئولية الكلمة وقدسيتها ، وتشغلها الحقيقة المجردة
البعيدة عن هوى أغراض ومصالح أنانية شخصية وضيقة ودون أن
تكون لها أجندات خاصة من أى نوع .
ان قناعتى كانت دائما ولا تزال : إن لدينا كل أسباب التقدم والإنطلاق
الخلاق الا اننا نتصور وهما أن العالم ملئ بالأعداء الذين يتربصون
بنا من كل جانب وفى كل وقت دون ان ندرى أننا أصبحنا العدو
الأول لأنفسنا . إن الخطوة الأولى للتقدم يا عزيزى ليست وكما
يعتقد الكثيرون فى البدأ بالإصلاح السياسى أو الإصلاح الإقتصادى
وأيهما أولا البيضة أم الفرخة فكلاهما ضرورى ومطلوب وإنما فى
أن نتحلى جميعا بقدر كاف من الشجاعة ونعترف أولا وقبل كل شئ
أننا مرضى ونعانى من كل أمراض التخلف والجهل وقصور النظر
وأنت يا عزيزى كدكتور وجراح أول من يعى بديهية أنه يكاد يكون
من المستحيل أن ينجح أمهر وأكفأ أطباء العالم فى أن يعالج مريضا
هو لا يريد أن يعترف انه مريض بل ويعتقد أنه أصح الأصحاء .
إننا دائما فى عالمنا العربى نرفض الأخر ودون ان نعرف شيئا عنه
او حتى نحاول التعرف عليه .. ثم ندعى أننا نعرفه جيدا وهذا غير
صحيح وإلا كيف يكون هذا حالنا ومآلنا؟!
دائما نتسرع فى إصدار الإتهامات والأحكام بطريقة عشوائية دون
بحث أودراسة أوتمحيص ..
نبحث عن الأخطاء ونتصيدها فقط فى الأخرين إلا نحن .. نتصور
نجاح أى فرد حتى من إخواننا هو فشل لنا ...
نسرف تقريبا فى كل شئ فى أكلنا وشربنا ..، فى غضبنا وإنفعالنا .
حتى فى حبنا وكرهنا !!
نهوى قذف الأخرين بالطوب والحجارة وبيوتنا هشة مصنوعة من زجاج ..
نوزع تهم العمالة والخيانة على بعضنا البعض وعلى كل من يختلف
معنا بسخاء وكرم يفوق الكرم الحاتمى بدلا من أن نقارع الحجة
بالحجة والرأى السديد بالرأى السديد ..
الإنسان الضعيف فقط هو الذى يلجأ إلى أسلوب التهديد والوعيد
بالويل والثبور وعظائم الأمور وهو فى حقيقة الأمر أضعف من
ذبابة ، أما الإنسان القوى الواثق من نفسه حقيقة ـ " مش بالكلام
والجعجعة ـ فهو ليس فى حاجة إلى أن يهدد أو يتوعد لأنه دائما
على إستعداد وقادر على الفعل . ينطبق هذا على الأمم والشعوب
كما ينطبق على الأفراد والجماعات .
إعتدنا أن نري كل شئ حولنا إما هو " أبيض أو أسود" ولا نريد
أن نعترف بأن أشياء كثيرة نجهلها تقع فيما يسمى
بـ " المنطقة الرمادية " .. نعكس أخطائنا وقصورنا وبلاوينا
وعقدنا النفسية ـ سواء بوعى أو لا وعى ـ على الأخرين ...
ندعى العلم والمعرفة فى كثير من الأشياء والأمور ونحن فيها
أجهل الجاهلين دون أن ندرى فنصبح أضحوكة العالمين!! ...
نجادل ـ ليس بالحسنى أو بالعقل والمنطق والعلم والمعرفة ـ
وإنما بالصوت العالى الحنجورى وبعنتريات زائفة وبطولات كاذبة
ليس لها وجود إلا فى خياله المريض الواسع والمترامى الأطراف ....
إن الثقافات الحقة القوية لا تعرف التعصب والشعوبية أو الحدود
الجغرافية المصطنعة ولا تحتاج إلى جوازات سفر أو تأشيرات دخول.
إن لدينا كما هائلا من الشماعات يفوق تعداد سكان الصين دائما
جاهزة لنعلق أخطائنا ومصائبنا وقصورنا وأصفارنا عليها وعلى
الأخر والأخرين الا أنفسنا .! أصبحنا كمن يسير الى الأمام
ولكنه ينظر الى الخلف والوراء فماذا ينتظر غير التخبط والسقوط
فى أول حفرة سرعان ما تتحول الى هاوية ...وبعد ذلك نندهش
ونغضب ونصاب بالإحباط عندما تأتى نتيجة حاصل جمعنا وقسمتنا
وضربنا فى بعضنا البعض هى فقط صفر الأصفار .
إننا نحتاج الى مئات بل الاف الوقفات مع النفس نراجع فيها كافة
سلوكياتنا وأفعالنا وطريقة تفكيرنا . . من قال أن معرفتك بالأخر
تعنى أن تقبل كل ما يعرض عليك أو ترفضه كله ؟!... يأخى أقبل
ما تجد فيه مصلحتك وأرفض ما تجد فيه ضررك . .. لا أحد
يستطيع أن يفرض عليك شيئا لا تريده إلا بإرادتك أو عجزك
وضعفك لكن لا تقع فى تناقض مع نفسك قبل أن تقع فيه مع
الأخرين .. ليس من حقنا أن نتهم الأخرين بالتعصب وإزدواجية
المعايير أوالكيل بمكيالين بينما نحن نفعل كل هذا وأكثر حتى
مع بعضنا البعض ... ليس من حق أحد من أى جنس أو لون
أو عرق أن يحتكر الفضيلة أوالحكمة والمعرفة أو ينصب من
نفسه قاضى القضاة على خلق الله حتى ولو كان جورج دبليو
بوش نفسه رئيس أقوى وأغنى دولة فى التاريخ البشرى كله.
أو ليس الجهاد الأكبر والأعظم هو جهاد النفس الأمارة غالبا بالسوء؟.
ما فائدة البكاء على اللبن المسكوب؟! .
ما فائدة أن تقبل ما سبق ورفضته بعد فوات الأوان وبعد أن
أصبح من المحال؟!
ربنا يشفينا جميعا من أمراضنا ويخلصنا من شرور أنفسنا بعد
أن أصبحنا أعداء لكل من نرى ونحن ننظر فى المرآة
الهدم أسهل منه "مفيش" ـ وهو ليس مدعاة للزهو والفخر ـ وما
أصعب البناء ، وأصعب أنواع البناء حقيقة هو بناء الإنسان ...
الإنسان الحر السوى القوى الديمقراطى الواعى المستنير .
هذا النوع من البناء لا يدرس فى كليات الهندسة وهذا هو
التحدى الحقيقى ، وهذه بحق هى أم المعارك .
____________________________________________
كاتب وصحفى مصرى – كندى
بقلم : مسعد حجازى ـ كندا / تورنتو
كاتب وصحفى مصرى – كندى
أشكرك يا دكتور عمرو على تعليقك على مقالى ـ أين ذهبت فؤادة ؟!
ـ وأشكرك أكثر على شجاعتك فى تناول الكثير من القضايا التى تعتبر
من المحرمات فى مجتمعاتنا العربية ... لقد رميت يا أخى الفاضل
بكثير من الأحجار في المياه الراكدة في العقل العربى عساه أن يتحرك
، ويتحرر من قوالبه الجامدة المتحجرة ليفكر ويتأمل فى أحواله اولا
وأحوال غيره من خلق الله كى يتحقق بالفعل وجوده على خريطة
العالم ويصبح بحق "فاعل" مرفوع الرأس والكرامة لا "مفعول به"
.. دائما منصوب .
وشكرى إليك أيها الأخ الكريم هو فى ذات الوقت شكر وإعتزاز وتقدير
لكل عقل عربى واع ومستنير من النخبة العربية المثقفة أينما وجدت
سواء فى هذا المنتدى الراقى ... فى داخل عالما العربى أو خارجه ..
نخبة تدرك مسئولية الكلمة وقدسيتها ، وتشغلها الحقيقة المجردة
البعيدة عن هوى أغراض ومصالح أنانية شخصية وضيقة ودون أن
تكون لها أجندات خاصة من أى نوع .
ان قناعتى كانت دائما ولا تزال : إن لدينا كل أسباب التقدم والإنطلاق
الخلاق الا اننا نتصور وهما أن العالم ملئ بالأعداء الذين يتربصون
بنا من كل جانب وفى كل وقت دون ان ندرى أننا أصبحنا العدو
الأول لأنفسنا . إن الخطوة الأولى للتقدم يا عزيزى ليست وكما
يعتقد الكثيرون فى البدأ بالإصلاح السياسى أو الإصلاح الإقتصادى
وأيهما أولا البيضة أم الفرخة فكلاهما ضرورى ومطلوب وإنما فى
أن نتحلى جميعا بقدر كاف من الشجاعة ونعترف أولا وقبل كل شئ
أننا مرضى ونعانى من كل أمراض التخلف والجهل وقصور النظر
وأنت يا عزيزى كدكتور وجراح أول من يعى بديهية أنه يكاد يكون
من المستحيل أن ينجح أمهر وأكفأ أطباء العالم فى أن يعالج مريضا
هو لا يريد أن يعترف انه مريض بل ويعتقد أنه أصح الأصحاء .
إننا دائما فى عالمنا العربى نرفض الأخر ودون ان نعرف شيئا عنه
او حتى نحاول التعرف عليه .. ثم ندعى أننا نعرفه جيدا وهذا غير
صحيح وإلا كيف يكون هذا حالنا ومآلنا؟!
دائما نتسرع فى إصدار الإتهامات والأحكام بطريقة عشوائية دون
بحث أودراسة أوتمحيص ..
نبحث عن الأخطاء ونتصيدها فقط فى الأخرين إلا نحن .. نتصور
نجاح أى فرد حتى من إخواننا هو فشل لنا ...
نسرف تقريبا فى كل شئ فى أكلنا وشربنا ..، فى غضبنا وإنفعالنا .
حتى فى حبنا وكرهنا !!
نهوى قذف الأخرين بالطوب والحجارة وبيوتنا هشة مصنوعة من زجاج ..
نوزع تهم العمالة والخيانة على بعضنا البعض وعلى كل من يختلف
معنا بسخاء وكرم يفوق الكرم الحاتمى بدلا من أن نقارع الحجة
بالحجة والرأى السديد بالرأى السديد ..
الإنسان الضعيف فقط هو الذى يلجأ إلى أسلوب التهديد والوعيد
بالويل والثبور وعظائم الأمور وهو فى حقيقة الأمر أضعف من
ذبابة ، أما الإنسان القوى الواثق من نفسه حقيقة ـ " مش بالكلام
والجعجعة ـ فهو ليس فى حاجة إلى أن يهدد أو يتوعد لأنه دائما
على إستعداد وقادر على الفعل . ينطبق هذا على الأمم والشعوب
كما ينطبق على الأفراد والجماعات .
إعتدنا أن نري كل شئ حولنا إما هو " أبيض أو أسود" ولا نريد
أن نعترف بأن أشياء كثيرة نجهلها تقع فيما يسمى
بـ " المنطقة الرمادية " .. نعكس أخطائنا وقصورنا وبلاوينا
وعقدنا النفسية ـ سواء بوعى أو لا وعى ـ على الأخرين ...
ندعى العلم والمعرفة فى كثير من الأشياء والأمور ونحن فيها
أجهل الجاهلين دون أن ندرى فنصبح أضحوكة العالمين!! ...
نجادل ـ ليس بالحسنى أو بالعقل والمنطق والعلم والمعرفة ـ
وإنما بالصوت العالى الحنجورى وبعنتريات زائفة وبطولات كاذبة
ليس لها وجود إلا فى خياله المريض الواسع والمترامى الأطراف ....
إن الثقافات الحقة القوية لا تعرف التعصب والشعوبية أو الحدود
الجغرافية المصطنعة ولا تحتاج إلى جوازات سفر أو تأشيرات دخول.
إن لدينا كما هائلا من الشماعات يفوق تعداد سكان الصين دائما
جاهزة لنعلق أخطائنا ومصائبنا وقصورنا وأصفارنا عليها وعلى
الأخر والأخرين الا أنفسنا .! أصبحنا كمن يسير الى الأمام
ولكنه ينظر الى الخلف والوراء فماذا ينتظر غير التخبط والسقوط
فى أول حفرة سرعان ما تتحول الى هاوية ...وبعد ذلك نندهش
ونغضب ونصاب بالإحباط عندما تأتى نتيجة حاصل جمعنا وقسمتنا
وضربنا فى بعضنا البعض هى فقط صفر الأصفار .
إننا نحتاج الى مئات بل الاف الوقفات مع النفس نراجع فيها كافة
سلوكياتنا وأفعالنا وطريقة تفكيرنا . . من قال أن معرفتك بالأخر
تعنى أن تقبل كل ما يعرض عليك أو ترفضه كله ؟!... يأخى أقبل
ما تجد فيه مصلحتك وأرفض ما تجد فيه ضررك . .. لا أحد
يستطيع أن يفرض عليك شيئا لا تريده إلا بإرادتك أو عجزك
وضعفك لكن لا تقع فى تناقض مع نفسك قبل أن تقع فيه مع
الأخرين .. ليس من حقنا أن نتهم الأخرين بالتعصب وإزدواجية
المعايير أوالكيل بمكيالين بينما نحن نفعل كل هذا وأكثر حتى
مع بعضنا البعض ... ليس من حق أحد من أى جنس أو لون
أو عرق أن يحتكر الفضيلة أوالحكمة والمعرفة أو ينصب من
نفسه قاضى القضاة على خلق الله حتى ولو كان جورج دبليو
بوش نفسه رئيس أقوى وأغنى دولة فى التاريخ البشرى كله.
أو ليس الجهاد الأكبر والأعظم هو جهاد النفس الأمارة غالبا بالسوء؟.
ما فائدة البكاء على اللبن المسكوب؟! .
ما فائدة أن تقبل ما سبق ورفضته بعد فوات الأوان وبعد أن
أصبح من المحال؟!
ربنا يشفينا جميعا من أمراضنا ويخلصنا من شرور أنفسنا بعد
أن أصبحنا أعداء لكل من نرى ونحن ننظر فى المرآة
الهدم أسهل منه "مفيش" ـ وهو ليس مدعاة للزهو والفخر ـ وما
أصعب البناء ، وأصعب أنواع البناء حقيقة هو بناء الإنسان ...
الإنسان الحر السوى القوى الديمقراطى الواعى المستنير .
هذا النوع من البناء لا يدرس فى كليات الهندسة وهذا هو
التحدى الحقيقى ، وهذه بحق هى أم المعارك .
____________________________________________
كاتب وصحفى مصرى – كندى